"هناك أشخاص لا يمكنك تجاهلهم، ليس لأنهم لا يريدونك... بل لأنهم يغيّرون شيئًا ما في الهواء أصلاً."
مدرسة النخبة، الساعة السابعة والنصف الناجحة.
الساحة تعجّ بأحاديث منتظمة، ضحكات عالية، مسرعة، وهياتف على آخر المقاطع التي لا تعني شيئًا في عالم الكبار. لكنّ كل شيء تغير لحظة التوقف هي عند البوابة.
فتاة بزي مدرسي كامل، بسيطة، فلوريدا بثباتها الغريب التي لم تواكبها أمام العواصف. شعرها الأسود الطويل ينسدل بهدوء، وملامحها تشي أصبحت تعرف ما لا يجب أن يقال. كانت ريم أيمن... الطالبة الجديدة.
لم تكن المرة الأولى التي تنتقل فيها طالب جديد إلى "مدرسة النخبة"، لكنّ شيئاً ما في هذه الحقيبة بلسان الأنف تُحبس دون سبب واضح.
"شكلها يشجع شوية، مش كده؟" همست ليلى في صديقتها سارة.
"أنا حاسة مش من هنا... مش من عالمنا أصلاً!" ردّت سارة، وقد رفّتها بلا وعي.
دخلت ريم إلى الفصل دون أن تبتسم، دون أن تلتفت لأي شخص، وتجلس في آخر مقعد بجوار النافذة. لم تنطق بكلمة واحدة، ولم تكتب شيئا تقريبا. ومع ذلك، كانت هناك آراء... تلك التي لا تريد أن توجهها لأشخاص مثلنا. بل تستهدف الأشخاص الذين يخيفوننا بلطف لعدم فهمهم.
وقت الاستراحة – الساحة الخلفية للمدرسة.
كان المكان مخففًا. ريم تجلس وحدها تحت الشجرة، تقرأ كتابًا بلغًا غريبًا، غلافه لا عصر عنوانًا.
وفجأة... طارت الكرة قدم في اتجاهها، مجانية وغير مجانية.
"إحذري!" صرخة أحد ولد من بعيد.
لكن ريم لم تكن.
جيمس أن تصطدم بالكرة المستديرة، رفعت يدها بهدوء... فاستدار الهواء بشكل جميل، وحرفت الكرة لتعود في مسار نحو اللاعب نفسه، بسرعة أدهشته وأرعبته في الوقت الحاضر.
جمّد الفتى في مكانه. زملاؤهم الكلمات.
"كيف...؟" تمتم واحد.
ريمندت الكتاب بهدوء، ووقفت.
"المرة القادمة... لا تستطيعوا الاقتراب من التقنيات." قالتها بهدوء هادئ ثم سارت مبتعدة، دون أن تلتفت.
في المساء – غرفة ريم.
كانت الغرفة الأساسية، إلا من ضوء شاشة حاسوب معدنية قديمة. خرائط رقمية، بيانات تحليل طاقي، برمجية غير معروفة.
وقفت ريم أمام الأب، يرتدي قميص نوم أبيض، وشعرها مبلل وفقط من مصيره... لا حمام.
"ثلاثة أيام فقط... لو لم يجد صاحب السلطة المختومة، سيكتشفون أمري."
قالتها وهي تعكسها في الامير. ثم مدّت يدها إلى رقبتها... حيث وُشم على الوجه رمز غامض، ينبض بضوء أزرق خافت.
"في عالم تظنه عاديًا، قد تكون الحقيقة الوحيدة هي الخوف من المجهول... ومن الفتاة، لا تعرف إن كانت تحتاج إلى صديق، أم إلى منقذ."
"قوة صاحب مختومة"
"الحقيقة ليست دائمة دائمًا... أحيانًا تكون لعنة."
مدرسة النخبة – صباح اليوم التالي
ولم تكن الشمس تأخذها فيصبح الضوء من بين أوراق الذهب، لكن الهواء يمر بثقل. شيء ما تغير قبل قدوم ريم، والجميع لجأوا إلى ذلك حتى دون أن يصبحوا به.
خلال الفصل، وبين الضحكات العادية ورفرفة الأوراق، كان زياد الرفاعي – نجم المدرسة – يلقي نكاته المعتادة وهو يصادفك في عطلة نهاية الأسبوع، ويرافقك بزملائه.
كان الوسيم الذكي، ابن الأعمال الشهير، المعروف بابتسامته الساخرة وهدوئه العنصري فيه حتى في أكثر من تكيف تينًا. ولكن اليوم... لم يكن كذلك تماما.
نظر إلى الخلف، حيث كانت ريم مثلها، شاردة كعادتها. وفي قلبه، لأول مرة، لم تعرف إن كانت تعاطفه بدافع الفضول... أم القلق.
الحصة الثالثة – فيزياء
"من يشرح هذا القانون على السبورة؟" سأل الأستاذ بعينه الحادتين.
لم يرفع أحداً.
إلى أن قُتت الصمت يدٌ واحدة... يد ريم.
اندهش الفصل. وقف زياد فجأة دون أن يُدرك، وهو مأخوذ منها بعينين ضاقتا فجأةً لأول مرة.
صعدت ريم إلى السبورة. كتبت كاملة، ثم اعتبرت للأستاذ الجامعي:
"أحيانًا لا تحتاج إلى طاقة أن تُطلق لتكتشف... يكفي فقط أن تشعر بها."
ثم عادت إلى مكانها بهدوء، وسط صمت كامل.
كان زياد يمشي وحده. شيء ما في عقله يرفض الصمت. وقف فجأة والتفت خلفه.
"أعلم أنك تتبعينني."
خرجت ريم من خلف الأشجار، دون أن تنكر، ودون أن تبتسم.
"لماذا أنت تحديدًا؟" قالت بهدوء.
اقترب منها، عيناه تلمعان بغموض:
"ربما لأنني اعتدت أن أكون من يلاحق... لا من يُلاحق."
وقفت أمامه، خطواتها خفيفة لكنها واثقة. حدّقت في عينيه طويلاً.
"أنت لا تعلم من تكون... أليس كذلك؟"
"من أكون؟" سخر، لكن الضحكة اختفت سريعًا.
"هناك ختم... على قلبك. لا تراه، لكنه هناك. طاقة نائمة، مختومة. ويبدو أن الوقت اقترب لتستيقظ."
[في مكان آخر – غرفة مظلمة، مليئة بالرموز الطقسية]
رجل في الخمسين من عمره، جسده مغطى بالندوب، يضع يده على خريطة إلكترونية.
"تم التقاط التذبذب الطاقي... إنها هي. والهدف... بات قريبًا منها."
[عودة إلى ريم وزياد – اللحظة الفاصلة]
"هل تحاولين إخافتي؟" سأل زياد.
أجابت ريم بصوتٍ لا يرتجف:
"بل أحاول أن أحذّرك... لأن هناك من يبحث عنك. لأنك شيء ثمين... حتى لو لم تكن تدري."
"ومن أنتِ إذًا؟"
سكتت لحظة، ثم قالت:
"أنا من أُرسل لتدمير ما بداخلك... إن فشلت في حمايته."
"لكن الحب... يا زياد، لم يكن يومًا جزءًا من المهمة."
بداية التوتر بين القلب والواجب.ريم تكتشف أن مشاعرها قد تُدمّر كل شيء إن لم تتداركها.زياد يبدأ برؤية "أحلام غريبة" فيها نار، وعيون… وصوتها تناديه.
"حين ترتبك نبضاتي"
"أحيانًا لا نختار من نحب... بل هم من يتسلّلون إلى تفاصيلنا حتى دون إذن."
كان ذلك بعد الظهر، في الطابق العلوي من المكتبة القديمة.
ريم لم تكن معتادة على مشاركة أي مكان مع أحد. الهدوء هو الشيء الوحيد الذي يجيد احتواءها.
لكنها تفاجأت بصوت خطواتٍ خفيفة تصعد خلفها.
ولأول مرة... لم تشعر بالانزعاج. بل بشيء أشبه بالانتظار.
"هل تهربين مني، أم تبحثين عن عذر للبقاء قريبة؟"
قالها زياد وهو يقف على بعد خطوة منها، حاملاً كتابًا لا يقرأه.
التفتت ريم ببطء، عيناها لم تعكسا دهشة... بل حذرًا، ومشاعر أكثر مما يجب.
"أنا لا أهرب من شيء." ردّت بصوت منخفض.
"بل تهربين... من نفسك."
اقترب منها أكثر، حتى أصبح بإمكانها أن تشعر بحرارة أنفاسه.
"أنتِ غريبة، لكن فيك شيء... يجذبني. لا أعرف ما هو."
صوته لم يكن ماكرًا، بل حقيقيًا. وللمرة الأولى، فقدت ريم قدرتها على السيطرة.
"يجب ألا تقترب مني، زياد..." قالتها وهي تحاول أن ترفع عينيها بعيدًا عنه، لكنها فشلت.
"لماذا؟ لأنك تعرفين شيئًا عني؟ أم... لأنك تخافين مما قد تشعرين به إن اقتربت أكثر؟"
كانت كلماته مثل سهم اخترق دفاعاتها. ولثوانٍ... سقطت الأقنعة.
مدّت يدها لتسحب كتابًا من الرف العالي، لكنها لم تصل.
اقترب زياد بسرعة، ورفعه لها بسهولة.
وعندما ناولها إيّاه، تلامست أصابعهما للحظة.
لحظة واحدة فقط...
لكنها كانت كافية لإشعال دوامة كاملة في صدرها.
ريم (تفكر):
"لا... لا يجب أن أشعر بهذا. ليس الآن. ليس معه. إن عرفوا..."
"ريم،" همس زياد فجأة، "هناك شيء فيك يجعلني أنسى كل شيء. حتى من أكون."
نظرت إليه مطولًا، ثم قالت بصوت متهدج:
"لهذا السبب بالضبط... يجب أن تبتعد."
واستدارت وغادرت بسرعة، لكن خطواتها كانت مرتبكة.
وفي قلبها، نبضٌ لم تشعر به من قبل... وكان ذلك مرعبًا أكثر من أي مهمة.
[في الخارج – زياد واقف وحده، يضع يده على صدره]
"لماذا حين تلمسني... أشعر بشيء لا يُشبه هذا العالم؟"
ريم بدأت تفقد السيطرة... بينما زياد بدأ يشعر بأشياء غير مفسَّرة.
"في الحروب العاطفية، لا تحتاج إلى سلاح... بل إلى توقيت جيد وضربة واحدة فقط."
[بهو المدرسة – نهاية اليوم الدراسي]
غادرت ريم الفصل بسرعة، قلبها ما زال غير منتظم منذ لحظة لمسة اليد.
لكنها لم تكن تعلم أن هناك عينين خلفها، تراقب خطواتها... وتحفظ تعبيراتها.
"ريم، أليس كذلك؟"
جاء الصوت ناعمًا، مغلفًا بابتسامة مصقولة كالعطر الرخيص... كانت لانا.
توقفت ريم، نظرت إليها بهدوء.
"أنتِ الجديدة. سمعتُ أنكِ مثيرة للاهتمام... لكن لا تنسي أن زياد ليس من نوع الفتيان الذين ينجذبون بسهولة."
"ولستُ من نوع الفتيات اللواتي ينجرفن بسهولة أيضًا."
ردّت ريم دون أن تبتسم.
رفعت لانا حاجبها، ثم اقتربت قليلًا وهمست:
"فقط أردتُ تحذيرك بلطف... كصديقة."
ثم تركتها وغادرت، لكن عينيها أطلقتا شرارة لا تخطئها أي فتاة تعرف لعبة الغيرة.
[ممر داخلي – لاحقًا]
زياد كان ينتظر ريم عند الخزانة.
"بحثت عنكِ في كل مكان."
"أعتقد أنني لست مكانًا يسهل العثور عليه." ردّت، وهي ترتب كتبها.
اقترب أكثر:
"ما الذي يحدث بيننا يا ريم؟ لا أريد أن أختلق مشاعر، لكن… أنتِ تشعلين شيئًا في قلبي لا أفهمه."
ترددت ريم، نظرت في عينيه للحظة، ثم همست:
"وإذا قلت لك أن هذا الشعور قد يدمّر كل شيء؟"
"فأنا مستعد للدمار... لو كان برفقتك."
كادت أن تقول شيئًا... لولا مقاطعة صوته الثالث.
[دخول سليم – بنظرة هادئة]
"آسف على المقاطعة. لكنني أحتاج زياد للحظة."
قالها سليم وهو يقترب، عينيه تتفحّص ريم دون أن يترك ابتسامته الرمادية.
"مرحبًا، أنا سليم. صديق زياد. نعرف بعض منذ الطفولة... ومنذ متى أصبح لديه اهتمام مفاجئ بطالبات غير مألوفات؟"
مد يده، لكن ريم لم تمدّ يدها. فقط اكتفت بنظرة حذرة.
"سعيد بلقائك." قالتها بنبرة باردة.
سليم نظر إلى زياد، ثم إلى ريم مرة أخرى، ثم قال:
"الغريب أنني رأيتك عند مبنى العلوم البارحة. رغم أن المبنى مغلق منذ أشهر. أتفعلين شيئًا هناك؟"
ريم لم ترد، لكن عينيها تحجّرتا للحظة.
"ربما كنتِ فقط... تائهة؟"
قال سليم بابتسامة ذات مغزى، ثم سحب زياد بلطف:
"دعنا نذهب، أريد أن أتحدث معك عن شيء... غريب."
[مشهد منفصل – غرفة ريم مساءً]
وقفت ريم أمام مرآتها، ووضعت يدها على صدرها.
"لقد بدأوا يشكّون. والاقتراب من زياد... يُضعفني."
أضاء الوشم الأزرق في رقبتها، وكأن قلبها يتجاوب معه.
لكن قلبها الآخر... لم يكن مصنوعًا من طاقة. بل من مشاعر بدأت تتكاثر خارج السيطرة.
"الخطر يقترب... لا من الخارج فقط، بل من داخلي أنا."
"حين يتصدّع الجدار الأول"
"المصيبة لا تطرق الأبواب... إنها تنفجر في وجهك حين تغلق عينيك عن علامات الخطر."
[مدخل المدرسة – الساعة العاشرة صباحًا]
كل شيء بدا طبيعيًا: دروس، ساحة، أحاديث، ضحكات.
لكن ريم شعرت فجأة بوخزة غريبة أسفل رقبتها. كان الضوء الأزرق في وشمها ينبض دون أن تلمسه.
"الكيان... وصل."
قالتها في سرّها، ووقفت فجأة في منتصف الفصل.
ألقى الأستاذ نظرة حادة:
"إلى أين؟"
"أحتاج إلى الهواء."
وغادرت قبل أن ينتظر الإذن.
[الطابق السفلي من مبنى الأدبيات – مغلق منذ سنوات]
تقدمت ريم بخطى ثابتة، كان الهواء هنا باردًا على غير العادة.
في الزاوية... كان هناك ظل يتحرك رغم غياب الضوء.
ظهر الكيان...
جسد بشري مشوّه، عينان رماديتان، ووشاح أسود يتطاير دون رياح.
"أخيرًا التقينا، حارسة الختم."
صوته كان كمن يبتلع الحروف.
"ابتعد عن المدرسة... الطاقة ليست لك."
قالت ريم وهي تفتح راحة يدها، فتتوهج بنقوش زرقاء.
"لكنها نضجت... أستطيع شمّها. هو قريب. هو يتغير."
"لن أدعك تلمسه."
"ولن تتمكني من منعي."
[في الساحة – طلاب يلاحظون انقطاع الكهرباء فجأة]
صفارة إنذار قديمة تنطلق دون سبب.
المبنى الأديم يهتزّ، ويتساقط جزء من جدار خارجي، ويصرخ الطلاب.
زياد، الذي كان في الساحة، ينظر ناحية المبنى، ويشعر بنبض غريب في قلبه...
كأن شيئًا يناديه من الداخل.
[داخل المبنى – قتال غامض]
ريم تحاول صدّ الكيان بطاقة حامية، لكنه يهاجم بعنف.
"إذا لم أسحب الطاقة الآن... فغيري سيفعل، ولن يرحمكِ."
"إذا لم تختفِ الآن... فسأكسر القوانين لأجلك."
انفجار من الطاقة يهز المكان...
[المشهد التالي – ريم تنهار على الأرض، وحدها]
اختفى الكيان، لكنه أخذ معه شيئًا من طاقتها.
"اقترب أكثر من اللازم... والوقت يضيق."
[في الساحة – زياد واقف مذهول]
دمه يغلي. قلبه ينبض بقوة غير مألوفة.
"ريم..."
همس بصوت يكاد لا يسمعه أحد.
ثم... ظهرت ريم أمامه.
وجهها شاحب، نظراتها زجاجية، لكنها تتماسك.
"هل أنت بخير؟!" قال وهو يقترب منها بسرعة.
نظرت إليه...
وكأنها ترى شيئًا لا يُصدق.
"هو لا يعرف... أنه على وشك الاستيقاظ."
قالتها في عقلها، ثم ابتسمت ابتسامة حزينة، وقالت:
"أنا بخير... لكنك أنت، لست كذلك بعد الآن."
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon