عنوان: "العرش الملعون"
في قديم الزمان، كان هناك ملك يُدعى قَسْوَان، اشتهر بالبطش والظلم. لا يُقيم وزناً للعدل، ولا يسمع شكوى المظلوم. كان ينام على حرير، وشعبه ينام على التراب.
ذات يوم، جاءت امرأة عجوز إلى بوابة القصر، وطلبت لقاء الملك. ضحك الحراس منها، لكنها صاحت: "قولوا لقَسْوَان: دعوة مظلوم وصلت السماء!"
حين سمع الملك قولها، ازداد كبراً، وقال: "فلتدعو ما شاءت، فعرشي من حديد، وسيفي من نار!"
لكن لم تمر سبعة أيام حتى بدأ قَسْوَان يرى الكوابيس... كل ليلة، يرى فيها العجوز تقترب من عرشه، وتصيح: "أنصفني!"
تشققت جدران قصره، وذبل الزرع في أرضه، وتفرّق عنه جنوده.
وفي اليوم السابع، استيقظ الملك فلم يجد أحداً... لا خدم، لا وزراء، ولا حرس. سار في أروقة قصره كالتائه، حتى خرج إلى الساحة، فرأى العجوز واقفة وسط المدينة، وحولها الناس.
اقترب منها خائفاً، وقال: "ماذا فعلتِ بي؟"
فأجابته بنظرة حازمة: "ما فعلته بك هو ما فعله ظُلمُك بك."
سقط الملك على ركبتيه، لكن لم ينفع الندم.
فمن يزرع الظلم، لا يحصد سوى الخراب.
مرّت سنوات منذ سقوط الملك قَسْوَان، وتحولت مملكته إلى أطلال. لكن في زوايا الخراب، بدأت بذور الأمل تنبت. خرج من بين الناس شاب يُدعى عدنان، كان والده قد قُتل ظلماً بأمر الملك القديم.
نشأ عدنان على قصص القهر، وحين كبر، لم يحمل سيفاً، بل حمل كتاب العدل، وصوت الحق. بدأ بجمع الناس حوله، لا بالسلاح، بل بالكلمة الصادقة.
قال لهم: "نحن لا نريد عرشاً جديداً فوق جثث المظلومين، بل نريد مملكة تُبنى على الإنصاف، تُحكم بالرحمة، ويُصغى فيها لصوت الضعيف."
لكن، لم تكن الطريق سهلة.
فلما علم بعض من خدموا قَسْوَان في الخفاء، حاولوا إخماد نور عدنان. اتهموه بالكفر، ونشر الفوضى، وقالوا: "لا يصلح أن يقودنا ابن المظلوم، فالمُلْك لا يُورَث للضعفاء!"
وقف عدنان أمامهم، وقال:
"إن كنتم ترون أن الضعف في العدل، فأنتم ما زلتم عبيداً للظلم."
ثم أضاف: "الملك الذي يخاف من العدل، أجبن من أن يُسمى ملكاً."
في نهاية المطاف، التف الناس حول عدنان، وأعادوا بناء المملكة، لا على الدماء، بل على الحق. وصارت قصة قَسْوَان تُروى للأجيال، لا لتُمجِّد ملكاً، بل لتحذِّر من الظلم، وتُحيي سيرة من قاومه.
مرّت أعوام، وكبرت مملكة عدنان، وساد فيها العدل، لكن ظلّ شبح الملك قَسْوَان يُطارد التاريخ. لم ينسَ الناس ظلمه، ولم يطمئنوا تماماً... كانوا يخشون أن يُبعث الظلم من جديد.
وفي أحد الأيام، دعا عدنان إلى جلسة عظيمة، أسماها محاكمة التاريخ. قال:
"لن ندفن الماضي بالصمت، بل سنحاكمه بالكلمة، ونُعلِّم أبناءنا أن العدل لا يعيش إلا إذا حوكم الظلم علناً."
اجتمع الحكماء، وكُتّاب التاريخ، والناجون من بطش قَسْوَان. وجاءت امرأة عجوز، هي ذاتها من كانت سبب سقوط الملك، وقد شابت عيناها لكن بقي في صوتها وهج.
قالت:
"لم يكن قَسْوَان رجلاً فقط... بل كان فكرة، كان مرضاً في القلوب اسمه الطمع، والخوف، والسكوت عن الحق."
ثم نظرت إلى الحاضرين، وقالت:
"لا تظنوا أن الظالم يُولد من العدم، بل يولده صمتكم، ويقويه سكوتكم، ويُسقطه وعيكم."
سجل الكتّاب كلماتها، وجعلها عدنان دستوراً يُتلى على مداخل المملكة:
"كلّ ظالم يولد من جبن الشعوب، وكلّ عادل يُولد من صرخة مظلوم."
وهكذا... لم يعد العرش الملعون مجرد قصة، بل صار درعاً من الوعي، يحرس المملكة من عودة الطغيان، ويعلِّم الأجيال أن العدل لا يُمنَح، بل يُنتَزع.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon