NovelToon NovelToon

أّلَصّـوٌأّب أّمً لَخِـطِيِّئةّ

Part One

𝓡𝓲𝓰𝓱𝓽 𝓞𝓻 𝓢𝓲𝓷:

أّلَصّـوٌأّب أّمً لَخِـطِيِّئةّ:

//𝓟𝓪𝓻𝓽 𝓞𝓷𝓮//

طِمًسِـ_أّلَحًقُيِّقُةّ

عٌوٌدٍةّ_أّلَأدٍمًيِّرأّلَ_دٍرأّفُـيِّنِ:

الضوء الخافت المنبعث من المصابيح الجدارية لم يكن كافيا لفك العقدة التي تتوسط حاجبيه، ملامح الصرامة تلبست وجهه فأبت افلاته، تتراقص الفطنة في عينيه توحي بصعوبة الأمر الذي يدرسه ،لغز مبهم لا حل له ،يروي شظايا المعركة التي جابت ساحة العسكرية مع الخونة و الأعداء ...

مد يده نحو الخريطة موضوعة فوق طاولة معدنية ،حيث كانت دوائر حمراء تحدد موقع الهجومات المكررة و المعسكرات التي تم استهدافها كما أشارت الى نقاط رصد قديمة للعائلة الملكية ، على جانبها الأيمن جدول احصائي يمثل عدد ضحايا التي خُلفت في الأربع و العشرين الأخيرة و تقرير أُعد على أنواع الأسلحة المستعملة و المتفجرات المساهمة في محو الشق الأيسر من المدينة كلها...

يتنفس بثقل و كأن الهواء يتحداه في استنشاقه ، صدره يعلو و يهبط بوتيرة خافتة جدا ،و مشاعر الهزيمة جثت أمام رجليه تحثه على رؤيتها و استقبالها بوفد من الحزن و الخيبة تناجيه ان يرى شتات بلاده المحطمة و التمعن فيها قبل ان تصبح رمادا تنثره الرياح هنا و هناك ....

اشار الى الجندي الواقف عن بعد باصبعه السبابة ببطىء و حزم يعطي له أمر المجيء اليه حتى يشرح له وضعية الدفاع المتخذة فلقد تفاقم الوضع و ساد كوريا انعدام الاستقرار و الأمن القومي إن واصل الأمر ستختفي من الخريطة و يحل محلها مياه راكدة أو تُقام فيها أضرحة للتخليد...

_"سيادة الجينيرال لقد كُثفت عمليات التلغيم و التفجير ،لابد من وجود مصادر سرية ،فأولائك المسجنون ما إلا غطاءً للقادم،و أخشى أن يكون المستقبل هو الأسوء على الاطلاق "

_" حضرة النقيب لا متسع لنا من الوقت لرؤية المستقبل ،كلنا الآن هبا لحماية الحاضر ،ثم تأتي المنظورية البعيدة ،اذا تم انقاذ القريب لن يحتضر البعيد"

_" سيدي انا اتحدث عن المجاعات التي تهدد الأمن الغذائي ،كوننا قوات المسلحة للبلاد لن نهتم فقط بالجانب المعركي و نهمل الإنساني ،ان إستمر هذا البطش سيجوع مئات الكوريين في ظل تراجع الاقتصاد الوطني و خسارة آلاف العملات من الوجهة السياحية ، إذا نقصت المؤونة ستقل حركات الكفاح و في ذلك الوقت لن نخسر إلا كوريا جمعاء"

_" أيها النقيب ، كوريا لن تجوع في ظرف تواجد الاحتياط الغذائي ، حتى ان قدر المواد الغذائية المخزنة يفوق عدد الأسلحة النووية المحتفظ بها، فما علينا الا معرفة تسيير الحسن للكمية حتى نضمن اشباع أهل البلاد "

تزحزح ذلك النقيب جانبا عندما مر أمامه الجينيرال نحو تلك الخزانة الصغيرة ،متصدأة الحواف ،يُخرج منها ملفات مهترئة يميل لونها الى الأصفر المحترق ، حدق فيها لبرهة ثم رفع رأسه الى الواقف يقول: " اتصل بالمخبرات الثلاثمائة و ثلاثون،و راقب الحدود الجنوبية جيدا ، سنعود لدراسة ملف عائلة الإمبراطورية الراحلة "

_" أنت متأكد ، أقصد يا معالي الجينيرال أن ملفها قد أُغلق لسنين لما علينا فتحه من جديد كما أنهم قد توفوا أجمع مع من سنجري تحقيقا و بحثا "

_" حضرة النقيب ، البحر لا يخفي موتاه،بل يلفظهم عند اول اضطراب ، كما أن لا أدلة تثبت حقا أن كل من في العائلة الحاكمة في ذمة الخالق ،لحد الآن لا خبر صحيح فلسنا خاسرين إن اعدنا النظر في القضية و ترافعنا عن احاديث الناس و نجري عملنا كأهل العسكرية دون الاستعانة بمصادر أخرى "

توقف النقيب للحظة يعالج ما حدثه الأكبر ، و هو يدس يداه في جيوب بنطاله يرمي ثقل رأسه الى الوراء يفكر بوهن يرتب الأفكار بسلاسة ثم جال نظره على تلك الخرائط متنهدا قبل أن يلفظ:" ماذا عن الظل الأسود كيف سنعثر على خيط يأخذنا اليه "

_" الظل الأسود نقطة مبهمة ، يصعب علينا حتى جمع الأتربة التي ينثرها..."

ساد الصمت لكن الجينيرال لم يتركه يطول، بل أكمل بصوت عميق كأنما ينبعث من سنوات الحرب التي خبِرها :"الظل الأسود ليس رجلا...بل فكرة ، خلقت من رحم الخيانة و رضعت بدماء الأبرياء. إنه الطيف الذي يظهر حين تنهار الدول، حين تسقط القيم، حين يصبح الوطن مجرد خريطة ممزقة على جدار قديم. الظل الأسود يا نقيب، ليس هاربًا من القانون، بل هو القانون حين يُصبح بلا روح. إن لم نعثر عليه الآن، سنُضطر للبحث عن الوطن نفسه"

انهى كلامه و هو يحدق بالنقيب ،يمنح له نظرات معقدة مليئة بالحيرة بادله الآخر نظرة ذهول ،يرتشف من كأس الدهشة الجشعة حيال ما قاله ، كان الهواء الداخل الى رئتيه مشبع بالقلق و الخوف فالواقع الذي يعيشه كنقيب أشبه بشخص ناجي وسط كومة من الهلاك ،ليس عليه حماية وطنه فقط بل حتى نفسه و عائلته و أسياده....

ومضة أمل خاطفة برقت في عينيه، كما لو أن داخله تجرأ على الحلم رغم الخراب، لكنه لم يلبث أن اختنق بها، إذ دلف جندي على عجل، عرقه يسبق صوته، ونبرة حنجرته أشبه بنُواح ثكلى:"سيدي ان منتجع لوسيفر قد انفجر بالكامل قبل دقائق، و أصيب مئات المدنيين و الرصد الحراري يظهر حركة غير اعتيادية للارهاب ، ما من أوامر؟؟"

انكمشت ملامحه، وضربات قلبه تسارعت وكأنها تُعد وقع جنازة قادمة، عيناه تجمدتا في الفراغ وكأنه يعيد شريطاً مفجعاً في ذهنه، لم ينبس بكلمة، فقط نظر إلى الخارطة، وبدا كأن الأرض تحت قدميه تهتز...

وقبل أن يستعيد توازن جاء انفجار آخر لا بصوت بل بكلمات جندي آخر يدخل بهمجية يدفع ذلك النقيب بعيدا و ريقه قد جف قبل أن يلفظ:"معالي الجينيرال لقد وصل بلاغ عن انفجار آخر في قلب الحديقة الملكية العامة أكبر مساحة خضراء في البلاد، كانت ملجأ للعائلات، تحولت الآن إلى رماد، وسُجلت خسائر بشرية ضخمة، من بينهم أطفال وسياح."

شحب وجهه كمن شرب مرًّا، حدق في اللاشيء بعينين تُطفئان نور القيادة، وكأن قلبه هو من انفجر لا تلك الأماكن ، لقد تسبب له في طنين يدوي خلايا أعصابه ،نمت على محياه تجاعيد الجزع و الدهشة ،شعر بركبتيه لم تقوى على حمله وهن في لحظة فكاد ان يميل لولا تماسكه ،ثم أخذ نفسًا عميقًا، كأنما يحاول ابتلاع الهواء رغم مرارته، ولف جسده البرود، تحوّلت عيناه إلى جمر راكد ثم ضرب قبضته على الطاولة متسببا في قلب بعض الخرائط و صاح بقسوة: "بدأت الحرب النفسية إذًا... يريدون قتل الروح قبل أن يقتلوا الجسد! ظلوا يهاجمون الرموز، الأماكن التي تمنح الناس أمل الحياة!"

ثم تقدم خطوتين نحو النافذة الضيقة، يحدق في الدخان البعيد كأنه يرى ما وراءه، وهمس بجمرٍ داخلي:

"لقد أخطأنا حين ظننا أن الماضي دُفن... علينا أن نُعيد فتح القبور، لكن هذه المرة لن نبحث عن الجثث، بل عن من تركوا ظلالهم خلفهم."

و فجأة التف الى ذلك النقيب يناظره بتأني و حذر قبل ان يخاطبه قائلا:"أرسل فرق البحث والإنقاذ فورًا، وأمر الاستخبارات بتحليل بصمة التفجير، إن تشابهت مع نمط الانفجارات القديمة فسنقطع الشك باليقين... لقد عاد، بل عادوا جميعًا."

وقف النقيب جنبا يحيه بتحية عسكرية لافظا:" امرك معالي الجينيرال " انهى كلامه يضع يده على الشق الأيسر من رأسه و يرفع رجله يخبطه بالأرض ثم خرج تاركا هواء الطاعة خلفه يقدم الولاء لسيده...

و عند خروج النقيب التف الجينيرال كيم الى الجندي الواقف خلفه يخاطبه:" استدعي الملازم هيون-وو في الحال"

_" أمرك حضرة الجينيرال"

اعطاه تحية عسكرية ثم خرج حيث الساحة التدريب لينادي ذلك الملازم الذي يحتاجه الجينيرال كيم...

و ماهي الا دقائق حتى دخل الملازم هيون-وو يلقي السلام:" تحياتي سيادة الجينيرال"

تقدم نحو النافذة، كان الدخان الأسود يرتفع من قلب العاصمة، يبتلع الغيوم، ويُغرق الشمس في العتمة. لم يطرف له جفن، بل همس كمن يستدعي شبحًا: "حضرة الملازم سنضطر لاعادة احياء الموتى ،فنحن بحاجة لهم"

_" حضرة الجينيرال لم أفهم ما ترمي شباكك اليه "

_" "حين تسقط الدولة، لا تُستدعى الأبطال... بل تُستدعى الوحوش التي خلقتها الحرب."

استدار فجأة نحو الملازم، نظر إليه كأنما يزن كلماته بميزان الدم، وقال: " لقد حان وقت استرجاع درافين الى البرية"

و ما ان انهى كلامه حتى ساد صمت رهيب المكان و تنافست الأعين فيما بينها ،خائضة حرب الرؤية الحدة التي ترتشف من عزيمة الجينيرال و طاعة الملازم و عودة الأدميرال....

﴿ أّلَقُأّعٌدٍةّ أّلَبًحًريِّةّ 669﴾

تناظر ذلك الجاثي أمام رجليها تحت جفونها بصرامة تلفحه، وتحثّ الخوف على أن يزوره. كيف لا يخاف، وقد أُمسك متلبسًا، يرتدي زيّ صيادٍ تائه، يصوّر عتاد الجيش البحري من سفن وأدرعة؟

تراجعت إلى الوراء خطوة، رفعت عينيها إلى السماء التي بدأ الكحل يغزوها شيئًا فشيئًا، ثم نبست بفحيحٍ أشبه بالإنذار:

ــ "أي ريحٍ حملتك إلينا؟ رسولٌ من أنت؟"

رفع رأسه ببطء، عينيه لا تعكسان رعبًا بل مزيجًا ساخرًا من التحدي والبرود. أجابها بنبرةٍ واثقة:

ــ "رسول؟ لا... مجرد صياد ضلّ طريقه، وأُعجب بجمال الحديد في الشمس، فوثّقه."

تضيّقت عيناها، كأنها تحاول تمزيق قناعه بكلمة. اقتربت حتى فصلت بينهما أنفاسٌ محكومة، ثم رفعت كفّها وأشارت إلى الكاميرا المخبأة بإحكام:

ــ "وتُعجبك زوايا التصوير العسكرية أيضاً؟"

ارتسمت ابتسامة طفيفة على شفتيه، وقال:

ــ "الفن لا يعرف حدودًا، سيدتي. لا ذنبي إن كان جيشكم جميل التكوين."

زفرت بحدة، ثم أومأت للحراس:

ــ "قيدوه، ودققوا في هويته. وإن وجدتم ورقة واحدة لا تتطابق، فلتنزعوا عنه صفة الإنسان."

ثم اقتربت منه وهمست في أذنه ببرود:

ــ "الذكاء وحده لا يكفي في هذا المكان... لا تكن أحمقًا."

لكنه لم يُظهر سوى تلك الابتسامة العابثة، وقال قبل أن يسحبوه:

ــ "ولا الغضب وحده دليل قوّة... لا تكوني متسرعة."

قوست شفتيها بشماتة قبل ان تشهر بأصبعها على ذلك الجندي ، و هيهات حتى تبعاها مع ذلك الصياد الذي تم حمله اليها....

قيدوه، لكنه لم ينحنِ. ظل واقفًا، كأن القيد زينة حول معصميه، لا قيدًا.

جلست كأدميرال يحافظ على سلم بلاده قبالته في غرفة التحقيق، وخلفها ظلُّ راية الوطن، يتماوج في سكون الليل الثقيل.

ــ "قل لي من أنت، وسأتركك تتنفس بحريّة."

ــ "قلت لك، صياد. فقط صياد."

ــ "الصياد لا يصوّر بأجهزة مشفّرة."

ــ "و لا عدالة تستغيث بامرأة أضعف من ورقة الشجر"

تجاهلت استفزازه، وأخرجت صورة مطبوعة: كان فيها واقفًا، في موقع استراتيجي، بجوار معدات حساسة.

ــ "قل لي من أرسلك. من دفعك؟ من دفع الثمن؟"

تنفس ببطء، وعيناه تشي بذكاءٍ لا يُحتمل.

ــ "كلنا ندفع ثمنًا، سيدتي. بعضنا بدمه، وبعضنا بحقيقته."

فجأة، قالت بنبرة باردة:

ــ "وجدنا بصماتك على ملف هجوم المرفأ. أنت لست مجرد جاسوس… أنت من خطّط للدم."

تجمّد لوهلة. لكنها رأت في عينيه شيئًا، لم يكن خوفًا… بل كبرياء.

ــ "ماذا لو قلت اني أكبر بكثير مما قلتي؟؟ ماذا ستفعلين"

نهضت ببطء، وقلبت خنجرًا صغيرًا كانت تخفيه في كمها. مشت نحوه، وكأن خطواتها تكتب الحكم على الأرض.

ــ "كنت أظنك أذكى. أذكى من أن تعبث بدماء شعبي."

ثم همست قرب أذنه:

ــ "كنصيحة أخيرة… لا تختبر غضب امرأة فقدت ما معنى الرحمة و تجردت من نسختها الأنثوية ."

وفي لحظة خاطفة، انغرس الخنجر تحت ذقنه، بين نبضتين.

لم ترتجف.

غادرت الغرفة، وتركت خلفها صمتًا مهيبًا، وخيانة ماتت مع صاحبها.

خرجت تجر خلفها ذيول الفخر و الشرف ،تعتز كونها فتاة تربت من أجل الوطن و تقدس بذلتها التي تبين عظمة مكانتها العسكرية و فطنة قيادتها البحرية...

.

.

.

تقف في مقدمة المدرعة الحربية خاصتها تقودها بدهاء قبل ان تخاطبها:"فاليندا صغيرتي ما رأيك بقسط من الراحة هممم"

انهت كلامها و هي توجهها نحو القسم الشرقي من الميناء حيث ستركنها من أجل نيل بعض السكون ،فقد قامت بلفة حول القاعدة و أبعدت عنها بقليل هذا من أجل ضمان عدم وجود جواسيس أو متطفلين...

قبل ان ترسو بسفينها لفظت:" قمتي بعمل رائع يا صغيرتي تستحقين هذه الإستراحة"

قبلت مقود السفينة ببطء قبل ان تلتقط أذانها صوته الأجش الذي تتوسطه الحدة و الجدية:" ألازلت تعاملين هذه الخردة كفرد عسكري"

استدارت له بوجه ينافس مياه المحيط في البرودة ثم تمتم:" انها فاليندا ،فاليندا و ليست خردة ،اما المكانة فهي أعظم منك"

ابتسم بمراوغة و احتيال قبل ان يعيد كرة استفزازها:" هل بسبب مكانتها أنت غائبة عنا "

_" لكل شخص وسطه المفضل ، أنا سيدة المياه لن اترك امواجي حتى تستقيم خطواتي في الأرض "

_" و لكن الآن يتحتم عليك المغادرة ،ترك عرشك فرض و ليس نافل "

تعكر صفاء وجهها حين قر على ما تحجبه نواياه ، تكهنت ما أتى به إليها و سبب مشقته في المجيء ،تعرفه حق المعرفة ليس بشخص ينثر خطاه حيث لا يعود بنفعه باختصار يمكن القول أن المصلحة قائدته....

_" جين اوثق خطواتك إلي و اختصرها ،لك المعرفة بعدم تحملي للف و الدوران"

تقدم خطوتين نحوها ثم حاصرها بين ذراعيه يلصق جسمها بخاصته،بادر الى عناقها يرسل عبره لوعة الاشتياق ، يخبرها كم بعدها مرهق له ...كان عناقا أخوي يحمل بين طياته تقاسيم العسكرية و حياتها التي دربتهم على الفراق قبل الاعتياد...

أما هي صمدت للحظة و هيهات حتى بادلته العناق بلف يداها حول ظهره و بوتيرة أكبر منه تشعره بحجم الفراغ الذي ياكل خلاياها في بعده تترجم له أحاسيس الأخت المنهارة في غياب أخيها لكنها متماسكة...

بقيا على تلك الحالة لمدة قبل ان يكسره بقوله:" درافين نحن بالحاجة لك ، اخوتك تستغيث بك فأغثيها و استجيب لنداءها"

ابتعدت عن حضنه ،ترفع حاجبها باستنكار تحاول مجابهته و استوعاب أقواله ،في لحظة بدى كمن تحت سيطرة الثمالة...

_" جين ما الذي تسعى خلفه مجيئك اولا ثم حديثك المبهم ثانية ، وضح نفسك يا رجل "

_" نحن القوات المسلحة للبلاد كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى عضو منه رافقته سائر الاعضاء بسهر و الحمى ، و لما لا أرى هذا الجانب منك ؟؟"

_" حضرة الجينيرال كيم تحدث بشكل مفهوم و قابل للاستوعاب ،لا تدرج حروفك ضمن ملف الغموض ،لأنك لن تجني مني إلا النفور "

تنهد القرفصاء بتعب من الفشل الذريع الذي نال منه ،جابه لادخال الفكرة الى رأسها و ها هو يعود بخطى متعثرة كأن كفاحه مجرد زلات الأيدي..

_"سيرافينا هل أنت على اطلاع بما يحدث في مدينتك او بصفة عامة في وطنك ، هل شاهدت دموعه البكماء، هل رأيت نحيبه الصامت ، مقتول يرجو النجاة على أيادي القتيل الذي لازال يُبتر منه أسسه و مبادىء قيامه "

صمت لبرهة كمن يحتضر في وسط موت غير لائق ثم مدَّ لها دفترًا صغيرًا يحوي صورًا لمواقع الانفجار، ووجوه الأطفال الناجين من الحديقة:

— "انظري إلى هؤلاء. ليسوا جنودًا، بل مواطنون حُرموا مساحات الأمان، متى سترأفي بهم و تناجين خطواتهم و تأخذين شارتك المرموقة هبا لانقاذهم "

كتفت يداها الى صدرها تعلن بها الولاء لنفسها و رفعت رأسها شامخة تناظر اللاشيء كمَن يحاول الهروب من الصدى الذي تردده الجدران:" ثم ماذا"

-"على بعد خمسون خطوة سنفقد كوريا، الارهاب ليس بالهين تفاقمت خطاه على البلاد و في ظل انعدام الأمن سنهتف بأناشيد الاستسلام ،و نقدم العزاء لأهلها كوننا لم نحافظ عليها"

نظرة عمق رمقته بها ثم لاغت:" المطلوب مني "

_" العودة الينا ،الى البرية حيث سنتعاون نحتاجك لتخططي لإخراج السكان من تحت الأنقاض، و استبعاد الخطر عنهم قبل أن يبتلعهم الظل الأسود."

_" أن أنقذ المدنيين مهمة انتهت صلاحيتها من سنين ، هذه أعمال أركان المدنية و ليست من شعاري "

شعور اليأس راوده للحظة و قد قر بين ذواته لا مفر غير الاستسلام فكلامها نحو يحمل ذرات القسوة و الرفض الغير المباشر ، نال منه العجز من اقناعها بضرورة ادماج قوتها البحرية مع البرية حتى تسهل المقاومة....

مال بجذعه نحوها يرمي خطى الاستسلام جانبا ثم خاطبها:" سيرافينا أنا لا أخاطبك كعسكري بل كشخص يرى حياة أفراد وطنه مرهونة بساعات اليوم ،أو كرجل يترقب اغاني الأرض أيان تنفجر و تخلف وراءها غبار الدمار و الاندثار "

تحجرت ملامحها فاصراره لم ينل اعجابها و كأنه يطالبها باستئصال الروح التي تغذي جوع شعبها و تهدأ الحرب الفتاكة التي تندلع بين أطراف مملكتها

_" جين و أنا سأخاطبك كفتاة صفعتها البرية عدة صفعات مؤذية ، كانسانة فرض عليها الاستعباد و هي لا تعرف غير الاستعلاء أو كفرد عاش ذل الأرض بكفاية في و وفاية حتى أصبح على المياه سيدا"

انعقد حاجبيه بسخط كما لو أن ما قلته سبب في غليان دمه ، جعلت من بصره يحتد أشبه بسكاكين الغدر تُغرس بضلعك لكن بسلاسة

_" حضرة الأدميرال ،بصفتي كجينيرال الأعلى للبلاد و حامي علمه و صانع مجده ، أكرر لك للمرة الأخيرة بفرضية التعاون مع القوات البرية ،ضمانا لنجاح عمليات المداهمة و الاشتباك"

شخرت بسخرية ترسل له نظرات تحد تحت رموشها قبل أن تنبس:" و هل تأمرني سيادة الجينيرال "

مسح وجهه بقلة حيلة قبل أن يزفر هواء العجز بعيدا فنطق:" ناڨروفيش انا لا أأمرك بل أطلب منك ، و هل علي أن أترجاك حتى تفقهي"

دارت على نفسها عدة دورات ثم همهمت تضع أصبعها السبابة على ذقنها كمن يخوض زمام التفكير و التمعن:" نفترض أني تعاونت معكم و أدمجت قواتي البحرية مع البرية ، المهمة على ماذا ستتمحور و كيف لي أن أضمن حماية الحدود و السواحل دون تعرض الأسطول للخطر "

ابتهال على ملامحه وثق خطاه ، صفوت عيونه بعد أن تعكرت بجدية النقاش:" كل ما عليك هو حماية عصا الامبرطورية حتى لا تقع في يد الظل الأسود ، لأن اذا حصل و أن حدث العكس ستنقلب كوريا ضدنا و سيفشل النظام الجمهوري قبل أن يبصم وجوده"

_" و من هو الظل الأسود ، أعني هل تمتلك له صورا او ربما أدلة توصلنا اليه"

_" لو امتلكت شيئا مما قلتي لما أتيت اليك كمنحط يقود كرامته الى العار"

_"جين ، أرى ان وزير الدفاع أثر عليك بدل من أن تصبح جينيرال مفهوما أصبحت كتلة غباء تتحدث بسفسطة"

_" حبا لله يا درافين أظهري بعض الاحترام لي كقائد القوات ، لو سمع احد الجنود ما تقولينه لجعلوني في الثكنة أضحوكة ، الجينيرال الوقور كيم سوك جين يردع من طرف امرأة "

_" راجع كلماتك حضرة الجينيرال فأنا لست مجرد امرأة بل رسالة تكتب بالدم و تختم بالرعب و انا التي تختصرها الحكايات همسا و خوفا "

زفرت الهواء بحنق فكلام الأكبر ساء لها و لراية الشرف الذي تحملها ،نعته لها باستهزاء انها امرأة لا أكثر أزعج دواخلها بشدة و أحبطت ذلك الشعاع الذي ينمو على الحافة ، هي ليس انثى عادية بل رياح عاتية لا تساوم، خنجر يطعن في صفوف الحقد و البغض بلا شح هي النار التي لا تتطفئها مياه المحيط بل تحرقها و تجعل من رمادها لوحة تذكارية..

_" ماذا قررت بشأن رجوعك ،هل اتخذت الخطوة المناسبة أم تظنين امامك متسع من الوقت"

استدار تنوي التوغل الى القاعدة قبل أن تخاطبه:" غادر جين ، ستصلك رسالة بعد ثلاثة أيام سأقر لك فيها عن رغبتي"

ثم دخلت تاركة اياه يتخبط مع أفكاره ،يناظر الأرض بعينان متلهبتان كمن فقد السيطرة على الأمور فاختار أن يكون من ذوي الحظ المتعثر ، حتى ينجو بالقدر ،الهواء من حوله لم يكن مجرد هواء، بل خنجر شفاف، ينغرس في صدره مع كل شهيق. كل ذرة فيه كانت تهمس بكارثة، تنذر بعاصفة لا تُبقي شيئًا في طريقها و موجة عاتية تغرق الأخضر قبل اليابس. و بعد برهة من التفكير غادر هو أيضا و في قلبه نطفة أمل ولدت كأن روحه تعاند النهاية، و يرجو أن لا يجهضها الأدميرال بصرامة قراراته....

اما الأدميرال مين فور دخولها صدحت نغمة هاتفها المكان تحثها على استفسار هاوية المتصل ، أخذت و برز اسم أبوها على الشاشة و لم تتردد للحظة في الرد..

و ما إن ضغطت على زر الاجابة حتى صرع صوته المكان:" سيرافينا عودي حالا الى البيت و لا تهمنِّ حالتك فأختك الساقطة ، هربت مع عشيقها و طمست وجهي أمام رجال المدينة"

لم يسمع جوابها قط بل قطع الاتصال بعد ان نفث سمومه في مسامعها و عرضها لحالة من الاختلاط و التشتت ، شبح ما زارها فأرغم عقلها على الركود و عدم التفكير

همست لذاتها تحاول مواساة روحها التي تُطْفَىء رويدا رويدا بسبب عائلتها القاسية و قوانينها المتغطرسة:" ماذا فعلت هذه المرة يا فاليريا لا تقولي بأنك حللت طوق النجاة لك وبينما كبلتني أنا بواجبات العائلة "

يتبع

رأيكن في البارت

السرد+ الأحداث

رأيكن في شخصية:

الأدميرال مين

الجينيرال كيم

الظل الأسود

النقيب

الأب

فاليريا

نلتقي في بارت آخر ♥︎♥︎

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon