لم يكن لدى نادر خيار آخر . .
فى صباح يوم رمادي، رحل الشاب ذو ٢٣ عاما عن مسقط رأسه فى العاصمه حاملاً حقيبه واحدة فقط.
اتهامات كاذبه بالسرقه وغش العملاء طاردته كالظل ،حتى صار اسمه لعنةً بين زملائه .
لجمع ما بقى من كرامته قرر أن يستقيل و يختفي فى آخر مكان قد يبحثون عنه : قريه نائيه ،حيث كان هناك بيت قديم لجده العجوز و جدته قد انتقلو منه للعيش فى العاصمه مع والدته وابنه خالته التى كانت تزورهم بين الحين والآخر كالظل العابر .
كانت المحطه الأخيره لحافله مهتزه أمام منزل من طابقين ،تحيط به حقول لا نهايه لها .
نظر نادر إلى السماء كأنما ينتظر إشاره تخبره أن هذا القرار ليس مجنوناً . . .
لكن كل ما رأه كان غيوماً منخفضه ، وكأنها تُذكِره بأنه سقط بالفعل فى القاع .
–"هل انت متأكد انك تريد النزول هنا ؟ هذه القريه... غريبة حقا يا رجل!"
التفت نادر إلى سائق الحافله بوجه متجهم ، لم يكن فى حاله مزاجيه تسمح له الحديث مع اى احد الآن ، لكن فضوله هو ما دفعه لفتح فمه الثقيل .
–"غريبة تقول... ؟"
–"أجل! لاتوجد أى اعمال تجاريه سوى الزراعه داخلها ، لايوجد سيارات سوى التى مثلى تأتى لنقل المحاصيل أو الأشخاص، لا متاجر أو مقاهى أو حتى مدارس ، كلها تبعد مسافه طويله للذهاب إليها"
–"....."
–"والاكثر غرابه فيها هو.. **صوت رنين هاتف**
المعذره على الذهاب الآن لقد تأخرت "
–"اضجرتنى بحديثك والآن تغادر فى منتصفه... "
اتجه نادر سيرا إلى بيته الجديد، ولمح بطرف عينه لافته تقول :
- [ اهلا بك فى قريه وادى الغيوم ]
[المكان الحصرى لرؤيه التساقط فى السماء ]
لم يكن العيش فى [وادى الغيوم] سهلا فى البدايه . . .
أيام طويله قضاها نادر فى محاوله كسر الجليد مع جيرانه ، الذين قابلوه بنظرات مترقبه ، كأنهم يتسائلون : ما الذى أتى بهذا الغريب إلى قريتهم الهادئه ؟
لكن بإصراره ، وتذكره لتوصيات جده العزيز قبل وصوله للقريه 'بالاستمرار فى المضى قدما مهما كثرت الصعاب' ، بدأ خيط من الثقه يتشكل... حتى لاحظ ذات صباح ذلك المبنى المهجور المقابل لمنزله الذى بدا وكأنه يحدق به من بين زجاج النوافذ المحطمه .
عندما سأل الجيران عنه، تنهد الجيران كأنما يستعيدون ذكرى مؤلمه:
–"كان ذات يوم متجر خضار شهير... يقال ان صاحب المتجر باع فيه أفضل منتجات الوادى!"
لكن سرعان ما انقسموا بين مُشكك وحزين:
–"ربما أفلس لانه لم يعد احد يزور قريتنا... "
–"او ربما غادر صاحبه للمدينه لانه لم يكن راضى عن الارباح."
–"نعم ، بالنهايه نحن لا نهتم بالشراء والتسوق ، هذه ليست من عاداتنا ، نحن نزرع،نهتم بالماشيه، ونبيع فقط! "
هذه العباره الأخيره جعلت نادر يقف حائرا .
لكنها أيضا أشعلت فيه فكره...
ماذا لو أعاد الحياه لهذا المكان ؟ ليس مجرد متجر خضار ، بل بوابه لشئ أكبر؟
بعد كل شىء ،لم يعد لديه ما يخسره... إلا نصف مدخراته التى انفقها لشراء عقد ملكيه المتجر المهجور من [مبنى البلديه قريه وادى الغيوم]
وربما جزءا من سلامه العقلى!
~~~~
السلام عليكم ورحمه الله ،انا المؤلفة وهذا اول عمل لى .
اتمنى ان تكون قد اعجبتك روايتى وجعلتك متحمسا للفصول القادمه
واتمنى ان تعذرني إذا وجدت أى خطأ املائي
بما أن هذه هى المقدمة فقط فهى قصيرة قليلا لكن الفصول الاساسيه لن تكون هكذا بالطبع
سأبدأ فى تنزيل الفصول الأولى فى أقرب وقت ممكن حتى لا ينخفض حماسكم
سابذل جهدى لكتابة محتوى يرضيكم ويرتقى لتطلعاتكم
شكرا على القراءه♡♥︎°.
بدأ نادر فكرته بالحديث مع جيرانه وسؤالهم عن أسماء اى منتجين أو مزارعين يريدون بيع منتجاتهم ليشتريها منهم ويتاجر بها ، ودله الجيران على عجوز طيب اسمه رشيد و زوجته ناديا يدير هو وأسرته مزرعة وبها الكثير من المحاصيل عاليه الجوده و البيض و منتجات الألبان .
بخطى واثقه -أو هكذا ظن- تقدم نادر نحو العجوز رشيد داخل مزرعته ،الذى كان يحمل شوال بطاطس وكأنه رافعه بناء متخفيه فى جسد إنسان!
-"سيدى العزيز! صباح الخير! ،لدى فكره ستجعلنا مليونيرات! " ،بدأ نادر بحماس.
رفع العجوز حاجبه الأيسر فقط
-"هل ستخترع آله تحول البطاطس إلى ذهب؟ لأن هذا هو الشئ الوحيد الذى سيجعلنى أثق بك!"
-"أفضل من ذلك! سأفتح المتجر المهجور وابيع منتجاتك... لكننى سأحتاج بعض البطاطس ،و اشياء اخرى كـ... إعانة مؤقته!" ،قال نادر ببراءة.
-"إعانه؟! أنت تقصد 'سرقه فى وضح النهار' ولكن بصيغه قانونيه!" ، ضحك العجوز حتى سعل، ثم أضاف
-"حسنا أيها الشاب فالنرى ما لديك... لكن بشرط ان تدفع لى بجسدك"
-"ب...بجسدى؟!!"
-"تعمل معى فى المزرعه ،تحصد ،تزرع ،تنظف روث البقر... وبعدها ربما -فقط ربما - أعطيك ما تريد!"
وهكذا بدأت حياه نادر الجديده: مزارعٌ نهاراً، تجهيز وتأثيث المتجر ليلا كتاجر مبتدئ ، وفأر تجارب لكل كتب 'اصنعها بنفسك' التى أخذها من عند جده!
فى صباح اليوم الأول، اكتشف أن 'حرث الأرض' ليس مجرد رسم خطوط جميله بالتراب، بل معركه مع دوده عنيده رفضت مغادره حذائه، ومطارده تلك العنزة التى كانت تمضغ قبعته.
وفى المساء بينما كان يحاول طلاء متجره، تحول إلى لوحه فنيه بشريه بعد أن سقطت عليه العلبه بالكامل!
أما الكتب التى يقرأها للتعلم من أجل متجره فقد علمته أن:
1. صناعه الجبن أسهل نظريا من الواقع (انتهى به الأمر بجبنه تشبه الحجر الصخرى!).
2. الخياطه و الحياكه ليست للرجال -حسب زعمه- بعد أن علق إبره فى سرواله وكاد يحول نفسه إلى دميه!
3. الخَبز وصناعه الحلويات كانت ما أعاد له الأمل من جديد ،لمهارته فى الطبخ منذ صغره.
لكن رغم كل هذا، ظل العجوز رشيد يوميا يرمقه بنظرة عجوزٍ خبير وهو يقول:
-"اعجبتنى أيها الشاب ،قد احتاجك فى المزيد من العمل... لأنك الوحيد الذي يستطيع إشعال الأجواء مثلى! هياهاهاها"
فى يوم بارد منتصف فصل الصيف كان نادر يشعر بالنسيم البارد ، وارتدى معطف لكى يدفئه ،واتجه لمزرعه العجوز رشيد كالمعتاد ،لكن بنشاط اكبر، لانه اول يوم له فى حصاد البطاطس ، وسيساعد فى الحصاد من الصباح الباكر حتى الغروب .
بعد حصاد جميع محاصيل البطاطس كان نادر ينقل آخر شوال ويحمله للمخزن ، ثم وقف لدقائق يلتقط أنفاسه ويمسح عرقه بمنشفته ،و كاد أن يلتقط زجاجه المياه خاصته ويشرب إذ به يسقط زجاجه المياه من يده حين رأى شئ لامع غريب يطير عاليا جدا وبسرعه كبيره فى السماء !!
هل هذا طائر؟
أو طائره؟! لا هذا أشبه ب...شهاب!!
كان نادر متفاجئ و متعجب ،كيف أن يظهر شهاب فى مثل هذا الوقت ،وقت الغروب، و يكون بهذا الوضوح فى السماء ؟
ثم تذكر تلك اللافته التى رآها فى أول يوم أتى فيه للقريه وسأل جيرانه عنها ، ووضحو له أن قريتهم تشتهر بكثره ظهور تساقط الشهب فى سماء القريه ، وتظهر فى أوقات عشوائيه غير محدده.
يسمونها 'التساقط'
لشكلها الذى يشبه تساقط النيازك على الأرض لكنها شهب بالفعل
تلك الشهب تستمر فقط بالظهور فى سماء [قريه وادى الغيوم] لا غير.
كانت تلك المره الأولى التى يشْهد فيها هذه الظاهره.
كان مشهداً يخطف الأبصار بحق!
كان شهاب واحدا فقط ، يطير مقسم السماء بلمعان ارجوانى غير اعتيادى ، كان يشبه صاروخ العاب ناريه لكن لم يكتمل انفجاره.
أعاد نادر انتباهه لأعماله، بعد عناء طويل من تعذيب البطاطس (او حصادها لا فرق!) ، انتهى شقاءه لهذا اليوم فى المزرعه ويترجل إلى بيته.
لم تمر سوى ٢٠ دقيقه منذ رؤيه الشهاب
لكن فجأه... كرراش
صوت انفجار مدوً كأن سياره اصطدمت بجدار!
-"أهذا صوت انفجار شوال خضار فوق رأس أحد ما؟" ،تسائل وهو يركض نحو مصدر الصوت.
لكن ما وجده لم يكن أى تحطم أو انفجار
بل كان أغرب من خياله: شابٌ وسيمٌ -أو هكذا كان قبل أن تبتلعه بركه الطين- يتدحرج فى الوحل كبطاطس مأساويه!
-"هل انت بخير؟" ، سأل نادر وهو يحاول كتم ضحكه مُتيبسه.
نظر الشاب إليه كأنه مجرد حشرةٍ ثرثارة، تجاهله، ثم حاول النهوض... وانزلق مرةً أخرى كحذاء على موزة.
-"حسنا يبدو أنك تفضل الاستحمام بالطين... لكن خذ منشفة!" ،مد نادر منشفته وكأنه يقدم هديةً لملكٍ غاضب.
لكن الشاب ألقى عليها نظرةً كأنها منشفه مفخخة، ثم أخذها ببطءٍ شديد -كأنه يخشى أن تتحول إلى ثعبان!
ومازالت النظره المشكِكه العدوانية لم ترحل من على وجهه ،جعلت نادر يعتقد انه هو من كان السبب فى ما حدث للشاب الوسيم لينتهى به الحال بهذا الشكل!
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon