في شوارع سيول المزدحمة بالحركة، كانت ريم يونا تسير بمفردها، وعينها تنتقل بين الوجوه العديدة من حولها. المدينة لا تتوقف عن الضجيج، ولكن بالنسبة لها كان كل شيء صامتاً.
لم تكن تسمع سوى أفكار الآخرين، التي تتسلل إلى ذهنها كلما التقت أعينها بأعينهم. كانت هذه القدرة هي ما جعلتها تشعر وكأنها غريبة في عالمها.
ومع كل خطوة تخطوها، كانت ذكريات صديقتها "سوهـو" تطاردها، موتها، ذلك الحادث السير المروع الذي سلب حياتها في لحظة، كان لا يزال يطارد قلب ريم، وكأنها لم تستطع التوفيق بين الحقيقة التي قدمها لها الجميع وبين ما شعرت به في أعماقها.
لم يكن الحادث كما يبدو. لم يكن مجرد تصادم عابر. لقد كانت تعرف أن هناك شيئا غريباً، شعرت بشيء في أعماقها يقول لها إن الأمور ليست كما بدت، وإن هناك من وراء الستار كان يتحكم في الخيوط.
كانت سوهـو قد اختفت بطريقة غامضة، وفي ذلك اليوم، بينما كانت ريم تستعرض أفكار الآخرين، شعرت بشيء غير مريح بداخلها، وفي عين العديد من الأشخاص الذين حولها.
كانت هناك أسرار كثيرة، وكان يجب عليها اكتشافها.
قالت لنفسها بصوت منخفض: "لا يمكن أن يكون مجرد حادث".
ولكن كيف تبدأ؟ وكيف يمكنها كشف الحقيقة؟
الإجابة كانت بسيطة في ذهنها: لا شيء سيوقفها. لا مكان للرحمة، لا وقت للشك. كانت بحاجة للانتقام لصديقتها، لترد لها حقها المفقود.
ومع مرور الأيام، بدأت ريم تكتشف أدلة صغيرة، خيوط غامضة تسحبها إلى عالم مظلم بعيد عن الأنظار، كانت مصممة على كشف الحقيقة مهما كانت العواقب.
لكن الخوف من أن تكشف عن القاتل كان يلوح في الأفق، مما جعلها تتساءل: هل هي مستعدة لمواجهة ذلك العالم المظلم بكل ما فيه؟
كانت المدينة تغلي بالضجيج ،ولكن بالنسبة لريم، كانت تلك الضوضاء صمتاً، يطاردها ويرتفع في داخلها، مثل نغمة تزداد حدة، لا تجد لها مخرجاً.
وفي أحد الأيام، وبينما كانت ريم تتبع خيوط التحقيق التي جمعتها، قادتها خطواتها إلى مكتبة قديمة في زقاق بعيد عن الأنظار. كان المكان يعج بالغبار والصمت، وكأن الزمن توقف عند عتبته. شعرت بشيء غريب يجذبها نحو رف معين، وكأن يدًا خفية أرشدتها.
سحبت كتابًا مهترئًا من بين الصفوف، وإذا بورقة صغيرة تسقط منه. كانت مكتوبة بخط يد سوهـو. لم تصدق عينيها، قلبها خفق بعنف، وارتجفت يداها وهي تقرأ:
_"إن حدث لي شيء، فابحثي عن الحقيقة في ما أخفوه عنا. لا تثقي بالجميع، حتى أقرب الناس إليك قد يكونون السبب."_
شعرت ريم وكأن الأرض اهتزت تحت قدميها. ازداد يقينها أن ما حدث لصديقتها لم يكن صدفة. هناك من خطط، من نفذ، ومن تستر. والآن، أصبح لديها الدليل الأول.
خرجت من المكتبة بخطوات سريعة، وعقلها يعج بالأسئلة. لم تعد تبحث عن الانتقام فقط، بل أصبحت تسعى لكشف شبكة معقدة من الأكاذيب. لقد بدأت رحلة خطيرة، لكنها لم تعد خائفة، كانت مستعدة للمواجهة.
عادت ريم إلى غرفتها تلك الليلة، وأغلقت الباب خلفها بإحكام، وكأنها تحاول عزل العالم عنها لتفكر. وضعت الورقة أمامها، وأعادت قراءتها مرارًا. كانت كل كلمة تنغرس في ذاكرتها مثل نصل، تعيد إشعال الجرح القديم.
بدأت تراجع وجوه من حولها... أصدقاؤها، زملاؤها، حتى أفراد عائلتها. من الذي كانت تقصده سوهـو؟ من هو "الأقرب" الذي لا يجب الوثوق به؟
جلست على الأرض وسط دفاتر قديمة، وصور، وملاحظات كانت قد جمعتها سابقًا عن الحادث. كل التفاصيل التي بدت عشوائية بدأت الآن تتخذ شكلاً جديدًا، مثل قطع أحجية تترابط ببطء.
عند منتصف الليل، اكتشفت شيئًا صغيرًا لكنه كان كافيًا ليوقظ قلبها. كانت هناك صورة قديمة تجمع سوهـو بشخص من الماضي... شخص لم تكن تعيره أي اهتمام. رجل يعمل في إحدى المؤسسات التي كانت سوهـو تتدرب فيها قبل وفاتها.
لم يكن مجرد زميل. خلف ابتسامته، كانت عيناه تحملان شيئًا لا يُطمئن.
"هذا هو الخيط الأول"، همست ريم لنفسها.
في اليوم التالي، تنكرت ريم بملابس بسيطة وتوجهت نحو ذلك المبنى القديم. كانت تعرف أن الدخول إليه ليس بالأمر السهل، لكن كان عليها أن تحاول.
وقفت أمام الباب الخلفي، وانتظرت حتى خرج أحد الموظفين، ثم تسللت إلى الداخل. قلبها ينبض بقوة، وخطواتها حذرة.
في أحد الممرات المظلمة، وجدت غرفة أرشيف مغلقة. استعملت مشبك شعرها لفتح القفل كما تعلمت من أحد الفيديوهات، وبعد لحظات، انفتح الباب بصرير خفيف.
دخلت، وبدأت تبحث بين الملفات القديمة. وفجأة، توقفت عيناها على ملف باسم سوهـو.
فتحته ببطء... وداخل الملف، وجدت ما لم تكن تتوقعه أبدا...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon