NovelToon NovelToon

آزير

الجزء الأول 1.

يوليان
يوليان
{شخصية البطل} يوليان، رجلٌ في مطلع العقد الرابع من عمره، أستاذ يُدرّس السياسة والأخلاقيات، يجمع في شخصه بين رصانة القانونيين وخفة ظلٍ لا تنكر. هادئُ الطباع، لا يُثيره شيء بسهولة، لكنه يُخفي فضولًا ناعمًا يتسلل أحيانًا إلى نظراته، فيكشف ما لا يقال. كان يؤمن بالنظام كما يؤمن الفيلسوف بمقولاته، يقدّس الحواجز الأخلاقية، ويُعلي من شأن القواعد والضوابط، حتى إذا وقعت عيناه عليها — تلك الطالبة التي جاءت كالسؤال الصعب — بدا وكأن قانونه الداخلي بدأ يتصدّع بصمت. انفصل عن حبيبته السابقة بعد علاقة شائكة، كثر فيها الشدّ والانكسار، وخرج منها برؤية حادة للحب: لا يثق به، لكنه لا يُنكره. ومنذ ذلك الحين، صار أكثر احتياطًا... وأكثر خطرًا. يمتلك حضورًا آسرًا يفرض به هيبته بين طلبته، سيطرته كاملة، صوته نادرًا ما يرتفع، لكن كل حرف فيه يُنصت إليه. جسده المتمرن يعكس حياةً لا تعرف الكسل، ونشاطه الذهني لا يقلّ احتدامًا عن حركة عضلاته. معها، كان استثناءً يمشي على قدمين. وضع لها قوانين صارمة، ألزمها بها حرفًا حرفًا... لكنّه، في خلواته، ينهار أمام اقترابها، يُحارب نفسه ألا يلمسها، ثم يخسر. يُحبها بلا شروط، لكنه يخاف عليها من مجتمع لا يرحم ولا يفهم. يهمس لها أحيانًا وهو بين المزاح والجدّ: "كوني طالبةً في العلن، لكن إيّاكِ أن تتصرّفي كطالبةٍ في الخفاء." لا يُحب اللمس، جسده لا يألف العشوائية... إلا معها، فهو يُدرك تمامًا أن كل نقطة تماسٍ بينهما تحمل معنى أكبر من اللغة نفسها.
جول
جول
{شخصية البطلة} جُول، فتاةٌ في السابعة عشرة من عمرها، طالبةٌ في الصفّ التاسع، تُعرف بنباهتها واجتهادها اللافت، لا تحيد ببصرها عن حلمٍ سكن قلبها منذ الصغر: أن تُصبح قاضية تُنصِف المظلوم وتضع الحقّ في موضعه. تعمل بكدّ لا يعرف الكلل، تسابق نفسها لتكون الأفضل، وقلّما تُهزم، فهي — في نظر الجميع — الفتاة التي لا يُدرك سقفها. محبوبةٌ من جميع أساتذتها، يعاملونها كما لو كانت زميلةً أصغر لا مجرّد تلميذة، لسعة فكرها ورجاحة منطقها. تسلك دروب الكبار بعقلٍ يفوق سِنّها، تتحدث بثقة، تناقش بعمق، وتفكّر بترتيبٍ يدلّ على نضجٍ لم يُعطَ إلا للقليل. شخصيّتها مزيجٌ من القوة والهدوء؛ لا ترفع صوتها إلا حينما يستدعي الأمر، لكنها تُظهر شدّتها في نظراتها، وفي الطريقة التي تختار بها كلماتها. تحبّ الحديث الطويل، لكنها لا تهبّه لأيّ أحد... فقط من يسكن قلبها أو يلامس عقلها. أستاذها المقرّب والأقرب، كان دينيس — المعروف بين الجميع بـ "يوليان" — أستاذ السياسة، الألمانية والأخلاقيات. كثيرًا ما كانت تُجادله في النقاشات الصفّيّة، تطرح الأسئلة الحادة، وتُلقي بالقضايا المعقّدة كما لو أنها مُهيأة للمنصة القضائية منذ الآن. كان يراها مختلفة... يراها "نمبر وان" بلا تردد، فتاة تفعل كلّ شيء بنفسها، وتُتقنه. جسدها رشيقٌ منحوت، تقف بثقة تُشبه من اعتادت أن يُنظر إليها بإعجاب. ملامح وجهها هادئة كسماء ما قبل المطر، رموشها طويلة تُظلل عينيها الزرقاوين... لكن لون عينيها لم يكن كأيّ زرقة، بل فيهما بُعدٌ يتبدّل تحت الضوء، كأنهما مرآة لعالمٍ آخر، وكان دينيس، كلّما نظر فيهما، أضاع المعنى والتفسير. شعرها البندقيّ، سرَحٌ مموج، يميل إلى البرتقالي حين يمرّ عليه ضوء الشمس، كأن النهار ذاته قد انعكس فيه. ورغم صِغَر سنّها، فقد اختارت — بعد حديثٍ طويل عن القواعد، والحدود، والصدق — أن تمنحه قلبها، لا كزوجٍ اقتحم حياتها، بل كمعلمٍ صادق، أحبّها بصبر، ووقف عند تخوّفها لا يضغط، بل يُقنع. لكن قلبها ظلّ يخفق على عتبة الحذر. تحبّه حبّ الطالبة لمعلّمها، من يمنحها الأمان، ويُجيد الإنصات لصمتها. لا تراه غريبًا، لكنّها لم تر فيه يومًا الزوج بمعناه المعتاد؛ بل شخصًا تسلّل إلى قلبها دون أن يستأذن، واستوطنه دون قتال. كانت تمنعه من لمسها، تصدّه كلّما اقترب، لا خوفًا منه، بل من نفسها... أحيانًا، تُفكّر بالطلاق — كأيّ فكرة تخطر في هدوء العقل — لكنّها حين تتأمّل الوقت الذي جمعها به، وما أنبتته تلك العلاقة من لحظات ناعمة وصراعات داخلية، تنسى كلّ شيء، وتعود لذاتها. فهي لا تُجيد الكراهية، ولا النسيان. وجُول... حين تُحبّ، تُحبّ للأبد.
(انا)
(انا)
استيقظت ذات صباح على صوت يوليان وهو يجفف شعره. كانت الساعة الخامسة فجراً. نهضت مذعورة من نومي.
جول
جول
"لماذا أيقظتني في هذا الوقت المبكر؟"
يوليان
يوليان
"انهضي، يجب أن نذهب إلى المدرسة!"
جول
جول
"أعلم، ولكن لا يزال الوقت مبكراً. ألم تنظر إلى الساعة؟"
يوليان
يوليان
"بلى، ولكن هيا، اذهبي للاستحمام بينما أُعدّ الفطور!"
(انا)
(انا)
انتظرتُ حتى خرج يوليان، ثم عدتُ إلى سريري.
بعد خمس عشرة دقيقة، طرق يوليان الباب ثم دخل دون أن ينتظر إذناً. نظر حوله، فرآني لا أزال نائمة على السرير.
كان الصمت الصباحي في الغرفة مريحاً، إلا أن شيئاً ما كان يلوح في الأجواء، كأنها نغمة خفية من توتر خفيف، ممزوجة بحنانٍ غير مُستكشف في صباح مشترك. لم يستطع يوليان أن يمنع نفسه من التوقف لحظة، يتأمل سكوني المسالم.
(انا)
(انا)
تركَني نائمة وذهب إلى المطبخ. تناول فطوره، ثم أعدّ لنفسه قهوة بسيطة في ترمسٍ صغير، وحمل حقيبته. وبعد أن أخذ مفاتيح السيارة، انطلق متوجهاً إلى المدرسة.
(انا)
(انا)
بعد ساعة، استيقظت جول وقد مدت ذراعيها في كسل. لاحظت أن المنزل أكثر هدوءاً مما ينبغي. نظرت إلى الساعة، فوجدتها تشير إلى السادسة وثلاث وأربعين دقيقة، وأدركت حينها أنها تأخرت عن المدرسة.
(انا)
(انا)
أسرعت إلى الحمام، وبعد خمس دقائق خرجت وقد غسلت وجهها وفرّشت أسنانها. توجهت إلى الخزانة، فاختارت بنطالاً أزرقَ فاتحاً، وقميصاً أسودَ ضيقاً، ثم ارتدت فوقه سترة صيفية رمادية.
(انا)
(انا)
وحين فرغت، ذهبت إلى المطبخ، فوجدت رسالة صغيرة إلى جانب صحن الإفطار:
يوليان
يوليان
"حين أوقظك في هذا الوقت المبكر، فاعلمي أن خلف الأمر شيئاً. سأعتبرك غائبة اليوم، لا تأتي إلى المدرسة. – يوليان."

الجزء الثاني 2.

(انا)
(انا)
زوجي يوليان ذو شخصية مرحة وذكية. هو هادئ، وأحياناً فضولي. شعره الأشقر المتموّج، وعيناه بلون البندق المخضرّ، يمنحانه حضوراً لافتاً. يعمل أستاذاً في المدرسة التي أدرسُ فيها أنا. تزوّجنا قبل مدّة، بعدما طلب يدي رسميّاً من أبي – لكن لم يكن هناك سوى عقد الزواج، من دون احتفال. لا أعلم لماذا وافقتُ على الزواج من أستاذي. أليس ذلك ممنوعاً؟ لا أدري.
(انا)
(انا)
كان تعامله معي دائماً لطيفاً، حتى قبل الخطبة. كنتُ دائماً أحصل على درجات ممتازة لديه، وكان يراني أذكى طالبة في الصف.
(انا)
(انا)
بيننا الكثير من القواعد التي يجب أن نلتزم بها – أو بالأحرى: يجب أن ألتزم بها أنا.
(انا)
(انا)
• ننام في غرف منفصلة، حتى نكون كلاهما مستعدّين لتغيير ذلك. • الطبخ: من الأحد إلى الأربعاء – يوليان، ومن الخميس إلى السبت – أنا. • الدراسة المشتركة يومياً على الطاولة. • يُمنع طرح أي سؤال يتعلق بالاختبارات أو المواضيع المدرسية. • يُمنع تناول الكحول. • الصراخ أو العنف أو الصمت التام محظور تماماً. تُحلّ الخلافات باحترام وبطريقة متحضّرة. • لا يجوز إدخال العائلة أو الأصدقاء في أي خلاف خاص، إلا بموافقة الطرفين.
(انا)
(انا)
كان يوليان يسمّي هذه القواعد "دستورنا" – بدا ذلك مبالغاً فيه، لكنه كان من طبعه. كنت أشعر في البداية وكأنني أعيش في دولة صغيرة، هو رئيسها وقاضيها ومشرّعها في آن. وقد وجدتُ في تلك القوانين شيئاً جميلاً في بادئ الأمر، ربما لأنها منحتني شعوراً بالأمان. لكن مع الوقت، صار كل بند من بنودها كالسلسلة: مصقولة، لكنها ثقيلة.
(انا)
(انا)
هناك الكثير من القواعد كهذه... ولم أعد أحتملها شيئاً فشيئاً.
في المساء، وتحديداً عند الساعة الرابعة وستٍّ وأربعين دقيقة، فُتح باب المنزل. عاد يوليان إلى البيت بعد أن أوقف سيارته في الموقف أمامه. أغلق الباب خلفه، خلع حذاءه ومعطفه. كان يرتدي قميصاً رمادياً بنصف كم، وسروالاً أسود فضفاضاً. انبعث من المطبخ ضجيجٌ غير مألوف، أعلى من المعتاد في مثل هذه الظهيرة الهادئة.
رفع حاجبه باستغراب. كانت هذه أول مرة، منذ اعتماد "دستور المنزل" قبل ثلاثة أشهر، تدخل فيها جول المطبخ طوعاً. اقترب بصمت من باب المطبخ، وتوقف هناك. كانت تقف وظهرها إليه، تدندن وتتمتم بكلمات بدت واضحة النبرة ومشحونة بالضيق.
جول
جول
"تباً لهذا الخضار... لا يُقطع! قاسٍ مثله تماماً! والآن سيأتي مجدداً بجملته: (حين أوقظك باكراً، فاعلمي أن خلف الأمر شيئاً)... تافه."
ابتسم يوليان ابتسامة مائلة لم يستطع كتمها. اقترب بهدوء من خلفها، وراح يراقب هيئتها النحيلة – قصيرة، رقيقة، لكن مفعمة بالحيوية. ثم وخزها بخفة في جانبها بإصبعه على سبيل المزاح.
استدارت بفزع، والسكين لا تزال في يدها – وتصلّبت حين أبصرت وجهه.
جول
جول
"ي-يوليان؟! منذ متى... وأنت واقف هنا؟"
جول
جول
"ليس منذ وقت طويل." أجاب بصوت هادئ. "ماذا تفعلين؟"

الجزء الثالث 3.

يوليان
يوليان
"ليس منذ وقت طويل." أجاب بصوت هادئ. "ماذا تفعلين؟"
جول
جول
"سلطة!"
يوليان
يوليان
"فقط سلطة؟"
جول
جول
"عفواً !!! لست طاهية محترفة مثلك. في بيت والدي، لم يكن هناك سوى السلطة!"
يوليان
يوليان
ضحك بخفة. "اهدئي، لم أقل شيئاً."
جول
جول
برمزية مبالغ فيها، أسقطت ما بيدها، وذهبت إلى الرف الأيمن، أخرجت بضع قطع من البسكويت، ورمَتها على الطاولة. "اطبخ أنت! طعامك أطيب. ألستَ أنت رئيس الطهاة هنا؟"
يوليان
يوليان
"كنتُ أرجو أن تطبخي اليوم..." قال وهو يبتسم، ثم جَدَّ في نبرته. "اجلسي من فضلك، أريد أن أتحدث معك."
تأوّهت تمثيلاً للضيق، ورفعت عينيها إلى الأعلى، ثم جلست.
جول
جول
"هل ستوبّخني الآن لأني تأخرت في الاستيقاظ؟"
يوليان
يوليان
"هذا أيضاً... لكن هناك أمر آخر."
سكن الجو برهة، وتحوّلت الأجواء بينهما – أصبحت أكثر كثافة، أكثر جدية. شعرت بذلك مباشرة. ثمة شيء في الهواء، لا يمكن كتمه بنكتة أو تعليق ساخر.
يوليان
يوليان
أدار يوليان موقد الغاز ببطء وهدوء، ثم تابع: "والدك اتصل بي اليوم. قال إنك لم تذهبي لدروس الدعم منذ ثلاثة أشهر. لم تخبريني يوماً أنك كنتِ تأخذين دروساً خصوصية؟"

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon