في تلك الصبيحة الباردة، حيث الثلج يغطي أرض الغابة البريطانية كبطانية ناصعة، وقف جيمس عند تخوم الغابة يُصفّر بأصابعه وينفث أنفاسًا تتراقص في الهواء كدخان صغير من مدفأة قديمة. يرتدي معطفًا ثقيلًا، وقبعته الشتوية تغطي نصف حاجبيه، وهو يتمطّى ويتأفف كمن ينتظر فيلم أكشن تأخر عرضه.
وفجأة، وبنغمة درامية كما لو أنّ الحياة قررت أن تبدأ التحدي... شقّ الثلج صوت خطوات سريعة، ليظهر ريان وليو، والكلب بلو يقفز كالمجنون بينهما، يلهث كأنه هو من بدأ المغامرة أولًا. قال جيمس بابتسامة جانبية:
"أهلًا بالفرسان! مستعدان لمطاردة غزالة المملكة المنقطة؟ جهّزوا البنادق، فاللعبة بدأت!"
ضحك ريان وهو يشدّ قفازاته الجلدية: "أنا مستعد لأدخل التاريخ، لا أحد سيهزمني اليوم!"
بينما ليو ربت على رأس بلو وقال بلهجة متحدية: "أنا وبلو فريق لا يُقهر، انظروا جيدًا... النار ستكون ناري."
هزّ جيمس رأسه وقال: "حسنًا، كما اتفقنا، من يصطاد الغزالة أولًا، يشعل نارًا... وليأتِ الآخران مهرولين إليه."
ثم افترق الثلاثة كأبطال في لعبة فيديو، كلٌّ يسلك دربًا مختلفًا وسط الأشجار العارية، والثلج يتكسر تحت أقدامهم مثل بسكويت هشّ.
ليو كان أكثرهم اندفاعًا، انطلق بخطى واسعة، وبلو يركض أمامه ويشمّ الأرض بجنون. عيناه تقدحان شرر الحماس، ووجهه يحمل مزيجًا بين التركيز والجنون اللذيذ.
الغابة من حوله صامتة كأنها تراقبهم... والثلج يسجل آثارهم كصفحة بيضاء تنتظر كتابة الأسطورة.
هل سيجدون غزالة المملكة المنقطة؟ أم ستكون مجرد خرافة يرددها الشباب حول نار باردة؟
المشهد بدأ... ومن يدرِ كيف سينتهي؟
كانت الأشجار الكثيفة تلتف حول ليو وبلو كأنها تحاول ابتلاعهما. الغروب بدأ يسدل ستار الظلام البنفسجي على الغابة، والوقت يتآكل مثل شمعة تحترق بسرعة جنونية. الهواء صار أكثر برودة، وصوت الريح يصفّر بين الأغصان وكأنه يهمس بأسرار لا يجب سماعها.
ليو كان يسير بخطى حذرة، يتلفّت حوله، وكل شيء ساكن... حتى بدأ بلو، الصديق المخلص، بالنباح فجأة! نباحه لم يكن عاديًا، بل كان غاضبًا، قلقًا... وكأن شيئًا ما اقترب.
صرخ ليو وهو يدنو منه: "بلو! ما بك؟ ما الذي تراه؟ لا شيء هناك!"
لكن الكلب لم يهدأ، بل انطلق يجري فجأة، بسرعة جنونية وكأنه يطارد شبحًا!
ركض ليو خلفه وهو يتعثر بالثلج: "بلو! توقف! إنتظرني! ما الذي يحدث بحق الجحيم؟!"
لم يكن يدري أن خطاه كانت تبتعد أكثر فأكثر عن الطريق، عن النور، عن الأمان... حتى ابتلعه عمق الغابة تمامًا. الأشجار من حوله أصبحت أكثر كثافة، كأنها تتآمر عليه. لا إشارات، لا أصوات بشرية... فقط نباح، ثلج، وظلام يزحف.
في تلك الأثناء، عند السيارة المتجمدة التي تنتظرهم ككلبٍ مخلص، وقف جيمس ورايان ينظران للساعة للمرة العاشرة. الشمس اختفت، ولم يظهر ليو.
قال ريان وهو يحدق في الأشجار المظلمة: "تبا... تأخر كثيرًا."
جيمس حدّق في هاتفه وهزّه بيده كالمجنون: "لا توجد تغطية... اللعنة!"
"علينا أن نعود ونبحث عنه! هذا جنون!" صرخ ريان، وهو يمسك بمصباحه ويبدأ في التحرك.
رد جيمس بعينين متوتّرتين: "إذا لم نتحرّك الآن... ربما لن نراه أبدًا."
الغابة باتت مكانًا آخر. لم تعد مجرد مغامرة بين أصدقاء... بل أصبحت مسرحًا لرعب خفي، حيث الوقت عدو، والظلام سيد، والكلب وحده يعرف الطريق.
الظلام كان قد ابتلع الغابة بالكامل، وصوت الريح يزأر بين الأغصان وكأنه تنفّس مخلوق غاضب. بدأ ريان يتحرّك بخطى متسارعة، يده تمسك بمصباح صغير يرقص ضوؤه فوق الثلج، بينما جيمس كان يراقب الأشجار كأنها ستنقضّ عليه في أي لحظة.
قال ريان بنبرة متوترة وهو ينظر لجيمس: "فلنبقَ معًا، لا نريد أن نكون اثنين من المفقودين الليلة."
هز جيمس رأسه، وقال بوجه متجهم: "معك حق، لا وقت للبطولة الغبية الآن."
ثم بدأ كلاهما بالصراخ، صوتهما يخترق الصمت الثقيل:
"ليووو! أين أنت يا مجنون؟!"
"ليو، إن كانت مزحة... فسوف ندفنك حيًا!"
"كفى عبثًا، عد الآن!"
لكن لا مجيب... لا حركة... لا صوت... فقط طنين الصمت وضربات القلب التي بدأت تتسارع.
أطلق ريان زفرة طويلة وقال: "فلنشعل نارًا... ربما يراها من بعيد، أو حتى يسمعنا."
نظر إليه جيمس بعينين متوترتين وقال: "فكرة ممتازة يا صاحبي، نحتاج لأي شيء يدلنا أو يدله."
وبدأ جيمس يجمع الحطب، وهو يتلفّت وكأنه ينتظر أن يقفز شيء من الظلام. يده ترتجف قليلًا لكنه يحاول أن يبدو متماسكًا. ريان أشعل ولاعته، واللهب الصغيرة بدأت تأكل أطراف الحطب ببطء، ثم فجأة... اندلعت النار كأنها أنفاس تنين استيقظ للتو.
الدفء بدأ يزحف نحو جسديهما، لكن القلق لم يفارق العيون.
جلسا قرب النار، ينظران نحو السواد الممتد أمامهما، بينما اللهب يتراقص كأشباح صغيرة، والصمت يزداد ثقلاً.
قال جيمس بصوت خافت: "إن لم يأتِ خلال نصف ساعة... سندخل للبحث عنه."
هز ريان رأسه، عينه معلّقة بالظلال: "أرجوك، كن بخير يا ليو... فقط كن بخير."
يتبع...........
اذا احببتم القصة علقو لاستمر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon