الموسم الأول
الفصل الأول: الفراق
عاشت جوفينا، التي كانت تبلغ السادسة من العمر، مع والديها اللطيفين اللذين يحبانها أكثر من أي شيء آخر. كانوا يعيشون في قرية صغيرة اسمها "
'قرية الياقوت'، حيث لم تصل إليهم بعد الظاهرة المدعوة [تغير الطباع]، لذلك كانوا يعيشون في سعادة.
لكن للأسف، لم يشأ القدر أن تدوم سعادة جوفينا طويلاً.
في أحد الأيام، بينما كانوا مجتمعين في منزلهم يستمتعون بجو أُسَرِيٍّ سعيد، سمعوا صوت طرقات على باب المنزل. توجه والدها ليفتح الباب، فوجد أن الطارق هو أحد أصدقائه الذين يعملون معه في فرقة البحث. كان والدا جوفينا عضوين في فرقة بحث لم تيأس بعد من إيجاد سبب تلك الظاهرة.
رحب أليكس بزميله:
"أهلاً بك، تفضل بالدخول يا ماركو."
ابتسم ماركو وأجاب:
"شكراً لدعوتك، ولكنني هنا فقط لتسليمك رسالة من الرئاسة."
تبدلت ملامح وجه أليكس وأصبحت أكثر جدية:
"من الرئاسة!؟ هل هي مهمة جديدة للتحقيق في أمر الظاهرة؟"
أومأ ماركو برأسه:
"نعم، إنها كذلك. هناك مكان مشبوه نحتاج إلى التحقق منه، ولكن..."
قال ذلك بنبرة غريبة ومحبطة بعض الشيء، لاحظها أليكس، فسأل:
"هل هي مهمة خطيرة؟ يبدو هذا واضحاً من طريقة كلامك."
تنهد ماركو بعمق وإحباط:
"معك حق. المكان الذي يجب أن نذهب إليه هو مكان مهجور، لا أحد يعرف ما يخبئه ذلك المكان. يقولون إنه لم يعد أحد منه سابقاً. لذا هناك فقط متطوعون قليلون لهذه المهمة. سوف نقدر لك إذا رفضت الذهاب أنت والسيدة لوريا."
لوريا، التي جاءت لترى من الطارق بعد أن تأخر أليكس، سمعت كل حديثهما بالصدفة. خرجت إليهما بخطوات هادئة، نظرت إلى أليكس قليلاً ثم وجّهت نظرها نحو ماركو:
"لا يمكننا التراجع الآن. لقد كرسنا حياتنا لإيجاد سبب تلك الظاهرة. الحكومة أعلنت أنها شيء طبيعي يجب التعايش معه، لكنني أرى أن وضع العالم يصبح أسوأ يوماً بعد يوم. لذا، أنا مستعدة للذهاب."
نظر ماركو إلى لوريا بصدمة:
"أمتأكدة؟"
أجابت بثقة:
"نعم."
تقدم أليكس نحوها ووضع يده على كتفها ثم ابتسم وقال:
"أنا سأذهب أيضاً. لن أترك زوجتي وحدها، كما أن حلمها هو حلمي أيضاً."
ابتسم ماركو لهما:
"أنتما شجاعان كالعادة... إذاً، سوف ننتظركما، تعاليا إلى المقر بعد يومين."
أومآ برأسيهما:
"سنكون هناك في الموعد."
غادر ماركو بعد وداع قصير، وظل أليكس ولوريا واقفين عند الباب يراقبان ماركو وهو يبتعد دون أن ينطقا بكلمة، حتى خرجت جوفينا من المنزل:
"ماما، بابا، من كان هذا؟"
ابتسم أليكس، ثم أمسكها وحملها على كتفيه:
"إنه صديق لبابا... هيا دعينا ندخل الآن، ألستِ جائعة؟"
أجابت بحماس:
"نعم، كثيراً."
في الليل، عندما نامت جوفينا، وقف أليكس ولوريا بجانب سريرها، ينظران إليها بحب وهي نائمة بسكينة كالملاك. قالت لوريا وهي تنظر إلى جوفينا بحنان:
"أصعب شيء هو مفارقة طفلتنا العزيزة. سيكون الأمر صعباً علينا وعليها."
اقترب أليكس من لوريا وعانقها:
"لا تقلقي يا عزيزتي. جوفينا سوف تفهم الأمر عندما تكبر. أنا متأكد من أنها ستحمل نفس حلمنا، إنها طفلتنا في النهاية."
ابتسمت لوريا وردت:
"نعم، معك حق."
ومر الوقت سريعاً، وجاء اليوم الذي سيغادر فيه أليكس ولوريا. وبما أنه ليس لديهما أقارب يعيشون بجوارهما، قرر أليكس أن يتركها عند صديق له. وقبل مغادرتهما، وقفا ليودعاها بعد أن أوصلاها إلى منزل صديقه. انحنت لوريا إلى مستوى جوفينا ومسحت على رأسها بحنان:
"عزيزتي جوفينا، نحن آسفان لتركك وحدك، لكن والديك مضطران لذلك."
بعدها تحدث أليكس بابتسامة لطيفة على وجهه:
"سنشتاق إليك كثيراً يا طفلتنا العزيزة."
تسلل الحزن إلى قلب جوفينا الصغير لأنها ستفارق والديها لمدة طويلة، ومع أنها كانت حزينة، إلا أنها حاولت السيطرة على حزنها وتداركت الأمر. قررت أن تودعهما بابتسامة تعلو محياها رغم الدموع التي تجمعت في عينيها:
"أبي... أمي... أرجو أن تعودا بسرعة، وأنا سأكون فتاة مطيعة إلى حين عودتكما."
سعد أليكس ولوريا بكلامها، فقد اطمأنا بأنها ستكون بخير، لذلك ابتسما لها وقالا:
"هذه هي ابنتنا الحبيبة. لقد أصبحت ناضجة يا عزيزتي. نحن نعدك بأننا سنحاول العودة بسرعة."
ثم أعطياها صورة تجمعهم معاً وأخبراها أن تنظر إليها كلما افتقدتهما. اقتربا منها واحتضناها للمرة الأخيرة قبل أن يغادرا.
وهكذا انطلق والدا جوفينا نحو مصير مجهول، بينما ظلت واقفة تلوح لهما بقلب حزين على فراقهما. وبينما كانا يبتعدان شيئاً فشيئاً، وقفت تراقب آثارهما المبتعدة، ولم تكن تعلم أن هذه هي آخر مرة ستراهما فيها حتى فترة طويلة، ولم تكن تعلم أيضاً أن حياتها السوداء والصعبة قد شارفت على البدء.
الموسم الأول
الفصل الثاني: الخبر الصادم
بعد مغادرة والدي جوفينا إلى المهمة، انتقلت للعيش في بيت صديق والدها "أندريك". كانت عائلته تتكون منه ومن زوجته "ديانا"، وكان لديهما ابنة تكبرها بسنتين تدعى "آيسو".
كانت جوفينا ترغب بشدة في مصادقة آيسو، لقد حلمت كثيرًا بأن يكون لديها صديقة تلعب معها. وبعد أن استقرت في الغرفة التي خصصوها لها، اتجهت فورًا للبحث عن آيسو.
وجدتها تلعب على الأرجوحة في حديقة المنزل، فركضت نحوها بحماس قائلة:
"مرحبًا، هل أنتِ آيسو؟"
انتبهت آيسو إلى جوفينا وهي تقترب، لكنها ردت بفظاظة:
"نعم، أنا هي."
لم تلقِ جوفينا بالًا لأسلوب آيسو الفظ، بل حافظت على ابتسامتها ومرحها، واقتربت أكثر لتقف بجانبها قائلة:
"أنا جوفينا. سوف أعيش معكم من اليوم."
نظرت إليها آيسو بعدم مبالاة وقالت:
"لقد علمت بالأمر."
ثم أضافت بغطرسة:
"لكن لا تنسي أن هذا بيتي. إنه ليس بيتك. والداك ذهبا وتركاك."
جوفينا الصغيرة لم تفهم تمامًا ما كانت تقصده آيسو. كانت بريئة جدًا، ولم تدرك الحقد الذي تكنه لها. كان ذلك واضحًا في عيني آيسو، المليئتين بالغيرة لسبب مجهول.
ظلت جوفينا تنظر إلى آيسو بتعجب، لم تفهم حقًا لماذا تعاملها بهذه الطريقة.
وفي تلك اللحظة جاءت ديانا، والدة آيسو، وصفقت بيديها لتلفت انتباههما قائلة:
"آيسو، هل تعرفتِ على جوفينا؟"
أدارت آيسو رأسها بعيدًا، وكان من الواضح أنها لا ترحب بوجود جوفينا، وردت بجفاء:
"نعم، لقد تعرفنا للتو."
نظرت ديانا إلى جوفينا وابتسمت ابتسامة مصطنعة وقالت:
"أرجو أن تشعري بالراحة هنا، يا عزيزتي."
ابتسمت جوفينا بلطف وردت:
"شكرًا لكِ."
في الواقع، ديانا وزوجها أندريك لم يقبلا مهمة رعاية جوفينا بدافع الخير، بل كان هدفهما استغلالها.
كان والدا جوفينا، أليكس ولوريا، أغنى شخصين في القرية، وقد تقرب أندريك من أليكس طمعًا في أمواله. إلا أن أليكس، بطبيعته اللطيفة، لم يلحظ النوايا الخبيثة لصديقه المزعوم.
مرت بضعة أيام على عيش جوفينا في منزلهم، ولم تتحسن علاقتها بآيسو بل زادت سوءًا.
آيسو كانت تغار بشدة من جوفينا، كانت تحس أنها تملك كل شيء لا تملكه هي: والدان محبان، منزل جميل، حياة مرفهة... في حين أن والديها بالكاد يهتمان بها، وكانت عائلتها تعاني من ضيق الحال.
بمرور الأيام، أخذت الغيرة تغرس أنيابها في قلب آيسو، حتى تحولت إلى كراهية وبغضاء شديدتين تجاه جوفينا، رغم أن الأخيرة لم تفعل لها شيئًا.
جوفينا كانت فتاة طيبة وبريئة، تحب الابتسام للجميع، لكنها بدأت تشعر بخيبة أمل كبيرة عندما لاحظت أن آيسو لا تعاملها بشكل جيد. ومع ذلك، تجاهلت كل تصرفات آيسو وحافظت على طيبتها.
ومرت الأشهر تلو الأخرى، دون أن يعود والدا جوفينا. طال غيابهما حتى امتد إلى سنة كاملة، وجوفينا الصغيرة، التي كانت تفتقد والديها بشدة، بدأت تشعر بالقلق العميق.
وفي أحد الأيام، لم تعد تحتمل، فذهبت لسؤال أندريك عن سبب تأخرهما.
طرقت باب مكتبه ودخلت بتردد قائلة:
"أمـم... المعذرة... العم أندريك، أريد أن أسألك عن والديّ... لقد تأخرا في العودة كثيرًا."
نظر إليها أندريك بعدم مبالاة وقال ببرود:
"أيتها الفتاة الصغيرة، انسي أمر والديك. فهما لن يعودا إلى هنا أبدًا. لقد سمعت أن الفرقة التي ينتمي إليها والداك قد اختفت وانقطعت أخبارها. لذلك من الآن فصاعدًا، اعتبري نفسك يتيمة بدون والدين."
ثم نظر إليها بابتسامة خبيثة وأضاف:
"لكن لحسن حظك، أنا رجل كريم جدًا، وسأسمح لك بالعيش هنا والعمل كخادمة. أليس هذا رائعًا؟"
وانفجر ضاحكًا بهستيرية وكأنه كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر.
وفي وسط كل هذا، كانت جوفينا تقف متجمدة في مكانها، عاجزة عن التصديق. نزل عليها الخبر كالصاعقة، رجف صوتها وهي تحاول التحدث:
"لكـ... لكـن... كيف؟ أين والداي؟"
توقف أندريك عن الضحك فجأة، ونظر إليها بنظرة قاسية وقال بحدة:
"لقد قلتُ لكِ إنهما ماتا. والداكِ لن يعودا ثانية."
ارتجفت ساقا جوفينا وشعرت أن الأرض لم تعد تحملها، سقطت على ركبتيها وقد خارت قواها، وقد تجمعت بعض الدموع في عينيها.
كانت طفلة في السابعة من عمرها تتلقى للتو خبر فقدان والديها، لا تقوى على استيعاب ما حدث.
تساقطت دموعها بغزارة، وغرقت في نوبة بكاء مريرة، ممزقة بين ألم الفقد، ووحشة الغربة، وقسوة الواقع الجديد الذي فرض عليها بقسوة لا ترحم.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon