NovelToon NovelToon

هبه والمنتقم

البداية

في ذلك المنزل الهادئ الذي تتخلله نسائم صباحية دافئة ورائحة قهوة مخلوطة ببخور، جلست خلود على أريكتها المعتادة، تلف جسدها ببطانيتها الخفيفة، تتأمل كلمات المصحف الشريف بعينين هادئتين ووجهٍ يحمل ملامح امرأة مرت بالكثير لكنها ما زالت صامدة.

فجأة، فُتح الباب بعنف نسبي، وظهرت منة، الصغيرة المشاغبة، ذات الحجاب المنزوع نصفه، وشعرها الأسود المبعثر يطل من تحته، وعيونها البنية مليئة بالحيوية:

هبه بحماس: السلاااام عليكم يا ست الكل!

خلود تغلق المصحف وتبتسم: وعليكم السلام يا روحي، جيتي يا حبيبتي؟

هبه ترمي شنطتها على الكنبة: آه يا ماما… امتحانات تالتة ثانوي خلصت! مش مصدقة! أنا رسميًا إنسانة حرة… يعني تقريبًا!

هبه بضحكة خفيفة: يعني خلاص؟ داخلة الجامعة السنة الجاية؟

هبه تتفقد أظافرها وكأنها فنانة معتزلة: أصلًا مش مصدقة إن عندي 19 سنة، لسه حاسة إني في رابعة ابتدائي… بس بمشاكل أكبر وسناكر أغلى.

تضحك خلود، تهز رأسها وتنهض لتُحضّر لها شيئًا تشربه. في الخلفية صوت الهاتف يرن.

خلود: أيوه يا بنتي… على سيرة السن، أختك سميرة جاية بكرة هي وجوزها، وأبوك عزم وفاء وخطيبها كمان.

هبه تتجمد: يا نهار أبيض… يعني حفلة عائلية رسمية؟ أنا محتاجة جدول حضور ونقطة تفتيش نفسية.

خلود: وبابا فوق بيرتاح شوية، قال مش عايز يسمع صوت خناقة النهارده.

هبه بغمزة: طيب خدى راحتك… محدش هيزعجك يا قمراية البيت.

تضحك خلود وتخرج من الغرفة، فيما هبه تستلقي على الكنبة وتغمض عينيها للحظة… قبل أن تسمع همسة غريبة من العلية فوق رأسها، وكأن أحدًا يناديها باسم ليس اسمها.

تفتح عينيها ببطء، تنظر حولها… ثم تهمس:

هبه: أوه لأ… مش وقته يا دماغي، أنا توّي مخلصة امتحانات!

وفجأة... طراااخ!

أخوها يضربها على قفاها ويجري وهو بيضحك:

"ياااا خايب! بتضربني؟ استناني!

هي تمسك رقبتها وبتصرخ:

"إييييه يا قليل الأدب! تعالالي هنا يا جبان!"

وتبدأ المطاردة.

هو بيجري في البيت، يدخل المطبخ، يستخبى ورا التلاجة، وبعدين يخرج من ناحية تانية وهو لابس كيس مخدة عالدماغ، بيقول:

"أنا خفيت خلاص، مش أنا!"

هي ماسكة الشبشب ومصممة:

"والنبي ما أنا سايباهالك! تعالى شوف إن كنت هخاف ولا لأ!"

الأم من بعيد:

"يا عيال! لو حاجة اتكسرت، والله لا أوريكم!"

الأخ يطير على الكنبة، يزحلق على السجادة، هي وراه، تزحلقوا هما الاتنين، ووقعوا فوق بعض.

ولسه بيزعقوا...

حازم مركز أوي: يا نهار أبيض... الدنيا ماشية لتحت!

فجأة حد يشد الجرنال من إيده

حازم مكشر وبيجزّ على سنانه: إنت مش ناوي تعقل بقى؟!

سليم بضحكة خفيفة: إهدى بس يا عم حازم، إنت طول النهار وشّك مقلوب! قوللي مالك؟

حازم بيتنهّد: الشغل ضغط، والبيت نكد، وحاسس إنّي مخنوق من كل اتجاه.

سليم بهدوء: ما أنا كمان مش أحسن منك... بس بجد الفضفضة بتريح، وإحنا لبعض.

يدخل "رامي" بابتسامة واسعة وكوباية عصير في إيده، وبيقعد معاهم

رامي: إيه يا جدعان؟ الجو هنا كئيب ليه كده؟ شكلكم بتعزوا حد!

حازم بضحكة باهتة: لا بنقارن مين فينا تعبان أكتر.

رامي ضاحك: بسيطة! اسمعوا بقى... امبارح العصير وقع على اللابتوب بتاعي، وكل شغلي راح... فعملت إيه؟ جبت شاورما وقعدت أكل وأنسى الدنيا!

سليم يضحك: والله إنت دواء يا رامي.

رامي: يا جماعة، الحياة مش مستاهلة الزعل ده كله... تعالوا نتمشى شوية، نغير جو، نضحك... يمكن تحسوا إن الدنيا مش سودة أوي.

حازم: يمكن عندك حق... ماشي، نجرب نضحك شوية بدل النكد.

رامي وهو بيشاور عالباب: يلا بينا قبل ما أنا نفسي أكتئب منكم!

أكيد، يا فندم! إليك النص بعد تحويله للعامية المصرية، مع الحفاظ على روح الألفة وتباين الشخصيات:

في ليلة هادية من ليالي الشتا، كانت العيلة قاعدة حوالين الدفاية. الجو برّة برد، بس جوا القلوب دفا. الضحك والدردشة ما بين الكبير والصغير، والكل بيحس إن اللحظة دي أغلى من أي حاجة في الدنيا.

الأب قاعد ساكت شوية، بيبص لهم وهو مبتسم كده من قلبه.

الأم رايحة جاية، توزع صينية الكنافة وأكواب الشاي، وبكل حركة بتحسسهم بحنيتها.

سعيد، الكبير، بيتكلم عن شغله، باين عليه القلق بس بيحاول يبقى خفيف.

لمياء، أختهم اللي دايمًا دمّها خفيف، بترد على سعيد وتضحك الكل.

نور الصغيرة قاعدة بتلعب، بس ودنها معاهم ووشها كله فرحة.

خالد ابن العم، شكله مش في المود، ساكت بس مش غايب.

سعيد: "يا جماعة، مديرى النهارده بيقولي: إنت بتضحك كتير ليه؟ قولتله: عشان لما بقعد مع العيلة، بنضحك للصبح!"

لمياء: "مديرك ده محتاج يقعد معانا يومين، هنفكّه!"

الأم تضحك: "يا سلام! ده لو داق شاي النعناع بتاعي هينسى اسمه!"

خالد بصوت واطي: "مش كل الناس محظوظة بقعدة زي دي... حتى وسط أهلهم."

سعيد يبصله بحنية: "وأنت معانا، يا خالد... إنت مننا وفينا."

الأب يرفع عينه ويقول: "العيلة مش بس دم... العيلة حبّ وسند، تلاقيها في نظرة أو كلمة."

نور بحماس: "يعني خالد أخونا بجد؟"

لمياء تضحك: "يا بنتي ده من زمان، بس إنتي لسه واخدة بالك؟"

البارت الثاني

بعد الضحك والهزار، ساد لحظة صمت خفيف...

خالد فجأة قال:

"أنا يمكن ما اتكلمتش قبل كده... بس كنت فاكر إني طول عمري ضيف وسطكم... يمكن عشان أبوي وأمي اتوفوا وأنا صغير، وأنا اتربيت عندكم، بس دايمًا كنت حاسس إني زيادة."

سعيد بسرعة رد عليه:

"قول كده تاني وهزعل منك بجد! إحنا اتربينا سوا، ولعبنا سوا، وعيطنا سوا... إنت أخويا يا خالد، بالقلب مش بالظروف."

الأم قامت وراحت له، حطت إيدها على راسه وقالت:

"أنا عمرى ما فرّقت بينكم، كنت دايمًا بدعيلكم سوا، وبخاف عليكم زي بعض... إنت ابني زيهُم."

لمياء بعينها دمعة بس بتحاول تضحك:

"وإنت فاكر أنا كنت بسكّتك ليه لما نتحايل على ماما علشان نخرج؟ مش لأنك أخويا؟"

نور قامت من مكانها، وجريت عليه:

"خالد، تعالى نلعب أنا وانت، زي زمااان!"

الأب قال بهدوء:

"البيت ده بيتك يا ابني... وأنت فيه مش ضيف، ده أنت أساس."

لحظة صمت... وبعدين ضحكة خفيفة من خالد

خالد: "هو أنا كنت محتاج اللحظة دي من زمان... بس الحمد لله إنها حصلت."

سعيد: "وطول ما إحنا مع بعض... مفيش حد لوحده أبداً."

الدفاية كانت شغالة، بس الدفا الحقيقي كان من الكلام اللي طلع من القلب... العيلة دي يمكن مش كاملة الا باللمه والجمعه الحلوة.

هبة وهي بتضحك وبتكلم صاحبتها في التليفون:

يا بنتي ما تقوليش كده، أنا أصلاً مش عارفة أتعامل مع الناس اللي بالشكل ده!

مي:

بس والله يا هبة الطريقة اللي اتكلمتي بيها معاه كانت جامدة… إنتي شوية وهتبقي دبلوماسية معتمدة!

هبة (فجأة تسكت وتبص في المراية):

استني… استني كده ثانية…

مي:

في إيه؟ مالك سكتتي كده ليه؟

هبة (بتكتم ضحكتها):

أنا شايفة صورة أخويا في المراية… واقف ورايا… وعامل نفسه شبح!

مي (تضحك):

إيه؟! إنتي بتتكلمي بجد؟!

هبة بصوت عالي:مالك يا معتز؟ ناقصك دور في فيلم رعب؟ يابني مش قولنا بلاش الهزار ده؟!

معتز من وراها وهو بيضحك:أصل كنت سامعك بتقولي كلام تقيل… قولت أخوفك يمكن تبطلي غلاسة!

هبة وهي ترمي عليه المخدة:يا ابن اللذينة! هتجبلي جلطة في يوم من الأيام… والله ما سايبة لك حاجة في التلاجة!

مي على السماعة:يا نهار أبيض… ده معتز طالع موهوب فـ التمثيل!

هبة:موهوب في الهزار التقيل بس… تعالى شوفي لما أقفله الباب بالمفتاح!

زاهر يدخل البيت وهو منفعل، عينيه مولعة غضب، ويمسك هبة من شعرها ويشدها ناحية الصالةزاهر بصوت عالي: والله عال! هو أنا سايبك هنا قاعدة مرتاحة عشان تعملي اللي على مزاجك؟!

هبة بتحاول تبعد إيده: إنت بتوجعني يا زاهر! سبني!

زاهر: أوجعك؟ ده أنا لسه ما بدأتش! انتي فاكرة إني بهزر؟ الشاب اللي قلتلك عليه هتقابليه!

هبة بصوت مهزوز: لأ.. لأ مش هقدر أعمل كده، دي سرقة يا زاهر!

زاهر يضربها على وشها: اسكتي! تعملي اللي أقولك عليه بالحرف، فاهمة؟ مش طالبة رأيك!

هبة دموعها نازلة: حرام عليك.. أنا أختك.

زاهر بغل: أختي؟! أختي تسمع الكلام، مش تعندني! الشاب ده غبي وهيصدقك، هتقابليه وتخدعيه وتجيبي اللي وراه وقدامه.. فاهمة؟

هبة بصوت خافت: وأنا لو اتفضحت؟ لو حصللي حاجة؟

زاهر: مش فارقلي! اللي يهمني الفلوس، ولازم نجيبها بأي تمن. وابتدي جهزي نفسك، المقابلة بكرة.

تمام، نكمّل المشهد ونصعّد التوتر شوية، وندخل على اللحظة اللي هبة بتبدأ تفكر فيها إزاي تهرب من اللي بيحصل، لكن في نفس الوقت خايفة:

هبة قاعدة في أوضتها بعد ما زاهر خرج سابها، ودموعها لسه على خدها، بتبص في المراية وبتلمس أثر الضربة.

هبة لنفسها: لحد إمتى هفضل كده؟ هو أنا لعبة في إيده؟

تنهيدة طويلة وهي بتقوم وتفتح درج الكومودينو تدور على تليفونها هبة بصوت واطي: لازم ألاقي حد يساعدني... بس مين؟ ماحدش عايز يزعل زاهر، كله بيخاف منه.

فجأة باب الأوضة بيتفتح بعنف، زاهر داخل تاني

زاهر: نسيتي أقولك، الشاب اسمه كريم، وهيقابلك في الكافيه اللي في أول الشارع الساعة 5 بكرة.

هبة: ولو ما رحتش؟

زاهر بيضحك بس ببرود: تبقي بتكتبي نهايتك بإيدك.

زاهر يخرج، وهبة تنهار على السرير، تحضن نفسها وهي بترتعش، وقاعدة على طرف السرير، عينيها شاردة، ولسه صوت زاهر بيرن في ودنها. فجأة، تسمع صوت ناعم ومتردد جاي من التليفون اللي نسيته جنبها على المرتبة

مي من السماعة بصوت خافت ومذعور: هبة... إنتي كويسة؟

هبة بتنتفض: مي؟! إنتي سمعتي؟!

مي: كل حاجة... كنت بتكلمك ولسه الخط مفتوح، و... سمعت صوته وهو بيزعق فيكي. كنت هتجنن!

هبة بتحاول تكتم شهقتها: مي... أنا مش قادرة، مش قادرة أعيش كده.

مي: إهدي، إهدي بس. أنا معاكي، وهطلعلك حالًا.

هبة بتهمس: لأ، مي، متجيش دلوقتي، لو شافك ممكن يحصل لك حاجة.

مي بإصرار: خلاص، مش هسكت. هنتصرف. إنتي لازم تطلعي من تحت إيده.

لحظة صمت هبة بصوت ضعيف: هو عايزني أروح أقابل كريم بكرة، وأسرقه...

مي: سمعته. ودي فرصتنا. هنقلبها عليه.

هبة بهمس: إزاي؟

مي: هقولك، بس لازم نخطط كويس... ومحتاجين نفكر بهدوء أكلمك بعدين باي فاغلقت الهاتف.

في الطابق العاشر من مبنى الزجاج العاكس، كان مكتب قسم التسويق يعج بالحركة كخلية نحل. هواتف ترنّ، أقدام تتنقل بسرعة، طابعات تئنّ، وصوت الكيبوردات لا يتوقف كأوركسترا فوضوية تُعزف بإيقاع الضغط.

كريم جالس وسط كل هذا الزخم، رأسه بين يديه، يراجع العرض للمرة العاشرة خلال ساعة واحدة. علبة المناديل بجانبه شبه فارغة، وكوب القهوة الرابع بلا طعم. خلفه، ليلى تصرخ عبر الهاتف:

"لا، لا نريد عرضًا تقليديًا! نريد شيئًا يترك أثرًا!"

وإلى يساره، سامي يتبادل نظرات غامضة مع رامي، الذي يقف وملف كريم بين يديه، يتجه بخطى واثقة نحو مكتب المدير.

المكيفات تهمس، والأنوار البيضاء تنعكس على وجوه مرهقة، لكن مشتعلة بالطموح.

وسط كل هذه الحيوية، ينبض التوتر بين الموظفين كتيار خفي. كلٌ يسعى ليثبت أنه الأجدر، الأذكى، الأحقّ بالصعود. الترقيات باتت حديث الممرات، والابتسامات تخفي وراءها حسابات دقيقة.

في هذا الجو النشيط، حيث يبدو الجميع مشغولًا ومندمجًا، تبدأ المنافسة تأخذ طابعًا خفيًا:

من يُسلّم العرض الأفضل؟ من لديه الأفكار الأكثر ابتكارًا؟ ومن يستطيع كسب ثقة المدير في هذه البيئة المحتدمة؟

كريم، المبدع الهادئ، يجد نفسه وسط هذه المعركة غير المعلنة، حيث لا تُكافأ الجهود بل يُكافأ الظهور. بينما يعمل بإخلاص، يكتشف تدريجيًا أن البعض يستخدم نشاط المكتب كغطاء لسرقة الأفكار، والتسلّق على أكتاف غيرهم.

بينما كان الجميع غارقًا في العروض التقديمية والاجتماعات المصغّرة، رنّ جرس الاستقبال بنغمة مختلفة. رفع كريم رأسه ببطء من فوق شاشة حاسوبه، وشاهد السكرتيرة تدخل المكتب بخطى متسارعة.

قالت بصوتٍ خافت لكنه واضح:

"اجتماع طارئ في قاعة الاجتماعات الكبرى… فورًا. كل مدراء الأقسام، وخصوصًا فريق التسويق."

الجميع توقف لحظة، وكأن دقّات قلوبهم سُمعت بوضوح في الصمت المفاجئ. تبادل يوسف ونورا زميلته في فريق التصميم نظرةً قلقة، بينما همّ الجميع بجمع دفاترهم والاتجاه نحو القاعة.

في الداخل، كان المدير التنفيذي واقفًا بجانب رجل ببدلة داكنة وابتسامة باردة.

"اسمحوا لي أن أقدّم السيد باسل رفاعي، المدير التنفيذي لشركة فيوجن ميديا، أحد أبرز منافسينا في السوق."

همسات مكتومة. وجوه متجهمة.

"الشركتان... بصدد دراسة اتفاقية دمج استراتيجي. ولإتمام ذلك، سيُطلب من فرق التسويق في كلا الجانبين تقديم عرض مشترك لمشروع مناقصة ضخمة أمام مستثمرين دوليين. التعاون سيكون اختبارًا... واختيارًا."

التوتر ينتقل من داخل الشركة إلى داخل القلوب.

كريم، الذي كان بالكاد يحارب زملاءه للوصول، الآن عليه أن يعمل مع فريق غريب، وربما مع رامي خصمه اللدود جنبًا إلى جنب. هل سيحسن استغلال الفرصة لإثبات نفسه؟ أم سيخسر كل شيء لصالح منافس خارجي يملك الحنكة والخبرة؟

رامي قد يتظاهر بالتعاون بينما يخطط للإطاحة بالجميع.

ليلى قد تكشف عن وجه آخر لها وتبرز كقائدة.

كريم يجد في باسل مرآة لما يمكن أن يصبح عليه… لو تخلى عن مبادئه.

في مطعم بوسط البلد كان كريم جالس على كرسي، متوتر قليلًا. وتدخل هبة بخطى واثقة.

كريم واقف بتحفظ:أهلًا.

هبة بابتسامة خفيفة، وبتقعد بهدوء:أهلًا بيك.

كريم بدهشة خفيفة:ما توقعتش تيجي.

هبة بصوت ثابت:ليه؟ شكلِي من النوع اللي بيهرب؟

كريم بيحاول يقرأها:زاهر مش بالظبط شخص... الناس بتيجي له بمزاجها.

هبة بهدوء، وهي بتعدل جلستها:ومين قال إني مش جايّة بمزاجي؟

كريم بيراقبها:واضح إنك شجاعة... أو يمكن متعودة.

هبة بنبرة شبه ساخرة:اتنين مش فارقين كتير.

كريم بعد لحظة صمت:هو قالي إن عندك حاجة تقوليها لي.

هبة تنظر له بثبات:وأنا جايّة أسمع، مش أتكلم.

الوصف الداخلي لهبة:من بره هادية، ملامحها ساكنة، نظراتها ثابتة. بس جواها في صوت بيصرخ. إيديها متشابكة في حضنها بقوة خفية، وكأنها بتحبس خوفها بين ضلوعها.

الوصف الداخلي لكريم:حاسس إن فيه حاجة مش مفهومة، مش واثق لا في زاهر ولا في هبة، لكن في عينه لمحة اهتمام حقيقي، كأنه شايف لمحة من ألمه فيها.

كريم واقف في مكانه، لسه عيونه على الكرسي اللي كانت قاعدة عليه.

يسحب نفس عميق، يعدّ لثلاثة... وما يعرفش ليه.

ما كانتش المقابلة طويلة، وما اتكلموش كتير، بس فيه حاجة فيها علقت في دماغه.

كريم في سره:"مش طبيعية... أو بالعكس، طبيعية زيادة عن اللزوم."

هدوءها مش مريح، كأنها مش بس متعودة على القهر... لا، كأنها بتلعب دور هي اخترعته عشان تحمي نفسها.

حس إنها بتحاوط كلماتها بجدران، كل كلمة منها مدروسة، متوزنة، كأنها بتغزل خيوط حرير حوالين نفسها... وما بتسمحش لحد يقرب.

يمشي نحو الكرسي، يقعد مكانها.

يبص حواليه، كأن ممكن يلاقي أثر منها في الهوا.

كريم همس لنفسه:"هي مين فعلًا؟

وإيه اللي جابها هنا؟

وزاهر ليه مهتم يجمعنا؟"

يسند راسه على إيده، عينه فيها توتر جديد، بس كمان فضول... يمكن حتى قلق.

هو جرب قبل كده يتورط مع ناس زاهر، وكل مرة كان بيطلع منها بخسارة.

بس هبة مختلفة.

دخلت هبة البيت ببطء، الخطوات ثقيلة كأنها شايلة معاها كل توتر المقابلة. الشمس كانت عم تميل للغروب، والأضواء الخافتة بالبيت زادت إحساسها بالوحدة.

لم يكن هناك صوت، فقط صمتٌ مشحون.

خلعت حجابها عند الباب، ورفعت عينيها لتتفاجأ بنظرة والدها من نهاية الممر. عيناه كانتا مشدودتين، متجمدتين.

"بابا؟" همست.

لم يجب. كان قابضًا على صحيفة قديمة بيده، لكن نظراته لم تكن تقرأ، بل كانت تبحث عن شيء... أو شخص.

ثم سُمع صراخ بالخارج.

صرخة شاب، تلتها شتيمة واضحة، ثم صوت زاهر... غاضبًا.

ركضت هبة نحو النافذة، قلبها يخبط بقوة. فتحت الستارة بسرعة، فشاهدت زاهر واقفًا قبالة شاب لا تعرفه جيدًا. بدا أنهما في نفس العمر تقريبًا، لكن عيونهما كانت مشتعلة كأنهما أعداء منذ زمن.

"إنت ما بتفهم!؟ قلتلك ابعد عن أختي!" صرخ زاهر، دافعًا الشاب في صدره.

الشاب تراجع خطوة، ثم ضحك بسخرية: "هي عندها عقل، مش ملكك!"

"زاهر!" صاحت هبة من خلف الباب.

لكن زاهر لم يسمع.

"لو شفتك مرة تانية بتحوم حولها، رح تندم."

"جربني بس."

وفي لحظة، اندفع زاهر عليه ولكمات متبادلة ملأت الجو بالصراخ. الباب انفتح فجأة، وخرج والدهم بخطوات غاضبة، ووجهه متجهم.

"وقّفوا هالعار!" صوته ارتجّ في الحي.

تجمد الجميع.

زاهر تنفس بسرعة، ويده مشدودة على ياقة الشاب، بينما الشاب كان ينزف من شفته لكنه ابتسم بانتصار خفي.

أغلقت هبة الستارة بسرعة، كأنها تحاول تمنع قلبها من رؤية ما يحدث. ارتجفت أصابعها، وشعرت بأن الهواء أصبح أثقل.

سمعت صوت والدها وهو يصرخ في الخارج، ثم خطواته الغاضبة تقترب من الباب.

دخل بعد لحظات، وزاهر خلفه، يده ملطخة بالدم، وعيناه تتجنبان النظر.

"ادخل غرفتك." قالها الأب بصوت حاد دون أن ينظر إلى أي منهما.

هبة لم تقل شيئًا. شعرت كأن الجدار بينها وبين والدها صار أعلى. كانت تظن أن كل شيء سيهدأ بعد المقابلة، بعد أن بدأت تشعر أن الأمور قد تتحسن... لكن لا.

زاهر نظر إليها للحظة، وكأن عينيه كانتا تبحثان عن عذر، عن تفهّم. لكنها لم تمنحه شيئًا.

صعدت إلى غرفتها بصمت، أغلقت الباب، وانهارت على السرير.

عادت بها الذاكرة إلى تلك الليلة منذ سنوات، حين عاد زاهر أيضًا مضروب الوجه، وأبوهم لم يعلّق وقتها... لكنه عاقبها هي لأنها خرجت بدون إذنه.

لماذا الغضب اليوم كان مختلفًا؟ لماذا شعرت أن شيئًا أعمق قد كُسر؟

وضعت يدها على قلبها. كان ينبض بسرعة... ليس خوفًا، بل إحساسًا غريبًا، مزيج من القلق والخذلان.

البارت الثالث

في نفس البناء الذي تقطن به هبه في شقة أخرى الأوضة كانت ضلمة، ما فيهاش غير نور خفيف جاي من الشباك المقفول بستارة قديمة باهتة.

على طرف السرير، كانت سما قاعدة، حاضنة رُكَبها، وبِتبص في موبايلها كإنها مستنيّة حاجة…

معجزة تنقذها، أو رسالة تهدّها.

برا، المطر بينزل، بس هي مش سامعة حاجة.

الصوت اللي جوا دماغها أعلى من أي مطر.

صوت أبوها وهُو بيزعّق لأمها، صوت أمها وهي بتقول "خلاص بقى" وهي بتكتم في دموعها،

صوت المُدرسة اللي قالت لها:

"يا سما، هو إنتي دايمًا سرحانة ليه؟"

وفوق كل ده، صوت الرسالة اللي لسه وصلت حالًا.

"إنتي نسيتي الصور ولا إيه؟

ما تلومييش غير نفسك."

"مجدي"... الشخص اللي كانت بتحلف إنه بيحبها.

الشخص اللي خلّاها تحس إنها مش لوحدها، وإنها حلوة ومحبوبة ومهمة.

كان بيصحّيها برسالة كل يوم:

"صباح الخير يا أجمل بنوتة في الدنيا."

وكان بيسألها:

"أكلتي؟ نمتِ كويس؟ حلمتي بإيه؟"

دلوقتي بقى بيبعت لها تهديدات، صوت رسالته يخوّف أكتر من أي حاجة.

فتحت الدرج بتاع المكتب، طلّعت كشكول الرسم بتاعها، اللي بقاله شهور مرمي.

أول صفحة كان فيها وش بنت بتضحك.

بصّت عليه، ومسحت الضحكة، ورسمت دمعة.

جمبها، كتبت بقلم رصاص خفيف:

"في الأول قال لي: إنتي شبه القمر...

ما كنتش أعرف إن القمر دايمًا لوحده، والنور بتاعه بيتاكل بالوجع."

بصّت على الشباك، ومدّت إيديها وفتحت الستارة.

كانت عايزة تصرخ…

كان جواها صوت بيقول: "هو أنا لو اختفيت، حد هياخد باله؟"

بس محدّش سأل.

ولا حد شاف.ولا حد سمع.

كانت سما قاعدة في أوضتها، الضلمة لسه ماليه المكان، بس في قلبها فيه نور صغير بدأ يولّع…

مش نور أمل، لأ…

نور غضب، خوف، توتر… كله متلخبط.

كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها.

وفجأة…

كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها، كأنها بتحاول تفهم بأي لحظة خانت فيها عقلها قبل قلبها.

الليل كان ساكن، بس قلبها ما كانش، بين كل رسالة والتانية كانت بتاخد نفس عميق كأنها بتغوص في بحر ذكرياتها اللي غرقاها.

وفجأة...

رنّ الموبايل.

رقم غريب.

اتجمدت صوابعهــا على الشاشة، قلبها بيدق بسرعة، وشيء في داخلها بيقولها "ما ترديش".

رفضت المكالمة، لكن بعد ثواني...

وصلتها رسالة.

فتحتها، وعيونها اتسعت.

"لو ما نفذتيش اللي هقولك عليه، كل الصور اللي عندي هتبقى على الإنترنت قبل ما الفجر يطلع."

الدم انسحب من وشها، إيديها بدأت ترتعش، والموبايل قرب يقع من بين صوابعهــا.

كانت لوحدها في أوضتها، بس فجأة حسّت كأن في ألف عين بتراقبها، كأن الحيطان نفسها بتتآمر عليها.

رسالة ورا التانية، تهديد ورا تهديد، وكلهم بصوت مجدي اللي كان دايمًا بيطمنها إنها "أمانه في عيونه".

بس دلوقتي، العيون دي بقت سكاكين.

وهي... محاصرة.

تمام، خليني أكمل لك المشهد بأسلوب روائي فيه تصاعد بالرعب والقلق:

دخلت صورتها على المراية، بس ما عرفِتش نفسها.

بشرتها شاحبة، وعيونها مبلولة بالخوف.

قربت من السرير، قعدت على طرفه وهي ماسكة الموبايل كأنه قنبلة موقوتة.

كل رسالة جديدة كانت بترن، قلبها بينط معاها.

تحاول تمسح الصور؟ بس إزاي وهو معاها؟

تحاول تكلم حد؟ طب تقولهم إيه؟

"كنت واثقة فيه... واداني أمان، وسرقني."

صوتها حتى ما كانش يطلع وهي بتحاول تتمرن تقول الجملة دي.

تلفتت حواليها، كأنها مستنية يخرج من ورا الباب، من الدولاب، من الحيط.

رسالة جديدة.

فتحتها غصب عنها.

"هبدأ بالصورة اللي كنتي لابسة فيها الفستان الأحمر، فاكرة؟ الناس هتحب يشوفوها."

ضربات قلبها وصلت لأذنيها.

دموعها وقعت، بس ما كانتش دموع ندم، كانت دموع فزع.

مش بس على نفسها، على أهلها، على شكلهم في عيون الناس لو اتفضحت.

قامت بسرعة، فتحت الشباك، النفس ما كانش كفاية.

كانت بتنهار، وأصعب شيء... إنها لحالها.

قربت تكتبله: "إنت عايز إيه؟"

بس وقفت.

لو رديت، هيدوس أكتر.

لو سكتت، يمكن يسكت.

بس هو مش بيسكت... ولا بينسى.

قعدت على الأرض، ضامة ركبها لصدرها، والموبايل بين إيديها،

وفي كل دقة جديدة... كانت بتحس إنها بتخسر حتة منها.

جلس مراد على حافة السرير، يديه مشتبكتان، وعيناه شاردتان نحو الأرض، كأنها تحمل كل خيباته دفعة واحدة. كان الصمت يملأ الغرفة، حتى أن صوت تنفسه كان يبدو عاليًا وسط سكون يختنق.

دخل مصطفى بخطوات مترددة، ثم اقترب ووضع يده على كتف صديقه.

نظر له مراد دون أن يبتسم، ثم تنهد بعمق وقال بصوتٍ مكسور:

عايز إيه يا مصطفى؟ أنا اللي فيني مكفيني.

جلس مصطفى إلى جانبه، وضمّه بذراع حانية.

برده رفضك؟ مع إنه عارف إنك عندك كل حاجة؟ مش ناقصك شي…

ثم ابتسم ابتسامة حزينة وأضاف:

تصدق؟ هو الخسران. ما تزعلش نفسك. لو ربنا كاتبلكوا تكونوا سوا، حتكون من نصيبك.

هزّ مراد رأسه ببطء، كأن كلماته لم تعد تطمئنه كما كانت تفعل من قبل.

أنا... أنا حاسس إنها مش بتحبني زي ما بتقول، صوتها لما بتكلمني مابقاش فيه شوق، نظرتها بقت فاضية… كأنها بترد مجاملة، مش حب.

صمت لحظة، ثم تابع:

أنا بحارب عشانها، بواجه الدنيا كلها، وهي؟ ما بتحاولش حتى تفهمني، ولا مرة قالت لأبوها بحزم إنها عايزاني. دايمًا سايبة الرفض عليه.

مصطفى تنهد وقال بهدوء:

بص يا مراد، أنا ما كنتش عايز أقولك، بس من فترة... سمعتها بتتكلم مع واحدة صاحبتها، وقالت إنها مش شايفة نفسها معاك على المدى البعيد. قالت إنها بتحترمك... بس مش بتحبك زي ما إنت فاكر.

رفع مراد عينه فجأة، كأن أحدهم سكب عليه ماءً باردًا. ارتجفت شفتاه، لكن لم يصدر صوت.

نظر لمصطفى طويلًا، ثم همس: يعني أنا كنت عايش كذبة؟ كل اللي بينا كان تمثيل؟

مصطفى وضع يده على كتف صديقه وقال: مش تمثيل بالضرورة، يمكن كانت مشوشة، يمكن كانت بتحاول تصدق إنها بتحبك، بس... الحقيقة إنها مش زيك، إنت بتحب بصدق، وهي بتحب ترتاح، تتحب.

سقطت دمعة من عين مراد، لكنه سرعان ما مسحها بقوة.

نهض واقفًا، ووقف أمام المرآة، حدّق في نفسه مطولًا.

ثم قال بصوت ثابت: كفاية وجع... يمكن الحب مش حرب لازم نكسبها، يمكن لازم يكون أمان... مش استنزاف.

ابتسم مصطفى لأول مرة بصدق:دي البداية ياصاحبي… مش النهاية.

هبة كانت قاعدة على السرير، لابسة بيچامة واسعة ومربطة شعرها على شكل كحكة عشوائية، والموبايل في إيدها، بتبعت ڤويس لصاحبتها مروة:هبة في الڤويس:يا مروة، أنا زهقت حرفيًا، حاسة إن دماغي هتنفجر

الفراغ… ولا خروجة، ولا حتى فضيحة جديدة! ناقصني أكشن…

فجأة الباب يتفتح بـ"تكٍّة" خفيفة، وسامر يطل بنص وشه:

سامر:سمعت كلمة "فضيحة"؟ دخلت في الوقت الصح بقى؟

هبة بتتأفف:ياااااااااه، كنت لسه بقول ناقصني أكشن… ما كنتش أعرف إن ربنا هيستجيب بسرعة كده!

سامر وهو داخل وهو ماسك علبة عصير:بما إنك زهقانة… عندي لك مغامرة عظيمة، بس لازم توقعي على ورقة "إخلاء مسؤولية" الأول.

هبة مستغربة:إنت ناوي تعمل إيه يا سامر؟ مش ناقصاك.

سامر بجدية مصطنعة:هنعمل مكالمة دولية وهمية. هنخلي مروة تصدق إنك اتخطبت لواحد أجنبي اسمه "چاستن"، وعايز ياخدك تعيشي معاه في نيوزيلندا… بس بشرط: تتكلمي إنجليزي بـلهجة صعيدي!

هبة تضحك:يعني هو چاستن ده طالع من مغاغة ولا إيه؟!

سامر:چاستن من مغاغة بس هاجر نيوزيلندا، قلبه في الصعيد بس جسمه في كرايست تشيرش.

هبة تضحك أكتر:طب يلا بينا، بس لو قلبتيها فضيحة، هخلي ماما تمنعك من البلايستيشن أسبوع.

سامر يرفع إيده:متفقين! يلا نبدأ المهمة!

(ويبدأوا يسجلوا ڤويسات مضحكة ويبعتهالها، وكل مرة سامر يخترع شخصية جديدة، مرة چاستن، مرة عم چرجس، مرة "عميد قسم الحب"

تمام! المرة دي نخلي هبة تحاول ترد لم سامر المقلب… بس طبعًا، لازم يحصل twist ويقلب الموقف عليهـا!

بعد حفلة الضحك اللي عملها سامر، هبة قررت تاخد حقها…دخلت أوضته وهو مش موجود، لقت الموبايل مفتوح على إنستجرام، وبما إنها أخت محترفة في الشقاوة، قررت ترد الصاع صاعين.

هبة بصوت شيطاني وهي بتتكلم مع نفسها:هعمله ستوري يقول فيها:

"بحب أسمع تامر حسني قبل النوم، وبعيط على أغنية ارجعلي تاني وأنا ماسك المخدة"

ونزّل… ستوري نزلت خلاص!

بعد ٣ دقايق، سامر دخل الأوضة وهو بيأكل فشار

سامر:إيه؟ مفيش صريخ ولا زعيق؟ شكلك بتخططي لحاجة.

هبة بتحاول تمثل البراءة:أنا؟ لااااااا… ده أنا كنت بذاكر فن التعامل مع الأشقاء المجانين.

سامر يرن موبايله، يبص على الشاشة ويصرخ إييييييييييه ده! إنتي نزلتي الستوري؟!!

ده كريم صحبي بعتلي voice بيعيط مع الأغنية!

هبة فرحانة جدًا:أهو كده… تاخد على دماغك شوية!

سامر يرجع يضحك فجأة:طب بصي بقى، هو أنتِ كنتي فاكرة إنك بتستعملي موبايلـي؟

ده كان موبايل القديم، وأنا لسه شغال عليه عشان بصور بيه فيديوهات TikTok.

لكن…

يطلع موبايله الأصلي

أنا كنت بصورك وإنتِ بتعملي الستوري… وده هينزل دلوقتي تحت عنوان:

"لما أختك تفتكر إنها بتنتقم وهي بتوقع نفسها!"

يضحك وهو بيضغط upload

هبة بتصرخ:ساااااااااااااااااااااااااامر! هقتلك!!!

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon