الفصل الأول: نبوءة الرمال
المشهد: وسط أسواق بابل القديمة، حيث الأجواء الحارة والضجيج يعم المكان. الحرفيون والتجار يبيعون بضائعهم بينما العرافون يقفون في زوايا مظلمة بالقرب من النار يتبادلون الأحاديث. في الزاوية البعيدة، يقف "نبوبلاصر" أمام خيمة العرافين، عينيه مركّزتان على العراف العجوز الذي كان يتكلم بحذر.
العراف العجوز (خائفًا):
"ستأتي الرياح من الشرق، وتُحمل معها نبوءة قديمة، لن تستطيع أن تفر منها. بابل ستنهض، وستصبح القوة التي لا يمكن لأحد أن يوقفها... لكن الحذر، يا نوبلاصر، لأن القوة تأتي مع الثمن."
نبوبلاصر (بصوت هادئ وقوي):
"ماذا تقصد؟ كيف يمكن لبابل أن تصبح قوة عظيمة؟ المدينة صغيرة، والعالم بأسره مليء بالسلطات الأقوى."
العراف العجوز (يحرك رأسه بحذر):
"لم يكن الأمر كذلك دائماً. أجدادك عرفوا ما هو أقوى من السيوف، شيء لا يمكن رؤيته لكن يمكن الشعور به. قوى من الرمال، ستخرج يوماً ما. وإذا كنتَ عاقلاً، ستتبعه. لكنها ستخلف خلفها دمارًا وأعداء لا يُعدون."
نبوبلاصر يقف متأملاً، عينيه تُضيء بحزم وقوة لا تراهما العراف. كان يعلم في قلبه أن هناك شيء أكبر من مجرد كلمات غامضة، كان يعلم أن هذه اللحظة هي لحظة اتخاذ القرار.
نبوبلاصر (بهمسات لنفسه):
"هل هذه هي فرصتي؟ هل بابل حقًا ستصبح القوة العظمى؟"
تُسمع خطوات ثقيلة خلفه، وعندما يلتفت، يجد أمامه جنديًا شابًا يقترب بسرعة، ملامح وجهه تشي بالقلق.
الجندي (بلهجة متسارعة):
"سيدي نبوبلاصر! هناك أخبار من الحرس! تزايدت هجمات البدو على الحدود الشرقية. يجب أن نفكر في حماية المدينة قبل أن يهاجمنا العدو!"
نبوبلاصر (نظرة حادة في عينيه):
"إذا كانت هذه الحرب لا مفر منها، فلن تكون بابل المدينة التي تختبئ خلف أسوارها. يجب أن نواجه التحدي ونعرف كيف نستغل قوتنا."
يتنهد الجندي، يبدو أنه لم يستوعب تمامًا كلمات قائدهم. نبوبلاصر كان رجلاً يؤمن أن القوة لا تكمن في الدفاع فقط، بل في الهجوم على الخصوم في أرضهم.
نبوبلاصر (بصوت حازم):
"لن نكون فقط مدافعين، بل سنتخذ خطوةً نحو الهجوم. إذا كان هؤلاء البدو يتصورون أننا ضعفاء، يجب أن يظهروا عكس ذلك. يجب أن نُقوي جيشنا ونحارب بقوة غير متوقعة."
الجندي ينحني احترامًا ثم يركض بعيدًا. نبوبلاصر يقف هناك، يحدق في الأفق، حيث تلتقي السماء بالصحراء. قلبه ينبض بقوة. هو يعرف أن هذا هو الوقت الذي سيقرر فيه مصير بابل، ولكن... كيف يمكن أن يبدأ؟
في ذلك المساء، يجلس نوبلاصر في خيمته، مفكرًا فيما قاله العراف. هل كان مجرد خرافات؟ أم أن بابل حقًا ستنهض لتكون قوة عظمى؟ كان يعلم أن الصراع القادم ليس فقط مع الأعداء الخارجيين، بل مع قوتهم الداخلية أيضًا.
يدخل أحد مستشاريه، يحمل خريطة بابل ويمدها أمامه.
المستشار (بجدية):
"سيدي، هذه هي حدود المدينة، وتُظهر الحركات العسكرية على الأطراف. الهجوم الذي ذكرته يبدو أكثر تعقيدًا مما توقعنا."
نبوبلاصر (يمسك الخريطة بثبات):
"نعم... سيكون هناك أعداء، لكن هناك أيضًا حلفاء يجب أن نصنعهم. بابل لن تكون مدينة صغيرة بعد اليوم. سنبني تحالفات، وسنكون القوة التي لا يستطيع أحد تجاهلها."
المستشار (متسائلًا):
"وكيف سنفعل ذلك؟ المدينة ليست غنية كغيرها من الإمبراطوريات، والحلفاء يحتاجون إلى شيء أكبر من مجرد كلمات."
نبوبلاصر يرفع رأسه ببطء، وعيناه تلمعان بحزم لا يخطئه أحد.
نبوبلاصر (بحزم وذكاء):
"سنمنحهم شيئًا لا يقدرون على رفضه. القوة... وموارد لا يمكن تصورها. لكن في البداية، يجب أن نكون مستعدين لخلق تلك القوة."
يتوقف قليلاً ثم يضيف بنبرة حادة:
"إن بابل ستنمو وتزدهر، وسوف تشهد العالم على قوتها. هذا لن يتطلب منا فقط التحالفات، بل ستحتاج المدينة إلى القوة العسكرية التي تقودها الحروب... القوة التي لا يجرؤ أحد على تحديها."
المستشار (بصوت منخفض):
"أنت تؤمن أن هذا سيكون مصير بابل؟"
نبوبلاصر (ينظر إليه بابتسامة غامضة):
"ليس فقط مصير بابل... ولكن مصير العالم كله."
يبدأ المستشار في التفكير في كلمات نوبلاصر. وفي قلبه، يعرف أن هذا الرجل كان يملك رؤية حقيقية لقوة لا مثيل لها. لكن هل سيكون على استعداد لتحمل التضحيات التي تأتي مع تلك القوة؟
تغلق الستارة على المشهد، في حين تلوح في الأفق الرمال، تحركها الرياح، وتهمس بالوعد... وعدٌ يغير مصير بابل إلى الأبد.
المشهد: داخل قاعة كبيرة في القصر الملكي في بابل، حيث التمائم والأعلام تزين الجدران، والطاولة التي أمام نوبلاصر مليئة بالخرائط القديمة والتقارير العسكرية. القائد نوبلاصر يجلس في مقدمة القاعة، محاطًا بمجموعة من مستشاريه المخلصين، والنبلاء الذين حضروا للاستماع إلى خطته.
نبوبلاصر (يتحدث بصوت هادئ لكنه حازم):
"بابل لن تكون مجرد حصن في الصحراء. سننطلق نحو الأمام. سنعيد بناء جيشنا، لكننا لن نقتصر على قوتنا وحدها. نحتاج إلى حلفاء. أعداء الشرق يقتربون، ولن نكون قادرين على مواجهة الحروب القادمة وحدنا."
ينحني أحد المستشارين، يبدو عليه الارتباك.
المستشار الأول (بتردد):
"سيدي، نحن نعلم أن الشرق مليء بالممالك القوية. ولكن من يمكننا تحالفه؟ معظمهم لا يهتمون بنا. كيف سنكسب حلفاء؟"
نبوبلاصر (يرتفع نظره، مبتسمًا ابتسامة غامضة):
"نحن لا نبحث عن أصدقاء، بل عن قوة. القوة التي ستجعلنا مركزًا لا يستطيع أحد تجاهله."
يتقدم مستشار آخر، ويمسك بيديه خريطة كبيرة تعرض الأراضي المحيطة ببابل. يشير إلى المنطقة الواقعة شمال المدينة.
المستشار الثاني (متحمسًا):
"لقد بدأنا نسمع عن التحركات في شمالنا. هناك مملكة "أشور" التي بدأت في التوسع، وتحاول استغلال الفراغ الذي تركته الإمبراطوريات القديمة. إذا أردنا توازنًا في القوى، يجب أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار."
نبوبلاصر (عينيه تلمع بذكاء):
"أشور؟ نعم، هم يعتقدون أنهم الأقوى. لكنهم نسوا شيئًا مهمًا... القوة ليست فقط في الجيوش العظيمة، بل في التحركات الذكية والفرص السانحة."
يقترب أحد الجنرالات، ويبدأ بالحديث بصوت منخفض، محذّرًا من أن التحالف مع أشور قد يكون محفوفًا بالمخاطر.
الجنرال (بخشونة):
"أشور لا يثقون بأي أحد، وسرعة تحركاتهم تثير الشكوك. إذا قررنا التحالف معهم، فإننا قد نُجر إلى حرب لا نقدر على تحملها."
نبوبلاصر يقف فجأة، عينيه مشتعلة بالحماس.
نبوبلاصر (بغضب هادئ):
"لن نتبع طريق الأشواك والظلام. إذا كان هناك طريقًا واحدًا نختاره، فسيكون طريقًا يحقق لنا مكاسب استراتيجية. سنرى في الوقت المناسب، لأن القوة لا تأتي من مجرد الانتصار في معركة، بل من بناء الأساس قبل أن يهاجمنا العدو."
تتسع عيون الجميع وهم يدركون أن قائدهم يخطط لشيء أكبر. بعد لحظات من الصمت، يتحدث مستشار آخر، يبدو عليه التفكير العميق.
المستشار الثالث (ببطء):
"إذا لم نكن قادرين على التحالف مع أشور، فهل يمكننا البحث في اتجاهات أخرى؟ لدينا جيران في الغرب، مثل الفينيقيين. قد يكون لديهم مصلحة في التحالف معنا ضد التهديدات المشتركة."
نبوبلاصر (يضع يده على الطاولة بحزم):
"الفينيقيون... نعم. هم خبراء في التجارة والملاحة. إذا تحالفنا معهم، يمكننا الاستفادة من مواردهم البحرية وشبكة طرقهم التجارية. سنتمكن من التحكم في التجارة عبر البحر، وهذا سيفتح أمامنا أبوابًا جديدة من القوة."
ينظر الجميع إلى بعضهم البعض بتفكير. كان الجميع يدركون أن الطريق الذي يقوده نوبلاصر كان محفوفًا بالمخاطر، ولكن أيضًا مليئًا بالفرص الكبيرة. عندما بدأ نوبلاصر يخطط لهذا التحالف، شعر الجميع بأن هناك شيء أكبر وراء كلماته.
نبوبلاصر (بصوت حازم):
"إذا كان هذا التحالف سيضمن لنا السيطرة على البحر، فإن بابل ستكون القوة التي لا يمكن لأحد أن يقف أمامها. سنجعل الفينيقيين يدركون أننا قادرون على حماية مصالحهم كما يحمون مصالحنا. لكن يجب أن تكون هذه الصفقة متوازنة؛ وإلا، فإنها ستنهار كما انهارت إمبراطوريات كثيرة قبلنا."
ينحني المستشارون جميعًا، فيبدو أنهم فهموا الطريق الذي سيأخذهم فيه قائدهم.
المستشار الأول (بحذر):
"أنت تعني أن نستخدم قوتنا البحرية كأداة لتوسيع نفوذنا؟"
نبوبلاصر (يبتسم):
"بالضبط. القوة البحرية ليست مجرد أسطول من السفن. إنها شبكة من التحالفات، التجارة، والسيطرة على طرق الإمدادات. سنسيطر على البحر، ثم سنتوسع في الأرض."
بينما يتناقش الجميع حول التفاصيل، يستمر نبوبلاصر في التفكير في ما وراء الأفق. كان يعلم أن بابل لا يمكن أن تقوم فقط على القتال، بل على الذكاء والفطنة في اتخاذ القرارات. كانت هذه أولى خطواته نحو تغيير العالم.
نبوبلاصر (يهمس لنفسه بينما ينظر إلى الخريطة):
"هذه هي البداية. فقط عندما نصل إلى قمة القوة، سنتمكن من فرض إرادتنا على الجميع."
وتنتهي المشهد مع تصاعد طموحات نوبلاصر، الذي كان يقود بابل نحو مصيرٍ يخبئ في طياته حروبًا وأسرارًا قد تغير مجرى التاريخ...
المشهد: في قصر نوبلاصر، تحت أضواء الشموع التي تضيء القاعة الكبرى، يتجمع مستشارو القائد حول طاولة ضخمة مغطاة بالخرائط. في أحد الزوايا، يجلس نوبلاصر بمفرده، يشد قبضته على خريطة قديمة تحوي النقاط الاستراتيجية حول الممالك المجاورة. كان يفكر بعمق فيما يلي.
نوبلاصر (بصوت منخفض لنفسه):
"العالم لا يكتفي بالقوة الظاهرة فقط. هناك قوة خفية يجب أن نستخدمها. القوة التي لا يراها الجميع... ولكنها تغير مجرى الحروب."
يدخل أحد الجنرالات، ويحمل في يده تقريرًا جديدًا. يقترب من نوبلاصر بتوجس.
الجنرال (بغموض):
"سيدي، لقد وصلتنا تقارير من الحدود الجنوبية. هناك تحركات غريبة من جيش الكلدانيين. قد يكونون على وشك شن هجوم علينا."
نوبلاصر يرفع رأسه ويحدد نظره في الجنرال، وتُشعّ عيناه بحكمة مرعبة. كان يعرف أن الكلدانيين لم يكونوا مجرد تهديد صغير، بل كانوا يعززون قوتهم بالتدريج، وكانوا يدركون تمامًا القوة المتصاعدة لبابل.
نوبلاصر (بصوت جاد):
"الكلدانيون؟ إذا كانوا يظنون أنهم يمكنهم مهاجمة بابل في وقت كهذا، فإنهم يرتكبون خطأ فادحًا. لكننا لن نرد عليهم بالقوة وحدها. سأسلك طريقًا آخر."
أومأ الجنرال، وهو يعلم أن نوبلاصر لا يتخذ قراراته ببساطة. كان يفضل دائمًا إيجاد طرق غير متوقعة لتغيير مسار الأمور.
نوبلاصر (بتفكير عميق):
"سنكون أذكى منهم. لا نحتاج إلى قتال مفتوح في هذه المرحلة. نحن بحاجة إلى تحالفات سرية، إلى اتفاقات خلف الكواليس. إذا علموا أننا نركز قوتنا في الشمال والغرب، سيتراجعون."
فجأة، يطرق أحد المستشارين الباب ويدخل بهدوء. كان وجهه يحمل تعبيرًا يشوبه القلق.
المستشار الرابع (بتوتر):
"سيدي، هناك مشكلة أخرى. في الجنوب الشرقي، بدأ الفينيقيون في إظهار اهتمام أكبر ببناء تحالفات مع مملكة مصر. إذا شعروا بأننا نهدد مصالحهم في البحر، قد ينقلبون ضدنا."
نوبلاصر (معبسًا):
"مصر... هؤلاء الفينيقيون يحبون أن يكونوا في موقف الحياد دائمًا، لكنهم يدركون جيدًا أن البحر هو مفتاح القوة. إذا فشلنا في تأمينهم، قد نخسر قوتنا البحرية."
يتوقف نوبلاصر للحظة، وعيناه تتسعان وهو يخطط في ذهنه. كان يعرف أن الفينيقيين لا يحبون المواجهات المباشرة، ولكنهم يفضلون الربح عن طريق التجارة والتحالفات. ومن هنا كان يكمن السر.
نوبلاصر (بابتسامة شريرة):
"لدينا أوراق رابحة في هذه اللعبة. سنلعب لعبتهم الخاصة. لكننا لن نكون أول من يمد يده. سنجعلهم يأتون إلينا."
يميل مستشار آخر إلى الأمام، وهو يفكر في كلمات نوبلاصر.
المستشار الخامس (بتمعن):
"إذا كانت تحركاتنا تشير إلى ضعف أو تشويش، فقد يتراجع الفينيقيون. لكن إذا أظهرنا لهم قوتنا... يمكننا جعلهم يعتمدون علينا."
نوبلاصر (بحزم):
"بالضبط. سننقل لهم إشارات قوتنا دون أن نهددهم. التجارة هي لعبتهم، ولكننا سنتحكم في مفاتيح هذه التجارة."
يومًا بعد يوم، كان نوبلاصر يخطط بعناية في الظلال، ينسج شبكة من التحالفات التي لا يراها العدو، ولكنه يعلم أنها ستكون أساسًا قويًا لنشوء إمبراطورية بابل العظمى. كان الجميع يعتقدون أن القوة في المعركة وحدها، لكن نوبلاصر كان يعرف أن القوة الحقيقية هي في استراتيجيات التحالفات والتلاعب بالمصالح.
نوبلاصر (لنفسه):
"العالم لا يرى الحقيقة بعد. ولكننا سنجعلهم يرونها قريبًا... بابل ليست مجرد مدينة، إنها قلب إمبراطورية عظيمة في طريقها لتغيير التاريخ."
تبدأ الصورة بالتضاؤل مع صورة نوبلاصر وهو يواصل رسم خطط جديدة على خرائطه، وفي خلفية الصورة يظهر كل من مستشاريه وجنرالاته الذين كانوا يراقبون عن كثب حركات قائدهم الذي لا يتوقف عن التفكير في المستقبل، بينما كانت بابل تتحرك بسرعة نحو ما كان سيصبح في النهاية واحدة من أعظم إمبراطوريات التاريخ.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon