كان الصباح باكرا، والمدينة التي لا تهدأ تستعد ليوم جديد. لكن في أحد الأحياء الفقيرة ، حيث تلتقي الأزقة المظلمة بالمنحدرات الضيقة، كان هناك طفل صغير يجلس على حافة الرصيف، مبتسما.كان تي كيو في التاسعة من عمره، يراقب المارة بشغف.

كان يحلم بأشياء لم يراها من قبل:

مغامرات في عوالم موازية، أبطال خارقين، وشخصيات مرحة،وكل شيء كان يبدو له ملونا وجميلا.

لكن في عالمه، لم يكن هو مثل الأخرين.لم يكن لديه قدرة خاصة.لم يكن يمتلك تلك الموهبة التي تميز الأخرين وتجعلهم يتألقون.كان فقط هو،تي كيو، الطفل الذي لا يعرف أين تكمن قوته.لكن،وحتى بدون قوة، كان هناك شيء واحد كان يمتلكها دائما: ابتسامة لا تفارق وجهه.حتى في أحلك الأوقات، كان يبتسم.

على الرغم من ذلك، كان هناك شيء غريب في هذا الطفل.ففي قلبه، كان هناك شعور بأن شيئا ما مفقود، شيء عميق كان يجره نحو مكان بعيد، مثل حلم ضبابي لم يكتمل بعد. ذات يوم، بينما كان يعود إلى منزله بعد المدرسة، وجد نفسه أمام منظر غريب:سيارة كانت متوقفة أمام منزله، وأمامها يقف رجل غريب في زي رسمي، ذو عيون حادة.كلن الرجل يتحدث مع جد تي كيو, الذي يبدو عليه القلق.

''تي كيو، تعال هنا"،قال الجد بصوت متوتر

اقترب الطفل مبتسما كما هي عادته، ولكنه شعر بشيء غريب في داخله. لم يكن يعرف ماهو، لكنه شعر بوجود شيء ضبابي ينتقل حوله، شيء غير مرئي.

"هذا الرجل من شركة الأبحاث،"قال جده"يريد التحدث معك"

تي كيو نظر إلى الرجل وابتسم.

"مرحبا!"قال تي كيو بصوت مرح."هل هناك شيء خطير؟"

"ليس تماما، لكننا نبحث عن أطفال مثلك.لدينا أسئلة عن قدرتك."

تي كيو شعر بشيء غريب يزداد داخل صدره.قدرته؟كان يعرف أنه لا يمتلك أي قدرة مميزة، لكن لماذا يسأل عن ذلك ؟

ابتسم، ولكن هذه المرة كانت ابتسامته محملة بشيء من القلق.لم يكن يعرف أن هذا اللقاء سيكون بداية لمسار سيغير حياته إلى الأبد.

مرت أيام قليلة منذ اللقاء مع الرجل الغريب، ولكن الأحداث بدأت تتسارع بسرعة.في أحد الأيام، بينما كان تي كيو في المدرسة، تلقى مكالمة غريبة على هاتفه المحمول.كانت والدته، التي اختفت منذ ثلاث سنوات، تتحدث إليه بصوت غير مألوف

"تي كيو ، هل تذكر الك الأشياء التي أخبرتك عنها ؟"قالت. ولادته بصوت منخفض

"ماذا تقصدين؟" أجاب تي كيو ،وهو يشعر بأن هناك شيئا غريبا في صوتها.

"لقد حان الوقت لكي تعرف.لديك قدرة تي كيو.قدرة خاصة ،لن تكتشفها إلى عندما يكون الوقت مناسبا.''

ثم دون سابق انذار. انقطعت المكالمة. كان تي كيو في حالة صدمة.كانت والدته دائما تبتسم وتخبره أنها ستعود قريبا، لكنها اختفت منذ الحادث الذي لم يكن يعلم تفاصيله.كانت هناك الكثير من الأسئلة في رأسه، وكم كان يتمنى لو كانت موجودة معه الأن لتفسر له مايحدث.

في نفس اليوم ، وفي المساء كان جده جالسا في الصالة،عابس الوجه كما كان في الأيام الأخيرة.كانت الأجواء مشحونة بشيء غير مريح.بعد فترة من الصمت، نظر إلى تي كيو وقال:

"أنت قد تكون مختلفة.شيء في داخلك يجعلهم يراقبونك."

"من هم؟"سأل تي كيو وهو يشعر بالقلق.

"منظمة العيون السبع.هم يراقبون الأشخاص الذين يمتلكون قدرات غير عادية ،لقد علمو عنك ،وربما حان الوقت تلتقي بهم."

تجمدت أطراف تي كيو.كانت منظمة العيون"عيون السبع"هي المنظمة التي كان يراها في الأخبار بين الحين والآخر.كانو مجموعة سرية تضم أفراد ذوي قدرات غير العادية، والذين كانوا يختطفون من لا يملكون القدرات التجربة عليهم.أما الأطفال الذين يشبهونه، فكانوا دائما ضحايا لهذه المنظمة.

في تلك اللحظة، شعر تي كيو بنوع من الغموض يلف كل شيء من حوله.حياته كانت تتحول إلى شيء غير مفهوم.وقدرته التي كان يعتقد أنها غير موجودة، بدأت تصبح محطا للشكوك .

لكن فجأة، ووسط التفكير العميق، دخلت إلى الغرفة شخصية أخرى: زينكو.كان رجل القوي ذو الشعر الرمادي المرتب في تسريحته المميزة، وكان يرتدي زيا حربيا تقليديا.كان يتمتع بحضور قوي وغريب في الوقت ذاته.عرفه تي كيو جيدا، فهو كان أحد أفراد"العيون السبع"، ويبدو أنه كان يأتي للحديث مع جده

"تي كيو أريد أن أتحدث معك."قال زينكو بصوت هادئ، لكنه يحمل في طياتها تهديدا غير مباشر.

ابتسم تي كيو ابتسامة مترددة، لكنه كان يعلم أن الإبتسام وحده لن يحل أي شيء في هذه اللحظة.

"ما الذي تريده مني؟"سأل تي كيو بفضول

زينكو نظر إليه بعينين حادتين وقال:"أنت تملك قدرة خاصة، لا شك في ذلك، قدرة قد تغيرك وكل شيء من حولك. لديك خياران: إما أن تنضم إلينا، أو أن تبقى بعيدا عن طريقنا."

تجمد تي كيو في مكانه، لم يكن يعرف ماذا يعني ذلك.ولكن يعلم أن هذه اللحظة قد تكون بداية لرحلة غير عادية، رحلة قد تجعله يكتشف عن نفسه أكثر من أي وقت مضى.

الجو في الغرفة كان مشحونا بالتوتر، وكل كلمة نطق بها زينكو كانت تزيد من شعور تي كيو بالحيرة.كانت ابتسامة المعتادة تتلاشى تدريجيا، لكن شيئا في قلبه كان يدفعه للاستماع.لم يكن يعرف إذا كان يريد الإنضمام إلى"العيون السبع" أو الهروب منهم، لكنه كان يعلم أن حياته لا بد أن تتغير.

"ما الذي يعنيه أن امتلك قدرة خاصة؟"

سأل تي كيو، محاولا فهم ما يجري.

زينكو ظل صامتا للحظة، ثم قال:"قدرتك هي الخيال.أنت تستطيع تجسيد الأشياء التي تراها في الرسوم المتحركة.لقد بدأ هذا يظهر عندما كنت صغيرا، لكن قدرتك كانت مخفية في أعماقك."

تي كيو شعر بالصدمة."خيال؟" تساءل، ثم فكر في الرسوم المتحركة التي كان يشاهدها دائما.كان يحبها بشكل لا يوصف، ولكن فكرة أن هذه الأشياء التي كانت مجرد خيال قد تكون حقيقية، كانت تفوق استعابه.

"نعم تستطيع أن تجعل الشخصيات التي تشاهدها حقيقة في الواقع، ولكن ستدمرك في النهاية."

أضاف زينكو، وهو ينظر إلى تي كيو بعينين تشبهان العاصفة.

شعر تي كيو بالغموض يحيط به أكثر."لكن لماذا أنا؟ لماذا تهمني هذه القدرة؟"

ابتسم زينكو ابتسامة غريبة، مثل شخص يعرف سرا كبيرا لكنه لا يريد إظهاره بالكامل."لأنك لا تعرف قوتك الحقيقية بعد.نرى بأننا بحاجة إليك.هناك أشياء تحدث في العالم الأن، وأنت ستكون جزءا من ذلك."

فجأة، دخل شخص أخر إلى الغرفة، وهو معلم زينكو من المنظمة.الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض واللحية الخفيفة.كانت ملامح وجهه مشدودة وكأن الزمن قد ترك أثره على كل تفصيل فيه.نظر إلى زينكو بتعبير جاد، ثم التفت إلى تي كيو قائلا:"تي كيو، قد تكون هذه فرصتك للتغيير لكن عليك أن تكون حذراً. لا يمكنك أن تدع أحدا يستغل قوتك."

كان المعلم دائما يقول لزينكو أن الحياة مليئة بالتحديات، وأن القوة لا تأتي دون ثمن.

لكن في تلك اللحظة، كان يشعر أن التحدي الحقيقي هو معرفة ما إذا كان سيظل الطفل الذي يبتسم دائما، أم أنه سيتحول إلى شخص أخر.

"العيون السبع ليسو كما يبدون.هم ليسو من يستعدون الناس، بل هم يسعون للسيطرة على كل شيء" قال المعلم وهو يوجه كلامه إلى زينكو."إذا كنت تريد أن تعلمه، عليك أن تكون صريحا معه."

زينكو عبس قليلا، لكن دون أن يرد، بدأ يلتف الجروح.قبل أن يغادر، قال شيئا أشبه بالتحذير:"لن يمر وقت طويل قبل أن تكتشف كل شيء عن نفسك.لكن تذكر، لا يوجد مكان الضعفاء في هذا العالم."

خرج زينكو من الغرفة، تاركا تي كيو مع افكار متشابكة.كانا جملة المعلم تطن في رأسه،"لا يمكن أن تدع أحدا يستغل قوتك.*

بينما كان المعلم يعود إلى الجلوس في زاويته، نظر إلى تي كيو وقال:"لقد بدأت رحلتك تي كيو.لكن اعلم أن الخوف من المجهول قد يكون أقوى من أي قدرة لديك.تذكر ذلك."

تي كيو نظر إلى وجه المعلم.محاولا فهم كلمات الحكمة التي يقولها.كان قلبه ينبض بسرعة أكبر من ذي قبل.هل كان مستعدا الانتقال إلى هذا العالم المليء بالغموض والخوف.

كان تي كيو يسير في أحد شوارع الضيقة بعد مغادرة منزله، تفكيره مشوش بعد الحديث مع زينكو والمعلم.كان يحاول استعاب كل شيء قدرة الخيال، منظمة العيون السبع، مستقبله الذي يبدو ضبابيا اكثر من أي وقت مضى.

كان يسير بال وجهة محددة، حيث وصل إلى ساحة مهجورة خلف المدرسة، حيث كان الأطفال ذو القدرات الخاصة يتدربون على استخدامها.لم يكن تي كيو يملك اي سبب ليكون هناك، لكنه شعر بجاذبية غريبة تدفعه للمراقبة.

"هل أنت ضائع؟"

التف تي كيو بسرعة نحو مصدر الصوت، ليجد فتاة ذات شعر قصير بني اللون وعينين حادتين تقف أمامه.كانت ترتدي ملابس بسيطة لكنه تحمل هالة من الثقة.

"أنا لست ضائعا... فقط كنت مارا من هنا." قال بابتسامة صغيرة.

نظرت إليه الفتاة للحظة ثم قالت:"لم أرك من قبل، هل لديك قدرة؟"

تي كيو صمت قليلا ثم هز رأسه بنفي"لا أمتلك قدرة!"

بدت الفتاة متفاجئة قليلا لكنها لم تخسر منه كما اعتاد الاخرون.بدلا من ذلك، قالت:"أنا نيلور وأنت؟"

"تي كيو"

قبل أن يتمكن تي كيو من قول شيء اخر، سمع صوتا قادما من الخلف.

"نيلور ! ماذا تفعلين؟"

اقترب شاب اطول قليلا من تي كيو، كان شعره فوضويا وعيناه تحملان طاقة غريبة. كان يرتدي سترة ممزقة قليلا، ويوحي مظهره بأنه شخص لا يتبع القوانين.

"من هذا الطفل؟"قال الشاب وهو يضع يديه في جيبه.

"هذا تي كيو.لا يمتلك قدرة، لكنه يبدو مثيرا للاهتمام."قالت نيلور بابتسامة خفيفة.

الشاب رفع حاجبيه بدهشة."لا يمتلك قدرة ؟غريب أن يأتي إلى هنا إذا، أنا ريو، وأكره الضعفاء، لذا لا تتوقع أن أحميك إن حصلت لك مشكلة."

رغم كلماته القاسية، لم يكن ريو يبدو شريرا حقا، بل كان شخصا يقول ما يفكر فيه مباشرة.

"تي كيو، هل تريد أن تلعب معنا قليلا؟"سألت نيلور وهي تضع يديها خلف رأسها بتراخ.

تفاجأ تي كيو من سؤال. لم يسبق لأحد أن طلب منه اللعب من قبل. عادة ما كان الأطفال الاخرون يتجاهلونه بسبب عدم امتلاكه قدرة، لكن هذين الشخصين لم يهتما بذلك.

ابتسم تي كيو ، لكن هذه المرة ، لم تكن ابتسامة الني يخفي بها مشاعره، بل كانت ابتسامة حقيقة.

"نعم أود ذلك!"

في تلك اللحظة، أدرك تي كيو أنه ربما ، فقط ربما، قد وجد اخيرا أول أصدقاء في حياته.

بدأ تي كيو يقضي المزيد من الوقت مع نيلور و ريو لم يكن الامر مجرد لعب بل كان بداية لشيء لم يختبره من قبل الصداقة.

في أحد الأيام، اجتمع الثلاثة في الساحة الخلفية حيث كانوا يتدربون.جلست نيلور على الأرض وهي تلعب بحصى صغيرة، بينما كان ريو يقف واضعا يديه في جيبه، ينظر إلى تي كيو وكأنه يدرس.

"إذن، تي كيو...كيف تمكنت من العيش بدون قدرة؟"سأل ريو بصوت ساخر قليلا.

أمال تي كيو رأسه، مفكرا في السؤال.لم يعرف كيف يجيب، لكنه ابتسم وقال:"أنا أعيش مثل أي شخص أخر."

"هاه لا بد انه كان صعبا.الناس هنا يحترمون الأقوياء فقط."رد ريو، ثم جلس متكئا على جذع شجرة.

"لكن تي كيو مختلف."قالت نيلور وهي تنظر إليه بعينين متفحصتين."إنه دائما يبتسم، حتى عندما يبدو أنه ليس لديه سبب لذلك."

لم يكن تي كيو متأكدا مما إذا كان ذلك مدحا أم مجرد ملاحظة، لكنه لم يعترض

"على أي حال."قال ريو وهو ينهض،"إذا كنت ستبقى معنا، فعليك أن تتعلم كيف تحمي نفسك ، حتى لو لم تكن لديك قدرة. هيا فل تستعد!"