_تمهيد :
كثيرا ما نسمع أن نعم الله كثيرة علينا ، و لو أردنا إحصاءها ما انتهينا من العد إلا و قامت علينا القارعة و نحن بمنتصف طريق الأرقام اللامتناهية ، لكن هل استشعرنا يوما بأهمية هذه النعم ، و هل هناك من ذاق طعمها ، فللعلم لا يعرف قيمة الماء إلا من كان على قارعة طريق صحراوي يمد يده ابتغاء الارتواء
_مقدمة :
العائلة مارتيمينيا عبارة عن أسرة بسيطة تعيش بعزلة نسبية عن العالم و الناس ، و في بداية معرفتي لهم ككاتب لقصتهم التي أعيشها معكم ها هم قد رزقوا بمولودة جديدة تضاف للعائلة ، إنها ........ مارتيمينيا يا للهول !
الفصل الأول:
ولادة غير متوقعة
27 يوليو 1880— إنه يوم سعيد! مرحى! بعد سنوات طويلة من الانتظار، تحقق حلم الأب كودي مارتيمينيا والأم كليرا أخيرًا. في ليلة صيفية بولاية كاليفورنيا، وعند الساعة الثالثة والنصف فجرًا، جاءت المولودة المنتظرة صوفيا لترى نور العالم... أو بالأحرى، لترى ظلامًا أبديًا.
لكن لحظة! شيء ما ليس على ما يرام... فجأة، تنهار الطبيبة المشرفة على الولادة وسط صراخ الممرضات! يتوافد الأطباء على الغرفة بسرعة، بينما يزداد وضع الأم كليرا سوءًا. تخيّل اندماج آلام الولادة بصدمة لا تعلم سببها، وكأنها تُسحب قسرًا إلى كابوس مفزع لا خروج منه.
وفي خضم الفوضى، يدخل الزوج كودي مسرعًا، تملؤه الحيرة والذعر، محاولًا فهم ما يحدث لزوجته. وما إن وقعت عيناه على طفلته حتى تجمّد في مكانه، وتجمّدت كليرا أيضًا... كان المشهد كابوسيًا!
الرضيعة بلا أعين.
كان لها جبهة، أنف، وفم... لكن لا أثر للعينين. بلا حواجب، بلا بصيرة، بلا نظرات... فقط تجويفان فارغان يحدقان في العدم. منظرها كان صادمًا، مشوهًا، بل وغير قابل للتصديق. لقد كانت ولادة فريدة من نوعها، لكنها ليست كما حلم بها الأبوان أبدًا.
ومع ذلك، استغل كودي وكليرا سنوات حرمانهما من الأطفال ليُجبرا نفسيهما على تقبّل الواقع الجديد. كيف لا، وقد كانت طفلتهما الوحيدة بعد سبع سنوات من المحاولات؟
---
حياة بلا بصر
مرّت سنتان ونصف، وصوفيا تنمو وسط حب والدتها ورعاية والدها. كانت تشرب الحليب دون أن ترى الكأس، تتلمس وجوه والديها دون أن تعرف ملامحهما، وتضحك دون أن ترى سبب الضحك. وكأنها تستمتع بصوت قرمشة اللحم دون أن تتذوق طعمه... هذه هي حياتها، حياة بلا بصر.
والآن، بفضل الله، بدأت تتعلم المشي.
كودي: خطوة بخطوة يا ابنتي، وستصلين إلى نهاية تمارينك اليوم!
كليرا (بحماسة): إنها تتحسن فعلاً! أنا جد سعيدة بهذا، أحبها جدًا!
لكن السعادة لم تدم طويلًا...
---
الحقيقة القاسية
العام 1886— بلغت صوفيا السادسة من عمرها. كان يومًا كئيبًا عندما عاد كودي من العمل متعصبًا، يلوّح بيديه بغضب.
كودي: إنها نتائج سيئة! تبًا! كنت أعلم ذلك! لا يوجد حل، لقد سئمت! جربنا كل شيء، لكن حالتها مستعصية!
كليرا (بحزن): لقد فعلنا كل ما بوسعنا... جربنا التحاليل، العمليات، حتى أن الدولة ساعدتنا للوصول إلى أكبر الأطباء... لكن لا فائدة.
الصدمة الكبرى لم تكن في عدم قدرتهم على علاجها، بل في القرار الذي توصّلا إليه...
كليرا (بصوت خافت): لم أعد قادرة على تحمل المسؤولية... فقدت عملي من أجل رعايتها، وأرهقني ذلك جسديًا، والأسوأ من ذلك، أنه استنزف خزينة البيت بالكامل.
كودي (بقسوة لم يعهدها في نفسه): نعم، لم أُرد جرحها، لكن... لم أطمح لأن تكون لي ابنة بلا أعين... ماذا أفعل بها؟! لا جمال، لا نظر، لا أمل... رأيي أن نتركها للقدر.
وهكذا، بعد سنوات من المحاولات الفاشلة، اتفق الأبوان على التخلّص من صوفيا. قرّرا أن يتركاها في إحدى غابات كاليفورنيا الشاسعة، على أمل أن يعثر عليها شخص آخر... أو أن تلقى موتًا طبيعيًا رحيمًا ينهي معاناتها.
---
اللحظة الأخيرة
حُملت صوفيا في عربة العائلة، بينما تسللت الدموع إلى عيني كليرا. وعند أطراف غابة موحشة، وضعاها على الأرض، رمقاها بنظرة أخيرة، ثم استدارا عائدين إلى المنزل، تاركين خلفهما طفلة في السادسة من عمرها وحدها وسط الغابة.
لكن هناك أمرًا لم يخبرهم به أحد... صوفيا كانت تسمع كل شيء.
صوفيا (في داخلها): بشعة؟! بشعة؟! هل أنا كذلك حقًا؟!
لم تكن صوفيا غافلة عمّا يحدث، بل كانت تدرك كل شيء. لقد سمعت حديث والديها عن التخلص منها، لكنها لم تعترض، ولم تبكِ أمامهما. بل فضّلت الصمت، متظاهرة بأنها عاجزة حتى عن الكلام، بينما ينهشها الألم من الداخل.
ولكن، بعد أن تركوها... لم تستطع إخفاء مشاعرها أكثر.
صوفيا (بصوت مرتجف): النجدة! النجدة! هل يسمعني أحد؟ أرجوكم، لا تتركوني هنا!
استمر صراخها لساعات طويلة، حتى... سمعها شخص ما.
---
المنقذ الغامض
بينما كان أحد الرجال يسير بحصانه عبر الغابة، استوقفه الصوت. كان شابًا في أواخر العشرينات، طويل القامة، مفتول العضلات، يحمل على وجهه ملامح صارمة. أوقف حصانه فورًا، وأرهف السمع...
الشاب (بدهشة): من هناك؟
اقترب ببطء، وعندما وقع بصره على صوفيا، اتسعت عيناه من الذهول. إنسان بلا أعين؟! تحت قمر مكتمل في سماء حالكة السواد؟ وسط أشجار الغابة الكثيفة؟ كاد أن يهرب معتقدًا أنها جنيٌّ أو كائن غير بشري، لكنه تردد عندما سمع كلماتها:
صوفيا (بضعف): أشعر بوجودك... أنت أملي أيها الإنسان الشهم، أرجوك، أنقذني! لم أخلق نفسي، ولم أؤذِ أحدًا في حياتي... أنا فقط جائعة.
عندما سمع الشاب ذلك، تحجّرت قدماه في مكانه. كم هو قاسٍ أن يتخلى والدان عن طفلتهما لهذا السبب؟! كيف يمكن لهما أن يحكما عليها بالموت لمجرد أنها وُلدت مختلفة؟!
الشاب (بغضب مكبوت): سحقًا لهما...
دون تردد، حملها بين ذراعيه ووضعها على ظهر حصانه، وانطلق بها نحو منزله، وهو يتساءل في نفسه... كيف لطفلة في السادسة أن تمتلك هذا القدر من الذكاء والوعي؟!
وفي طريقهما، قصّت عليه صوفيا كل شيء... كيف تربّت، وكيف أدركت أن والديها يعتبرانها عبئًا، وكيف أُجبرت على عيش حياة لم تخترها. تأثر الشاب بشدّة، وزاد حقده على والديها.
---
ملجأ جديد
عندما وصلا إلى البيت الخشبي الصغير على أطراف الغابة، ترددت صوفيا في الدخول.
الشاب (مبتسمًا): لا تخافي، أنتِ الآن مع أخيك الأكبر... أو يمكنكِ اعتباري والدك الجديد.
دخلت صوفيا ببطء، معتمدة على إحساسها بالمكان، بينما أمسك يدها بلطف وأرشدها إلى غرفتها.
الشاب: هذه غرفتك، والطعام دائمًا على يمينك. لا تخافي، أنا هنا لحمايتك.
صوفيا (بابتسامة صغيرة): شكرًا لك... يا أملي.
---
صوت غامض في الظلام
حلّ الصباح، واستعد الشاب للخروج إلى العمل.
الشاب: المكان هنا مليء بالمخاطر، لا تخرجي من غرفتك حتى أعود، مفهوم؟
صوفيا (بثقة): نعم، أعدك بذلك!
لكن لحظة... بعد خروجه، سمعت صوفيا صوت خطوات تقترب من البيت... شيء ما يقترب...
يتبع... 🩸
الفصل 2
صرخت صوفيا بفزع: "من أنت أيها السائر؟ أعلم أنك لست منقذي، فقد شعرت بخطوات غريبة لا تشبه خطواته!".
ازداد الصوت اقترابًا، لكن بثقة وهدوء، مما زاد من قلقها. صاحت مجددًا: "أرجوك، لا تؤذني! أنا بريئة!".
وأخيرًا، جاءها الرد بصوت ثقيل وغامض: "أنا لست ذلك الشخص الذي وجدك في الغابة وقرر إنقاذك وأخذك إلى هذا المنزل فوق حصانه".
تعجبت صوفيا بشدة من كلام الرجل، فقد كانت تظن أن الغابة مهجورة تمامًا، وكانت متأكدة من إحساسها. تابع الرجل حديثه: "أنا يا صوفيا...".
اتسعت عيناها دهشة، كيف يعرف اسمها؟!
"أنا طاعن في السن، وأنتِ ملك لي، ولن أستطيع شرح القصة كاملة هنا. لكن عليكِ أن تدركي أن مفتاح بصرك بحوزتي. إذا أردتِ استعادة بصرك ورؤية العالم مجددًا، عليكِ اتباعي وطاعتي. فهل توافقين؟".
حل صباح اليوم التالي، وتصاعدت زقزقة العصافير فوق أسقف البيوت المهجورة المتآكلة، بينما جلست صوفيا تنتظر عودة الشاب الذي اعتاد إطعامها وسقيها. تأخر قليلًا بسبب انشغاله، لكنها انتظرت بصبر. غربت الشمس خلف الأفق، وحلّ الظلام تدريجيًا، معلنًا سيطرة القمر على سماء الغابة الموحشة.
وأخيرًا، عاد الشاب إلى البيت محمّلًا ببعض الطعام المعلب الذي جلبه من المدينة. وقف عند الباب ونادى بحماس: "صوفيا! لقد عدت! أتيتك بهدايا ستبهجك!".
لكن لم يأتِه أي رد. بدا وكأنه يخاطب جدارًا بلا آذان.
دخل إلى غرفتها ليجدها خاوية، ولكن ما فاجأه أكثر كان العظام المتناثرة في أرجاء المكان والدماء التي لطخت الأرضية!
شعر بقشعريرة تسري في جسده، وتصلبت أطرافه من الرعب. حاول مغادرة المنزل لطلب المساعدة، لكنه اكتشف أن الباب مغلق بإحكام! حاول فتحه بكل قوته دون جدوى. التفت باحثًا عن أي أداة لكسره، وعندما مدّ يده لالتقاط إحدى العظام، فوجئ بأنها ابتعدت من تلقاء نفسها!
ظهر أمامه مشهد مرعب... كانت صوفيا واقفة هناك، لكن لم تعد كما كانت! في وجهها عين بشرية مخيطة مكان أعينها، والدم يتقاطر منها على وجنتيها وفمها!.
خفق قلب الشاب بجنون، وعيناه عكستا هلعًا لا يصدق.
قفزت عليه صوفيا بوحشية! حاول مقاومتها وهو يصرخ: "ما بكِ؟ هل أصابكِ الجنون؟!".
لكنها امتلكت قوة خارقة لا يمكن أن يمتلكها بشر! قوة لم يكن ليحصل عليها حتى مايك تايسون! وبضربة منها، اقتلعت عينه من جذورها! انهمرت دموعه الممزوجة بالدم، تعبيرًا عن حسرة عميقة... لقد أنقذها وربّاها، ولكنها كانت نهايته.
بدأت صوفيا تمزق جلده بأسنانها، بينما أمسكت عينه الأخرى بحرص، وكأنها كنز ثمين.
في تلك اللحظة، دخل العجوز.
نظر إلى الجثة ببرود قائلاً: "لا وقت لدينا لهذا. إنه ميت، وهذا يكفي. لدينا أمور أكثر أهمية. تعالي معي، فالرحلة الحقيقية نحو تحررك قد بدأت".
أجابت صوفيا بطاعة غريبة: "سمعًا وطاعة، سيدي. طلباتك أوامر".
وصلوا إلى قمة جبل مخفي عن أنظار البشر، حيث كان كهف محاط بصخور رمادية وتربة صلبة تكسوها بقايا نباتات ميتة، كأنها انعكاس لمشاعره الباردة. هذا المكان كان مسكن العجوز، وهو الآن المالك الجديد للبنت العمياء.
ما إن دخلت الكهف حتى بدأت صوفيا تسمع أصواتًا غريبة... صدى حيوانات مجهولة يتردد في أذنيها، وغليان مواد كيميائية متفجرة. سألت العجوز بقلق: "أخبرني من أنت؟ وكيف ستعيد إلي بصري؟".
أجابها بنبرة متسلطة: "منعًا لسوء الفهم، لا يحق للخدم معرفة أسماء أسيادهم. لكنني سأخبرك بما أريدك أن تعرفيه".
شعرت صوفيا بشيء غريب... إحساس بالخضوع له يسيطر عليها.
قالت بهدوء: "تفضل، سيدي. أخبرني".
ابتسم بخبث: "أنا ساحر بارع في مجالي، لكن لدي أعداء كثر في عالم السحر، يعرقلون تقدمي نحو السيطرة المطلقة. كنت بحاجة إلى بشري يحقق لي أهدافي... فبحثت طويلًا، حتى وجدت أباك، كودي مارتيمينيا".
اتسعت عينا صوفيا، بينما تابع: "كان رجلًا فقيرًا، بالكاد يجد ما يسد به رمق زوجته. فاغتنمت الفرصة، وعرضت عليه وليمة فاخرة وأخبرته بمشروع سيجعله ثريًا. كل ما عليه فعله هو إعطاء زوجته جرعة سحرية، لينجبا طفلًا مشوهًا لكنه مميز... وقابلًا للسيطرة. وكان عليه أن يسلم لي الطفل في سن السادسة مقابل عشرة آلاف دولار".
صمت للحظة، ثم انفجر ضاحكًا: "لكن هل تعتقدين أنني دفعت له المبلغ؟ هاهاها!".
نظرت إليه صوفيا باشمئزاز: "إذن... أخلفت وعدك؟".
هزّ رأسه ساخرًا: "كان ذلك ليكون أهون. ولكن يكفي أن تعرفي أنك الآن ترتدين عين أبيكِ!".
صعقت صوفيا! رغم كل شيء، لم تستطع منع قلبها من الشعور بالحزن.
همست بصوت مرتجف: "إذن أنت قتلته... وأنت السبب في معاناتي منذ ولادتي... والآن تريدني أن أخدمك؟!".
ابتسم بازدراء: "أنتِ من تحتاجينني، يا مخلوق البشاعة. لا أحد سيحبكِ سوى أحمق مثل ذلك الشاب المسكين. وأنا لن أعيد إليك بصرك مجانًا، فلكل شيء ثمن".
حاولت صوفيا التراجع، لكن كلماته كانت تخترق عقلها كالإبر الحادة. شيئًا فشيئًا، بدأ قلبها يزداد قسوة... لم يعد هناك مكان للعواطف، ولم يتبقَ سوى تعطشها للدماء.
في أعماق الغابة، كان شريط من الدماء يلطخ الأرضية الخشبية... ثم فجأة يقوم ! لقد عاد... عاد لينتقم.
يتبع... 🔪
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon