الفصـــــــل الأول
يا آنسة إيلين، أنتِ في غايةِ الجمالِ".
"شكرًا لكِ، هانا".
الفستانُ الأبيضِ الناصعِ مصممُ بطبقاتٍ عديدةٍ من الدانتيلِ الرقيقِ، وذِيلَهُ طويلٌ ينسدلُ على الأرضِ. و ياقتهُ المفتوحة برفقٍ عند عظمة الترقوة تَبدو كزهرةً كبيرةً، وتُغطي صدري المتواضعِ ببراعةٍ، مضيفةً لمسةً من الأناقةِ. وشَعري الكستنائي ينسدلُ بتجعيداتٍ فضفاضةٍ تُزينُ وجهي.
"تَبدين كجنيّة الزهورِ البيضاءِ. سيُفتن بكِ السيدُ صموئيل من جديد عِندما يراكِ".
"آملُ ذَلِكَ".
"باقةُ الزهورِ مصممةٌ خصيصًا لكِ، وتتكوّن بشكلٍ أساسي مِن زهورِ البنفسج الأرجواني، التي تتوافق مع لون عينيكِ".
أقومُ الآن بتجربةِ فستانِ الزفافِ لِلتأكد من المقاساتِ، استعدادًا لحفلِ الزفافِ بعد أسبوعين. صموئيل كورين هو خطيبي، و قد تم تَرتيب خُطُوبَتَنا من قِبل والدينا، لَكنَّهُ خطيبٌ لطيفٌ يُحبُني.
"سأكون زوجة جيدة. وسأبني عائلة سعيدة من أجلِ صموئيل".
"يا آنسة إيلين، هذا يُسعدني حقًا".
عيّنا هانا، خادمتي، تُدمعان. لقد أنقذتني هانا من أوقاتٍ عصيبةٍ لا حصر لها. شكرًا لكِ يا هانا، هذا ما أُفكّر فيه من أعماقِ قلبي.
بعد الانتهاءِ من التأكد من المقاسات النهائية، بدّلتُ ملابسي وارتديتُ ملابس مريحة، ثم توجهتُ مع هانا وستيفان، حارسي، إلى الغابةِ المجاورةِ للقصر.
مراقبةُ النباتاتِ والحيواناتِ ودراستُها هواية تَجمع بين المتعةِ والفائدةِ بالنسبة ليّ. أرسمُ النباتاتَ والحيواناتَ التي تعيشُ في الغابةِ، وأُلونُها، وأُسجل التاريخ والمكان. كَمّا أقوم بجمعِ بعضها. لديّ بالفعلِ أربعون دفتر رسم مليئة بالرسومات.
بالإضافة إلى ذَلِكَ، أبحثُ في فوائدها وأُسجلها، وأُربطها بلوحاتٍ نباتيةٍ ملونةٍ في مجموعاتٍ من اثنتين. هَذه المجموعة الكبيرة أَصبحت الآن بمثابةِ دليل نباتات صغير.
كائناتُ الغابةِ تبتكرُ طرقًا مُتنوعة للبقاءِ على قيدِ الحياة والتكاثر. هَذا هو الجزء المثير للاهتمام.
حَان الوقت تقريبًا لوصولِ صموئيل. عِندما كُنتُ عائدةً بعد الاسترخاءِ في هواءِ الغابةِ وبين نباتاتها، اخترتُ طريقًا يُؤدي إلى شرفةِ المراقبةِ، و هو طريقٌ لا أَسلكهُ عادةً. تَذكرتُ أنَّ اللبلاب الذي يغطي شرفة المراقبة رُبما يَكون في أوجِ جماله الآن.
لاحظت وجودَ أصواتٍ بشرية عِندما بدأت شرفة المراقبة تظهرُ في الأفقِ. صوتُ امرأة تَبكي وصوت رجل يتحدث بهمسٍ جَعلاني أتوقف. نظرتُ إلى ستيفان، حارسي، وتحدثت بصوت منخفض.
"هل هذا مشهد عاطفي؟"
"يَبدو كَذلِكَ. ماذا نفعل؟"
"هل نعود؟ سيكون الأمر محرجًا إذا تقابلنا".
إذا كان هُناك مشهد عاطفي هُنا، فمِن المحتمل أن يكون بين خدمنا. سيكون مِن المحرجِ لكليّنا إذا تقابلنا. عندما كنتُ على وشكِ العودة بهدوءٍ، ارتفعَ صوتُ المرأةِ اليائس قليلاً.
"لأنَّني حاملٌ. ماذا أفعل يا سيد صموئيل؟"
... ماذا؟
لم أستطعْ منعَ نفسي مِن الإصغاءِ.
"ميلاني، لا تبكي. أُحبكِ من كُل قلبي لكن منزلي يُواجه صعوبات في الوقوفِ على قدميّه دون مساعدة عائلة بوين. لكن بالطبع، يمكنكِ أن تنجبي طفلكِ وأنتِ مطمئنة. سأجهز غرفة مريحة ومشمسة لكِ ولطفلكِ. وسنستمرُ في حُبنا هُناك".
شعرتُ بالبردِ يَسري في رأسي وجسدي.
اعتقدتُ أنَّني أخطأتُ السمعَ، لكن هذا صوت صموئيل بالفعلِ. والصوت الآخر هو صوت ميلاني. الابنة الصغرى للبارون، صديق والدي، وهي تقيمُ في منزلنا خلال موسم الاحتفالات الاجتماعية فَقط. عُمرها عشرون عامًا، مِثل عُمري.
"هل هذا صحيح يا سيد صموئيل؟"
"بالطبع. أحبكِ يا ميلاني".
شيءٌ ما انكسرَ في داخلي. دفعتُ قدميّ اللتين لا تقويان على الحركةِ، وعدتُ بهدوءٍ مِن حيثُ أتيتُ، وتوجهتُ إلى المنزلِ. كنتُ أشعرُ بالخزي والعارِ، ولم أستطعْ النظرَ إلى وجهي ستيفان وهانا اللذين يَتبعاني.
لِذَلِكَ لم ألاحظ نظرة ستيفان الغاضبة التي كانت موجهة إلى صموئيل. علمتُ بذلك لاحقًا.
(يجب أنْ أتماسكَ. يجب أنْ أفعلَ ما يجبُ عليّ فعله. ليس لديّ وقت للبكاءِ أو اليأس).
تمسكتُ بدرابزين الدرج بيدي المرتجفة، وصعدتُ إلى غرفتي، وناديتُ ليز، الخادمة.
"آسفة لإزعاجكِ يا ليز. أريدُ أنْ أسألكِ عَن شيءٍ".
بعد فترةٍ قصيرةٍ تَحدثنا فيها بمُفردنا، بَدلتُ ملابسي وارتديتُ فستانًا للخروجِ. بَدتَ هانا قلقة. بعد أنْ انتهيتُ من تبديلِ ملابسي، صعدتُ إلى العربةِ بسرعة.
"يا آنسة إيلين، إلى أين نحنُ ذاهبون؟"
سألني ستيفان، فأجبتُ باقتضاب.
"إلى منزلِ دانيوث"
.
"حاضر سيدتي".
انطلقت العربةُ بنا، هانا وستيفان وأنا. يجب أنْ أتحرك بسرعة.
زوجة السيد دانيوث تحبني، وهي مولعةٌ بالنميمة. وهي على خلافٍ مع عائلة كورين، عائلة صموئيل. إذا أخبرتها بما سمعته الآن، فستنشرُ الخبرَ بين معارفها بالتأكيد.
والدي صديقٌ قديمٌ لوالدِ صموئيل مُنذ أيامِ الدراسةِ. والدي لطيفٌ معي، لكنَّه قَد يُفضل صداقةَ الرجالِ التي دَامت سَنواتٍ طويلة على ابنته. وقد يقول:
"لماذا لا تتحملين وجود عشيقة؟ ستصبحين زوجة".
لن أسمح لحياتي بأن تُدمر من أجلِ صداقة والدي. لم يتبق الكثير من الوقتِ حتى حفل الزفاف. يجب أنْ أتحرك.
لطالما قالت لي والدتي: "تزوجي من شخصٍ تثقين به من كل قلبكِ، وتزوجي عن حبٍ". كانت سعيدةً بعلاقتي الجيدة بصموئيل خلال فترة الخطوبة.
كيف ستتصرفُ والدتي إذا علمت أنْ ابنتها تعرضتَ للإهانة والخيانة؟
والدتي هي الأكثرُ رعبًا في عائلتنا بسبب تصميمها. قد تُزهق أرواحهما في أسوأ الأحوال. هذا سيكون مروعًا للغاية.
يجب أنْ أمنعَ حياتي مِن أنْ تتحولَ إلى جحيم، و أمنع قتلهما، و أحبط خططهما. هذا صعبٌ، لكن آملُ أنْ تكون خُطوتي التالية هي الأفضل.
زيارةُ منزلِ دانيوث دون إشعار مسبق أمرٌ غير لائقٍ، لكن الهدية التي سأحملها معي سَتعوضُ هذا الإهمال. يجب أنْ يعرفوا أنَّ صموئيل مخطئ حتى أتمكنَ مِن الهروبِ مِن الزواجِ منه. يجب أنْ أنشر الخبر على نطاقٍ واسعٍ لدرجة أن والدي لن يتمكن مِن الاعتراض على فسخِ الخطوبةِ.
على أيِّ حالٍ، هل أحببتُ شخصًا كهذا؟ أشعرُ بالغثيانِ مِن نفسي لأنَّني فكرتُ في الزواجِ مِن رجلٍ كهذا و بناء عائلة سعيدة. ولنْ أُسامحه أبدًا.
بينما كنتُ أخططُ بحماس لكيفية التحرك، سألتني هانا، التي كانت تجلس أمامي، وهي تفركُ يديها.
"يا آنسة، هل هذا جيد؟ حتى لو كان ذلك لمعاقبة السيد صموئيل، إذا أخبرتِ زوجةَ السيد دانيوث وانتشرت الشائعات، أَلن تُضرين سُمعتكِ أيضًا؟"
"هانا، تخيلي أنَّني تحملتُ الأمر وتزوجتُ من صموئيل. سأحمُل لقب الزوجة التي سُلب منها زوجها قبل الزواجِ طوال حياتي. إذا كان عليّ أنْ أضر سُمعتي، فسأختارُ الخيارَ الذي يحمي حياتي.
ماذا؟ لماذا عيناكِ مُتسعتان؟"
"أنتِ تَبدين مُختلفة تمامًا عن الآنسة الهادئة التي أعرفها. هذا مدهش".
"أنتِ محقة. عادةً ما أبتسم وأتجاهل معظم الأمور. لكن هذه المرة مختلفة".
يجب أن أتجنب هذا الزواج بأي طريقة.
┆❀ترجمة little flower Ruby ( طماطم)
"الفصل الثاني: السيدة دانيوث محبة الشائعات".
أثناء حديثي مع هانا، وصلنا إلى منزلِ دانيوث. كان الخادم واقفًا بالفعل عند المدخل، بعد أنْ رَأى عربتي قادمة.
"مرحبًا. أعتذرُ عن المجيءِ دون إشعارٍ مسبقٍ، لكن لديّ أمر ضروري أوّدُ استشارة السيدة فيه."
بعد أنْ قلتُ ذلك، قادنا الخادم إلى الداخلِ ثُم اختفى في عمقِ المنزلِ. انتظرنا أنا و هانا في غرفةٍ بجانب المدخلِ. سُرعان ما جاءت السيدة نفسها لاستقبالنا.
"يا إلهي، إيلين. ماذا حدث؟ عروسٌ على وشكِ الزواجِ ولديّها ما تستشير فيه؟"
عانقتني كونتيسة دانيوث، لكنَّها بَدتَ متلهفة مثل كلبِ صيد شَم رائحة فريسة. قادتنا إلى غرفةِ الاستقبالِ، حَيثُ قُدم لنا الشاي.
"حسنًا؟ ماذا حدث؟"
عندما سُئلتُ، عَضضتُ شِفتي وتَظاهرتُ بالترددِ قبل أنْ أتحدث.
"رأيتُ صموئيل يَخونني، على الرغمِ مِن أنْ حفل زفافنا قريب جدًا."
"يا إلهي! يا لهُ مِن أمر! مَن هي الأخرى؟ أيُّ امرأةٍ هذه؟"
غطيتُ وجهي بيدي كَما لو كنتُ أعاني، وأجبت وأنا أنظر إلى الأسفل.
"إنَّها ابنة صديق قديم لوالدي. ابنة بارون، كانت تقيمُ في منزلنا خلالِ موسمِ المجتمع لأنَّ ليس لديّها منزل في العاصمة."
"وماذا بعد؟"
"لو كان نزوة عابرة، لكنتُ تحملتُ، مدركةً أنْ هذا واجب الزوجة... لكن..."
"أليست نزوة عابرة؟"
"يبدو أنْ تِلكَ المرأة حامل."
"يا إلهي!"
يبدو أنْ السيدة قد استرخت بعد أنْ حصلت على قصةٍ كبيرةٍ، صوتها مليءٌ بالبهجةِ. كانت السيدة تكره صموئيل في الأصلِ.
"إذن، ابن عائلة كورين ارتكبَ مثل هذا الخطأ الفادح. يا لهُ مِن أمر."
واصلتُ الحديثَ وأنا ما زلتُ أغطي وجهي.
"لو كان هذا بعد عدة سنواتٍ مِن الزواجِ، لكنتُ فكرتُ في أوجه قصوري، لكن أنْ يخونني ويجعلَ امرأة حامل خلال فترة الخطوبة، وفوق كل ذلك، يقول إنَّه سيستخدم أموالَ عائلتي لتوفيرِ غرفة مشمسة لهما ليعيشا قصة حبهما."
تظاهرتُ بالبكاءِ. كنتُ أنوي البكاء كذبًا، لكن الدموع الحقيقية انهمرت. انهمرتَ الدموع الساخنة على خدي.
"آه، هل أنا حزينة حقًا؟" مسحتُ الدموعَ بأصبعي كما لو كنت أراقب شخصًا آخر. ربما شَعُرت كونتيسة دانيوث بالأسفِ عليّ، فقدمت لي منديلًا أبيض، وعيناها تُدمعان.
"إذن، هو ينوي استخدام أموال عائلتك، التي هي بالفعل تستخدم لمساعدة عائلته بأكملها، لإعالة عشيقة وطفل أيضًا؟"
"نعم. لكن حتى لو اشتكيت، قد يقول والدي لي أنْ أتزوج صموئيل. قد تدعمني والدتي، لكن والدي ووالد صموئيل لديهما صداقة طويلة جدًا. أُفضل الموتَ على القفزِ إلى هذا الجحيم."
قُلتُ ذلك وبكيتُ مرة أخرى. أتمنى أنْ تمحو دموعي كلَّ ذكرياتِ صموئيل. أردتُ أنْ أتخلصَ مِن كلِ تلك الذكريات. خمس سنواتٍ مِن الخطوبةِ. هُناك ذكرياتٌ سعيدةٌ لا حصرَ لها. لكن أيُّ كأسٍ جميلٍ، إذا انكسرَ، سيصبحُ شظايا زجاج تجرحني.
فكرتَ السيدة لبعضِ الوقتِ، ثُم قالتَ:
"فهمت. لم تخبري والديك بعد، صحيح؟ اتركي الأمر لي إذن. سأساعدكِ. يَكفي أنْ يصلَ الخبرُ إلى شخصٍ يُمكنه إيقاف زواجكِ."
أمسكت السيدة بيدي، وبدت متحمسةً. كنتُ أعرف أنَّها ستقولُ ذلك، شكرًا لك يا كونتيسة دانيوث.
شَكرتُ السيدةَ المتحمسةَ، وعند مُغادرتي، أَعطيتها علبة صغيرة من مرطبٍ مصنوعٍ يدويًا.
"يا لَكِ مِن لطيفة."
"كنتُ أنوي شراءَ المزيدِ منه قريبًا. هذا المرطب رائع يَمتصهُ الجلدُ بسرعة ويتركُ البشرةَ ناعمةً ورطبةً."
ابتسمتُ بصعوبة بوجهي الملطخ بالدموع وعدت إلى المنزلِ. هل ستتفاجأ السيدةُ إذا علمت أن المرطب الثمين مصنوع مِن زيت مستخرج مِن أحشاءِ سمك القرش؟
تناولتُ العشاءَ في غرفتي، متذرعةً بأنَّني "تعبتُ مِن تعديلِ مقاس الفستان".
بينما كنتُ أنتظرُ وصولَ رسولِ العدالة إلى منزلنا، قضيتُ وقتي في غرفةِ إدارةِ الأعشاب الطبية في المبنىّ المُلحق. عِندما فتحتُ البابَ، انتشرت رائحةُ الأعشابِ الطبية.
كانت هناك عشرات الأنواع من الأعشابِ الطبيةِ المجففة. بعد أنْ يفقدَ النباتُ حوالي 80% مِن رطوبته، يتم قطف الأوراق وتقطيع السيقان. في بعضِ الحالاتِ، تُستخدم الجذور أيضًا. بعد التقطيع، يتم تجفيفها مرة أخرى وتخزينها.
غالبًا ما يكون استخدام النباتات طازجة أكثر فعالية، لكن الكثير منها لا يتوفر في بعضِ المواسمِ. لذلك، يتم تجفيفها وتخزينها بكمياتٍ كبيرةٍ.
في الغرفةِ المجاورةِ، كان العديد مِن الموظفين يطحنون الموادَ المجففة. المواد التي يطحنونها يتم خلطها في النهايةِ بأعشابٍ طبيةٍ لا يعرفها سوىّ والدتي وأنا.
نسبة ومحتوى هذا الخليط سري بيننا، وهذا هو سر "أن أدوية عائلة بوين لها تأثير مختلف عن غيرها".
في الغرفةِ الخلفيةِ، كانت هناك أنواع مختلفة من الثعابينِ السامةِ، الضفادعُ السامة، والحشراتُ السامة، ومفاتيح الغرفة لا يملكها سوىّ أنا و والدتي و ستيفان الحارس. والدي لا يحبُ هذه الأشياء، لِذلك رُبما لم يدخل الغرفة أبدًا.
كان وقتُ العشاءِ يقتربُ مِن نهايته. سمعتُ صوتَ عربةٍ بالخارجِ. لقد وصلَ رسولُ العدالةِ الذي سينقذني مِن الجحيم.
نظرتُ مِن النافذةِ بهدوءٍ، و رأيتُ شعارَ عائلة بوسفيلت المركيزية، عائلة والدتي. لا بُد أنَّه خالي نوردين. فتحتُ بابَ الغرفةِ قليلًا و أصغيتُ، ثُم سمعتُ همساتٍ قادمةً مِن الممرِ. كان صوتُ والدي و خالي يتحدثان، صوتان رجوليان منخفضان، لم أتمكن مِن تمييز المحتوى، لكن بَدا أنَّه نقاشٌ جديّ.
بعد فترة، سارَ خالي بسرعةٍ إلى العربةِ وغادر.
إنَّها حقًا الكونتيسة دانيوث، لقد اتصلت بخالي، الشخص الذي لا يستطيع والدي رفض طلبه.
بعد فترة، وصلتَ عربة أخرى. عربة عائلة كورين. هل هو صموئيل نفسه؟ أم والده؟ سيكون مِن المناسبِ لو كانا كلاهما.
هيا، تعالوا. لن أستسلم دون قتال.
ثم سمعت طرقًا على الباب.
"يا آنسة، السيد والسيدة يطلبانك."
جاءت هانا لتدعوني.
"سأتي حالًا."
أصلحتُ مكياجي، و صففتُ شعري، وارتديتُ فستانًا أنيقًا و محتشمًا و لكنَّه ثمينٌ، و وقفت منتصبةً. هيّا، لنبدأ المعركة.
رفعتُ رأسي و توجهتُ إلى غرفةِ الاستقبالِ، طرقتُ البابَ.
لقد كان صوتُ والدي يقول "ادخلي".
فتحتُ البابَ و ابتسمتُ بأفضلِ ابتسامة لديّ.
كان والدي ووالدتي وصموئيل و والد صموئيل وأنا مجتمعين في غرفة الاستقبال.
"مساءُ الخيرِ، يا كونت كورين، و يا صموئيل. لقد جعلتكم تنتظرون."
┆❀ترجمة little flower Ruby( طماطم)
"إيلين، اجلسي. لدينا حديث هام".
"حاضر، يا أبي".
سَادَ الصمتُ الغرفة، ولمْ يَكُنْ يُسمع سُوى صوتِ طقطقة نيران المدفأة الصغيرة المشتعلة، التي أُشعلت لِتُضفي بعض الدفء .
جلستُ في المقعد المقابل لعائلة كورلين. نهضَ صموئيل، وتجنبَ النظرَ إليّ، ثُم انحنى فجأةً.
"إيلين، أنا آسف!"
"نعم؟"
ثُم نهضَ والدُ صموئيل بِدوره وانحنى.
"إيلين، لَقد ارتكبَ صموئيل حماقة لا يُمكن تبريرها. أرجو منكِ، رُغم عَدم استحقاقنا، أن تُسامحي صموئيل الأحمق".
"أوه."
مِن الواضح أن دوقة دانيوث لم تخبر والد صموئيل مباشرة، بل تم إبلاغه مِن شخصٍ مقرب، لذا استجوب صموئيل. لكن إلى أي مدى اعترف؟ هل حتي الأمور التي يظن أن الأعتذار عنها قد يجلب له العفو؟
"بنجامين، دَعنا نشرح لإيلين أولًا".
أَجلسَ والدي عائلة كورين بصوتٍ حازمٍ. نظرتُ إلى والدتي، فوجدتها تُحدق في الحائط بزاوية مرتفعة. كان وجهها الأبيض المصقول كان يحمل تعبيرًا و كأن كلمة " مللتُ"مكتوبة عليه بحروف كبيرة.
أما والدي، فكانَ يبدو كمن يوشك أن يُخبرني عن مرضِ عضال، بوجه مليء بالألم.
"لَقد جاءَ الماركيزُ نوردن ُمنذ قليل ليخبرنا أن هناك شائعات عن علاقة وثيقة للغاية بين صموئيل وميلاني...".
"حقًا؟ لكن لماذا ميلاني نفسها ليست هُنا؟ قد يكون لديها ما تقوله. يجب أن تكون حاضرة".
عِندها، تَدخلتَ أمي بصوتٍ واضحٍ دون أن تغير تعبير وجهها :
"رودولف، أنا أؤيد ذلك أيضًا".
"حسنًا. إذا كنتما ترغبان في ذلك، فسوف نَستدعي ميلاني".
بعد قليلٍ، دَخلتَ ميلاني الغرفة ورأسها منخفض. لمْ تكُن مذعورة ولا باكية. يبدو أنَّني أَخطأتُ في تقييمها.
"ميلاني، اجلسي. لقد سمعنا مِن الخارج أن هناك علاقة وثيقة بينك وبين صموئيل؟"
نظرت ميلاني إلى صموئيل، لكنَّه كانَ يُحدق في يديه التي على الطاولة، ولم يُلاحظ نظرتها. أو ربما لم يَرغب في ذلك.
رفعتَ ميلاني رأسها ونقلتَ نظرتها من صموئيل إلى والدي، وأجابت بصوت قوي.
"نعم. أنا وصموئيل نُحب بعضنا. أعلم أن حفل زفاف الآنسة إيلين بعد أسبوعين. وأنا آسفة حقًا. لكننا نحب بعضنا".
تنهد والدي بعمق " هوف".صمت صموئيل. أما والد صموئيل فكان يحدق في ميلاني بعينين مفتوحتين علي وسعهما.
"هل لي أن أتحدث؟"
بعد موافقة الجميع، بدأتُ الحديث.
"في الواقع، صادفتكما منذ قليل في طريق عودتي من الغابة وأنتما تتحدثان. قال صموئيل إنه يحب ميلاني من كل قلبه، يا أبي".
"آه!"
أطلق والد صموئيل، الكونت كورين، صوتًا يعبر عن استيائه. انتفض صموئيل، لكنه لم يجرؤ على النظر في عيني.
"إيلين، ماذ تريدين أن تفعلي أولًا؟"
"لا مفر من ذلك. صموئيل اختار ميلاني عليّ. لا بد لي أن أنسحب، أليس كذلك؟"
نظر إلي صموئيل بتعجب"ها"، كما لو كان يظنُ أنَّني لن أتخلي عنه أبدًا . آه، كُنتَ تعتقد أنَّني سأتشبثُ بكَ، أليس كذلك؟
"مثلما وصل الأمر إلي أذن خالي نوردن،سينتشر الخبر بين النبلاء. لا يمكنني أن أصبح زوجة بائسة يخونها زوجها قبل الزواج. سوف يُستهان بعائلتي، عائلة بوين الماركيزية. سأحتاج إلى بعض الوقت لأداوي جراحي، لكن يجب أن نسرع بزواج صموئيل و ميلاني، أليس كذلك؟ خاصة أن ميلاني حامل. "
أنزل صموئيل رأسه أكثر. ابتسمت ميلاني بهدوء.
"أنتِ...!"
يبدو أن الكونت كورين لم يكن يعلم بأمر الحمل. أمسك الكونت صموئيل من ياقته فجأة ولكمه في وجهه بقوة.
صرخت ميلاني"آه". أما نحن،عائلتي الثلاثة، فحدقنا في المشهد ببرود.
"هكذا هي الأمور لا مفر من ذلك. الطفل لا ذنب له. مبارك لكما، صموئيل، ميلاني. أتمنى لكما السعادة".
"إيلين، هل أنتِ متأكدة من أن هذا ما تريدينه؟ لقد كنتما حبيبين مقربين".
"لكن صموئيل يحب ميلاني حقًا، ويريد أن يستأجر غرفة مشمسة ليعيش معها وطفلهما بأموال عائلتنا. أعتقد أن هذا مبالغ فيه بعض الشىء"
"ماذا...؟"
كان صوت والدي منخفضًا. لا بد أنه يشعر بالاستياء الشديد، حتي لو كان صديق قديم له. حسنًا، أنا سعيدة لأنه يشعر بذلك.
"الحياة مليئة بالمفاجآت، أليس كذلك؟ لو تخليت عن كبريائي، وتزوجت من صموئيل، ثم حدث لي مكروه قبل أن أنجب طفلًا، فإن كل المهر الذي سيعطيني إياه والدي سيذهب إلي الطفل الذي ستنجبه ميلاني. هذا هو معنى أن تموت حسرة".
توقفت للحظة، ثم قلت أهم شيء.
"بالإضافة إلى ذلك، بعد سماع ذلك الحديث، تلاشت رغبتي في الزواج تمامًا. لم يعد لدي أي ذرة من المشاعر تجاه صموئيل".
بعد سماع كلماتي، توسل بنجامين كورلين، الكونت، إلى والدي.
"رودولف، أنا آسف! أنا المسؤول عن تربية ابني الأحمق. لكن إذا تخليت عنا الآن، فسوف نفلس. أرجوك، لا تتخلى عنا!"
"ها؟"
كان التعليق الصغير هذا من ميلاني. هل كانت تجهل أن عائلة كورلين تعاني من ضائقة مالية شديدة؟ لقد قال صموئيل إنهم لا يستطيعون الاستمرار بدون مساعدة عائلتنا، أليس كذلك؟ هل كانت غارقة في نشوتها ولم تسمع؟
ضيق والدي عينيه وأجاب صديقه القديم.
"آه، أتمنى لو أستطيع مساعدتك. لكن هذا الأمر لم يعد يخصني ويخصك فقط. إنها قضية تخص عائلة بوين الماركيزية بأكملها وعائلة كورلين الكونتية. لن أطالب بفائدة على الأموال التي قدمناها لك في الماضي، كما وعدنا. لكن يجب أن تعيدها. وسوف نتوقف عن تقديم أي دعم مالي في المستقبل، بما أن الزواج قد أُلغي".
"إيلين! ألا يمكنكِ أن تطلبي من والدك مساعدتنا؟ الطفل الذي سيولد لا ذنب له، أرجوكم ساعدونا..."
تلاشى صوت صموئيل عندما نهضت والدتي بابتسامة هادئة. كانت أمي ترتدي ابتسامة مصطنعة على وجهها الجميل، لكن عينيها كانتا مخيفتين للغاية.
"صموئيل؟ حتى الطفل سيفهم أن كلامك غير منطقي. لقد خُنتَ إيلين وأَلحقتَ ضررًا كبيرًا بقلبها وسمعتها، لكنك تطلب مِنها أن تساعدك من أجل طفلك الذي سيولد من خيانتك؟ هل تعتقد حقًا أن هذا منطقي؟"
دون انتظار رد، تابعتُ بعد والدتي.
"هذا هو الوضع، ميلاني. يجب أن تسددي ديونك لعائلتنا بالعمل بجد مع الجميع أثناء تربية طفلك. الحب سيساعدك على تخطي كل شيء. وأخيرًا، لا أستطيع تحمل رؤية وجهك، لذا هل يمكنكِ مغادرة هذا المنزل صباح الغد؟ سيبلغ والدي والدك بالتفاصيل، فلا تقلقي".
"لكن...!"
"أنتِ لم تعودي بحاجة لحضور المناسبات الاجتماعية، أليس كذلك؟ قصة حصولك على زوج وطفل دفعة واحدة ستنتشر بحلول الغد. لم تَعُد هناك حاجة للبحث عن زوجٍ في المجتمع الراقي. لقد حققتِ هدفك، تهانينا. وداعًا، صموئيل، ميلاني".
كانت ميلاني تحدق بي بغضب. لتحدقي كما تشائين. كَلِمتا " النكران"و"السطحية"وُجدتا مِن أجلكِ.
ودعتهم بابتسامة هي الأجمل لدي، ثم هممت بمغادرة الغرفة، لكن والدتي أوقفتني.
ترجمة :~طماطم🌺~
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon