NovelToon NovelToon

لعنه القريه المنسيه

التحذير الاول

"في كل مكان هناك أسرار مدفونة، وأرواح لم تجد الراحة بعد. بعض الأبواب تُغلق لحماية من في الداخل، وأخرى تُغلق حتى لا يخرج ما بداخلها. لم يكن من المفترض أن ندخل تلك القرية، لكن الفضول يقودنا أحيانًا إلى حيث لا عودة..."

 

كانت رهف تضبط حقيبة ظهرها جيدًا بينما ينظر أسامة إلى الخريطة على هاتفه. "المكان مش بعيد، المفروض نكون قريبين من مدخل القرية الحين."

الطريق أمامهم كان ضيقًا، محاطًا بأشجار كثيفة، والجو بدأ يصبح باردًا بشكل غريب. كل شيء كان طبيعيًا حتى اختفت شبكة الهاتف فجأة، والشاشة تجمدت.

رهف رفعت حاجبها بقلق: "أسامة… إيش صار للشبكة؟"

أسامة حاول إعادة تشغيل هاتفه، لكن بلا فائدة. تنهد وقال: "يمكن إحنا في منطقة معزولة… نكمل ونشوف."

لكن كل خطوة كانوا يقتربون فيها، كان الهواء يزداد برودة، وكأنهم يعبرون إلى عالم مختلف تمامًا. حتى أصوات الطيور والحشرات اختفت، ولم يبقَ سوى صمت ثقيل.

عند مدخل القرية، كان هناك باب خشبي قديم نصف مفتوح، وعليه ورقة قديمة يبدو أنها معلقة منذ سنوات.

اقتربت رهف وسحبت الورقة بحذر، كانت الكلمات محفورة بخط غريب ومخيف:

"أنتم هنا بدون إذن. ستفعلون ما نطلبه… أو لن تغادروا أبدًا."

التفتت رهف إلى أسامة وعيناها متسعتان رعبًا: "هذه مزحة، صح؟!"

لكنه لم يرد… كان ينظر خلفها مباشرة، وجهه شاحب كأنه رأى شبحًا.

التفتت رهف بسرعة، ولمحت شيئًا… ظلاً أسود يتحرك بين البيوت المهجورة

تجمدت رهف في مكانها، عيناها معلقتان بذلك الظل الذي تحرك بين البيوت المهجورة. لم تكن متأكدة مما رأته، لكن الشعور بالرعب كان حقيقيًا. أسامة بلع ريقه بصعوبة وهمس:

"رهف… يمكن لازم نرجع."

رهف حاولت التظاهر بالثبات، لكنها لم تستطع تجاهل القشعريرة التي زحفت على ظهرها. نظرت حولها، القرية بدت وكأنها توقفت عن الحياة منذ عقود. البيوت كانت مهجورة، نوافذها محطمة، والأبواب متآكلة، كأنها لم تُفتح منذ زمن طويل.

لكن الأغرب… كان الصمت.

"ليش كل شيء هادي كذا؟" تمتمت رهف، لكنها لم تتلقَ إجابة، لأن أسامة كان ينظر إلى الأرض، إلى آثار أقدام غريبة.

"رهف، هذي الآثار… شكلها مو بشري."

انحنت رهف لترى بنفسها، كانت هناك آثار قدم نحيلة، طويلة بشكل غير طبيعي، والأغرب… أنها لم تكن تغادر المكان، بل كانت تدور حولهم.

قبل أن تستوعب رهف معنى ذلك، انغلق الباب الخشبي خلفهم بصوت مدوٍّ!

قفزت رهف في مكانها والتفتت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد! أسامة جرى إلى الباب وحاول فتحه، لكنه لم يتحرك، كأنه تحول إلى جدار حجري.

"هذا مو طبيعي…" تمتم أسامة.

رهف بدأت تشعر بأن الهواء حولها صار أثقل، وكأن المكان كله يرفض وجودهم. فجأة، انبعث صوت هامس، بالكاد مسموع، لكنهما استطاعا تمييزه بوضوح:

"أنتم هنا الآن… لن تغادروا حتى تنفذوا ما نريد."

أسامة التفت بسرعة إلى رهف، كان واضحًا أن كليهما سمع الصوت، لكنه لم يكن هناك أحد. الظلام بدأ يزداد كثافة، كأن القرية نفسها بدأت تبتلع النور ببطء.

رهف همست بصوت مرتجف: "هذا… هذا مستحيل."

لكن لم يكن هناك وقت للجدال، لأن باب أحد البيوت المهجورة أمامهم انفتح بصرير مزعج… وحده.

وقفا بلا حراك، عيونهما معلقة بذلك الباب المظلم، كأنه فم وحش ينتظر أن يلتهمهما.

"مستحيل أدخل هناك." تمتم أسامة، لكن فجأة، أصبحت الأرض تحت أقدامهما ثقيلة، وكأن شيئًا يسحبهما نحو الداخل!

رهف صرخت وحاولت التراجع، لكن قدميها لم تتحركا، كان وكأن قوة خفية تمسك بهما.

"أسامة، شيء يسحبني!!"

أسامة أيضًا كان يحاول المقاومة، لكنه شعر بشيء بارد يلتف حول كاحله، وكأنه يد غير مرئية تمسك به!

وفجأة…

انطفأ كل شيء.

لم يعد هناك قرية، لم يعد هناك ضوء، فقط ظلام دامس… ثم صوت خطوات تقترب، ببطء.

"لقد اخترتم البقاء… الآن، ستسمعون القصة من البداية."

ثم… انفتحت أعينهم على مكان مختلف تمامًا.

عندما فتحا أعينهما، لم يكونا في نفس المكان. اختفى الشارع المهجور، والبيوت المدمرة… ووجدا نفسيهما في ساحة حجرية قديمة، مضاءة بمشاعل تتراقص ألسنتها كأنها على وشك الانطفاء.

لكن الأغرب… كان الناس.

كان هناك أشخاص يرتدون ملابس قديمة، وكأنهم من قرون مضت، وجوههم شاحبة وأعينهم فارغة، يتحركون ببطء، بلا تعابير.

رهف تماسكت بصعوبة وهمست: "أسامة… هذا حلم، صح؟!"

قبل أن يجيب، ظهر أمامهم رجل مسن، كان مختلفًا عن الآخرين. كان له عينان مليئتان بالحزن، ولحيته طويلة متشابكة. اقترب منهم ببطء، ثم قال بصوت خافت:

"لم يكن يجب أن تأتوا إلى هنا… لقد أعدتم اللعنة للحياة."

أسامة عقد حاجبيه: "أي لعنة؟!"

الرجل نظر إليهم بحزن وقال: "قبل مئات السنين، كانت هذه قرية عادية، حتى جاء الغرباء… مثلما أتيتم أنتم. لم يطلبوا الإذن، لم يحترموا القوانين، والنتيجة؟ أصابنا غضب الأرواح… وحوّلنا جميعًا إلى أسرى لهذا المكان."

رهف شعرت بقشعريرة زحفت على جسدها: "يعني… أنتم أرواح؟!"

الرجل أومأ ببطء: "نحن لسنا أحياء… ولسنا أمواتًا. نحن عالقون بين العالمين، ومع كل من يدخل القرية… تزداد اللعنة قوة."

أسامة بلع ريقه وقال: "وكيف نخرج؟!"

الهواء صار أثقل… والرجل همس بصوت بالكاد يُسمع:

"عليكم أن تجدوا المفتاح… قبل أن يجدكم الحارس."

رهف شهقت: "الحارس؟!"

لكن قبل أن تحصل على إجابة… اختفى الرجل فجأة، كأن الريح ابتلعته!

وما زاد الرعب… أن كل الأشخاص في الساحة توقفوا عن الحركة مرة واحدة، ثم التفتوا إليهم ببطء، وأعينهم فارغة تمامًا.

 

ظهور الحارس

تجمدت رهف في مكانها، بينما شعر أسامة بعرق بارد يسيل على جبينه. كان الجميع يحدق بهم، بلا رمش، بلا تعبيرات… كأنهم مجرد دمى بشرية فقدت أرواحها.

ثم، في لحظة واحدة…

تحركوا جميعًا نحوهم بخطوات بطيئة ومتزامنة!

رهف شهقت: "أسامة… اهرب!!"

لم يحتج أسامة لسماعها مرتين، أمسك بيدها وركضا بأقصى سرعتهما عبر الساحة. لكن كلما تحركا، كان أولئك الأشخاص يتحركون أسرع، خطواتهم تزداد قوة، وكأنهم يتحولون إلى كائنات أخرى تمامًا.

وفجأة…

اهتزت الأرض تحتهم، وسمعوا صوت خطوات ضخمة تهدر عبر الأزقة المظلمة.

أسامة التفت برعب، ثم همس: "رهف… أعتقد أن الحارس وصل."

من وسط الظلام، ظهر كائن طويل، جسده مغلف برداء أسود ممزق، وجهه كان مغطى بظل غامق، لكن الشيء الوحيد الذي كان واضحًا…

كانت عيناه الحمراوان، المتوهجتان كالجمر.

صوته خرج عميقًا، أشبه بزمجرة وحشية:

"أنتم… لا تنتمون لهذا المكان."

رهف صرخت: "بالضبط! لذلك نريد الرحيل!!"

لكن الحارس لم يبدُ مهتمًا بكلامها. مدّ يده الطويلة العظمية نحوهم، وقبل أن يستوعبا ما يحدث، بدأ الهواء من حولهم ينجذب نحوه، وكأنهم يُسحبون بقوة غير مرئية!

أسامة حاول التمسك بجدار حجري، بينما رهف أمسكت بيده بشدة، لكن الجاذبية كانت أقوى منهما.

اقتربا أكثر فأكثر من الحارس…

ثم، في اللحظة الأخيرة…

اهتزت الأرض مجددًا، وظهر أمامهما باب حجري قديم، عليه نقش غريب!

الحارس توقف فجأة، وكأن شيئًا ما منعه من الاقتراب أكثر. عيناه اشتعلتا بالغضب، ثم صرخ:

"لااااااااااا!"

أسامة نظر إلى رهف وقال بسرعة: "رهف… المفتاح! لازم نلاقيه قبل ما يلحقنا!"

لكن السؤال كان…

أين هو المفتاح؟

 

البحث عن المفتاح

لم يكن هناك وقت للتفكير، كان الحارس لا يزال واقفًا في مكانه، لكن الغضب في عينيه كان ينذر بأن صبره لن يدوم طويلًا.

أسامة جذب رهف من يدها وركضا بعيدًا عن الباب الحجري، يبحثان في كل زاوية عن أي دليل يقودهما إلى المفتاح.

رهف، وهي تلهث: "كيف نعرف حتى شكله؟!"

أسامة: "المفتاح عادة يكون… مفتاحًا؟!"

رهف رمقته بنظرة يائسة: "حقًا؟! هذا ما تملكه من ذكاء الآن؟!"

لكن قبل أن يرد، لاحظا شيئًا غريبًا…

وسط أحد الأزقة الضيقة، كان هناك نور خافت يتوهج من نافذة بيت قديم ومهجور.

أسامة همس: "رهف… هذا البيت كان مظلمًا قبل دقيقة، صح؟"

رهف بلعت ريقها: "لا أعرف، لكن يبدو أنه إشارة لنا."

بدون تردد، توجها نحو المنزل، دفع أسامة الباب بصعوبة، فصدر عنه صرير مخيف، كأنه لم يُفتح منذ قرون.

الداخل كان مليئًا بالغبار والكتب المبعثرة، ورائحة العفن تملأ الهواء. وعلى الطاولة الخشبية المهترئة في منتصف الغرفة، كان هناك صندوق صغير، مصنوع من خشب داكن، وعليه رموز غريبة متوهجة!

رهف اقتربت بحذر وهمست: "هذا غريب جدًا… هل تعتقد أن المفتاح بالداخل؟"

أسامة مد يده ليفتح الصندوق، لكن قبل أن يلمسه…

انطفأ النور فجأة، وسُمع صوت أنفاس ثقيلة خلفهما.

التفتا ببطء…

كان الحارس واقفًا عند الباب، لكن هذه المرة لم يكن وحده.

خلفه، كانت العشرات من الكيانات الشبحية التي تشبه سكان القرية، لكنها لم تكن هادئة هذه المرة… كانت تبتسم بشكل مرعب، وأعينها بدأت تضيء بلون أحمر قاتم.

ثم، بصوت كأنه خرج من أعماق الجحيم، قال الحارس:

"لقد وجدتم الصندوق… لكن لن تحصلوا عليه بهذه السهولة."

ثم، بدأ الظلام يبتلع الغرفة…

--

الهروب مع الصندوق

لم يكن هناك وقت للتفكير. أسامة أمسك الصندوق بسرعة، لكن ما إن رفعه عن الطاولة، حتى اهتزت الأرض بعنف، وبدأت الجدران تصدر أصوات طقطقة، وكأنها على وشك الانهيار.

رهف صرخت: "أسامة، المكان ينهار!"

أسامة لم يرد، لكنه سحبها من يدها وركضا نحو الباب، إلا أن الحارس كان لا يزال واقفًا هناك، يحدق بهما بعينين مشتعلتين.

"لن تخرجا من هنا أحياء."

بمجرد أن نطق بهذه الكلمات، بدأت الكيانات الشبحية تتحرك، تقترب ببطء، لكنها لم تكن تسير على الأرض… كانت تطفو، تنزلق نحوهم بهدوء مخيف.

رهف أمسكت بالصندوق بقوة، وهمست لأسامة: "لازم نوجد مخرج آخر، وإلا سنُحبس هنا للأبد!"

أسامة نظر حوله بسرعة، ثم لمح نافذة صغيرة في الزاوية، لكنها كانت مرتفعة قليلًا.

"تسلقيني، بسرعة!"

رهف لم تفكر مرتين، صعدت على كتفيه، ومدت يدها لفتح النافذة، لكنها كانت مغلقة بإحكام.

"لا تفتح!"

أسامة: "اضربيها بأي شيء!"

رهف نظرت حولها، ثم بلا تفكير، ضربت الزجاج بالصندوق نفسه.

تحطم الزجاج!

لكن… فجأة، انطلق ضوء غريب من الصندوق، كأنه استجاب لهذه الحركة!

توقفت الكيانات للحظة، واهتز الحارس بعنف، كأنه يشعر بشيء خطير يحدث.

أسامة لم يفهم ما يحدث، لكنه صرخ: "اقفزي!!"

رهف خرجت من النافذة بسرعة، ثم مدت يدها لأسامة، الذي قفز ولحق بها في آخر لحظة قبل أن ينهار المنزل بالكامل!

انفجار من الغبار والظلام ملأ المكان، ومعه صرخة مرعبة من الحارس.

لكن لم يكن هناك وقت للاحتفال… كان الباب الحجري لا يزال بعيدًا، والمفتاح قد يكون داخل الصندوق… إن تمكنوا من فتحه.

رهف نظرت إلى أسامة وقالت: "هذا الصندوق ليس عاديًا… أشعر أنه يحمل سرًا أكبر مما نعتقد."

أسامة بلع ريقه: "أتفق معك… والآن، علينا معرفة كيفية فتحه، قبل أن يعود الحارس."

لكن كيف؟

-: سر الصندوق

وقف أسامة ورهف يحدقان في الصندوق الغامض، الذي لا يزال يتوهج بلون خافت بعد انفجار الضوء منه.

رهف: "كيف نعرف طريقة فتحه؟ ما عندنا وقت!"

أسامة جلس على الأرض وأخذ يفحص الرموز المنقوشة عليه. كانت غريبة، لكنها بدت مألوفة بشكل غامض…

"رهف، أليس هذا نفس النقش الذي رأيناه عند مدخل القرية؟"

رهف شهقت: "صحيح! كان هناك نقش محفور بجانب الباب الحجري!"

أسامة حاول تذكره، ثم نظر إلى الصندوق مجددًا، وبدأ يمرر أصابعه فوق الرموز… فجأة، شعر بواحد منها يغوص قليلًا تحت لمسته.

"رهف… أعتقد أنه زر مخفي!"

رهف بتوتر: "إذن، اضغطه!"

أسامة أخذ نفسًا عميقًا، ثم ضغط الرمز بقوة…

توقف التوهج للحظة… ثم بدأ الصندوق يهتز!

رهف تراجعت خطوة: "ماذا يحدث؟!"

انفتح الغطاء ببطء، وصوت خافت كأنه همسات خرج منه…

لكن ما بداخله لم يكن مجرد مفتاح.

بل ورقة قديمة، مكتوبة بلغة غريبة، وبجوارها حجر صغير بلون أزرق لامع، ينبض كأنه حيّ.

أسامة التقط الورقة وحاول قراءتها، لكن الكلمات لم تكن واضحة.

رهف لمست الحجر بحذر… وفجأة، شعرت برعشة كهربائية تسري في يدها!

"آه!"

أسامة أمسك يدها بسرعة: "ماذا حدث؟!"

رهف، وهي تحاول استيعاب ما تشعر به: "لا أعرف… لكن… أظن أنني أستطيع فهم هذه الكتابة الآن."

نظرت إلى الورقة مجددًا، وعيناها توسعتا بصدمة:

"أسامة… هذا ليس مجرد مفتاح… هذه تعويذة لتحرير الأرواح المحبوسة في هذه القرية."

أسامة شهق: "يعني… إذا استخدمناها، كل الأشباح هنا ستختفي؟!"

رهف هزت رأسها ببطء: "ليس فقط ذلك… بل ستفتح لنا بوابة للخروج من هذه القرية للأبد."

لكن قبل أن يتمكنوا من التفكير أكثر، سمعوا صوت خطوات ثقيلة تقترب.

"لقد وجدتم التعويذة…"

كان الحارس يقف خلفهم، لكن هذه المرة، لم يكن غاضبًا… بل كان خائفًا.

"لا تعرفون ما تفعلونه… إطلاق الأرواح قد لا يكون الحل… بل قد يكون بداية شيء أسوأ."

صمت مشؤوم خيم على المكان…

الفصل الأخير: التحرر والهروب

نظر أسامة إلى رهف بقلق: "هل أنتِ متأكدة من هذا؟"

رهف أمسكت الورقة بإحكام، وعيونها مليئة بالإصرار: "إنها فرصتنا الوحيدة للخروج، لن نتراجع الآن!"

أخذت نفسًا عميقًا، وبدأت تقرأ الكلمات المكتوبة على الورقة بصوت مرتجف…

"يا أرواح الأرض المقيّدة، يا من علقتم بين العوالم، باسم النور والحرية… أطلق سراحكم من هذه الأرض!"

بمجرد أن نطقت الكلمات الأخيرة، اهتزت الأرض بعنف، وبدأ هواء بارد يجتاح المكان…

الأشباح التي كانت تملأ القرية بدأت تتلاشى، وأصواتهم المليئة بالحزن تحولت إلى همسات شكر وهم يختفون في الضوء.

حتى الحارس، الذي كان يقف متصلبًا، أغلق عينيه واستسلم للنور الذي ابتلعه ببطء.

أسامة أمسك بيد رهف وسحبها للخلف وهو يصرخ: "البوابة!"

ظهرت بوابة ضخمة وسط الساحة، مضيئة بلون أزرق غريب، وكأنها تمتص كل الطاقة من حولها.

رهف أمسكت يد أسامة بقوة: "سنقفز معًا، مستعد؟"

أسامة ابتسم: "أنا معك، دائمًا."

قفزا معًا داخل الضوء الساطع…

بعد عدة ساعات…

استيقظا وسط الغابة، حيث بدأ كل شيء.

لم يكن هناك أي أثر للقرية، فقط الهدوء وصوت الرياح يداعب الأشجار.

رهف، وهي تتنفس بصعوبة: "لقد نجونا…"

أسامة، وهو يبتسم لها: "ألم أقل لكِ إننا فريق رائع؟"

رهف ضحكت، ثم نظرت إليه بامتنان: "لولاك، لما كنت هنا الآن."

أسامة نظر إليها للحظة، ثم زفر بعمق وقال: "رهف… تعرفين إننا استكشفنا أماكن كثيرة مع بعض، بس هذي المرة… حسيت بشيء مختلف."

رهف نظرت إليه باهتمام: "مختلف كيف؟"

أسامة ابتسم بخفة وقال وهو يمسك يدها بلطف: "كنت دايمًا أشوفك شجاعة، قوية، ما تستسلمين أبدًا… بس في هذي الرحلة، حسّيت بشيء أكبر من كذا."

رهف رفعت حاجبها بمكر: "يعني خفت؟"

أسامة ضحك: "لااا، ما أقصد كذا! أقصد إني كنت أحس كل لحظة إني ممكن أخسرك، وهذي الفكرة كانت تخوفني أكثر من أي شبح شفناه."

رهف نظرت إليه بدهشة، ولم تعرف ماذا تقول.

أسامة أكمل، وهو يشد على يدها: "عشان كذا، بعد كل اللي عشناه… أنا متأكد من شيء واحد."

رهف همست: "وش هو؟"

أسامة أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بثقة: "ما أبي هذي تكون آخر مغامرة لنا مع بعض… رهف، تتزوجيني؟"

رهف فتحت عينيها على وسعهما، ثم ضحكت بسعادة ودموع صغيرة لمعت في عينيها: "أنتَ تهزر؟"

أسامة هز رأسه بابتسامة: "أبدًا، أنا جاد، رهف. نبغى نستكشف أكثر، بس مع بعض. ما في أشباح، بس مغامرات جديدة… معاكِ."

رهف ظلت تنظر إليه للحظة، ثم ابتسمت وأومأت بخجل: "طيب… بس بشرط واحد."

أسامة ضحك: "أكيد! وش شرطك؟"

رهف قربت وجهها منه وقالت بمكر: "ولا مرة ثانية تودّيني لقرية مسكونة!"

أسامة انفجر ضاحكًا وسحبها في عناق مفاجئ، وهو يقول: "اتفقنا!"

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon