"ليس كل شي نتمناه يحصل"

"وليس كل شي جميل ناخذه من هذه الحياة "

"من يدري ما هو مصير تلك الفتاة ذو العينين الفاتنتين"

............................

تركض تلك الفتاة ال ١٩ من عمرها في وسط الظلام ذات الشعر الاحمر الغامق الذي يصل الى ركبتيها ويتطاير مع خطواتها السريعه من الهواء

تسارعت خطواتها وبدأت دموعها تنهمر على خديها المنتفخين، وهي تركض بسرعة نحو المفارق الضيقة بين البنايات حتى وصلت الى طريق ينتهي بحائط مسدود

اختبأت في أحد الزوايا المحاطة بالظلام ووضعت يديها برهة على فمها سعيًا لإخفاء صوت شهقاتها وانفاسها المتباعدة حتى لا يسمعها ذلك اللعين الى ان سمعت صوت خطوات تقترب منها

في لحظة قصيرة شعرت بقوة تجذبها من شعرها وتمّ سحبها بقسوة إلى الخارج من المفرق في حين كانت تتوسل له بتركها بينما كانت يديها تحاول بشدة الإمساك بأي شيء لإيقافه

"كيف تجرأتي على الهرب مني وضربي " قال ذلك الرجل بغضب

"ماذا تريد مني؟" سالته وهي تبكي ليجيبها "هل تظني اني ساصمدك في منزلي ام ماذا لقد دفعت لوالدتك مال كثيراً واللعنه"

هنا رخت يديها وهي منصدمة من الكلام الذي سمعته ظنت أنها قد سمعت بشكل خاطئ لكن لا تلك الجملة تعيد تكرار نفسها في ذهنها مرارًا وتكرارًا

أمها التي يجب أن تكون ملاذًا لها وتحتويها باعتها بالفعل هي تحب الثروة والمال ولكنها لم تتخيل يومًا أن تتاجر بها لشخص غريب من أجل المال

لم تُقاوم، بل استسلمت للألم وظلت ساكنة بينما كان يجرها من شعرها بقسوة وكان رأسها سينفجر من شدة الألم

فجأة توقف عن سحب شعرها لتسمع صوت ارتطامه على الارض لتستدير وترى أخاها الصغير الذي يبلغ من العمر ١٣ عامًا يمسك بيده سكينًا ملطخًا بالدماء

"ليام كيف ماذا يحدث"  سالته وهي منصدمه وهي تتلقى صدمه تلو الأخرى

لاحظ ليام أن الرجل بدأ يستقيم "جوري كفى عن الحديث الآن هيا بسرعة لنختبئ منه" مسكها من يدها وبدأوا بالركض

بعد مدة ليست بالقصيرة وصلوا إلى قصر مهجور كانوا يتوجهون إليه دائما عندما يشعرون بالضيق، ليفضفضوا أو بالأحرى لينسوا ما يمرون به

هذا القصر يعج بالغرائب والأشياء القديمة التي تبعث على الدهشة ومع ذلك فهو يتمتع بجمال مميز يلفت الأنظار تتميز الأبواب بزخارفها الرائعة وتتواجد الشبابيك بكثرة مما يسمح بدخول النور الطبيعي وتهوية المكان

"ليام امي هي السبب هيه من باعتني انا لا استطيع تصديق هذا" جلست جوري وهي متئكه على احد العواميد

"اعلم هذا" اجابها بحزن وهو يضع رأسه ع كتفها

"ما الذي ينبغي علي فعله الان؟ إلى أين يمكنني الذهاب؟ لم أعد أثق بأحد سواك" قالتها بحزن شديد والدموع تتساقط من عينيها تبلل وجنتيها المنتفختين

عيناها الرماديتان تعكسان التعب فقد كانت تتوق إلى لحظات قليلة من الراحة لتحاول اغلاقهم الى ان سمعت أصوات خطوات تقترب

"اين انتم يا لعينين" قال بغضب وهو بالكاد يستطيع التكلم ولحسن الحظ كان القصر مظلم بينما هو بالخارج يبحث عنهم

"انظري هذا الصندوق اذهبي اليه بسرعه اختبئي" قال ليام بسرعه وهو قلق

نظرت إلى الصندوق الشبه كبير بدهشة إذ كانت هذه المرة الأولى التي تراه في هذا المكان كان مزخرفًا بطريقة جميلة حيث كانت عليه ورود حمراء منقوشة بأناقة وتزينت بخطوط ذهبية متمايلة تضفي عليه سحرًا خاصًا

استدارت نحوه بخوف وسألته بقلق"وأنت؟" فأجابها بإطمئنان "لا تخافي، سأجد مكانًا لأختبئ فيه هيا اسرعي"

ذهبت إلى زاوية القصر حيث يقع الصندوق بجانب الدرج حاولت بيأس فتحه دون جدوى ثم التفتت للوراء لتسمع صرخة أخيها "بسرعة هيا اختبئي"

بدأت تبكي وتحاول جاهدة في فتحه ولكن دون جدوى لتلتفت وهي تناشد أخاها قائلة: "إنه لا يفتح أرجوك اهرب واتركني أرجوك"

"حاولي مرة أخرى هيا بسرعة إنه سيأتي واللعنة هيا اسرعي" دون أن تدرك انخرطت خصلة من شعرها الياقوتي الأحمر على الصندوق

لينفتح الصندوق وتدخل إليه وتنادي بانفعال على أخيها"تعال واختبئ معي، يمكن أن..." لم تستطع إكمال كلامها حيث أُغلق الصندوق دون إرادتها وادركت في هذه اللحظة المتأخرة أن الوقت قد فات وقد دخل ذلك الرجل بالفعل للقصر

أرادت أن تخرج من الصندوق ولكنّه مغلق بإحكام حاولت جاهدة فتحه ولكن دون جدوى

سمعت صوت صراخ أخيها ومن ثم لم تعد تشعر بشيء سوى الظلام

في مكان آخر يقع قصر كبير جميل يتميز بسحره الأبيض الساحر المميز، تتسم ألوانه بالجمال والرقي في الوقت ذاته وتضفي على المكان أجواء من السكينة والهدوء، تمتد الحديقة الكبيرة المليئة بالزهور المتنوعة وألوان الأشجار المتنوعة والأعشاب الخضراء المنعشة التي تلون المكان بسحرها الطبيعي وتمنح العيون شعورًا بالنقاء

داخل القصر كانت الأجواء مشحونة بالتوتر والخوف حيث انتشرت الصيحات المتعددة في أنحاء القصر جعلت الجميع ينتفضون من مقاعدهم تلبية لصوت جلالة الملك الجالس على عرشه الملكي

تلك العيون الغاضبة الداكنة الزرقاء، وحولها خط أسود يزيد من جمالها حيث يتجلى جماله في أقصى درجاته

"كيف يجرؤون على تهديدي؟" سأل وهو جالس على كرسيه الفخم عاقداً حاجبيه ويرمق الذين جالسين أمامه بنظرة حادة

ليبلعوا ريقهم ويبدؤوا بتصبيبهم بالعرق ليردف احدهم وكانت علامات الخوف واضحة على وجهه "جلالتك لقد أرسل أحد حراسه الى هنا ويوجد بحوزته رسالة"

ليومئ الملك ببرود فيشعر الأخر بالقلق يتسلل داخله يدرك أنه لا بد له من قراءة الرسالة ليتوقف ثم يبدأ بالتحرك نحو الملك ويباشر بقرائة الرسالة

"إذا كنت ترغب في عقد اتفاق بين ممالكنا فأنا مستعد ولكن لدي شرط" ليتمتم بعدها ذلك الشخص الذي يقف وراء الملك انه كبير في السن نوعًا ما وعلى الرغم من ذلك فإن بنيته قوية وكانه في العشرينات

"منذ متى وأحد يشرط عليك يبدو انه بالفعل متلهف لموته "لينظر الملك اليه ببرود وينقبل نظره مرة اخرى للقارئ

"هو ان اخذ نصف مملكتك لسكان مملكتي إلدور ايّ ساخذ نصفها لي وإذا لم تقبل فسأكون مؤسفًا لإبلاغك أنه يجب عليك التحضير لمراسم جنازتك تحياتي الملك رامون"

"إذا ما الذي ستفعله الآن؟" سأل جون بابتسامة ساخرة وكانه يعرف جوابه قبل ان ينطقه

بانتباه متأنٍ نظر الملك إلى الحاضرين ثم أشار لهم بعينيه بأن يغادروا ليخرجوا الجميع من المكان

"هناك خائن بينهم يا جون" قال وهو يتجه نحو النافذة "ماذا؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟" ليردف بصدمة

"ولكنني لم ألاحظ أن هناك خائنًا أقسم أنهم كانوا سيتبولون على أنفسهم من شدة الخوف وأيضًا ما دخل هذا بالتهديد؟" سأله بتفكير ليكمل "هل تعلم من هو؟" ليومئ وهو يتمتم بصوت حاد

"لويس" لينظر جون له بصدمه "ماذا، ذلك اللطيف الجديد يا الهي كان شكله يوحي انه لطيف جدا" قال وعيناه تلمعان

" ما هذا لو لم اكن اعرفك لكنت ساظن انك تميل لجنسك" قال له بسخريه ليجيبه مدافعاً عن نفسه

"انت تعرف جيداً انني لا أُقاوم الاشخاص اللطيفين" لينظر له الملك قالب عيناه بملل ليكمل جون وهو ينظر له بنظره استفزازيه

"أيّ مثلك" ليرمقه نظره تخرسه ويكمل بسرعه "اهدأ انا امزح حتى وان تخيلت انك لطيف فهذا لا يليق بك"

"اذا يا ليث ماذا ستفعل به" ليسأله جون وهو ينظر له " لقد خانني ومن المؤكد نقل معلومات الدولة لملكه فبرأيك ماذا سأفعل" قال الملك وهو ينظر ببرود ليقاطعهم دخول احد الخادمات

بينما يلتفت الملك ببرود نحوها لتنحني بسرعة ويغمر وجهها الخوف والتوتر فتبدأ في تبرير دخولها بقولها بصوت مرتجف "أعتذر جلالتك على اقتحامي ولكن حدث شيء في الغرفة المجاورة لغرفة نومك"

"لقد سمعنا اصوات غريبه وبعدها سمعنا صوت امرأة تصرخ" ليفتح جون عيناه بصدمه لم يستطع مسك نفسه

"هل تفكر في ما افكر" قال للملك وهو ينظر له بشك" اعني مستحيل كيف حدث هذا"

خرج جلالته من الغرفه متجاهل حديث جون متجه نحو الدرج "انظر اريد رؤيتها اولاً لقد قالو انها ستكون لطيفه وجميله" تكلم جون بعينان لامعتنا

ليتجاهله ويكملو طريقهم للغرفه فيسمع صوت امرأه تصرخ "افتحو لي هذا الباب اللعين من انتم" لينظر الملك  لجون ويعطيه احدى المفاتيح ليفتح بها الباب ببرود

عندما فتح جون الباب صدمه المنظر الذي واجهه بفقد كانت فتاة تتمتع بشعر طويل لامع ينسدل على ظهرها كالحرير بلون ياقوتي يُثير الإعجاب

وجمال عينيها الرماديتين الكبيرتين ينبعث منهما سحر خاص ويرافقهما انتفاخ خديها المحمرين من شدة الغضب والبكاء وحواجبها المعقودة بانزعاج ورشاقة جسمها الحنطية تضفي على شخصيتها مزيدًا من جمالها

"أين أخي؟" اخرجتهم من شرودهم بصوتها الناعم والأنثوي وهي تقترب من الملك بغضب وتقف على أطراف أصابعها لتمسكه بهمجية من ياقته بقوة رغم فارق الطول بينهما

جون تراجع قليلاً من قوة الصدمة فهذه المرة الاولى التي يشهد بها الزمن على حدوث هذا ولا يعلم ماذا يفعل ليبداً في التمني لها بأن تبقى حية

نظر الملك لها بغضب ثم أمسك يدها بقوة وبخطوات سريعة دخل بها كالريح لداخل الغرفة وأغلق باب الغرفة بقوة

"كيف تجرأتي على فعل هذا" قال بغضب وهو ممسك يداها بقوه لتبدأ عيونه تسود اكثر وعروقه برزت وكانها ستخرج من مكانها

"افتح الباب ليث،لا تتسرع" قال جون طارق الباب ويحاول فتحه

"لا اريد سوى ان اكون بجانب اخي" قالتها بارتجاف وفي ثواني معدودة ترك يدها لترتطم بالارض جالسه وهيه منزله رأسها "لم يتبقى لدي سواه ماذا اذ فعل له شيئ سيئ " لترفع راسها مكمله

"ارجوك اريده فقط ان يكون بخير لا شيئ اخر"قالت راجيه بشهقاتها المتألمه الذي احس بصدقها الملك

"ارجوك هل هو هنا هل فعلتم به شيئ" قالت رافعة رأسها له وعيناها تتوسل اليه "ارجوك اريده فليس لدي احد غيره ارجوك..." قالت اخر كلماتها بقلة حيلة ليغمى عليها وتدخل في دوامة الظلام

\~\~\~\~\~\~\~\~\~\~\~\~

قرائي الأعزاء، لقد عدت إليكم وحاملة بين يديّ قصة ستأخذكم لعالم آخر....

آرائكم وتعليقاتكم نور لقصتي فلا تبخلوا بها، أنا اكتب لأجلكم