NovelToon NovelToon

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبه

ولكن نظرها وأنظار النساء لم تفارق جسد الحسين (عليه السلام) حتى غاب عنهنَّ فاختنقنَ بعبرتهنَّ والدموعُ ملء عيونهنَّ.

وبعد رحلة مضنية وصلت قافلة الحزن إلى الكوفة المدينة التي كانت عاصمة أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وها هم أهلها يتنكرون لهم ويصفونهم بالخوارج !!

لقد سلبت السياسة الأموية الناس دينهم كما سلبتهم حريتهم وكرامتهم فتنكروا لآل النبي !!

النبي الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور وحررهم من الذل والعبودية إلى حرية الطاعة لله فرجعوا الآن إلى استعباد بعضهم لبعض ليكونوا تحت نير العبودية الأموية !!

خطبت السيدة زينب خطبتها الخالدة التي شابهت كلام أبيها سيد البلغاء والمتكلمين، فقرعت بخطبتها رؤوس أهل الكوفة بالتقريع واللوم على قتلهم سيد شباب أهل الجنة وخذلانه ورجوعهم إلى الجاهلية الأولى بنسختها الأموية.

فانطلق صوت زينب ليدحض أكاذيب الأمويين وإعلامهم الضَّال المُضلّ ويؤكد للرأي العام على أن هذه الثورة هي تجسيد للإسلام المحمدي وامتداد لمنهج النبي (صلى الله عليه وآله) في كل المراحل التي مرت بها (عليها السلام) في رحلة الأسر.

وأول صوت لها كان في الكوفة من خلال خطبتها العظيمة التي بيّنت فيها بشاعة الجريمة النكراء التي ارتكبها الأمويون بقتلهم سبط رسول الله وغدر أهل الكوفة به وفيها من التقريع لهم ما أجَّجَ في النفوس مشاعر السخط والغضب على يزيد وكان مما قالته في ذلك اليوم وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا. فارتدت الأنفاس وسكنت الأصوات:

أمنَ العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرَك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا. قد هُتكت ستورهن، وأبديت وجوههنَّ، وصحلت أصواتهنّ، تحدو بهنّ الاعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهنَّ أهل المناهل والمناقل، ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد، والشريف والدنيّ، ليس معهن من رجالهن وليٌّ ولا من حُماتهن حميّ، وكيف تُرتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء وكيف يستبطأ في بغضنا اهل البيت مَن نظر إلينا بالشنف والشنآن والإحن والأضغان، ثم تقول غير متأثّم ولا مستعظم داعياً بأشياخك ـ ليت أشياخي ببدر شهدوا ـ منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ت وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونجوم الأرض من آل عبد المطلب.

أتهتف باشياخك؟ زعمتَ أنك تناديهم فلتردنَّ وشيكاً موردهم، ولتودنّ أنك شللتَ وبكمْتَ ولم تكن قلتَ ما قلتَ وفعلتَ ما فعلتَ . اللهم خُذْ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا. واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حُماتنا.

فوالله يا يزيد ما فريتَ إلا جلدك ولا حززتَ إلا لحمك، ولتردّن على رسول الله بما تحمّلتَ من سفك دماء ذريّته وانتهكتَ من حرمته في عترته ولُحمته حيث يجمع الله شملَهم ويُلمّ شعثهم ويأخذ بحقهم (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وحسبُك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً.

وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً وأيّكم شرَّ مكاناً وأضعف جندا. ولئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك . لكن العيون عبرى والصدور حرّى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النُجباء بحزب الشيطان الطلقاء. وهذه الايدي تَنْطِفُ من دمائنا والافواهُ تتحلّب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتُعفّرها أمّهاتُ الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدننا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدّمت يداك وما ربك بظلّام للعبيد.

فإلى الله المشتكى، وعليه المعوَّل، فكدْ كيدك. واسْعَ سعيك، وناصبْ جُهدك فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا، ولا تدرك أمدَنا، ولا يُرحض عنك عارُها، وهل رأيك إلا فَنَد وأيامُك إلا عددْ، وجمعُك إلا بَددْ، يوم ينادى المنادى ألا لعنة الله على الظالمين.

فالحمد لله رب العالمين. الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويُوجب لهم المزيد، ويُحسنْ علينا الخلافة، إنه رحيم ودود وهو حسبنا ونعم الوكيل.

قال السيد جواد شبر بعد إيراده هذه الخطبة: (أرأيت ابنة علي وموقفها الذي تعجز عنه أبطال الرجال؟ تأمل في كلامها الطافح بالعزة والإباء. والمملوء جرأةً وإقداماً، والمشحون بالأبهة والعظمة، بعدم المبالاة بكل ما مرّ عليها من المصائب والنوائب) (1)

كان صوت الحق والحقيقة ..

الصوت الذي انبثق من صوت السماء ودعوة النبوة، إنه صوت بنت علي والزهراء ومحمد ..

وها هي شمس الحقيقة تسطع وسط الظلام ...

ها هو لسان الثورة الحسينية الهادر، وربيبة النبوة، وسليلة الإمامة، وعقيلة بني هاشم، تخطب في مجلس عدو الإسلام وعدو نبيه، فأحالت سرور يزيد بقتل الحسين إلى حالة من الهلع والخوف، وأطارت فعل الخمر من رأسه، وأحدثت انقلاباً في الرأي العام ضده حتى اضطر يزيد إلى التنصّل من جريمته وإلقاء تبعتها كلها على المجرم ابن زياد

ولكن ذلك لم ينفعه ..

هكذا جرّدت عقيلة الطالبيين السلطة الأموية الجائرة من الصبغة الشرعية التي أوهموا الناس بها وخدعوا بها الرأي العام، وفضحت جريمتهم النكراء بحق آل الرسول في كربلاء، وأوضحت

الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطيبين الاخيار، اما بعد يا اهل الكوفة يا اهل الختر

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon