في أحد الأودية النائية في شمال إنجلترا، كان هناك منزل قديم مهجور، تحيط به الأشجار الكثيفة والمظلمة من جميع الجهات. هذا المكان كان يعتبر ملاذًا للعزلة والهدوء، لكن في نفس الوقت كان يُشاع عنه الكثير من القصص المريبة والمخيفة. كان يُعرف هذا المكان باسم "منزل وادي الأحزان"، وقد مر عليه العديد من السكان المحليين والعابرين، لكنهم كانوا يفضلون دائمًا تجنب الاقتراب منه.

تبدأ القصة الحقيقية في أواخر السبعينيات عندما قرر رجل يدعى توم، الذي كان صحافيًا شابًا، أن يحقق في هذه القصص الغريبة عن المنزل المهجور. كان قد سمع عن هذه القصص منذ فترة طويلة، وتحديدًا عن الأرواح التي كانت تُرى في محيط المنزل، وقرّر أن يكتب عنها في أحد تقاريره. كان يعتقد في البداية أن كل هذه القصص ليست سوى خرافات، لكن شيئًا داخله دفعه للذهاب إلى هناك ورؤية الحقيقة بنفسه.

في أحد الأيام المظلمة من الشتاء، قرر توم أن يسافر إلى المنزل. وصل في وقت متأخر من المساء، وكانت السماء ملبدة بالغيوم، والريح تعصف في الأرجاء، مما زاد من جو الغموض والرهبة في المكان. عندما وصل إلى المنزل، كان هناك صمت غريب يسيطر على المنطقة، وكان المكان يبدو مهدمًا بشكل ملحوظ، والأبواب والنوافذ مغلقة بإحكام، وكأنها لم تُفتح منذ سنوات.

قرر توم أن يلتقط بعض الصور للمكان قبل أن يدخل. وكان يظن أن الصور ستكون دليلاً على التاريخ العريق للمنزل. لكن أثناء قيامه بالتقاط الصور، شعر بشيء غير مريح يلمس ظهره. نظر بسرعة، لكنه لم يرَ أحدًا. عندما نظر إلى الكاميرا ليرى ما تم التقاطه، اكتشف شيئًا غريبًا. كان هناك شكل ضبابي في إحدى الصور، وكأن شخصًا ما كان يقف خلفه، ولكن لا يمكن رؤية ملامح هذا الشخص بوضوح.

لم يعر توم الأمر الكثير من الاهتمام في البداية، واكتفى بالضحك على نفسه. لكن عندما دخل المنزل، بدأ الشعور بالقلق يتسلل إليه. كان الهواء داخل المنزل باردًا بشكل غير طبيعي، حتى في ذلك الوقت من السنة. كانت الأرضية خشبية قديمة، وكانت بعض الألواح مرتفعة، مما جعل كل خطوة يصدر عنها صوتًا مدويًا. على الرغم من أنه كان يعرف أن المنزل مهدم، إلا أن هناك شيء غريب كان يلاحقه في كل ركن من أركان المكان.

بينما كان يستعرض الغرف المهجورة، لاحظ شيئًا غريبًا في إحدى الغرف المظلمة في الطابق العلوي. كانت هناك نافذة مغطاة بالتراب، وكان الضوء الخافت من مصباحه ينعكس عليها، مما جعل الظلال تظهر بشكل غير طبيعي. شعر بشيء غير مألوف، وكانه يراقبه أحد ما من داخل الغرفة. قرر توم أن يدخل الغرفة.

لكن ما أن دخل حتى شعر بشيء غير طبيعي. كان الجو في الغرفة أكثر برودة، وكان الهواء خانقًا بشكل غريب. كان هناك عفونة في الهواء، ورائحة قديمة لا يمكنه تفسيرها. فجأة، سمع صوتًا خفيفًا، وكأن هناك همسات تأتي من زاوية الغرفة. استدار بسرعة، لكنه لم يرَ أحدًا. بدأ قلبه ينبض بسرعة، وكان يشعر بأن هناك شيئًا مريبًا يحيط به.

قرر أن يخرج من الغرفة، ولكنه شعر بشيء ثقيل على صدره، وكأن هناك ضغطًا غير مرئي عليه. عندما نظر إلى الرفوف في الغرفة، رأى أشياء قديمة، مثل الصور الباهتة وأشياء أخرى غريبة. كانت هناك صورة لامرأة شابة، ولكنها كانت مشوهة لدرجة أن ملامح وجهها كانت غير واضحة. رغم ذلك، شعر توم بأن عينيها تتابعانه.

في تلك اللحظة، حدث شيء مروع. سمع صوت باب يفتح خلفه، لكنه كان يعرف أنه أغلق جميع الأبواب عند دخوله. عندما استدار، شعر بالصدمة؛ كان الباب مفتوحًا على مصراعيه، وكأن أحدًا قد دخل من خلفه. لكن لم يكن هناك أحد.

تراجعت قدمه في فزع، وعيناه تبحثان في الغرفة عن أي شيء غريب. ثم شعر بشيء يلمس ظهره، وعندما استدار بسرعة، رأى ضبابًا كثيفًا يملأ الغرفة، وكأن روحًا ما قد خرجت من العدم. شعر وكأن قلبه توقف عن الخفقان في تلك اللحظة. كان المكان يعج بالشعور بالبرد والرعب، وعيناه لا تستطيعان التوقف عن النظر إلى الشكل الضبابي الذي بدأ يقترب منه ببطء.

ركض توم إلى الخارج بأسرع ما يمكنه، لكن في تلك اللحظة، سمع شيئًا غريبًا يلاحقه. كان صوت خطوات خفيفة، وكأن شخصًا ما يقترب منه بسرعة. لكن عندما نظر خلفه، لم يكن هناك أحد. فقط الظلام والضباب.

عاد توم إلى سيارته وهو في حالة من الذهول، ولم يستطع تصديق ما مر به. ولكن كان هناك شيء آخر غير قابل للتفسير. عندما نظر إلى الصور التي التقطها، وجد صورة للمرأة في الصورة التي كان قد رآها في الغرفة. كانت عيناها تلمعان، وكأنها كانت تنظر إليه بشكل مباشر.

بعد تلك الليلة، حاول توم العودة إلى المنزل مرة أخرى، ولكن لم يكن قادرًا على الحصول على أي تفسير لما شاهده. القصة التي كتبها بعد تلك الزيارة أصبحت مشهورة، وكان من المعروف أن منزل وادي الأحزان كان بالفعل مسكونًا بالأشباح. وقد تركت تلك التجربة توم وهو في حالة من الهلع الدائم، وكان يعرف أن هناك أشياء في هذا العالم لا يمكن تفسيرها، وأنه قد عاش واحدة من أكثر التجارب رعبًا في حياته.