NovelToon NovelToon

وكيلة الزواج البارعة لسيد السحر المكروه

القائد الكئيب لسحرة البلاط

"ليذهب الجميع الي الجحيم، الجميع بلا استثناء..."

بينما يطلق أنينًا منخفضًا، كان هيلموث، قائد سحرة البلاط، يسحق الرسالة التي وصلت إليه للتوّ بين يديه بعصبية.

من بين خصلات شعره الأسود الطويل الأشعث، لمعت عيناه الكهرمانية المتعبة والمحمرة من قلة النوم، وبوجهه الشاحب الذي يفتقد لأي لون صحي، بدا وكأنه شبح هائم، لا عجب إذن أن لا أحد يرغب في إيصال الرسائل إليه مباشرة، فكرتُ وأنا أراقبه.

في العادة، لا يُفترض بي، كموظفة إدارية عادية، أن أتعامل مع رسائل عسكرية شديدة السرية، حتى لو كانت محمية بسحر الأمان.

ومع ذلك، بطريقة ما، كانت جميع الوثائق الموجهة إلى هيلموث تجد طريقها إليّ دائمًا.

وكلما اشتكيت من ذلك، أتلقى الرد ذاته: "لكنه هيلموث، لا أريد الذهاب إليه! أرجوكِ، لايلا، خذيها بدلًا مني!"

من المعروف أن السحرة غريبو الأطوار، لكن حتى بين هؤلاء، تفوق تصرفات هيلموث الجميع.

إنه عبقري بلا منازع، حيث تم تعيينه كأصغر قائد لسحرة البلاط في التاريخ، لكنه فقد حسه بالمنطق والعقل مقابل موهبته، حتى السحرة الآخرون، الذين هم أنفسهم غريبو الأطوار، كانوا يتجنبونه قدر الإمكان.

"سألعنهم جميعًا... سأنتقم منهم... أيها الخائنون، الجبناء!!"

مع صرخاته الغاضبة، اشتعلت النيران في الرسالة التي كان يسحقها بين أصابعه.

يا له من مشهد مألوف... إشعال النار بدون تعويذة حتى؟، لا بد أن لديه فائضًا هائلًا من السحر.

بالطبع، أنا أيضًا عضوة في جماعة السحرة، لكن لا مجال لمقارنة قوتي بقوة هيلموث، حسنًا، في النهاية، أنا مجرد موظفة إدارية لا أكثر.

"هيلموث، سأضع هنا جدول عمليات صيد الوحوش في مقاطعة نيبل وخطة الإمداد العسكري، لذا رجاءً، لا تحرقهما."

قلت ذلك بقلق، بينما كان لا يزال يحدق في كومة الرماد المتبقية من رسالته المحترقة، آخر ما أحتاج إليه هو أن يندفع لإشعال النار في كل شيء من حوله لمجرد أنه لم يفرغ غضبه بعد.

"تلك الرسالة... كانت من اللورد يوناس، صحيح؟"

بمجرد أن نطقت بذلك، ارتجفت كتفا هيلموث قليلاً.

"... كيف عرفتِ؟"

"لأن الأمر حديث الجميع في البلاط، إنه خبر سعيد، أليس كذلك؟، لقد تمكن يوناس أخيرًا من تحقيق حبه من طرف واحد وتزو—"

"أووووواااااااااااااااه!!"

قبل أن أكمل، أطلق هيلموث صرخة حادة وكأنه أصيب بسهم في صدره.

"لا تنطقِي بذلك المصطلح الملعون!!"

'ملعون؟ أي مصطلح تقصد؟ آه... هل يقصد كلمة "زواج"؟'

"لا أصدق... لا أصدق أن يوناس سبقني..."

بينما كان يشد شعره الأسود بجنون، نظرتُ إليه بإحباط وقلت: "لماذا تفكر بهذه الطريقة؟، يوناس شخص محبوب من الجميع، من الأطفال إلى كبار السن، لقد أظهر بطولة عظيمة في حملات صيد الوحوش الأخيرة."

يوناس فارس نبيل، صعد نجمه في النزاعات الحدودية، وهو من عائلة لامبرت العريقة في الفروسية، يُعرف بشجاعته وصدقه، وسمعته في العاصمة لا يشوبها شيء.

لكن...

'إنه محبوب فقط من الأطفال وكبار السن!'

رفع هيلموث رأسه فجأة وصرخ بانفعال: "ذلك الرجل يتبرع بكل مكافآته تقريبًا للكنائس ودور الأيتام! بالطبع سيحظى بشعبية بين الأطفال والمسنين! لكن النساء في سن الزواج لا تفضله! لأنهن يعلمن جيدًا أن رجلًا يتبرع بكل أمواله لن يكون خيارًا مناسبًا للزواج!"

... حسنًا، بالرغم من قسوته، لكنه ليس مخطئًا تمامًا.

غالبًا ما يتم تداول الحديث عن أفعال يوناس النبيلة في البلاط، والجميع يقدرونه، لكن عندما يُسأل أحدهم: "هل تريد الزواج منه؟"، يكون الجواب عادةً مترددًا.

"أما أنا، فلا أمارس أي أعمال خيرية مثل يوناس!"

قال هيلموث بفخر، واضعًا يديه على صدره.

'... هذا ليس شيئًا تفتخر به يا رجل.'

"أنا أدخر كل ما أكسبه! يمكنني حتى بناء قلعة في أفضل موقع في العاصمة!، ومع ذلك، لماذا؟!"

بعيون محتقنة بالدماء، حدق بي وسأل بجدية: "لماذا لا أستطيع الزواج؟!"

بدون تفكير، قلت الحقيقة ببساطة: "لأن شخصيتك..."

"أووووواااااااااااااااه!!"

تعالت صرخته في أنحاء برج السحرة بأكمله.

'... آه، يا له من صداع.'

لا يزال عليّ الحصول على موافقته على جدول العمليات وخطة الإمداد، لكن يبدو أن ذلك لن يكون ممكنًا حتى بعد الظهر.

تنهدتُ بصمت وأنا أراقب هيلموث وهو يواصل نوبة غضبه.

كان لطيفًا في الماضي

السيد هيلموث هو الابن الثاني لأسرة الماركيز ماكسيليتي، وهو صديق طفولتي.

قبل أن تتبناه أسرة الماركيز، كان السيد هيلموث يعيش في حي العامة، ولأكون أكثر دقة، فقد نشأ في أكبر بيت دعارة في العاصمة.

وُلد السيد هيلموث كابنٍ لواحدة من أكثر العاهرات شهرة، ونشأ في بيت الدعارة حتى بلغ سن الالتحاق بأكاديمية العاصمة، نظرًا لوفاة والدته أثناء الولادة، طلب بيت الدعارة من أسرة ماكسيليتي حماية الطفل، لكن جدّ السيد هيلموث، الذي كان رأس الأسرة آنذاك، رفض بشدة أن يتبنى طفلًا أنجبته عاهرة.

ولكن، لاحقًا، ظهرت لدى هيلموث قدرات سحرية، وبعد أن خضع لفحص من قبل الكنيسة، تبيّن أنه يمتلك كميات هائلة من الطاقة السحرية، لدرجة وصفه بأنه الأقوى في عصره، وهكذا، تم أخيرًا قبوله في أسرة الماركيز.

من المحتمل أن يكون جده قد اعتقد أن امرأة من عامة الشعب لا يمكنها إنجاب طفل يحمل دماء العائلة النبيلة، لا سيما أنها توفيت أثناء الولادة.

لكن، مع ذلك، كانت القصة قاسية للغاية، وعلى الرغم من أن هيلموث نفسه لم يُبدِ اهتمامًا كبيرًا بالأمر، مكتفيًا بالقول إن مجرد السماح له بالالتحاق بالأكاديمية كان حظًا جيدًا بالنسبة له.

بالقرب من بيت الدعارة حيث نشأ هيلموث، كان هناك مكتب تجاري لعائلة بيلتشيري، التي أمتُّ إليها بصلة.

كنتُ أنا وأخي غالبًا ما نرافق والدنا إلى المكتب، لكن التحدث عن التجارة كان مملًا للأطفال، لذا، كنا نتمشى في أرجاء الحي الترفيهي حتى ينهي والدنا أعماله، كان معنا حُرّاس، كما أن الحي كان يتمتع بأمان معقول خلال النهار، لذا لم نواجه أي مخاطر تُذكر.

وهكذا، التقيتُ أنا وأخي بالسيد هيلموث أو بالأحرى، هيلموث فحسب، لأننا لم نكن نستخدم الألقاب في ذلك الوقت.

كان هيلموث طفلًا لطيفًا للغاية، بصفته ابنًا لعاهرة شهيرة، كان يتمتع بجمال مذهل، عندما رأيته لأول مرة، بدا لي وكأنه دمية.

"هيلموث جميل جدًا!، يجب أن ترتدي فستانًا!، سأحضر لك فستاني المرة القادمة!"

"لماذا قد أفعل ذلك!؟"

"لا بأس بذلك!، سيبدو رائعًا عليك!"

بذلتُ جهدًا كبيرًا لإقناع هيلموث بارتداء الفستان، وبما أن أخي ليون لم يُبدِ أي اعتراض على ارتداء الفساتين، فقد كنتُ أظن بأن الأمر لا يهم سواء كان الشخص صبيًا أم فتاة، طالما أن الملابس تناسبه.

وفي النهاية، ارتدى السيد هيلموث فستاني مرة واحدة فقط.

كان وجهه عابسًا تمامًا، وجسده كله يعبر عن اعتراضه، وكأنه يصرخ: "أنا غير راضٍ عن هذا!"، ومع ذلك، كان يبدو لطيفًا للغاية.

"هيلموث جميل جدًا، سيصبح محبوبًا جدًا في المستقبل!"

"ه-هل تعتقدين ذلك؟"

"بالتأكيد! سيأتي الكثير من الأمراء ليطلبوا يدك للزواج!"

"لماذا الأمراء!؟"

تلك الأيام باتت جزءًا من الماضي البعيد.

لم أكن لأتصور أبدًا أن ذلك الفتى اللطيف سيصل إلى هذا الحال المخيف، أشبه بالشبح، ويمضي أيامه يلعن حظه العاثر بسبب عدم قدرته على الزواج.

"ذلك اللعين يوناس... سألعنه..."

تمتم السيد هيلموث، وعيناه محمرتان من الغضب، بينما كنتُ أنظر إليه وأهز كتفي.

السيد يوناس والسيد هيلموث في نفس العمر، وقد خاضا العديد من المعارك معًا في ساحة الحرب، ومع ذلك، فإن الحقد والغيرة لدى هيلموث لا حدود لهما.

"آه، يا سيد هيلموث، كيف لك أن تحرق دعوة الزفاف؟، كان ذلك لطفًا من السيد يوناس..."

"ماذا!؟، كيف يكون هذا لطفًا؟، إنه مجرد استفزاز وقح!"

أصرّ السيد هيلموث على أن إرسال دعوة زفاف لشخص غير متزوج هو فعل يستحق الموت ألف مرة، لكنني حاولت أن أشرح له الأمر بصبر.

"هل تعلم، يا سيد هيلموث؟، حفلات الزفاف هي أماكن رائعة للقاء الشريكة المناسبة."

"ه-هاه؟"

"فكر بالأمر، المدعوون لحفلات الزفاف هم في الغالب من معارف العائلتين، أصدقاء، وأشخاص ذوو صلة بهم، أي أنهم أناس ذو خلفية موثوقة، بالإضافة إلى ذلك، يوجد الكثير من العزاب في سن الزواج بين الحضور."

نظر السيد هيلموث بصمت إلى بقايا دعوة الزفاف المتفحمة.

"لو كنتَ ترغب في الزواج، فإن حفلات الزفاف فرصة مثالية، ومع ذلك، ها أنت تحرق الدعوة... لا أمل في الزواج..."

"لا بأس، ما زلت أتذكر المحتوى!"

أجاب السيد هيلموث بحماس، لكنه سرعان ما تراجع وأخفض كتفيه قائلاً: "صحيح أن حفلات الزفاف قد تكون فرصة للقاء أشخاص جدد... لكنها بلا معنى بالنسبة لي، حضرت العديد من حفلات زفاف زملائي، لكنني لم ألتقِ بأي شخص هناك، هذه المرة لن تكون مختلفة..."

كتمت الكلمات التي كادت تخرج من فمي، 'يا له من تفكير سلبي...'.

السيد هيلموث، كما يقول بنفسه، يملك ثروة هائلة، كما أنه يشغل منصب قائد سحرة البلاط الملكي، صحيح أنه الابن الثاني، لذا لن يرث لقب عائلته، لكن لو أراد، لتمكن من العثور على خطيبة خلال ثلاثة أيام على الأكثر... لكن لماذا يبدو بهذا اليأس؟.

"ماذا هناك يا لايلا؟ لديك ما تريدين قوله، أليس كذلك؟"

رفع حاجبه ونظر إليّ مباشرة.

"أمم... لا، كنت أفكر فقط في الزي الذي ستختاره لحضور حفل زفاف السيد يوناس."

"سأرتدي الزي الرسمي لفريق السحرة."

حين سألني "لماذا؟ هل هناك مشكلة؟" شعرت بالإحباط وأخفضت كتفي.

"…هل حضرت جميع حفلات الزفاف السابقة بزي فريق السحرة؟"

"بالطبع، هل هناك خطب ما؟"

ارتسمت على وجهه ملامح القلق، في تلك اللحظة، بدا شبيهًا بنسخته القديمة اللطيفة، لكن لا مجال للتساهل الآن، يجب أن أوضح له الحقيقة.

"سيدي هيلموث، الزي الرسمي لفريق السحرة... هو بالكامل باللون الأسود، صحيح؟"

"نعم، فهو يرمز إلى السحرة."

ردّ بابتسامة راضية: "كما أنه لا يظهر الأوساخ بسهولة."

نظرت إليه بجدية وقلت: "المشكلة ليست فقط في اللون، بل في التصميم نفسه."

"ماذا تعنين؟"

لم يكن لديه أدنى فكرة، تنهدت بعمق.

"متى كانت آخر مرة حضرت فيها حفلة مسائية أو حفلة رقص؟"

"لم أحضر أيًا منها."

ردّ بشكل قاطع، فعبستُ بوجهي.

"لماذا؟، رغم أنك قائد سحرة البلاط الملكي، لا بد أنك تتلقى الكثير من الدعوات."

"ما الذي تقصدينه بـ 'رغم أنك؟" تذمر، لكنه سرعان ما تمتم بتردد: "أنا... لا أجيد التعامل مع المجتمع."

أخفض رأسه.

'إذن، كيف تنوي الزواج وأنت هكذا؟'

ألا تعني الزيجات بين النبلاء الانخراط في الحياة الاجتماعية؟.

لكنه تمتم بصوت منخفض، وعيناه تحدقان بالأرض: "إنهم... يخيفونني."

"ماذا؟، من تقصد؟"

"إنهم يتهامسون ضاحكين حين ينظرون إليّ... يرفضون دعوتي للرقص، ويتعمدون قول أشياء سيئة عني ليسمعها الجميع..."

"تقصد بنات النبلاء؟، لكنك تريد الزواج من إحداهن، أليس كذلك؟"

لم أتمكن من إخفاء دهشتي بعد الآن.

'أنت الشخص الذي يقتل الوحوش بسهولة، قائد سحرة البلاط الملكي الذي صعد إلى القمة بسن مبكرة، عبقري يُشاد به في كل مكان... ومع ذلك، تخشى أن تسخر منك الفتيات في حفلة؟، هذا مزاح، صحيح؟'

"إذا لم تكن بنات النبلاء خيارًا، فهل تفكر في بنات عامة الناس...؟"

"مستحيل، لا يمكنني قتل آنسة بريئة."

قالها بوجه متجهم.

عبارة 'قتل' تبدو مبالغًا فيها، لكنها ليست خاطئة تمامًا.

السيد هيلموث يمتلك طاقة سحرية هائلة، ولو بقي مع شخص من عامة الشعب لفترة طويلة، فقد يؤثر ذلك على صحة ذلك الشخص، بل إن امرأة عادية تحمل طفله قد تفقد حياتها أثناء الولادة، هي أو الطفل.

"سيدي هيلموث، النبيلات لسن سوى بشر مثلك، إذا عاملتهن باحترام وتواصلت معهن بلباقة—"

"أنتِ لا تفهمين، لايلا!"

قاطعني، وعيناه على وشك البكاء.

"أنتِ بارعة في التعامل مع الآخرين!، حتى مع الغرباء، تنسجمين بسرعة وكأنك تعرفينهم منذ زمن، أما بالنسبة لي، فهذا ضرب من السحر! لا يمكنني فعل ذلك! مستحيل! مستحيل تمامًا!"

ثم صرخ بقوة: "لا يمكنني الزواج أبداًاااا!"

راقبته بصمت بينما كان يصرخ بإحباط.

...يبدو أن مشكلته أعمق مما كنت أتصور.

بهذه الحالة، سيكون الزواج تحديًا صعبًا للغاية بالنسبة له...

هذا ما فكرت فيه، وأنا أراقبه بأنظار متأملة.

الاقتراح

"سيد هيلموت، من فضلك، اهدأ."

صرخ هيلموت بصوت هادر: "وووووووه!" وهو يثور غضبًا، لكنني رفعت سبابتي بثبات وقلت له: "لدي اقتراح بخصوص بحثك عن زوجة، هل ستستمع إلي؟"

"…اقتراح؟"

أمال هيلموت رأسه بطريقة غريبة ونظر إليّ، وكأنه شخص ممسوس بروح شريرة، مما جعلني أشعر ببعض الرهبة.

"ما هذا الاقتراح؟ هل تعتقدين أنكِ ستستخدمين مهاراتكِ في التواصل الاجتماعي لتجدي لي زوجة؟"

نفخ الهواء من أنفه متذمرًا، لكنني صبرت وقلت له بثبات: "نعم، هذا صحيح، … سيد هيلموت، إن اتبعتَ تعليماتي بدقة، فبعد ثلاثة أشهر من الآن، ستكون قد خُطبت"

"…ماذا؟"

"قلتُ إنك إن اتبعتَ تعليماتي بدقة، فستتمكن من الزواج."

"هل تمزحين؟"

"لا، لست أمزح."

حدّقت في عينيه مباشرة وقلت بجدية:"سيد هيلموت، أنت لا تدرك نقاط قوتك وضعفك، لهذا السبب تخسر معركة الزواج في كل مرة، والنتيجة هي سلسلة من الهزائم الساحقة."

"… لم يتم رفضي مئة مرة…"

تمتم هيلموت معترضًا، لكنني تجاهلته.

"هل تفهمني جيدًا، سيد هيلموت؟"

لوّحت بإصبعي محذرة وأنا أكمل حديثي: "سواء كنتَ نبيلًا أم مجرد مواطن عادي، فالأمر لا يختلف، الزواج يشبه التجارة: عليك معرفة قيمتك السوقية، ثم العمل على رفعها، وأخيرًا بيع نفسك لمن يقدّرها بأعلى سعر، إنه ببساطة تجارة."

"تجارة…؟"

قد يبدو هذا الكلام قاسيًا، لكن إن كان الهدف مجرد الزواج، فالحب الحقيقي ليس ضروريًا، بالطبع، الزواج المبني على الحب هو الأفضل، لكن حتى إن لم يكن موجودًا في البداية، يمكن بناؤه بمرور الوقت.

"سيد هيلموت، أنا الابنة الكبرى لعائلة بيلتشيري، وقد تلقيتُ تدريبًا مكثفًا من والدي على كيفية تسويق أي منتج، حتى لو بدا شيء ما بلا قيمة، فإن لمسة بيلتشيري التجارية يمكن أن تحوله إلى كنز يعادل الذهب."

"هذا… يبدو وكأنه احتيال…"

"مطلقًا!"

نظرتُ إليه بحدة وقلت بحزم: "كيف تجرؤ على قول ذلك، سيد هيلموت!، متجر بيلتشيري مشهور بارتفاع مستوى رضا عملائه!، السر يكمن في فهم ما يرغب به الناس، وكيف نجعلهم يرغبون به! هذا هو جوهر الأمر!، هل فهمتني، سيد هيلموت؟"

أشرت إليه بإصبعي بحزم، رغم أنني مجرد موظفة إدارية، وكان من غير اللائق أن أتصرف بهذه الطريقة مع قائد السحرة، لكنه كان منجذبًا تمامًا إلى حديثي، ولم يهتم لوقاحتي.

"سيد هيلموت، أجبني بصراحة… لماذا، برأيك، لم تتمكن من الزواج حتى الآن؟"

"كيف يمكنك قول شيء قاسٍ كهذا؟!"

حدّق في وجهي غاضبًا وكأنه على وشك البكاء، ثم صرخ: "لأني… لأني… لا أستطيع… أوه… أووووه… ليذهب الجميع إلى الجحيم!"

"سيد هيلموت، من فضلك، اهدأ."

عندما بدأ يثور كأنه في نوبة غضب، ضربتُ ظهره بقوة دون أي تردد، محاوِلة إعادته إلى رشده.

"إن كنت ستتأثر بهذا القدر مع كل كلمة، فلن تتمكن من الزواج أبدًا."

"آه! هذا مؤلم! توقفي عن الضرب! أليست قوتكِ غير طبيعية، يا ليلا؟!"

نظر إليّ هيلموت بعينين دامعتين، فأطلقت تنهيدة عميقة.

"العمل في مجال التجارة محفوف بالمخاطر، لا سيما أنني الابنة الكبرى لعائلة بيلتشيري، التي تدير أكبر شركة تجارية، سيكون أمرًا مقلقًا إن كنتُ لا أجيد على الأقل بعض تقنيات الدفاع عن النفس."

"أنتِ نبيلة، ومع ذلك تجيدين الدفاع عن النفس…؟"

نظر إليّ بدهشة، لكنني واصلت حديثي ببرود.

"لا يهم أمري، المشكلة هنا هي أنت، سيد هيلموت، بصفتك الابن الثاني، لا يمكنك وراثة لقب الماركيز، لكنك تشغل منصب قائد السحرة الملكيين، وهو منصب رفيع، من الطبيعي أن تصلك عروض زواج كثيرة بسبب ذلك، لكنك رفضتها جميعًا، أليس كذلك؟ لماذا؟"

هيلموت شخصية مشهورة، وهو أيضًا أعلى سلطة في برج السحرة، حيث أعمل، لذا، حتى لو لم أرغب في معرفة الإشاعات عنه، فإنها تصلني، الجميع يعلم أنه فور تعيينه كقائد للسحرة الملكيين، انهالت عليه عروض الزواج، لكنه رفضها جميعًا دون أن يلتقي بأصحابها، لم يكن مفاجئًا أن تتوقف العروض تمامًا بعد ذلك.

عليّ أولًا أن أفهم لماذا ارتكب هذه الحماقة.

"… أريد الزواج لأجل تأسيس أسرة."

قالها بصوت بالكاد يُسمع، وكأنه بعوضة تهمس.

حسنًا، هذا منطقي.

بالنسبة للأبناء غير الورثة، الزواج يكون إما وسيلة للترقي الاجتماعي أو لبناء أسرة، وهيلموت، بصفته قائد السحرة الملكيين، قد وصل بالفعل إلى قمة مجاله، من غير المرجح أنه يسعى لمزيد من النفوذ.

"… أريد عائلة دافئة، لا زواجًا شكليًا بلا معنى."

قالها بصوت يملؤه الحزن.

"صحيح، لطالما كنتَ ترغب في الزواج منذ الصغر، أليس كذلك؟، كنتَ دائمًا تقول: 'عندما أكبر، سأبني أسرة سعيدة!'"

لطالما كان ينظر إلينا بحسد عندما كان والدي يأتي ليأخذنا بعد إنهاء أعماله التجارية، بالنظر إلى نشأته، من السهل فهم سبب توقه إلى الدفء العائلي.

"… لكن جميع العروض التي وصلتني كانت تحتوي على شروط مثل 'يمكن للزوجين أن يلتقيا ثلاث مرات فقط في السنة'، أو 'كل طرف حر في إقامة علاقات خارج الزواج، دون تدخل من الآخر'… دائمًا ما تكون بهذه الطريقة."

"………………"

حسنًا، هذا طبيعي بين النبلاء.

لكن… نعم، بالنسبة لشخص يحلم بأسرة دافئة مثل هيلموت، فهذا غير مقبول تمامًا.

"فهمت."

أومأت برأسي ببطء.

"سيد هيلموت، دعني أؤكد الأمر… أنت ترغب في الزواج من شخص تحبه بصدق، وتكوين أسرة سعيدة مليئة بالضحك والسعادة، هل هذا صحيح؟"

"صحيح! … لكن هذا مستحيل!"

أجاب بمرارة، وكأنه استسلم للأمر.

لكنني نظرت إليه بحزم وقلت بثقة: "لا، لا يوجد شيء مستحيل بالنسبة لعائلة بيلتشيري! إن اتبعتَ توجيهاتي، فكما قلتُ لك سابقًا، ستكون قد خُطبت خلال ثلاثة أشهر، بلا أدنى شك!"

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon