NovelToon NovelToon

لقد تزوجت من إمبراطور النار لكنه يعتقد أنني بشرية ضعيفة

1

**الفصل التمهيدي**

كان الرجل طويل القامة، بطول يفوقني بنحو مرة ونصف، ذا بنية قوية. عيناه كانتا تتوهجان بلون الدم القاني، تمامًا كما يفيض الدم الطازج عندما يُوخز طرف الإصبع بإبرة.

شعره الأسود اللامع كان أطول مما هو معتاد لدى الرجال، مربوطًا بإهمال في عقدة واحدة.

جسده العضلي، الذي بدا وكأنه قد تخلص من أي دهون زائدة، كان مغطى بقميص أبيض واسع الصدر وسترة سوداء طويلة الأكمام.

وكانت تلك السترة مطرزة بصورة طائر ناري أحمر.

"إذن، أنتِ الإنسانة القادمة من المملكة؟"

ناداني صوته العميق والقوي.

انحنيت قليلًا، ممسكة بطرف تنورتي، وأديت التحية المتبعة في وطني.

"تشرفت بلقائك. أدعى آنِّيريا يوفيرهيلم، يا سيدي جِزلهايد أوغنياس."

كان العرش موضوعًا وسط قاعة مزخرفة ببذخ.

من السقف تدلت مصابيح مربعة عدة، متألقة رغم خلوها من الشموع.

خلف مقعد جِزلهايد، زينت الحائط نافذة دائرية ضخمة بنقوش معقدة، مرسومٌ عليها أيضًا طائر، وكأنه يحلق برشاقة فوق القمر.

الجدران والأعمدة كانت مزينة بكثافة، تغلب عليها ألوان الأسود والذهبي والأحمر.

الوقوف في مثل هذه الأجواء كان كافيًا ليشعرني ببعض الدوار.

"هل تأكلون... خنافس الكابوتوموشي؟"

"بالطبع لا!"

وهكذا كان لقائي الأول مع جِزلهايد.

◆◆◆◆

لم تكن لدي رغبة كبيرة في الزواج منذ الصغر.

في مملكة إلجيريا، حيث وُلدت، يُنظر إلى الرقة في الرجال كصفة محببة.

وكان هذا الأمر شائعًا بين النبلاء وأفراد العائلة المالكة على وجه الخصوص، حيث كانوا يهتمون بالعناية بالبشرة ومعالجة الشعر أكثر من اهتمامهم بركوب الخيل، أو مطاردة الأرانب البرية بالقوس، أو حتى صيد الخنازير والدببة.

بالطبع، الجمال ليس أمرًا سيئًا، لكن كلما رأيت صدور الرجال النحيلة وأذرعهم الرفيعة، كنت أتنهد بلا وعي.

كانت الفتيات النبيلات معجبات بولي العهد المتألق وكأنه تجسيد للجمال والبهاء، لكنني لم أكن من بينهن.

لو أتيح لي الاختيار، لفضلت زوجًا ذا بنية قوية، فارسًا بحق.

لكن في مملكة إلجيريا، نادرًا ما يوجد رجال بهذه الصفات، وفرصة أن أُزف إلى فارس وأنا الابنة الكبرى لعائلة يوفيرهيلم الدوقية كانت ضئيلة للغاية، لذا لم أشأ أن أتطلع إلى المستحيل.

الزواج النبيل غالبًا ما يكون زواجًا سياسيًا، لذا كنت أعتقد أن شريك حياتي سيُحدد عاجلًا أم آجلًا.

لكن لم يخطر ببالي قط أنني سأبلغ الثامنة عشرة دون أن يتم اختياري للزواج!

"ما الذي ينقصني بالضبط؟" قلت، متأملة، قبل أن ألتفت إلى أخي الأكبر،

"نسبي ليس موضع شك، أليس كذلك، أخي العزيز؟ ومظهري ليس بهذا السوء، أليس كذلك، أختي العزيزة؟"

قبل خمس سنوات، تزوج أخي أنجيل من الليدي إريكاثينا، ابنة عائلة ماركيز.

والآن، وأنا في سن الزواج منذ فترة، لا زلت أقيم كضيفة في قصر دوقية عائلتي، الذي أصبح عش الزوجية لأخي وزوجته.

أختي إريكاثينا حامل بطفلها الثاني، بينما طفلها الأول، ابن أخي إلجيريل، ملاك صغير لا يمكن مقاومته.

أما أختي الكبرى، وأخي أنجيل، فهما...

(البطلة تنادي زوجه اخوها باختها لانها اصبحت جزء من العائلة بالفعل.)

لقد قدموا لي الرعاية دائمًا، وأخبروني أن بإمكاني البقاء في قصر دوقية يوفيرهيلم إلى الأبد، لكنني لا أعتقد أن هذا سيكون صائبًا.

"نعم، أعتقد أن آنِّيريا جميلة. فهي تشبهني."

"هذا صحيح، آنِّيريا آنسة جميلة. إنها تشبه السيد أنجيل تمامًا."

عندما تحدثت عن مخاوفي أثناء تناول الغداء مع الجميع، قال أخي وزوجته ذلك بابتسامة مشرقة.

لكن فكرة أن يكون مقياس الجمال هو أخي تبدو غريبة.

صحيح أن أخي أنجيل جميل بلا شك، فشعره الفضي اللامع يعكس ألوان الطيف عند تعرضه للضوء، وعيناه البنفسجيتان تضفيان عليه هالة غامضة، أما بشرته البيضاء الناعمة فتكاد تكون بلا عيوب.

قامته طويلة وجسده نحيل بشكل أنيق، حتى أنه بمجرد جلوسه متشابك الساقين يبدو وكأنه لوحة فنية.

قبل زواجه، كان يُقال إن النساء يغمى عليهن لمجرد أن يوجه إليهن نظرة، وبالفعل، حدث ذلك أكثر من مرة.

أما أختي إريكاثينا، فهي امرأة بسيطة وجذابة بطريقتها الخاصة.

رغم أنه كان من الممكن أن تشعر بالإزعاج من وجودي كأخت زوجها التي تعيش معها، إلا أنها كانت دائمًا تعتني بي وكأنها أختي الحقيقية.

"آنِّيريا، تزوجيني!"

قال ابن أخي إلجيريل، الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، وهو يبتسم لي ببراءة.

كلماته جعلت قلبي ينبض بسرعة، لكنه لا يزال طفلًا، ولا يمكنني قبول عرض زواج منه، فهو ابن أخي في النهاية.

لكن مجرد فكرة أن طفلًا في الرابعة من عمره قلق بشأن عدم زواجي تبدو محبطة.

"شكرًا لك، إلجيريل. أشعر بالامتنان لمشاعرك، لكن آنِّيريا تشعر بالقلق. بلوغي الثامنة عشرة دون زواج أمر نادر الحدوث."

في مملكة إلجيريا، تتراوح السن المثالية للزواج بين السادسة عشرة والسابعة عشرة، ومن المعتاد أن تتم الخطبة بحلول الخامسة عشرة.

جميع معارفي وصديقاتي تقريبًا تزوجن بالفعل.

"آنِّيريا، سأكون أنا من يتزوجك. بالمناسبة، أمي، هل يمكنني ترك السمك؟"

"لا، إلجيريل. يجب أن تأكل كل طعامك، فنحن نستهلك حياة مخلوق آخر."

كلماته حول ترك السمك أصابتني في الصميم.

وكأنني ذلك الطعام المتبقي، السمكة المتروكة.

في بداية هذا العام، كنت لا أزال أعتقد أنني سأتزوج عاجلًا أم آجلًا.

لكن بعد أن احتفلت بعيد ميلادي في يونيو، بدأت أشعر بجدية الموقف.

"كنت أظن أنك لا ترغبين في الزواج، آنِّيريا."

"ليس الأمر كذلك، كنت فقط أعتقد أن خطيبي سيتم اختياره عاجلًا أم آجلًا. فالزواج السياسي هو العرف السائد، أليس كذلك؟"

"استخدام آنِّيريا، التي أعتبرها كابنتي، كأداة في زواج سياسي... هذا غير مقبول."

قال أخي أنجيل بحزن.

صحيح أنني فقدت والديّ في سن مبكرة بسبب المرض، وكان أخي هو من تولى تربيتي.

لطالما شعرت بحبه واهتمامه، لكنني لم أدرك أنه ينظر إليّ بهذه الطريقة.

"لأنني كنت أظن أنك لا ترغبين في الزواج، كنت أرفض جميع عروض الخطبة التي وصلتنا..."

"يمكنكِ البقاء هنا إلى الأبد، آنِّيريا. ثم إن إلجيريل قال إنه سيتزوجكِ."

"نعم! عندما أبلغ الخامسة عشرة، سنتزوج يا آنِّيريا!"

"أنا ممتنة لك كثيرًا، لكن هذا مستحيل. لا يمكنني أن أسمح لصبي لطيف مثلك، إلجيريل، بأن يتزوج شخصًا مثلي وكأنني سمكة متروكة."

"لا... لستِ سمكة متروكة أبدًا، آنِّيريا. أنتِ جميلة للغاية. عندما تقفان معًا، أنتِ وأخوكِ، تبدوان وكأنكما لوحة فنية. أنا سعيدة لأنني أعيش محاطة بهذه الجماليات يوميًا. لذا، لا تجبري نفسكِ على الزواج، يمكنكِ البقاء معنا دائمًا."

قالت إريكاثينا ذلك بابتسامة هادئة ونبرة دافئة.

الجميع هنا يعاملني بلطف بالغ.

إذا بقيتُ هنا للأبد، سأفسد تمامًا.

سرعان ما سأصل إلى عمر يصعب فيه العثور على شريك مناسب.

وإن بقيتُ على هذه الحال، فقد يأتي يوم يكرهني فيه إلجيريل، الذي يحبني كثيرًا الآن.

"أخي، أختي، إلجيريل... شكرًا لكم. أنا سعيدة حقًا بدعمكم، لكن إن أمكن، أريد أن أتزوج."

"حقًا؟ لم أكن أعلم ذلك. إن كان هذا ما ترغبين به، فسأحقق لكِ أمنيتكِ قدر الإمكان. هل لديكِ مواصفات محددة لشريك حياتكِ؟"

سألني أخي، وهو يبدو مترددًا قليلًا.

"أفضّل شخصًا طويل القامة، قوي البنية وعضليًّا، يستطيع أن يحملني بيد واحدة ويضعني على كتفه بينما يسير."

أجبتُ بسرعة، دون تردد.

ظل أخي يفكر قليلًا، ثم قال: "هذا أشبه بأسطورة العمالقة. حسنًا، سأناقش الأمر مع جلالة الملك."

وبعد فترة قصيرة، استُدعيتُ إلى القصر الملكي.

لم يكن اللقاء في قاعة العرش، بل في إحدى قاعات الضيافة الملكية حيث كنتُ برفقة أخي.

كان في انتظارنا هناك جلالة الملك الجديد، جود إلجيريا، الذي كان بمثابة صديق الطفولة بالنسبة لي.

"آنِّيريا، كنتُ أظن أنكِ لا ترغبين في الزواج."

كان جلالة الملك جود يتمتع بجاذبية فريدة، وكأن هالة من الورود الذهبية تحيط به دائمًا.

قال لي نفس ما قاله أخي تمامًا.

"لكن هذا جاء في الوقت المناسب، فلديّ شريك مثالي لكِ."

"شريك مثالي؟"

"نعم. إمبراطور إمبراطورية أوغنياس، 'إمبراطور اللهب' جِيزلهايد، طلب اختيار عروس له من مملكتنا. لكن جميع الفتيات الشابات يخفنَ منه ويرفضن الزواج به."

إمبراطور اللهب، جِيزلهايد.

اسمه معروف لدى الجميع في هذه المملكة.

مملكة إلجيريا وإمبراطورية أوغنياس حليفتان رسميًا، لكن بالنظر إلى أن إمبراطورية أوغنياس أكبر وأقوى، فإن وضعنا أقرب إلى التبعية.

شعب الإمبراطورية يتكون من "التنانين"، وهم كائنات ذات أجساد ضخمة تفوقنا حجمًا، ويمكنهم التحول إلى تنانين والطيران في السماء.

ويُقال إن جِيزِلهايد لُقّب بـ "إمبراطور اللهب" لأنه قادر على نفث النيران مثل التنانين الأسطورية.

إنه يُعامل كوحش مخيف في مملكتنا، لدرجة أن الأمهات يهددن أطفالهن به حتى يكفّوا عن البكاء.

"آنِّيريا، هل ستقبلين أن تصبحي زوجته؟"

رغم مظهره الهادئ، كان لصوت جود قوة لا يمكن رفضها.

صحيح أنني قلت إنني أفضّل رجلاً قوي البنية...

لكنني لم أتخيل أبدًا أن الأمور ستؤول إلى هذا الحد!

المترجمة:«Яєяє✨»

2

**2 أولُ سماءٍ لي**

لم يكن لديَّ خيارُ الرَّفض عندما طلبَ مني جود-ساما أن أتزوَّج من الإمبراطور الناري جِيزِلهايد-ساما.

لقد كان ذلك أمرًا مَلَكيًّا.

أنا من تمنَّيتُ الزَّواجَ من رجلٍ قويٍّ ذي بُنيةٍ جسديَّةٍ ضخمة، وليس لديَّ خَطيبٌ ولا شخصٌ أُحبُّه.

مكانتُه لا غُبارَ عليها، وعُمرُه ليس مُشكلة.

لا توجد امرأةٌ أحقُّ منِّي بهذه المهمَّة.

وفوق ذلك، كان من البديهي أن رفضَ هذا الطَّلب من إمبراطوريَّة أُوغنياس سيُعرِّض مكانةَ مملكتِنا للخطر.

لذلك، قبلتُ طلبَ جود-ساما بكلِّ احترام.

يبدو أنَّ أخي كان يأمل أن أرفضَ هذا الأمر، لذا بدا عليه الذُّهولُ الشَّديد عندما شاهدَني أُومِئُ موافقةً وأنا أقول: "لقد فهمتُ."

وبعدها، كان أخي، وأختي، وحتى إلجيريل-كون، أكثرَ كآبةً وحزنًا منِّي خلال الأيَّام القليلة التَّالية.

وبعد مرورِ بعض الوقت، وصلَ الموكبُ لاستِقبالي من المملكة المجاورة.

كنتُ أعتقدُ أنَّني سأستقلُّ عربةً للذَّهاب إلى جِيزِلهايد-ساما، لكنَّ ما جاءَ لاستقبالي كان تنِّينَيْنِ عملاقَيْنِ.

التَّنِّينانِ اللَّذان يملكانِ حراشفَ حمراءَ هما من أتباع جِيزِلهايد-ساما، وهم من قوم التَّنانين.

هبطَ التَّنِّينانِ في السَّاحةِ الكبيرةِ للقصر، وبعدَ لحظات، تحوَّلا إلى هيئةٍ بشريَّة

.

ظهرَت امرأتانِ طويلتانِ بجسدٍ ممشوق، ترتديانِ دروعًا متألِّقةً، قادمتَيْنِ من الطَّرفِ الآخرِ للسَّاحة.

لقد أُعجِبتُ بشدَّةٍ بشجاعتهما وقُوَّتهما، خاصَّةً حين أدركتُ أنَّ نساءَ قومِ التَّنانين أكثرُ بسالةً وضخامةً من رجالِ مملكتِنا.

بعدَ أن ألقيتُ التَّحيَّةَ الوداعيَّةَ في القصر، صعدتُ إلى الهودجِ المُثبَّتِ على ظهرِ أحدِ التَّنانين، الذي عادَ إلى هيئتِه الحقيقيَّةِ بعيدًا عن أنظاري، وكأنَّ تحوُّلهم سرٌّ لا يُمكنُ أن يُكشَف.

كان الهودجُ فسيحًا، بحيثُ يُمكنُ لعدَّةِ أشخاصٍ الجلوسُ داخله.

إحدى نساءِ التَّنانينِ حملتني بسهولةٍ بيدَيْها، ووضعتني داخلَ الهودجِ برفق.

كان محاطًا بأعمدةٍ وجدرانٍ ذهبيَّةٍ متينة، وأرضيَّتهُ مُغطَّاةٌ بمقاعدَ حمراءَ وثيرَة.

أُصِبتُ بالدُّوارِ قليلًا بسببِ شدَّةِ سطوعِ الألوان، لكنَّ الجلوسَ داخله كان مريحًا للغاية.

كان لديَّ الكثيرُ من الأمتعةِ، فقد قدَّمَ لي جود-ساما هدايا زفافٍ ثمينة، بينما منحَني أخي جهازَ عُرسٍ فاخرًا يضمُّ الملابسَ وغيرها من المُستلزَمات، لكنَّ الهودجَ كان واسعًا بما يكفي لاستيعابِها جميعًا.

ثمَّ سألتني إحدى نساءِ التَّنانينِ بلُطف: "هل سيُرافقُكِ أحد؟"

لكنَّني هززتُ رأسي نفيًا.

عندما أخبرتُها بأنَّني ذاهبةٌ بمُفردي، بدا الحزنُ جليًّا على وجهِها.

هل اعتقدتْ أنَّني مسكينةٌ إلى هذا الحدِّ؟

لكنَّني أنا من رفضَ أن يُرافقَني أخي أو إحدى الوصيفات اللَّواتي أعدَّهُنَّ لمُرافقتي.

فماذا لو أغضبتُ جِيزِلهايد-ساما دون قصد، وانتهى الأمرُ بأن يُصبنَ بأذًى بسببي؟

رغمَ أنَّ المملكتينِ حليفتانِ، إلا أنَّه لم يكُن بينَنا تواصلٌ يُذكَرُ خارجَ أوقاتِ الأزمات.

والحقيقةُ أنَّ مملكتَنا تنعُمُ بالسَّلامِ إلى حدٍّ جعلَ الأزماتِ مجرَّدَ شيءٍ يُذكَرُ في كتبِ التَّاريخِ فقط.

أخي عليهِ أن يحمي أختي وإلجيريل، بينما الوصيفاتُ لديهنَّ عائلاتٌ في المملكةِ لا يُمكنُهُنَّ تركُها.

لذلك، لا بأسَ أن أذهبَ وحدي.

عندما مرضتْ أختي بعدَ ولادةِ إلجيريل، كنتُ أنا من تولَّى رعايتَها، ورعايةَ الطِّفلِ حديثِ الولادة.

كان من المُفترضِ أن يكونَ ذلكَ عملَ المُرضعاتِ أو الوصيفات، لكن بما أنَّني كنتُ مُجرَّدَ ضيفةٍ تعيشُ على نفقتِهم في القصرِ دونَ عملٍ يُذكر، فقد انشغلتُ بذلكَ بشغف.

لهذا، أستطيعُ تدبُّرَ أمري وحدي.

حتى لو لم يُعجبْ جِيزِلهايد-ساما بي وأهملَني، فأنا واثقةٌ من أنَّني سأتمكَّنُ من العيش.

عندما ودَّعني أخي وأختي وإلجيريل، كانوا يبكون.

أما أنا، فشعرتُ بالحزنِ حتمًا، لكنَّني لم أكُن قلِقَةً.

لا يُمكنني البقاءَ في منزلِ العائلةِ إلى الأبد، وامتناعي عن الزَّواجِ حتى الآن لم يكُن سوى من أجلِ خدمةِ المملكة.

جود-ساما عبَّرَ لي عن شُكرِه مرارًا وتكرارًا.

أظنُّ أنَّه كان من السَّهلِ عليهِ أن يطلبَ منِّي هذا الأمر، لأنَّني كنتُ بمثابةِ صديقةٍ قديمةٍ له مُنذ الطُّفولة.

بينما كان من الصَّعبِ عليهِ أن يفرضَ مثلَ هذا الأمرِ على بناتِ النُّبلاءِ الأخريات.

كإجراءِ احتياطٍ لأيِّ ظرفٍ طارئ، تحوَّلتْ إحدى التَّنانينِ إلى شكلِها الأصليِّ، فأصبحتْ تنِّينًا ضخمًا ذا حراشفَ حمراء، بينما بقيَتِ الأخرى على هيئةِ بشريَّةٍ، وجلستْ في مقعدِ المُسوِّق.

نظرتُ من نافذةِ الهودجِ إلى الخارج، وبينما كنتُ أشعرُ بإحساسِ الارتفاعِ المُفاجئ، ارتفعَ التَّنِّينُ في السَّماءِ، وسُرعانَ ما أصبحتُ أرى القصرَ، والعاصمةَ، وأخي، يتلاشى حجمُهم شيئًا فشيئًا حتَّى اختفوا عن ناظري.

"الأمرُ مُختلفٌ تمامًا عن العربة…"

إنَّها المرَّةُ الأولى التي أركبُ فيها على ظهرِ تنِّينٍ، والمرَّةُ الأولى التي أطيرُ فيها في السَّماء.

تمتمتُ بدهشة، وإذا بصوتٍ نسائيٍّ يأتي من أسفلِ الهودجِ قائلاً:

"أعتذرُ عن أيِّ إزعاجٍ قد تشعرينَ به، أيتها الأميرة. لكنَّ العاصمةَ الإمبراطوريَّةَ كاتاسترونيا، حيثُ يُقيمُ جِيزِلهايد-ساما، تقعُ فوقَ قمَّةِ جبلٍ شاهق، ولا يُمكنُ الوصولُ إليها بعربة."

كان ذلكَ صوتَ المرأةِ التي تحوَّلتْ إلى تنِّين. يبدو أنَّها تُحدِّثُني رغمَ أنَّني لا أستطيعُ رؤيتَها.

"نرجو أن تعذُرينا لأنَّنا نحنُ الاثنتان فقطُ من أتينا لاستقبالِكِ. لكنَّنا خشينا أن يُفسِّرَ سكَّانُ مملكتِكِ مجيءَ عددٍ كبيرٍ منَّا على أنَّه غزو."

"أفهمُ ذلكَ جيِّدًا، لا داعي للاعتذار. أنا ممتنَّةٌ لحضورِكُما من أجلي."

كان من الغريبِ التَّحدُّثُ مع شخصٍ لا أستطيعُ رؤيتَه، لكنَّ نبرتها الهادئةَ والرَّصينةَ جعلتني أشعرُ بالارتياح.

"لكن أرجو ألَّا تقلقي، أيتها الأميرة. نحنُ حُرَّاسُ الإمبراطورِ النَّاري، وأقوى من جميعِ رجالِ قومِ التَّنانين. لذا، سنُؤمِّنُ حمايتَكِ بأيِّ ثمنٍ."

"حقًّا…؟"

تنفَّستُ بذهول.

امرأةٌ أقوى من رجالِ قومِها، وحارسةٌ للإمبراطورِ بنفسِها!

كم هو رائعٌ ذلك!

استرجعتُ ملامحَها القويَّةَ والجذَّابةَ في ذاكرتي، وفجأةً، شعرتُ بنبضاتِ قلبي تتسارع.

ما هذا؟ هل يُعقَلُ أنَّني أُعجِبتُ بها؟

هل كنتُ شخصًا يسهلُ وقوعُه في الإعجابِ إلى هذا الحدِّ؟

أودُّ أن أسألَها عن اسمِها، لكنَّني لا أعرفُ إن كان ذلكَ تصرُّفًا لائقًا.

أُريدُ التَّحدُّثَ معها أكثر، لكن، هل يُمكنُها الدَّردشةُ أثناءَ الطَّيران؟

لا أعلمُ، ربَّما كانت تُحاولُ مُراعاةَ مشاعري فحسب.

على أيِّ حال، أمامَنا الكثيرُ من الوقت.

أتمنَّى أن أتمكَّنَ من التَّقرُّبِ من هؤلاءِ المُحارباتِ الرَّائعات.

وبينما كنتُ غارقةً في هذهِ الأفكار، ظللتُ أُحدِّقُ عبرَ النَّافذةِ في السَّماءِ الواسعة.

◆◆◆◆

المترجمة:«Яєяє✨»

3

** 3 اللقاء مع الإمبراطور الناري جِيزِلهايد**

رافقتني محارباتُ التَّنانينِ الحُمر إلى العاصمةِ الإمبراطوريَّةِ كاتاسترونيا.

بعد أن اجتزنا الغاباتِ الكثيفةَ التي تمتدُّ بلا نهايةٍ على الحدود، بدَتْ أسفلَنا الطُّرقُ التي تربطُ بين المُدنِ المتناثرة، وفي وسطِ هذه الأراضي الشَّاسعة، انتصبَ جبلٌ صخريٌّ شاهقٌ يخترقُ السَّماءَ كما لو كانَ عِملاقًا من الحجر.

أعلى ذلكَ الجبلِ، امتدَّتْ أرضٌ مسطَّحةٌ تمامًا وكأنَّها صحنٌ عملاق، واسعةٌ بما يكفي لاحتواءِ مملكةٍ بأكملِها.

على هذه الأرضِ المُرتفعةِ شُيِّدتِ المدينةُ، وفي قلبِها يقعُ القصرُ العظيم.

القصرُ لم يكنْ يبدو كمجرَّدِ قصرٍ ملكيٍّ عادي، بل أقربُ إلى معبدٍ ضخم.

كانت جدرانُه تُهيمنُ عليها الألوانُ القاتمة، تعكسُ طابعًا جادًّا ومهيبًا.

حطَّ التَّنِّينُ ذو الحراشفِ الحمراء في ساحةِ القصرِ الدَّاخليَّةِ بهدوء، ومن هناك، قادوني إلى قاعةِ العرش، حيثُ كنتُ على وشكِ لقاءِ جِيزِلهايد-ساما للمرَّةِ الأولى…

ليكونَ أوَّلُ سؤالٍ يُوجِّهه لي: "هل تأكلين… خنافس الكابوتوموشي؟"

'... كابوتوموشي؟ كابوتوموشي… هذا، تلك الحَشَرةُ ذاتُ القرون، أليسَ كذلك؟ تلكَ التي يُحبُّها إلجيريل؟'

لم أتمكَّنْ من منعِ نفسي من إطلاقِ نفيٍ صاخب، ثمَّ سارعتُ إلى تغطيةِ فمي بكلتا يديَّ، بينما بدأتُ أفكِّرُ في الأمرِ بجدِّيَّة.

كابوتوموشي؟ هل هو نوعٌ جديدٌ من الطَّعام؟

لا، بالطَّبعِ لا! استحضرتُ في ذاكرتي صورةَ إلجيريل وهو يضعُ الخنافسَ على الطَّاولةِ ويجعلُها تتقاتلُ للَّهو.

نعم، هذا هو، كابوتوموشي…!

ولكن، ما الذي فعلتُه؟!

لقد تكلَّمتُ مع جِيزِلهايد-ساما بأسلوبٍ غيرِ رسميٍّ إطلاقًا، مع أنَّه اللِّقاءُ الأوَّل!

ماذا لو شعرَ بالإهانةِ وقرَّرَ التَّخلِّي عنِّي فورًا؟ أو، الأسوأ، أن يقطعَ رأسي؟

بل، ماذا لو أدَّى غضبُه إلى شنِّ حربٍ على مملكتي؟!

حربٌ بسببِ… كابوتوموشي؟!

هذا غيرُ مقبول! يجبُ أن أكونَ أكثرَ حذرًا.

لكن، من كانَ يتوقَّعُ أن يكونَ أوَّلُ سؤالٍ يُوجِّهه إليَّ عن… الخنافس؟

"أه… إذًا، لا تأكلينَها. لم أكُنْ على درايةٍ بعاداتِ شعبِكِ، ويسعدُني أن أتعلَّمَ المزيدَ عنهم."

جِيزِلهايد-ساما لم يُظهِرْ أيَّ علاماتِ غضبٍ أو استياء.

بدا وكأنَّهُ يفكِّرُ في كلامي وهو يرفعُ يده إلى فمِه بإيماءةٍ مُتأمِّلة، ثمَّ أومأ برأسِه.

لم أشعرْ بأيِّ عداءٍ أو تهكُّمٍ في نبرتِه، يبدو أنَّهُ كان سؤالًا جادًّا، وليس سخريةً منِّي.

رفعتُ رأسي ونظرتُ إليهِ مباشرةً.

رغمَ أنَّهُ كانَ جالسًا على العرش، إلَّا أنَّ نظراتِنا كانت على نفسِ المستوى تقريبًا.

لم أكُنْ يومًا أعتبرُ نفسي قصيرةَ القامةِ أثناءَ إقامتي في المملكة، ولكنَّ بُنيةَ التَّنانينِ كانت ضخمةً إلى حدٍّ جعلني أشعرُ وكأنَّني طفلةٌ أمامَهُم.

'... أظنُّ أنَّهُ يستطيعُ حملي على كتفِه والمشيَ بي… إنَّهُ بهذا الحجمِ فعلًا.'

إنَّهُ يُجسِّدُ تمامًا صورةَ الرَّجلِ المثاليَّةِ التي كنتُ أتمنَّاها، لكنَّهُ ليسَ إنسانًا… بل تنِّين.

بل والأسوأ، إنَّهُ الإمبراطورُ الناريُّ المُرعِبُ الذي ينفثُ اللَّهب!

عليَّ أن أكونَ أكثرَ حذرًا، من أجلِ حمايةِ عائلتي التي تركتُها خلفي في المملكة.

"حسنًا، إذًا، هل تشربينَ ماءَ السُّكَّر؟"

"أنا لا آكلُ الكابوتوموشي، ولستُ كابوتوموشي أصلًا!"

(ماء السكر هو الوجبة المفضلة لتلك الخنافس الذين يتحدثوا عنها ويبدوا انها يراها صغيرة مثل تلك الخنافس😭)

لماذا يتمسَّكُ بهذا الموضوع؟!

أوه، لا… لقد رفعتُ صوتي مجدَّدًا.

لكن، كيف لا؟! لقد رأيتُ إلجيريل وهو يُطعمُ الكابوتوموشي ماءَ السُّكَّر، والآنَ يسألني جِيزِلهايد-ساما عن الأمر؟!

لم أستطعِ التَّحكُّمَ بردِّ فعلي…

"حقًّا؟ إذن، السُّكَّرُ قد يكونُ سامًّا لجسمِكِ الصَّغير. سأُخبرُ الطُّهاةَ بالحذرِ في إعدادِ طعامِكِ."

تأمَّلني مرَّةً أخرى، كما لو كانَ يُحلِّلُ طبيعةَ جسدي…

وفي داخلي، لم أستطعْ منعَ نفسي من التَّفكير:

'أنا لستُ جروًا ولا قِطَّة، أيُّها الإمبراطور…!'

قرَّرتُ أن أعتذرَ أوَّلًا.

"أعتذرُ بشدَّة، يا جلالتَك... لقد تَصرَّفتُ بطريقةٍ غيرِ لائقة."

"أيُّ جزءٍ من تصرُّفِكِ كانَ غيرَ لائقٍ؟ آنِّيريا، لا حاجةَ لأن تكوني بهذا التَّحفُّظ."

شعرتُ بانقباضٍ في صدري عند سماعِ اسمي يخرجُ من شفتيه.

للحظةٍ قصيرة، تساءلتُ: كيف عرفَ اسمي؟ لكنَّني سرعانَ ما تذكَّرتُ أنَّني قد قدَّمتُ نفسي له قبلَ قليل.

إذًا، لقد حفظَهُ بالفعل...

كنتُ قد تخيَّلتُ أنَّ استدعائي إلى هنا لم يكنَ سوى نزوةٍ من نزواتِه، وأنَّ

مصيري سيكونُ مجرَّدَ واحدةٍ من عشراتِ الجوارِي أو الخليلات، حيثُ لن يُلقي أحدٌ حتَّى عناءَ مناداتي باسمي.

لكنَّهُ الآنَ يناديني باسمي… وهذا، لسببٍ ما، جعلَني أشعرُ بشيءٍ من السُّرور.

"بالمناسبة، آنِّيريا، إن كنتِ لا تأكلينَ الخنافس، فماذا تأكلينَ إذًا؟ بذورُ عبَّادِ الشَّمس، مثلًا؟"

"... آه... أنا... أنا آكلُ الطَّعام. الطَّعام العادي... العادي... حسنًا، لا أظنُّ أنَّهُ واضحٌ بما يكفي. أقصدُ الخبز، الأرز، المعكرونة، الخضروات، اللُّحوم، الأسماك... أشياءً كهذه."

محاولةُ شرحِ شيءٍ بديهيٍّ كهذا بدتْ أصعبَ ممَّا توقَّعت.

كنتُ أودُّ أن أقولَ له: أنا لستُ فأرًا برِّيًّا، بالمُناسبة.

لكن، في الحقيقة، أنا نفسي لا أعرفُ ما يُعتبَرُ غذاءً رئيسيًّا للتَّنانين.

إنَّهم بهذا الحجمِ عندما يتحوَّلون... هل يأكلونَ اللُّحوم؟

يُمكنني تخيُّلُهم وهم يبتلعونَ بقرةً كاملةً دفعةً واحدة.

لكنَّ سؤالي عن ذلك قد يكونُ غيرَ لائقٍ.

"فهمتُ. وماذا عن الكميَّة؟ هل تكونُ هكذا؟"

قامَ جِيزِلهايد-ساما بضمِّ إصبعيهِ كما لو أنَّهُ يلتقطُ شيئًا ضئيلًا للغاية، بحجمِ حبَّةِ فاصولياء.

لكن، بالنِّسبةِ ليدهِ الكبيرة، قد يكونُ هذا بحجمِ شريحةِ خبزٍ كاملة.

"آه، أ... جِيزِلهايد-ساما، أنا سعيدةٌ باهتمامِكِ بأمري، ولكن... أودُّ أن آكلَ كلَّ ما يُقدَّمُ لي قدرَ المُستطاع."

نشأتُ على تعاليمِ شقيقتي إريكاثينا:"الطَّعامُ نعمةٌ، فلا تتركيهُ دونَ أن تُنهيه."

أنا لستُ من النَّاسِ الذين لديهم تفضيلاتٌ مُعقَّدة، لذا سأعتادُ سريعًا على أيِّ طعامٍ يُقدَّمُ لي هنا.

"آنِّيريا، هذا غيرُ مقبول. أنتم البشرُ صغارٌ للغاية. لو تناولتِ شيئًا غريبًا، قد تموتينَ في الحال."

"قلتُ لكَ، أنا لستُ حشرة! يُمكنني تناولُ الملحِ والسُّكَّر، ولن أموتَ بهذه السُّهولة!"

خرجتِ الكلماتُ منِّي دونَ أن أشعر، قبلَ أن أُدركَ فداحةَ ما قلتُه وأعضَّ شفتي بانفعال.

"... أ-أقصدُ، لن أموتَ بهذه السُّهولة، صحيح؟"

حاولتُ التَّراجعَ عن حدَّةِ نبرتي، لكنَّ جِيزِلهايد-ساما بدا وكأنَّهُ غارقٌ في التَّفكير.

خفضَ عينيهِ قليلًا، ثمَّ رفعَ بصرَهُ مجدَّدًا لينظرَ إليَّ مباشرةً، بحدَّةٍ جعلتني أتحرَّكُ بتوتُّر.

هل هناكَ شيءٌ غريبٌ في مظهري؟

لقد كانتِ الرِّحلةُ طويلةً، لكنَّني صفَّفتُ شعري جيِّدًا قبلَ دخولِ قاعةِ العرش.

حتَّى أنَّني ارتديتُ فستانًا أزرقَ باهتًا أنيقًا، كانت قد أعدَّتهُ لي شقيقتي خصِّيصًا لهذه المُناسبة.

هل كان يجبُ أن أرتدي ثوبًا ملكيًّا؟

لكنَّني قرَّرتُ ألَّا أفعل، لأنَّهُ قد يكونُ غيرَ مُريحٍ خلالَ السَّفر، ولو تمزَّقَ في الطَّريق، لكانَ ذلكَ مُحرجًا للغاية.

"إذًا، تُجيدينَ الحديثَ هكذا، آنِّيريا."

قالَها بنبرةٍ بطيئةٍ، وكأنَّهُ يكتشفُ أمرًا جديدًا عنِّي.

"كنتُ أظنُّ أنَّكِ ستبقينَ خائفةً، غيرَ قادرةٍ على النُّطقِ بكلمةٍ واحدة. ... هل لي أن أقتربَ منكِ؟"

صُدمتُ بكلماتٍ غيرَ متوقَّعةٍ، وبدأتُ في التفكير في كلِّ الاحتمالاتِ بسرعةٍ، حتى فوجئتُ بفتح عينيَّ.

"ن-نعم...!"

ليس لديَّ حقُّ الرفض، أليس كذلك؟

هل سيحدثُ لي شيء؟

ربما سيحدثُ شيءٌ ما...

لقد بلغتُ من العمرِ ثمانيةَ عشرَ عامًا، وعلى الرغم من أنّني لا أمتلكُ أيَّ تجربة، إلا أنّني أعرفُ بعضَ الأمورِ. لقد تعلَّمتُ الكثيرَ من شقيقتي.

جِيزِلهايد-ساما لديه الحقُّ الكامل في التصرُّف بي كما يشاء، وعليَّ أن أطيعَ.

على الرغم من أنّ انطباعي عن جِيزِلهايد-ساما هو أنه شخصٌ هادئٌ ومريحٌ في الحديث، ربما قد يبدأ في فحص جسدي هنا الآن... هذا ما قد يحدثُ بالفعل.

"آنِّيريا ، كنتُ أظنُّ أنكِ صغيرةٌ، ولكنَّكِ فعلاً صغيرةٌ"

كان جِيزِلهايد-ساما واقفًا أمامي، ثمَّ بدأ يقيسُ الفارقَ بيننا في الطول، وضع يده على رأسي، ثمَّ حرك يده تدريجيًّا إلى صدره.

ربما أكونُ صغيرةً، لكنني أعتقدُ أنَّه هو الذي كبيرٌ جدًا.

إنَّ طولي لا يتجاوزُ صدرَ جِيزِلهايد-ساما.

كررَ هذه الحركة عدةَ مرات، ثمَّ نظر إلى يده بشكلٍ متفحِّص.

"... آنِّيريا، الآن لمستُ رأسكِ."

"نعم..."

"ألم تشعري بالألم؟ هل يمكن أن يكونَ عنقكِ قد كُسر؟"

"لا يمكن أن ينكسرَ عنقي لمجرد لمسِ رأسي!"

قلتُ ذلك بصوتٍ حادٍ للمرةِ عدة، وندمتُ بعد ذلك، إذ وضعتُ يدي على وجهي خجلاً.

"آه..."

"ماذا حدث؟ هل يؤلمكِ شيءٌ؟ هل حقًا كان عنقكِ قد كُسر؟ دعيني أساعدكِ، آنِّيليا. يجب أن تراجعي الطبيب."

"أنا بخير، لا داعي للقلق."

آسفةً، أخي العزيز، وأختي الغالية.

لقد نشأتُ برعايتكما، ولكن يبدو أنني نسيتُ كلَّ شيءٍ عن آداب السُّلوك التي علَّمتُني إياها.

جِيزِلهايد-ساما لم يظهر على وجهه تغيُّرًا كبيرًا، لكن بدا وكأنَّه مرتبكٌ بعض الشيء.

كان يحاولُ أن يمدَّ يده إليَّ ثم يَسحبها مرارًا، كما لو أنه يعتقدُ أنني سأُصابُ بأذى إذا لامسني.

هل يظنُّ أنني هشةٌ لدرجةٍ أنني سأتحطمُ إذا لمسه؟

لماذا استدعاني إلى هنا إذًا؟ هل يظنُّ أنه سيتخذني خليلةً له وأنا هكذا، عاجزةٌ عن حماية نفسي؟

المترجمة:«Яєяє✨»

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon