كان صباحًا عاديًا، والأجواء هادئة كما في كل يوم. كنت أسير على الرصيف في طريقي إلى المدرسة، مشغولة بهاتفي، أتابع الرسائل التي أرسلها لي أصدقائي. أصدقاء المدرسة كانوا في العادة يشاركونني نكاتهم وصورهم المضحكة، وهمساتهم عن الدروس والواجبات التي لا تنتهي. لكن، كل شيء تغير في لحظة.
كنت قد تجاوزت تقريبًا شارعًا فرعيًا حينما سمعت صوت محرك ضخم يقترب بسرعة. في البداية، لم أتمكن من تحديد مصدر الصوت، لكن مع كل ثانية كان يقترب أكثر وأكثر. ثم، فجأة، لم أعد أستطيع التحرك. كنت في مكان لا أستطيع الهروب منه. كانت الشاحنة أمامي، محركها يزمجر، والمكابح تصرخ في الهواء. في اللحظة التي اعتقدت فيها أنني قد لقيت حتفي، شعرت بشيء غريب يحدث.
في لحظة ما، انزلقت قدمي على الأرض الرطبة، وسقطت في بركة ماء كانت على جانب الرصيف. شعرت بالمياه الباردة تتسلل إلى ثيابي، وبدأت أنزلق بسرعة، كما لو أن الزمن نفسه قد توقف. حاولت أن أستعيد توازني، لكن رأسِي أصطدم بالأرض. شعرت بالألم في رأسي، ثم تلاشى كل شيء حولي، وكأنني دخلت في عالم آخر.
لا أستطيع وصف شعور الاستيقاظ بعد هذه اللحظات. كانت عيوني مغلقة، ورأسي مشوشًا. ومع ذلك، فجأة، شعرت بشيء غريب. كانت يدي مبللة، والشعر على رأسي يبدو غريبًا. شعر طويل فضي كان ينسدل حول وجهي، وعيناي… عينايا كانت وردية!
في تلك اللحظة، تملكني شعور غريب وكأنني لست في جسدي. كان هذا غير ممكن. لماذا تبدو ملامحي مختلفة؟ شعرت كما لو أنني في كابوس. هل أنا حقًا هنا؟ هل أعيش في حلم؟ أو ربما أنا ميتة، وأعيش في عالم آخر؟
حاولت النهوض، لكنني شعرت وكأنني لا أستطيع تحريك جسدي بالطريقة التي أعتدت عليها. كان كل شيء يبدو غريبًا. نظرت إلى يدي، ثم نظرت إلى جسدي، لكن المفاجأة كانت أكبر. لم يكن جسدي هو جسدي! كانت الملامح مختلفة تمامًا، والشعر، والعيون، حتى الطريقة التي كنت أشعر بها… كانت جميعها مختلفة.
ثم تذكرت شيئًا. لا! لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا. شعرت بالصدمة، لكنني تذكرت تلك الرواية التي قرأتها منذ فترة طويلة. "أسيا"، الشخصية الشريرة في الرواية التي كنت قد قرأتها مرارًا وتكرارًا. كنت قد تعلمت كل تفاصيل حياتها، علاقتها بالإمبراطور "كيان"، وقصتها المأساوية. أسيا كانت امرأة مغرمة بشكل مفرط بالإمبراطور، لدرجة أنها قتلت أي فتاة اقتربت منه، وفي النهاية تم إعدامها بسبب تمردها.
لكني لم أستطع تصديق ما يحدث. لا، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا! كيف يمكن أن أكون أنا أسيا، الفتاة التي كنت قد قرأت قصتها وكنت أكره تصرفاتها؟ لا، ليس هذا! لا يمكن أن أكون في جسدها!
لكن حينما نظرت إلى المرآة مرة أخرى، أدركت أنني لست مخطئة. كان هذا هو جسد "أسيا". كيف حدث ذلك؟ كيف أصبحت هذه الفتاة التي كانت تتحكم في مصيرها من خلال حبها الجنوني؟ هل هذا هو قدرها؟ أو هل هناك أمل لتغيير كل شيء؟
بدأت أستوعب الوضع تدريجيًا. ربما كان لدي فرصة. إذا كنت قد تجسدت في هذا العالم، في هذا الجسد، فهل يمكنني أن أغير المصير الذي كتبته الرواية؟ هل يمكنني أن أعيش حياة أفضل؟ أم أنني محكوم عليَّ بتكرار نفس الأخطاء والمصير الذي انتهت إليه أسيا؟
الخوف والارتباك سيطرا عليّ، لكن كان لدي قرار واحد. لن أكون مثل أسيا. لن أكرر نفس الأخطاء. ربما كان هذا هو الوقت الذي يجب أن أبدأ فيه، قبل أن تبدأ القصة الحقيقية.
الفصل الثاني: الواقع الجديد
وقفت أمام المرآة أحدق في انعكاسي. شعري الفضي انساب على كتفيّ كتيار ناعم من الحرير، وعيناي الوردية كانتا متألقتين تحت ضوء المصباح. مددت يدي لألمس وجهي، محاولة استيعاب أن هذا... أنا.
"هذا مستحيل..." همست بصوت خافت.
لكن، سواء كنت أصدق ذلك أم لا، فقد كنت هنا. في هذا العالم. في جسد هذه الفتاة. كنت قد قرأت الرواية جيدًا، وكنت أعرف مصير "أسيا" جيدًا. هل يعني ذلك أنني قد أعيش نفس النهاية؟
لا، لن أسمح بذلك. لن أدع نفسي أسلك نفس الطريق الذي سارت فيه أسيا. كان عليّ التفكير سريعًا. إذا كنت قد تجسدت هنا قبل أن تبدأ القصة الأصلية، فهذا يعني أن لدي فرصة لتغيير كل شيء. لا مجال للوقوع في الحب الأعمى الذي قادها إلى نهايتها المأساوية.
التفت حولي لأستكشف الغرفة التي كنت فيها. كانت واسعة، بأثاث فخم وستائر مخملية بلون أرجواني عميق. سرير ضخم ذو أغطية بيضاء مزينة بخيوط ذهبية، وطاولة زينة تعج بالعطور والمجوهرات. لم يكن هناك شك، كنت في قصر نبيل.
طرقات خفيفة على الباب جعلتني أرتجف للحظة، ثم سمعت صوتًا ناعمًا من الخارج.
"آنستي أسيا، هل أنتِ مستيقظة؟"
كان الصوت رقيقًا ومترددًا. تنفست بعمق، محاوِلة كتم ارتباكي. "نعم، ادخلي."
فتح الباب ببطء، ودخلت فتاة صغيرة ترتدي زيًّا للخدم، شعرها بني وعيناها خضراء، وتحمل في يديها صينية عليها كوب من الشاي وبعض الفواكه. عندما التقت عيناها بعيني، انحنت قليلاً باحترام.
"آنستي، لقد أحضرت لكِ فطوركِ. هل تشعرين بتحسن اليوم؟"
لحظة، ماذا؟ هل كنت مريضة من قبل؟
ابتلعت ريقي، محاوِلة الحفاظ على هدوئي. لم يكن لدي أي ذكريات عن الأيام السابقة لأسيا، مما يعني أنني يجب أن أتصرف بحذر حتى لا أثير الشكوك.
"أنا... أشعر بتحسن الآن. شكراً لكِ."
رفعت رأسها ونظرت إليّ بدهشة خفيفة، كما لو أن كلماتي لم تكن متوقعة. "أنا سعيدة لسماع ذلك! لقد كنا قلقين عليكِ بعد ما حدث البارحة."
البـارحة؟ ما الذي حدث البارحة؟! شعرت بالتوتر، لكنني أجبرت نفسي على الابتسام. "أجل... كان الأمر مزعجًا قليلاً، لكنني بخير الآن."
أومأت الفتاة برأسها، ثم وضعت الصينية على الطاولة بجانب السرير. "إذا كنتِ بحاجة إلى أي شيء، فقط أخبريني، آنستي."
راقبتها وهي تغادر، ثم أخذت نفسًا عميقًا. لم أكن أعرف شيئًا عما حدث لأسيا قبل أن أجد نفسي هنا، وهذا يعني أنني يجب أن أتحرك بحذر. لم أكن أريد لفت الأنظار، خاصة في هذه المرحلة.
بدأت أجمع أفكاري. في الرواية، كانت أسيا نبيلة تنتمي إلى عائلة قوية، لكنها فقدت كل شيء عندما هاجمت الإمبراطوريات المجاورة المملكة، مما دفعها إلى اتخاذ قرارات يائسة قادتها إلى نهايتها المأساوية. كان هناك متسع من الوقت قبل أن تبدأ تلك الفوضى، ولكن عليّ أن أكون مستعدة.
وإن كان هناك شيء واحد كنت أعلمه جيدًا، فهو أن الإمبراطور "كيان" سيكون أكبر خطر في حياتي. في القصة الأصلية، كان هو سبب سقوط أسيا، لكن هذه المرة، لن أسمح لنفسي بالسير في ذلك الطريق.
توجهت إلى النافذة، نظرت إلى الحدائق الشاسعة التي تحيط بالقصر، والشمس التي بدأت ترتفع في الأفق.
هذا هو عالمي الجديد الآن. وهذا هو قدري الجديد.
لكنني لن أكون أسيا الشريرة. سأكتب قصتي الخاصة، حتى لو كان ذلك يعني قلب الرواية رأسًا على عقب.
______________________________________
طب كدة ننهي فصل ثاني رئكم بروايتي 😭😂اتمنى ما جبت عيد
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon