NovelToon NovelToon

: كَفَّارَةُ شِيزُو _ عِندَما يُسَلِّطُ الرَّبُ وَعِيدَه

الرسالة ( 1 ) : آسف ... لقد عُدْتُ

الجزء الأول .._رَسَائِلُ السَّمَاء_

*****

" جَلْجَلَتُهُ بين الضباب ... أَصَابَتْ مفاصلي بالبرد ... "

" لا ربيع لهذه الأمة لكل أَجَلٍ مُسَمَّى وأَجَلُكُمْ قد حَضُرْ ... إنها الملحمة إنها الملحمة يا أُمَّتِي "

" أيها الحكيم توقف عندك, مالذي حصل ؟ أين اختفى شعبي ؟ "

" أَهْوَالُ الكَفَّارَة, تَخْتَبِأُ ضَاحِكَةً خَلْفَ نهاية شيزو, بعد أن كُسِرَتْ حُرْمَةُ لياريين سايباو, فوضى الأقدار تَسَبَّبَتْ بِغَارَةٍ خامسة, ضاع هَوَسُ العسل على مرأى فارس المعجزات, خَلْفَ كل بوابة لم يَسعى رُفَقَاء مُهِمَّةُ السماء, لِلْحَدِّ من مطامع شيزو, التي اندلعتْ إِثْرَ تلك النَبْرَة آسف ... لقد عُدْتُّ  "

" مالذي تقوله ؟ "

" مالي أسمعُ صرير الرياح مكان ضحكاتكم ... مالي أرى بيوتا قد خَلَتْ من أهلها ... مالي أرى غيمة السماء ملوثة بدمائكم "

" أُسْكُتْ أرجوك كفى كفى ... "

... يَهْتَزُّ في مكانه لِيَصْحُو على راياتٍ سُود  ...

*****************

.

.

.

الرسالة ( 1 ) : آسف ... لقد عُدْتُ

يُحَفّزُ البَدْرُ أمواج البحر, لِتَمُدَّ بما فيها على حافة أرض, دَفَنَتْ رِمَالها آثار قِصَص العديد من الرَّحَّالَة, و وَدَّعَتْ شَمسها ضِلالَهم المُغْتَرِبَة, هذه الأرض حَكَتْ ولا زالت تَسْرِدُ قِصَصَهُم العجيبة, بداية من ذلك الصياد البسيط, الذي اعْتَادَ التَّمَدُّدَ على قَارِبِهِ طوال النهار, ثم شَدِّ شَبَكَتَهُ العُشْبِية  وعَدِّ أسماكها ,في نهاية اليوم, لكن هذه الليلة لم تكن كمثيلاتها ...

يجذب الصياد شبكته خارج البحر, لتَتَّسِعَ ابتسامته فرحا باستقبال سمكة ضخمة, تُعِيلُهُ وعائلته لشهور ,رغم نُدُوبِ كَفَّيْه, واسمرار جِلْدته, يستمر بالجذب وكذا فريسته المجهولة بالبروز, حتى أَضْحَتْ وسط القارب, يتجهم وجه صيادنا مما يراه, حيرة ممزوجة بحذر شديد, قد استحوذا على ملامحه بسبب هيكل غنيمته, الشبيهة بجسد بشري, مما جَمَّدَ أطرافه عن الاقتراب والكشف عن هويتها ...

لكن اهتزازة خفيفة من ذاك الشيء أَلْقَتْ بالصياد خارج القارب فزعااا...

*** يستيقظ ***

يستيقظ صارخا من هول كوابيس رحلته المشؤومة, ليتفاجأ بجمع غفير, يَرْقَبُونَ تحركات مَفْتُولِ العَضِلات, الذي احتلتْ الكدمات والجراح وجهه ,استغرق الأمر دقائق حتى تَفَحَّصَتْ عيناه جدران الغرفة التي يتمدد داخلها, وكذا محتوياتها القليلة, أخيرا يَتَوَقَّفُ عند وجوه بائسة أَرْهَقَتْهَا الحياة من أعْبَاءِ الصيد والزراعة  يوميا, استمر في التحديق بهم وكذا هم, حتى تَحَرَّكَتْ شَفَتَاهُ المتيبسة بجملة واحدة ...

" أين أنا؟ "

يُجِيب الصياد الذي أنقذه من الغرق في القاع ...

" أنت في قرية هوان الساحلية هل فَقَدْتَ عقلك؟ "

تبسم الشاب بِضُعْفٍ من رَدِ الأُمِّي مُعَلِقاً ...

" سأكون محظوظا لو فقدتُ ذاكرتي  ...  "

ثم قَطَعَ تَمْتَمَتَهُ استذكار أمر هام, فأخذ يُقَلِّبُ الوسادة والفراش من تحته متعصبا

** أين حقيبتي؟ أين هي ؟؟ اللعنة فليجبني أحدكم ...

تجيبه عجوز مسنة , قد أَتَتْ بوعاء حديدي ساخن, وضعته على جنب, ثم ضغطتْ على يده

" أشياءك آمنة لا تقلق, هيا تناول القليل من حساء المحار, حتى تَسْتَرِدَّ عافيتك, لقد كنتَ مجمدا كالجثة ليلة البارحة  "

حدق بالأغطية الثقيلة عند قدميه مذهولا ...

" لهذا شَعَرْتُ بصعوبة في التنفس كِدْتُ أموت خنقا "

رَفَعَ رأسه المتصدع للسيدة ...

" أين حقيبتي ؟ "

قامتْ الى صندوق خشبي عند الزاوية, بينما سَلَبَ التخمين فِكْرَهُ بالكامل , فأَخَذَتْ عيناه ترمش مُحَاوِلَةً تَذَكُّرَ آخر ما رَأَتْ, إلا أن الصداع أبى أن يُفَارِقَ مؤخرة رقبته, فاستدار الى الرجال المتربعين حوله :

" خلال غيابي .. هل قُرِعَ الجرس الأعظم ؟؟ "

سؤاله ازدادهم عجبا على عجب ,مَنْ يكون؟ أين كان؟ وعن أي جرس يسأل؟ .. انما عَجْزُهُمْ عن إجابته, قد أصابه بالحسرة والندم

" إذن لا أحد نجى ...  غيري "

فأتت العجوز بحقيبة ظهر قماشية ذات رباط محكم, اِسْتَلَّ الناجي الكيس من يدها الى صدره بخوف, وبعد ان أيقن من مقتنياته جميعا آمنة, أخرج حجرا لماع بحجم كَفِّ اليد

"من منكم سحبني خارج البحر؟ " رفع الصياد يده بتردد

" انقاذك لي لا يمكن رد جميله, قد لا أملك ذهبا الآن , ولكن هذه القطعة أغلى ما لدي خذها ... "

استلمها الصياد مذهولا وسط همسات الرجال حول سعرها, بينما شَدَّ الفتى على الحقيبة هَاماً بالمغادرة

" مُمْتَنٌ لضيافتكم ... ,هل لي بطلب أخير؟ "

" تُسْعِدُنَا خِدمتك سيدي ... "

" أحتاج حصانا ... علي بالوصول الى غيمة السماء قبل المغيب ... "

امْتَطَى الفتى الحصان بصعوبة ,شَادَّا على اللجام بإحكام , رغم امتلاء جسده بالمياه المالحة , وانكسارِ ملامحه ,رَسَمَ ابتسامة المجاملة مودعا ,إلا أن هتافا من بعيد قد جَذَبَ انتباهه ,مَنْ استطاع التعرف عليه؟ والمناداة باسمه ؟ ...

ظَلَّ الحصان يهتزُّ مكانه منتظرا بروز شاب نحيل ,مُصْفَرَّ الوجه , حاله لم يكن مختلفا عن البقية ...باستثناء البشاشة التي استقبله بها ... على النقيض , قد حَلَّ البؤس مكان ابتسامة الناجي المصطنعة ... وكأن جبالا من الهَمِّ قد هَشَّمَتْ عظام كتفيه ... كان يبادل الفتى بنظرات مُشْفِقَة وخَذِلة  مما حصل و سيحصل ... كومة من مشاعر كريهة بداخله ,ابتلعها طوال طريق عودته وحيدا ... إلى أن ظَهَرَ هذا الصغير ... الذي دفعه بالنزول من على الحصان واحتضانه مع غصة عميقة ... ولأن الدموع تَهْدِمُ هيبة الرجال في ذاك الزمن ... فَضَّلَ أَسْرَ أَلمِهِ داخل صدره بصمت.

يسأله الفتى بلهفة : " لما عُدْتَّ وحيدا ؟ أين البقية ؟ أين هيتشان ؟  "

رَبَّتَ الآخر على كتفه بعجز .هو مقتنع أن اجاباته ورغم أهميتها ,لا فائدة منها بل لن تُسْعِدَ أحدا.

يَسْتَمِرُ في طرح المزيد : " سيدي جيان هاو . أجبني . هل وصلتم أرض المعجزات؟ أوجدتم الكنوز؟ "

ابتعد جيان هو عنه ليخرج من الحقيبة, قماشة رمادية, انكماشها بين راحتيه المتجعدة ,تحكي الكثير عن مدى معانتها حتى وصولها هذه القرية , يَضَعُ جيان هاو القماشة التي تخفي شيئا بين طياتها ,على كَفَّةِ الفتى آسفا

" هذه من أخاك ... طلب مني أن أُسَلِّمَها لك و ... "

استنشق عميقا ليزفر بجملة حامضة : " و هو يعتذر لأنه لن يعود كما وعدك ... آسف هيتشين"

يصهل حصان جيان هاو ,مواصلا مسيرته العسيرة ,مُخَلِّفاً نحيب الفتى على اختتام عائلته كاملة ...

...يتبع ...

.

الرسالة (2) : مَطَامِع شِيزُو

*** أعلى قمم سلسلة جبال هوانغ ****

نُحِتَتْ غيمة السماء على شكل منصة بيضاء ... لها أربعة سلالم رخامية ... تَصِلُ قاع الجبل بقمته ... يجثو جيان هاو في مركزها ... مستحضرا محطات رحلته الخاسرة ... فأخذ ينوح بشدة ... ليتحرر من مرارة الفقدان والخذلان ...ها هو يقف مجددا ... لِتَرْقَبَ عيناه المحمرة ... السماء الساخطة بِنَدَمٍ ... حتى ظَهَرَ أعلاه جرس عملاق من العدم  ... أخذ يَشُدُّ حبله الضخم ... كلما شَدَّهُ ازدادت رغبته في البكاء معلنا نهاية رِحْلَتُهُمْ بل رحلته .. اصطدام كرة الجرس الذهبية بحوافه ... أَصْدَرَتْ قَرَعَاتٍ  مدوية على بعد أميال ... هَزَّتْ بعنف أوراق الشجر ... و هججت الطير من أعشاشه ... وبفعلها رفرفتْ الأعلام المغروسة عند نهاية كل سلم ... مُرَحِبَة بعصبة العشائر الأربعة ... ليرتقي زعيم كل عشيرة سلالمه الخاصة ... مقتفيا أثره ثُلَّةٌ من الحَرَسِ والجند ...

أول من استعجل بالسؤال زعيم عشيرة (شي), الذي ميزتْ الحدة لسانه وتقاسيم وجهه ,مقتبسا من حَجَرِ الأوبسيديان على خنصره, شدة القوة والعزيمة على نيل ما يريد مِنْ مَنْ يُريد ...

" أراك خال اليدين, أين الكنوز ؟ "

يتمتم زعيم عشيرة (غاو) في عجل للمس كنوز الأرض المقدسة : " أين أين عربة الغنائم ؟ "

أردف زعيم عشيرة (يان ) بفضول شديد :

 "هل وصلتم أرض المعجزات؟ كيف كانت ؟ هل تختلف عن أراضينا؟ تكلم أيها العبد"

- صخيب من الاسئلة ,متضاربة النوايا ,أحاطتْ بالناجي الوحيد حتى حمحمة زعيم العشيرة الرابعة (تو) مهدئا الوضع :

"كَثُرَتْ الأسئلة ولم نسمع اجابة واحدة منك, تكلم ماذا حدث معكم؟"

تصادم نظراتهم, كشف على ما تتلهف اليه قلوبهم, فبقدر توق زعيم العشيرة النارية (شي) للاستحواذ على قوى أرض المعجزات ,بقدر اشتهاء زعيم عشيرة الزمرد (غاو) للمس المقدسات ,التي سترتقي بمملكته الى مكانة لم تُحْرِزْها منذ عقود , بينما يبتغي عجوز عشيرة العقيق الاصفر (يان) كسر اللعنة التي استحوذت على أرضه لقرون, أما زعيم عشيرة السماء (تو) فاحتباس ما يدور في فكره من كلمات , كان سبيله الأمثل لتأمين الوضع ....

نبراتهم التواقة لإجاباته ...استفزتْ روح العبد على التحرر من قالب الخضوع ... لأول مرة ينفلتُ لسانه أمام زعماء القبائل الكبرى... دون خوف مما سيحدث له ...

" هذا العبد لم يعد يتحمل دناوة جشعكم , تضحون بأكبادكم من أجل قوى لن تعيد من رحل وكنوز لن تغني عن مَنْ فُقِدْ "

يسخط زعيم (غاو) به : أخفض صوتك وأنت تتحدث مع رؤسائك جيان هاو هل جننت؟

يصيح العبد موجوعا : الجنون أرحم مما أعانيه, لقد كنت مسؤولا عن حمايتهم لكن انتهى الأمر بحمايتهم لي, لقد فقدتهم بأشنع الطرق, وأنتم هنا منشغلون بالمقدسات؟ "

يدق غمد زعيم (شي) الأرضية ,زافرا آخر نفس قد حضي به :

 أجب عن سؤالي, هل توصلتم لمكنونات تلك الارض أم لا؟

همهم زعيم (تو) بنبرة متثاقلة : تمهل, دعنا نفهم حول الأمراء أولا

يزمجر الآخر مستاء : هذه المهمة اقتضت سنوات من الاستعداد والانتظار, رجعة هذا العبد صِفْرا لم تكن ولن تكون ضمن حساباتي.

يَنْهَرُهُمْ جيان هاو : عبد الذهب والقوى الوحيد هنا هو انتم

بحركة سريعة يضحى سيف زعيم (شي) الحاد على رقبته :

صدقني لولا ما تخفيه بحلقك هذا من كلمات, لقطعت رقبتك منذ وصولك.

يتشبث زعيم عشيرة (غاو) بغمده مرتعشا وكذا الحراس من خلفه :

لا يسمح لك برفع السيف على فرد من عشيرة (غاو) ,أخفض سلاحك قبل أن نعلن حربا لا نهاية لها

تهديده لم يهز شعرة من استعداد زعيم (ِشي) لسلب روح ذاك العبد , بالنسبة له جملة زعيم (غاو) مجرد حيلة يستخدمها الضعفاء لهز همة الاقوياء , فمن أراد الهجوم سيفعل دون اللجوء الى مقدمة فارغة ... السماح للموقف أن يتصاعد أكثر لن ينجر عليه الا حربا تم تأجيلها لسنوات لهذا وكالعادة اضطر زعيم عشيرة (تو) للتدخل ...

" لا يُسمح برفع السيوف تحت عيون السماء, هل ستنقضون العهد؟ هيا اخفضوها ,دعونا نستمع لقصته "

انخفض سيف زعيم (شي) منتظرا سماع ما يسره ... بينما استعاد العبد انفاسه متندما :

اجتيازنا الى أرض محرمة  كتلك لم يكن سهلا ,لكن مغادرتها كانت أَمَرَّ ألف مرة ,في البداية سحرتنا بجمالها وعِظَمِ أسرارها , الى أن قررنا العودة, عندها تلك الارض لم تَعُدْ كما عرفناها ,حاربتنا بشراسة, حتى فقدنا كل ما جمعناه خلال الرحلة, ثم انتهيت فارا على قارب وحيدا في البحر , ولكن الصحوة غارت علي, فَجَمَّدَتْ أعضائي, وغُصْتُ بالعمق...

تَقَدَّمَ زعيم عشيرة (غاو) , وسحب رداء جيان هاو بعصبية :

ماذا تعني بفَقَدْتَّم كل ما جَمعتموه؟ ماذا تعني بعودتك وحيدا؟؟ لقد أرسلتك لتهتم بالأمير ,مهمتك تَمَثَّلَتْ بقطع رأسك مكانه أيها العبد الحقير بأي وجه تعود الي بمفردك ,أين غاغوي أين هو تكلم تكلم.

أخذ يصفعه ويركله بينما يسحبه رجاله بعيدا.

لم تَتَحَمَّلْ مفاصل عجوز عشيرة (يان) خبر رحيل أصغر زهرات قصره ... لولا الحرس الذين اجتمعوا لحمله:

" وردتي كان لقلبي المُجْهَدْ نبأ برحيلك ,لما لم تستمعي الي ,لماذا أَصَرَّيْتِ على مغادرة حديقتك  آآآآه على عرش اهتزت أركانه بفقدانك آآآآه على تضحية لا مبلغ لها."

ظل كلا الزعيمين يرثيان حتى دَوِيُ ارتطام ركبتي العبد على الارض من شدة لكمات زعيم عشيرة (شي) :

يستحيل أن يختفي الامراء ويَظَلَّ هذا العبد الضعيف ,يستحيل أن تنكسر مخالب عشيرة (شي) تحت أي قوة كانت ,كل ما قيل الآن كذب في كذب ,لا لا لا بل مكيدة مدبرة جميعكم اشتركتم بها ,اتفقتم على الاختلاء بابن عشيرة ( شي) ,تخلصتم منه ثم خبئتم الكنوز وأمامي تدعون العكس  ...

يقذف جيان هاو الدم مُعَلْقاً :   شي هوا أنت لا تستحق والدا بهذا اللؤم

أخيرا يتلقى ضربة فاصلة على الرقبة تُنْهِي حِوارَهُم المحتدم ...

.

.

** يرفع رأسه ****

يرفع رأسه مجددا على نفس المنصة ... خلال ظروف مُغايِرَة ... مناخ معتدل .. سماء صافية .. نسمات خريفية تترنح لها أغصان الأشجار ... منتجة موسيقى ميلودية جميلة ... مُعلنة حضور حكيم القرن ...

" السماء تبارك هذا الاجتماع وتَعِدُكُمْ بغنيمة كبرى ,طبعا ان حافظتم على العهد .. البحر سَيَشُقُّ طريقكم الى أرض لم يطأها بشري من قبل .. سترون وتسمعون ما لم يلمحه أحد ... قد يكون الوصول إليها أسهل من العودة  ... إنما مقدسات تلك الأرض تستحق كل ذلك العناء ... النماء والرخاء سيسود عروشكم ... بل سَيَسُدُّ عين أشد جَشِعا بينكم ... "

ثم قهقه مرتقبا اجابة من زعماء العشائر : " مالذي ستطمحون اليه غير رخاء أراضيكم؟ "

حَكَّ زعيم عشيرة (شي) ذقنه مجيبا: " صحيح أيها المسن ,الرخاء مبلغنا هه "

يُصفق زعيم عشيرة (غاو) مستهزئا : "انظروا مَنْ يتحدث عن رخاء شعبه؟ من كاد يقتل نصف حَرَسِهِ بسبب خبر كاذب عن ثِمَارٍ مباركة داخل كهوف السحالي العملاقة؟ "

هز الآخر كتفيه بكل ارتياح: "لم يكن خبرا كاذبا ,بل تدريبا حتى يتجهزوا ليوم كهذا ,على عكسك لم أرى لجيوشك اي معارك مُشَرِّفَة"

سك زعيم (غاو) على أسنانه من مرارة الحقيقة التي سمعها من فم عدوه الكريه الا ان تَدَخُّلَ زعيم عشيرة (تو) قد أنقذ الموقف.

" عذرا يا سادة ,الجدال في الماضي لن يفيد أحدا ,ما يهمنا حاليا هو الوصول الى أرض المعجزات ,وتقسيم كنوزها بالعدل,أيها الحكيم أكمل أكمل ...

حمحم الحكيم آمرا : "فليتقدم من كل عشيرة مغامر محترف قادر على صعاب هذه المهمة "

.

.

.يتبع

الرسالة (3) : رُفَقَاء مُهِمَّة السَّمَاء

يخطو من أول صف لخلفاء عشيرة (شي) ,شاب عريض الكتفين, طويل القامة , مكحل الخصلات ,ذا ملامح جادة كوالده , ثم تَقَدَّمَ مُساعده ليقرأ مرسوم الاشتراك بصوت عالي:

يُعْلِنُ الأمير الثالث ,قائد جيوش عشيرة (شي) , والخليفة المقترح ,مُقَاتِل السِّبِاع  ,الأمير (شيهوا) على المشاركة في مهمة السماء

حضور الأمير الثالث _شي هوا_ \, والاعلان عن انجازاته المشرفة \,قد بَثَّا الرعب على وجوه الحاضرين\, بل وأخرس لسان أي شخص قد ينوي المشاركة\, باستثناء تصفيقة متمردة من الأمير الثاني لعشيرة (تو) :

" يُعْلِنُ الأمير الثاني لعشيرة (تو) مشاركته لا لا .. بل مشاركتي في مهمة السماء "

نَكَزَ الأخ الأكبر على كتفه هامسا: أين مساعدك؟ , لا يجوز الاعلان بهذه الطريقة "

وشوش الأمير الثاني _تو باو_ مسرورا : مساعدي مشغول بمهمة مستعجلة.

_فاعتلت الصدمة وجه أخاه الأكبر من استهتاره ببروتوكولات المشاركة الرسمية ,في حين استمر الامير الثاني بالثرثرة حول انجازاته الصبيانية :

القفز من أعلى شلال بالمنطقة 3 مرات , الفوز مرتان على التوالي في قتال العصي الشائكة  ,قتل كوبرا ذات ثلاث عيون حاولت قتل صغير بال...

يقاطعه زعيم (شي) معلقا باحتقار : وهل تعدها انجازات؟ زعيم (تو) يبدوا أنك لا تختلف عن نَهْجِ عائلة (غاو) هههههه

تتوجه عصا زعيم (تو) الى معدة ابنه الساذج ليصمت هاما بالرد لولا تعليق ابنه البِكْرْ :

" الأجدر بالذكر هو مقاتلة البشر من لهم عقل واستراتيجية حرب ,لا سباع ضائعة  "

يُتَمْتِمُ تو باو مُدلكا معدته : هل تقصد قصفه أم قصفي؟ لا يمكنني فهمك

فجأة يعلو صوت بوق مستشار العشيرة الثالثة (غاو) مُشْهِرًا :

" تُعلن عشيرة (غاو) بترشح الأمير الأول (غاو غوي) مع مساعده (جيان هاو) الى مهمة السماء ...

يتقدم شاب بهيء الطلة وسيم الملامح معطر اللسان واللباس :

يُشرفني أن أخوض هذه التجربة المميزة, وأعدكم بالعودة سالما غانما

لم يتمالك الوريث الثاني لعشيرة (شي) نفسه وأطلق ضاحكا على الملئ :

تعود سالما؟ أنت ؟ههههههههه ,هل تظنون مهمة السماء ملعبا للأطفال؟ والأدهى ارسال مساعدين لحمايتهم ههههه

يجيب أخاه الأكبر مستنتجا : ربما لا حل أمامهم الا ارسال هته الدمى الساخرة

يُقهقه الأسد بينما أشباله تستمتع بنهش كرامة أبناء العدو ,ثم حَدَّ من تعليقاتهم بسؤال لا جواب له :

لِمَا عيني لا تَلْمَحُ أحدا بمستوى شراسة  عشيرة ( شي)_ مُرَبِّتًا على ظهر شي هوا بفخر

لم يَجِدْ زُعماء العشيرتين ما يَرُدَّانِ به سوى الحمحمة والنظر لأبنائهم بحرج ... الى ان انتقل بكلامه الفظ  لزعيم عشيرة (يان)

** حسنا ربما أنتما أوفر حظا من عرش لا خليفة له هههههههههههه ...

آخر جملة كانت قاضية لزعيم العشيرة الرابعة, الذي لم يتمكن من انجاب وريث وحيد لمملكته بعد ثلاثين زيجة...

فنطق الأمير تو باو مُستغربا : ألم يُنْجِبْ اناثا؟ يمكن لاحداهن المشاركة ,السماء لم تحدد جنس المشتركين

اِلْتَفَّتْ رِقاب الرجال مصدومين من جمادة عقله وأعصابه.. بالنسبة لهم لا منصب للفتاة عدا الزواج .. لا وظيفة لها غير امتاع الرجال .. بالتالي رأي الامير الثاني (تو باو) أضاف نقطة اضافية لسِجِلِّ احراجاته أثناء الاجتماعات الرسمية ...

يَهُزُّ زعيم (شي) رأسه مُتمعنا في وجهة نظر قِطِّ عشيرة (تو) :

 "هل تقارن نفسك ببناته؟ في هته الحالة, إن كانت هي قادرة على حمل السيف والقتال به ,فأنت أيضا يجب أن تتقن الرقص والتزين للسادة  هههههه "

وعَلَتْ قهقهات رجال العشائر متفقة على بلاهة ما تفوه به باو

باو : ذاك العجوز لما يهوى احراجي في كل الاجتماعات؟ لسانه كريه كالـ...

يسك الأخ الأكبر محتفظا بهدوءه : تو باو ,لا تتكلم مجددا ,ما يدور بينهم لا يعنينا

" سأشارك باسم عشيرة (يان) "

ترتقي الاميرة الصغرى لعائلة (يان) سُلَّمَ عشيرتها .. لِيَتَدَلَّى طرف فستانها الحريري على المنصة بجاذبية طاغية .. تستمر بشد غطاء الرأس عليها حتى لا تلمح نظراتهم الشهوانية ... تقدمت الى الحكيم باستعداد تام دون اهتمام ... باقتحامها مجلس الزعماء ومقاطعتها لمناقشاتهم الهامة ...

تكاثر الهمس فيما بينهم حول هوية ,الفتاة التي تتحدى العُرْفُ وتشارك في مهمات السماء الخاصة بالرجال فقط.

زعيم (شي) : ما يحدث قلة حياء وعدم احترام لهيبة العشائر

زعيم (غاو) : وإن كنت معارضا لأسلوبك في الكلام, إلا أنك محق هذه المرة ,للفتاة مكانتها ويستحيل مساواتها بمن يحمل السيف.

ينهي الحكيم ثورتهم : فليتقدم من يشاء من كل عشيرة,  ففي النهاية, الغَلَبَةُ لمن سيتمكن من العودة

يتراجع تو باو خطوة للخلف بجانب أخيه: مالذي يعنيه بمن استطاع العودة ؟؟

لم يُجبه فقط دَفْعَةً من الوراء بات وسط المنصة ,حيث الأمراء الثلاثة مع المُساعد جيان هاو.

رفع العجوز يديه للسماء : خريطة الرحلة تنتظركم في قرية هوان الساحلية ,فلتبارك السماء طريقكم

.

.

 ****  يستيقظ ****

.

.

يستيقظ مُبْتَلَّ الرأس ... مُقَيَّدَ اليدين والقدمين على عارضة خشبية داخل زنزانة مظلمة  ..

** ما هذا المكان ؟ ألا يوجد أحد هنا ؟ "

يُحاول التَّمَلُّصَ من حِبَالٍ ثَبَتَتْهُ مكانه ,مُحْدِثًا ضجة عالية _

" اللعنة أخرجوني , لما قيدتموني؟ أين أنا ؟ "

" مِنْ مَصْلَحَتِكَ ألا تخرج من هنا "

لما دَقًّقَ خلف القضبان الخشبية .. يتفاجأ بزعماء العشائر (غاو) و (تو) و (يان) في انتظار استعادة وعيه ..

جيان هاو: زعيم غاو أنا ..

زعيم غاو : أنت أحقر من أن أثق بك, لم يكفي فشلك في حماية الامير غاوغوي, بل عُدْتَّ فارغ اليدين ,هكذا لن نتخلص من سَخَطِ عشيرة (شي)

زعيم تو : هل خبر فقدانك للأمراء مؤكد؟ تكلم مالذي حدث لهم؟

زعيم يان :أجل أجل قل لي ان يان شي بخير ,سأزنك ذهبا ان أرشدتني الى مكانها

_حنى جيان هاو رأسه بذل_

أعتذر أيها السادة, لم أكن قادرا على حمايتهم .. جبان مثلي يستحق قطع الرأس  ... أنا حُثالة الحرس

زعيم غاو: بل أنت لعنة سَتُبِيدُ عرشي على يد ذاك المستبد, عودتك وحيدا قد وضعتنا في موقف صعب مع زعيم عشيرة (شي), أخبرني ماذا علي أن أفعل الآن؟ هل أعلن الحداد على رأس ابني أم أعلن الحرب ضده  

زعيم تو : الحرب رُفِعَتْ بِأَمْرٍ من السماء

زعيم غاو: إنْ لم أُعْلنْهَا أنا ,هو سيفعل, ألم تسمع تهديده الواضح؟ اذا لم ينطق هذا الفاشل بمكان الكنوز ,لن يرحم أحدا من عشيرتي سنُقتل جميعا, لقد أحجم عن قتالنا لسنوات بسبب مهمة السماء والآن بعد فشلها سيُشْعِلُ النيران بالمملكة

حَنْحَنَ زعيم (تو) بانزعاج: هل يَظُنُّ العُرفَ والقوانين مَدَاسٌ لمزاجه ؟ الحرب بين العشائر الأربعة مرفوعة حتى انتهاء مهمة السماء رسميا, تَسَرُّعُهُ يُثير الفوضى بكل مكان

زعيم  (يان) : ألا نَبْضَ على صدره؟ وكأنه لم يفقد ابنا مثلنا هذا فضيع

زعيم (غاو) : لن يشعر ,لأن خمسة من الشبان اليافعين مستعدين لحمل العرش عنه, على عكسنا ,الآن علينا حماية الخلفية الوحيد لعرشينا منه آآه

صمت زعيم غاو لبرهة ثم هز سيفه :

 يبدوا أن لا حل أمامي الا حماية أرضي, برأي على عروشنا أن تتكاتف ونَشُنَّ حربا ضارية ضده قبل هجومه علينا

زعيم يان: أجل أجل موافق فلنتعاون

ظل زعيم (تو) يُخَمِّنُ في حلولهم المتهورة و ضراوة الموقف ,فَهَمُّهُ الوحيد هو منع وقوع أية حرب وفقا للعهد الذي أقسمه لحكيم السماء ,بِغَضِّ النظر عن نية كل عشيرة ...

أزفر ثلاثتهم نفسا مثقلا بالهموم والأحزان ... حتى وصلهم نبأ من أحد الحرس :

سيدي سيدي السماء راضية علينا, راضية علينا

زعيم غاو : تكلم تكلم أسعدني

الحارس: الأُمَرَاءُ الأربعة ,لقد عادوا سالمين

فاستداروا لجيان هاو ... الذي اتسعت عيناه من الخبر  ...

جيان هاو : قُلْتَ مَنْ ؟ مَنْ عاد ؟؟

... يتبع ...

.

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon