NovelToon NovelToon

My Damned Fate

آلَمًقُدٍمًةّ

..._آلمـقدمـ‌‏هہ _...

..."لَآ تٌفُکْريَ کْثًيَرآ آنِکْ مًيَتٌةّ." ...

..."آيَهّآ آلَحًثًآلَةّ." ...

..."إخِرسِ آيَهّآ آلَجّرثًوٌمًةّ." ...

..."أنتِ لَطِيَفُةّ....................... عٌنِدٍمًآ تٌبًکْيَنِ. ...

...______...

..."لَيَسِ کْلَ مًآ هّوٌ مًکْشُوٌفُ حًقُيَقُيَ هّنِآکْ مًآ يَخِتٌبًئ وٌرآء کْلَ نِفُسِ، وٌصّفُحًةّ، وٌکْلَ وٌجّهّ. "...

..."هّنِآکْ دٍآئمًآ رکْنِ غُبًيَ فُيَ عٌقُلَ أکْثًر آلَنِآسِ حًکْمًةّ وٌذِکْآءآ." ...

..."إنِهّ عٌقُلَيَ أنِآ فُلَآ تٌبًحًثً فُيَهّ عٌنِ أفُکْآرکْ." ...

..."آلَقُرآءةّ هّيَ آلَبًوٌآبًةّ آلَسِريَةّ لَعٌوٌآلَمً لَآيَرآهّآ أحًدٍ، حًيَثً تٌخِتٌبًئ آلَقُصّصّ خِلَفُ آلَسِطِوٌر وٌتٌنِتٌظُر آنِ تٌکْشُفُ آسِرآرهّآ لَمًنِ يَتٌجّرأ عٌلَﮯ آلَتٌجّوٌآلَ بًيَنِ آلَکْلَمًآتٌ. ...

...کْلَ صّفُحًةّ تٌحًمًلَ سِرآ، وٌکْلَ کْتٌآبً يَفُتٌحً بًآبًآ لَآ يَغُلَقُ آلَآ بًإرآدٍةّ مًنِ دٍخِلَهّ." ...

...آهّلَآ آنِآ مًآريَآ وٌآتٌمًنِﮯ آنِ تٌنِآلَ روٌآيَتٌيَ آلَجّدٍيَدٍةّ آعٌجّآبًکْمً أعٌزٍآئيَ ...

...کْمًآ آنِنِيَ آشُتٌقُتٌُ لَکْمً جّدٍآ. ...

...لَذِآ مًآرأيَکْ فُيَ ايَصّآلَ آلَآيَکْآتٌ حًتٌﮯ 100 آعٌتٌقُدٍ هّذِآ آقُلَ شُيَء تٌقُدٍيَرآ لَمًجّهّوٌدٍآتٌيَ ...

...ฅ^•ﻌ•^ฅ ...

...Written by writer Maria ...

...شُکْرآ لَکْمً لَحًسِنِ قُرآءتٌکْمً آعٌزٍآئيَ...

...الفصلُ الأول: اللعنة رقم 3...

...________...

...‏"يوجد شيء واحد فقط يروعني.. ألا أكون...

...جديرا بآلامي."...

.... دوستويفسكي . ...

تِك.. تِك.. تِك، رانَ الصمتُ في الأرجاء كأنه ستارٌ أسودٌ هبطَ على مسرحِ الحياة. العالمُ، بتلك اللحظة، تجمّد وكأنَّ الزمنَ تآمرَ على البقاء في مكانه.

أنفاسُهم انقطعت، وتلاشتْ أصواتهم كما لو أنَّ الهواءَ قد احتبس في رئاتهم، وكأن الكوكب برمته قد نسي كيف يتنفس.

الساعةُ العتيقة ذات اللون الكستنائي وحدها بقيت تدقّ. وكأنها تسابق الزمن لتكشف سرًا مخيفًا يوشك أن ينفجر كقنبلةٍ حتمية، وأن مصيبةً على الأبواب تقترب.

جلستُ على ذلك الكرسي الذي حملَ في هيئته مزيجًا بين العصرية والنفحات الكلاسيكية، كما لو كان يعبر عن تناقضاتي التي لم أكن أفهمها حينذاك.

تلك العينان البندقيتان أمامي كانتا تلتهمانني بنظراتٍ جامدة، بارده كالثلج، وكأنهما تحاولان تمزيق الستار عن أفكاري المخفية، لكني فشلتُ في سبر أغوارهما. لم يكن هنالك أدنى شعورٍ يرتسم على وجهه، كأنه تمثالٌ بُعث من صمتِ الحجر.

"كلارا ڤيكادرو، قررتُ أنا وعمكِ هانز نقلكِ إلى مدرسةٍ في ألمانيا."

انطلقت الكلماتُ من بين شفتيه ذات اللون القرمزي، كالسم الذي يقتل ببطء. علاماتُ الاستفهام تدفقت في داخلي كسيلٍ جارف، ولم أستطع إيقافها.

كان الخبرُ كالصاعقة التي أخرستْ لسان حيرتي. إنه أكبر ما تلقيتُه من صدماتٍ خلال العامين الماضيين.

*ما الذي يدور في رأسه؟*

أردتُ أن أواجهه، أن أسأله لماذا، لكني تراجعت. الحقيقة التي تذكرني أنني ابنتهُ، من آل ڤيكادرو، لَكَمَتْني في وجهي.

فنحن لا نجرؤ على معارضة الأوامر، ولا نملك رفاهية السؤال. إن فعلتَ ذلك، فاعلم أنك ميت.

ليس الموت المباشر، بل التعذيب الذي يفوق الخيال، أسوأ مما قد تخيله إبليس ذاته. وحينها، ستتمنى الموت بدلاً من تلك المعاناة. أضف إلى ذلك تلك النظرة الشهيرة التي تميّز آل ڤيكادرو، إنها نظرةٌ سامةٌ تحرق الروح.

ولا أنكر أنني ورثتُ تلك النظرة، فأنا واحدةٌ منهم في النهاية.

"إحزمي أمتعتكِ نهاية الأسبوع."

قطع صوت أبي البارد المتشح بسمّ العائلة أفكاري مرة أخرى.

نظرتُ إليه بثبات، كان يتأنق كما لو أنه ذاهبٌ إلى حفلٍ ملكي، وديڤان، الذي كان يجلس قربي، التفتَ إليّ بابتسامةٍ غريبة جعلتني أنفر منه.

"لا تقلقي، كلارا، سأنتقل معكِ أيضاً."

قال ديڤان بصوتٍ يفيضُ بالسعادة وكأنه طفلٌ يترقب مفاجأةً سعيدة.

*كيف يكون من آل ڤيكادرو وهو بهذه البراءة؟*

"حسنًا، لكن أريد أن أودع رفاقي أولاً."

أجبتُ أبي، الذي لم يرفع عينيه عن ساعته الفضية.

وكأنه يقول لي بوضوح، إنكِ مجرد وقتٍ يمضي

رنَّ هاتف والدي فجأة، كسر الصمت الذي خيم علينا لثوانٍ ثقيلة، كما لو أن نغمة الهاتف جاءت لإنقاذنا من لحظةٍ طويلةٍ دون كلام. نهض من مكانه بسرعة، خطواته متسارعة، وترك خلفه ديڤان معي، ذاك الأحمق الذي يجلس قربي بلا أدنى فكرة عمَّا يجري.

بقيتُ أحدق فيه، ولم أتمكن من منع نفسي من التفكير في مدى سذاجته.

نظراته كانت خالية من العمق، فارغة كأنها تحاول البحث عن شيء غير موجود.

رغم كل ذلك، لم يكن يعكس أي مكرٍ أو دهاء، بل كان يعطيني إحساسًا بأنه مجرد بائس عالق في وسط لعبة أكبر منه.

"هل تكرهينني لهذا الحد؟".

نبس ديڤان وهو يرمقني بعيونٍ تكادُ تشتعل فضولاً، قد كان يترقبُ إجابتي على أحرَّ من الجمرِ.

أجبته بنظراتٍ تفيض كرهًا، علَّها تنقل له ما لم تستطع الكلمات وحدها أن تفعله

. ثم بصوت بارد، قلت:

"أليس هذا واضحًا بما يكفي؟"

لم أنتظر ردة فعله، فقد كان الأمر جليًا، حتى لعقلٍ كعقله.

عبس وجهه إثر إجابتي، وكأن الكلمات قد نالت منه بعمق لم أكن أتوقعه.

لكنني لم أشعر بأي ذنب، فلا يزال لغز انتمائه لآل ڤيكادروا يحيّرني.

كيف يمكن أن يكون واحدًا منهم؟ هذا الأمر يتجاوز قدرتي على الفهم.

ربما هناك خطأ قديم، وربما أخطأت أمه ذات يوم وأخذت طفلًا آخر عن طريق الخطأ، طفلًا لا ينتمي لهذا العالم المعقد الذي نعيش فيه.

..........

آه.......إنهُ يومٌ آخر بائسٌ بشوارِعِ برلين.

وكالعادة ڪنتُ أتنزهُ بحديقة جيلوس التي إعتدتُ التردد إليها منذُ إنتقالي إلى ألمانيا.

..

ڪان الجو قاتماً وڪأن السماء تعاني من إكتئآبٍ حاد، أشحتُ بنظري عالياً فإذ بقطرةٍ رقيقة أخذت مجراها على وجنتي، أحسستُ

بشعورٍ جميل، أشعرُ بنشوةٍ غريبة وكأنني إنتصرتُ على الجميع، أو حققتُ مرادي

.. وهو قتلُ ذاك المعتوهِ" ليوس جونز "..

فجأةً وبدون أيِّ سابقِ إنذار رنّ هاتفي

أجفلتُ لرؤيةِ ذاك الاسمِ على الهاتِف

إنه... إنه....... إنه

" اللعنة رقم 3"

أخذت يدي بالإرتجاف تزامناً مع إرتجاف

شفتيّ أيضاً.

ظللتُ أرمقُ الأرجاء محاولةً تخفيف توتري.

لألمحَهُ هناك خلف عمودِ الإنارة المكسور.

يبتسمُ إبتسامةً أقرب الى الجنون، أمال رأسهُ

ناحية اليسار وتوقف عن الإبتسام ولازال ممسكاً الهاتف، ويرمقني بنظراتِهِ المرعبةشعرتُ أنني أغرق ببركةٍ مليئة بالحبر الأسود.

ڪانتا عينان حاداتان حالكتان كسواد غطاءِ الليل دون النجوم ودون القمر.

أجبتُ على الإتصالِ ولازلتُ أحدقُ في مقلتاهُ

"لمَ لمْ أركِ بالإجتماعِ أمس... كلارا ڤيكادروا".

خاطبنِي عبر الهاتف معاتباً إيايَ لعدمِ حضوري ليلة البارِحة ذاك الإجتماع.

" لقد ڪُنتُ مريضة آنذاك ".

أجبتهُ وأنا أُحاولُ تقمص دورِ المريضة فأنا لم

أمرض البتة، مطلقاً

" مريضةٌ تتنزهُ تحت المطر أوليس كذلك؟".

زممتُ شفتيَّ وأخذتُ أبحثُ

بجعبتي عن حلِّ لورطتي هذه!

"في الحقيقة لقد ڪنتُ أعاني عسر هضم".

إنها كذبة أخرى، لم أكن مصابةً بعسر هضم

ولكن لربما أُصاب لو كُنتُ بذاك الإجتماع البارحة.

" لا تحاولي الكذب ڤيكادروا، لأنني أكرههُ للغاية.... أوتعلمين كم أكره الكذب أكثر من أي شيء لذا ڤيكادروا إذا كنتِ تكذبين فلن تري ما يرضيك مني أبداً".

*وغد*

همستُ بتلك الشيمة تحت أنفاسي.

"لا تقلق لم أكن أكذب، انت حرٌ في تصديق ما قُلتهُ لست مضطراً لتصديقه إذا أردت".

" حسناً اتمنى أن تكوني صادقة، أراك لاحقاً كلارا ڤيكادروا ".

... أغلق الخط...

إستنشقتُ الهواء بقوةٍ كبيرة وزفرتهُ بنفسِ القوة مطبقتاً قانون نيوتن الثالث للحركة.

: هل يمكن لذلك الوغد أن يرحل من حياتي!

ماعدتُ أطيقه بالفعل:

// الى هنا نختتم البارت الاول أعلم بأنه قصير ولكن لا تحكُم عزيزي القارئ على الكتاب من غلافهِ //

بًقُلَمً آلَکْآتٌبًةّ: مِــــــــآريـــــــّآ

Chapter Two

...آلبآرت آلثآنيـﮯ ~...

...مـآريـﮯ برآون "♡...

...******...

..."‏حقًا ، ما أسهل سحق الضعفاء في هذا العالم."...

...- تشيخوف -...

بكت السماءُ هذه الليلة بكاءً مريرًا، وكأنها تُسَايِرُ دمعي وتُهدهد جراحي المكلومة. كأنها تعزيني، تواسيني على ما آل إليه أمري من ضعفٍ وانكسار. جلستُ على حافة سريري، ذاك السرير الذي رتبتُه بيدي كمن يحاول أن يضبط فوضى حياته في هيئةِ فراشٍ مُتقَن. حاولتُ جاهدًا أن أُسكت شهقاتي المتصاعدة، التي كادت أن تفضح حزني أمام جدران غرفتي الصامتة.

كيف حدث هذا؟ كيف وجدتُ نفسي أعود إلى تلك المدينة التي طالما ظننتُ أنني قد ودعتها للأبد؟ تلك المدينة المشؤومة التي يلوح لي شبحها في كل زاوية من حياتي.

نقرٌ خفيفٌ على الزجاج، خلفته أغصان شجرة قريبة، تراقبني في صمتٍ كما لو كانت شاهدةً على مأساتي.

انتفضتُ من مكاني، وأخذت أمعن النظر في أرجاء غرفتي. أو، ربما ينبغي أن أقول "غرفتي القديمة"، تلك التي احتضنتني سنواتٍ طويلة، ثم هجرتها كما يترك الجريح ساحته بعد معركة. الآن ها أنا ذا، أعود إليها مرة أخرى، كأني لم أتعلم شيئًا من تلك الأيام التي مضت.

أبصرتُ نورًا يتسلّل من خلفِ بابِ غرفتي الكئيبة، فأيقظَ في نفسي شيئًا من الأملِ المُضمَر. قمتُ منتصبةً كالسهمِ، وسرتُ نحو الباب بخطواتٍ وئيدةٍ، فلجتُ الغرفةَ لأرى عمي هانز مُتسمرًا، يبحر في كتابٍ كأنّ الساعاتَ المتأخرةَ غدتْ نهارًا في عينيه.

أيّ كتابٍ هذا الذي يأسرُه في عتمةِ الليلِ كالثقبِ الأسود، يجتذبه فلا يَتركُه!

خطوتُ خطوةً خفيفةً، لكنها أصدرت صدىً أرغمه على الالتفاتِ نحوي.

"أأنتِ مستيقظةٌ يا كلارا؟"

قالها وهو يتفحصني بعينين متسائلتين.

ظللتُ ساكنةً، ولم أجد للكلام سبيلًا.

"هل أنتِ على ما يرام؟"

تابعَ بصوتٍ قلق، لكنّ الأرضيةَ كانت ملاذَ نظراتي، هاربةً من كلماته.

إنتصبَ من مجلسه واتجه نحوي بخطواتٍ هادئة، وفجأةً باغتني باحتضانٍ لم أفهم مغزاه. شعرتُ بغرابةٍ تعصف بي، ووحشةٍ عميقةٍ كظلامٍ لا ينقشع، لا تمتُّ لما يجري بصلة.

وفي الواقعِ، تمنيتُ لو أن والدي كان من فعل ذلك.

ربتَ عمّي على ظهري برفقٍ، وهمس بصوتٍ بالكاد يُسمع من شدّة رقّته:

"لا تبكي وحدكِ مرة أخرى، اتفقنا؟"

كيف له أن يعرف أنني بكيت؟! أكاد أجزم أن شهقاتي المبحوحة قد وصلته عبر جدران الغرفة!

لم أكن أفهم حينها ما الذي يجتاحني من مشاعر، ولكنني وجدتُ نفسي أُبادله العناق، وأطلقتُ سراح دموعي التي كانت عالقةً في مآقيّ، لتنساب بهدوءٍ على كتفه، كقطرات المطر الأولى بعد جفافٍ طويل.

شهقتُ شهقةً خفيفة، فإذا به يمسح على رأسي بلطفٍ بالغ، كما يُمسَد على جناح طائرٍ جريح.

"كما يقال: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، وجدتُ في احتضانه تلك الفسحة التي كنت أحتاجها."

"الدنيا كالأم: إذا قست عليك، لا تجد ملجأً سوى أحضانها"

فكَّ ذاك العِناقَ وابتسمَ وهو يمسحُ دمعي من عينيّ، محدِّقًا في وجهي بعمق.

حدَّقتُ صوبَ عينَيه بعد أن أمسكَ كتفيَّ بكلتا يديه، وتفرَّسَ في عينَيّ بنظرةٍ حملتْ معها أعباءً دفينة. لقد كانت حدقتاهُ الزرقاوان كجواهرَ تتلألأ في تلك الليلةِ المخملية، تحملُ في بريقِها بعضَ الآلام التي تتوارى خلفَ سكينةِ الليل.

إنَّها أولُ ليلةٍ لي في ألمانيا بعد غياب سنوات، وكأنّها ليلةُ استعادةِ ماضٍ مؤلم. وها هو مصيري الملعونُ يُعيدني بلا رحمةٍ إلى أيامي البائسةِ الحالكة.

مرَّ يومٌ على تلك الليلة التي عدتُ فيها من حديقة "جيلوس" ولقائي بذلك الشخص الملعون، الذي أصبحتُ أطلق عليه "اللعنةَ رقمَ ثلاثة".

"كلارا، الإفطارُ جاهز، عليكِ الإسراعُ في ارتداء ملابسِكِ، سنتأخر!"

نادى ديڤان، وهو يقرعُ بابَ غرفتي وينبِّهني أنَّ الوقت قد تأخَّر.

رتبتُ شعري بسرعةٍ فائقة، وأخذتُ حقيبتي، وفتحتُ البابَ مسرعةً ناحيةَ المطبخ، حيث كان عمي وديڤان المعتوه وكرستي بانتظاري.

أومأتُ لكرستي شاكرةً وهي تهيّئ لي الكرسي، فجلستُ وبدأتُ بالأكل.

أعترف أنني كنتُ إنسانةً شرهةً بعضَ الشيء، حتى أنَّ عمي وديڤان بدَوَا مصدومَين من شهيتي المفتوحة في هذا الصباح، على عكسِ معظمِ المراهقين الذين تكون شهيتهم ضعيفةً في مثل هذا الوقت.

---

رفعتُ رأسي مُقبلةً على مواجهة عمي وديڤان، وفي فمي بقايا لقمة لم تَذُب بعد. ابتسمتُ لهما بتلك البراءة، لأسمع ضحكة ذلك الغِرّ المتربّع بجانب عمي، وقد أسند كفّه على وجنته وأخذ يحدق بملامحي، كأنّه يلتقط خيوطاً من روحي لا أراها.

"تباً له... إنه يمتحن صبري حقاً."

"عليكِ تناولُ الطعام باعتدال، كلارا، وإلا أُصبتِ بعُسر هضم." نطق عمي بنبرة يشوبها شيء من القلق، وكأنه يستشعر اضطرابي الداخلي.

"أنتِ لطيفة عندما تبكين."

أردف ذاك المزعج، ديڤان، وهو يُحدّق بعينيَّ بعمقٍ، كأنّه يغوص في محيط سرّي لا يعرفه سواي. كيف له أن يدرك أنني بكيت الليلة الماضية؟ شعرتُ لحظتها وكأنه كاهنٌ يقرأ أسرار قلبي دون إذن.عاد عمي ليوبّخه قائلاً: "وما شأنك بها؟ أنتما بالفعل متأخران عن يومكما الأول. كم هذا مشين!"

ما إن انتهت كلماته، حتى أسرعتُ والتقطتُ كأس الحليب القريب من ديڤان، وجرعته في رشفة واحدة، ثم انطلقتُ نحو الباب بأقدام مسرعة، وانتعلتُ حذائي على عجل، غير مدركة أنني نسيتُ حقيبتي.

وحين خرجت، شعرت بظلٍّ خلفي يقترب، وصوت خطواته الثابتة ينمو. التفتُ لأجد ديڤان يحمل حقيبتان، وعيناه تتلألآن بتلك النبرة الساخرة المعتادة. لم أدرِ أكان يسعى لإظهار شهامته أم فقط أراد أن يُثبت لي حضوره الثقيل.

انتشلتُ حقيبتي من يده بسرعة دون أن أنظر إليه، ووجّهتُ بصري نحو الطريق، مركزّة كل انتباهي عليه، كأنني أخشى أن يضيع مني مسار النجاة من وجوده المُزعِج. أما ديڤان، فقد ظلّ يراقبني بصمتٍ، نظراته تثقل الهواء من حولي. قررتُ تجاهله؛ لا كلام ولا تذمر. لكن، أحياناً يُظهر لطفاً مبالغاً فيه، يجعله أشبه بالسمّ الممزوج بالعسل.

فجأةً، شعرتُ بيديه تلامسان كفّي، واستدرت لأجد ديڤان مجدداً، ممسكاً بي وكأنه وجد كنزاً ثميناً.

"إذًا... ماذا الآن؟" تفوهتُ بتلك الكلمات ببرودٍ، دون أن أسمح لأي مشاعر أن تتسرب من ملامحي، كصخرةٍ لم تمسّها مشاعر البشر. ابتسم ذلك الأحمق، وأشار نحو سيارة فخمة تقف بجانب منزلنا.

"ألن تركبي معي؟"

كلماته أزعجتني، تساؤلات عديدة ملأت ذهني. أيتفاخر بسيارته أم يحاول إظهار سخائه أمامي؟ من يأبه بكل هذا البذخ؟ أفضل أن أقطع الطريق سيراً، بكل خطوة أتحرر من حضوره المزعج.

"لا." أجبته بصرامة، رافضة دعوته، لألمح على وجهه لمحة من الغيظ تعلو قسماته. لم أتمالك نفسي، فانفلتت منّي ضحكة خافتة، شعرتُ معها بنشوة صغيرة تنتصر لنفسي

أخيراً، قرر ذلك الأحمق أن يتركني وشأني. كم أنا ممتنة لهذا القرار! ستغمرني الراحة وأنا أسير وحدي إلى تلك المدرسة البغيضة التي انتقلت إليها حديثاً، المدرسة نفسها التي درست فيها أمي قبل سنوات طويلة.

في تلك الثانوية، يُطلق الجميع لقب "اللعنة رقم 3" على شخص تعرفت إليه بعد وفاة أمي بأسبوع تقريباً. إنه يكبرني بعامين، وحضوره لا يخلو من الغموض الذي يحيط باسمه المستفز.

"ماكسيميليان ليبمان"؛ اسمٌ يخطف الأنظار ويأسر الأسماع، فهو الطالب المثالي في نظر الجميع، وإن كان يجمع بين أناقته ونمطه النموذجي وبين فظاظةٍ لا تخفى في حديثه، ربما ورثها عن والده، ألبرت ليبمان، وزير المالية في ألمانيا.

أما جماله، فكان له نصيبٌ من الإعجاب الذي يكنّه له كثيرون، إذ كانت معظم فتيات مدرسته الثانوية مفتونات به إلى حدّ الهوس. تعرفتُ عليه خارج مدرسته، وأنا في المرحلة الإعدادية، وكان حضوره دائماً يحمل معه شيئاً من الغموض والافتتان، كأنه لعنةٌ ساحرة تثير الفضول وتجذب الأنظار بلا عناء.

قاطع أفكاري صوت محركٍ هادرٍ، اقترب منّي بسرعة جنونية حتى كدت أجزم أنني على وشك أن أُدهس تحت عجلاته. أكره أمثال هؤلاء الذين يعتقدون أن الطرق ملكٌ لهم، لا يبالون بالآخرين، وكأنهم ريحٌ عاتية تهب دون اكتراث.

وأخيراً، وصلت إلى تلك الثانوية الملعونة، "دينترو". آه، من كان يظنّ أنني سأدرس يوماً في هذا المكان؟.

دلفتُ من بوابتها، وأخذت أنظر حولي. أشكالٌ ووجوهٌ جديدة، فتياتٌ يضحكن بصخب، وشبابٌ يتبادلون المزاح بمرح. شعرت لوهلة كأنني أدخل عالماً لا أعرفه، عالماً يطفح بالسعادة.

أترى، هل هذه المدرسة حقاً مليئةٌ بالبهجة أم أن المظاهر تخدعني؟

سرت بثباتٍ عبر الممرات، وعيناي تلتقطان تفاصيل المكان، حتى وقعتُ على فتاة ذات قوامٍ ممشوق، بشرتها ناصعة البياض وشعرها الأسود تتخلله خصلاتٌ بيضاء، كأنها شلالٌ ينساب بلمسةٍ من ضوء القمر.

استوقفتها، وقررت سؤالها عن حجرة الإدارة.

كانت ترمقني بنظرةٍ حادة كالسيف، قطّعت أطراف صلابتي، وشعرتُ بقشعريرة باردة تسري في جسدي. حاولتُ الابتسام، وبنبرةٍ مرتبكة همست: "مِن بعد إذنكِ..."

فجأةً، أرخَت ملامحها وتناولت دفتراً صغيراً، وأخذت تكتب عليه بتركيز، كأنها تنسج كلماتها من عزلتها. رفعته أمامي، وعيناي تتعلقان بما خطّت: "أنا صماء، آسفةٌ لأنني لم أفهمكِ."

رقّ قلبي فجأة، واهتزت داخلي تلك الفكرة الصلبة عنها، أدركتُ أن القسوة ليست دائماً وليدة الطبع، بل أحياناً ثمرة الظروف. تناولتُ الدفتر وكتبت: "هلّا أرشدتِني إلى غرفة المدير؟ أين تقع؟"

أخذت تكتب مجدداً، ثم رفعت الدفتر أمامي: "اذهبي بمحاذاة الرواق الحادي عشر، وانعطفي يميناً. ستجدين مكتب المدير واضحاً."

قرأت ما خطّته، وابتسمتُ لها بتقدير. تبادلنا الابتسامات، وابتعدتُ نحو مكتب المدير، أشعر بامتنان خفي لهذه الفتاة الغامضة.

لكن، ما إن بدأت السير حتى قطعني صوتٌ مألوف، صوتٌ خرج من غبار الماضي كأنما ليعيدني إلى الأيام المظلمة قبل وفاة أمي. ماري براون. كنتُ على يقين أنني لم أخطئ في تخميني؛ الخيانة ما زالت تتدفق من نظراتها، كالسُمّ الذي يقتات على الزمن ولا يتلاشى.واصلتُ سيري متعمدة تجاهلها، كمن يسد أذنيه عن صوت ثعبان يتسلل بين الأعشاب. فجأةً، صرخت بجنون: "ألم تسمعيني أناديكِ أيتها اللعينة؟!"

صككتُ على أسناني، أحاول أن أستجمع برودي، وأُطفئ الغضب الذي يتأجج داخلي. لكن كلماتها التالية كانت كخنجرٍ مسموم اخترق كبريائي: "ألا تزالين تتشبثين بكبريائكِ يا ڤيكادروا؟"

لم أستطع التحمل. استدرتُ نحوها، ونظراتي كانت أشبه بشعلة متّقدة أمام ملامحها الزائفة. كانت المواجهة محتومة لولا تدخّل ذاك الأحمق، ديڤان.

بابتسامته الساخرة المعتادة قال: "ما الذي تفعلينه يا كلارا؟ علينا الذهاب إلى مكتب المدير حالاً."

...الى هُنا أعزائي القُراء نختتم هذا البارت ...

...مارأيڪم بقطعِ ديڤان الملحمة الاي كانت على وشك الحدوثِ بين ڤيكادروا وبراون؟ ...

...أتمنى ان الفصل نال إعجابڪم. ...

...قومو بالتصويت لتشجيعي ...

ونشرِ البارتات بوقتٍ أقرب إذا أمكن.

Goodbye, see you soon ♡

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon