NovelToon NovelToon

انت لي احببتك من طفولتي

لرواية تحكي عن الطفلة اليتيمة “رغد”والطفل ابن عمها “وليد”اللذان تعلقا ببعضهما

توفي عمي وزوجته في حادث مؤسف قبل شهرين،  وتركا طفلتهما الوحيده (رغد) والتي تقترب من الثالثه من عمرها .. لتعيش يتيمه مدى الحياه

في البدايه بقيت (رغد) في بيت خالتها ترعاها . ولكن ونظرا لظروف خالتها العائليه .اتفق الجميع على ان يضمها والدي اليناا ويتولى رعايتها من الان فصاعدا .

انا واخواتي لانزال صغارا . ولانني اكبرهم سنا فقد تحولت إلى رجل راشد ومسؤول .. وبعد حضور (رغد) إلى بيتنا

كنا ننتظر عوده ابي بفارغ الصبر ونحن في سعاده بحضور (رغد) وكان اخوتي الصغار اسمائهم اسماء وسامر فرحين بقدومها

وصل ابي اخيرا.. قبل ان يدخل الغرفه حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد واسماء وسامر قفزا فرحا وذهبا نحو الباب راكضين

بابا بابا ... اخيرا اتيت كنا في انتظارك

وعندماء رات ابي (رغد) كانت تبكي وابي يحوول تهدئتها لكن (رغد) زادت صرخاتها ودوت المنزل بصوتها الحاد !

تنهدت وقلت في نفسي :اوه' هاقد بدأنا !

اخذت امي (رغد) وجعلت تداعبها وتقدم اليها الحلوى علها تسكت !

في الواقع 'لقد قضينا وقتا عصبيا ومزعجا مع هذه الصغيره ذلك اليوم

فانا جاء في راسي اين؟ ستنام رغد سألت والدتي ذالك الوقت

فاجابت :مع سامر واسماء بلتاكيد

واسماء قفزت فرحا لهذا الأمر .. الا ان ابي قال: لايمكن ياأم وليد دعينا تبقيها معنا بضع ليال الى ان تعتاد أجواء المنزل . اخشى ان تستيقظ ليلآ وتفزع ونحن بعيدان عنها

ويبدو ان امي استساغت الفكره . فقالت :معك حق . اذا دعنا ننقل السرير الى غرفتناا..

ثم التفتت الي :وليد ، انقل سرير رغد الى غرفتنا "

اعترض والدي : سانقله انا ، انه ثقيل

قالت امي: لكن وليد رجل قوي ! إنه هو من وضعه في غرفته اخوته الصغيرين

فوافق ابي ..وقمت انا بكل زهور وذهبت الى غرفه شقيقي ونقلت السرير الصغير الى غرفه والدي

عندما عدت الى حيث كان البقيه يجلسون ، وجدت (رغد) نائمه بسلام لابد أنها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ والبكاء التي عاشتها هذا اليوم " وانا ايضا احسست بالتعب ، ولذالك أويت إلى فراشي باكرا...." نهضت في ساعه مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفه من حدته!انها (رغد) المزعجه

خرجت من غرفتي متذمرا ، وذهبت إلى المطبخ المنبعثة منه صرخات (رغد)

لقيت اني قلت لها " امي أسكتي هذه المخلوقة فأنا أريد انام "!

تأوهت أمي وقالت بضيق: " أو تظنني لا أحاول ذلك.. انها فتاة صعبه جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين او ثلاث والدك ذهب للعمل دون نون "!

...كانت (رغد) تصرخ بلا توقف ....

...حاولت ان أداعبها قليلا واسألها: ماذا تريدين يا صغيرتي؟؟...

...لم تجب! حاولت أن أحملها وأهزها ..... فهاجمتني بأظافرها الحادة !...

...وخيرا أحضرت إليها بعض ألعاب اسماء فرمتني بها !...

...انها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت !"...

...في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشأنها ....

..."  ان استمرت بهذه الحال يا أبا وليد فسوف تمرض !...

...ماذا يمكنني أن أفعل من أجلها ؟"...

..." صبرا يا أم وليد ، حتى تألف العيش بيننا "...

...قاطعتهما قائلا:...

..."ولماذا لاتعيدها إلى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذالك "!...

...ازعجت جملتي هذه والدي فقال:...

..." كلا وليد ، انها ابنه أخي وأنا المسؤول عن رعايتها من الآن فصاعدا . مسأله وقت وتعتاد على بيتنا"...

...ويبدو أن هذا الوقت لن ينتهي .......

...مرت عدة أيام و(رغد) على هذه الحال ، وإن تحسنت بعض الشيء وصارت تلعب مع اسماء وسامر بمرح نوعا ما...

...كانت امي غايه في الصبر معها ، كنت اراقبها وهي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم !...

...مع الايام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، ولم تعد تستيقظ بصراخ وكان على وليد ) الرجل القوي .. ان ينقل سرير هذه المخلوقة إلى غرفة الطفلين !...

...بعد أن نامت بهدوء ، حملتها أمي إلى سريرها في موضعه الجديد . كان أخواي قد خلدا للنوم منذ ساعه أو يزيد .....

...أودعت (رغد) سريرها بهدوء...

...تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت( رغد ) فيما لو نهضت وبدأت بالصراخ...

...قلت:...

..." لاداعي يا أمي ! فصوت هذه المخلوقه يخترق الجدران ! أبقه مغلقا "!...

...ابتسمت والدتي براحة ، وقبلتني وقالت :...

...هيا إلى فراشك ياوليد ! تصبح على خير"...

...وذهبت الا النوم ونمت بسرعه قرير العين مرتاح البال ......

...لاكن الشيء الذي أنهضني وأقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا " انه بكاء (رغد) !...

...حاولت تجاهله لكن دون جدوى "...

...يالهذه ؛ رغد ... ! متى تسكتيها يا أمي !...

...طال الأمر ، لم أعد أحتمل ، خرجت من غرفتي غاضبا وفي نيتي أن أتذمر بشدة لدى والدتي ، ألا...

...أنني لاحظت أن الصوت منبعث من غرفة شقيقي...

...نعم ، فأنا البارحه نقلت سريرها إلى هناك !...

...ذهبت إلى غرفة شقيقي ، وكان الباب شبه مغلق ، فوجدت (رغد) في سريرها تبكي دون أن ينتبه لها أحد منهما !...

...ولم تكن والدتي موجودة معها ....

...اقتربت منها وأخذتها من فوق السرير ، وحملتها على كتفي وبدأت أطبطب عليها وأحاول تهدئتها ....

...ولأنها استمرت في البكاء ، خرجت بها من الغرفه وتجولت بها قليلا فر المنزل لم يبد ُ أنها عازمة على السكوت !...

...يجب أن اوقظ أمي حتى تتصرف ......

...كنت في طريقي إلى غرفة أمي لإيقاظها ، ولكن .......

...توقفت في منتصف الطريق ، وعدت أدراجي ... ودخلت غرفتي وأغلقت الباب ....

...والدتي لم تذق للراحة طعما منذ أتت هذه الصغيرة إلينا....

...ووالدي لاينام كفايته بسببها ....

...لن أفسد عليهما النوم هذه اليوم !...

...جلست على سريري وأخذت أداعب ( رغد ) المزعجة وألهيها بطريقة أو بأخرى حتى تعبت ، نامت " بعد جهد طويل !...

...أدركت أنها ستنهض فيما لو حاولت تحريكها ، لذا تركتها نائمة ببساطة على سريري ولا أدري كيف نمت بعدها !"...

...هذه المرة استيقظت على صوت أمي !...

..." وليد ! ماالذي حدث ؟ "...

..."آه أمي "!...

...ألقيت نظرة من حولي فوجدتني أنام ألى جانب الصغيرة ( رغد ) ، والتي تغط في نوم عميق وهادى !...

قلت لامي " لقد نهضت ليلا وكانت تبكي ... لم أ شأ إزعاجك لذا أحضرتها إلى هنا " !

ابتسمت والدتي ، إذن فهي راضية عن تصرفي ، ومدت يدها لتحمل( رغد ) فاعترضت

" ارجوك لا ! أخشى أن تنهض ، نامت بصعوبة " !

ونهضت عن سريري وأنا أتثاءب بكسل .

" أدي الصلاة ثم تابع نومك في غرفة الضيوف . سأبقى معها "

القيت نظرة على الصغيرة قبل نهوضي !

يا للهدوء العجيب الذي يحيط بها الآن !

بعد ساعات ، وعندما عدت إلى غرفتي ، وجدت اسماء تجلس على سريري بمفردها . ما أن رأتني

حتى بادرت بقول :

" أنا أيضا سأنام هنا الليلة " !

اصبح سريري الخاص حضانة أطفال !

فا اسماء ، البالغة من العمر 5 سنوات ، أقامت الدنيا وأقعدتها من أجل المبيت على سريري الجذاب هذه الليلة ، مثل رغد

ليس هذا الأمر فقط ، بل ابتدأت سلسلة لا نهائيه من .. مثل رغد ففي كل شيء ، تود ان تحظى بما حظيت به. ( رغد ) وكلما حملت أمي رغد على كتفيها لسيب او لآخر ، مدت اسماء ذراعيها لآمها مطالبة بحملها مثل ( رغد ) ..أظن أن هذا المصطلح يسمى الغيره !

يا لهؤلاء الأطفال !

كن هي عقولهم صغيره وتافهة !

كانت المرة الأولي و لكنها لم تكن الأخيرة ... فبعد أيام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي

فأحضرتها إلى غرفتي و أخذت ألاعبها .

هذه المرة استجابت الملاعبتي و هدأت ، بل و ضحكت !

و كم كانت ضحكتها جميلة ! أسمعها للمرة الأولى !

فرحت بهذا الإنجاز العظيم ! فأنا جعلت رغد الباكية تضحك أخيرا !

و الآن سأجعلها تتعلم مناداتي باسمي !

"أيتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ "

نظرت إلى باندهاش و كأنها لم تفهم لغتي . إنها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد )

ليس من ضمنها !

"أنا وليد " !

لازالت تنظر إلى باستغراب !

"اسمي وليد ! هيا قولي : وليد " !

لم يبد الأمر سهلا ! كيف يتعلم الأطفال الأسماء ؟

أشرت إلى عدة أشياء ، كالعين و الفم والأنف وغيرها ، كلها أسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين

أسألها :

" أين رغد ؟ "

فإنها تشير إلى نفسها .

و الآن يا صغيرتي ، أين وليد ؟ "

أخذت أشير إلى نفسي و أكرر :

"وليد ! وليد ! أنا وليد !

أنت رغد ، و أنا وليد !

من أنت ؟ "

"رغد "

"عظيم ! أنت رغد ! أنا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي أنت وليد " !

كانت تراقب حركات شفتي و لساني ، إنها طفلة نبيهة على ما أظن .

و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !

"قولي : أنت وليد ! وليد.

قولي : وليد أنت وليد " !

" !! أنت لى"

كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !

أنت لي !

للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب !

فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين وحولته إلى ) لي ) بدلا من

وليد !

ابتسمت ، و قلت مصححا :

" أنت وليد " !

" أنت لي"

كررت جملتها ببساطة و براءة !

لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا

و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى !

و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !

سألتها مرة أخرى :

" من أنا ؟ "

" ! أنت لي"

يا لهذه الصغيرة المضحكة !

حملتها وأخذت أورجحها في الهواء بسرور .

منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، وأصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة

الجدران بصوتها الحاد

انتهت العطلة الصيفية وعدنا للمدارس .

كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا !

كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة أن أحملها و أورجحها في الهواء !

كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل !

و من الناحية الأخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل

من الضربات واللكمات آمرة إياي بأن أحملها مثل رغد .

و شيئا فشيا أصبح الوضع لا يطاق ! و بعد أن كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة إلينا أصبحت

تلاحقها لتؤذيها بشكل أو بآخر .

في أحد الأيام كنت مشغولا بتأدية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير !

لم أعر الأمر اهتماما فقد أصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .

تابعت عملي وتجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب !

انقطع الصوت ، فتوقعت أن تكون أمي قد اهتمت بالأمر .

لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .

" أدخل " !

ألا أن أحدا لم يدخل .

انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الأمر ....

و كم كانت دهشتي حين رأيت رغد واقفة خلف الباب !

لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، ووجهها عابس و كئيب ، وبكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بألم ... و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، وكدمة محمرة تنتصف

جبينها الأبيض !

أحسست بقبضة مؤلمة في قلبي .

"رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ "

انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها

مددت يدي و رفعتها إلى حضني و جعلت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها ..

هذه المرة كانت تبكي من الألم .

"أهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ "

لابد أنها دانة الشقية !

شعرت بالغضب ، وتوجهت إلى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .

كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الألعاب

عندما رأتني وقفت ، و لم تأت إلى طالبة حملها ( مثل رغد ( كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر إلى

الغضب المشتعل على وجهي .

أسماء أأنت من ضرب رغد الصغيرة ؟ "

لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت أعلى :

ألست من ضرب رغد ؟ أيتها الشقية ؟ "

" إنها تأخذ ألعابي ! لا أريدها أن تلمس ألعابي

اقتربت من أسماء و أمسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و أنا أقول :

"إياك أن تكرري ذلك أيها الشقية و إلا ألقيت بألعابك من النافذة "

لم تكن الضربة مؤلمة ألا أن أسماء بدأت بالبكاء !

أما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت آخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش

نظرت إليها و مسحت دمعتيها

ما كان من الصغيرة إلا أن طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا !

ابتسمت ، لقد كانت المرة الأولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! ألا أنها لم تكن الأخيرة ......

توالت الأيام و نحن على نفس هذه الحال.

ألا أن رغد مع مرور الوقت أصبحت غاية في المرح .

أصبحت بهجة تملأ المنزل و تعلق الجميع بها و أحبوها كثيرا ....

إنها طفلة يتمنى أي شخص أن تعيش في منزله

ولان الغيرة كبرت بين رغد و أسماء مع كبرهما ، فإنه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن

بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير وللمرة الثالثة إلى مكان آخر .....

و هذا المكان كان غرفة وليد !

ظلت رغد تنام في غرفتي لحين إشعار آخر .

في الواقع لم يزعجني الأمر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة وتصرخ في الليل إلا نادرا ....

كنت أقرأ إحدى المجلات و أنا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد

تغط في نوم هادئ

و يبدو أنها رأت حلما مزعجا لأنها نهضت فجأة و أخذت تبكي بفزع.

أسرعت إليها و انتشلتها من على السرير وأخذت أهدئ من روعها

كان بكاؤها غريبا ... و حزينا

" اهدئي يا صغيرتي هيا عودي للنوم " !

و بين أناتها وبكاؤها قالت :

"ماما "

نظرت إلى الصغيرة و شعرت بالحزن

ربما تكون قد رأت والدتها في الحلم

" أتريدين الـ ماما أيتها الصغيرة ؟ "

"ماما "

ضممتها إلى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت أغلى من في الكون قبل أن تفهم معناهما

جعلت أطبطب عليها ، و أهزها في حجري واغني لها إلى أنا استسلمت للنوم .

تأملت وجهها البريء الجميل و شعرت بالأسى من أجلها .

تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي أن أتحول إلى أمها أو أبيها لأعوضها عما فقدت .

صممت في قرارة نفسي أن أرعى هذه اليتيمة وأفعل كل ما يمكن من أجلها ....

و قد فعلت الكثير .

و الأيام ..... أثبتت ذلك

ذهبنا ذات يوم إلى الشاطئ في رحلة ممتعة ، و لكوننا أنا و أبي و سامر الصغير ( ٨ سنوات ) نجيد

السباحة ، فقد قضينا معظم الوقت وسط الماء .

أما والدتي ، فقد لاقت وقتا شاقا و مزعجا مع أسماء و رغد !

كانت رغد تلهو و تلعب بالرمال المبللة ببراءة ، و تلوح باتجاهي أنا و سامر ، أما أسماء فكانت لا تفتاً

تضايقها ، تضربها أو ترميها بالرمال !

"وليد ، تعال إلى هنا"

نادتني والدتي ، فيما كنت أسبح بمرح .

" نعم أمي ؟ ماذا تريدين ؟ "

و اقتربت منها شيئا فشيئا . قالت :

"خذ رغد لبعض الوقت " !

" ماذا ؟؟؟ لا أمي " !

لم أكن أريد أن أقطع متعتي في السباحة من أجل رعاية هذه المخلوقة ! اعترضت:

"أريد أن أسبح " !

"هيا يا وليد ! لبعض الوقت ! لأرتاح قليلا "

أذعنت للأمر كارها و توجهت للصغيرة و هي تعبث بالرمال ، و ناديتها :

"هيا يا رغد ! تعالي إلي " !

ابتهجت كثيرا و أسرعت نحوي و عانقت رجي المبللة بذراعيها العالقة بهما حبيبات الرمل الرطب ، و بكل سرور !

جلست إلى جانبها و أخذت أحفر حفرة معها. كانت تبدو غاية في السعادة أما أنا فكنت متضايقا

الحرماني من السباحة !

اقتربت أكثر من الساحل ، و رغد إلى جانبي ، و جعلتها تجلس عند طرفه و تبلل نفسها بمياه البحر

المالحة الباردة

رغد تكاد تطير من السعادة ، تلعب هنا و هناك ، ربما تكون المرة الأولى بحياتها التي تقابل فيها البحر !

أثناء لعبها تعثرت و وقعت في الماء على وجهها ....

" أوه كلا " !

أسرعت إليها و انتشلتها من الماء ، كانت قد شربت كميه منه ، و بدأت بالسعال و البكاء معا .

غضبت مني والدتي لأنني لم أراقبها جيدا

وليد كيف تركتها تغرق ؟ "

"أمي ! إنها لم تغرق ، وقعت لثوان لا أكثر "

"ماذا لو حدث شيء لا سمح الله ؟ يجب أن تنتبه أكثر . ابتعد عن الساحل " .

غضبت ، فأنا جئت إلى هنا كي استمتع بالسباحة ، لا كي أراقب الأطفال !

"أمي اهتمي بها و أنا سأعود للبحر "

و حملتها إلى أمي و وضعتها في حجرها ، و استدرت موليا .

في نفس اللحظة صرخت اسماء معترضة ودفعت برغد جانبا ، قاصدة إبعادها عن أمي

رغد ، و التي لم تكد تتوقف عن البكاء عاودته من جديد . "أرأيت ؟ "

استدرت إلى أمي ، فوجدت الطفلة البكاءة تمد يديها إلى ....

كأنها تستنجد بي و تطلب مني أخذها بعيدا

عدت فحملتها على ذراعي فتوقفت عن البكاء ، و أطلقت ضحكة جميلة !

يا لخبث هؤلاء الأطفال !

نظرت إلى أمي ، فابتسمت هي الأخرى وقالت :

" إنها تحبك أنت يا وليد " !

قبيل عودتنا من هذه الرحلة ، أخذت أمي تنظف الأغراض ، و الأطفال .

"وليد ، نظف أطراف الصغيرة و البسها هذه الملابس

تفاجأت من هذا الطلب ، فأنا لم أعتد على تنظيف الأطفال أو إلباسهم الملابس !

ربما أكون قد سمعت شيئا خطا !

"ماذا أمي ؟؟؟ "

"هيا يا وليد ، نظف الرمال عنها و ألبسها هذه ، فيما اهتم أنا با أسماء و بقية الأشياء "

كنت أظن أنني أصبحت رجلا ، في نظر أمي على الأقل

و لكن الظاهر أنني أصبحت أما !

أما جديدة لرغد !

نعم ... لقد كنت أما لهذه المخلوقة

فأنا من كان يطعمها في كثير من الأحيان ، و ينيمها في سريره ، و يغني لها ، و يلعب معها ، و

يتحمل صراخها ، ويستبدل لها ملابسها في أحيان أخرى !

و في الواقع

كنت أستمتع بهذا الدور الجديد ....

و في المساء ، كنت أغني لها و أتعمد أن أجعلها تنام في سريري ، و أبقى أتأمل وجهها الملائكي

البريء الرائع ... و أشعر بسعادة لا توصف !

هكذا ، مرت الأيام.

و كبرنا ... شيئا فشيئا

و أنا بمثابة الأم أو المربية الخاصة بالمدللة رغد ، و التي دون أن أدرك ... أو يدرك أحد ... أصبحت

تعني لي ....

أكثر من مجرد مخلوقة مزعجة اقتحمت حياتي منذ الصغر .... !

في كل ليلة أقرأ قصة قصيرة لصغيرتي رغد قبل النوم . و هذه هي آخر ليلة تباتها

رغد في غرفتي بعد ثلاث سنوات من قدومها للمنزل . ثلاث سنوات من الرعاية

و الدلال و المحبة أوليتها جميعا لصغيرتي ، كأي أم أو أب!

إنها الآن في السادسة وقد ألحقناها بالمدرسة هذا العام و كانت في غاية السعادة!

في كل يوم عندما تعود تخبرني بعشرات الأشياء التي شاهدتها أو تعلمتها في المدرسة . و في كل يوم بعد تناولها الغذاء أتولى أنا تعليمها دروسها البسيطة

و قد كانت تلميذة نجيبة !

ابعد الانتهاء من الدروس تأخذ صغيرتي دفتر التلوين الخاص بها و علبة الألوان ، وتجلس على

سریرها و تبدأ بالتلوين بهدوء

تقريبا بهدوء !

"وليد لون معي" !

لقد كنت شاردا و أنا أتأملها و أتخيل أنني و منذ الغد لن أجد سريرها في تلك الزاوية و أستمع إلى )

هذيانها ) و تحدثها إلى نفسها قبل النوم

" وليد لون معي" !

هذه المرة انتبهت إلى صوتها الحاد ، نظرت إليها و ابتسمت ! لقد كنت كثيرا ما ألون معها في هذا

الدفتر أو غيره ! و هي تحلق سعادة حينما تراقبني و أنا ألون!

أطفال فقط أطفال !

"حسنا "

قلت ذلك و هممت بالنهوض من على سريري و التوجه إليها ، و لكنها و بسرعة قفزت هي و دفترها و علبة ألوانها و هبطت فوق سريري في ثانيتين !

بدأت كالعادة تختار لي الصفحة التي تريد مني تلوينها وقد كانت رسمة لفتاة صغيرة تحمل حقيبة

المدرسة !

صغيرتي ... لم لا تلونين هذه ؟ فهي تشبهك " !

قلت لها ذلك ، فابتسمت و أخذت تقلب دفترها بحثا عن شيء ما ، ثم قالت:

"لا يوجد ولد يشبهك ! سأرسمك " !

و أمسكت بالقلم و أخذت ) ترسمني ) في إحدى الصفحات و كم كانت الرسمة مضحكة ، و

لاحظت أنها رسمت خطا طويلا أسفل الأنف !

"ما هذا ؟؟"

"شارب" !

" ماذا !؟ و لكن أنا لا شارب لدي" !

"عندما تكبر مثل أبي سيكون لديك شارب طويل هكذا لأنك طويل" !

ضحكت كثيرا كما ضحكت هي الأخرى !

إن طولي قد أزداد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة ، و يبدو أنني سأصبح أطول من والدي !

قمنا بعد ذلك بتلوين الصورتين ( رغد الصغيرة ، ووليد ذي الشارب الطويل ! )

من كان منا يتوقع ... أن هاتين الصورتين ستعيشان معنا كل ذلك العمر ...؟؟؟

عندما حل الظلام ، قمت بنقل سرير رغد و أشيائها الأخرى إلى غرفتها الجديدة.

و كانت صغيرة و مجاورة لغرفتي

الصغيرة كانت مسرورة للغاية ، فقد أصبح لها غرفتها الخاصة مثل أسماء و لم يعد بمقدور أسماء  أن (

تعيرها ) كما تفعل دائما.

العلاقة بين هاتين الفتاتين كانت سيئة !

بالنسبة لي ، فقد كنت حزينا بهذا الحدث فأنا أرغب في أن تبقى الصغيرة معي و تحت رعايتي أكثر من ذلك ... إنها تعني لي الكثير....

انتهينا أنا و أمي من ترتيب الأشياء في الغرفة ، و رغد تساعدنا . قالت أمي بعد ذلك :

و الآن يا رغد ها قد أصبح لديك غرفة خاصة ! اعتني بها جيدا" !

"حسنا ماما "

و جاء صوت أسماء من مكان ما قائلة:

لكن غرفتي هي الأجمل . هذه صغيرة و وحيدة مثلك "

جميعنا استدرنا نحو أسماء ، و بعين الغضب. فهي لا تترك فرصة لمضايقة رغد إلا و استغلتها .

"لكنني لست وحيدة ، و لن أشعر بالخوف لأن وليد قريب مني"

"لكن وليد ليس أمك و لا أباك و لا أخاك ! إذن أنت وحيدة"

هذه المرة والدتي زجرت اسماء بعنف وأمرتها بالانصراف . لقد كانت لدي رغبة في صفع هذه الفتاة

الخبيثة لكنني لم أشأ أن أزيد الأمر تعقيدا

إنني أدرك أن الأمور تزداد سوءا بين أسماء  و رغد ، و لا أدري إن كان الوضع سيتغير حالما تكبران....

اعتقدت أن الأمر قد انتهى في وقته ، ألا أنه لم ينته....

بينما كنت غاطا في نومي سمعت صوتا أيقظني من النوم بفزع ....

عندما فتحت عيني رأيت خيال شخص ما يقف إلى جانبي كان الظلام شديدا و كنت بين النوم و

استيقظت فجأة و استطاعت طبلة أذني التقاط الصوت و تمييزه.... الصحوة.

كانت رغد

نهضت ، و أثرت المصباح المجاور ، و من خلال إنارته الخفيفة لمحت ومض دموع تسيل على خد الصغيرة ...

مددت يدي و تحسست وجهها الصغير فبللتني الدموع ....

"رغد ! ما بك عزيزتي ؟"

قفزت رغد إلى حضني و أطلقت صرخات بكاء قوية و حزينة ... إنني لم أر دموع غاليتي هذه منذ أمد

فكيف لي برؤيتها بهذه الحال ؟؟

...._____________________________________________....

واتمناا تكون نالت اعجابكم ونتظروو الفصول القادمه لمعرفه ماحصل بين رغد ووليد ............ِ

يتبع

"رغد ... أخبريني ماذا حدث ؟ هل رأيت حلما مزعجا ؟؟"

اندفعت و هي تقول كلماتها هذه بشكل مبعثر و مضطرب .... و بمرارة و حزن عميقين

"لماذا ليس لدي أم ؟

لماذا مات أبي ؟

هل الله لا يحبني لذلك لم يعطني أما و لا أبا ؟

هل صحيح أن هذا ليس بيتي ؟

أين بيتي إذن فأنا أريد أن يصبح لدي غرفة كبيرة و جميلة مثل غرفة أسماء "

طوقت الصغيرة بذراعي و جعلت أمسح رأسها و دموعها و أهدئ من حالتها

لم أكن أتخيل أن مثل هذه التساؤلات تدور في رأس طفلة صغيرة في السادسة من العمر ...

بل إنها لم تذكر لي شيئا كهذا من قبل رغم ثرثرتها التي لا تكاد تنتهي حين تبدأ ...

صغيرتي رغد ! ما هذا الكلام ! من قال لك ذلك ؟"

" أسماء دائما تقول هذا ... هي لا تحبني لا أحد يحبني"

شعرت بالغيظ من أختي الشقية ، في الغد سوف أوبخها بعنف . قلت محاولا تهدئة الصغيرة المهمومة

"رغد يا حلوتي . دعك من أسماءفهي لا تعرف ما تقول ، سوف أوقفها عند حدها أبي وأمي هما

أبوك وأمك "

قاطعتني

"غير صحيح ! لا أم ولا أب لدي و لا أحد يحبني"

"ماذا عني أنا وليد ؟ ألا أحبك ؟ اعتبريني أمك و أباك و كل شيء"

توقفت رغد عن البكاء و نظرت إلي قليلا ثم قالت:

" و لكن ليس لديك شارب" !

ضحكت ! فأفكار هذه الصغيرة غاية في البساطة و العفوية ! أما هي فقد ابتسمت و مسحت دموعها

قلت:

" حين أكبر قليلا بعد فسيصبح لدي شاربان طويلان كما رسمت ! أنسيت !؟ "

ابتسمت أكثر و قالت:

" و هل ستشتري لي بيتا كبيرا فيه غرفة كبيرة و جميلة تخصني ؟"

ضحكت مجددا ... و قلت:

"نعم بالتأكيد ! و تصبحين أنت سيدة المنزل" !

(رغد ) ابتسمت برضا و عانقتني بسرور

"أنا أحبك كثيرا يا وليد ! و حين أكبر سآخذك معي إلى بيتي الجديد" !

اللعب هو هواية الأطفال المفضلة على الإطلاق ، و لأنني ( وليد الكبير ) و لأن أسماء هي ( الطرف

المعادي ) فإن رغد لم تجد من تلعب معه في بيتنا هذا غير سامر !

كثيرا ما كانا يقضيان الساعات الطوال باللهو معا ، ربما كان هذا متنفسا جيدا للصغيرة.

عندما كانت رغد تسكن غرفتي كانت كلما بقيت في الغرفة لسبب أو لآخر ، أنت هي الأخرى و

عكفت علی دفتر تلوينها بسكون.....

كنت أستذكر دروسي و ألقي عليها نظرة من حين لآخر ... و كان ذلك يسعدني...

بعد أن استقلت في غرفتها ، لم أعد أراها معي

كانت كثيرا ما تقضي الوقت الآن مع سامر في اللعب!

وفي أحد الأيام ، عدت من المدرسة ، وحين دخلت البيت وجدت( رغد ) تشاهد التلفاز

" رغد ! لقد عدت " !

وفتحت ذراعي ، فهس معتادة أن تأتي لحضني كلما عدت من المدرسة ، كأنها تعبد عن شوقها و افتقادها لي ...

ابتسمت. ( رغد ) ثم قفزت قاصدة الحضور إلي ، وفي نفس اللحظة دخل شقيقي سامر الى نفس الغرفة وهو يقول : اصلحته يا رغد ! هيا بنا "

وبشكل فاجأني ولم أتوقعه ، استدارت رغد  الى سامر وركضت نحوه ، وغادرا الغرفه سويا ....

ذراعاي كانتا لا تزالان معلقتين في الهواء .... بانتظار الصغيره رغد ......

...نظرت من حولي أتاكد من أن أحدا لم ير هذا ... قد يكون موقفا عاديا لكنني شعرت بغيظ وغيرة وخيبة لحظتها ... ما الذي يشغل ( رغد ) عني ؟؟...

...لحقت بالاثنين ، فرايتهما يركبان دراجة سامر التي يبدو ان خللا كان في أصابها مؤخرا وأصلحه سامر قبل قليل ......

...كانت( رغد ) في غاية السرور وهي تجلس على مقعد خلفي ، وسانر ينطلق بدراجته الهوائية مسرعاا ........

...ذهبت إلى غرفتي واستلقيت على سريري واخذت أفكر .......

...مؤخرا ، ظهرت أمور عدة تشغل رغد ... كا لمدرسه والواجبات المدرسية وصديقاتها الجدد ... وفاتر تلوينها الكثيرة .... واللعب مع سامر !...

...طردت الأفكار التي استتفهتها فورا من رأسي وانصرفت إلى أمور أخرى ......

...إنها السنه الأخيرة لي في المدرسة الإعدادية و والدتي تعمدت إبعاد (رغد) عني قدر الإمكان لأتفرغ لدراستي ....

...رغد ... رغد ... رغذ !...

...لماذا لا استطيع طردها الآن من رأسي ؟؟ إنها طفله مزعجه لا تخب غير اللعب والعناية بها كانت مسؤولية كبيرة ومضجرة ألقيت على عاتقي وها أنا حر أخيرا !...

...في الواقع ، ظل التفكير بهذه الصغيرة يشغلني طوال ذلك اليوم ... لم أستطع التركيز في الدراسة ،...

...وقبيل غروب الشمس قررت القيام بجولة في الشارع على الأقدام ، علني أطرد رغد من دماغي ......

... كان لطيفا ونساماته عليلة وقد استمتعت بنزهتي الصغيرة ......

يتبع

وثم ، التقيت في طريقي بشخص أبغضه كثيرا ! إنه عمار....

عمار هذا هو الابن الوحيد لأحد الأثرياء ، و هو زميلي في المدرسة ، ولد بغيض مستهتر سيئ الخلق ، معروف و مشهور بين الجميع بانحرافه و فساده ... و كان آخر شيء أتمنى أن

ألتقي به و أنا في مزاجي العكر هذا اليوم!

"وليد ؟ تتسكع في الشوارع عوضا عن الدراسة !؟ لسوف أفضحك غدا في المدرسة"

قال لي هذا و أطلق ضحكة قوية و بغيضة ، أوليته ظهري و ابتعدت متجاهلا إياه قال:

" انتظر ! لم لا تأت . معي نلهو قليلا ؟ و أعدك بأن تنجح رغم انف الجميع ! مثلي"

استدرت إلى عمار وقلت بغضب

حل عنى أيها البغيض ! لا يشرفني التحدث إلى شخص مثلك ! أيها المنحرف الفاسد"

لا ادري ما الذي دفعني لقول ذلك ، فأنا لم أعتد توجيه مثل هذا الكلام لأي كان....

و لكني كنت مستاء.....

عمار شعر بغيظ ، وسدد نحوي لكمة قوية موجعة و تعاركنا !

منذ ذلك اليوم ، و أنا و هو في خصام مستمر ، هو لا يفتأ يستفزني كلما وجد الفرصة السانحة لذلك ،

و أنا أتجاهله حينا و أتعارك معه حينا آخر....

و الأمر بيننا انتهى أسوا نهاية كما سترون....

في طريق عودتي للبيت ، مررت بإحدى المكتبات ، و وجدت نفسي أدخلها و أفتش بين دفاتر تلوين

الأطفال ، و أشتري مجموعة جديدة ... من أجل رغد

إنني سأعترف ، بأنني فشلت في إزاحتها بعيدا عن تفكيري ذلك اليوم لقد كانت المرة الأولى التي

تترك فيها ذراعي معلقين في الهواء ... و تذهب بعيدا

حين وصلت إلى البيت ، كانت رغد في حديقة المنزل ، مع سامر و أسماء ، كانوا يراقبون العصفورين

الحبيسين في القفص ، و اللذين أحضرهما والدي قبل أيام.....

كانت ضحكاتها تملأ الأجواء....

كم هي رائعة هذه الطفلة حين تضحك !

و كم هي مزعجة حين تبكي!

اعتقدت أنني لن أثير انتباهها فيما هي سعيدة مع شقيقي و العصفورين هممت بالدخول إلى داخل المنزل و سرت نحو الباب ... و أنا ممسك بالكيس الصغير الذي يحوي دفاتر التلوين.... " !وليد"

وصلني صوتها الحاد فاستدرت للخلف ، فإذا بها قادمة تركض نحوي فاتحة ذراعيها و مطلقة ضحكة

كبيرة .....

فتحت ذراعي واستقبلتها في حضني وحملتها بفرح و درت بها حول نفسي بضع دورات....

صغيرتي ... جلبت لك شيئا تحبينه " !

نظرت إلى الكيس ثم انتزعته من يدي ، و تفقدت ما بداخله

أطلقت هتاف الفرح و طوقت عنقي بقوة كادت تخنقني !

بعدها قالت:

" لون معي" !

ابتسمت برضا بل بسعادة و قلت:

"أمرك سيدتي" !

اعتقد ... بل أنا موقن جدا .... بأنني أصبحت مهووسا بهذه الطفلة بشكل لم أكن لأتصوره أو أعمل له حسابا ...

و سأجن ... بالتأكيد ... فيما لو حدث لها مكروه .... لا قدر الله .....

أشياء ثلاثة تشغل تفكيري و تقلقني كثيرا في الوقت الراهن

دراستي و امتحاناتي ، رغد الصغيرة ، و الأوضاع السياسية المتدهورة في بلدتنا و التي تنذر بحرب

موشكة !

إنه يوم الأربعاء ، لم أذهب للمدرسة لأن والدتي كانت متوعكة قليلا في الصباح و آثرت البقاء إلى

جانبها.

إنها بحالة جيدة الآن فلا تقلقوا

كنت أجلس على الكرسي الخشبي خلف مكتبي الصغير ، ومجموعة من كتبي و دفاتري مفتوحة و

مبعثرة فوق المكتب.

لقد قضيت ساعات طويلة و أنا أدرس هذا اليوم ، ألا أن الأمور الثلاثة لم تبرح رأسي

الدراسة ، أمر بيدي وأستطيع السيطرة عليه ، فها أنا أدرس بجد

أوضاع البلد السياسية هي أمر ليس بيدي و لا يمكنني أنا فعل أي شيء حياله !

أما رغد الصغيرة....

فهي بين يدي و لا أملك السيطرة على أموري معها !

و آه من رغد

يبدو أن التفكير العميق في ( بعض الأشياء ( يجعلها تقفز من رأسك و تظهر أمام عينيك !

هذا ما حصل عندما طرق الباب ثم فتح بسرعة قبل أن أعطى الفرصة المفروضة للرد على الطارق

السماح له بالدخول من عدمه !

" وليد وليد و ليــــــــــــــــــــد" !

قفزت رغد فجأة كالطائر من مدخل الغرفة إلى أمام مكتبي مباشرة و هي تناديني و تتحدث بسرعة فيما تمد بيدها التي تحمل أحد كتبها الدراسية نحوي !

"وليد علمتنا المعلمة كيف نصنع صندوق الأماني هيا ساعدني لأصنع واحدا كبيرا يكفي لكل أمنياتي بسرعة " !

إنني لم أستوعب شيئا فقد كانت هذه الفتاة في رأسي قبل ثوان و كانت تلعب مع سامر على ما أذكر!

نظرت إليها وابتسمت و أنا في عجب من أمرها !

" رويدك صغيرتي ! مهلا مهلا ! متى عدت من المدرسة ؟"

أجابتني على عجل و هي تمد يدها وتمسك بيدي تريد مني النهوض:

عدت الآن ، أنظر وليد الطريقة في هذه الصفحة هيا اصنع لي صندوقا كبيرا" !

تناولت الكتاب من يدها و ألقيت نظرة !

إنه درس يعلم الأطفال كيفية صنع مجسم أسطواني الشكل من الورق !

و صغيرتي هذه جاءتني مندفعة كالصاروخ تريد مني صنع واحد !

تأملتها و ابتسمت ! و بما إنني أعرفها جيدا فأنا متأكد من أنها سوف لن تهدأ حتى أنفذ أوامرها ! قلت :

"حسنا سيدتي الصغيرة ! سأبحث بين أشيائي عن ورق قوي يصلح لهذا" !

بعد نصف ساعة ، كان أمامنا أسطوانة جميلة مزينة بالطوابع الملصقة ، ذات فتحة علوية تسمح للنقود

المعدنية ، والنقود الورقية ، و الأماني الورقية كذلك بالدخول !

رغد طارت فرحا بهذا الإنجاز العظيم ! و أخذت العلبة الأسطوانية وجرت مسرعة نحو الباب !

" إلى أين ؟؟"

سألتها ، فأجابتني دون أن تتوقف أو تلتفت إلي:

"ساريها سامر" !

و انصرفت...

اللحظات السعيدة التي قضيتها قبل قليل مع الطفلة و نحن نصنع العلبة ، ونلصق الطوابع ، و

نضحك بمرح قد انتهت

أي نوع من الجنون هذا الذي يجعلني أعتقد و أتصرف على أساس أن هذه الطفلة هي شيء يخصني ؟؟ كم أنا سخيف !

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon