أنا قطة
كنت أركض كالمجنونة في الشوارع القذرة. كان قلبي ينبض وكأنه على وشك الانفجار، لكنني لم أستطع إيقافه.
لأنه كان هناك أشخاص يطاردونني لقتلي.
ترددت أصداء خطوات الأطفال الذين يطاردونني بإصرار وقسوة.
"أمسكو به! أمسكو به و أقتلوه!"
"القط الأسود سيئ الحظ....!"
عندما سمعت هذا الصوت ركضت بسرعة. أردت التوسلَ من أجلِ حياتي، لكن لم تخرج من فمي سوى صرخات يائسة.
لقد كنت إنسانة قبل أن أكون قطة.
اسمي عندما كنت إنسانة كان ميا يون.
لأنني قد متُ و تجسدت من جديد كـقطة. لا، هل كان هذا حقًا تجسيدًا؟
في أحد الأيام صدمتني سيارة. وعندما فقدت الوعي وفتحت عيني وجدت نفسي في جسد قطة.
تساءلت عما إذا كنت قد تجسدت من جديد كقطة، لكن المشهد من حولي كان غريبًا. شارع غربي يبدو وكأنه شيء من رواية خيالية. الناس يرتدون ملابس غير مألوفة.
هل تجسدت من جديد في عالم آخر؟ كثيرًا ما اقرأ الروايات التي تحتوي على هذا النوع من المحتوى. و لقد كنتُ أفكر دائمًا في داخلي :'ماذا لو حدث لي هذا النوع من الأشياء؟'
لم أكـن أعلم بأنني سـأتجسد كـقطة!
إذا كنت سأتجسد من جديد كقطة، أتمنى لو تم تجسيدي كقطة جيدة تنتمي إلى عائلة غنية!
لقد تم تجسيدي كقطة سوداء في الشارع. كان من الصعب العثور على الطعام، ولم يحبني أحد. بل لقد اضطهدوا كالقطط السوداء التي تجلب الحظ السيئ.
و كان الوضع كما الآن. بالنسبة لأطفال الحي، كنت مجرد لعبة يمكنهم التعامل معها. الصوت الواضح الذي يطلب الإمساك بي اخترق أذني بشكل مؤلم.
بينما كنت أهـربُ مسرعةً طار حجر و سقط بجواري مباشرةً. و مـن الخلف سمعت الضحكات.
"أوه، يالهـا من مضيعة، لقد كنتُ على وشكِ قتله!"
"عليكَ شراء الحلوى للشخص الذي يُخمن بشكل صحيح!"
شعرت أن الدموع ستخرج. لماذا أنا في هذه الحالة؟ لم أكن أرغب في الرجم حتى الموت، لذلك ركضت بكل قوتي.
بينما كنت أركض إلى الطريق الرئيسي لتجنب الأطفال، طار شيء ما وأصابني بقوة في ساقي.
تدحرجت على الأرض من الألم. اقتربت أصوات خطى الأطفال وضحكاتهم. لقد كان كـصوتِ حاصد الأرواح وهو يقترب.
أوه، هل سـأموتُ هكذا؟ نعم، ربما يكون الموت أفضل من العيـش بهذه الطريقة.
أتمنى أن أولد في وضع أفضل في الحياة القادمة.
وبينما كنت على وشك أن أغمض عيني، سقط ظل فوقي. ومثل المعجزة توقفت خطوات الأطفال.
"مهلًا مهلًا. دعنا نذهب."
"يالها من مضيعة."
وسمعت أصوات الأطفال النادمة.
ماذا يحدث هنا؟
عندما فتحت عيني رأيت شخصًا يرتدي ملابس فاخرة جدًا يقف أمامي.
هل أنت نبيل؟
لقد كان رجلاً يبدو أنه في الثلاثينيات من عمره وكان وجهه متجهمًا إلى حد ما.
"....هل هذه قطة صغيرة؟"
يبدو أن الأطفال لم يقتربوا مني عندما رأوا الرجل يقف أمامي. نظر الرجل إليّ بـنظرةٍ فارغة، ثم أمسكَ بظهري و رفعني.
أوه؟ ماذا؟
كنت أراقب الوضعَ من حولي و أنا في حيرة. حملني الرجل و دخل العربة.
و بينما كنتُ متشوقة لمـا سيحدث، سرعان ما دخلت العربة إلى قصرٍ كبير.
"لقد وصلنا، أيها الماركيز دياز."
فتح السائق الباب و قال ذلك.
ماركيز؟ هل هذا هو الماركيز؟
أمسك بي الرجل مرة أخرى ودخل. كان داخل القصر مبهرًا مثل الخارج. عندها فقط شعرت بالراحة.
واه! أعتقدُ بـأنه سيتم تبنيني في هذا المنزل! هل يمكنني الآن أن أعـيش حياةَ قطة المنزل السعيدة....؟!
بدأ قلبي ينبض، وفي الوقتِ نفسه نزل شخص ما من الطابق الثاني.
لقد كان صبيًا صغيرًا بدا أنه يبلغ من العمر حوالي 7 أو 8 سنوات. كان وجهه، تحت الشعر الفضي الذي بدا وكأنه مصنوع من ضوء القمر، لطيفًا وجميلًا.
ومع ذلك، لم يكن هناك أي عاطفة في عينيه الرمادية الفضية. كان لديه وجه خالي من المشاعر لدرجة أنك ربما تتساءل عما إذا كان طفلاً، لذا بدلاً من التفكير في أنه طفل جميل، كان الشعور بالتوتر له الأولوية.
"أمسك به."
قال الرجل وهو يرميني على الأرض. بسبب إصابة قدمي لم أتـمكن من الهبوط و سقطتُ بقوةٍ.
...يبدوا أن هناكَ شيء ما ليس على ما يرام.
نظر إليّ الطفل بهدوء ثم حملني بين ذراعيه.
"إيساك، هل يعجبكَ هذا؟"
"نعم، لقد أحببتها."
إيساك؟ لقد عـرفتُ سابقًا بأن اسمه كان الماركيز دياز، لذا إن أضفنا الاسمين معًا فـسيكون 'إيساك دياز'.
أعتقد بـأنني قد سمعتُ ذلك الاسم في مكانٍ ما، لكني لا أتذكره. وفي الوقت نفسه، ظهرت نافذة الإخطار أمامي.
[مرحبًا بكم في عالم "ليلة الخوف".]
'ليلة الخوف؟'
إيساك دياز.
عنـدها فقط تبادرت هذه الأسماء لـذهني.
كانت لعبة ليلة الخوف آخر لعبة لعبتها قبل أن أموت. و كـان إيـساك دياز هو شـرير هذه اللعبة.
عندما أدركت هوية هذا المكان، تبادر إلى ذهني مشهد على الفور.
مشهد استرجاعي حدث أثناء عملية الكشف عن الشرير.
و كـانت القصة أن عـائلة ديـاز كانت ملعونة منذ وقت طويل، و إبن العـائلة إيساك دياز أصيـب بالجنون.
وخلف السرد تومض صورة إيساك وهو طفل، ممسكًا بيده خنجرًا حادًا. كان يمسك رقبة القطة السوداء بيد واحدة.
قتل إيساك القطة بثقب رقبتها بالخنجر... وكان الاسم الموجود على بطاقة اسم القطة هو "ميا".
"ماذا ستسميها؟"
ورداً على سؤال الرجل رفع إيساك رأسه ونظر إلى الشخص الآخر.
تسلل شعور مشؤوم إلى الجزء الخلفي من رقبتي.
قال إيساك بوجه خالي من التعبير.
"سـأسميها ميا."
عند سماع اسم ميا، تحول ذهني إلى اللون الأبيض على الفور. لقد قمت بالاتصال البصري مع إيساك.
"الطفلة المفقودة."
نعم، الآن يـمكنني فهم كل شيء بالتأكيد.
لقد استحوذتُ على جسد قـطة في لعبة رعب اسمها "ليلة الخوف". و ليـس هذا فقط، لـقد كنتُ قـطة تموت في مـقطع فيديو قصير من نوع الـ Flash Back.
***
لقد قُضـيَّ علي، قُضـيَّ عليَّ حقًا.
لقد كنت عـالقة في زاوية الغرفة، أقـوم بـلومِ حظيَّ الملعون.
اعتقدت أنني سأنهي حياتي أخيرًا في الشوارع، لكنني الآن عدت إلى المنزل الذي كان من المفترض أن أموت فيه!
ها، ماذا علي أن أفعل؟
بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة في الشوارع، لم أكن أريد أن أموت.
متى سأموت؟ اليوم؟ غداً؟ لم تكن هناك معلومات دقيقة في اللعبة، لذلك كان من الصعب تقديرها. ففي النهاية، إنه مجرد فيديو مدته بضع ثوانٍ فقط!
لم يكن لدي أي خيار سوى الهروب من هذا المنزل في أسرع وقت ممكن. ومع ذلك، بسبب إصابة سـاقي فالبكاد يمكنني الحراك.
كيف أهرب، هل سأموت الليلة؟ وبينما كنت أفكر في ذلك، دخل شخص ما إلى الغرفة
لقد كـان إيساك. في لحـظة، شعرتُ بـقشعريرة تسري في عمودي الفقري.
هل يحاول قتلي....؟!
كانت تلك العيون ذات اللون الرمادي الفضي تنظر إلي بلا عاطفة. ثم أمسكني إيسـاك من قفا رقبتي.
ماذا ستفعل بي....؟
وبينما كنت أرتعش، أخذني إيساك إلى مكان آخر.
دخل الحمام وسلمني للخادمة.
"اغسليها."
"نعم سيدي."
ماذا؟
وبينما كنت في حيرة من أمري، خرج إيساك وتركني وراءه. بمجرد أن أخذتني الخادمة، عبست.
"آهغ، هذه الرائحة...."
وضعتني في الحوض وبدأت في غسلي. في لحظة، تحول الماء إلى اللون الأسود. كان صوت التذمر، والسؤال عن سبب اتساخي بهذه الطريقة حادًا.
مؤلم، هذا مؤلم....!
صرخت، و لكـن كلما صرختُ أكثر، أصبحت حركات الخادمة أكثر خشونة.
"أنتِ تصـرخين بشكل مـثير للاشمئزاز!"
عندما أنهت حمامي، قامت الخادمة بإخراج الماء مني كما لو كانت تغسل الملابس وجففت فروي بلا رحمة.
كانت ساقاي تؤلماني قليلاً، لكن بعد الاستحمام، تمكنت من شم رائحة الصابون العطري.
أمسكت الخادمة برقبتي ثم خرجت. كان إيساك يجلس على الأريكة ويقرأ كتابًا.
"سيدي، لقد قمتُ بغسل كل شيء."
"حسنًا. أعطِها لي."
لقد احتضنني إيـساك بين ذراعيه، و لقد شعرت بالنعومة. لقد كنتُ صغيرة، لكن إيساك أيضًا كان صغيرًا جدًا.
و بينما كان الطفل يحملـني بين ذراعيه، كنت أسمع قلب الطفل ينبض بهدوء. ومن ناحية أخرى، كان قلبي ينبض وكأنه على وشك الانفجار.
كنت خائفة. خائفة للغاية. على الرغم من أنه كان لا يزال طفلاً صغيراً، إلا أنه كان سيقتلني.
"أخرجِ."
"نعم سيدي."
كان جسدي يرتجف، ثم رأيـتُ الخادمة وهي تخرج من الباب.
إن كـنتُ أريد الهرب، فهذه هي فرصتي.
نهضت من بين ذراعيه بسرعة وركضت نحو الباب. ومع ذلك، كانت ساقي المصابة تنبض، لذا كان المشي هو كل ما يمكنني فعله.
ومع ذلك، شعرت وكأنني أستطيع الهرب. وبينما كنت على وشك الخروج من الباب، أُغلق الباب بقوة أمامي.
لو لم أكـن حـذرة لتم القبض علي. و بينما كان جسدي يرتجف، كان هناك شعور بالبرد في الهواء.
عندما نظرت للأعلى، رأيت عيونًا بيضاء متوهجة تنظر إلي من الظل.
"إلـى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟"
-ترجمة إسراء
كان الصـوتُ باردًا حقًا لدرجة أنني تسائلتُ عمـا إن كان صادرًا من طفل. كنتُ أرتجف و تجمدت في مكاني.
نـظر إيساك إلي ثم أمـسكني من ظهـري. لـقد ناضلت من أجل الهـروب، لكني لـم أكن قادرة على الهروب مِـن قبضته.
"نيا، نيااا.....!"
صرخت عليه أن يسمح لي بالذهاب، لكن لا فائدة. مشى إيساك إلى خزانة الملابس، وقام بإمساك جسدي بيد واحدة وضغطه على الجزء العلوي من خزانة الملابس.
ثم فتح بيده الحرة أحد الأدراج وأخرج شيئًا منه. في اللحظة التي رأيت ماهية هذا الشيء، أصبت بالقشعريرة.
لقد كان مقصًا كبيرًا. كان النصل الفضي لامعًا باللون الأزرق.
آه، هذه هي الطريقة التي سـأموت بـها.
يبدو أن قدري كان أن أهرب وأموت في النهاية على يد إيساك. أغمضت عيني بقوة، على أمل أنـه إن كـا سيقتلني، لـيقتلني على الفور.
........
........
........?
أغمضت عيني لفترة طويلة، ولكن لم يحدث شيء. عندما فتحت عيني ببطء، رأيت إيـساك مع ضمادة في فمه.
ما هو نوع هذا الوضع؟ قطع إيساك الضمادة إلى شرائح رفيعة وبدأ يلف ساقي بها.
كـنتُ أنظر لـهذا الوضع فـي حيرة.
ذلك.... مهلًا، هل تعالج ساقي؟
ولم يكن العلاج أكثر من مجرد لفه بضمادة. ومع ذلك، فإن حقيقة أن ذلك القاتل القاسي كان يساعدني كانت مفاجئة.
لا بد أنه كان من الصعب لف الضمادة بيد واحدة، لذلك تركني إيساك وربط الشريط بكلتا يديه.
ثم نظر إلي بعينين رماديتين فضيتين لا تزال مشاعرهما غير قابلة للقراءة. رفعتني أيدي الطفل الصغيرة.
"ميا، هل تتألمين؟"
"نياا."
"هل أنتِ بخير؟"
"نياا."
كـلُ مـا خرجَ من فمـي كان مواء، و لـكن أومـأ إيساك بـرأسه و بدى راضـيًا.
أخذني إيساك معه وجلس على الأريكة. بينما كان إيساك يقرأ، جلست بجانبه ونظرت إليه.
عند النظر إليه بهذه الطريقة، كان مجرد طفل. لقد كبر ليصبح بالغًا مخيفًا في اللعبة، ولكن... عندما كان طفلاً، بدا ودودًا للغاية.
لماذا قتل إيساك ميا؟ لم أستطع معرفة السبب.
لو كان إيساك طفلاً عاديًا، فلن أمانع في العيش هنا أيضًا. بينما كنت أحدق به هكذا، نظر إيساك إلي فجأة.
إيييه، هل أطـلتُ التحديق به؟
وبينما كنت أخـفض أذني و أكافح، رفعني إيساك ووضعني في حجره.
كنت مستلقية على بطني وذيلي مُعلقٌ في الهواء. قال إيساك وهو يمسح على ظهري.
"ميا. من اليوم فصـاعدًا، هذا هو منزلكِ."
"......"
"أنتِ قطتي و أنا سيدكِ."
"......."
"حسنًا؟"
"نياا."
كانت اليد التي تمسد عـلى ظهري لطيفة جدًا لدرجة أنني شعرت بالارتياح لسببٍ ما. لم أستطع الهرب لأن ساقي أصيبت، لكن لا يبدو أنه سيـقتلني على الفور.
بدت ميا التي رأيتها في الفيديو أكبر قليلاً مما أنا عليه الآن...
حياتي الحالية أكثر راحة بما لا يقاس مما كنـتُ عليه عندما عشت في الشوارع.
ألن يكون من الجيد الاستمتاع بهذا السلام في الوقت الحالي؟ وبينما كنت أفكر في ذلك، سمعت طرقًا على الباب.
"سيدي، سأدخل."
انفتح الباب ودخلت خادمة تحمل صينية مـعها. كان هناك بسكويت مربى وفنجان شاي على الصينية.
شاهدت الخادمة وهي تضع صينية الطعام ببطء، وكانت يداها ترتجفان قليلاً.
سمعت صوت قعقعة غير مستقر. أثناء وضع فنجان الشاي المليء بالحليب، ربما لأنها كانت متوترة، ارتجفت يـدها فجأة و فاضت محتويات الكوب.
"آه.....!"
في ذلك الوقت، كنت أتساءل عـن سبب كونها متوترة للغاية. ثـم رأيت شيئًا حادًا يلمع في الضوء.
".....يا إلهي!"
لقد كانت شوكة. وقبل أن أدركَ ذلك، كانت الشوكة التي يـحملها إيساك أمام عيني الخادمة مباشرة. ولو مد يده أكثر قليلا لطعنها.
"فاني."
كان الصوت الذي ينادي باسم الخادمة هادئًا على نحو غير معهود، مثل صوت طفل. تحدثت الخادمة مرتجفة، غير قادرة حتى على تحريك عينيها.
"نعم نعم. سيدي...."
"لا يمكنكِ ارتكاب الأخطاء."
لقد صدمت لرؤية الخادمة ترتجف.
لا، كيف يمكنك أن تقول هذا فقط لأنها سكبت بعض الحليب.....!
كان لإيساك وجه خالي من التعبير حتى خلال هذا الوقت.
أوه، إذا استمرت الأمور على هذا النحو، سيحدث شيء ما حقًا!
ضغطت على ركبة إيساك لإيقافه.
"نيا، نياا...."
عندما صرخت بشدة، عندها فقط التفت إلي إيساك. عندما قابلت تلك العيون الرمادية الخالية من المشاعر، اعتقدت أنه كان خطأ.
هل أتدخل بدون سبب؟ ألن تطعنني بتلك الشوكة؟
في تلك اللحظة، عندما كنت أرتجف من الندم المتأخر، وضع إيساك شوكته جانبًا.
"هل تريدين بعض الحليب؟"
حملني إيساك ووضعني على الطاولة.
هل تعتقد أنني صـرختُ لأنني أردت أن أشرب الحليب الذي سكبته...؟
لم أكن أرغب حقًا في شربه، لكن نظرة إيساك الفارغة لـسعتني.
نعم نعم! على أية حال، كنت أعيش في الشوارع، آكل كل أنواع الأشياء، لكن اللبن المسكوب يعتبر وليمة....!
في اللحظة التي لعقت فيها الحليب بهذه الطريقة، شعرت وكأن النجوم تمر أمام عيني.
كان هذا طعامًا لذيذًا....؟!
لقد لعقت الحليب بجوع. ثم عدت فجأة إلى صوابي ونظرت لأرى إيـساك ينظر إلي بهدوء.
لم أتمكن من معرفة ما يعنيه هذا الوجه الخالي من التعابير. ثـم نظر الطفل للخادمة وقال :
"اذهبِ و فكري فيما قمتِ بِفعله."
"حسنًا، شكرًا لكَ سيدي....."
خـرجت الخادمة من الغرفة وكأنها تهرب.
أوه، اعلم أنكِ نجوت بفضلي.....
بعد أن غادرت، رفعت رأسي ونظرت إلى إيساك. كان لإيساك نظرة هادئة، كـما لو أن شيئًا لم يحدث.
"هل تريدين شُرب المزيد؟"
بعد أن قال ذلك، سكب إيساك المزيد من الحليب على الطاولة. والآن بعد أن امتلأت معدتي، عاد كبريائي كإنسان. ومع ذلك، من الصعب لعق ما انسكب على الأرض...
"ألـن تشربي؟"
ولما قال ذلك التقط إيساك شوكة. كانت الشـوكة تلمع بشكل حاد مثل النصل.
"نيا، نيااا...!"
صرخت مرة واحدة ولعقت الحليب بجوع.
ها، في هذه الأثناء، أنا غاضبة جدًا لأنه لذيذ....
نظرت للأعلى ورأيت إيساك يبتسم بشكل خافت. ثم وضع كعكة المربى في فمه ونظرة الرضا على وجهه.
عندما تنظر إليه بهذه الطريقة، يبدو وكأنه طفل عادي.
لكنني كنت أعرف من هو هذا الطفل، وكان هناك شيء واحد مؤكد.
هذا الطفل خطير.
لم أكن أعرف ماذا سيحدث لي إذا لم أخرج من هنا في أسرع وقت ممكن.
***
آه، تبًا. مـا الذي عليَّ فعلهُ الآن.
كنتُ أحـرك ذيـلي و أنـظر من النافذة. كان القصر المليء بالزنابق الحمراء جميلًا وغريبًا.
لقد مرت ثلاثة أيام بالفعل منذ مجيئي إلى هنا. لقد بحثت عن طريقة للخروج من هذا المكان لمدة ثلاثة أيام، لكنني لم أحصل على نتائج ذات معنى.
في بعض الأحيان كانت النافذة تُفتح، لكنها كانت مرتفعة للغاية بحيث لم أتمكن من القفز بساقي المصابة.
ومع ذلك، كان هناك الكثير من العيون تراقب للهروب عبر الباب. حاولت الهرب مرتين، لكن الخادمة قبضت عليّ مراراً وتكراراً و أعادتني.
بينما كنت في حيرة من أمري بشأن كيفية الهروب، كان الخبر السار هو أن إيساك كان لطيفًا. بالطـبع بغض النظر عن أنه كان يطعن الشوكة في عيون الخادمة....
بـعد ذلك بقيتُ هادئة. فقط راقبني بهدوء. كان عادةً مشغولاً بأخذ الدروس، لذلك لم يقضي الكثير من الوقت معي.
لا أعتقد أنه سيقتلني في أي وقت قريب. وبينما كنت أفكر في هذا الأمر وأفكر في طريقة للهروب، انفتح الباب.
"ميا......"
الشخص الذي دخل هو إيساك. كانت العيون الرمادية الفضية المرئية في الظل مخيفة إلى حد ما.
كان إيساك يحمل صينية. قال وهو يضعها أمامي.
"كـلي."
يحتوي الوعاء على الحليب واللحم المفروم جيدًا. إذا كان هناك أي شيء مُرضٍ في هذا المكان، فهو الطعام.
أثناء إقامتي في الشوارع، لم أحصل على طعام مناسب أبدًا. وفي الوقت نفسه الحليب واللحوم.
عندها أدركت أن الجوع يأتي قبل الخوف من الموت. وحتى الآن، كان هذا طعامًا قدمه لي شخص يريد أن يقتلني، وقد استمتعت به فحسب.
"نيا....."
تسللت ودفنت وجهي في الوعاء. لقد كان لذيذًا جدًا لدرجة أن الدموع انهمرت دون أن أعلم.
كان البكاء يخرج مثل المواء. عندما تأكل شيئًا لذيذًا، يأتي رد الفعل هذا بشكل طبيعي.
"ميا فتاة جيدة."
سمعت صوتًا كهذا، ثم شعرت بشيء يقترب من رأسي. لقد اندهشت ورجعت إلى الوراء لأرى إيساك يمد يده بطريقة غريبة.
هل كنتَ تحاول لمـسي؟ أم قتلي....؟
في ذلك الوقت، عندما كنتُ خائفة جدًا أصبح وجه إيساك باردًا.
"ميا ليست فتاة جيدة."
كان الصوت الذي قال تلك الكلمات باردًا جدًا لدرجة أنه لا يمكن القول أنه صوت طفل.
"لقد أخبروني أن الأطفال السيئين عليهم الموت."
–ترجمة إسراء
ماذا؟ مجنون....! أين تعلمتَ تلكَ الكلمات؟
كنت أرتجف وأنظر إلى إيساك. نظر إليّ الطفل بهدوء ومدّ يده.
"تعـالي هنا يا ميا."
"ني، نياا..."
بدا وكأنه سيقتلني ويصفني بالفتاة السيئة إذا لم أستمع إليه، لذلك اقتربت من إيساك.
عندما أخرجت رأسي بلطف، ربت على رأسي الصغير بما يرضي قلبه. وعندها فقط بدا راضـيًا.
"أنتِ لطيفة جدًا يا ميا."
وهكذا مسح إيسـاك على شعري حتى بلى.
بينما كـان يداعبني لأنني كنت خائفة جدًا، سمعت طرقًا وفُتح الباب. كانت خادمة.
"سيدي، أنا آسفة. أحتاج إلى علاج القطة لفترة من الوقت."
"نعم."
عندها فقط توقف الطفل عن مـداعبتي. ركضت بسرعة إلى الخادمة. وكانت ذات وجه ترحيبي.
على عكس الآخرين، كانت هذه الخادمة ودودة جدًا معي. في كل مرة كانت تحضر لي وجبة، كانت تتحدث معي بلطف.
حتى الآن، كانت الطريقة التي تداعبني بها لطيفة جدًا. تحدثت كما لو كانت تهدئني بينما كانت تغير ضـمادتي وتضع الدواء.
"هل يؤلمكِ؟ عليـكِ الصبر. سوف تتحسنين قريبًا."
لقد مر وقت طويل منذ أن شعرت بهذا النوع من اللطف لدرجة أنني شعرت بأن جسدي وعقلي يذوبان.
ثم، دون علمي، خرج صوت مجعد. أعتقد أن هذا ما تفعله القطط عندما تكون سعيدة.
سمعت الخادمة تضحك بهدوء بينما كنت أتمتم.
هذا مريح.....
في ذلك الوقت سمع صوت يكسر الأجواء المريحة.
"ميا تصدر أصواتا غريبة."
كما قال ذلك، اتخذ إيساك خطوة أقرب. كانت العيون التي نظرت إلى الخادمة قاسية.
"ماذا فعلتِ؟"
قبل أن أعرف ذلك، كان الطفل يحمل قلم حبر في يده. لا، من أين له هذا؟
أنت لا تخطط لطعن الخادمة مثل المرة السابقة، أليس كذلك؟
بينما كنت خائفة جدًا، بدت الخادمة خائفة أيضًا. ثـم تلعثمت.
"حسنا، هذا... عادة ما تصدر القطط هذا الضجيج عندما تكون بمزاج جيد..."
عند هذه الكلمات، نظر إيساك بهدوء إلى الخادمة ثم حول نظرته نحوي. وكانت تلك العيون أكثر إثارة للخوف اليوم.
"هي لم تفـعل ذلك أمامي."
قال إسحاق وهو يمسكني من مؤخرة رقبتي ويرفعني.
"هل تشعرين بالسوء عندما تكونين معي؟"
"......."
"هل تكرهنينني؟"
إن قلتُ لا، كان جـوه يقول بأنه سوف بطعنني فقط. بدأت أرتجف وأجبرت نفسي على الخرخرة.
من أجل إرضاء إيساك، خرخرت و ابتسمت، وعندها فقط خفف تعبير إيساك قليلاً.
"دوروثي. هل هذا يعني أنها تحبني؟"
قال إيساك وهو يلتفت إلى الخادمة. أومأت هي أيضًا برأسها بتعبير متوتر للغاية.
"نعم نعم. إنها تحبكَ يا سيدي."
ابتسم إيساك بارتياح لهذه الكلمات. منذ لحظة فقط، كان يمسك بمؤخرة رقبتي، لكنه الآن كان يحملني بين ذراعيه.
"وماذا تفعل القطط أيضًا عندما تكون في مزاج جيد؟"
"أيضًا، لقد كانت.... تصغط بكفيها الأماميتين هكذا، كما لو كانت تقوم بالتدليك."
"ضغط."
نظر إيساك إلي ثم جلس على الأريكة ووضعني في حجره.
"حاولي الضغط علي."
علي أن أفعل أي شيء لأعيش....!
بدأت أعجن فخذي إيساك بشكل عاجل.
كان من الجيد أن عيون إيساك بدأت تضعف. قال الطفل وهو يمسح على رأسي بخفة.
"إنها تحبني."
"نيااا."
"ميا تحبني."
لـم أستطع النظر إلى هذا المنظر السعيد، أشـعر و كأنه سيقـتلني عندما ينتهِ ذلك....
بينما كنت أداعب قدمي الأمامية بلا توقف، رفعني إيساك. تحدث الطفل بنبرة هادئة.
"جيد. بما أنكِ فتاة جيدة، هل يجب أن نخرج وننظر حولنا؟"
واو، أنا أحب ذلك!
كان من المحبط البقاء في غرفتي طوال الوقت.... هذه المرة، بـعد أن أخـرج إيساك صوتًا صادقًا ثم خرج مع الخادمة
أنا متحمسة، أنا متحمسة.
وبينما كنت أبكي أصرخ عالٍ، لاحظت أن السجادة الموجودة على جانب الدرج كانت بارزة قليلاً.
إذا تحرك بشكل خاطئ، فسوف يسقط، أليس كذلك؟
وبينما كنت أفكر بذلك تعثرت الخادمة التي كانت تتبعني وتعثرت وسقطت.
وكان إيساك أمامها. هبطت الخادمة إيساك على الدرج.
أوه، أوتش!
دون أن أدرك ذلك، دفنت رأسي بين ذراعي إيساك. بعد سماع صوت تدحرج عالي على الأرض، بالكاد فتحت عيني.
حتى عندما كنت أتدحرج على الأرض، لم أتأذى بفضل إيساك الذي كان يحتضنني بقوة بين ذراعيه.
هل هو، هل هو بخير....؟
بينما كنت أموء وأتفقد الوضع، قفزت الخادمة من مكانها ونظرت إلي.
"س-سيدي. أنا آسفة حقًا....."
وبدلًا من الإجابة، رفع إيساك جسده وجلس على الأرض. ثم، بدلًا من النظر إلى نفسه، كان يتفقد كل جسدي.
"هل تأذيتِ في أي مكان؟ يا ميا."
"نياا."
وبينما كنت أموء بخفة، تنهد إيساك بارتياح، كما لو كان سعيدًا. ثم التفتت إلى الخادمة وقال:
"بما أن ميا لم تتأذى، سأعطيك عقوبة بسيطة فقط."
"....نعم، نعم يا سيدي."
"ثم دعونا نذهب للخارج، ميا."
حملني إيساك بين ذراعيه وغادر القصر ببطء. ما زلت أشعر بالارتباك.
كانت عيون إيساك لطيفة عندما فحص حالتي منذ لحظات فقط. ما زلت لا أستطيع أن أصدق الطريقة التي اعتنى بها بي قبل جسده.
هذا الطفل... هل هو حقًا الشرير القاسي الذي عرفته من اللعبة الأصلية؟
ومرة أخرى، أصبحت ذراعا الطفل دافئة، و حمـلني في صمت. دون أن أدرك ذلك، مسـحت رأسي على ذراع إيساك.
***
لقد مر أسبوعان بالفعل منذ مجيئي إلى هنا.
كنت مستلقية في السلة المقدمة لي، أنظر إلى ساقي. تم إزالة الضمادة بالأمس.
لقد شُفيت ساقي تمامًا، وأصبح من الأسهل الآن الهرب. المشكلة هي أنني لم أجد طريقة للهروب بعد.
كيف يمكنني الخروج من هذا؟ وبينما كنت أتنهد هكذا، انفتح الباب ودخل شخص ما.
هل جاءت دوروثي؟
نظرت للأعلى بإثارة، لكنها لم تكن دوروثي. عبست الخادمات في وجهي
"هاه، في كل مرة أرى تلك القطة، أشعر بأنني سيئة الحظ."
"هذا مـا أعنيه. لقد تأذت دوروثي بسبب تلك القطة."
عند سماع هذه الكلمات، شعرت بالاكتئاب وسقطت على الأرض. آخر مرة، بعد أن سقطت دوروثي على الدرج، زارها بعض سوء الحظ.
أشياء مثل كسر المرآة في غرفتها، أو الإصابة بسكين في المطبخ، أو أشياء من هذا القبيل... كثيرًا ما سمعت الناس يقولون أشياء لدوروثي.
"كل هذا بسبب تلك القطة السوداء. يقولون أن القطط السوداء تجلب سوء الحظ، أليس كذلك؟"
"هذا صحيح. تحدث مثل هذه الأشياء لأنكِ تظلين قريبة من تلك القطة."
في البداية قالت لا، ولكن مع تكرار الأحداث المؤسفة، أصبحت نظرتها نحوي أكثر برودة.
والآن لم تعد تتحـدث معي أو حتى تبتسم.
بعد عـلاجي و إطعامي، هي فقـط تغادر. شعرت بالحزن قليلاً لأنني شعرت بالبرودة التي شعرت بها في الشارع من خلال لمستها.
ومع ذلك، فإن موقفها لم يتغير مع مرور الوقت. بعد وقت قصير من سقـوطه على الدرج وإصابة نفسه، انكسر فنجان الشاي فجأة وجرح إيساك يده.
هل أنا حقا أحمل سوء الحظ؟ أخذت الفكرة أنفاسي، لكن تعبير إيسـاك كان هادئًا أثناء علاج الجرح.
ربت إيساك على رأسي بيده المغطاة بالضمادات وهمس لي بصوت منخفض:
"الناس في القصر يقولون أنكِ تجلبين سوء الحظ، لكنني لا أعتقد ذلك."
"......."
"أحب أن أكون معكِ. أنتِ حـظي."
ما الحظ؟ لقد كان شيئًا لم أسمع به من قبل. كان يتم إلقاء الحجارة والألفاظ البذيئة علي دائمًا قائلين إنني مشؤومة....
لقد كان الأمر مثيرًا للسخرية حقًا. أخطر كائن بالنسبة لي هو ألطف كائن بالنسبة لي. لو لم يكن إيساك شريرًا جدًا، لكنت بقيت هنا بشكل مريح.
استلقيت بسـكون، وتحملت هذا الندم. بينما كانت الخادمات ينظفن، نظرن إليّ و قُلن:
"عائلة سيئة الحظ تقوم بتربية قطة سوداء."
هذا غير عادل حقًا. لم أفعل شيئًا....
جاءت الخادمات نحوي وتعمدت ضربي بالمنافض.
"حتى لو فعلت هذا، فلن تهرب."
"لقد بدت هادئة. دعينا نـتركها و شـأنها و نكمل التنظيف."
"حسنًا. أشعر بالأسف عليها، فهي ستموت قريبًا على أي حال، لذا أعتقد أنه يمكنني تركها و شـأنها حتى ذلك الحين."
ماذا؟ ماذا تقصد بقولها أنني سأموت قريبًا؟
–ترجمة إسراء
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon