فتح سايمون عينيه ببطء، شعر بثقل غريب في رأسه وكأنه قد خرج للتو من حلم مشوش. نظر حوله، فوجد نفسه في غرفة مألوفة... لكنها لم تكن غرفته المعتادة. اعتدل في سريره، قلبه ينبض بسرعة، وهو يحاول استيعاب ما يراه.
"هذه... غرفتي القديمة؟" تمتم بصوت متحشرج، وهو ينهض ببطء. كل شيء بدا وكأنه عاد إلى الماضي، حتى رائحة المكان حملت ذكريات بعيدة دفنتها السنوات.
توجه بسرعة إلى الطاولة الصغيرة حيث كان يضع هاتفه دائمًا. أمسك به، تفقد التاريخ، وعيناه اتسعتا بصدمة: 1 يناير 2024.
وقف متجمدًا في مكانه، يداه ترتجفان قليلاً. "مستحيل... كنت في 2050، كيف عدت؟ هل هذا حلم؟ هل فقدت عقلي؟"
حاول أن يهدئ نفسه، لكنه شعر بأن كل شيء حقيقي، ملموس. "لا... لا يمكن أن يكون هذا وهمًا." أخذ نفسًا عميقًا واتجه إلى المطبخ لتحضير فطوره. ربما الطعام والروتين الصباحي سيساعدانه على استيعاب الأمور.
جلس أمام التلفاز، ضغط على زر التشغيل، فظهرت مقدمة الأخبار تقول بصوت هادئ:
"نتمنى أن يكون عام 2024 عامًا مليئًا بالسلام والنجاح للجميع."
سقطت الملعقة من يده، ووقف ببطء. "إذن... هذا حقيقي. لقد عدت بالزمن."
أخذ نفسًا عميقًا، ثم نظر حوله محاولًا التفكير بعقلانية. كان يعرف أن الذعر لن يساعده. "حسنًا، لنفكر في الأمر منطقيًا... كيف وصلت إلى هنا؟"
رن هاتفه فجأة، مما جعله ينتفض قليلًا. نظر إلى الرقم، كان مألوفًا جدًا. إنه نفس الاتصال الذي تلقاه قبل ستة وعشرين عامًا.
رفع الهاتف إلى أذنه، فجاءه الصوت الهادئ والمألوف:
"تعال إلى المقهى القريب من الحديقة، لدينا عمل نتحدث عنه."
تسارعت أنفاسه. "تمامًا كما حدث من قبل..." لم يستطع منع نفسه من الشعور بالقشعريرة.
أغلق الهاتف بسرعة، ثم ركض إلى غرفته، وبدأ يبحث عن بطاقة هويته ليتأكد من أن كل شيء كما كان. أمسك بها ونظر إليها:
الاسم: سايمون جوليان
اللقب: القاتل المجهول
العمر: 27 سنة
المهنة: مغتال محترف
توقفت عيناه عند الاسم الحقيقي المكتوب بخط صغير أسفل البيانات: محمد علي.
أغمض عينيه للحظة. لقد عاش حياتين مختلفتين، واحدة بصفته محمد علي، والأخرى كسايمون، القاتل الأشهر الذي لم يفشل في أي مهمة. والآن... هو هنا مجددًا، قبل كل شيء، قبل أن يحدث ما حدث، قبل أن يصبح هدفًا لجهات لا ترحم.
قرر ألا يضيع الوقت. ارتدى ملابس رياضية وخرج للركض. الهواء البارد لامس بشرته، وصوت خطواته المنتظمة على الرصيف أعاد إليه بعض الهدوء. "إذا كان هذا اختبارًا... فسأكون مستعدًا له."
بعد ساعة من الجري، عاد إلى منزله، أخذ حمامًا سريعًا، ثم استعد للقاء الشخص الذي كان يمنحه المهمات. كان يعرف مسبقًا كل كلمة سيقولها الرجل، كل حركة، كل تفصيل.
عند الساعة الثامنة، وصل إلى المقهى. جلس في ركن بعيد، يرتشف قهوته بهدوء، وعيناه تراقبان الداخلين والخارجين. بعد لحظات، دخل الرجل المعهود، بابتسامته الباردة المعتادة.
"آسف لجعلك تنتظر."
رفع سايمون نظره إليه، ابتسم بسخرية خفيفة وقال: "لا بأس، أخبرني، ما هي المهمة؟"
كان يعرف تمامًا الإجابة، لكنه أراد أن يسمعها مجددًا، وكأنه يتأكد من أن كل شيء يسير كما كان.
فتح الرجل الملف، ودفعه نحوه: "هدفك هذه المرة رجل أعمال كبير، هذه تفاصيله."
أخذ سايمون الملف، نظر إلى الصورة، ثم أغمض عينيه للحظة. "إذن، اللعبة بدأت مجددًا."
لم يكن يعرف كيف عاد، لكن شيئًا واحدًا كان واضحًا له...
هذه المرة، لن يكون مجرد بيدق في اللعبة.
أعاد سايمون الملف إلى الطاولة بعد أن قرأه بتمعن، ثم رفع نظره نحو جوناثان، وكيل المهمات، وسأله بنبرة هادئة:
"كم هي الجائزة؟"
ابتسم جوناثان بخبث وقال:
"بما أن الهدف شخصية بارزة، فسأكون كريمًا معك... مليون دولار. لكن تذكر، مع المكافآت الكبيرة تأتي المخاطر الأكبر. هذه المهمة حساسة جدًا، ولا مجال للخطأ. سمعة منظمتنا تعتمد عليك، فأنت القاتل رقم واحد لدينا."
أومأ سايمون برأسه، لم يكن المال ما يشغله الآن، بل تفاصيل المهمة. عرف أن كل عملية اغتيال لها تعقيداتها، لكن هذه المرة... كان يعلم مسبقًا كل شيء عنها. لقد نفذ هذه المهمة من قبل، وعرف العواقب التي ستليها.
التقط الملف مرة أخرى وتمعن في الصورة: "تشياو تشو شين"، رجل أعمال صيني، واحد من أقوى الشخصيات الاقتصادية في العالم. كان الهدف من اغتياله إضعاف نفوذه وإعادة توزيع القوى في السوق العالمية.
أغلق سايمون الملف ونظر إلى جوناثان قائلاً بصوت واثق:
"اعتبره ميتًا، اذهب واحفر قبره."
ضحك جوناثان وقال: "أعرف أنك لا تحب كثرة الكلام، بل تفضل الأفعال. حسنًا، حظًا موفقًا."
نهض سايمون من مقعده، ارتدى معطفه الأسود وقبعته الكبيرة، ثم غادر المقهى بخطوات هادئة وثابتة. لم يكن يرغب في جذب الانتباه، فهو يدرك جيدًا أن هناك دائمًا من يراقب في هذا العالم.
عاد سايمون إلى شقته، أضاء المصباح الخافت، ثم اتجه إلى الخزانة السرية التي تحتوي على معداته. فتحها، وبدأ في تجهيز حقيبته السوداء:
مسدس كاتم للصوت، معدّل خصيصًا ليكون سريع الاستجابة.
سكين قتالية، حادة بما يكفي لإنهاء حياة شخص بضربة واحدة.
قناصة بعيدة المدى، سلاحه المفضل. أمسك بها بلطف وهمس: "عزيزتي، كيف حالك؟" ثم قبّلها كما لو كانت شريكته في هذه المهمة.
بزة سوداء خاصة، تحتوي على طبقات خفيفة مضادة للرصاص.
نظارات الرؤية الليلية، لأنه يعلم أن الظلام صديقه في مثل هذه العمليات.
جلس على الكرسي، يتفحص كل قطعة من معداته بدقة. لقد نفذ هذه العملية من قبل، لكنه الآن يمتلك أفضلية لم تكن لديه في المرة السابقة... المعرفة المسبقة بكل شيء.
أغلق الحقيبة بإحكام، ثم أخرج هاتفه وحجز غرفة في فندق يطل مباشرة على الفندق الذي سيقيم فيه تشياو تشو شين. كانت هذه هي أفضل نقطة مراقبة ممكنة.
نظر إلى المرآة للحظة، ثم تمتم: "هذه المرة، أنا من يتحكم في مجريات الأمور."
على الجانب الآخر من العالم، في الصين، كان تشياو تشو شين يستعد للسفر إلى فرنسا. جلس في مكتبه الفخم، أمامه مجموعة من المستشارين ورجال الأمن.
نظر إلى سكرتيره وقال بلهجة صارمة:
"يجب أن نزيد عدد الحراس الشخصيين، هذه الصفقة أهم ما لدينا هذا العام، ولا يمكن أن نسمح بأي خطأ."
أومأ السكرتير برأسه وأجابه بسرعة:
"تم تأمين الفندق بالكامل، وهناك فريق أمني مدرب لحمايتك. كل شيء تحت السيطرة."
لكن الحقيقة أن لا شيء تحت السيطرة... لأن سايمون ينتظره.
في تلك اللحظة، كان سايمون قد وصل إلى غرفته في الفندق، فتح النافذة قليلاً، ووضع قناصته على الطاولة، ثم نظر من خلال المنظار نحو مدخل الفندق الآخر.
"حسنًا، لنرَ متى ستصل يا تشياو..."
جلس على السرير، مغلقًا عينيه للحظة، لكنه لم يكن مرتاحًا تمامًا. هذه المرة، الأمور مختلفة. لقد عاد بالزمن، وعليه أن يقرر...
هل سينفذ المهمة كما فعل سابقًا؟ أم سيغير الأحداث؟
سايمون يعلم أن كل خطوة سيتخذها قد تؤثر على المستقبل... لكن السؤال الأهم: هل هو مستعد لمواجهة العواقب؟
ظل سايمون جالسًا على حافة السرير، عيناه مثبتتان على منظار القناصة، يراقب مدخل الفندق حيث من المفترض أن يصل هدفه خلال الساعات القادمة. رغم هدوئه الظاهري، كان ذهنه يعج بالأفكار.
لقد عاش هذا السيناريو من قبل، كل خطوة، كل قرار، حتى أصغر التفاصيل محفورة في ذاكرته. لكنه الآن في وضع مختلف، فالمعرفة التي يمتلكها تمنحه تفوقًا لم يكن لديه في المرة الأولى. السؤال الذي يطارده: هل سيسير على نفس الخطى أم سيغير مجرى الأحداث؟
رفع القناصة إلى كتفه ونظر عبر المنظار، مستعرضًا المكان بدقة. كان كل شيء كما يتذكره، رجال الأمن في مواقعهم، الكاميرات موزعة بشكل استراتيجي، وسيارات مصفحة مصطفة أمام المدخل الرئيسي. في المرة السابقة، نجح في قتل تشياو تشو شين من مسافة بعيدة، لكنه بالكاد نجا من المطاردة التي أعقبت ذلك. الآن، لديه فرصة لتحسين خطته، لتجنب الأخطاء التي كادت تكلفه حياته.
أغلق الحقيبة، ونهض بهدوء. كان يعلم أنه لن يتمكن من تنفيذ العملية بنفس الطريقة القديمة دون المخاطرة بأن يتحول إلى مطارد بدلاً من مطارد. لا، هذه المرة عليه أن يكون أكثر دهاءً.
ارتدى ملابس أنيقة، ثم غادر غرفته متوجهًا إلى ردهة الفندق. جلس في ركن بعيد، يراقب الزبائن والمارة، يدرس وجوههم، لغة جسدهم. كان يبحث عن شخص محدد...
ثم رأى ما كان يبحث عنه.
رجل في منتصف الأربعينات، يرتدي بذلة سوداء، عيونه حادة، يمسك بهاتفه وهو يتحدث بجدية. كان ذلك هو قائد فريق الأمن الخاص بتشياو تشو شين، نفس الرجل الذي قاده نحو الفخ في المرة السابقة.
تنفس سايمون ببطء، ثم نهض متوجهًا نحو البار، حيث جلس الرجل. طلب كوبًا من القهوة، وانتظر اللحظة المناسبة. بعد بضع دقائق، أنهى الرجل مكالمته وألقى نظرة حوله، وكأنه يتأكد من خلو المكان من التهديدات.
حينها، تحدث سايمون بصوت منخفض لكنه مسموع:
"يجب أن تعيد النظر في خطتك الأمنية، هناك ثغرات واضحة."
التفت الرجل بسرعة، وعيناه تضيقان بريبة. "من أنت؟"
ابتسم سايمون ابتسامة خفيفة، ارتشف من قهوته وقال بهدوء: "شخص يريد أن يمنحك فرصة لتجنب كارثة."
كان يعرف أن الصياد الحقيقي لا يظهر دائمًا كأسد... بل أحيانًا، يتنكر في هيئة رجل عادي، يجلس على طاولة في ركن مظلم، ويبتسم بثقة.
هذه المرة، لم يكن سايمون مجرد قاتل ينفذ مهمة...
بل كان لاعبًا يغير قواعد اللعبة.
كان الوقت قد اقترب. سايمون كان يراقب كل شيء بعينين ثابتتين، غير مكترثين لمن حوله. ببطء، بدأ في بناء صورة ذهنية دقيقة لخطواته التالية. كان يعرف أن الخطة التي أعدها لن تكون بسيطة. لم يكن يريد أن يصبح مجرد قاتل عادي، بل كان يسعى لجعل كل لحظة من هذه العملية استثنائية، بحيث لا يتوقع أحد أن تكون النهاية كما ستكون.
نظر حوله، ليتأكد من عدم وجود أي شيء خارج عن المألوف في محيطه. الحانة كانت هادئة، والضوء الخافت يعكس صورة مغرية على الزجاج. كان المكان مثاليًا للتركيز، حتى لو كانت المهمة قد بدت عادية في البداية. لكن سايمون لم يثق في فكرة "الطبيعي". بل كان يعلم أن كل ما كان يبدو عاديًا قد يخفي وراءه العواقب غير المرئية.
في ذهنه، كان قد رسم خطوات العملية بدقة. لكن لم تكن المسألة مسألة "قتل" فقط. كانت مسألة التلاعب في العقول، توريط الأعداء في شبكاتهم الخاصة، وحرف الأنظار عن الأهداف الحقيقية. لهذا كان يخطط لاغتيال غير تقليدي... متقن جدًا لدرجة أنه قد يترك وراءه شعورًا بالمستحيل.
نظره تركز على الرجل الذي كان يراقبه منذ لحظات. كان قائد الأمن الخاص بتشياو، وسيكون العامل الأساسي في تنفيذ خطته. الرجل كان مبتسمًا الآن بعد المكالمة الهاتفية، لكنه لم يكن يعلم أن وجهته القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت.
نهض سايمون، خطواته هادئة، وعيناه تراقبان كل شيء من حوله. توجه نحو الحمام، وعيناه على ساعة اليد. خمس دقائق فقط. في الوقت نفسه، كان قد حدد موقعًا معينًا للمغادرة، مكانًا كان يعرفه جيدًا من خلال دراسته التفصيلية للمكان.
في تلك اللحظة، بدأ الرجل الذي كان يراقبه يتجه نحو المدخل، وقبل أن يدخل، لمح سايمون أحد موظفي الفندق يسير باتجاهه. كانت الفرصة المثالية. أدخل يده في جيب معطفه الأسود، وخرج بعنصر أساسي: جهاز إرسال صغير، كان قد أعده خصيصًا لهذه اللحظة.
بينما كان الرجل ينشغل بدخول المدخل، أرسل سايمون إشارة إلى أجهزة الرصد في الفندق، مما أدى إلى تفعيل العديد من الإنذارات المزيفة، مما جعل الأمن في حالة تأهب قصوى، وجعل قائد الفريق يندفع مباشرة إلى منطقة المراقبة، حيث ينتظره فريق الأمن.
كانت الفكرة هي أن يتم تفعيل كل أجهزة الأمن في الوقت نفسه، مما يجعل جميع الحراس في حالة من الارتباك، بحيث يفقدون السيطرة على المناطق الحيوية. لكن سايمون لم يقتصر على ذلك. فقد أرسل رسالة على هاتفه المحمول، نصها بسيط ولكنه مقلق: "الوضع مهدد، يجب تأمين الطريق رقم 3". كان ذلك كافيًا ليشوش تفكير الجميع في الفندق، ويخلق الفوضى التي سيسهل له من خلالها الوصول إلى هدفه.
سايمون عاد بهدوء إلى مكانه، وجلس في ركن بعيد، حيث كانت هناك نافذة تطل على المسار الذي سيسلكه تشياو. نظر عبر المنظار، حيث كان الهدف يتوجه الآن نحو المصعد، متوجهاً إلى غرفته، وسط الفوضى التي أحدثها سايمون. كانت تلك هي اللحظة الحاسمة.
لكن ما يميز خطة سايمون هو عدم اعتماده على الأسلحة فقط. كانت المعرفة التي يملكها عن كل شيء في الفندق، عن كل شخص، هي التي ستمنحه التفوق. كان قد دفع مبالغ ضخمة للحصول على معلومات دقيقة عن خطط السفر، والأشخاص المرافقين، والأماكن التي سيزورونها. وكل هذه التفاصيل كانت ستساعده في تحديد اللحظة المثالية.
لكن سايمون لم يكن يخطط لتنفيذ الاغتيال بهذه السهولة. كانت المفاجأة الكبرى في مكان آخر.
بينما كانت تشياو يتجه نحو غرفته، كان سايمون يراقب من بعيد، وقد تأكد من أن جميع الحراس قد ابتعدوا عن الموقع. عند تلك اللحظة، ابتسم سايمون بخبث. كان قد قرر أنه ليس من الحكمة أن يقتل تشياو في تلك اللحظة. لأنه كان يعلم أن القاتل الذي يعمل بشكل واضح يترك دائمًا وراءه آثارًا، لكنه في هذه الحالة، كان يريد أن يبقي الأمور غامضة، حتى لحظة النهاية.
أمسك بالهاتف، وأرسل رسالة قصيرة لرجل الأعمال عبر قناة مشفرة. نص الرسالة كان غامضًا للغاية: "أنت في خطر، لا تذهب إلى غرفتك، أمنك مهدد."
في غضون ثوانٍ، تلقى سايمون إشارة حيوية عبر جهاز الإرسال، تؤكد أن الهدف قرر تغيير مساره. تمامًا كما خطط.
في تلك اللحظة، كان سايمون قد وضع خطته في مكانها. تشياو خرج من المصعد، وبدلاً من التوجه إلى غرفته، اتجه إلى الطابق السابع. وبهذا، كان قد وقع في فخ سايمون، الذي كان قد أعد له المصيدة بعناية.
ما لم يعلمه تشياو هو أن الطابق السابع كان يحتوي على نفق ضيق، يؤدي مباشرة إلى غرفة مراقبة لم يتوقعها أبدًا. دخل رجل الأعمال، مستشعرًا الخطر، ولكنه دخل إلى المكان المظلم. وقبل أن يلتفت، كان صوت بندقية القنص قد أوقف قلبه.
وفي اللحظة الأخيرة، وبينما كان يذبل على الأرض، همس سايمون لنفسه:
"هذه المرة... لم تكن مجرد عملية اغتيال. كانت درسًا."
ونظر بعينين خاليتين من أي تعبير، متأكدًا أن لعبته قد انتهت، وخرج من المكان بهدوء، تاركًا وراءه إرثًا جديدًا من الذكاء والتخطيط الدقيق.
ظل سايمون جالسًا على حافة السرير، عيناه مثبتتان على منظار القناصة، يراقب مدخل الفندق حيث من المفترض أن يصل هدفه خلال الساعات القادمة. رغم هدوئه الظاهري، كان ذهنه يعج بالأفكار.
لقد عاش هذا السيناريو من قبل، كل خطوة، كل قرار، حتى أصغر التفاصيل محفورة في ذاكرته. لكنه الآن في وضع مختلف، فالمعرفة التي يمتلكها تمنحه تفوقًا لم يكن لديه في المرة الأولى. السؤال الذي يطارده: هل سيسير على نفس الخطى أم سيغير مجرى الأحداث؟
رفع القناصة إلى كتفه ونظر عبر المنظار، مستعرضًا المكان بدقة. كان كل شيء كما يتذكره، رجال الأمن في مواقعهم، الكاميرات موزعة بشكل استراتيجي، وسيارات مصفحة مصطفة أمام المدخل الرئيسي. في المرة السابقة، نجح في قتل تشياو تشو شين من مسافة بعيدة، لكنه بالكاد نجا من المطاردة التي أعقبت ذلك. الآن، لديه فرصة لتحسين خطته، لتجنب الأخطاء التي كادت تكلفه حياته.
أغلق الحقيبة، ونهض بهدوء. كان يعلم أنه لن يتمكن من تنفيذ العملية بنفس الطريقة القديمة دون المخاطرة بأن يتحول إلى مطارد بدلاً من مطارد. لا، هذه المرة عليه أن يكون أكثر دهاءً.
لم يكن القتل كافيًا... هذه المرة، أراد أن يغير القواعد تمامًا.
اللعب بالعقول بدلًا من الرصاص
ارتدى ملابس أنيقة، ثم غادر غرفته متوجهًا إلى ردهة الفندق. جلس في ركن بعيد، يراقب الزبائن والمارة، يدرس وجوههم، لغة جسدهم. كان يبحث عن شخص محدد...
ثم رآه.
رجل في منتصف الأربعينات، يرتدي بذلة سوداء، عيونه حادة، يمسك بهاتفه وهو يتحدث بجدية. كان ذلك هو ليانغ وي، قائد فريق الأمن الخاص بتشياو، ونفس الرجل الذي قاده نحو الفخ في المرة السابقة.
تنفس سايمون ببطء، ثم نهض متوجهًا نحو البار، حيث جلس ليانغ. طلب كوبًا من القهوة، وانتظر اللحظة المناسبة. بعد بضع دقائق، أنهى الرجل مكالمته وألقى نظرة حوله، وكأنه يتأكد من خلو المكان من التهديدات.
عندها، تحدث سايمون بصوت منخفض لكنه مسموع:
"يجب أن تعيد النظر في خطتك الأمنية. هناك ثغرات واضحة."
التفت ليانغ بسرعة، وعيناه تضيقان بريبة. "من أنت؟"
ابتسم سايمون ابتسامة خفيفة، ارتشف من قهوته وقال بهدوء: "شخص يريد أن يمنحك فرصة لتجنب كارثة."
لم يكن ليانغ من النوع الذي ينخدع بسهولة، لكن التحذير المفاجئ جعله في حالة ارتياب. قبل أن يتمكن من الرد، نهض سايمون وقال بهدوء:
"أنت تعرف أنني على حق. راقب المدخل الخلفي، وسترى ما أعنيه."
ثم غادر، تاركًا الرجل غارقًا في الشك.
اللعبة تبدأ... لكن من يلعب بمن؟
عاد سايمون إلى غرفته، وفتح جهاز الكمبيوتر الخاص به. خلال الأيام الماضية، تمكن من اختراق بعض الأنظمة الأمنية للفندق، وحصل على صور من الكاميرات المخفية. لكنه لم يكن الوحيد الذي يراقب...
وجد شيئًا غريبًا.
كاميرات الفندق سجلت وصول تشياو تشو شين منذ ساعة، لكن هناك تفصيل صغير لم يكن منطقيًا...
كان هناك اثنان منه.
شخصان يرتديان نفس الملابس، يتحركان بنفس الطريقة، لكن أحدهما دخل من المدخل الأمامي، والآخر من الخلف.
بديل.
سايمون عقد حاجبيه. تشياو لم يكن غبيًا، وكان قد استخدم هذه الخدعة من قبل، لكن كيف عرف هذه المرة أنه سيكون هناك تهديد؟
أمسك هاتفه، وأرسل رسالة مشفرة:
"هل أنت متأكد أنك قتلت الرجل الصحيح؟"
بعد لحظات، جاء الرد:
"هل أنت متأكد أنك استهدفت الرجل الصحيح؟"
شعر سايمون ببرودة في جسده. شخص ما كان يعرف ما يخطط له. بل كان يلعب معه نفس اللعبة.
نظر عبر منظاره، متتبعًا تحركات البديل. الرجل دخل إلى المصعد، متوجهًا إلى الطابق العلوي. كان من المستحيل معرفة أيهما الحقيقي.
لكن سايمون لم يكن ساذجًا بما يكفي ليفترض أن هذا مجرد حظ سيئ.
كان هذا فخًا محكمًا.
إذا كان القاتل يخطط للضحية... فماذا لو كانت الضحية هي من خططت لقتل القاتل؟
ضربة غير متوقعة
سايمون قرر التراجع خطوة إلى الخلف. بدلًا من القتل المباشر، أراد أن يجبر تشياو على الكشف عن نفسه.
أرسل رسالة أخرى عبر قناة مشفرة:
"أنت في خطر، لا تذهب إلى غرفتك. أمنك مهدد."
انتظر.
بعد دقائق، التقطت الكاميرات الأمنية شيئًا مثيرًا للاهتمام.
الشخص الذي من المفترض أنه تشياو الحقيقي لم يذهب إلى غرفته... بل خرج من الفندق، يرافقه حارس واحد فقط.
سايمون ابتسم ببطء. لقد عرف الحقيقة الآن.
تشياو لم يكن في الفندق أبدًا.
لقد استخدم البدلاء ليبقى مختفيًا، لكنه لم يكن مستعدًا لمستوى آخر من الخداع.
أمسك سايمون ببندقيته، وخرج بهدوء من الفندق، متجهًا إلى الزقاق الخلفي، حيث كان يعرف أن تشياو الحقيقي سيظهر أخيرًا...
هذه المرة، لم يكن الهدف هو القتل.
بل كان كشف اللعبة بالكامل.
في لحظة معينة، وبينما كان سايمون يراقب من بعيد، همس لنفسه:
"هذه المرة... لم تكن مجرد عملية اغتيال. كانت درسًا."
لكنه لم يكن متأكدًا بعد من الذي سيخرج منتصرًا.
لأنه عندما تلعب الشطرنج مع شخص يملك نفس ذكائك...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon