شعرت “روز” بأشعة الشمس الدافئة تلامس وجهها، فأغمضت عينيها بإحكام وانقلبت على السرير وهي تهمس بتذمر:
“آه… الشمس مشرقة جدًا… لماذا أشعر بهذا الصداع؟”
قبل أن تستوعب مكانها، قاطع أفكارها صوت طرقات خفيفة على الباب، تبعها صوت أنثوي هادئ:
“آنستي، هل استيقظتِ؟ آنسة روز؟”
فتحت روز عينيها ببطء، فوجدت أمامها غرفة فاخرة لم ترَ مثلها من قبل—جدران مزخرفة، ستائر حريرية، وأثاث فاخر يوحي بأنها ليست في منزلها. جلست بسرعة، ووضعت يدها على رأسها تحاول استيعاب الموقف، ثم توجهت بأنظارها نحو الفتاة التي وقفت عند الباب ترتدي زيّ خادمة كلاسيكي.
“ما الذي… مَن أنتِ؟ وأين أنا؟” سألت روز بدهشة.
نظرت الخادمة إليها باستغراب، ثم ابتسمت قائلة:
“آنستي، يجب أن تستعدّي. اليوم هو أول يوم لكِ في الأكاديمية الملكية، كما أنه يومكِ الأول بصفتك ابنة الدوق.”
اتسعت عينا روز، واستدارت تنظر حولها مرة أخرى. قلبها كان يخفق بسرعة، ولم تستطع منع نفسها من التفكير:
“ماذا…؟ أنا في قصر؟ لكن آخر ما أذكره أنني كنت عائدة إلى المنزل، كنت مرهقة… ثم ظهرت شاحنة كبيرة أمامي… وبعدها—”
تجمدت في مكانها، ثم شهقت بفزع:
“لاااااا! هل يعقل أنني… سافرت عبر الزمن؟!”
لكن، بدلًا من الذعر، لمعت عيناها بحماس، وقفزت من سريرها بسعادة:
“ياللروعة! هذه حياة مشوقة، يجب أن أعيشها بكل تفاصيلها!”
ابتسمت الخادمة بتوتر وقالت: “آنستي… يجب أن تستعدي.”
تنهدت روز قائلة: “حسنًا حسنًا، على الأقل اسمي ما زال روز، وإلا كان التأقلم أصعب.”
بعد تجهيزها، قادتها الخادمة إلى قاعة الطعام، حيث كان ينتظرها شخصان يتمتعان بهيبة ملكية—الدوق والدوقة. أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تلقي التحية:
“صباح الخير… أمي، أبي؟”
ابتسمت الدوقة بحرارة وقالت: “أهلًا بكِ، تفضّلي.”
جلست روز إلى الطاولة، وما إن وضعت أول لقمة في فمها حتى اتسعت عيناها بدهشة:
“أوه… الطعام هنا شهي جدًا!”
بداخلها، كانت تخطط لمستقبلها الجديد: “حسنًا، بما أنني هنا، يجب أن أعيش حياة مليئة بالمغامرات!”
الأكاديمية الملكية
وقفت روز أمام بوابة الأكاديمية، تحدّق بالمبنى الضخم ذي الأعمدة المزخرفة والنوافذ العالية. كانت الأجواء تعجّ بالحركة، الطلاب يتحدثون بحماس، وأصوات الضحكات تتعالى هنا وهناك.
“وااااااو! إنها ضخمة جدًا! هذا رائع!”
فجأة، تعالت صرخات الفتيات من حولها:
“آآآآآه! إنه ولي العهد!”
توقفت روز عن التأمل وحدّقت بالمشهد أمامها، حيث ظهر شاب وسيم ذو حضور مهيب، يسير وسط الحشود دون أن يُلقي بالًا للصرخات المتحمسة من حوله.
“ما كل هذا الإزعاج؟” تمتمت روز وهي تتنهد، “لا يهم… أهم شيء أن أستمتع بوقتي هنا.”
على الجانب الآخر، كان ولي العهد “وليام” يسير بخطوات واثقة لكنه بدا غير مكترث، متمتمًا بملل: “ممل… تمامًا مثل كل يوم.”
في تلك اللحظة، وبينما كانت روز تتقدم وسط الطلاب، اصطدمت بشخص ما بقوة. تراجعت للخلف وهي تمسك رأسها بألم:
“آه! ألا ترى أمامك؟!”
نظر إليها وليام ببرود، لكنه لم يعلّق. في رأسه، لم يكن يفكر سوى بجملة واحدة قالها له جده قبل ساعات:
“وليام، إن لم تجد لنفسك خطيبة قبل حفل بلوغك سن الرشد، فلن أعطيك الترياق لعلاج لعنتك.”
تنهد بضيق وهو يشيح بوجهه عن روز: “ياله من يوم سيء…”
لكن روز لم يعجبها تجاهله، فوضعت يديها على خصرها وقالت بحدة:
“مهلًا، ألا ترى أمامك؟ هل أنت أعمى؟!”
رفع وليام حاجبه ببرود وقال بصوت هادئ لكنه حاد: “ألا تعلمين مع من تتحدثين؟”
ضحكت روز بسخرية: “وكأن ذلك يهمني، اعتذر لي فورًا!”
لكن وليام تجاهلها تمامًا ونادى على صديقه مايكل: “لنذهب.”
تجمدت روز في مكانها وهي تحدق به بصدمة: “يا له من شخص وقح! لكن… لا بأس، لن أفسد مزاجي بسببه.”
في تلك اللحظة، تعالت ضحكة قريبة. التفتت روز لترى فتاة ذات شعر كستنائي وعينين عسليتين، تنظر إليها بابتسامة ماكرة:
“آه، آسفة، لم أتمالك نفسي. أنا أليكس، سررت بلقائكِ.”
نظرت روز إليها للحظة، ثم زفرت بضيق: “أنا روز، سررت بمعرفتك أيضًا… فقط، لم أكن أتوقع أن أبدأ يومي الأول بمواجهة شخص مزعج.”
“حسنًا، لنذهب قبل أن نتأخر.”
دخلا القاعة سويًا، لكن ما إن وقعت عيناها على أحد المقاعد حتى شهقت بصدمة:
“ماذاااا؟! إنه في نفس قاعتي؟!”
نظر إليها المعلم باستغراب وقال: “روز، أليكس، لماذا تأخرتما؟ حسنًا، بما أنه أول يوم، لن أعاقبكما. أليكس، اجلسي هناك بجانب مايكل.”
أومأت أليكس وجلست، بينما سألت روز بتوتر: “وماذا عني؟”
تصفح المعلم لائحة الأسماء، ثم قال ببطء: “أوه… لا يوجد مكان شاغر. لحظة، اجلسي هناك، بجانب فيلكس و—” توقف قليلًا قبل أن يضيف: ”—وليام.”
تصلبت روز مكانها، ثم تمتمت بصدمة: “ماذا؟ لا أريد الجلوس هناك!”
تعالت همسات الفتيات حولها: “إنها لا تعرف من هو وليام؟! كيف تجرؤ على الجلوس بجانب فيلكس؟!”
قبل أن تعترض أكثر، أمسك فيلكس بمعصمها وسحبها برفق قائلاً بابتسامة غامضة: “اجلسي هنا، لا جدوى من العناد.”
همست روز بانزعاج وهي تسحب يدها: “لماذا سحبتني؟ لا أريد الجلوس بجانبه!”
ضحك فيلكس وقال بخفّة: “أوه، إذًا هناك من يكره وليام مثلي.”
رفع وليام عينيه ببرود قائلاً: “اصمتا، أنتما تزعجانني.”
ضحكت أليكس من بعيد وقالت لمايكل: “يبدو أن روز تنتظرها أيام ممتعة جدًا.”
مايكل ابتسم قائلاً: “ونفس الشيء ينطبق على وليام.”
رنّ جرس انتهاء الحصة، ليُطلق الطلاب زفرات الراحة بعد درس طويل.
روز دفعت كتابها بتململ، وأسندت رأسها على الطاولة قائلة بامتعاض:
“لقد كان أسوأ درس في حياتي.”
ظهر شاب بشعر فضي وابتسامة واثقة، استند على الطاولة وهو ينظر إليها بمكر:
“مرحبًا، أنا فيلكس. أعلم أنكِ لا تصدقين أني أكلمك، لكن كما تعلمين، أنا أكثر شخص شهرة هنا.”
تجاهلته روز تمامًا، كأنه مجرد هواء، ثم التفتت إلى أليكس:
“أوه، أليكس، ماذا تفعلين؟”
تعالت الهمسات بين الفتيات في الخلف:
“لقد تجاهلت فيلكس! هل تعتقد أنها رائعة؟”
ضحكت أليكس وهي ترفع حاجبها بمكر:
“كيف كان الدرس يا روز؟ أوه، عذرًا، أقصد كيف كان شعورك وأنتِ تجلسين بجوار شخص تكرهينه؟”
روز ضربت الطاولة بحدة:
“حتى أنتِ يا أليكس؟! كم أنا غاضبة!”
ضحكت أليكس ورفعت يديها مستسلمة:
“آسفة آسفة! أوه، صحيح، هناك شخص أريد أن أعرّفكِ عليه.” استدارت إلى الخلف ونادت: “مايكل، تعال إلى هنا!”
تقدم شاب ذو شعر بني وعينين رماديتين، ابتسم بلطف وهو يقول:
“مرحبًا، روز. سررت بلقائكِ.”
روز شهقت بصدمة:
“هاااااااا! أنت—!”
لكن قبل أن تكمل، قاطعها صوت مألوف:
“مايكل، مالذي تفعله مع هذه المزعجة؟”
التفتت روز لترى وليام ينظر إليهما بازدراء.
رفع مايكل حاجبه باستغراب وسأل:
“هل تعرفان بعضكما؟”
روز أشارت إلى وليام بحدة:
“أيها الأحمق، أنت من أسقطني أولًا، لذا عليك أن تعتذر الآن!”
وليام تجاهلها تمامًا وحدّق بمايكل بملل:
“هل تعلم ماذا فعل جدي اليوم؟”
مايكل زفر قائلاً:
“ماذا فعل الآن؟”
روز لوّحت بيدها أمام وجه وليام:
“لماذا تتجاهلني مرة أخرى؟!”
وليام نظر إليها ببرود وقال:
“لماذا تتبعينني دائمًا؟”
روز وضعت يديها على خصرها وقالت بغضب:
“حقًا؟! أنت من أسأت إليّ أولًا!”
وليام ضيّق عينيه وقال:
“أنتِ لا تعلمين من أنا.”
روز ابتسمت بسخرية وردّت:
“كم مرة أخبرتك أن ذلك لا يهم؟”
مايكل أطلق تنهيدة طويلة وهو يمسد جبينه:
“تبا، أنتما مزعجان.”
على الجانب الآخر، كانت أليكس تتحدث مع مايكل دون اهتمام بالمشهد الفوضوي أمامها:
“بالمناسبة، لم أفهم هذا الجزء من الدرس، هل يمكنك شرحه لي؟”
مايكل ابتسم قائلاً:
“بالطبع، لكن لنذهب إلى المكتبة، المكان هنا صاخب.”
أليكس أومأت بحماس:
“فكرة رائعة!”
وبينما كانا يغادران، اقترح مايكل:
“ما رأيكِ أن ندعو روز ووليام؟”
أليكس توقفت للحظة، ثم قطّبت حاجبيها وقالت بجدية:
“كلا، لا لا! إنهما مزعجان جدًا.”
ضحك مايكل وأومأ موافقًا:
“أظن أنكِ على حق.”
مشهد المواجهة
تعالت الصيحات فجأة في الساحة، حيث وقف فيلكس بجوار وليام، وكأنهما مشهد من لوحة فنية.
“إنهما وسيمان جدًا!”
فيلكس لوّح بيده لروز وقال بابتسامة ساحرة:
“مرحبًا، روز. أنا فيلكس. أوه، ومن هنا؟ آه، إنه وليام. مرحبًا أيها البارد.”
وليام زفر بضيق وقال:
“تبا، والآن اجتمع المزعجون… كيف سأهرب من هنا؟ هذا كله بسبب مشاكلكِ، روز!”
روز رفعت حاجبها باستنكار:
“ماذا تقصد؟ لم تعتذر لي بعد!”
فيلكس شبك ذراعيه وهو ينظر بينهما باستمتاع:
“يبدو أن هناك مشكلة بينكما.”
وفي الجهة الأخرى، كانت فتاتان تراقبان المشهد بحقد مكبوت.
سيلينا همست لإميليا:
“تلك الفتاة تدعى روز، إنها ابنة الدوق وتجلس بجوار وليام وفيلكس.”
إميليا عضّت شفتيها بغضب وهمست:
“هي من تجاوزت حدودها أولًا… سأجعلها تدفع الثمن.”
ثم تقدمت بخطوات واثقة نحوهم وقالت بصوت ناعم:
“صباح الخير، سيدي وليام، وسيدي فيلكس.”
تعالت همسات الفتيات من حولهم:
“إنها الآنسة إميليا! رائعة جدًا!”
وليام، الذي رأى الفرصة سانحة، استدار ليهرب قائلاً في نفسه:
“عظيم، يمكنني استغلال هذا والانصراف.” لكنه فجأة توقف، متأففًا: “مهلًا… أين مايكل عندما أحتاجه؟!”
إميليا لاحظت محاولته للهروب، فتقدمت نحوه قائلة بابتسامة ساحرة:
“إلى أين تذهب، سيدي وليام؟”
روز ابتسمت بمكر وقالت:
“أوه، إنه يحاول الهرب، أليس كذلك يا وليام؟”
فيلكس ضحك بخفّة وقال لوليام:
“يبدو أنك في مأزق، يا صديقي.” ثم استدار إلى روز وقال: “بالمناسبة، أنتِ صديقتي الآن.”
روز نظرت إليه بازدراء:
“من قال إنني صديقتك؟”
وليام زفر بضيق وهو يغمض عينيه:
“حسنًا، اعتذر… والآن، اذهبي، لقد أزعجتِني كفاية.”
فيلكس قهقه وقال:
“هذا أسرع اعتذار سمعته في حياتي!”
(في قصر روز)
دخلت روز غرفتها ورمت نفسها على السرير بتعب:
“وأخيرًا، عدت إلى منزلي! لقد كان يومًا سيئًا.”
لكن قبل أن تسترخي، طرقت والدتها الباب قائلة:
“روز، هناك شيء يجب أن نخبركِ به، أنا ووالدكِ.”
(في قصر وليام)
كان وليام في غرفته عندما طرق الباب.
كيرال، كبير الخدم، انحنى باحترام قائلاً:
“سيدي، جدك يطلب رؤيتك.”
وليام زفر بملل وقال:
“ماذا يريد بعد يوم مزعج كهذا؟”
دخل إلى مكتب جده، فوجده جالسًا بهيبة خلف طاولته الضخمة.
“ها قد أتيت، يا حفيدي العزيز.”
وليام عقد ذراعيه وقال ببرود:
“قل ما لديك بسرعة، فأنا غاضب.”
ابتسم الجد ابتسامة غامضة وقال:
“غاضب؟ حسنًا… هناك أمر مهم يجب أن أخبرك به.”
الفصل الثالث: ارتباط غير متوقع
عادت روز إلى قصرها بعد يوم طويل ومرهق، ألقت بنفسها على سريرها بأنفاس متثاقلة، وهي تفكر في كل الأحداث الغريبة التي مرت بها منذ الصباح. بالكاد أغمضت عينيها للحظات حتى سمعت صوت طرقات خفيفة على الباب.
“دق… دق…”
تنهدت بضيق قبل أن تقول بصوت مرتفع: “ادخل.”
فتح الباب ببطء، لتجد والديها – الدوق والدوقة – يقفان عند العتبة بوجوه جادة. نظرت إليهما روز باستغراب، شعور غريب بدأ يتسلل إلى قلبها، وكأن هناك شيئًا ما سيغير حياتها.
“ما بالكم تنظران إليّ هكذا؟” سألت وهي تعتدل في جلستها.
نظرت والدتها نحو والدها، وكأنها تترك له مهمة الحديث، فزفر الأخير بضيق قبل أن يقول: “روز، لدينا أمر مهم نريد إخبارك به.”
رفعت حاجبها بقلق، قبل أن ترد: “أمر مهم؟ ما هو؟”
تقدمت والدتها وجلست بجانبها، ممسكة بيدها برفق، بينما قال والدها بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة حزم: “لقد رتبنا لكِ خطوبة.”
اتسعت عينا روز بصدمة، شعرت للحظة وكأن العالم من حولها تجمد. “مـ… ماذا؟!”
تابع والدها، متجاهلًا تعبير الصدمة على وجهها: “الأمر تقرر منذ فترة طويلة، لكن حان الوقت لتنفيذه. خطيبك هو ولي العهد، الأمير وليام.”
ازدادت صدمتها، ولم تستطع أن تمنع نفسها من الصراخ: “ولي العهد؟! هل تمزح معي؟!”
حاولت والدتها تهدئتها: “روز، أعلم أن هذا مفاجئ، لكنه لمصلحتك. هذا الزواج سيعزز مكانتك في المملكة، كما أنه—”
نهضت روز من السرير بغضب، مقاطعة كلام والدتها: “لا يهمني أي شيء من هذا! أنا لن أتزوج شخصًا لا أعرفه حتى!”
لكن رغم احتجاجاتها، لم يكن هناك مجال للرفض.
⸻
في القصر الملكي…
في تلك اللحظة، كان وليام قد عاد إلى قصره بعد يوم طويل، لكنه بالكاد دخل غرفته حتى جاءه كبير الخدم كيرال، وانحنى باحترام قائلاً: “سيدي، جلالة الملك يطلب رؤيتك على الفور.”
تأفف وليام وهو يفك أزرار معطفه، قبل أن يرميه على المقعد القريب. “جدي؟ ماذا يريد الآن؟”
“لا أعلم، لكنه قال إن الأمر لا يحتمل التأجيل.”
أطلق وليام زفرة طويلة قبل أن يرد ببرود: “حسنًا، سأذهب.”
⸻
في قاعة الاجتماعات الملكية، كان الملك يجلس على كرسيه الفخم، ينظر إلى حفيده بنظرة جادة. بمجرد أن دخل وليام، رفع الملك حاجبه وقال بلا مقدمات: “تم تحديد موعد خطوبتك.”
تجمد وليام في مكانه للحظة، ثم انفجر ساخرًا: “خطوبتي؟ لا بد أنك تمزح.”
“لست أمزح، وليام. حان الوقت لتتحمل مسؤولياتك كولي عهد.”
شد وليام قبضته محاولًا ضبط أعصابه. “ومن هي هذه الفتاة التعيسة التي قررت ربطها بي؟”
ابتسم الملك ابتسامة خفيفة وقال: “إنها روز، ابنة الدوق.”
ارتفع حاجباه ببطء، الاسم بدا مألوفًا له لكنه لم يعبأ كثيرًا. زواج سياسي آخر، شأن لا يثير اهتمامه. لكنه رغم ذلك، لم يستطع منع نفسه من الشعور بالضيق.
“ومتى يُفترض أن أقابلها؟” سأله ببرود.
أجابه الملك بهدوء، بينما يحتسي كوب الشاي أمامه: “غدًا صباحًا، في الحديقة الملكية.”
⸻
في الحديقة الملكية…
في صباح اليوم التالي،الفصل الثالث: اللقاء غير المتوقع
كانت روز تمشي في الحديقة الملكية، غارقة في أفكارها، تحاول استيعاب ما أخبرها به والداها قبل قليل. خطوبة؟ زواج؟ كيف يمكن لهما اتخاذ مثل هذا القرار المصيري دون حتى أن يسألاها عن رأيها؟!
زفرت بضيق، تراقب الأزهار المتفتحة حولها في محاولة لتهدئة نفسها، لكن الغضب لم يهدأ بداخلها. رفعت رأسها قليلًا دون أن تنتبه للطريق—
اصطدمت بشخص ما.
شعرت بجسد صلب يصدمها بقوة، مما جعلها تتراجع خطوة للخلف. رفعت نظرها بسرعة، مستعدة لتوبيخ هذا الشخص، لكن ما إن التقت عيناها بالعينين الرماديتين المألوفتين حتى تجمدت ملامحها، قبل أن تصرخ بغضب:
“أنت!!”
أما الشاب الذي وقف أمامها، فقد رفع يده إلى صدغه وكأنه يعاني من صداع مفاجئ، وزفر بضيق قبل أن يتمتم بسخط:
“تبا… عادت من جديد.”
ثم نظر إليها بحدة وقال بصوت جاف:
“هل أتبعتني إلى هنا أيضًا؟”
قطبت روز جبينها، وعقدت ذراعيها أمام صدرها قبل أن ترد بحدة:
“وكأن أمرك يهمني! أنا هنا لألتقي بشخص ما، لا علاقة لك به!”
تبادلا نظرات مليئة بالتحدي، الغضب واضح في ملامح كل منهما. أدار وليام رأسه بعيدًا، وكأنه يحاول التظاهر بعدم اهتمامه، بينما زفرت روز وجلست على أحد المقاعد القريبة، تتمتم بانزعاج:
“لماذا يجبرونني على شيء لا أريده؟”
سمع وليام كلماتها، فالتفت إليها ببطء، ثم جلس بجوارها رغمًا عنه، متمتمًا:
“يبدو أنك مثلي تمامًا…”
نظرت إليه بتوجس قبل أن تسأله: “لكن قُل لي، ماذا تفعل هنا؟ لا تقل لي أنك جئت إلى هنا فقط لأتوسل إليك بالاعتذار!”
أطلق وليام ضحكة ساخرة وقال: “مغرورة كما هي العادة. لا، لست هنا من أجلك.”
قبل أن يستمر شجارهما المعتاد، تقدم نحوهما كبير خدم القصر الملكي، كيرال، بانحناءة رسمية، وقال بصوت هادئ لكنه يحمل قوة وهيبة واضحة:
“آنسة روز… سمو الأمير وليام… لقد تم إبلاغي بتوجيهات من الملك شخصيًا، ويسعدني أن أعلن لكما رسميًا…”
توقف للحظة، وكأنما يترك لهما فرصة لاستيعاب كلماته القادمة، ثم أكمل بلهجة رسمية واضحة:
“أنكما مخطوبان رسميًا لبعضكما البعض.”
سقط الصمت للحظات. نظرت روز إلى كيرال، ثم إلى وليام، ثم عادت لتنظر إلى كيرال مرة أخرى، وكأنها لم تفهم ما قيل للتو. أما وليام، فقد ارتفع حاجباه ببطء، وكأن عقلَه يرفض استيعاب الجملة.
وفجأة، استدار كلاهما ليحدقا ببعضهما البعض بصدمة، قبل أن يصرخا في آنٍ واحد:
“ماذا؟!!!”
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon