...النافذة ، الباب وأنا....
...نحن الثلاثة هُنا، في مكان ثابت لا نتحرك، عدا أنّ بإمكاني أن أفعل ولكنني لا أود، على الأقل في هذه اللحظة. لا أريدُ من هذا الجسدِ أن يتزحزح هذأ الصبآح رُغم أنّ طرقَ الباب المستمر بدأ يحكُ عظامي ، يُطالبني بالنهوض أو التحدُث، لكنني صامِتة، أسمعُ صوتَ أنفاسي الثقيلة، وارتعاش أفكاري ...
...فلماذا النافذة تملكُ مخرجاً ، ولماذا الباب يملكُ مخرجاً لماذا كل شيء يخرجُ مِن نفسه، يظهر ُ نفسه ، عدايّ أنا....
...تؤرقني هذه الفكرة وبدأت تؤنّبني لعَجزي....
...إنه مرض، نَفسي هي المَرضُ الوحيد هُنا،والمأساةُ حقاً بأنّ هذا المرض مُعدي، كل ما ألمسهُ يصدأ، كل ما أقترب منه يتصدّع، كل شيء ينفذ مني، يُغادرني ، ظننتُ أن حال الأشياء هكذا ولكن مع مرور الوقت أدركت أن كُل ما يجري بسببي أنا....
...أنا هذا الشخص الذي لا أعرفه ولكنه يعيش معي، هذا الشخص الذي اراه في المراَة ، هذه الرُوح التي لا تُجيد حتى التنفُس ولا تتقدّم ولكنها تفعل الأشياءَ فقط لأنها اعتادت أن تفعلها ، بل لا ...
...أهٍ.. لا ، من أخدعُ أنا الأن؟...
...كل ذلك يحدث من تلقاء نفسه ، أنا لا أجيد شيئا ولا أستطيع أن أجيد شيئا ...
...'آنسة آرام آنستي أرجوكي أجيبي'...
...بلعتُ ريقي لقد شتتني صوتها كما أني أشعر بخطواتِها المُتوترة أمام الباب، أبيتُ أن أبعد عَيناي...
...عن هذه النافِذة، أحدّق بها منذُ الأمس حتى هذا الصَباح بل أني أحدّق بهاكل ليلة متى ستصرُخ؟ ...
...الكسور على أطرافها كلماتٌ لا تُغريني ...
...أريدها أن تصرخ بي ، أن تتحطّم،أن تهربَ أخيرا من عُيوني،من هذا الجماد الذي يسكُنني...
...كيف لا ترى كم أكرهها ، كم أحسِدها...
...هذه النافِذة كيف لا تشعُر بألم إحتجازي، كيف تكونُ أكثرَ حريةً مني؟...
...'تعالَي'...
...شعرتُ بالإشمئزاز لصوتي الذي ناداها ولكنها مساعدتي أنا فَلن يأمُرها أحدٌ بالتحرك من أمامِ هذا الباب وستظلُ تطرقه حتى فجرَ اليومِ التالي ...
...'أقيميني'...
...همستُ لها وعيناي على النافِذة تدورُ وتدور...
...'هل أُنادي الطبيب آنستي؟'...
...'إياكِ'...
...قلتُ أُجيب قلقها بصوتٍ مني أيضاً ، ماذا سيفعل لو أتى، لن أحتمل أن يدخُلَ باب هذه الفرقة حتى....
...أمسكَت بذراعي اليُمنى وجزءْ من عُضد يدي اليُسري، تُقيمني كما لو كنتُ عاجزة، غيرَ أنني أحسُ بالتعب، بالهلاك وكأنّ سِماً يجري في كامِل جَسدي ...
'لم تأتي بإفطاري،أخبرتُكِ بالأمس أن تجلبيه إلى غُرفتي'
...قُلتُ لها ، أراقِبُ بعيناي الصمت على النافِذة وما يطرُقها من ندفاتِ الثلج ...
...'أنا أسفة آنستي ولكن السيدة أمرتني بوضعه على مائدة الطعام لتتناوليه مع الجميع '...
...إستقمتُ أبعد الغِطاء ...
...'إذن لن أكل'...
...قلتُ أغير اتجاه عيناي وأنظُر في عيناها ، كم من الأحاديثِ تملكُ هذه المرأة خلفَ جفونِها؟...
...' أخبري والداي بذلك '...
...خرجت تُغلقُ البابَ خلفها وتحركتُ أنا كي أجهز نفسي للمدرسة، أخيرا أخذُ حقيبتي وأخرج ، أغلقُ باب غرفتي بالمفتاح وأضعهُ فيها وأسيرُ نازِلة ببطء ، فجسدي مُنهك ، مُنهكٌ بشدة....
...'صَباح الخير '...
...قلتُ أبتسم لحظَة وصولي لقاعةِ الطعام وبعدَ أن فتحتهُ المُاسعدةُ لي ...
...'صَباح الخير آرام'...
...'صَباح الخير ياابنتي'...
...أجاباني والداي و أخي الذي كان بجانبهم قد تجنّب الإجابة وأكملَ طعامه يرفعُ يَده عالياً كتحيةٍ لي...
...'سأذهبُ الأن'...
...'عودي فوراً بعد إنتهاء المدرسة'...
...قال لي والدي وخرجتُ الفُ وجهي سريعاً حينما أبعدت والدتي الغِطاء عن صحنٍ كبير وانتشرت رائحةٌ حادة إلى أنفي، قطبتُ حاجباي واغلقتُ البابَ خَلفي بقوة وتردد صدىً عميق في الأنحاء وشعرتُ بإرتجاف المساعدةِ بجانبي...
...'آنسة آرام!'...
...صرخت بإسمي حينما رأتني أركضُ ممسكةً معدتي بيد والأخرى أغطي بها فمي...
...أشعر بأني سأتقيأ،لمجردِ أني شممتُ رائحة ذلك الطعام، أشعرُ بكل ألمٍ في جسدي ينحصرُ هناك في زاوية معدتي...
...لماذا عليها أن تفعل ذلك ، لماذا تفعل ذلك بشكل مستمر ، لماذا تُحاول أن أتأذى بهذه الطريقة؟...
...هذا مُحبط إذا لم تعتني بي أمي فمن سيفعل؟...
...إذا لم تُحبني أمي فمن سيُحبني؟...
...على الأقل فل تكف عن إيذائي نفسياً، عن إستغلال نقاطِ ضعفي...
...' آنستي…آنسة آرام'...
...نطرتُ بإتجاه مساعدتي الخاصة وهي تلهثُ في وجهي كما لو كانت تركض ...
...'فالتبقي اليومَ في المنزل ، أنتي متعبة آنستي'...
...قالت لي وهي تمسح على ظهري ، تظنُ بأني تقيأت ولكنني فشلت بذلك حتى ...
...'إذا ظللتُ اليوم في المنزل فسأظلُ فيه كل العُمر، أنا متعبة طوال الوقت في بالأصل'...
...قلتُ لها أخرجُ من دورة المياه وتبعتني حتى خرجتُ من باب المنزل وصعدتُ السيارة، أنتظر قدوم السائِق ولكنه لم يأتي رُغم إنتظاري لخمس دقائق ...
...'لا عجَب '...
...قلت لنفسي أنظر في كل ما هو حولي بعد ما خرجت منها ، أنظر للحرّاس خصيصاً الذينَ يختبئون في الزوايا للحاق بي بسرية....
...هذا محبطٌ جداً ، حياتي هذه مُحبِطة كما أنّ علي أن أذهبَ سيراً الأن رُغمَ وجود السائق، رُغم وجود الكثير من السيارات ، ولكنها إشارةٌ من أمي، ألم بأنها من أبعد السائق ومن نهاهُ عن أخذي....
...أكملتُ سيري خارجة من المنزل بأكمله ، أشعر بالحرارة أقدامي لطول ما سرت، جَسدي تعرق وأشعرُ بأن الحُمّى ستتخذني موطناً لها بعدَ قليل....
...'سيدي'...
...'سيدي'...
...'يا سيدي'...
...التفتُ أنظر للفتى الصغير الذي كان يُحدّق بشخصٍ ما ، كما انه يبدو آسيوياً ...
...'سيدي أنت مذهل'...
...سمعته يقول هذا للشخص الذي لايزال يركض خلفه ...
...'سيدي توقف'...
...التفتُ أنا خلفي أتبعه بعيناي ، حيثُ تشبثَ بساق الفتى الذي مانَ يسير، وهو قد توقفَ الأن يُحدق طويلاً بإبتسامة في وجه المُتشبث بساقه....
...'سيدي لتأتي اليوم لإطعام القطْ، هو يخافُ مني لكِنه يحبكَ ولا يخافُ منك '...
...سِرتُ إلى الأمام وأنصت لحديثهم، تنهدتُ أشعرُ بالثقلِ في أقدامي وكَتفاي، وأشعر بجَسدي يسخَن، ليسَ الأن، ليسَ الوقتُ المُناسب لأصابَ بالحُمى...
...'لماذا تُفكر بأمر القطِ كثيراً؟...
...'لأنكَ قُلت بأنه سيموت إن ظلّ جائعاً'...
...'دعه يموت سيعود ليحيا فما الفائدةُ من العيش بسبعةِ أرواح؟ سيقتلهُ الرّبُ يوماً على ايّةِ حال، ألن يفعل؟'...
...شعرتُ بالقشعريرة لوهلةٍ من حديثه، كما لو انه أيقظ خلايا جسدي الميتة ، كما لو انه صعقني وهزّ دواخلي ...
...توقفتُ عن سيري ونظرتُ له ، مالذي يقوله الأن، لماذا مِثلُ هذه الكلمات تَخرجُ من فمه بإبتسامةٍ حتى،ولماذا عيناهُ لا تتزحزح بإشراقتها عن وجه الفتى الذي بَكى!!...
...'ظننتكَ مدهش ولكنكَ سيء'...
...صوتُ ضحكاتِه تعالى ويداهُ أبعدت الفتى عن ساقِه بهدوء والتفتُ أنا سريعاً، أظنُ أنه إلتفتَ الأن بإتجاهي ...
...'أنا مُدهش؟ ما معنى ذلك حتى '...
...استمعتُ لتمتماته الساخِرة وأكملتُ سيري إلى الأمام حينما سمعتُ خطواته خَلفي....
...أشعر بكمٍّ هائل من الغرابة لما حدث الأن،رُبما هو غيرُ مبالي، رُبما قلبُه بارد إلى هذا الحد، لكنني شعرت بهالةٍ قويّة جاذِبة حَولُه، كما لو انه…...
...كما لو انه ماذا؟أنا لا أملكُ الإجابة، ولكنها على حافةِ الوصول إلى رأسي!!...
...عدا انه طويلٌ ونحيل ومن ثيابه المدرسية يبدوا انه في الثانوية رُبما بنفس عمري ، لقد بدا كما لو انه أكبر....
...'الرحمة'...
...تأوهتُ ممسكة بمعدتي بقوة حين شعوري بهذا الألم البشع فجأة ، متى سأنتهي منه؟ لو أنني أكلتُ لما آلمني الأن....
...أكملتُ سيري بهذا الجسدِ المهلوك، بهذه الأقدام الضعيفة التي تدوسُ الثلج، وصلتُ أخيرا أتنفسُ بثقل وأدخل، إنهُ مُتعبٌ الوصول إلى المدرسة سيراً على الأقدام ، رُغم أنها لا تبعد كثيراً عن المنزل....
...أحسُ بالألم ، أحس به حقا، أقدامي خدرة ، أكاد لا أشعر بها...
...كما لو أن جسدي ثقيل، كما انني أحملُ أطناناً مني وأنا أسيرُ الأن، رُغم وزني الضعيف ، وعظامي الهشة ، لماذا لا أسقطُ الأن، كيف لي أن أُكملَ سيري حتى؟ما أشعر به الأن يجعلني أودُ الصُراخ بقوةٍ شديدة، أن أتنهدَ براحةٍ بعدها، أريدُ أن أستلقي الأن ، هذا الضغطُ المُستمر في معدتي لا يُحتمل....
...'اللعنة '...
...هسهستُ حينَ وصولي إلى باب العيادة وهو مُغلق، بحق الرّب!!...
...عيناي تعادُ تدمع…وآهٍ…...
...لقد سقطتُ أمام الباب،أضربُ رأسي بقوةٍ فيه ، مؤلم، مؤام،مؤلم...
...أروكَ أيها الرّب خفف ألمي، لا أستطيع، أن أعتادَ هذا الألم… آه، اعتصرتُ معدتي بشدة وتأوهتُ أضربُ الأرض رالباب، أضربُ أي شيء أريدُ أن يخف، أريدُ أي شيء ، أي شيء يجعله يرحل...
...'أنتي هنا آرام'...
...إنتفض قلبي لوهلة لهذا الصوت، وشعرتُ بأنني سأتقيأ للمرةِ الثانية لهذا الصَباحِ الملعون...
...لم ألتفت، فماذا يُريد مني؟ ليسَ الأن، أنا لم أفعل شيئا ، لم أفعل شيئا لهم، لماذا أنا مكروهه بشدة بلا ايةِ أسباب؟!...
...لماذا هذه القسوةُ تجتمع علي، لماذا أنا أتألم،لماذا حتى أشعر،لماذا أنا هنا بينكم؟ كيف أنجو بلا طُرقٍ للهروب، كيف أنجو وأنا مُحاصرة في كُلِ مكان؟...
...'صَباحْ سَعيد الأنَ يا جميلة'...
...قال كلماته بصوتٍ بارد بغيض ولكنهُ سعيدٌ جداً، كدتُ ألتفت ولكن يده شد بها شعري بقوة سمعتُ وشعرتُ حتى سحب الشُعيرات من فروةِ رأسي، ولا أعلم ما إذا كانت ثانية واحدة من شَدِه لشعري مرت، حتى شعرتُ برأسي يُضربُ في البابِ بقوة،يلفني بإتجاهه وصفع وجنتي اليُسرى بكامل كفه ويرحل بعد أن رماني على الباب داعساً بقدمه على ساقي....
...وأنا صمت، أن لي أن أصرخَ بعد كُلِ ما جرى؟ ...
...أن للكلمات أن تخرُجَ من فمي المفتوح ، هل آه ستكفي؟هل ما إذا صرختُ ستركُض أمي لي خائفة وتُنهيه عن فِعل ذلك؟...
...ولكنها سبب كوني كذلك!! أعلمُ أنها السبب في عذابي هذا ، أعلمُ بأني وحيدة جداً على تضمني أذرعها أو أذرع أبي...
...أعلمُ كم هو ضيقٌ هذا العالم على أن يحتوي فتاة مثلي....
...أنا محطمة، ضعيفة، ولكن ما معنى كل ذلك؟ ...
...ما معنى أن أتنفس،أن أكل، أن أتألم أو أفرح وأُسعد؟...
...أنا لا أنظرُ لشيءٍ حتى رُغم قوةِ بصري...
ماذا، أريدُ أن أصرُخ، ماذا بعد؟ ماذا هُناك،لماذا لم أكن فتاة أخرى غير التي أكونها الأن؟لماذا كُنت أنا، أنا؟
...'آرام'...
...صوتُ المُمرضة الفَزِع إخترقَ طبلةَ أذني، ولكنني لم أرفع رأسي ولم أتحدث حتى رَفعَت يدها تُقيمُ جَسدي وإتكأتُ أنا عليها ...
...'إسترخي،مَعِدتُكِ تؤلمُك؟'...
...قالت تمددني على السرير ، رائحة المُعقمات تخترِقُ أنفي،لكنني تعودتُ على كُلِ ذلك،قضيتُ السنواتِ الأخيرة وأنا أتردد على المستشفيات، بلا أيةِ فوائد،ما أتيتُ هنا إلا لأريحَ جَسدي من الثُقل الذي كان يترُسني...
...'لقد رحلَ الألم'...
...قلتُ بصوتٍ مبحوح هادئ،أحدقُ بالضوء الذي فتحته للتو وأزعجَ عيناي...
...'إذن أهناكَ خطبٌ بجَسدك؟'...
...نبرتُها مُترددة للغاية،مُشفقة، هي تعلمُ بأنني تعرضتُ للضرب...
...'لا'...
...قدمي تؤلمني بشدة وأشعر بالصداع في كل أنحاء رأسي، أشعر به ينبض بقوة ...
...بلعتُ ريقي وأشحتُ بعيناي للنافِذة التي على يساري،عادت لتُثلج،لماذا لا تحدُث عاصفة وتلمُ كل من يعيشُ هُنا وحسب ؟ أو تسقطُ قنبلةٌ من السماء فنموت جميعاً ؟...
...' ألا تريدينَ العودة إلى فرنسا؟'...
...'هولندا جيدةٌ لي'...
...أجبتها بلغتي الهولندية حين تحدثَت بالفرنسية، وهده المرة كنت أنظر في عيناها طويلاً ...
...من هي حتى تسألني عن ذلك؟...
...'اوه هولندا جيدةٌ في الشتاءِ خصيصاً '...
...أجابتني بتوتر تلُم شعرها للأعلى وتدور بعيناها في كل مكان ...
...كل شيء يدعوا الى السُخريةِ هنا....
ألا أملكُ موطناً حقيقياً واحد،ألا أنتمي لشيء صغيرٍ حتى؟
...لماذا، يكادُ يقتلني التساؤل قَبل مَرضي،لماذا أنا هنا ولماذا أنا هذا الشخص ؟...
...لماذا ولدتُ ليحتضنني الألم وعيونهم الحاقِدة، لا ألم ما إذا كُنتُ شيئاً عادياً ، لا أعلم ما إذا كُنت شيئاً ثمين،لا أعلمُ شيئاً غير أني ولدتُ لأعيش...
...ماذا أكون غير ذلك؟ غير أني كنتُ جنيناً وتكورت في رَحم أمي ، كيف أكون شيئاً سهلاً صعباً هكذا؟...
...أهذا كل شيء؟...
...أغمضت ُ عيناي أخيراً بعدما ظلّت تُحدقُ ليلةً كاملة في الخارج منذُ الأمس...
...ولكنني لم أنم، لساعاتٍ طويلة إستشعرتُها لم أنم،ظللتُ أشاهد جفوني السوداء وأشعرُ بالألم يعود لمعدتي بعد ساعاتٍ من نومه....
...فتحتُ عيناي أشعر بإهتزاز الهاتف، والدي من يتصل ، جيد أنه هو وليست هي...
...'هل أنتي بخير آرام؟'...
...قال يتحدث بالفرنسية وكم أكره حين يحادثني أحد بها...
...ولماذا هو يسألُ فجأة إذا ما كنتُ بخير؟...
...'أجل بخير'...
...أجبته أستقيم من السرير وأسير خارجا ، ولكنني عضضتُ شفاهي بقوة حتى شعرتُ بطعم الدمِ في فمي ، معدتي تؤلمني بشدة ، أريد أن أصرخ...
...'أخبرتني والدتكِ بأنكي ستبقين في المشفى اليوم '...
...متى ذهبتُ إلى هناك حتى أبفى، كفاهُ إدعاءً فوق كذبها، هو لا يهتمُ لي ، لا يفعلُ أبداً وهي كاذبة لعينة وسأعود للمنزلِ رُغماً عنها...
...'سأعود وأخبرها بذلك نسيتُ أن أقول لها'...
...قلتُ أرص على كلماتي بينما أكمل سيري وكأنني أسحب جسداً أخر معي لفرط ثقل دواخلي ....
...'وداعاً '...
...قلتُ مرة أخرى وأغلقتُ الهاتف أتنهد ثم أستنشق الهواء البارد وأسيرُ بصمت أنظرُ للثلج تحتَ أقدامي ، حلَ الليلُ بالفعل وفناءُ المدرسةِ دا خالياً إلا من بعض الأشخاص....
...السائقُ ليسَ أمام البوابة ولكنني أشعر بالحراس يراقبونني بكثافة ....
...رُحتُ أسير في منعطفٍ أخر غيرَ منعطفِ منزلي، أحتاجُ رُغم ألمي أن أذهبَ بعيداً عن ذلك المنزل الموحش ومن به....
...أنا لو ظللتُ في فرنسا لمتُ حقاً ، هولندا أفضلُ قليلاً ، على الأقل هي أكبر يمكنني أن أذهب بعيداً....
...هولندا تناسبني، هذا الطقسُ بالذات يناسبني، إنها مملة في باقي الفصول ولكن شتاء هولندا مثاليٌ لي، كم أشعر انه حنون علي ودافئ ، أجل هذا الطقس البارد دافئ لي....
...'إنتبه'...
...صرختُ قائلة للفتى الصغير الذي واقفاً يحدق بالمنزل أمامه ، غيرُ منتبهٍ للكرة القادمة بإتجاه وجهه، ، ركضتُ إليه أصُدها بيدي ولكن ياللحمق بسبب صدي اصطدمت بالمصباح المُعلق على باب المنزل أمامي ، أصبح مظلماً الأن....
...'عليك أن تنت'...
...إلتفتُ للفتى أقول ولكنهُ كان يوسع عيناهُ بشكلٍ أفجعَ قلبي، وركضَ بعيداً مع بقيةِ الفتيان بعيداً عن هُنا،حتى أصبح المكان خالٍ تماماً سوى مني وهذا المنزل ، مما هم خائفيين؟...
...' آه'...
...تأوهت للألم الذي داهمني مجدداً ومجدداً ومجداً ...
...تقدمتُ أسيرُ بإنجاه المنزل لأنس سأعتذر أو سأعوضّه عما فعلته، سأتجاهلُ الأن هذا الألم الملعون حتى أعود للمنزل....
...طرقتُ الباب ، مرة ومرتين وكدتُ أن أطرقه للمرة الثالثة ولكن صوتُ الرجل الهولندي أوقفني...
...'آتٍ'...
...فتح الباب وشعرتُ بالتوتر كثيراً في قلبي فهو نظر لسقفِ مدخله ولمصباحِه المنطفئ بصمتٍ تام، ثم نظر لي بُثبتُ عينيه في عيني دونَ أن يتفوه بأي حرف ، ولكن مهلاً!!...
...أليسَ هو الفتى من صباحِ اليوم؟...
...'أعتذر لطرقِ باب منزلكَ فجأة ولكنني…'...
...لم أكمل كلماتي بسبب الألم في معدتي، وضعتُ ذراعي ألفها حول وسط جسدي ونظرتُ إليه مجدداً أشعرُ بالدموع على أطرافِ عيناي، ليسَ هذا الوقت المناسب أبداً، ماذا سيظنُ بي هذا الغريب الأن؟...
...'مِصباحُ المنزلِ مُعطّل'...
...قال لي فجأة وأحسستُ بالذنب وكدتُ أتحدث إلا أنه أكمل ...
...'لا يوجد قمرٌ هذا المساء '...
...نظرتُ للسماءِ لوهلة وأعدتُ نظري إليه وراودني الأن ذات الشعور من الصباح ، الشعور بالغرابة الشديدة ...
...'وأضواء الشارع نصفها محطمة'...
...أبعدتُ يدي عن معدتي أنظر في معالم وجهه الغامضة بتركيز وأكملتُ صمتي أترقبُ ماذا سيقولُ ايضاً ، ماهي نهاية حديثه هذا؟...
..." إذن من أينَ لكي بكلِ هذا النورِ في وجهك ؟"...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon