"أميرة، أغيثيني! تعرضت للاعتداء في النادي!"
كان صوت صديقتها المقربة المليء باليأس والضعف هو الشيء الوحيد الذي يتردد في ذهن أميرة تاج وهي تهرع نحو النادي.
الغرفة ٨٠٨ - ألقت أميرة نظرة على لوحة الأرقام المثبتة على باب الغرفة. كان هذا هو نفس رقم الغرفة الذي أرسلته صديقتها المقربة هالة سمير. بدون تردد، دفعت الباب مسرعة لإنقاذ صديقتها.
لدى فتحها الباب، استقبلتها عتمة الغرفة. فجأة، أمسكت بها يد قوية وجرتها إلى داخل الغرفة المعتمة، مصحوبة بصوت قوي للباب وهو يُغلق بعنف.
"من أنت؟ وماذا تريد؟!" صرخت أميرة، وهي تحاول تقصي محيطها بعينين تتحركان بقلق.
"استرخي، سأتعامل معك برفق." همس صوت رجل عميق وخشن بالقرب من أذنها.
بعد لحظات، أُلقيت أميرة على الأريكة دونما اهتمام، وقبل أن تستطيع الوقوف، ضُغط عليها بجسد نحيل لكن قوي.
أطلقت صرخة خافتة عندما احتجزتها شفتان ذواقتان ولاذعتان كالنعناع.
كان جسد الرجل الواقف فوقها يُشع حرارة لاذعة لدى اللمس. أغرقها شعور بالعجز في بحر من الدموع، بينما كانت تحاول جاهدة المقاومة ضد قوته، لكنها في النهاية استسلمت واضطرت لتحمل قسوته.
بعد حوالي ساعة، خرجت أميرة من الغرفة وهي تترنح، بمظهر مثقل بالأذى. كانت لحظات هذا الكابوس قصيرة، لكنها لم تُنسها قلقها بشأن سلامة صديقتها المقربة.
كانت على وشك الاتصال برقم هالة عندما لاحظت مجموعة من الرجال والنساء يخرجون من باب جانبي. تحت الأضواء، تعرفت فورًا على اثنتين من النساء في المجموعة.
كانت إحداهن هالة، صديقتها المقربة التي كانت قد طلبت المساعدة عبر الهاتف، والأخرى كانت إيمي تاج، أختها غير الشقيقة. كانت الفتاتان تسيران جنبًا إلى جنب، ذراعاهما متشابكتان، كأنهما أقرب الأصدقاء.
الدهشة والغضب علت ملامح أميرة لما رأتهم. "قفي حيث أنتِ، يا هالة!" نادت بصوت مرتفع، وهي تشد قبضتيها بقوة إلى جانبيها.
لدى سماعها هذه الكلمات، التفتت هالة وإيمي نحوها. نظرت أميرة إليهما بغضب شديد، وجهها شاحب وهي تواجه هالة قائلة: "لماذا خدعتني؟!"
ابتسمت هالة بمكر. "ليست مشكلتي إذا كنتِ ساذجة دائمًا، يا أميرة."
"هل أمضيتِ وقتًا ممتعًا مع ذلك الرجل؟" سألت إيمي بنبرة ساخرة وابتسامة متعجرفة.
أدركت أميرة حينها أنها قد وقعت في وحل من الخداع. فقد ضُحي بعفتها التي حافظت عليها لمدة تسعة عشر عامًا لإسعادهما مقابل أغراضهما الدنيئة.
كانت نظرات هالة باردة وهي تسخر: "هل ظننت حقًا أنني صديقتك، يا أميرة؟ نعم كنتُ دومًا في ظلك! ولكني أكرهك وأرغب في تدميرك!"
من جانبها، سخرت إيمي بقسوة: "الآن، لدي دليل على أنك كنتِ تبيعين نفسك للحصول على المال في النادي. لن يطول الوقت قبل أن يتم طردك من المنزل!"
"أنتما -" كانت أميرة غاضبة لدرجة أنها تراجعت. كانت تعاني بشدة بعد ما مرت به، وثقل خيانة صديقتها وقسوة أختها غير الشقيقة كاد يقضي عليها.
"هيا يا هالة، لا نريد أن يرانا أحد مع هذه الحثالة، أليس كذلك؟" قالت وهي تمسك ذراع هالة، قادتها إيمي نحو السيارة الرياضية التي كانت قد أوقفتها على الرصيف.
بعد ثلاثة أيام، في منزل عائلة تاج، صاح فؤاد تاج بغضب: "هل ارتضيتِ بمرافقة رجل للحصول على المال فقط لأني لم أسمح لك بالذهاب للدراسة بالخارج؟ كيف يمكن أن يكون لي ابنة فاضحة تجلب لي العار مثلك؟"
"أبي، أنا لم أفعل -"
"لم تفعلي؟ ولكنكِ فعلتِ، يا أميرة! كيف انحرفتِ إلى هذه السبل الفاضحة؟ هل جعلناكِ تعانين من الجوع، أم حرمناكِ من شيء ما؟ لا يمكنني تصديق أنكِ كنتِ تعرضين نفسك للغرباء في نادٍ مشبوه! "آمل ألا تكوني قد جلبتِ أي مرض بشع لهذا المنزل. فمن يدري ما يمكن أن تكوني قد نقلتيه لي أو لابنتي، فأنا أخشى على صحتنا جميعا" استهزأت المرأة الجالسة بأبهة على الأريكة، متألقة بمجوهراتها وملابسها الفاخرة.
"أبي، أنا حقًا لم أفعل ذلك. أنا -" حاولت أميرة أن تدافع عن نفسها.
لكن فؤاد لم يكن مهتمًا بسماع المزيد منها. نظر إليها بنظرة مليئة بالغضب والازدراء قائلاً بصوت عالٍ: "لا زلتِ تكذبين، حسنا!
اخرجي من هذا البيت فورا!" "اخرجي من هذا البيت الآن! لن أتحمل وجودك تحت سقف بيتي. لا يمكن لابنتي أن تكون معيبة وتجلب لنا الفضيحة. من الآن فصاعدًا، أنتِ لستِ بابنتي!"
في هذه الأثناء، على مدخل السلم، كانت إيمي تراقب هذا المشهد وهي متكئة على الدرابزين وذقنها مستندة على يدها. كل شيء كان يسير تمامًا كما خططت له. في غضون دقائق، أصبحت أميرة مهددة بالطرد من المنزل لتتجول الشوارع ككلب ضال بائس.
في غرفة المعيشة في الطابق السفلي، بقيت أميرة صامتة عندما رأت نظرة الغضب والخيبة على وجه والدها. ثم نهضت بهدوء من مقعدها وصعدت الدرج لتجمع أغراضها.
لم تكد أميرة تصل إلى الدرج العلوي حتى وجدت إيمي تحول دون تقدمها. وقفت إيمي بذراعيها متقاطعتين بكبرياء أمام صدرها، وهي تسخر قائلة: "اخرجي من هنا! لا تبقي هنا كالشوكة في الحلق. لن يكون لكِ مكان في هذا البيت بعد الآن!"
شدت أميرة قبضتيها وهي تحدق بغضب بسبب تعبيرات وجه إيمي السعيدة.
عندما رأت إيمي الكراهية والغضب في عيني أميرة، مالت نحوها قائلةً: "ماذا، هل تريدين صفعي أو شيء من هذا القبيل؟" ثم استدارت بخدها نحو الفتاة المحتدة وقالت بغرور: "تفضلي إذًا!"
دون تردد، وجهت أميرة يدها على وجه إيمي، موجهة صفعة قوية.
"آه!" أطلقت إيمي صرخة حادة. "لقد ضربتني! يا أمي، يا أبي—أميرة ضربتني!" صرخت وهي تهرول نزولاً على الدرج.
سرعان ما ضمت نعيمة لاشين ابنتها في أحضانها وصرخت في اتجاه الدرج: "كيف تجرأت على ضرب ابنتي، أميرة! ماذا تظنين نفسك فاعلة؟!"
نظر فؤاد إلى آثار الاحمرار على وجه إيمي، وشعر بخيبة أمل لم يسبق لها مثيل في حياته. متى أصبحت ابنتي الكبرى عصية ومتمردة إلى هذا الحد؟
"أبي، الصفعة تؤلمني..." بكت إيمي وهي تتوسد أحضان والدها، وهي تتنفس بعمق متظاهرة بأنها تعاني من ألم شديد.
"اخرجي من هنا، أميرة!" صرخ فؤاد نحو الدرج باتجاه أميرة.
بعد أن جمعت أغراضها، أمسكت أميرة بجواز سفرها ونزلت الدرج. تجمد قلبها عندما رأت كيف كان والدها يحتضن إيمي بحنان وكأنها كنز ثمين يخشى أن يفقده.
أدركت حينها أنها لا تملك مكانًا في قلب فؤاد الذي لم يهتم سوى بسماع رواية إيمي للأحداث بدلاً من سؤال أميرة عن مأساة الليلة الماضية.
منذ وفاة والدتها، قضت أميرة سنواتها في هذا المنزل كما الغرباء، بينما كان والدها يبني عائلة جديدة مع عشيقته وابنتها غير الشرعية.
لم تكن والدتها المسكينة على علم بخيانة زوجها لها حتى وفاتها.
لن أعود إلى هذا المكان مجددًا.
داخل المنزل، راقبت إيمي بنظرة ماكرة أميرة وهي تسحب حقيبتها باتجاه الباب الأمامي، ولمعت على شفتيها ابتسامة خبيثة وهي تفكر: أخيراً، تخلصت من هذا العبء الثقيل!
...
خمس سنوات مرت، وإذ بسماع طرقا على الباب الأمامي لشقة في إحدى المدن خارج البلاد.
كانت المرأة التي تعيش في الشقة مشغولة بالنظر في تصاميمها عندما انتبهت لطرق الباب. متفاجئة قليلاً، توجهت نحو الباب وفتحته بلا حماس. وعندما رأت رجلين غريبين يرتديان بدلا أنيقة، سألت: "عمن تبحثون؟"
"هل أنتِ الآنسة أميرة تاج؟" سأل أحد الرجلين بالإنجليزية.
"أنا هي. ماذا تريدون؟" سألت أميرة.
"تم إرسالنا للبحث عنك. والدتك، أمل شعبان، قد أنقذت حياة سيدنا الشاب في الماضي. والآن، السيدة الكبيرة التي نخدمها تود رؤيتك."
عقدت أميرة جبينها بتجهم عند سماع ذلك. "ومن تكون تلك السيدة الكبيرة التي تخدمونها؟"
"إنها السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير"، أجاب الرجل الأول بأدب وتواضع.
لدى سماعها هذا الاسم، انكشف أمام أميرة اللغز. السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير كانت العقل المدبر لمجموعة البشير، أحد أضخم وأكبر الشركات في البلاد. عائلتها تحمل قصة قديمة مرتبطة بأم أميرة، الضابطة الباسلة والصادقة أمل، التي بذلت روحها فداءً لإنقاذ نجل تلك السيدة، محافظةً بذلك على عراقة اسم البشير.
كان لدى أميرة اعتزاز عميق بكونها ابنة لضابطة مثل أمل.
"أنا آسفة، ولكن لا يمكنني مقابلتها"، قالت أميرة بثبات وحزم. كانت تشعر أن عائلة البشير تريد رد الجميل لوالدتها، لكنها لم تكن مهتمة بقبول هذه المجاملة بأي حال.
فجأة، انبعث صوت طفل يتساءل بفضول من داخل الشقة: "أمي، من هؤلاء الأشخاص؟"
"ليس أحداً مهماً"، ردت أميرة بسرعة. ثم التفتت إلى الرجلين عند الباب قائلة: "أعتذر، لكنني حقاً لا أرغب في استقبال زوار الآن."
وبذلك، أغلقت الباب بوجههم.
في تلك اللحظة، في ركن بعيد من البلاد، كان يجلس رجلا في ربوع فيلا سرية تختبئ وسط التلال الشاهقة. "هل عثرتم عليها؟" سأل بنبرة حازمة وملؤها الجدية.
"بلى، السيد أصلان. الفتاة التي قابلتها في النادي قبل خمسة أعوام، قد باعت ساعتك الثمينة في سوق السلع المستعملة."
بتعبير متجهم ونظرة حازمة، أمر الرجل الجالس على الأريكة بصوته العميق والمتسلط: "استمروا في البحث عنها. أريد معرفة كل شيء عنها."
"حاضر، يا سيدي!"
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon