اجلس مع زوجي في السياره ونحن نحدق بالبحر بقلق شديد..الساعه تقترب من 7:00 مساء..المكان خال تقريبا من السيارات..نتحدث بهمس غير مقصود بسبب خطوره الموقف..العرق يغمر وجهين برغم بروده الجو في مثل هذا الوقت من السنه..هل يعقل ان يقشعر الجسد بطريقه متصله ?!!.هذا ما يحدث لي الان ..زوجي يمسك بيدي مطمئنا دون جدوى ..ربما بسبب يده التي ترتجف بدورها ..اقول بصوت مختنق :
لا يمكنني ان اصدق انك تفكر بهذه الطريقه ..انني زوجتك منذ خمس سنوات ..لكني اشعر وكانني لا اعرفك !!!.
فيرد مدافع :
حبيبتي ..لا يوجد حل اخر ..فكري جيدا ارجوك .
اقول بصوت باكن :
انك تتحدث عن ارتكاب جريمه قتل !!..سنقتل انسان بريئه لم ترتكب ذنبا ..هذه الخادمه الطيبه تعيش بيننا منذ زواجنا تقريبا وتؤدي عملها على اكمل وجه ..لا يمكن ان نلجا للقتل !!!..لا شك ان هناك حلا اخر .
يرد وهو يتنهد :
لقد قلت هذا الكلام 100 مره ..وانا اعيد كلامي للمره المئه ايضا واقول انها فرصه لن تتكرر يا حبيبتي ..مؤكد اننا سنعيش فتره طويله من العذاب النفسي وتانيب الضمير ..مؤكد انني سالتجب كثيرا قبل ارتكاب الجريمه ..وربما سانهار باكيا بعدها ..فانا لست قاتلا بالفطره ..لكن الامور ستكون على ما يرام بعد ذلك ..خاصه بعد ان نقدم لاهلها كل مساعده ممكنه تكفيرا عن جريمتنا ..لا اريدك ان تتحدثي عن حلول اخرى ..فلا توجد حلول اخرى اصلا ..سنرتكب الجريمه دون ان يكتشف احد امرنا ..وستكون الجريمه كامله التي يظنها الناس مستحيله .
امسح دموعي التي انهمرت دون ان اشعر ..ثم اقول متردده :
لانها مستحيله بالفعل ..انك تردد عباره يقولها كل مجرم قبل ارتكام جريمته ..ليفاجئ حين يتم القاء القبض عليه انه لم يكن بذلك الذكاء الذي يتصوره ..فما بالك ان تتم الجريمه في شقتنا الصغيره ?!..سنكون حينها المتهمين الوحيدين امام الشرطه .
هزه راسه نافيا ويقول اصرار :
جريماتنا تختلف ..كل جريمه قتل في العالم ترتكب لسببين ..ان يكون خلفها دافع ..او ان يكون مرتكبها مريضا نفسيا ..نحن لسنا مرضى نفسيين بالطبع ..اما الدافع في موجود لدينا بالفعل لكن لا يمكن ان يخطر ببال احد !!!..لهذا سيصرف رجال الشرطه انظارهم عنا سريع وسيخرجوننا من دائره الشبهات ..خاصه وان كل ما سيعرفونه عنا بتحقيقاتهم اننا زوجان في مقتبل العمر بدانا حياتنا منذ سنوات قليله واننا جامعيان نشغل وظائف حكوميه محترمه ..ولا يوجد لدينا اي سجل اجرامي .
سكت دون ان ارد ..ليكمل بدوره بحماس :
سيبحث رجال الشرطه عن قاتل وهمي لن يعفروا عليه بالطبع ..وسيظنون ان الخادم لديها عشيق وقد ادخلته الشق اثناء وجودنا في العمل ..فقتلها لخلاف ما ..ثم سرق المجوهراتك وبعض المال وهرب ..وقد يفكرون بعشرات الاحتمالات الاخرى ..ولكنهم لن يسيروا باصابع الاتهام الينا ابدا ..والسبب كما كررته 1000 مره سابقا ..انهم لن يتمكنوا من الدافع وراء ارتكابنا للجريمه ..عدم معرفتهم بالدافع هو صك براءتنا !!.
ينتهي من كلامه وينظر الي برجاء كي اوافقه على ارتكابي الجريمه ..يا الهي ..لو قدر لاحد ان يراقب حياتنا فسيجدها طبيعيه للغايه ..وسيرى اننا اسره سعيده جدا ..دون ان يدور بخلده للحظه ان هذين الزوجين السعيدين خطيتان معا لقتل الخادمه المسكينه التي لم ترتكب اي ذنب ..اتذكر تلك الحقيقه فاجهش بالبكاء ..زوجي يحيطني بذراعه ويكون متعاطفا :
سنندم طوال حياتنا ولن تتركنا فرصه كهذه تفلت من ايدينا ..راجعي تفاصيل الخطه وستجيدينها بسيطه ومحكمه بنفس الوقت ..ان طفلنا الان يذهب الى رياض الاطفال ..اي ان الخادمه تتواجد وحيده يوميا في الشقه طوال الفترات الصباح ..ساعود اثناء ساعات عملي دون ان ينتبه زملائي بسبب طبيعه عمل الميداني ..وساقوم بطعن الخادمه بالسكين حال دخولي ..ثم اعود سريعا الى عملي .
قلت بلوعه ::
وماذا عني ?!..هل تظن انني ساتمكن من تاديه دوري ?!.
رد ببساطه :
وما المانع ?!...كل ما عليك فعله يومها العوده من العمل قبل وصولي ..وهو امر معتاد ومتوقع لقرب مكان عملك من شقتنا ..اي انك ستمارسين حياتك الطبيعيه دون تكلف ..وستجدين الخادمه سريعه ..اعلم ان الموقف لن يكون سهلا ..ربما ستصرخين وتنهارين باكيه ..وهذا هو المطلوب !!..ثم عليك بعدها الاتصال بي كتصرف تلقائي بديهي ..لاتصل انا بالشرطه اثناء عودتي الى الشقه ممثلا دور الزوجه القلق الملتاع ..هذا كل شيء ..انها فرصه عمر لم تتكرر ..واقولها باصرار ..انها الجريمه الكامله كونها موجهوله الدافع .
احاول ان اطرح عواطفي جانبا وافكر بعقلانيه ..كلامه مقنع للغايه رغم ترددي الشديد ..بالفعل ..انها الجريمه الكامله ..لانها جريمه غير مالوفه اصلا ..فقد اعتدنا ان نقرا عن جرائم الخدم من سرقه وقتل ..لكن الامر معكوس هذه المره ..سنقتل نحن خادمتنا التي لم ترتكب اي جرن ..وبسبب دافع لن يخطر ببالي احد ستعرفونه في سياق القصه بالتاكيد ..هذا ما سنراهن عليه ليكون بعيدين تماما عن الشبهات ..لذا ..وفي النهايه ..او ماتوا براسي موافقه ..فابتسم زوجي وزفر بقوه مفرغه كل انفعالاته ..ثم اداره محرك السياره لنعود الى شقتنا وقد اتخذنا قرارنا !!!.
كان هذا استكمالا للحوار الذي دار بيني وبين زوجي طوال اليومين الماضيين ..وقد حسم الامر الان بعد نقاشات حاده طويله نقلت لكم من اخرها ..اعترف ان التردد ظل يسيطر علي رغم موافقتي ..صوت الضمير يصرخ باستمرار ..يخبرني اننا لسنا قتله ..وان ارتكاب جريمه قتل سيغيرنا الى اناس اخرين الى الابد ..وحاول طمس صوت الضمير هذا ..والذي سيشعرني احيانا وكانه صوت اجدادنا الذين يحاولون ارشادنا الى الطريق السليم !!..ستكون ايامنا عصيبه ..عقده ستلاحقني طوال حياتي ..لكني ساقدم تعويضات كثيره عن جريمتي هذه ..ساساعد الفقراء ..سازور دور الرعايه الاجتماعيه واشتري اللعب للايتام ..وردد هذا باستمرار محاوله ان اخفف على نفسي عبء الجريمه التي سارتكبها مع زوجي .
المهم ..كنت اقول اننا خططنا لكل شيء ..وبدنا مستعدين تماما لارتكاب جريمتنا في اليوم التالي فحسب ..ورغم ذلك ..ظللت اتقلب في الفراش ليلتها وكانني اكتوي في الجحيم ..حتى شعر زوجي بتوتر ..فالتفت الي وهو يقول بصوت مرتجف :
ستعرفون في الفصل القادم .
فالتفت الي و هو يقول بصوت مرتجف:
انني أشعر ذات التوتر..لن يكون الأمر سهلا..انا لم اخض شجارا مع احد في حياتي..فما بالك بارتكاب جريمة قتل بحق امرأة بريئة لم ترتكب ذنبا!!!..لا أتصور انني سادخل نصل سكين في معدتها و اطعنها أكثر من مرة..سيكون الأمر رهيبا..ستطاردني نظرات الموت في عينيها طوال حياتي.
انفجرت باكية و انا اقول:
انني اخشى مشاهدة الجثث في السينما..فكيف سيكون الحال حين أرى جثة في شقتي؟!..و بجريمة قتل ارتكبها زوجي بموافقتي..ثم ماذا عن طفلنا؟!..سيكون معي لحظتها..فحتى لو منعته من الدخول و رؤية الخادمة..سيرانس اصرخ و ابكي و سيخيفه هذا كثيرا دون شك!!!..
احتضنني و هو يقول محاولا تهدئتي:
يجب أن ندرك في قرارة أنفسنا أن قتل الخادمة لا مفر منه..ارجوك تذكري أن تكوني على طبيعتك غدا في العمل و ان تبتعدي تماما عن التوتر..انه يوم واحد مهما بدا طويلا..سيمر و ستتغير حياتنا بعدها إلى الأفضل.
و..امام كلماته المشجعة..شعرت ببعض الاطمئنان..و أنفاسي انتظمت تدريجيا..الى ان نمت..لكن نومي ظل متقطعا قلقا استيقظت منه عدة مرات و شعرت خلاله بزوجي الذي لم يكن افضل حالا مني..فانفاسه لم تنتظم ابدا..إلى أن مرت الساعات اخيرا..لتحين لحظة الاستيقاظ..المنبه يرن و يعيدنا إلى الواقع بعد ليلة سوداء بمعنى الكلمة..زوجي يغلق المنبه و يلتفت لينظر الي بتوتر ملحوظ و عينان منتفختان..بالطبع..لا الومه..فهو الذي سيتحمل العبء الأكبر..اراه يذهب إلى الحمام مطأطئا برأسه و هو يشعر بالعار لما سيفعله..انهض بدوري لاوقظ طفلي..احتضنه كثيرا شاعرة انه كتلة من البراءة في عالم مخيف انا احد أركان الشر فيه مع الاسف!!!..اسير معه إلى الحمام..ثم استبدل له ثيابه..ليذهب بعدها لتناول الافطار و هو يشاهد التلفاز كما يفعل دوما.
اما انا فرحت اتجهز للذهاب إلى العمل..قبل أن اجلس قليلا في غرفتي احاول قتل التوتر بالعبث في هاتفي..اقرا الرسائل الصباحية التي ترسلها صديقاتي و اقربائي..لا يوجد شيء مهم..مجرد حكم و مواعظ لو عمل بها الناس لأصبحت حياتنا جنة..افكر للمرة المليون بما سيحدث اليوم..ابتسم بمرارة و انا أتذكر أن هناك من تحسب يوم تخرجها من الجامعة الاهم في حياتها..و أخرى تظن أن يوم زواجها هو الأهم.. و أخرى ترى انه يوم انجابها..اما في حالتي..فاهم يوم سيكون يوم ارتكاب جريمة قتل خادمتي مع سبق الإصرار و الترصد دون أن ترتكب المسكينة أي ذنب!!.
زوجي يحتضنني مشجعا و يخرج من الشقة متجها إلى عمله كالمعتاد..التقط نفسا عميقا..ثم اتجه إلى غرفة المعيشة و اجد الخادمة تجلس في المطبخ الكل افطارها..انه آخر يوم في حياتك يا عزيزتي..سامحينا أرجوك.. فانت لم تخطئي في حقنا..انادي طفلي بصوت مرتجف أن ينهض لاخذه إلى الروضة..فيغلق التلفاز بملل و يتبعني..لنخرج من الشقة و نترك الخادمة لوحدها!!.
اجلس خلف شاشة الكمبيوتر في مقر عملي..لحسن الحظ انني اعمل في إدارة الشؤون المالية بإحدى الجهات الحكومية..لذا لا يوجد هناك تعامل مع اي مراجعين..انا التوتر يقتلني و سياحه الناس في ملامحي..آخر ما أريده الآن جذب انتباههم..احاولتجنب زملائي قدر الإمكان بالجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لأكمل عملي..لا يوجد ما يريب في هذا..طبيعتي متحفظة قليلا..و لست من الفتيات اللاتي يكون الصداقات في كل مكان يذهبن إليه.. كما ان معظم زملاء العمل من الذكور..و هذا ما يصنع حاجزا بيننا إلى حد ما.
ستعرفون ما سيحدث الفصل القادم.
الدقائق تمر ببطئ شديد..يفترض إلا اتصل بموجب خلال تلك الفترة..فاتصالاتنا ببعضنا أثناء العمل نادرة جدا..نريد أن نكون على طبيعتنا و الا نفعل اي شيء يثير الشبهات..اراجع الخطة في ذهني للمرة المليون..زوجي سيخرج من مقر عمله دون أن يثير فضول اي احد بسبب طبيعة عمله الميداني..و عليه أن يعود إلى الشقة في الحادية عشر صباحا..لكنه سيركن سيارته في مواقف المسجد القريب كي لا تثير عودته انتباه الجيران..سيبدل ثيابه في السيارة ليرتدي البنطلون و القميص مع قبعة و نظارات تساعده على إخفاء ملامحه..و سيذهب مشيا إلى الشقة..وحال دخوله..سيخرج السكين من جيبه و يطعن الخادمة حتى الموت..ثم سيسرق مجوهراتي و مصروف البيت الشهري مع بعض التقنيات الأخرى الصغيرة بما فيها هاتف الخادمة النقال ليعطي انطباعا أن القاتل عشيق لها و قد غادر بها بعد ان أدخلته الشقة.. فارتكب جريمته بقصد السرقة.
سيخرج زوجي عائدا إلى سيارته ليستبدل ثيابه مرة أخرى..و عليه أن يرمي كل ما سرقه في أبعد حاوية قمامة..لينتهي دوره هنا و يذهب ليكمل عمله..ثم سيأتي دوري بعد ذلك عند عودتي من العمل لاكتشاف الجريمة..و لا أظن انني ساحتاج إلى تمثيل.. لانني ساصرخ و ابكي و اتصرف بطريقة طبيعية للغاية..ساخيف طفلي كثيرا مع الاسف..و لن اسامح نفسي ابدا لهذا.
انظر إلى الساعة بنفاد الصبر..الثواني تسير ببطء غير معقول..انها الواحدة ظهرا..يفترض أن يكون زوجي قد ارتكب جريمته و انتهى من كل شيء..احترق فضولا و قلقا للتواصل به و معرفة ما حدث..لكني سألتك بالخطة..فحتى الرسائل النصية بيننا محظورة خوفا أن يتوصل إليها رجال الشرطة في تحرياتهم.
ها قد انتهت ساعات العمل..انهض من مكاني الذي لم أتركه طوال اليوم..لا أشعر باي آلام جراء الجلوس الطويل هذا..فعقلي انفصل تماما عن جسدي..اذهب الى السيارة و اقودها بيد ترتجف دون توقف..حسنا..يجب أن اعترف انني افرغت كل عاطفي..ان وجود المرء في السيارة وحيدا يمنحه من الخصوصية ما يسمح له بالغناء و التحدث مع نفسه أحيانا.. استرجاع الذكريات احيانا أخرى.. او الصراخ البكاء في حالتي!!!!..لكني تمالكت نفسي حين وصلت إلى روضة طفلي..أراه يركض الي ضاحكا فرحا بقدومي..احتضنه بحنان جاف..ثم تسير إلى السيارة و هو يتحدث عن مغامراته اليوم دون أن اسمع كلمة واحدة مما قال..لنذهب الى شقتنا اخيرا!!!!.
اصعد دراجات السلم لاصل إلى الدور الأول حيث شقتي..اخرج المفتاح بيد مرتجفة..هل فعلها زوجي؟!..اين قتل الخادمة؟!..في المطبخ؟!..ام في غرفة المعيشة؟!..ساعرف بعد لحظات..اشعر بتوتر يشبه كثيرا الذي يصيب من يجلس في قاعة سينما منتظرا لقطة مرعبة تجعله يقفز من كرسيه..انني أنتظر تلك اللحظة..و:
يا إللللهيييييي..النجدةةةةةةة
لم يكن هذا تمثيلا.. أرى الخادمة ملقاة على الأرض وسط غرفة المعيشة.. الدماء تخرج من معدتها بغزارة و تنزف من فمها.. عيناها تراقبان الفراغ بطريقة مخيفة.. كان هذا يفوق أكثر الافلام رعبا.. بالطبع شعر طفلي بذعر شديد لصراخي.. فبكى و هو لم يفهم ما يحدث.. إذ حجبت عنه المنظر البشع و انا اقف على عتبة الباب.. ثم حملته و انا انزل إلى الطابق الأرضي و أصرخ.. احتضنه بحرارة احاول طمئنته.. انها لحظات صراخ و بكاء سينساها بعد قليل.. سامحني يا صغيرتي أرجوك.. يدي الأخرى تعبث بحقيبتي بجنون لاخرج هاتفي.. الحقيبة تسقط على الارض.. هذا لا يهم .. اتصل بزوجي و انا اصيح:
ترى ماذا حدث ستعرفون عما قريب.....
إلى اللقاء.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon