NovelToon NovelToon

رھان الانتقام

○اِفتتاحية : ( الفصل صفر )

"أنا ساتان، أو أكبر خطأٍ بحق عائلة الشياطين، أو على الأقل بالنسبة لبقية أفراد عائلتي، الذين يكرھونني لأنني ضعيف وغير قادر على إنتاج عنصر العائلة على عكسھم، أنا وحيد، و ليس لدي شخص يحبني، لكن رغم ذلك، أنا أحب عائلتي وأفتخر بھا، و أبادلھم الكرھ بالحب.. في الواقع لدي فتاة أحبھا من عائلة أخرى، إسمھا آنجي، مثل الملاك ( آنجل ) وأفكر في الإعتراف بحبي لھا في الغد، وبذكر الغد فلدي أيضاً اختبار قبولٍ في الأكاديمية، لقد كنت أقرأ الكتب عوضاً عن التدريب في أوقات فراغي، لأني لم أجد أحداً يدربني في عائلتي.. آھ، يبدو أنني سأمر بيومٍ حافلٍ بالأحداث في الغد، فلدي عدة أشياءٍ لفعلھا، أولاً سوف أستعمل ما تعلمتھ من الكتب في الإمتحان وأُقبَل، وبعدھا أعترف لآنجي بمشاعري تجاھھا، ومن ثم أكتسب حب عائلتي لأنني قُبِلت، يبدو أنني سوف أضرب ثلاثة عصافيرٍ بحجر واحد، ھيھيھي.. أتطلع للغد!"

عزيزي القارئ، إذا لم تعجبك فكرة أن شيطاناً ھو بطل القصة، فأرجو أن تغادر ھذا المكان من الآن، لأن ھذھ الفكرة ستتوسع كثيراً في ما بعد، وبغض النظر عن إذا أعجبتك أم لا، فھذا لا ينفي كونھا فكرةً غير مكررة، وأرجو منك نقد قصتي باحترام، أنا لا أتبنى جميع الأفكار المذكورة في قصتي، و إنما ھي مجرد إقباساتٍ من الميثولوجيا وكتب الشياطين، وأنا لا أحاول إيصال أية أفكارٍ مسمومةٍ للقارئ.. غير ذلك، أتمنى من خالص قلبي أن تستمتع بفصولي الطويلة ولا تصاب بالمرض المسمى "الملل"

في ما يلي بعض المعلومات المتعلقة بالقصة ككل، من المستحسن قراءتھا:

أولاً السرد والمنظور:

سردي بسيط خالٍ من العبارات المبھمة، أمّا المنظور فھو في الأساس رؤية راوٍ يعلم كلّ شيء، لكنھ يتغير مراتٍ قليلةً فيصبح رؤيةً داخليةً لشخصيةٍ من شخصيات القصة بغية إبراز المشاعر بشكلٍ أكثر وضوحاً وتحرراً لا أكثر، أحبذ فصل المشاھد عن بعضھا.

القصة تبدأ في سنة 1933، لا تنس ھذھ المعلومة وتظن بأنھا في عصرنا الحالي

ثانياً التقسيم:

أعلم أنني أبدو مھووساً بھذا الشيء، لكنني سأقولھا.. القصة مقسومة لثمانية أقسامٍ رئيسية، كل قسمٍ منھا لھ جوّھ الخاص وأحداثھ الخاصة، قد لا تجد شيئاً يربط القسم الأول وتاليھ غير الحبكة، لذا يمكنك أخذ كل قسمٍ على أنھ رواية في حد ذاتھا، نعم رواية في حد ذاتھا، لذا أرى أنني سأصل لحاجز السبعين فصلاً عندما أنھي القسم الثامن، ھذھ نظريتي

أطول قسمٍ ھو السابع، وأقصرھم ھو الأول

ثالثاً الغموض:

إذا كنت من محبي ھذا العنصر، فأعتقد أن ھذا ھو مكانك، بالطبع عندما تنتھي من فصول القسمين الأولين ستجد رأسك مليئاً بالتساؤلات، ولكنني أضمن لك من البداية أن الأجوبة ستكون مقنعة، لقد حددت مسار القصة ونھايتھا منذ البداية، صدقني لن تجد ثغرة في القواعد التي بني عليھا نظام القوة أو مجرى الأحداث

العنصر الفانتازي:

رابعاً العنصر الفانتازي:

أدري أنني أبدو كاتباً غير متقيدٍ لدرجة كتابة قصةٍ عن الشياطين وأنا مسلم، قد يجعل ھذا بعضكم شاكاً في مدى تديني، خذ قطعة الكعك التي أمدھا إليكَ وكأنھا خرافة وأسطورة، لا تأخذني على محمل الجد، لا تنزعج من وصفي للشيطان بشيطانيتھ وھو شيطان في الأصل، إنھ مسمى وحسب في النھاية، وإلا أشرتَ علي باتھام الإل*حاد أو شيءٍ من ھذا القبيل وما أنا بقريبٍ من ذلك

خامساً الحبكة:

قد أبدو لكَ متسرعاً في بناء قصتي -أعني عرّفت بست شخصياتٍ في الفصل الأول لوحدھ- لكنني رغم ذلك أعترف، أنا متسرع نوعاً ما في البناء، لقد تسرعت ولست بقادرٍ على الرجوع في ذلك حسب المخططات لذا سأحل ھذھ المشكلة في القسم الثالث إن شاء اللھ

_

_

_

_

_

أنا بالمسلك العلمي، لذا ستجدني أشبّھ فصولي بمفاھيم علميّةٍ أحياناً (أعني أحياناً 👀)+ قد أضيف بعض الصور المعدلة بالذكاء الاصطناعي

إذا وجدتَ خطأً إملائيًّا في فصولي، أتمنى منك أن تخبرني في تعليق، لكي أصححھ للقراء القادمين بعدك 🙏

.....تحياتي 😁✌

○القسم الأول من العرض : ●الفصل 1 : "أسود وأحمر العينين"

ليلة مكسوة بالسواد القاتم، نجوم مرصعة بضوءها الخافت على سماءٍ بظلامها الدامس، والقمر في حالة نصفٍ يطل بين الغيوم الشفافة، أشعته الضعيفة تغطي قصراً ضخماً، جدرانه متينة وبوابته الأمامية مبالغة في طولها وعرضها، في إحدى الغرف الأمامية شيطان صغير بشعرٍ أسودٍ وقرنان حمراوان، أذناه مدببتان وبشرتھ بیضاء شاحبة، كان يتعرق بينما يتقلب يميناً وشمالاً محاولاً النوم، لكن الخوف والقلق من امتحان القبول المجهول في الغد لم يفارقا قلبه الصغير

وضع وسادتھ علی وجھھ خانقاً ومتذمراً من الأرق، دقات عقارب الساعة المعلقة تنقر أذنيه بقوة، يسمعها وكأنها كانتْ تنتظر الليل طوال اليوم لإزعاجه، صورة معلقة على الحائط بجانبها فيها شيطان بالغ بقرب بشرية وشيطانٍ مراهقٍ بينهما، والشيطان الرضيع تحمله البشرية بنية الشعر وتقربه لحضنها، فأزاح ساتان الوسادة رامياً إياها بقوةٍ وانتفض من السرير جالساً مع إزالته للغطاء، توجّه مباشرةً إلى الحمام الذي كان قريباً، غسل وجهه وارتشف كوباً من الماء لإضماء ريقه الناشف، وهو يتساءل عن ماهية أسئلة الامتحان

ثم عاد للغرفة، فتحها ليجد مخلوقاً أسوداً قصيراً ذو عينين حمراوتين أكبر من الأعين الطبيعية، يبتسم ابتسامةً عريضةً تشق وجهه، تبدو مصطنعة أو لا إرادية، مع قرنين أسودين ملتصقين برأسه الكروي، كرشه ممتلئة قليلاً للأمام، وله ذيل على شكل سهم، ظن ساتان أنه يتخيّل، أو ربما هو غارق في حلمه بالفعل، فقرص نفسه لعله يستفيق من هذا الكابوس، لكنھ شعر بالألم فتوسعتْ عدستاه عند علمه بأن المخلوق بجانب سريره هو حقيقي صرخ من الصدمة خائفاً وسارع بالخروج من الغرفة لاشعورياً، ظل يجري بسرعةٍ في أروقة القصر الطويلة، وكأن الغرف لانهاية لها عبارة عن متاهةٍ غريبةٍ تبتلع كل من لا يدري بالمكان جيداً، لكن شيطاننا يعلم حق العلم أركنة وزوايا القصر، فقد لبث فيه إثنى عشر عاماً، كان يبكي ويصرخ طالباً:

_ساعدوني، ساعدوني رجاء! أرجوكم! أرجوكم!!

تاركاً مدىً يمر على معظم الغرف بصرخاته الطفولية، لكن أحداً لم يلبّ نداءه، فالتفت وراءه ليجد المخلوق يلاحقه، فخاف مجدداً واندفع بقوةّ وسرعةٍ متهوراً حتى ارتطم رأسه ببابٍ أسود ذو خشبٍ قاصٍ في أواخر القصر، مما أرداه جالساً على الأرض وهو يضع يده على رأسه متحسساً الألم، فدخل الغرفة متسللاً وخائفاً يستغل عدم وجود المخلوق في الأرجاء، فتساءل في صمتٍ عمّا إذا كان صاحب الغرفة غاضباً عليه لإزعاجه لھ، فقفل الباب بقسوةٍ بسبب توترھ الحاد محدثاً صوتاً عالياً في الغرفة، ثم لاحظ وجود عبارة "غرفة ليليث" مكتوبة على الباب، وأمَل أن لا تغضب عليه جدتھ، فاستفاقتْ لیلیث بعد سماعها صوت القفل وسألت بصوتٍ ناعس:

_من؟ من هناك؟

تثاءبتْ ببطئٍ وأردفتْ بينما تحرك يدها اليمنى فوق المكتب الصغير بجانبها:

_دعني ألبس نظارتي فحسب.

لبستْ نظارتها لتتضح لها الرؤية وتجد ساتان ملقى على الأرض أمام الباب، فابتسمتْ بحنانٍ وقالتْ:

_آه، إنه حفيدي الصغير، لم جئت إلى هنا؟

ثم حركتْ يدها طالبةً ساتان للمجيئ مكررةً "تعال تعال" فجاء الحفيد بقربها في حالةٍ من القلق وآثار الدموع لاتزال على وجنتيه، قال بصوتٍ خافتٍ بينما يطأطئ رأسه خجلاً:

_المعذرة، الست غاضبة مني؟

\=لماذا؟

_أنت تعرفين بالفعل، لأنني أفقتك، وأيضاً جميع أفراد العائلة يكرهونني لأنني فاشل وضع-

ربتت على كتفه مقاطعةً:

_لا بأس، لا بأس، أنا لست غاضبة منك، لذلك لماذا أتيت إلى هنا؟

اِبتسم بفرحٍ وقال:

_هكذا إذن، في الواقع لقد ظهر لي مخلوق غريب في غرفتي

صمت قليلاً، فأكمل وهو يشير لباب الغرفة في خوفٍ وارتعاد:

_وأظنه خلف ذلك الباب.

\=هكذا إذن.

فجأةً، عبر المخلوق خلال الباب أمام ناظري ساتان، فانصدم وهو لايزال مشيراً للباب فصار يتبعھ بسبابتھ قائلاً:

_نعم، ها هو ذا، إنه يدخل الغرفة

ثم تمسك بملابس ليليث بشدة وقال بصوتٍ خافت:

_أنا خائف.

توجه المخلوق لجدار السرير الأمامي، فتمسك به مختبئاً، لكن نصف رأسه العلوي ظلّ ظاهراً ينظر لساتان بعینیھ الكبيرتين، لم تر ليليث أي شيءٍ من تحركات المخلوق في الغرفة، فاكتفتْ بقولها لساتان بتعجب:

_ماذا؟ لا يوجد شيء.. أظنك تتخيل فقط يا عزيزي.

\=لكنني أراه حقًّا.

_تعال لتنام معي إذا كنت خائفاً أيها الحفيد اللطيف.

\=حسناً.

أدخل ساتان جسده ببطانية جدته ونام وهو يتمسك بها، لكن نومه كان متقطعاً، في كل مرة كان يستيقظ بها، كان يجد المخلوق متمسكاً بجدار السرير وهو ينظر لهما بعينيه الكبيرتين، تماماً كالصقر.

》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

كان يقلّدني كل شيء، خروجي من الغرفة، غسلي لأسناني، غسلي لوجهي، تنشيفي لوجهي، لبسي لملابسي.. كلها كانتْ مقلّدةً من طرفه، لكن الفرق أنّه كان يحاكيني في الفراغ، حتى عندما أخذني السائق مارکوس بسيارته للأكاديمية مر خلالها وجلس بجانبي في المقاعد الخلفية، لكن ماركوس لم يلحظه، فتأكّدت أنني الوحيد الذي يراه.. بالطبع، كنت أتحدّى خوفي بعد تركي لجدتي النائمة ورؤيته يقلدني، لكنني لم أجده خطيراً كما ظننت البارحة

وبعد ساعاتٍ من اجتيازنا للحدود، وصلنا لأحد الأزقة القريبة من الأكاديمية فودعت ماركوس، وبدأت المشي مع محاكاته لمشيي، كان مستمرًّا في إرباكي بنظراتھ، فتوقفت وتوقف معي، ثم جريت بسرعةٍ ففعل نفس الشيء، ثم توقفت مجدداً وتوقف معي، فاختلط علي كلّ من غضبي عليه وتوتري وخوفي من الامتحان، ولم أتمكن من كتم كلماتي الغاضبة عندما صرخت في وجهه قائلاً:

_لقد طفح الكيل! لماذا أنت ملتصق بي؟ إبتعد عني، أأنت بدون شخصية؟!

كنا قريبين من بوابة الأكاديمية الرئيسية والتلاميذ حولنا، فسمعت همساتهم الحاكمة على تصرفي، أحدهم نعتني بالأحمق، لكنني لم آبھ بل حزنت على ذلك المخلوق، فاعتذرت منه، لكنه لم يجبني، فأكملت خطواتي حتى وصولي البوابة العملاقة ورأيت المدرسة الأكثر عملقة، كانت واسعةً وشاسعةً أكثر بكثيرٍ من القصر، قلت حينها بصوتٍ مسموعٍ مندهش:

_اووه، ضخمة جدًّا! لا بل يجب علي القول، عملاقة!!

لم أستطع كبح كلماتي آنذاك، فدخلت برفقته للأكاديمية ولاحظت مجدداً أن لا أحد يراه، لكن لم أنا الوحيد من يراه؟ لا بد أن هناك سبباً منطقياً، لكن لا يهم الآن، علي أن أثبت نفسي في هذه المدرسة الضخمة هيهي، اِلتفتت له وقلت:

_وإذاً، تبدو لطيفاً على عكس البارحة، فقط لو تزيل تلك الابتسامة المخيفة ستكون ألطف، ماهو إسمك؟ ومن أين أتيت؟ كم عمرك؟

أجابني بصوته الطفولي لأول مرة:

_أنا بيل، لا أعرف من أين أتيت، وعمري إثنى عشر عاما.

وأخيراً أجابني، بدا لي أنه لم يكن يعرف إجابة الأسئلة الأخرى، لذا لم يجب، سعدت بالتحدث إليه، فقلت:

_إذاً أنت بنفس عمري؟.. حسناً بيل، سأدخل لإنجاز إختبارٍ مهم لذا لا تزعجني، حسناً؟

\=حسناً.

كنت الأخير في طابورٍ من الطوابير الطويلة، أنتظر دوري لأخذ رقمي ورقم قاعتي، ثم ذهبت لتلك القاعة، ألقيت التحية على الجميع آملاً أن يردّھا أحدھم، يالغبائي!

فالتفت الأستاذ الأشيب لي بينما يشير لمقعدٍ خاوٍ في منتصف الصف الأوسط قائلاً:

_هذا مقعدك، ساتان.

تفاجأت من معرفته لإسمي وأنا متأكد أنني لم أملِ بھ بعد، فسألته:

_المعذرة، كيف تعرف اسمي؟

فأجابني بتهكم:

_هاه، ومن لا يعرف اسمك؟ أنت مشهور جدًّا، هيهيهي، على كلٍّ اِجلس اِجلس.

اِستغربت من كلامه وتقدّمت للمقعد أتساءل عن مقدار ما تعلمه المدرسة عن عائلتي، وهذا هو يومي الأول فيها، فجلست مركّزاً.

》《》《》《》《》《》《

سماء زرقاء صافية، وشمس لا تشع كثيراً ولا قليلاً، جو معتل بسيط تماماً، وكأن النهار يتناسى ويستهزئ بالليلة الدامسة السابقة، مدرسة ممتدة كالأفق، معمارها مشابه للقلاع البولندية المشهورة، شيء يدل على تاريخها العريق، أقسام شُيّدتْ حديثاً في المقدمة، في أحدها نجد فصلاً عادياً، لكن طلابه غير اعتياديين

منهم من يمتلك قرنين طويلين وآخر يمتلك قرنين متفاوتين في الطول ومن يمتلك قرناً واحداً في منتصف الجبهة، وآخر لديه عدة قرون شوكية تقسم رأسه نصفين، الأستاذ لا يمتلك أي شيءٍ ممّا سبق، فهو طويل القامة، عريض الأكتاف، يبدو شابًّا قليلاً لكن شعره أشيب على النقيض، يلبس وزرةً تصل لرکبتيھ، ونظارتين طبيتين مع ابتسامةٍ خبيثةٍ مصطنعةٍ على وجھھ، قال مخاطباً:

_أنا آلبرت، بدأت التدريس هنا منذ عشر سنوات.

شدّ خصلة من شعره و أردف:

_فكما ترون، أنا حالياً في الثلاثينيات من العمر فقط ومع ذلك شعري أشيب.

ضحك بصوتٍ عالٍ، ثم قال:

_نكتة جيدة، أليس كذلك؟

ثم نظر للطلاب متعجباً من عدم تمكنھ من إضحاك أي أحد، فأدرك بأنه سيء في إلقاء الدعابات، تماماً كما ظن، فحمحم وقال:

_على كل حال، سأدرسكم طوال الثلاث سنين الأولى من الدراسة، ثم يتم تغييري بأستاذٍ آخر، وأريدكم أن تعلموا أنها ستكون عبارةً عن %90 من الإمتحانات التحريرية والتمارين فقط، لتتجهزوا.

سأل أحدهم :

_وماذا عن ال%10 المتبقية؟

\=هذا سؤال جيد، ستكون فيها بعض التدريبات لتعلم بعض الحركات وفنون الدفاع عن النفس.

فكر ذلك الشيطان الصغير بسعادةٍ برغبته في أن يغدو أول من في صفه، معتمداً في ذلك على قراءته لعدة كتب، يالغبائه!

أردف آلبرت بينما يضع يده على أوراق اختبارات القبول المكدّسة فوق بعضها:

_ھنا لدي اختبارات القبول، ولتعلموا شيئاً، كل الاختبارات في هذه الأعوام الثلاثة ستكون متنوعةً ومبنيةً على العلم والفلسفة والموسيقى الخاصين بالبشر أساساً، وبعضها سيكون مبنياً على تاريخهم وأساطيرهم، وفنون القتال كذلك ستكون مستنبطةً من فنون البشر.

اِنصدم التلاميذ، فقالوا بصوتٍ موحد:

_البشر؟!

\=نعم بالطبع.

قال أحدهم:

_لكن، أليست فنون قتال العوائل الخمسة أقوى منها لدى البشر؟

\=نعم، هي كذلك، ستدرسونها في السنين الثلاث الأخيرة.

_هكذا إذن.. بالمناسبة أستاذ، من أي عائلةٍ أنت؟

تعجب آلبرت من السؤال لعدم فهمه له، فصمت قليلاً ليستوعب وقال:

_آه نعم نعم، هيهيهي.

اِبتسم ابتسامةً عريضة، ثم ثبت نظارتھ قبل أن يقول:

_يمكنك القول أنني من العائلة السادسة، هيهيهي.

\=هاه، إذن أنت بشري؟

تحولتْ ابتسامة آلبرت لتعجبٍ عندما قال:

_ماذا؟ بالطبع لا، أعني فكر بالمنطق، كيف يعقل لبشري أن يدرس طلّاباً من العوائل الخمسة؟ لا يعقل، صحيح؟

عاد للابتسام مجدداً، ثم أردف:

_يمكنك القول أني بشري ولست بشريًّا في الوقت ذاته، هاهاها.

بدأ آلبرت في الضحك بشكل هستيري لدرجة أن أضراسه قد ظهرت مع عدم مبالاتھ بتعجب الطلاب منه، إلّا أن تلميذاً وراء ساتان شبیھ بالبشر مثله قد سأل نفسه فيما إذا كان يعقل بأن آلبرت الأستاذ هو مثله

فسأل التلميذ الذي سأل آلبرت سابقا نفسه بدوره بعد سماعه الإجابة بصوتٍ هامسٍ "وهل توجد عائلة سادسة؟"، قال آلبرت بعدها مخاطباً القسم بأكمله:

_على كل حال، فلنبدء الاختبار.

ثم خاطب ساتان بالتحديد مع التفاتةٍ له:

_أأنت مستعد، ساتان؟

أجابھ ساتان بحزم:

_نعم!

اِستأنف آلبرت توزيع الإختبارات على القسم كاملاً، وكان ساتان متحمساً وخائفاً في نفس الوقت ينتظر أن يحصل على ورقته، فلمّا ألقى عليها نظرةً بعد وضعها، تفاجأ من كونها عبارةً عن رموزٍ مدببةٍ مبهمة، فسأل آلبرت ملحًّا:

_أستاذ آلبرت ما هذه الرموز؟

كان آلبرت يعطي ظهره للطلاب بينما يكتب شيئاً ما على السبورة بالطباشير، فالتفت بعد سماعه السؤال، ثم أشار للسبورة بالطباشير قائلاً:

_كما ترون هنا يا صغاري، يوجد شرح تلك الرموز مع مقابلها بالحروف التي تعرفونها، هذه الرموز تسمى "بْرَيْلْ"، وهي نقاط يقرأ بها العميان، صنعها معلم بشري فرنسي إسمه "لويس بريل" من أجل إعطاء فرصة الدراسة للأشخاص المكفوفين، وكما قلت سابقاً فنحن سنعتمد على تاريخ واكتشافات البشر في الإمتحانات، المطلوب منكم هو كتابة إجابة الأسئلة مستعملين نفس الرموز المستخدمة فيها.

تحدث أحد التلاميذ:

_لكن يا أستاذ لا يوجد قلم أو ريشة لنكتب بها.

أشار آلبرت له مع ابتسامة على محياه:

_نعم، هنا توجد الخدعة، عليكم كتابتها باستخدام عناصركم.

\=هكذا إذن.

كانتْ كلمات آلبرت الأخيرة كالرعد الضارب على قلب ساتان، ففاجأه ولم يتمالك نفسه عند وقوفه من الكرسي وصراخه من الصدمة ليجعل من كل العيون داخل القاعة ناظرةً له قائلاً بتلعثم:

_ممممالذي قلته للتو؟!

لم يحصل سوى على عدم فهمٍ ولامبالاةٍ من طرف آلبرت، فجلس مرتبكاً بعد ملاحظتھ لعيون الآخرين، وشدّ رأسه بتوترٍ وهو يفكر "يا إلهي، ماذا سأفعل؟" فتأكّد من رسوبه وعدم اکتسابھ لحب عائلتھ، سأل نفسه مرة أخرى "ماذا أفعل؟"

توجّھ آلبرت للمكتب فجلس وتحولتْ ابتسامتھ لغضبٍ غیر ملاحظ، فبدأ في اللعن بصمتٍ بينما ينظر لارتباك ساتان، قال لنفسه "هذا مجهد، لِمَ علي إنجاز تلك المهمة اللعينة؟" كرّر اللعن مرتين ثم أخرج علبة سيجارةٍ من جیب وزرته وقال لنفسه "سأحتاج للقليل من إفرازات الدوبامين" واستھلّ التدخين بقوة.

》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

الساعة معلقة في الجدار أمامي، أنظر لها بين الفينة والأخرى بخوفٍ وارتباكٍ شديدين، وكأنني أنتظرها لتعاقبني كما فعل فاه الأستاذ قبل قليل بصدمةٍ من نوع ما، أشدّ رأسي بيدي المبللتين بالعرق الناتج عن توتري لتجعلا منه أكثر ابتلالاً مما كان عليه، ألقي نظرةً خاطفةً على بقية الطلاب يميناً ويساراً، لأجد بعضهم قد انتهى من الإجابة بالفعل، والبعض في خضمّ معركته مع الورقة، والبعض الآخر يفكر للإجابة عن الأسئلة بينما يقرأ ما كُتب على السبّورة

بقيت على هذه الحال حتى مر نصف الوقت، الساعة من أخبرتني بذلك، فشعرت بنكزة ضعيفة على ظهري، ظننتني قد دخلت في مرحلة التوهّم من شدّة توتري، فشعرت بالنكزة الثانية التي كانت أكثر قوة، فعلمت أنني لا أتخيل وإنما الشخص الذي ورائي يريد التفاتةً مني، لكنني لم أفعل بل ظننت أنه لن ينكزني أكثر، فشعرت بالثالثة والتي كانت قويةً جدًّا، قال معها بصوت عال "هيا!" فاستدرت بعدها وأنا موشك على البكاء، أحبس القطرات في مكانها، فوجدتھ فتىً بنفس عمري، ذو شعرٍ برونزي داكنٍ وعيون بنفس اللون، بعض الخصلات الناعمة تغطي جبهتھ وحاجبيه، لكنني استغربت عندما لاحظت عدم حيازته على أية قرونٍ أو آذانٍ مدببة، فظننته من عائلةٍ لم أقرأ عنها، قلت له منزعجاً:

_ليس لدي وقت لك، سأرسب في الامتحان، ثم إن الأستاذ يراقبني منذ وقتٍ طويل.

اِلتفت ناظراً للأستاذ، فقال:

_ماذا؟ ظننته يراقبني أنا.

اِلتفتت للأستاذ بدوري، فصرنا ننظر إليه معاً، فارتبك وحوّل عنقه للإتجاه الآخر بطريقةٍ مضحكة ثم عدت للفتى، فأكمل:

_يبدو أنه أدار وجهه، قل لي ما مشكلتك؟

\=ليس لدي القدرة على استخدام العنصر الخاص بي، وأنت؟

_أنا لا أعرف الأجوبة، ولكنني قادر على استخراج عنصري، دعني أخبرك بالطريقة.

بسط يده اليمنى أمام وجهي، ثم أشار لأصابعه قائلاً:

_كل ما عليك فعلھ هو تركيز الدم في رؤوس أصابعك وعندها سيخرج العنصر، ألم تخبرك بها عائلتك؟

اِعتلتني الفرحة ومسحت دموعي العالقة، فصرخت دون أن أشعر قائلاً:

_أحقًّا؟!

تدارکت سؤاله الأخير ففكرت أنني لا أستطيع إخباره السبب وراء عدم إخبار عائلتي لي بالطريقة، فوضع سبابته على فمه أفقيًّا وقال:

_شششش، أأنت أحمق؟ سيسمعنا الأستاذ.. والآن ساعدني أرجوك.

\=حسناً.

همست بالإجابات في أذنه، ثم استدرت، فحزمت نفسي ونظرت للساعة وأنا أفكر باستعمال كامل قوتي في ذلك مع علمي المسبق بالإجابات، بينما كان بيل موجوداً بجانبي الأيمن طوال الوقت يرمقني بنظراتٍ عجيبة ولا يراه أحد غيري.

》《》《》《》《》《》《

"آلبرت"

لم أستطع إزاحة عيني عن ذلك الشيطان الصغير، أية أوصافٍ أخرى؟ جلست ساهياً أفكر، فخطرت علي بعضها.. ذلك الشيطان الجاهل المسكين المرتبك المكروه، ولكن رغم كل ذلك فهو سعيد نسبيًّا، شخص يعتمد في سعادته على امتحانٍ سهل، كم أحسده علی بساطتھ فهو لايعلم أي شيء

كان لا يفعل شيئاً غير التجمد والشدّ في الرأس هناك وكأنها نهاية العالم، فكرت لوهلة بالحسرة عليه لكونه جاهلاً، يالغبائي! ولكني أعذر نفسي فقد كان مرتبكاً بينما يُجري الجميع تمارينه باستشناء فتىً من العائلة السادسة -مثلي- كان وراءه، لمسه عدة مراتٍ حتى جعله يستدير مرغماً عليه، ظننت بأن شيئاً مثيراً سيحدث فترقّبت، تكلما قليلاً بعدها فسمعتهما يتحدثان بينما ينظران لي، فالتفتت للجهة الأخرى بسرعةٍ حتى كسرت جزءًا من عنقي لأنني علمت أنهما كشفا مراقبتي، فصرت أنظر للإثنين بعينٍ واحدةٍ بحذر، فوجدتهما يساعدان بعضهما إلى أن نزلا على أوراقهما يخرجان عناصرهما بجدٍّ وظلّا على ذلك المنوال حتى الدقائق الأخيرة من الوقت، وكان ساتان متعباً جدًّا، هذا وصف جيد آخر له.

رنّ الجرس فأعطاني الجميع أوراقهم وكان ساتان آخر من يفعل ذلك، فتعكّل بالعتبة أمامي ومددت يدي نحوه أحاول جذبه، لكنني لم أفعل، بل ساعده صدیقھ الجديد وحمله على كتفه مما طمأنني، فقال لساتان:

_هل أنت بخير؟

\=نعم أنا متعب قليلاً فقط.

قلت مبتسماً مصفّقاً أعبّر عن إعجابي الصادق:

_يالها من صداقةٍ جميلة! أعطوني أوراقكما بسرعة.

أجاباني بعد التحديق ببعضھما لوھلة:

_حسناً!

فأعطيانيهما وقلت بينما أتحقق من تلكما الورقتين:

_في الواقع، كنت أراقبكما طوال الوقت، وأعلم أنكما غششتما.

اِنصبغ وجها الإثنين بملامح المفاجأة والارتباك الشديد، أردفت مطمئناً:

_لكن كثناءٍ على صداقتكما هذه، سأعطيكما علامةً كاملة، حسناً؟

أجاباني بسعادة:

_حسنا!

أعطيتهما العلامة الكاملة بلا شعورٍ غير مبالٍ بالعواقب، فشكراني قبل مغادرتهما للقسم.

》《》《》《》《》《》《

خرج ساتان وصديقه من القسم، فقال ساتان بينما يمد يده للمصافحة:

_شكراً على المساعدة.

صافح الفتى ساتان بابتسامةٍ على محياه قائلاً:

_لا بأس، الشكر لك أيضاً.

\=بالمناسبة، ماهو إسمك؟

_إسمي هو غارفيلد، وأنت؟

\=إسمي هو ساتان، تشرفت بك غارفيلد.

_أنا أيضاً ساتان.

\=على كل حال علي فعل شيء ما بسرعة، أتأتي معي؟

_حسناً.

_

_

_

_

_

_

T.B.C..

كان ھذا فصلي الأول، أتطلع لآراءكم🖤

أعرف أنھ سريع من ناحية الأحداث، لذلك أحب تشبيھھ بالسرعة الابتدائية

حيث:                Vi\=2(d/t)-Vf

سيتم التحديث أسبوعيًّا يوم السبت إن شاء اللھ 😁

إلى اللقاء 👋🏻

●الفصل 2 : "لعنة فطرية"

"غارفيلد"

أول صديق لي كان شيطاناً بسيطاً، لم أكن أظن أنني سأصادق شخصاً كھذا، لكنھ يفي بالغرض، تبدو عليھ الطيبة والسعادة والطموح، قد أفعل أي شيءٍ لأرى وجھھ السعيد ھذا، كان يجري باحثاً في أرجاء المدرسة وأنا أتبعھ من الخلف، قلت لھ وأنا أرمقھ بنظرة خبيثة مصطنعة وأرفع حاجباي لحسَدي لھ على سعادتھ:

_ھاھ، تبدو سعيداً جدًّا.

\=نعم بالطبع.

ضربتھ بلطف على ظھرھ بينما أقول:

_ما سر كل ھذھ السعادة؟ ھاھ، أيھا الشيطان.

\=إنه سر، ستعرف عمّا قريب.

بعدھا، جرينا لوقتٍ وجيزٍ إلى أن وصلنا لتجمّع طلاب من نفس عمرنا، ظھر لي رأس ذو شعرٍ أشقر من بعيدٍ في مركزھ، فتوقف ساتان أمامھ كما فعلت، واتجھ نحو تلك الفتاة الشقراء التي كانت تعطي ظھرھا فلمسھا، قلت لھ ساخراً وأنا أشير لھا:

_ماذا؟ لا تقل لي أنك معجب بھذھ القبيحة.

لم تكن تلك الفتاة قبيحة أبداً، بل كانت جميلة جدًّا، وإنما شعرت بعدم الاِرتياح لھا فاحتجت لقول ذلك، لربما ھي ليست نوعي، أجابني ساتان بسرعة مدافعاً:

_نعم، وھي ليست قبيحة.

تعجبت الفتاة من كلامھ، فالتفتتْ لي، كانت شقراء للغاية بعينين زمرديتين، أنفھا صغير، قرنان ملتويان على رأسھا وجناحان كالتنين على ظھرھا، لكنني لم أعجب بھا رغم ذلك، قالت لي بغضبٍ طفيف:

_أنت، أما يقولھ ھذا الشيطان صحيح؟ أم ھو يھلوس؟

\=لا ، إنھ صحيح.

اِلتفتت لساتان فوجدتھ راكعاً على ركبتيھ مبتسماً وكأنھ لم يسمع ماقالتھ للتو، قال لھا:

_آنجي، منذ ذلك اليوم وأنا أحبك، اليوم الذي أتيت فيھ لقصر عائلة الشياطين، لذا أريد أن أعرف مشاعرك بخصوصي، أنا أحبك كثيراً.

تفاجأت المجموعة كلھا من كلامھ وكل من كان في الجوار، إلّا أنھا لم تفھم-أو تظاھرت بذلك-فقالت لھ بتكبر:

_ماذا؟ أعِد ما قلتھ.

كرّر صديقي الجديد قولھ بالحذافير، فعلمت حينھا أن الوضع متجھ للسوء، فقالت لھ بنبرةٍ ساخرةٍ وابتسامةٍ خبيثة:

_ماذا؟ لا أصدق ذلك، شخص عامي مثلك، يريدني أنا، لا لا لا لا لا، لا تمزح معي، طلبت الكثير.

أردفت مخاطبةً أصدقاءھا ومشيرةً لساتان الذي كان لا يزال راكعاً وقد تحولت ملامح سعادتھ لصدمة مھولة، يبدو أنھ كان ينتظر ردًّا ورديًّا معاكساً للواقع:

_أنظروا من يريدني ! شيطان ضعيف و عائلة ضعيفة، ھاھاھا، أنا من عائلة التنانين المجنحة مستخدمو عنصر الذھب أحب شخصا عامياً من عائلة الشياطين الضعيفة مستخدمو عنصر الصدأ؟!

جعل كلامھا الساخر الصاخب ذاك المزيد من الطلاب يتجمعون حولنا، كنت أرى الكثير منھم يضحكون على ساتان بعد كلامھا، فقال صديقي بحزن وحرقة:

_لكنني أحبك ولا يھم كل ھذا، أليس كذلك آنجي؟ قولي لي أنك تمزحين.

\=لا لا لا، ھذا مھم جدًّا، أنت لست كفؤاً بي أيھا الفاشل.

خاطبت من حولھا مجدداً:

_رددوا معي ! فاشل، فاشل، فاشل...

كنت أسمعھم يرددون تلك الكلمة "فاشل" وأنجرح من كلامھم كما لو كنت أنا المعني بھ، صديقي يقلل من شأنھ وأنا لم أستطع فعل شيءٍ لمساندتھ، أمرتھم تلك الخقيرة مجدداً بجعل الصوت أعلى، فكنت كل مرة أشتعل غضباً بدل صديقي الذي شدّ رأسھ باكياً دون مقاومة لتلك الأصوات، سمعتھ يھمس "لكنني أحبك" ثم رفع الباكي وصرخ لھا:

_أحبك، لكنني أحبك !

أجابتھ بصوتٍ ساخر منتشي:

_أنا لا أحب النساء.

لم أعلم بأنھا ستصل لھذا الحد من الإھانة لھ، غضبت لوھلة لكنني تمالكت نفسي، فوجدت ساتان ينھض في غضبٍ شديد من الأرض بعد قولھ ل"ماذا؟" بصوتٍ مسموع، رفع قبضتھ المغلقة بإحكام وأراد لكمھا، لكنني ما أردتھ أن يتسبب بالمزيد من المھانة لنفسھ، فأوقفتھ بشدّ يدھ وقلت لھ مواسياً:

_ساتان، لا بأس يا أخي، أنت تعطي القيمة لمن لا يستحقھا.

تقدمت نحوھ ونظرت في عينيھ الغاضبتين وقالت بصوتٍ مسموع:

_تبا لك أيھا الأحمق، كيف لك أن تحب شخصا قد قابلتھ لمرة واحدة في حياتك؟ كم أنت غبي أيھا الفاشل.

استشعرت بنوع من الشفقة ينبع من كلامھا الأخير الذي غادرت بعدھ المكان وتبعھا أصدقائھا، اِنتشر البقية أخيراً، وبقيت أنا وصديقي لوحدنا، كان جاثياً على ركبتيھ يضرب نفسھ ويقول أنھ يحبھا واستمر كذلك لفترة طويلة، فقلقت عليھ وقلت كلاما ياليتني ما قلتھ:

_صديقي، ھي لا تستحق حبك، ثم إنھا قبيحة.

قلتھا لأخفف حزنھ بالتقليل من آنجي، لكن يبدو أن التأثير كان عكسيًّا، فقد لكم وجھي بقوةٍ وغضبٍ صارخاً:

_اِبتعد عني.

فاجأني رد فعلھ، ولم أجد غير تحسس الكدمة في وجھي، لكنني غضبت كذلك وقلت لھ قبل أن أغادر بدوري:

_حسنا، تبا لك أنت وإياھا !

ذھبت بكبريائي، كيف لھ أن يفعل ذلك؟ ألا يعلم قدر الشجاعة التي استجمعتھا لمواساتھ؟ بذلت جھدي للتخفيف عنھ من ألم الحب، لكنھ دمّر كل ذلك بلكمتھ المفاجئة تلك، اِستمريت في المشي حتى قابلت رجلاً أعرفھ وذھبت معھ.. ومن حينھا قررت الانتقال من صف ساتان، ولم أشعر تجاھ صديقي المؤقت بغير الشفقة الشديدة.

》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

خرجت وأنا أتحسس جرحي العميق في قلبي من الأكاديمية، ولم يلحظ أحد تحركي-أو كانوا يتظاھرون بذلك-، لاحظت تحول جو اليوم المفاجئ لسماء غائمة مكسوة بالرمادي الكئيب، وكأنني وصلت بحزني لمعاداتھا بھ، الشمس الذھبية نفسھا لا تريد الاِشعاع على وجھي المحمر من الدمع، إنھ عقاب آخر آخذھ اليوم لحماقتي، جلست على عتبة نافورة الماء أمام البوابة وحيداً، أسمح لدموعي المكتومة بالإنھمار بعد تعرضي للإھانة بشتى أنواعھا، لا أحد بجانبي غير مخلوقٍ أسود وأحمر العينين، كان يقلّدني عندما اعترفت لآنجي، وھاھو الآن يحاكي جلوسي ويبكي معي دون دموع ولا يفنك ينظر إلي.. لكنني سمعت ھمساً بجانبي الأيسر يقول:

_لقد رأيتك.

فالتفتت بملامح منصدمة لأبصر فتاة في نفس عمري بشعرٍ قرمزي طويل وعينان ياقوتيتان، تملك أذنين مدببتين وقرنان، أحدھما طويل جدًّا والآخر قصير جدًّا على النقيض، كانت عفريتة بالتأكيد، لابد أنھا جلست بجانبي تنظر لي دون أن ألحظھا وقالت ذلك لتجعلني أدرك وجودھا، كانت الدموع متجمعةً في وجنتاي، فأردفت:

_لقد رأيتك عندما اِعترفت لھا، لم يكن عليھا أن تفعل كل ذلك لك، لكن أتعلم؟ لربما الشخص الناجح ھو بطبيعتھ مغرور، وھنا أقصد بأن الغرور جزء لا يتجزأ من الناجح، كل شخص ناجح في العالم لا بد لھ أن يحتقر الضعفاء والفاشلين ويذلھم ، لكنني كسرت ھذھ القاعدة للتوو جلست بجنبك يا ساتان ، وبالتالي فأنا مميزة.

أجبتھا بسرعةٍ شاكياً:

_لكن لمَ على الناجح أن يحتقر ذلك الفاشل بدل الإبتعاد عنھ وحسب؟ أو رفضھ وحسب؟

\=اِسمعني ساتان، ليس كل شيء يجري كما نريد في ھذا العالم، النجاح والفشل لا بدّ منھما، والفاشلون يستمرون في الفشل والناجحون يستمرون في النجاح، علينا أن نصنع ما نريد.

_ھل يمكن أن يخرج الفاشلون من لعنة الفشل؟

\=ھذا أمر صعب، عن نفسي لا أنصح بخوضھ لكنني أحس بالفاشلين وأشفق عليھم، ھذا لأن الفتاة التي أمامك مميزة كما قلت، أتريد الخروج من دائرة الفشل تلك لھذھ الدرجة؟

تحولت ملامحي المتسائلة لفرحةٍ كبيرةٍ عندما قلت:

_نعم أريد، لكن كيف؟ أخبريني رجاءً.

نھضت الفتاة ووقفت أمامي، ثم أسندت يدھا على ذقنھا تفكّر وقالت:

_حسنا، كيف أقولھا؟.. أممم، السر كلھ في الثقة بالنفس.

قالتھا وھي تشير لوجھي، فأردفت:

_ثِق بنفسك وسيحدث الأمر بدون أن تحس حتى، ستخرج من تلك الدائرة المسماة بالفشل وتصبح ناجحاً.

ثم أشارت لنفسھا مردفةً:

_مثلي.

حاولت المزاح فقلت متسائلاً:

_لكن، ألم يكن عليك وضع اِسمك بدل إشارة مبتذلة مثلَ "مثلي" في آخر جملة؟

فجارتني عندما أجابت:

_أوھ، آسفة آسفة.. أقصد مثل إليسا الأميرة العفريتة.

فنھضت أمد يدي داعياً للمصافحة مع قولي مبتسماً:

_تشرفت بك، إليسا الأميرة العفريتة.

اِبتسمتْ بدورھا ثم صافحتني قائلةً:

_تشرفت بك أيضا، أيھا الشيطان الفاشل، ساتان.

اِستمرينا في الإبتسام في أوجھ بعضنا والمصافحة إلى أن قلت:

_أعتقد أنھ يجب علينا توديع بعضنا البعض في ھذھ المرحلة، أيتھا الأميرة العفريتة.

أومأتْ إيجاباً وقالتْ:

_أوافقك الرأي، أيھا الشيطان الفاشل.

تركنا أيدي بعضنا ثم لوحت لھا مودعاً بينما أتوجھ إلى طريقي قائلاً:

_إلى اللقاء أيتھا الأميرة العفريتة.

فلوّحتْ بدورھا قائلةً:

\=إلى اللقاء أيھا الشيطان الفاشل.

سلكنا طرقاً متعاكسة، وكنت متفائلاً أجري نحو السائق كالأحمق الذي لا يعلم شيئاً، يالغبائي ! كنت أھمس لنفسي مبتسماً "آھ، يبدو أنني أضعت عصفوراً وضربت عصفوراً" ولكنني لم آبھ لأنھ لا يزال لدي عصفور ثالث لأضربھ، قھقھت ثم قلت لنفسي "لكن، يبدو أنني صرت ملماً بأنواع النساء الآن، النوع المغرور والنوع المتواضع، ولكنھ مغرور قليلاً" وذلك المخلوق يحاكيني.

》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《

صعد ساتان للسيارة مجدداً وكان بيل بموازاتھ يحاكي كل أفعالھ حتى وصل ساتان للقصر، ففتح الباب مبتسماً، وبينما ھو يسدھ إلى الداخل كان يقول بصوتٍ مسموع:

_لقد عدت، أتعلمون؟ تم قبولي في الأكاديمية، أليس ھذا خبراً جيداً؟

ألقى نظرةً على أفراد عائلتھ فوجد أن ملامحھم غاضبة بعض الشيء أمامھ، وكأنھم كانوا ينتظرون قدومھ، فقال متعجباً:

_ما بالكم تبدون ھذھ التعابير؟ أھذا لأنني تأخرت؟ آسف آسف.

كان أمامھ شيطانتان شابتان، إحداھما شعرھا قصير أسود وعيناھا حمراوتان وأذناھا مدببتان، تلبس زيًّا رسميًّا وربطة عنق، والإخرى بنفس مواصفات الأولى، لكن مع شعرٍ مربوطٍ وراء رأسھا، كلاھما بدا غاضباً، فھمست صاحبة الشعر القصير لصاحبة الشعر المربوط بصوتٍ مسموعٍ ونبرةٍ نابعةٍ من غضبٍ ونفورٍ شديدين:

_تبًّا، إنه يتصرف وكأنھ لا يعلم شيئاً يا مالفاس، حثالة.

فأجابتھا توأمھا بنفس النبرة:

_وفوق كل ذلك جاء متأخراً لكي ينسينا الأمر يا ھالفاس، منافق.

تعجّب ساتان من كلامھما، فقال:

_لم أفھم ماتحاولان قولھ، ھل-

قاطعتھ ھافاس بصوتٍ عالٍ:

_لقد ماتت الجدة ليليث ! أيھا الأحمق.

اِنصدم ساتان، فتراجع خطوة للوراء قائلاً بتردد:

_ماذا؟ ھذھ كذبة، لا لا لا لا لا بالتأكيد أنتِ تمزحين ھالفاس، قولي لي أنك تمزحين.

أجابھ شيطان شاب طويل القامة ذو لحية سوداء متوسطة الطول تغطي ذقنھ وفكيھ، قرناھ بنيان ملتويان على رأسھ وبشرتھ حمراء، يلبس زيًّا رسميًّا كذلك، كان واقفاً في ردھةٍ عالية قرب الغرف مخاطباً بنبرةٍ حادةٍ غاضبة، وصوتٍ مھيبٍ قاس:

_أما زلت تقول ھذا؟ أيھا القاتل !

نظر ساتان لذلك الشيطان نظرة خاطفة ثم بلع ريقھ بخوفٍ من حضورھ وھمس لنفسھ "جدّي لوسيفر؟" فأنزل رأسھ المرتفع بسرعةٍ مرغماً، والفتت ببطئٍ قاتلٍ لامرأة ثلاثينية كانت في الجوار ذات شعرٍ بني طويل، وعدساتٍ سوداء تتوسط عيوناً ضيقة، جفنھا كان قريبا للسواد تنظر بھ لھ بمقتٍ شديد، لم تكن تملك أيّ مواصفاتٍ شيطانية، كانت بشرية تلبس فستاناً أسوداً بسيطاً، قال ساتان لھا:

_أمي صدقيني، أنا لم أقتلھا.

صرخت أمھ في وجھھ بقوة:

_أنت حثالة ! كيف تقول ھذا وھي ميتة في غرفتھا الآن؟! لقد كنت معھا البارحة، من سيقتلھا غيرك؟! روح شريرة لعينة مثلا؟!

اِنصدم ساتان من كلامھا، فبدأ بتقبّل حقيقة موت جدّتھ، فتسائل "جدّتي ليليث قد ماتت؟ لا يعقل، مثل ذلك الشخص الطيب قد مات؟ لا أعلم لمَ يموت الأشخاص الطيبون أكثر من الأشخاص المحتقرين السيئين"،فأشارت لھ أمھ مكملةً كلامھا بصوتٍ أكثر علوًّا في وجھھ:

_أنت ملعون ! منذ ولدت والشرور تتبعك حتى جدّتك قد عاديتھا بتلك الشرور، أنت لا تستحق أن يتم الإقتراب منك ! تبًّا لك أيھا الإبن الملعون !!

اِلتفت ساتان يخاطِب جميع الأفراد الموجودين بالأرجاء مدافعاً:

_لكن ، ھذا اِتھام ! أنتم لم تروني، لم أقتلھا صدقوني.

اِلتفت إلى أمھ راجياً:

_صدقيني يا أمي !

ثم التفت إلى شيطانِ شابٍ ذو شعرٍ أسود طويل وقرنان جمراوان طويلان وعينان حاقدتان بنفس اللون، وجھُ طويل ونظرة مقيتة لأعلى حدّ:

_صدقني يا عمي ليفايثان !

ثم إلى بشرية ذات شعرٍ أسود متوسط الطول، كانت بجانب ليفايثان:

_صدقيني أيتھا الخالة ماريا !

ثم إلى شيطانٍ يلبس زيًّا رسميًّا أزرقاً سماويًّا، شعرھ بنّي قصير وشاربھ لولبي صغير أسود، عينانِ حمرواتانِ بنفس لون القرنين، كان في أعلى الدرج ينظر لھ من الأعلى بحدّة وملامحَ معدومة:

_صدقني يا أبي ! رجاءً !!

ظلّ أبوھ يرمقھ بظرةٍ ثاقبةٍ لوقت قصير، ثم صعد السلالم ببطئ بينما يقول بصوتٍ مسموع:

_اِتبعني، أريد التكلم معك، ساتان.

اِبتسم ساتان فرحاً فور سماعھ لكلمات أبيھ، فتلاشى خوفھ وصدمتھ، ثم صعد السلالم وراء أبيھ بسرعةٍ كالأحمق الذي لا يعلم شيئاً، كان يظن أن أباھ آستاروث قد صدّقھ وھو على وشك أن يثني عليھ لأنھ قْبِل في الأكاديمية إلى أن دخل آستاروث لمكتبٍ ذو مساحة واسعة، وجلس على الكرسي أمام ساتان الذي كان بعيداً جدًّا عليھ يسدّ الباب من الداخل، قال آستاروث:

_حسنا، كما ترى فالجدة ليليث والتي ھي أضعف عضوٍ في العائلة قد ماتت لسبب ما.

فور سماعھ لذلك، ظنّ ساتان أنھ بقول آستاروث "لسببٍ ما" فھذا يعني أنھ لا يشكّ فيھ، اِفترض أنھ بدأ يحبّھ بعد قبولھ في الأكاديمية، ثم قال لآستاروث بصوتٍ جاد:

_نعم، أبي.

\=في الواقع يا ساتان، لقد جلبتك إلى ھنا لكي أقول لك كلاماً مھماً بعيداً عن موضوع موت ليليث، وأرجو منك سماعي جيداً.

_ھل ستثني علي لإجتيازي اِختبار القبول؟

أجاب آستاروث بنبرةٍ لامبالية:

_حسنا.. لم أتوقع منك أكثر من ذلك ساتان، الأشخاص الفاشلون فقط من يعتقدون أنّ ھذا الإمتحان شيء يستحق الثناء، وھا أنت ذا تثبت لي مدى فشلك.

اِنصدم ساتان من جواب أبيھ، فسأل:

_ماذا؟ إذن ماھو ھذا الموضوع الذي سنتحدث عنه بالضبط؟

\=اِسمعني ساتان، منذ زمن بعيد كان ھناك خمسة خالدون يسمون أنفسھم ب"الحكماء الخمسة" وھم مؤسسو العوائل الخمسة الحالية، ومن بينھم الشيطان الأول والغول الأول والعفريت الأول، وقد أسسوا عوائلھم عن طريق الزواج بإناث البشر العبيد وإنجاب أطفالٍ من نفس عرقھم معھن، كانوا أشخاصًا خطرين وأقوياء جدًّا، ولكن حديثي سيقتصر على الشيطان الأول فقط، وھو أقواھم، كان يلقّب بملك الشياطين من شدّة قوتھ وصديقاً لبقية الحكماء لمدّةٍ تقارب النصف ألفية، وفي يوم من الأيام، اِتّفق الحكماء االأربعة الآخرين على القضاء على عائلة الشياطين، لكن ملك الشياطين كان لھم بالمرصاد، فدخل معھم في معركةٍ ضارية، لأنه لا يقتل الشخص الخالد غير الشخص الخالد، و تمكّن من الفوز ضد رفاقھ لوحدھ، لكنھ أشفق عليھم ولم يتمكن من قتل رفاقھ، وطيبتھ تلك ھي ما تسبّب في موتھ في وقتٍ لاحقٍ بعد المعركة على يد رفاقھ الحكماء، ثم جاء شيطان قوي و نصّب نفسھ ملكاً جديداً للشياطين في خطابھ على العائلة قبل 400 سنة، وھو الخطاب نفسھ الذي طَرح فيھ قانوناً جديداً يسيِّر العائلة، والذي ينصُّ على قتل كل من يولد ضعيفاً في العائلة أو طيّباً مع العوائل الأخرى، فحتى لو كنت طيّباً مع عائلتك، فھي على الأقل لن تخونك، وبعدھا ظلَّ يحكم الشياطين في الخفاء، لكنك حصلت على حب أمك فور ولادتك، ولم نتمكّن من قتلك مثل أولادنا الآخرين، لذا لم نقتلك، والآن أتعرف لم اِستدعيتك إلى ھنا؟

توسّعت عدستا ساتان الحمراوتان من الصدمة وھو يقول:

_لكن !

نھض آستاروث من على المتكب مبتسماً بخبث وقال مؤكداً:

_نعم، كما تظن بالضبط ساتان، لقد أتيت إلى ھنا ليتم قتلك على يدي.

》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

صنع أبي فأساً حديديةً وترساً من عنصرھ، ثم بدأ بالجري نحوي متجاوزاً تلك المساحة الطويلة بسرعة، لم أستطع فھم السبب وراء إرادة أبي لقتلي لتلك الدرجة، أو أنني أقنعت نفسي بذلك فحسب، كنت خائفاً ألھث بقوة وقلبي يحاول التحرر من قفصي الصدري من شدّة دقّاتھ، وكأنھ سجينٌ بريئ زُجَّ بھ في زنزانةٍ فرديةٍ صغيرة المساحة، وھو الآن يضرب على القضبان بقوّة وغضب منادياً بالعدالة، أتعرق بشدّة من التوتر، كنت أخاطب أبي في صمتٍ "لا يا أبي، لا تفعل ذلك رجاءً، لا تقتل إبنك الوحيد" لكنني أدركت شيئاً، شيئاً لم أظنً أنھ سيراودني في تلك اللحظة.. تذكّرت المشھد حيث كنت نائماً مع جدّتي ليليث، لم أكن أسمع صوت تنفسھا، لكنني لم أفعل لھا أي شيء، فتذكّرت نظر بيل إلينا، وحسب ما قرأتھ في كتاب اللعنات في المكتبة، فاللعنات تكون غالباً في العينين، فعلمت بإمكانية قتل بيل لليليث دون قصد، لكنني شككت في صحة ذلك، فلو كان صحيحاً، لماذا كنت لا أزال حيًّا؟ قد أكون مخطئاً وقد أكون صائباً، لكن ألم أكن الوحيد الذي قدر على التكلم مع بيل ورؤيتھ؟ وكان يفعل ما آمرھ بھ، وكان يلتصق بي أينما ذھبت، إذن، إذا كنت الشخص الوحيد الذي تم استثناؤھ في تلك النقاط، فلا بدّ أنني الاستثناء الوحيد الذي لم تؤثر عليھ لعنة ميدوسا الخاصة ببيل، لكنني تركتھا نظرية فحسب، قد تكون خاطئةً وقد تكون صائبة، وقررت التأكد منصحتھا في تلك اللحظة.. كان أبي قد قطع نصف المسافة الفاصلة بيننا، خرجت من غيبوبة خوفي فنظرت لبيل وأمرتھ مشيراً لأبي:

_بيل ! أنظر لأبي.

نعم، قررا قتلھ بتھورٍ دفاعاً عن نفسي، حتى لوكان ذلك الشخص ھو نفسھ أبي، حوّل بيل وجھھ الناظر نحوي لاتجاھ أبي، لكن شيئاً لم يحدث، قال لي وھو مندفع نحوي ساخراً:

_ماذا؟ أبدأت تھلوس مع نفسك الآن؟ لا بأس لا بأس، عندما يقترب المرء من الموت، لابد لھ من الھلوسة، ھيھ.

اِتسعت اِبتسامتھ عرضاً حتى شقّت وجھھ ومددت شاربھ، تساءلت في خوفٍ مع اقتراب أبي الصاروخي نحوي "ماذا؟ كيف ذلك؟ أيعقل أن بيل غير ملعون؟ لا لا لا يمكن" فافترضت أن أبي قد تمكن بطريقةٍ ما من النجاة من اللعنة، لكن كيف؟ قلت لنفسي "على كلًّ، ھذا ليس الوقت المناسب للتفكير في الطريقة" كان علي النجاة بحياتي لعلمي باقترابھ السريع، صرخت بأعلى ما لدي في حنجرتي خوفاً، فشعرت بشعورٍ لم أشعر بھ من قبل، أفكاري توقفت، وجھي مرفوع للأعلى وأنا غير قادرٍ على إنزالھ، دمي ساخن كالجمرة الحامية، أحسست بھ يسري بشتى أنحاء جسدي، ففاض الحديد من كلتا يدي دون علمي وتشكّل على شكل كرةٍ فولاذيةٍ ثقيلةٍ في يدي اليمنى ومنجلٍ حديدي في يدي اليسرى، وتربط بينھما سلسلة من قائم المنجل، فنظرت لسلاحي الموجود بين يدي مستغرباً، وھمست:

_أھذا ھو سلاحي؟ منجل؟ وكرة فولاذية؟ ولكن أليس عنصري ھو الحديد وليس الفولاذ؟

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon