في مدينة تعج بالضجيج والظلال، حيث لا يعرف الليل نهاية، عاش المحقق "هيون نايم"، أشهر محققي الجرائم، والذي كرّس حياته لمطاردة المجرمين وحل أكثر القضايا تعقيدًا. هيون كان رجلًا متزنًا في الظاهر، متزوجًا من "أماكي"، امرأة هادئة وذكية، استطاعت دائمًا أن تكون صوته الداخلي حين تختلط عليه الأمور. كان لهما ابنة صغيرة تدعى "مايا"، ملاكه الصغير، التي كانت تملأ المنزل بالضحكات والقصص.
في صباح غائم، بينما كان المطر يهطل بغزارة، تلقى هيون مكالمة طارئة عن جريمة جديدة هزت المدينة. الضحية كانت شابة في منتصف العشرينيات، تم قتلها بطريقة بشعة تحمل بصمات القاتل المتسلسل الذي أثار الرعب مؤخرًا. كانت هذه الجريمة الخامسة في سلسلة متتالية خلال الشهرين الماضيين.
عندما وصل هيون إلى مسرح الجريمة، ألقى نظرة طويلة على الجثة. كانت مستلقية على الأرض بطريقة متعمدة، وكأنها جزء من عرض قاتل مريض. الجروح الدقيقة والعميقة على جسد الضحية لم تكن عشوائية؛ كانت كأنها توقيع لشخص يعرف تمامًا ما يفعله. نظر هيون إلى المشهد بعين الخبير، لكنه شعر بشيء آخر، إحساس غريب بالارتباط.
عاد إلى منزله متأخرًا تلك الليلة، مرهقًا وشارداً. كانت أماكي قد أعدت له عشاءً بسيطًا، واستقبلته بابتسامتها المعتادة، رغم أنها لاحظت شحوب وجهه.
"يبدو أنك مرهق جدًا اليوم، هل كل شيء بخير؟" سألت بلطف.
ابتسم هيون بخفوت، قائلًا: "مجرد قضية صعبة أخرى."
كانت مايا تلعب بدميتها الصغيرة بجوار الطاولة. ركضت نحوه فور رؤيته، واحتضنته. كانت هذه اللحظات البسيطة هي ما يمنحه القوة للاستمرار.
لكن في منتصف الليل، استيقظ هيون فجأة، وكأن شيئًا انتزعه من نومه. وجد نفسه في قبو المنزل، جالسًا على الأرض، يديه ملطختان بالدماء، وسكين صغيرة بجواره. أمامه كانت صورة امرأة، نفس المرأة التي وجدت مقتولة صباح ذلك اليوم. أصابه الذعر، لكنه قبل أن يتحرك، سمع صوتًا بداخله، صوتًا واضحًا، ولكنه لم يكن صوته.
"لقد فعلناها مجددًا، هيون. أنت تعرف الحقيقة... نحن واحد."
ارتعدت يداه وهو يتراجع للخلف. "لا... هذا مستحيل. أنا... أنا لست قاتلًا!"
لكن الصوت الآخر كان واثقًا: "بل أنت أفضل قاتل عرفته هذه المدينة."
في تلك اللحظة، أدرك هيون الحقيقة القاتمة. القاتل الذي كان يبحث عنه طوال الشهرين الماضيين لم يكن سوى نفسه. كان يعيش حياتين، حياة المحقق الذي يطارد العدالة، وحياة القاتل الذي يختبئ في الظلام.
في صباح اليوم التالي، جلس هيون مع أماكي و مايا على مائدة الإفطار. بدا هادئًا، لكنه في أعماقه كان يغلي. نظر إلى أماكي، ثم إلى ابنته الصغيرة، وشعر بعبء الحقيقة يهدد كل ما يحب.
كان الصراع الداخلي قد بدأ، صراع بين هيون المحقق وهيون القاتل. وكلما اقترب أكثر من حل القضية، اقترب أكثر من كشف نفسه، والخطر أصبح أقرب مما كان يتصور.
مرّت الأيام، واستمر هيون نايم في أداء دوره كمحقق لا يعرف الكلل. كل جريمة جديدة كانت تقربه من القاتل المتسلسل الذي شغل المدينة. لكن في داخله، كان يعرف أن اللعبة أكثر تعقيدًا مما يظهر. بدأ يشعر بأن حياته أصبحت مسرحًا لصراع بين وعيه النقي وشخصية غامضة تتلاعب به.
جلس في مكتبه يومًا، يحلل التفاصيل المتكررة في الجرائم. لاحظ أن القاتل دائمًا ما يختار ضحاياه بعناية، يترك وراءه أدلة دقيقة لكنها لا تكشف هويته. فجأة، استوقفه تفصيل صغير: جميع الضحايا كنّ مرتبطات بماضيه البعيد، إما زميلات دراسة أو أشخاص مرّوا في حياته يومًا. هذا الاكتشاف جعله يتجمد في مكانه.
عاد إلى المنزل في تلك الليلة، ليجد أماكي جالسة تقرأ قصة لي مايا قبل النوم. عندما التفتت إليه بابتسامتها المعتادة، شعر بشعور غريب، مزيج من الراحة والذنب. كان يريد أن يخبرها بالحقيقة، لكن الكلمات علقت في حلقه.
"في أعماق الظلام، عندما تصبح العدالة سيفًا مزدوج الحد، أين تختبئ الحقيقة؟"
في مدينة تعج بالظلال والجرائم، يتصدر المحقق هيون نايم المشهد كرمز للعدالة. معروف بذكائه الحاد وقدرته على حل أكثر القضايا تعقيدًا، يطارد قاتلًا متسلسلًا لا يترك خلفه سوى الفوضى والرعب. لكن ما لا يعرفه أحد، حتى هيون نفسه في البداية، هو أن ذلك القاتل الذي يسعى للقبض عليه... هو ذاته.
بينما يلاحق هيون أدلة الجرائم التي تركتها شخصيته الأخرى، تزداد الفجوة بين عالمه المهني وحياته العائلية. زوجته "أماكي" وابنته الصغيرة "مايا" هما بريق الأمل الوحيد في حياته، لكنهما أيضًا على حافة الخطر. تتصاعد التوترات عندما تبدأ الشكوك تحوم حوله، وحين يجد نفسه أمام خيار مستحيل: مواجهة الحقيقة المظلمة داخله أو المخاطرة بفقدان كل ما يحب.
اكتشف القصة التي ستأخذك في رحلة مظلمة إلى أعماق العقل البشري، حيث يصبح السؤال الأهم:
"ماذا ستفعل عندما تكتشف أن العدو الذي تطارده... هو أنت؟"
بعد منتصف الليل، استيقظ هيون ليجد نفسه واقفًا أمام مرآة الحمام. لم يتذكر كيف وصل إلى هناك، لكنه شعر بثقل غريب في صدره. وجهه بدا شاحبًا، وعيناه محاطتان بهالات داكنة. حدق في صورته المنعكسة بصمت، قبل أن يهمس بصوت مرتجف:
" من انت "
لم يتوقع جوابًا، لكن الرد جاء من داخله، كصدى عميق ينتمي لشخص آخر:
"أنا... أنت."
تراجع هيون خطوة للخلف، وشعر أن قدميه ترتجفان. كان الصوت مألوفًا، لكنه غريب. نظراته إلى نفسه في المرآة بدت وكأنه يواجه شخصًا آخر تمامًا.
"لا، هذا مستحيل... أنا... لست..." حاول إنكار الفكرة التي بدأت تنبض داخل عقله.
لكن الصوت عاد، أقوى هذه المرة: "كم من الوقت ستستمر في الكذب؟ الدماء على يديك، الجثث التي تبحث عنها... كلها أنت. أنت القاتل، هيون."
وقف في مكانه متجمدًا. الذكريات بدأت تتسرب كظلال غامضة إلى عقله. ومضات قصيرة: مكان مظلم، رائحة الدم، صرخات مكتومة، ويداه مغطاتان بالسواد.
"لا، لا!" صرخ هيون، ممسكًا برأسه محاولًا إيقاف التدفق المرعب.
فجأة، سمع صوت خطوات خفيفة خلفه. التفت بسرعة ليجد مايا، ابنته الصغيرة، تقف عند الباب ممسكة بدميتها.
"أبي؟ لماذا تصرخ؟" سألت بصوت ناعس.
شعر هيون بأن قلبه يكاد يتوقف. نظر إلى عينيها البريئتين، وتمنى للحظة أن تكون كل ما يحدث مجرد كابوس. مسح وجهه بيده، وأجبر نفسه على الابتسام.
"لا شيء يا عزيزتي، فقط حلم سيئ. عودي إلى النوم."
لكن مايا لم تتحرك. بدلاً من ذلك، قالت: "أمي قالت إنك تبدو متعبًا دائمًا. هل أنت بخير يا أبي؟"
كان لكلماتها وقع كالسيف على روحه. انحنى إليها، ومسح على شعرها، ثم قال بصوت هادئ: "أنا بخير، لا تقلقي."
أخذها إلى غرفتها، ووضعها في سريرها، لكنه لم يستطع العودة للنوم. الكلمات التي سمعها في المرآة كانت تطرق في عقله كطبول الحرب: "أنت القاتل."
في الصباح، جلس هيون مع أماكي على طاولة الإفطار. كانت تحاول فتح حديث معه. "هيون، نحن بحاجة للحديث. أنت تبدو... مختلفًا هذه الأيام."
رفع عينيه نحوها، ورأى القلق الواضح في نظراتها. "أنا فقط مرهق بسبب العمل. الأمور معقدة."
أجابته: "لكن هذه ليست المرة الأولى. أحيانًا أشعر أنك بعيد عنا تمامًا، وكأنك تحمل سرًا لا تريدنا أن نعرفه."
ارتعش قلبه للحظة. هل تشعر أماكي بشيء؟ هل بدأت تكتشف الحقيقة؟ لكنه حاول استعادة السيطرة على نفسه، ورد بهدوء: "لا شيء. أعدك أن كل شيء سيكون بخير قريبًا."
لكن داخله كان يعلم أن الأمور بعيدة عن أن تكون بخير.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon