"أمي.."
طفل في الثانية من عمره، يركض بلا مبالاة بالمربية التي تلهث خلفه.
"أمي.." صرخ بصوت أعلى.
حتى دفع امرأة جميلة تجلس مع من قد يكون حبيبها المستقبلي، لأن تلتفت إلى الطفل الصغير بالتزامن معها.
"أمي..؟" الرجل ينظر إلى كايلين، والطفل الصغير الذي وقف الآن إلى جوار امرأته المحتملة. "من هذا؟ لا تخبريني أن لديكِ طفلاً بالفعل؟"
"لا.. لا! أنت تسيء الفهم، هو..."
"أمي أريد آيس كريم..." تحدث ريكس بلثغة طفولية بسيطة.
"يا إلهي، لم أكن أتوقع أن يكون لديكِ طفل بالفعل. ظننت أنكِ لم تتزوجي بعد." شعوره بخيبة الأمل لأنه شعر بأنه ضُلل، دفعه ليغادر فورًا مكان الموعد.
"انتظر يا رافائيل! لقد فهمت الأمر خطأ." كايلين تطارد الرجل الذي كان موعدها الأعمى. لا يمكنها أن تفشل هذه المرة في الحصول على حبيب، بعد أن فشلت اثنان وعشرون موعدًا أعمى بسبب طفل صغير يدعى ريكس. "إنه ابن أخي، لم أتزوج بعد فكيف لي أن يكون لي طفل؟"
رافائيل توقف، نظر إلى كايلين بابتسامة ساخرة. "تظنين أني سأصدق ذلك؟"
"يجب عليك الإيمان! وإن لزم الأمر، اسأل المربية التي وثقت بها لرعاية ريكس." أشارت كايلين إلى المربية.
نظر رافائيل إلى المربية ثم نظر إلى الطفل الصغير الذي كان ينادي كايلين بلقب "أمي". بدلاً من السؤال على المربية، فضل رافائيل الاستفسار من الطفل نفسه.
"هل هذه أمك؟"
نظر ريكس إلى عمة كايلين التي كانت تلوح بيدها له، وبدون شعور، لوح هو الآخر بيده الصغيرة مما جعل رافائيل يتفحص خلفه.
"لا تخف، قل لي، هل هي أمك؟" سأل رافائيل وهو ينظر بحدة إلى كايلين.
"أمي، أمي." أشار ريكس نحو عمته.
مما جعل كايلين تضرب جبهتها بشدة بعد سماع إجابة ابن أخيها. "انتظر ما ستجنيه مني يا ريكس."
"أرأيت..!" نظر رافائيل إلى كايلين بنظرة عدم تصديق. امرأة جميلة وشابة تجرأت على الكذب عليه، بادعائها أنها عزباء وفي الواقع لديها طفل وربما زوج أيضًا.
"يا رافائيل لماذا سألته؟ ابن أخي دائمًا يناديني بأمي. إذا لم تصدق اسأل المربية نفسها."
"لا حاجة لذلك،" قرر رافائيل أن يغادر المكان.
بينما كايلين، لم يكن أمامها سوى الاستسلام ومشاهدة رحيل رافائيل، مع شتائم كثيرة لابن أخيها الذي جعلها تفشل في الحصول على حبيب.
"ريكس ماير...!" نظرت كايلين بحدة إلى ابن أخيها.
علم ريكس بأن عمته كايلين غاضبة، فاختبأ وراء المربية.
"لماذا دائمًا تجعلني أفشل في الحصول على حبيب..." لم تغضب كايلين، بل جثت على ركبتيها وانهمرت في البكاء دون أن تهتم بالأنظار التي تتجه نحوها في المطعم. "أنت مزعج، مثل أمك..." لامت كايلين بين دموعها.
"لا تبكي يا أمي..." ريكس يداعب شعر عمته بحنان.
لكن كايلين لم تتوقف عن البكاء، بل زادت من شدة نحيبها. تندب حظها العاثر الذي جعل لها ابن أخ مثل هذا الشيطان الصغير الذي دائمًا ما يعكر صفو حياتها. حتى مع ريكس، عدد مرات فشلها في الحصول على حبيب قد زاد واحدة ليبلغ العدد ثلاثة وعشرين فشلا.
"هل تريد لأمك الجميلة أن تظل عزباء طوال حياتها؟" قالتها بغضب بينما تحتضن ابن أخيها الوحيد.
نعم، مهما كانت كايلين غاضبة من ريكس، فإنها ما زالت تحبه. فضلاً عن أنها كانت تعي أن فشلها في الحصول على حبيب ليس بالكامل خطأ ريكس. ليُلام أخيها الحمق الذي كان دوماً يعلّم ريكس أن يناديها بأمي حتى تضطر كايلين لرعاية ريكس شاؤماً أم أبيت.
"ماما، جولو هذا ماذا؟" سأل ريكس بوجه بريء، ما جعل كايلين تضحك بعد أن كانت قد بكت حتى أصبحت فرجة لزوار المطعم.
"دعك مما قالته ماما!" قامت كايلين ونظرت إلى مربيتها نظرة حادة. "إلى أين ذهبت أمي هذه المرة؟"
"السيدة والسيد الكبير كان لديهما مفاجأة عمل في بالي، فأُمرت بأخذ السيد الصغير إليكِ."
تنهدت كايلين بعمق، لأن ريكس مرة أخرى تُوكل إليها بسبب انشغال كليوباترا وشقيقها بالعمل. هل تعلم زوجة أخيها ذلك؟ أنها أيضًا مشغولة، مشغولة بالبحث عن شريك ليكون زوجًا مستقبليًا. ويجب التأكيد، كيف لها أن تجد حبيبًا إذا كان ريكس دائمًا يتبعها ويناديها بماما.
ثم هناك شيء آخر نسيته زوجة أخيها. إن كايلين صغيرة، عمرها الآن أكثر ملائمة للمرح، وليس لتحمل مسؤولية ثقيلة برعاية طفل صغير. على الرغم من أن ما يحدث عكس ذلك، إذ ريكس هو من يرعاها أكثر، لكونها ما زالت تمتلك طباعًا متهورة لم تختف مع تقدمها في السن.
"لنعد إلى المنزل الآن!"
"ريكس يريد آيس كريم"، اعترض على العودة قبل أن تشتري له عمته ما يريده.
"يا إلهي ريكس ماير..." قامت كايلين بتمشيط شعر ابن أخيها بحبور. متعجبة من حب ريكس للآيس كريم، منذ أن كان في بطن زوجة أخيها. ولا تنسى المرة التي أُرسلت فيها لشراء آيس كريم من مكان بعيد عن قصر ماير.
"سأشتريه لك، ولكن دعنا نخرج أولاً، حسنًا؟" أمسكت كايلين بيد ريكس متجهة نحو باب المطعم.
"ماما انتبهي—" قبل أن ينبه ريكس كايلين بأن باب الزجاج أمامهم لم يفتح بعد، كانت عمته كايلين قد صدمت فيه.
"مَن الذي وضع قطعة زجاج كبيرة هنا؟" سألت كايلين بغيظ وهي تفرك جبهتها التي شعرت بالألم.
"آسفة، سيدتي، الباب الزجاجي موجود منذ افتتاح المطعم." أجابها نادل المطعم.
"يا ربي، لماذا تتحدث بعد، أنا فقط أتحدث لأخفف إحراجي" شتمت كايلين في قلبها، وهرعت خارج المطعم تقريبًا مهرولة.
دون أن تدرك كايلين، فإن الحادث الذي تعرضت له كان قد شوهد ولاحظ جيدًا من قبل رجل ضخم كان جالسًا على إحدى طاولات المطعم.
"لا تزالين كما أنت، متهورة وطفولية ودلوعة"، همس في نفسه، وهو يتابع رحيل المرأة التي كانت تملأ أيامه بكل الأعمال السخيفة التي أثارت غضبه. كان ذلك الرجل يظن أنه بعد ثلاث سنوات من عدم اللقاء، ستتغير كايلين لتصبح أكثر نضجًا. لكن الواقع أن المرأة لم تتغير، فهي تظل كما كانت في آخر مرة التقوا فيها.
*
*
بعد شراء الآيس كريم الذي أراده ريكس، توجهت كايلين نحو سيارتها المتوقفة في الجانب المقابل من الطريق. لكن عندما كانت على وشك عبور الطريق، اندفعت سيارة سوداء من الجهة اليمنى بسرعة فائقة. وبدون قدرة على الهروب لكونها مرتبكة وخائفة، اكتفت كايلين بإغماض عينيها وهي تشعر بجسدها يُحتضن ويسقط بسرعة.
"آنسة.. هل أنت بخير؟" كايلين التي كانت لا تزال خائفة لم تجرؤ على فتح عينيها ، رغم كثرة الأصوات التي كانت تسأل عن حالتها. ولكن، عندما سمعت صوت بكاء طفل صغير، أو بالأحرى دموع ريكس، فتحت كايلين ببطء عينيها.
"ماما..."
"ريكس..." احتضنت كايلين الجسد الصغير الذي بدا خائفًا للغاية. "ماما بخير، لا تبكي."
"ماما.. ريكس خائف."
دون أن تبالي بالألم الذي يعتصر جسدها، حاولت كايلين الوقوف حاملة ابن أخيها، تهدئ من ريكس، ليتوقف عن البكاء.
"هل أنتِ بخير يا آنسة؟" سألت المربية التي تعتني بريكس وخوف يعتريها، عندما رأت الآنسة كايلين تكاد تُصدم بسيارة.
"أنا بخير"، على الرغم من أن كلاً من مرفقيها شعرا بألم بسبب الخدوش، ولكنها على الأقل ما زالت على قيد الحياة. تذكرت مدى سرعة السيارة السوداء التي كادت أن تصدمها للتو.
"الحمد لله يا آنسة، لحسن الحظ كان هناك السيد -" بدأت المربية تبحث عن مكان الرجل الذي أنقذ الآنسة كايلين.
"السيد من؟"
"السيد الذي أنقذك، كان هنا هذه الرجل، لكن..." بدأت تنظر حولها في جميع الاتجاهات. "آه.. هذا هو السيد الذي أنقذك"، أشارت إلى رجل يسير بعيدًا عنهم.
نظرت كايلين إلى ظهر رجل وقور يرتدي بذلة سوداء. لكن بمجرد أن أرادت أن تناديه، دخل الرجل إلى سيارته قبل ذلك.
"لماذا أشعر أني أعرفه؟" تساءلت كايلين بصمت.
*
*
في اليوم التالي.
وصلت أخبار كايلين التي كادت تصطدم بسيارة أخيرًا إلى مسامع كينان ماير وكليوباترا. عاد الاثنان فورًا إلى جاكرتا، على الرغم من أن عملهما في بالي لم يكتمل بعد.
"ابتداءً من اليوم، أنا أعين لك حارسًا شخصيًا خاصًا سيتبعك أينما ذهبت!"
"لا أريد يا أخي!" قالت كايلين بوجه نائم مميز.
"نحن لا نتفاوض هنا، هذا أمر!"
"ولكنني لا أريد"، تثاؤبت كايلين عدة مرات وهي تحاول مقاومة النعاس. كيف لا تشعر بالنعاس، إنها الساعة التاسعة صباحًا وقد أيقظت فقط لسماع ترهات أخيها وزوجة أخيها. "أنا لا أحتاج إلى حارس، أستطيع الاعتناء بنفسي."
"تستطيعين الاعتناء بنفسك؟ أتنسين أنك كدت تُصدمين بسيارة البارحة، لولا وجود من أنقذك، لا أدري ماذا كان سيحدث." كينان لم يقرر وضع حارسًا شخصيًا لأخته عبثًا. فالحادث الذي وقع أمس قد تكرر ثلاث مرات خلال الشهر الأخير. ويخاف كينان من أن تكون أخته هدفًا للمنافسين الذين يشعرون بالمرارة بسبب خسارتهم المستمرة في العطاءات.
"كادت أخي، ولكن انظر إليّ، ألستُ بخير؟"
"كاي!" غضب كينان.
كليوباترا التي كانت صامتة حتى تلك اللحظة، بدأت تهدئ زوجها الذي بدت عليه مظاهر الغضب.
"وثمة شيء آخر! تقولين إنك قادرة على الاعتناء بنفسك؟ حتى رعاية نفسك لا تعرفينها!"
"ماذا تعني يا أخي؟" زال النعاس من عيون كايلين واستُبدل بالغضب.
"أف، انظري إلى نفسك في المرآة! أين تجدين امرأة في هذا الوقت من اليوم لا تزال نائمة، حتى أثر اللعاب ما زال على وجهك."
"حقًا يا أخي؟" كايلين تنظرعلى الفور إلى فمها وخديها، ثم ابتسمت عندما أدركت مدى فوضى حالها. "إنه خطؤك يا أخي، أيقظتني من النوم وجرّتني إلى هنا. حتى رائحة فمي ما زالت كريهة، آه لحسن الحظ لا يوجد أحد آخر هنا."
"أنتِ..."
"كفى كفى، لماذا أنتم دائماً في نزاع؟" صرّحت كليو التي كانت صامتة لحين، عندما رأت كينان يزداد غضبًا. لم تفعل ذلك لتساعد كايلين، بل لتنتهي قضيتهم سريعًا حتى تتمكن هي أيضًا من الراحة. "كاي، هل أنت متأكدة من عدم رغبتك في حارس شخصي؟"
"بالطبع"، أجابت كايلين بثقة.
"متأكدة؟ إنه وسيم جدًا و -"
"صباح الخير، يا سيد، سيدتي."
كل الأشخاص في الغرفة التفتوا نحو مصدر الصوت، بما في ذلك كايلين. نظروا جميعاً إلى الرجل الوسيم الفارع الطول الذي يقف الآن في نفس الغرفة معهم.
"ألكسندر..." شعرت كايلين كأن عينيها ستخرجان من مكانهما من شدة الصدمة برؤية حبيبها السابق الذي حضر فجأة.
في هذه الأثناء، كانت كليو تكاد تضحك عند رؤية الدهشة على وجه زوجة أخيها. "أليكس سيكون حارسك الشخصي؟ هل أنت متأكدة أنكِ ترغبين برفضه." همست كليو.
لم تهتم كايلين بما قالته زوجة أخيها، فهي ما زالت مندهشة بظهور ألكسندر. والأمر يزداد بهتاناً عندما تعلم أن حبيبها السابق هو من سيكون مسؤولاً عن حمايتها الشخصية.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon