اسرار السابعة

مرت السنوات سريعًا، وكبر ناي وهو طفل مختلف عن بقية أطفال القرية. لم يكن فقط ذكيًا وفضوليًا، بل كان يشعر بأشياء لا يراها الآخرون. أحيانًا كان يسمع همسات خافتة بين الأشجار، وأحيانًا يرى أضواءً خافتة تتحرك في الظلام، وكأنها رسائل من عالم آخر يحاول التواصل معه.

القرية بأكملها كانت تراقب الطفل الصغير عن كثب. الكبار كانوا يتحدثون فيما بينهم، يتساءلون عن الغموض الذي يحيط بالطفل، بينما الأطفال كانوا ينظرون إليه بإعجاب وفضول، يترقبون لحظة حدوث شيء سحري كما سمعوا عن الأسطورة.

في صباح يوم عيد ميلاده السابع، استيقظ ناي وهو يشعر بشيء مختلف في داخله. كان قلبه يخفق بسرعة، والهواء من حوله بدا أكثر كثافة، وكأن الطبيعة كلها تحتفل بهذا اليوم. أسرع إلى الساحة الكبرى، حيث اجتمع الشيوخ استعدادًا لإعلان السر القديم الذي طال انتظاره.

كانت الساحة مزينة بالنار الكبيرة في الوسط، وألوان اللهب تتراقص على وجوه الناس، والسماء مضاءة بالشهب الخافتة المتبقية من الليالي الماضية. الرياح كانت تحمل أصوات الطبيعة، خرير المياه من النهر القريب، وأصوات الطيور التي بدأت تستيقظ من نومها، كأنها تعرف أن شيئًا تاريخيًا على وشك الحدوث.

قال أكبر الشيوخ بصوت مهيب:

"يا ناي… اليوم ستعرف سر الأسطورة. منذ ولادتك، كنت مختلفًا… واليوم ستبدأ رحلتك كحامي لهذه القرية. حان الوقت لتكتشف ما هو مدفون في قلبك."

وقف ناي أمام الشيوخ، يشعر بالخوف والفضول في آن واحد. لم يكن يعرف ما سيحدث، لكنه شعر بطاقة غريبة تجري في جسده، حرارة خفيفة تتصاعد من قلبه، وأصوات غامضة تتردد في عقله: همسات تقول له أن العالم أكبر مما يعرف.

مد الشيوخ يدهم نحو كتاب عتيق، مغلف بالجلد البني، محاط برموز غريبة لم يرها ناي من قبل. فتحوه ببطء، وكأن الكلمات نفسها حية، تضيء بشكل متدرج على الصفحات:

"الحامي المختار… الطفل الذي سيواجه الظلام ويحقق الأسطورة…".

شعر ناي بطاقة قوية تدفق عبر جسده، شيء لم يشعر به من قبل. كان قلبه ينبض بسرعة، وعيناه تتوهجان بوميض خافت. علم في تلك اللحظة أنه ليس مجرد طفل عادي، بل أن مستقبله مرتبط بقوى أكبر من أن يفهمها أي شخص في القرية.

بعد الإعلان الرسمي، عاد ناي إلى منزله، لكن كل شيء بدا مختلفًا. الأشياء التي لم يكن يلاحظها سابقًا، أصبحت تتحرك أمامه بطريقة غريبة. كان يشعر بحضور خفي حوله، يراقبه في كل خطوة. أحلامه بدأت تصبح أكثر وضوحًا وغرابة؛ كان يرى نفسه يسير في طرقات مضيئة بين الأشجار، يسمع أصواتًا بعيدة تهتف باسمه، ويشعر بقوة تتدفق في عروقه.

في مساء ذلك اليوم، جلست جدته بجانبه وقالت:

"يا ناي… ما تشعر به ليس خوفًا، بل قوة. ستتعلم كيف تتحكم بها، وكيف تستخدمها لحماية القرية. لكن تذكر، القوة وحدها لا تكفي. ستحتاج إلى الحكمة والشجاعة، والرحمة في قلبك."

بدأ ناي يلاحظ قدراته الصغيرة تدريجيًا. أحيانًا كان يستطيع تحريك الأشياء بعقله، وأحيانًا يسمع أصواتًا من بعيد كأنها تحذره من خطر قادم. كل هذه العلامات كانت دليلًا على أنه الحامي المختار، وأن الأسطورة لم تعد مجرد حكاية تُروى للأطفال، بل حقيقة حية يعيشها.

وفي زاوية بعيدة، لم تختفِ الشخصية الغامضة بعد، التي ظهرت في ولادته. كانت عيناها السوداوين تراقبان ناي عن كثب، وكأنها تنتظر اللحظة التي سيبدأ فيها اختبار الحامي الحقيقي.

مرت الأيام، وبدأ ناي يختبر قدراته أكثر فأكثر. كان يكتشف أن لديه القدرة على التواصل مع عناصر الطبيعة؛ الرياح تستجيب لحركته، والماء في النهر يتلألأ بطريقة مختلفة حين يقترب منه، وحتى النباتات حوله تنمو بسرعة غير طبيعية أحيانًا. كل هذا جعله يشعر بمزيج من الدهشة والمسؤولية.

لكن مع هذه القوة، بدأ يكتشف وجود خطر يلوح في الأفق. كان يسمع أصواتًا غريبة في الليل، همسات عن ظلام قادم سيهدد القرية، وقوى لا يعرفها أحد، لكنها تراقبه منذ ولادته.

وفي ليلة أخرى، بينما كان يراقب الشهب تتساقط في السماء، شعر بشيء يلمسه في عقله، رسالة خفية تقول:

"استعد… فالرحلة بدأت… وستكون أمامك اختبارات لا يعرفها حتى كبار الشيوخ…".

وهكذا بدأ ناي تدريجيًا فهم قدراته، واستشعر أن رحلته كحامي لم تعد مجرد وعد من الأسطورة، بل واقع سيغير حياته وحياة القرية بأكملها. كل خطوة كانت تقوده نحو مغامرة أكبر، مع أصدقاء وأعداء سيظهرون قريبًا، وقوى ستختبر شجاعته وحكمته.

الفصل الثاني يختتم بإحساس ناي بالمسؤولية لأول مرة، وبدءه تدريب نفسه الصغير على فهم العالم الغامض من حوله، ومعرفة أنه ليس الطفل العادي الذي عرفته القرية من قبل، بل الحامي المختار، الذي سيكتب الأسطورة القادمة بيده.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon