دعوة الانضمام الى الفرق

هدأت العاصمة أخيرًا، بعد ثلاثة أيام من الاختبارات التي هزّت المملكة بأكملها. فوضى الجماهير، صراخ الأطفال، أبواق النبلاء، وحماسة الفقراء الذين رأوا في الاختبارات فرصة نادرة لأن تُسمع أصواتهم في عالم لا يراهم.

أما اليوم، فكان مختلفًا.

الهدوء ساد الشوارع، لكن العيون ظلت يقظة. كانت أعمدة النور ما تزال مضاءة، والجنود منتشرين عند مداخل الطرق المؤدية إلى الساحة الملكية. في الممرات، تمشي النساء بثياب فاخرة، والرجال بأرديتهم الحربية أو عباءاتهم الطويلة، يتبادلون الأحاديث بنبرات خافتة.

وفي أحد أطراف العاصمة، في منزلٍ يخصّ عائلة نبيلة عريقة، جلس شاب فوق سطحه الحجري، ممددًا ظهره على لوح خشبي مائل، يراقب السماء بملامح صامتة.

كان باتلر.

ثوبه النبيل لا يزال محتشمًا، لكنه أبسط من بقية ملابس أبناء الطبقة العليا. شعره الأبيض يتطاير قليلاً مع نسيم الصباح، وعيناه البنيّتان تحدّقان في السحب. لم يكن نائمًا، رغم أنه لم يذق طعم النوم منذ ليلتين.

كان يفكر.

يفكر في ذلك القتال الفردي... في نظرات الحاضرين... في الصمت الذي تلا سقوط خصمه… وفي تلك اللحظة التي التقى فيها بنظرات بعض الفرسان.

لم يكن يعرفهم.

لكنهم كانوا يعرفونه.

طرق خفيف على الباب الخشبي خلفه قاطعه من أفكاره.

— "سيدي الشاب… وصلت رسالة مختومة من العاصمة."

تنهض قدماه ببطء، ويسير بثبات نحو الباب. يأخذ الرسالة من يد الخادم، ينظر إلى ختمها… شعار المملكة. لم تكن رسالة عادية.

فتحها.

في الداخل، لم تكن كلمات بسيطة من سطرين.

بل كانت سبع دعوات... كل واحدة مختومة بختم مختلف.

سبع فرق. سبع توجهات. سبع طموحات.

لم يكن يفهم كل ما يعنيه ذلك بعد… لكنه علم أن كل واحدة منها تمثل فرقة من نخبة فرسان المملكة. وكل واحدة منها… تريد ضمه إليها.

طوى الأوراق ببطء، وأعادها إلى المغلف. ثم ارتدى عباءته الرمادية، ووضع السيف الخشبي الذي تدرب به طوال سنوات عند خصره، رغم أنه لم يعد يحتاجه.

اليوم...

سيُعلَن من سيصبح فارسًا حقيقيًا.

---

الساحة الملكية – بعد الظهيرة

امتلأت الساحة بحشود لا توصف. النبلاء في الشرفات، العامة خلف الحواجز، الفرسان المنتظرون في الساحة، وكل العيون تتجه إلى المنصة الكبرى المصنوعة من الحجارة البيضاء، حيث ستُعلَن نتائج الاختبار.

سبعة أعلام ضخمة رفرفت خلف المنصة، تمثل الفرق السبعة للنخبة. كل راية بلونٍ وشعارٍ مختلف.

ثم بدأ المذيع الملكي يتحدث، صوته مدعوم بسحر ينقله عبر كل زوايا المدينة:

— "أمامنا اليوم صفوة المحاربين الذين اجتازوا اختبار الفرسان. خلال الساعات القادمة، سيُعلن قادة الفرق دعوتهم الرسمية لكل من اختاروه للانضمام إليهم!"

بدأ القادة في الصعود واحدًا تلو الآخر، كلٌ يقف أمام رايته.

فرقة "الأنفاس الحديدية"

قائدها: رين ألستر

نائبها: زيف كراوس

أبرز إنجازاتهم: إسقاط جيوش المرتزقة على الحدود الجنوبية خلال حرب "الظل الناري".

فرقة "رماد الملوك"

قائدها: ليكس ديمارا

نائبه: غير معروف

أبرز إنجاز: تحصين الجبهة الشرقية ضد وحوش الفوضى لسبع سنوات دون خسارة واحدة.

فرقة "الصرخة الخفية"

قائدها: سييرا فالنت

نائبها: هايد سولون

أبرز إنجاز: تنفيذ اغتيالات استراتيجية قلبت موازين معارك بأكملها.

فرقة "صقيع المدى"

قائدها: رايث نيفار

نائبها: مجهول

أبرز إنجاز: إخماد تمرّد المناطق الشمالية دون أي خسائر في الأرواح.

فرقة "الطوفان الرمادي"

قائدها: جينس أوكتار

نائبها: مارين روز

أبرز إنجاز: تحرير أكثر من مئة قرية في حملات متفرقة ضد العصابات الساحلية.

فرقة "أجنحة الفجر" (الفرقة الداعمة – اختصاصها الشفاء والحماية)

قائدها: لارا سين

نائبتها: إيرا

أبرز إنجاز: كانت خط الدعم الوحيد للمعركة الكبرى ضد "التنين الزجاجي".

فرقة "العاصفة القرمزية"

قائدتها: كايلا رون

النائب: غير معلن

أبرز إنجاز: تصفية كامل قوات العدو في معركة "حقل النار" دون استخدام دعم أو سحر خارجي.

---

الآن جاء الدور عليهم:

فرسان المستقبل، الواقفون في منتصف الساحة، منتظرين دعوتهم.

واحدًا تلو الآخر، بدأت الفرق تعلن أسماء من وقع عليهم الاختيار.

لكن شيئًا غير متوقع حدث…

كل الفرق أعلنت عن نفس الاسم الأخير: الشاب المجهول… الفتى الذي لا اسم له، الذي قاتل بصمت، وأثار الرعب في أعين من شاهدوه… "الفتى ذو العيون الهادئة".

صمتٌ ساد الساحة.

تقدّمت قائدة العاصفة القرمزية، بصوتٍ قوي ونبرة قاطعة:

— "إننا في العاصفة القرمزية لا نبحث عن القوة فقط، بل عن الصمت القاتل… ونحن نعلن ضمّك إلينا، يا من حطّمت قواعد القتال!"

رفعت يدها، وظهرت الدعوة الرسمية.

تردّدت همسات. كانت كل الفرق تنتظر الرد.

لكن الفتى لم يتحرك.

تقدّم خطوتين إلى الأمام… ثم وقف.

صمت طويل.

— "...أنا لا أملك اسمًا."

تبادل الناس النظرات، والدهشة تتسرب إلى العيون.

رفع رأسه، ونظر نحو السماء، كأنه يستحضر شيئًا بعيدًا.

ثم قال بهدوء:

— "لكن في أحد الليالي، سُمع صوت في حلمي… ناداني باسمي لأول مرة."

تقدّم أكثر، نظراته ثابتة على قائدة العاصفة القرمزية.

— "اسمي… باتلر."

وهكذا، سقط أول حجر في طريق قادم من الرماد.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon