3: 3(الاختبارات السبعة)

لم يكن هناك مجال للتراجع.

الاختبارات بدأت، ولا أحد يعلم من سينجح ومن سيسقط.

كان كل طفل يَدخل بمفرده، يختبر شيئًا مختلفًا عن الآخرين... لا صوت يُسمع خلف تلك البوابات سوى خطوات مرتجفة، وأحيانًا، صرخات مكتومة.

الجنود يراقبون، الأهالي يتوسّلون بنظراتهم، والسماء صامتة كأنها تترقّب النتيجة.

هارت جلس قرب الجدار الحجري، يغالب ارتجاف يديه، ويفكر في كلمات والدته قبل قليل:

"ستعود إلينا، فقط كن شجاعًا..."

بينما سايان يراقب الباب الحديدي الذي دخل منه صديقه إيفان، ويهمس لنفسه:

"إن نجح هو... فسأنجح أنا أيضًا."

أما إيفان، فقد دخل البوابة الأولى دون أن يلتفت، كأنه لا يخاف شيئًا...

لكن الحقيقة؟

لم يكن يعرف، إن كان سيخرج منها كما داخل.

الاختبار الأول: الشجاعة في الظلام

كان على الأطفال دخول كهف غارق في السواد، يسكنه مخلوق خفي، هدفهم لم يكن القتال، بل العثور على حجر مضيء مخبأ في أعماق المتاهة.

دخل إيفان أولاً، وبدون تردد، استشعر الطاقة حوله، وسار بهدوء، حتى شعر بشيء يهمس له من العتمة… لم يخف، بل أجاب بصوت ثابت:

"أنا لا أخاف الظلام، لأن قلبي هو النور."

وجد الحجر بسرعة، وعاد بوجه هادئ ونفس ثابتة.

هارت استخدم تعويذة "ضوء الروح"، لكنها أضاءت لمجرد ثوانٍ، فاعتمد على إحساسه السحري واتّبع الهالات حتى وجد الحجر.

سايان واجه صعوبة، لكنّه استخدم حيلة ذكية: لمس الجدران بحثًا عن الهواء الدافئ الذي يدل على مخرج أو طريق مخفي، ونجح!

أمّا نارا، فقد صرخت لحظة ظهور المخلوق أمامها، لكنها تماسكت، واستخدمت ذكاءها وخدعت الظل بتبديل طريقها.

---

الاختبار الثاني: الذكاء وحل الألغاز

كانت القاعة مليئة بأحجار سحرية، وعلى كل حجر لغز قديم. لحلّه، يجب لمس الحجر الصحيح قبل نفاد الوقت.

كان اللغز أمام إيفان:

"أنا لا أُرى، لكني أُشعر، أستطيع تدميرك أو إنقاذك… من أنا؟"

أجاب بثقة: "الوقت."

توهّج الحجر بلون ذهبي.

هارت كان في قمة تألقه، حلّ اللغز باستخدام رموز سحرية، واستنتج النمط المخفي في تسلسل الأرقام المكتوبة على الجدران.

نارا تفوقت على الجميع في هذا الاختبار، وأبهرت الحُكام بسرعة بديهتها.

أما سايان… فقد كاد أن يُخطئ، لولا أن تذكّر نصيحة والده: "دائمًا فكّر مرتين"، فتراجع عن اختياره الأول، وأنقذ نفسه في اللحظة الأخيرة.

---

الاختبار الثالث: التحمّل في العاصفة الباردة

خرج الأطفال إلى ساحة ثلجية، الرياح تصرخ، والبرد يخترق العظام. لا يمكن استخدام السحر هنا، فقط الجَلد والإرادة.

إيفان لفّ ذراعيه حول جسده، وتقدّم بثبات في الثلج الكثيف، وكل خطوة منه تُحدث صوتًا خافتًا، كأنها رسالة يقول بها: "لن أسقط".

سايان كان مذهلًا في هذا الاختبار. ركض، زحف، وسحب جسده رغم البرد القاسي، حتى أنه ساعد "ليفا" التي سقطت في الثلج، ودفعها للأمام قبل أن يُكمل طريقه.

هارت عانى من البرد، لكنّه استغل معرفته بالتدفئة الداخلية للطاقة، وجلس في وضع تأمل لحماية نفسه، ونجح، رغم بطء تقدّمه.

---

الاختبار الرابع: الولاء تحت ضغط الخيانة

كان هذا الاختبار مختلفًا. وضعوا كل طفل في موقف خيالي سحري، يُظهر لهم "خيانة صديق". المطلوب: أن يتّخذوا قرارًا… الثقة، أو التخلي.

رأى إيفان صورة لهارت يسرق خريطة سرية منه… لكنه تمسّك بإيمانه وقال:

"هارت لن يفعل هذا… هذه خدعة."

وبالفعل، اختفى الوهم، وتوهجت الشعلة.

سايان رأى "كين" يخذله في ساحة القتال، وتردّد للحظة، لكنه قرر أن يسامح، فنجح في الاختبار.

أما هارت… فقد كان الأكثر تأثرًا. رأى إيفان يتركه في العاصفة. دمعت عيناه، لكنه ابتسم:

"إيفان سيعود… دائمًا يعود."

ونجح.

---

الاختبار الخامس: القوة البدنية في ساحة القتال

هنا تألق سايان بكل معنى الكلمة. ضربات دقيقة، سرعة، تركيز… استطاع إقصاء ثلاثة خصوم باستخدام حركات دفاعية هجومية مذهلة.

إيفان دخل الساحة بثقة، ولم يكن الأسرع، لكن ضرباته كانت قوية ومدروسة، أنهى القتال بدون إصابات تذكر.

هارت حاول الابتعاد عن المواجهة، لكنه اضطر لاستخدام سحر بسيط لشلّ حركة خصمه، ثم أطاح به بحركة ذكية.

كين أظهر قوة هائلة لكنه لم ينتبه لزاوية ضربه، فتم إقصاؤه.

---

الاختبار السادس: السيطرة على الطاقة السحرية الخام

كانت القاعة مليئة بكُرات طاقة سحرية متفجرة. من لا يستطيع السيطرة، يُقصى فورًا.

هارت كان النجم هنا. رفع يديه، وسيطر على كرتين في آن واحد، وأعاد تشكيلهما في شكل فراشتين مضيئتين.

إيفان كان التالي، ركّز طاقته في كفه، وأمسك كرة نارية بدون أن تحرقه، ثم جعلها تدور حوله كأنها كوكب صغير.

أما سايان، فقد كان متوتراً في البداية، لكنه استنشق بعمق، ونجح بالسيطرة على طاقة الرياح، رغم أنها ليست تخصصه.

---

الاختبار السابع: اختبار القلب

في هذا الاختبار، دخل كل طفل وحده إلى قاعة مظلمة… تُريه أعظم خوف داخله.

إيفان رأى مشهدًا مروعًا… أصدقاؤه يُسقطون أمامه وهو عاجز عن إنقاذهم. ارتعش قلبه، لكنه تذكّر كلمات أمه:

"أحيانًا، القوة ليست في إنقاذ الجميع، بل في ألا تنكسر حين لا تستطيع."

أغمض عينيه، وتجاوز المشهد. الشعلة الأخيرة أضاءت.

هارت رأى نفسه وحيدًا… منبوذًا، خائفًا من قوته. لكنه ابتسم، وقال: "أنا لست وحدي. لدي أصدقاء."

سايان رأى والدته تبكي بعد سقوطه… فأقسم ألا يدعها تبكي، وخرج من الاختبار بعينين لامعتين.

---

في نهاية اليوم…

وقف الحكيم الأعلى أمام الأطفال، وقال بفخر:

"أنتم جيل نادر… لقد اجتزتم الاختبارات السبعة. ليس لأنكم أقوى، بل لأنكم تملكون قلوبًا نقية."

سجّلوا النتائج…

نارا الأولى في اختبار الذكاء.

سايان الأفضل بدنيًا.

هارت ساحر استثنائي.

أما إيفان… فقد نجح في كل الاختبارات، لم يكن الأول دائمًا، لكنه الوحيد الذي لم يسقط في أي منها.

وهمس أحد الحكماء:

"هذا الفتى… قلبه لا يُقهر."

اجتمع الأطفال في الساحة من جديد. بعضهم واقف، وبعضهم جالس على الأرض متعبًا، وقلوبهم تخفق بقوة أكبر من نبضاتهم.

الوجوه متّسخة، الأعين مرهقة، لكن خلف ذلك... نار مشتعلة من الترقّب.

ظهر قائد الجنود على منصة حجرية مرتفعة، وفتح لفافة جلدية ببطء.

ثم بدأ يتلو الأسماء:

> "نارا بنت أورين..."

"كين ابن جالف..."

"ليفا بنت ناهن..."

"هارت ابن تيران..."

"سايان ابن مالا..."

"إيفان... ابن لا يُذكر."

صمتٌ مطبق تلا قراءة الأسماء.

أحد الأطفال الجالسين على الأرض شهق بصوت عالٍ، وآخر بكى، وأخرى أمسكت يد أمها وهي تنظر للأرض.

رفع القائد رأسه، وقال بصوتٍ حاسم:

"من تم ذكر أسماؤهم، هم الفائزون."

"أما من لم يُذكر اسمه، فسيبقى في القرية، إلى جانب عائلته."

انطلقت الهمهمات، وبكت بعض الأمهات علنًا.

ركضت والدة هارت نحوه، وضمّته بقوة، لا تعرف إن كانت سعيدة أم خائفة.

أبوه وضع يده على كتفه، وقال بصوت غصّ بالبكاء:

"لقد كنت شجاعًا... لكن لا تنسَ من أين أتيت."

أمّا سايان، فحاول أن يُظهر القوة، لكنه حين رأى دموع أمه، انهار بين ذراعيها، ثم ابتعد عنها بسرعة كي لا يُظهر ضعفه أمام الجنود.

إيفان وقف وحده، دون أحد يودعه، لكن الجنود لم يتجاهلوه هذه المرة... أحدهم انحنى له بخفة، كأنه احترم صمته أكثر من أي شيء آخر.

ثم اقتربت العربات الحديدية... ذات النوافذ الصغيرة، والأبواب الثقيلة.

بدأ الأطفال بالصعود، واحدًا تلو الآخر.

هارت نظر إلى والديه من النافذة، ولوّح بيده، وكأن العالم سيتوقف عند هذه اللحظة.

سايان ضغط شفتيه، وجلس بصمت، بينما عيناه لا تكفّان عن النظر إلى القرية التي تبتعد.

وإيفان؟

جلس عند الزاوية، وفتح حقيبته، وفيها كان يحتفظ بحجر صغير التقطه من الغابة… تذكيرًا بأن لا طريق للعودة الآن.

تحرّكت العربات.

وبدأت الرحلة نحو المصير الجديد.

لكن شيئًا ما، في آخر لحظة، جعل إيفان يهمس:

"هذه ليست النهاية… بل البداية."

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon