قيد من الذهب

الفصل الثاني: قيد من ذهب

استيقظت سيرينا صباح اليوم التالي على طرقات قوية على باب غرفتها. كانت الشمس بالكاد قد أشرقت، لكنها عرفت فورًا من سيكون خلف الباب.

"استيقظي، جلالتكِ. الإمبراطور يريد رؤيتكِ فورًا."

كان صوت أدريان حازمًا كالعادة، لا يحمل أي نبرة من التعاطف أو اللين.

تأففت وهي تزيح الغطاء عنها. لم تكن تحتاج إلى التفكير طويلًا لتدرك السبب. محاولتها الفاشلة للهروب كانت كفيلة بجعل والدها يستدعيها على الفور.

ارتدت ثوبًا بسيطًا بلون العاج، وربطت شعرها في ضفيرة فضفاضة قبل أن تخرج من غرفتها. لم يكن عليها سوى السير في الممرات المهيبة للقصر، حيث اصطفت اللوحات الفخمة التي تصور أسلافها، وكأن عيونهم تراقبها وهي تتقدم نحو مكتب الإمبراطور.

عندما دخلت الغرفة، كان الإمبراطور ليونيل جالسًا خلف مكتبه الفخم، يراقبها بنظرة باردة.

"أخبريني، سيرينا، كم مرة سأكرر أن القصر ليس سجنًا؟"

وقفت مستقيمة أمامه، رافعة ذقنها بتحدٍّ. "إذا لم يكن سجنًا، فلماذا لا يُسمح لي بالخروج منه؟"

تنهد الإمبراطور وأراح ظهره على كرسيه. "أنتِ وريثة العرش. يجب أن تكوني محمية، ويجب أن تظلي هنا."

"لكنني لا أريد أن أكون وريثة العرش!" انفجرت قائلة، ولم تستطع كبت إحباطها أكثر. "أريد أن أعيش، أبي! أريد أن أعرف العالم الحقيقي، أن أشعر بالشوارع تحت قدميّ، أن أرى الناس بدون أن يكون بيني وبينهم ألف حاجز!"

ساد الصمت للحظات، قبل أن يرفع الإمبراطور حاجبه قليلاً. "أنتِ حقًا عنيدة مثل والدتكِ."

لم تردّ سيرينا، لكنها شعرت بوخزة خفيفة في صدرها عند ذكر والدتها الراحلة.

أخذ الإمبراطور نفسًا عميقًا، قبل أن يقول بهدوء: "حسنًا… سأسمح لكِ بالخروج."

حدقت به بصدمة، غير قادرة على تصديق ما سمعته. "أنت تمزح، صحيح؟"

"أنا جاد." قال وهو ينظر إليها بثبات. "لكن بشروطي."

لم تكن تحتاج إلى سماع المزيد لتعرف أن الأمر لن يكون بهذه السهولة. "وما هي؟"

"أولًا، سيكون لديكِ حارس شخصي معكِ طوال الوقت."

كانت تتوقع هذا، لذا لم تظهر أي اعتراض. "وماذا بعد؟"

نظر إليها بعينين حادتين قبل أن يقول ببطء: "ثانيًا، إذا وجدتُ لكِ زوجًا مناسبًا… ستعودين إلى القصر فورًا، دون أي اعتراض."

ارتجف قلبها للحظة، لكنها تماسكت سريعًا.

"هذا غير عادل."

"العالم غير عادل، سيرينا." قالها ببساطة. "إما أن تقبلي شروطي، أو تبقين في القصر إلى الأبد."

وقفت هناك، تحدّق في والدها، تحاول إيجاد ثغرة في كلماته. لكن الحقيقة كانت واضحة… هذه فرصتها الوحيدة.

أغمضت عينيها للحظة قبل أن تفتحهما مجددًا.

"حسنًا… أقبل."

ابتسم الإمبراطور ببرود. "اتفاق إذًا."

فأجابته"اجل اتفاق يا أبي “

 لكن لم تتم فرحتها عندما ذكرها والدها بأمر المأدبة التي ستقام من اجلها بعد ايام

لبلوغها سن الرشد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الثالث: ليلة المأدبة

في القصر الإمبراطوري، حيث تُضاء القاعات بثريات ذهبية عملاقة وتتلألأ الجدران المزخرفة بألوان الملوك، كانت الليلة قد بدأت. مأدبة بلوغ سيرينا سن الرشد، الحدث الذي انتظره جميع نبلاء الإمبراطورية بشغف.

ارتدت سيرينا ثوبًا فخمًا بلون الأزرق الليلي، مطرزًا بخيوط فضية تعكس ضوء القاعة بطريقة ساحرة. شعرها الذهبي الطويل كان مرفوعًا بطريقة أنيقة، تتدلى منه بعض الخصلات التي زادتها رقة وجاذبية. لم تكن غريبة عن الحفلات الرسمية، لكنها هذه المرة شعرت بأنها محاصرة بين الجدران المزينة بالذهب والمرايا العاكسة.

كانت الطاولات مليئة بأشهى الأطعمة، والكؤوس تصطدم برقة في نخبٍ احتفالي، بينما عزف الموسيقيون ألحانًا هادئة تناسب هيبة الحدث.

وقف النبلاء في مجموعات متفرقة، يتحدثون عن السياسة والاقتصاد، لكن معظم أعينهم كانت تراقبها… الوريثة الإمبراطورية، الفتاة التي كبرت وأصبحت الآن شابة جميلة، هدفًا يسعى الكثيرون للظفر به.

"جلالتكِ، أنتِ تبدين فاتنة الليلة."

استدارت سيرينا لتجد أمامها أحد الدوقات الشباب، اللورد إدوارد مونتغمري، المعروف بمظهره الوسيم وسحره الواضح. انحنى باحترام، ثم تابع بنبرة مغازلة: "يبدو أن هذا الحفل لا يزداد إشراقًا إلا بوجودك."

ابتسمت ابتسامة دبلوماسية معتادة. "شكرًا لك، لورد مونتغمري. أرجو أن تكون مستمتعًا بالمأدبة."

لم تكن بحاجة إلى النظر إلى والدها لتعرف أنه يراقب تفاعلها مع النبلاء باهتمام.

اقترب نبيل آخر، الكونت فيكتور روزنبرغ، الذي كان معروفًا بثرائه الفاحش وعائلته ذات النفوذ. "إنه لشرف لنا أن نكون في هذه المناسبة الخاصة. لا شك أن الإمبراطورية بأكملها فخورة بكِ، جلالتكِ."

كان كل نبيل يقترب يحمل نوايا واضحة، وكان الأمر يزعجها أكثر مما توقعت. منذ طفولتها، كانت تعرف أن حياتها لن تكون ملكًا لها بالكامل، لكن هذا الحفل جعلها تشعر وكأنها سلعة يتم تقديمها لأعلى عرض زواج.

وقفت والدها الإمبراطور ليونيل عند المنصة المرتفعة، رافعًا يده بصمت. على الفور، عمّ الهدوء في القاعة، والتفتت إليه جميع الأنظار.

"أيها النبلاء والسادة، نجتمع اليوم لنحتفل بابنتي، الوريثة الشرعية للعرش، سيرينا أستيريا ، التي بلغت سن الرشد. منذ ولادتها، كانت نور هذا القصر، وأمل هذه الإمبراطورية."

ارتفعت الهتافات في القاعة، لكن سيرينا شعرت بقبضة تضيق على قلبها.

"وبهذه المناسبة، أعلن أنه قد حان الوقت لتفكر في مستقبلها، كإمبراطورة محتملة وكزوجة مناسبة لأحد نبلاء هذه الإمبراطورية."

اختنق الهواء في صدرها للحظة، لكنها لم تُظهر شيئًا على وجهها. كانت تعرف أن هذه اللحظة ستأتي، لكنها لم تكن مستعدة لسماعها بهذه العلنية.

ضغطت على كفها برفق، ثم استنشقت نفسًا عميقًا. التفتت نحو والدها وابتسمت ابتسامة هادئة قبل أن تقول بصوت واضح، أمام الجميع:

"لكن، يا والدي، هل يمكن للإمبراطورة المستقبلية أن تحكم شعبها حقًا دون أن تعرفهم؟"

ساد الصمت للحظات في القاعة، بينما علت الدهشة وجوه بعض النبلاء.

تابعت سيرينا بثقة: "لطالما عشتُ هنا، داخل القصر، محاطة بالذهب والحرير، لكن كيف لي أن أفهم معاناة شعبي؟ كيف لي أن أكون إمبراطورة عادلة إن كنت أجهل الحياة خارج هذه الأسوار؟"

نظر إليها الإمبراطور بعينين ضيقتين، متفاجئًا بجراءتها، لكن لم يكن بإمكانه إنكار قوة حجتها.

"لذا، والدي، أطلب منك شيئًا واحدًا… دعني أعيش بينهم."

همهمة خفيفة دارت بين الحضور، وبعض النبلاء بدوا مستائين من طلبها. كيف يمكن لأميرة أن تعيش كعامة الناس؟

وقف الإمبراطور بصمت للحظة، قبل أن يبتسم ابتسامة صغيرة بالكاد يمكن ملاحظتها.

"سيرينا، لقد تحدثنا عن هذا"

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon