بارت ٤

لم يكن الصباح مختلفًا كثيرًا عن غيره…

لكن شيئًا ما استيقظ داخل ليو. شيء لم يكن يعرفه، أو ربما كان يهرب منه.

فتح الهاتف، انتظر رسالتها المعتادة:

"صباح الخير، يا ظلّي الجميل."

لكنها لم تصل.

مرّت خمس دقائق… عشر… ثلاثون.

بدأ قلبه يخفق بخفة، لكنه لم يُظهر شيئًا. فتح تطبيق الرسائل، وكتب:

"صباحكِ؟"

مرّت ساعة… دون رد.

هنا، بدأ شيء آخر يتملكه.

ليس الحزن.

ليس القلق.

بل الغيرة.

لماذا لم تُراسله؟ هل مشغولة؟ أم أنها ببساطة بدأت تبتعد؟ ومن هو الذي سرق منها اللحظة التي كانت دائمًا له؟

حين ردّت أخيرًا، كتبت:

"آسفة يا ليو… صديقتي جاءت فجأة هذا الصباح، وخرجنا نتمشى قليلاً."

قرأ الجملة عشر مرات.

صديقتي؟

هل كانت حقًا صديقتها؟

لماذا لم تخبره من قبل؟

ولماذا لم تُرسله له صورة كالعادة؟

من يرافقها؟ ومن الذي التقط لها تلك الصورة التي وضعتها في حالتها منذ قليل؟

بدأ يغلي بصمت.

أرسل:

"هل أصبح الغير أنا؟"

تفاجأت لينا بالرسالة.

"ماذا تقصد؟" كتبت له.

ردّ بسرعة، وكأنه كان ينتظر الفرصة:

"أقصد أنني ألاحظ… أنك لم تعودي كما كنتِ. كل يوم، تنشغلين عني أكثر. وأنا… لم أعد أتحمّل هذا الشعور بالانتظار."

قالت:

"أنا فقط خرجت قليلًا، لا داعي لكل هذا."

ردّ بحدة نادرة:

"أنتِ خرجتِ من قلبي قليلًا أيضًا، لكنك لم تلاحظي."

صمتت.

كانت تعرف أن شيئًا ما يتغير… لكن ليو لم يكن هكذا من قبل.

كتب بعدها:

"من كان معكِ؟ لا تقولي صديقتكِ فقط، من أيضًا؟ هل كنتِ تضحكين معه كما تضحكين معي؟"

ردّت بغضب:

"ليو! هل تشكّ بي؟ بعد كلّ شيء؟ أنا أخبرك بكل تفاصيل يومي، وأجعلك أول من يسمع ضحكتي، وتتهمني الآن أنني لست لك؟"

ردّ بكلمة واحدة:

"بالضبط… لستِ لي."

كانت تلك الكلمة كالسهم. مزّقت قلبها.

لكنه تابع، كأن غيرته تسحبه لحدود لا يعرفها:

"أنا لا أريدكِ أن تفعلي شيئًا دون أن أعلم. لا أريد صورًا في حالتكِ لا أعرف من التقطها. لا أريدكِ تضحكين هناك، ثم تأتين لتبكي على صدري. أنا لست ظلًا في حياتك، أنا… أنا يجب أن أكون كلّ حياتك."

قالت له:

"ليو… أنت تختنق. وتريد أن تخنقني معك. الحب ليس سجنًا، وليس ملكية… أنا لم أخنك، ولم أُخفِ عنك شيئًا. ولكن يبدو أن ثقتك بي لم تكن يومًا قوية بما يكفي."

صمت.

كأنه أدرك متأخرًا أن كلماته كانت سكاكين.

كتب أخيرًا، بصوت مكسور:

"أنا فقط خفت أن أفقدك… فبدأت أفقد نفسي."

...

في تلك الليلة، لم يتصلا.

وكلٌّ منهما جلس أمام شاشة الهاتف، ينظر للاسم…

لكنّ الأصابع لم تجرؤ على الاتصال.

لأول مرة منذ بدأت قصتهما…

حلّ الصمت، لا كراحة، بل كفراق معلّق.

ــــــــــــــ

مرّ اليوم الأول…

ولم ترسل له شيئًا.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتركه فيها دون مساء الخير، دون وردة إلكترونية، دون "ليو؟ هل نائم؟"

كان ينظر إلى الهاتف مرارًا، يفتحه، يطويه، يفتحه من جديد.

كأنه كان يبحث عن أثر صوتها… في اللاشيء.

وفي المساء، فتح صورها في الهاتف. تأمل صورتها المفضلة… تلك التي أرسلته له ذات مساء وهي تقول:

"اضحك، سأرسل لك قلبي لاحقًا."

ضحك حينها، أما اليوم…

فبكى بهدوء.

كتب رسالة طويلة… ثم مسحها.

ثم كتب واحدة قصيرة:

"لينا…"

ثم حذفها أيضًا.

...

في المقابل، كانت لينا تمسك بهاتفها، ترميه على السرير، ثم تعود لتمسكه مجددًا.

تقاوم نفسها كل مرة تريد فيها أن تكتب له:

"أنا اشتقت… أكثر مما تتخيل."

لكنها بقيت صامتة.

كانت كرامتها تُمسك بيدها، وقلبها يجرّها نحوه.

في اليوم الثاني…

أرسل لها ليو رسالة قصيرة، دون مقدمات، دون شرح.

فقط:

"هل تسمحين لي أن أشتاق لكِ بصوت مسموع؟"

كادت تبكي وهي تقرأها.

أرادت أن تقول:

"اشتقْ، فأنا أنتمي لصوتك."

لكنها أرسلت بدلاً من ذلك:

"لستُ غاضبة… فقط موجوعة."

ردّ فورًا:

"وأنا لستُ متملكًا… فقط خائف من أن تكوني العالم الوحيد الذي لم يحتملني."

...

كانت تلك الليلة، مختلفة.

لم تكن فيها مكالمة طويلة، ولا ضحك، ولا لعب كالسابق.

لكنّ هناك طيف من الحنين بدأ يتسلل.

تحدثا قليلًا.

عن الجو، عن الشاي، عن كتاب قرأته لينا وذكرها به…

قالت له:

"ذكرتني بشخص في الرواية… كان يظن أنه قاسٍ، لكنه كان أحنّ قلب عرفته البطلة."

قال:

"هل كنتُ أنا؟"

قالت:

"ربما."

صمت، ثم كتب:

"وهل ما زلتِ ترينني حنونًا؟"

أجابت:

"أنا ما زلتُ أراك… فقط."

...

وفي نهاية المكالمة القصيرة، همس لها:

"لينا… لا تسكتي طويلًا. فإن سكتِ، سأضيع. وإن ضعت، لا أضمن أن أعود كما كنت."

قالت:

"وأنت… لا تغضب وتختفي. فأنا ضعيفة في الوداع."

وأغلقت المكالمة… على شوقٍ، لم يُقال كله بعد.

---

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon