(فلاش باك - بيلي، 6 سنوات)
تقع قرية شيلا الصغيرة على جزيرة منعزلة، تحيط بها مياه البحر الزرقاء الصافية. بيوت القرية متواضعة، مبنية من الخشب ، أسطحها من القش. تُحيط بالقرية أشجار النخيل الكثيفة، وتُوفر ظلالًا منعشة في حرارة الشمس الحارقة. يُطل ميناء صغير على البحر، حيث تُرسى قوارب الصيد الخشبية. يُعرف أهل القرية ببساطتهم وكرم ضيافتهم. رائحة البحر المالحة، ونسيم الهواء العليل، يُضفيان على القرية سحرًا خاصًا. في قلب القرية، تقع حانة "شانكير"، حانة صغيرة ودافئة، تُشعّ بالدفء والراحة. أجواء الحانة مريحة، يُضحك الزبائن، وتُسمع أصواتٌ مرحة. رائحة الطعام اللذيذ، تملأ المكان. يجلس بيلي في ركن هادئ، يتناول طعامه ببطء، عيونه تتابع حديث عجوز وابنته في الطاولة المجاورة له . يُلاحظ بيليّ تعابير العجوز، وجهه مُتجعد، عيونه تُشعّ حكمةً، بينما يُروي القصة بصوتٍ هادئ، يُضفي على كلماته سحرًا خاصًا. يُلاحظ بيليّ اهتمام ابنته، عيونها الكبيرة تُحدق في وجه أبيها، مُستغربةً من أحداث القصة.
يروي العجوز قصته: "يا ابنتي، في جزيرة بعيدة تُدعى ريونيون، تُحكى أساطير عن كنوز ثمينة، ونساء جميلات، وأشهى المأكولات... وأطباق شهية لا تُقاوم! ولكن... يقال أن هناك مخلوقًا أسطوريًا في تلك الجزيرة."
يسترق بيلي السمع على حديثهما، عيونه المُتسعة تُظهر فضوله، وفمه المُفتوح قليلاً يُظهر دهشته. يُفكر: (لحم... كنوز... مخلوق أسطوري! هذا يبدو رائعًا!)
شد بيليّ شجاعته واقترب من العجوز، ُظهر في عيونه الفضول والشجاعة. ُلاحظ العجوز بيلي ثم ابتسم له
"سيدي، هل يُمكنني الاستماع إلى قصتك؟" سأله بيليّ قائلا
اُشار العجوز له بالجلوس: "نعم تفضل."
جلس بيلي بجانب العجوز ،
ثم قال عجوز و هو يحاول يتذكر : " أين كنا ، اه صحيح لقد تذكرت "
بدأ العجوز يتحدث قائلا : " قبل خمسين عامًا، كان هناك قرصانٌ شهير يُدعى يوهان أرشيوزان، كان يُلقب بـ"الصقر" لسرعته وقسوته في الهجوم. كان يوهان، رجلًا طويلًا معتدل ، بشعر أسود متوسط ، وعيون رمادية ثاقبة، يُخفي وراء ابتسامته الباردة قلبًا قاسياً لا يعرف الرحمة. (ُلاحظ بيليّ تغيرًا طفيفًا في تعابير وجه العجوز، مُشيراً إلى قسوة يوهان). اشتهر يوهان بنهب السفن في محيط غامض يدعى ب "المحيط القاتل"، ذلك الجزء المُظلم والغامض من المحيط، حيث تختفي السفن دون سبب، وتُروي الأساطير عن وحوش البحر والعواصف العنيفة المتواجدة هناك ، ( كان بيليّ يُحدق بدهشة في وجه العجوز، مُتخيلًا مشاهد المحيط القاسي). كان يوهان يمتلك فريقًا من القراصنة المُدربين بشكلٍ جيد، والذين كانوا يُتبعونه و يطيعون أوامره لدرجة أنهم كانوا سوف يتخلون عن حياتهم لو طلب منهم هذا .
أردف العجوز كلامه قائلا : " يُقال إنه أخفى كنزًا ضخمًا، يُقدر بنحو 4.5 مليار بيري، ثروة هائلة تُمكن من شراء ممالك كاملة، في مكان ما على جزيرة ريونيون الغامضة. (اتسعت عيون بيليّ بدهشة، مُتخيلًا كمية الكنز الضخمة). كان يوهان يُخطط لإخفاء كنزه في مكانٍ سريّ لا يستطيع أحد إيجاده، مكانٍ يُحمي كنزه من أيدي الأعداء والطامعين لذا وضعه في جزيرة ريونيون
تم القبض على يوهان في جزيرة فينورد، جزيرة صغيرة وتشتهر بسجونها القاسية، في السابع من يوليو عام 730، وسط حشد هائل ، كان يوهان هادئًا ومُسيطرًا على نفسه، حتى في لحظة القبض عليه. يُروى أنه كان يرتدي قلادة تحمل شفرة مكونة من 17 سطرًا. ألقاها وسط الحشد وهو يصرخ: "اعثروا على كنزي! من يحل هذه الشفرة سيجد كنوزي الثمينة!" ، بعد أشهر من اعتقاله، في ساحة كبيرة في مدينة مارينيال تم جلب يوهان إلى هناك من أجل تنفيذ حكم الإعدام عليه حضر الكثير من الأشخاص لمشاهدة إعدامه كانت الحراسة مشددة من طرف البحرية و الحكومة كان الناس يحيطون بالمكان و كانوا ينتظرون وصول يوهان إلى منصة الإعدام و بعد لحظات وفد من جنود و بينهم يوهان الذي كان مقيد بسلاسل كان يمشي بفخر و اعتزاز و الإبتسامة تعلو وجهه كان الجنود على اسطح المحيطة بالساحة يوجهون بنادقهم نحو يوهان كانت الحراسة من كل مكان بعد لحظات وصل يوهان إلى مكان تنفيذ الإعدام ثم جاء شخص من البحرية يحمل ورقة و ثم بدأ في قرائتها كان يقول كلاما يصف فيه الجرائم و الأشياء التي قام بها يوهان و في آخر الكلام قال " حكم عليك بالإعدام "، تقدم جنديان يحملان سيفان نحو منصة الإعدام من أجل تنفيذ الحكم نهض أحد من الملوك الذين حضرو لمشاهدة الإعدام من شرفة الشخصيات المهمة ثم قال : " ما هي آخر كلماتك يا أيها القرصان ؟ " موجها كلامه ليوهان ، نظر يوهان إليه بإبتسامة ثم انزل رأسه و نظر إلى الحشود الغفيرة التي تنظر إليه ثم قال : " لقد تركت شيء أعظم ورائي ، فقط من يستحق إيجاده سوف يعثر عليه ، تنهد قليلا ثم صرخ قائلا ريونيون...تشهد على هذا " و فجأة ساد صمتٌ مُطبقٌ للحظة، في تلك اللحظة أعط جندي إشارة للجنديان، تحرّكَ الجنديان بسرعة، غرسا سيوفهما في صدر يوهان، فانهمرت الدماءُ على منصة الإعدام ، لم يصرخ من الالام ، بل همسٌ خافتٌ خرج من بين شفتيه، كأنّه يهمس سرّاً للرياح و كأنه يقول : "البحرُ... لا... ينسى...ملكه " تعالت أصوات بين صرخاتٍ مُختلطةٍ بين الحزن والفرح بين الحشود الغفيرة. صرخاتٌ من أشخاصٍ حزينين على مقتل القرصان الشهير، وأخرى من أشخاصٍ فرحين لانتهاء عهد القراصنة الظالم. . انفجرت ردودُ الأفعال. بعضُ الحشد انفجر بصرخاتٍ مُندهشة، بينما آخرون أبدوا حماساً وانفعالاً عظيماً
مات يوهان واقفا و الإبتسامة على وجهه في مشهد مهيب ، مات مُصرًّا على أن كنزه سوف يُبقى سرًا أبديًا. ( كانت الدهشة تعلوا ملامح بيلي )
ثم أكمل العجوز كلامه : " و بعد مرور 3 سنوات من إعدام يوهان ، يأتي الحدث الذي أثار حيرة القراصنة حين قامت البحرية بإلقاء القبض على القرصان الذي يدعى سيبستيان، أحد قراصنة طاقم يوهان. في سجن " مارين بريسن " نفى سيبستيان كل ما قاله قائده، مُصرًا على أنه كذب. لكن زميله في الزنزانة سمعه يتحدث في نومه، مُكررًا جملة واحدة:
"أيها القائد، أرجوك أخبرني بمكان جزيرة ريونيون، أرجوك!"
بعد يومين، عُثر على جثة سيبستيان ملقاة على الأرض الباردة لزنزانته، غارقة في دماءٍ . تم اتهام زميله في الزنزانة ، لكن سرعان ما تمت تبرأته بعد العثور على رسالة مختبئة في سترة سيبستيان. رسالة مكتوبة بخط يد سيبستيان، حروفٌ واضحةٌ رغم الارتجاف الذي يُلاحظ في بعضها. (كان بيليّ يُظهر القليلً من الفضول).
الحراس، بأيديهم الخشنة والأصابع المُتسخة، فتحوا الرسالة وقرأوها الكلمات كانتٌ قويةٌ وواضحةٌ تُنطق بصوتٍ صامتٍ من ورقٍ مُتّسخٍ: "إلى ممالك الثلاث وكلابهم، لن أمنحكم شرف إعدامي. كل ما قلته عن القائد كان تضليلًا لأجل إيجاد الكنز، لكنكم لن تدعوني وشأني، لذا سأقتل نفسي. ستجدون هذه الرسالة، لكنها ستُنشر، وسينطلق عصر جديد للقراصنة!" ( تغيّرت ملامح العجوز إلى مزيج من الحزن والإعجاب وهو يقول هذا).
. أراد الحراس ، إرسال الرسالة في اليوم الموالي إلى ملك مملكة فيوريس،
في زنزانة سيبستيان، كان هناك رجل يدعى شيدوري زميل سيبستيان في زنزانة ، قد سمع كل شيء. كان رجلٌ يُحاط به الغموض والخوف
عندما حل منتصف ليل و في لحظةٍ سريعةٍ ومُفاجئة، هرب شيدوري من زنزانته ، بسرعة البرق، تسلل بين الحراس بمهارة، وقتل من يُقف في طريقه بلا رحمة، بضرباتٍ سريعة ودقيقة ثم حرر سجناء آخرين وَأخذ الرسالة ، عمت الفوضى في ذاك السجن ، هرب تشيدوري و نشر محتوى الرسالة ، الرسالة انتشرت كالبرق، و انتقلت من بين جزيرة إلى جزيرة و من محيط إلى أخرى وأشعلت حماس القراصنة، دفعتهم للإبحار لإيجاد جزيرة ريونيون ، وهذه يا فتى قصة القرصان الذي جعل العالم يدور رأسا على عقب و الذي أطلق عليه عدة الألقاب و لكنه اشتهر ب " الملك المتوج للقراصنة " و " كاتب التاريخ "
أنهى العجوز القصة ، لاحظ بيليّ الهدوء الذي حلّ على الحانة بعد انتهاء القصة حيث كان كل من في الحانة قد انسجم مع سماع القصة بعد لحظات عاد الضجيج في الحانة. كان وجه بيليّ مزيجاً من الدهشة والإعجاب.
"هذه قصة رائعة، يا عم! لقد قررت، أنا من سأجد جزيرة ريونيون، وأصبح أعظم قرصان في التاريخ!" صرخ بيليّ بحماس، و عيونه تُشعّ بالطموح.
ضحك العجوز من كلامه ، كان وجهه يُظهر مزيجاً من التعجب والترفيه من كلام بيلي قائلا له : " لا تتسرع، يا فتى! الكلام سهل، والفعل صعب." يمسك العجوز كأس النبيذ الذي كان أمامه.
ثم يصر بيلي قائلا ّ: "سترى بنفسك!" ثم يُضيف سؤال مهم للعجوز قائلا : "يا أيها الجد ما هو الجدار الفولاذي الذي يتحدث عنه القراصنة المتواجدون هنا؟"
يُجيب العجوز، ويُشير بيده نحو نافذة الحانة التي تُطل على البحر: " هناك بعيد يوجد الجدار الجليدي، يا أيها فتى العالم الذي نعيش فيه فسيح و واسع ، يُحيط بعالمنا جدارٌ عملاق، تراه أحياناً في أيام الضباب الكثيف، ومن يتجاوزه يصل إلى العالم الذي ذهب إليه يوهان، ووضع فيه كنوزه." ُلاحظ العجوز انبهار بيليّ، ثم اضاف بابتسامة قائلا : "قصة مُخيفة بعض الشيء، أليس كذالك؟"
"هل هناك من استطاع تجاوزه؟" يسأل بيليّ بفضول، كانت عيونه تُحدق في وجه العجوز.
"قلة قليلة. كثيرون فشلوا حتى في الوصول إلى نقطة نيمو." أجابه العجوز بصوتٍ هادئ
ثم سأل بيليّ : "وما هي نقطة نيمو؟"
رد عليه العجوز قائلا " نقطة نيمو هي أبعد نقطة وصل إليها الإنسان عن اليابسة في البحر ، بعيدة عن اليابسة ، وقريبة من الفضاء. لم يستطع الكثير تجاوزها." اجاب العجوز، كان العجوز يلاحظ انبهار على وجه بيليّ. ثم اضاف العجوز بابتسامة طفيفة: "مكانٌ مُخيفٌ فعلًا، فأشرس القراصنة لم يستطيعوا الوصول إلى ذاك المكان ."
قال بيلي متسائلا : " و ما هو الفضاء ؟ "
ثم أضاف العجوز مع ابتسامة صغيرة : "كان أجدادنا يُدركون الفراغ الهائل فوقنا، و كانوا يُسمونه "الفضاء" . لم يُدركوا كيف هو بالضبط، ولكنهم رأوا النجوم تُحرك السماء، والشمس و القمر يحددان تغيير مُسار النهار و الليل. أعتقد أن فكرة "الكون" كانت واضحة لهم من خلال مُراقبة الظواهر الطبيعية و تغير الفصول."
أضاف بيلي بفضول: "ولكن كيف عرفوا أنه يوجد شئ فوق السماء؟"
ابتسم العجوز و قال: "ربما لم يُؤمن بذلك جميع الناس، ولكن بعض الحكماء كانوا يُدركون أن النجوم بعيدة جداً عن اﻷرض، و كان ذلك مُستحيل من الخيال أن تُحمل على مُساحة صغيرة مثل السماء. كانوا يُدركون أن هناك فراغٌ هائلٌ فوقنا، و اطلقوا عليه إسم "الفضاء".
أضاف بيلي: "فكرة مثيرة للاهتمام، لكن كيف يعرفون أن نقطة نيمو قريبة من الفضاء؟"
أجاب العجوز: " الأساطير تُخبرنا أن الفضاء قريبٌ من نقطة نيمو، و أن النجوم تُصبح أقرب من المعتاد في هذه المنطقة. ربما كانت هذه أسطورة فقط، لكن بعض البحارة القدامى يُؤكدون أن السماء تُصبح سوداء بشكل غير عادي عند الوصول إلى نقطة نيمو، و أن النجوم تُصبح أكثر سطوعاً، و أن الشعور بالعزلة و الخوف يُصبح أقوى في هذه المنطقة. "
ابتسم بيلي و قال: " هذا مُثير للاهتمام ، أعتقد أن الفضاء يُصبح أقرب إلى نقطة نيمو بسبب عدم وجود أي شئ بينها و بين النجوم. "
أومأ العجوز برأسه و قال: " ربما من يدري . "
سأل بيلي بفضول :"وماذا عن المخلوق الأسطوري في ريونيون؟" ّ
أجاب العجوز : "يُقال إنه وحشٌ يحكم الجزيرة، وحشٌ قويّ ومُخيف، يقال أن يوهان لم يستطع الوصول إلى أعماقها لأنه خسر أمام هذا الوحش."
اُضاف بيليّ بملامح تملؤها الدهشة : "أعظم قرصان يُهزم من طرف وحش؟"
اُجاب العجوز: "الأساطير لا تُؤكّد، الحقيقة تتواجد مع من عاش تلك الأحداث. لكن القصص تُروى لتُحذر من المخاطر " قال هذا بابتسامة حكيمة، مشيرا إلى نادال من أجل أن يجلب كأس نبيذ أخر..
بعد هذا جلب له النادل كأس النبيذ ، أمسك العجوز بكأس النبيذ
ثم أضاف العجوز، متأملاً كأس النبيذ : "أما عن نقطة نيمو، فلم تكن خرائطنا القديمة دقيقة بما يكفي لتحديدها بدقة، لكن البحارة القدماء، عبر رحلاتهم الطويلة وخبرتهم في قراءة النجوم، لاحظوا مناطق في المحيط الهادئة بشكل غير عادي، بعيدة عن مسارات الرياح الموسمية المعتادة. هذه المناطق الهادئة، التي وصفوها بأنها "مناطق الصمت"، كانت بعيدة كل البعد عن أي أرض. مع مرور الوقت، وبتجميع تقارير البحارة عبر أجيال، تبلورت صورة هذه المنطقة المعزولة، التي أصبحت تُعرف لاحقاً بنقطة نيمو. يُعتقد أن هذا الفراغ الذي يبدأ عند نقطة نيمو، هو سبب اختفاء العديد من السفن والبحارة عبر التاريخ ، الملك القراصنة يوهان كان واحد من القراصنة الذين تجاوزو نقطة نيمو و ذهب إلى العالم الأخرى أو كما يسميها القراصنة " الحد الشبحي المميت " ."
Comments
⊹ Ω𝓥𝔂𝓷𝓪❤️🔥☠️
ابدعت
2025-05-10
1