انتهت أيام المدرسة بسرعة كبيرة، وكأنما غابت كل الذكريات الجميلة بين ضغوط الامتحانات وحفلات التخرج. ولكن بالنسبة لأرين، كان اليوم الذي تخرج فيه من المدرسة يمثل بداية شيء آخر... شيء لا تجرؤ على التفكير فيه كثيرًا.
التقطت لحظات قصيرة مع جونو في اليوم الأخير، مثل تلك اللحظات التي كانت تجمعهما دائمًا. كان يجلس بجانبها في المقصف، يناقشان مواضيع بعيدة عن المدرسة، يحلمان بمستقبل مليء بالأمل.
ولكن كلما اقتربت الساعة الأخيرة، بدأ قلبها ينقبض بشدة. كانت تشعر بالخوف، وبالضياع، كما لو أنها ستودع جزءًا منها.
"لو قدرت أظل هنا معك للأبد، كنت رح أظل." همست أرين، وهي تنظر إلى جونو بابتسامة حزينة.
لكن جونو ابتسم ابتسامة هادئة وقال: "الحياة ليست عن البقاء في مكان واحد... الحياة عن التغيير. وأنا أعرف إننا لايعني سوف نبقى مع بعض طول العمر، لكن ما يعني إننا لازم ننسى بعض."
كان هناك نوع من الفهم بينهما. لم يكن التخرج مجرد نهاية؛ كان بداية لفصل جديد في حياتهما. لكنهما لا يعرفان أن الفراق قادم لا محالة.
وفي اليوم الذي بعد التخرج، دعى جونو لأرين حفله عشاء بسيط بينهما بمناسبة عيد ميلاد ارين تاسع عشر، ومعه يجلب هديه رغم أن جونو يعرف أن ذالك سيكون له تأثير كبير على حياته وحياة أرين بسبب خبر تجنيد الاجباري. لذالك يجبر الالتحاق بالجيش، ليتبع هذا
وبعد أن دعى جونو لحفلة عشاء بينهم ليله وقدم لها هديه وكانت ارين سعيده جدا بالهديه بسيطه والتي كانت على شكل قلاده فضية مكتوب بداخلها " إلى الأبد" كانت ارين سعيده بتلك قلاده لدرجه لبسته بنفس يوم أهداها لها وساعدها جونو في ارتداء قلاده وبعد الحديث مستمر قصير لاحضت ارين أن وجه جونو مليئ بالعيون حزينه وكأن يخفي شيء عنها ، سألت ارين قائلا
ـ " ما بك جونو؟ لماذا تبدو حزينا ومرتبكا هل تخفي شيء ولا تريد تحدث"
ـ جونو " كلا بالفعل أود أن أقول لك شيء ما يوم بما أنني دعوتك إلى حفله عشاء بمناسبة عيد ميلادك لكن أمل الاتحزني "
استغربت ارين بهذا كلام وتسألت عما يقصد ، ثم أجابت ارين قائلاً
ـ" إذن أخبرني ماهو شيء"
في تلك الليلة الباردة التي جلسا فيها سويًا على السطح، حيث اعتادوا أن يتحدثوا عن كل شيء لذالك تحدث جونو بصوت هادئ وقال
ـ "ارين ، انا سألتحق بالجيش غدا وانا ملزم على إجبار هذا لكن اعدك أنني سأرسل لك رسائل لطيفة واطمئنك وحالما احصل على اجازه تجنيد اعدك أننا سنخرج بموعد مدبر أكثر وعندما يتم تسريحي من جيش اعدك أنني سأعود واطلب يدك للزواج "
كانت أرين صادمًه وسعيده وحزينه بنفس وقت كأن مشاعر متلخبط، رغم حتى له هو نفسه. لم يخبر أحدًا، إلا أرين. وأخبرها
سكتت أرين، ثم قالت بصوت خافت: "لكن... لماذا كل هذا قرار فجأة؟"
– " انه موعدي لانني أصبحت ملزما على جيش ولأجل أكون أقوى، أكون قادر أعيش وأحقق أهدافي ايضا معك. هذه فرصتي لزواج بك وحينها لن اضطر أن يتم دعوتي للالتحاق بالجيش وانا بجانبك، أرين."
لم تستطع أرين أن تقول شيئًا. كان قلبها في حالة صراع وصدمه وكل شيء. هي لا تريد أن يذهب، لكنها في نفس الوقت تعلم أنه لا يمكنه البقاء للأبد في مكانه.
وفي صباح اليوم الذي غادر فيه جونو، أوقفته عند باب المنزل، وأمسكت بيده. كانت عيونها مليئة بالدموع، لكنها حاولت أن تبتسم، وكان جونو ينظر إليها بنظره الحزن والحب لها ، كان قلب أرين ينبض بسرعة، هي تعرف أن هذه اللحظة قد تأتي يومًا ما، لكنها لم تكن مستعدة لها. ترددت في الحديث، لكنها قالت في النهاية، بصوت خافت: "ماذا؟"
أخذ جونو نفسًا عميقًا، وعينيه لم تبتعدا عن عينيها. كان على بعد بوصات قليلة منها، والهواء بينهما كان مليئًا بالثقل. في تلك اللحظة، لم تكن هناك كلمات. فقط صمت، صمت ثقيل وعميق.
ثم، وبحركة مفاجئة، اقترب منها جونو أكثر. كان قلبه يسبق عقله، وكانت يداه قد وجدت طريقها لتلامس خدها بلطف. كان يشتهي أن يفعل ذلك منذ فترة طويلة، لكن الخوف من الرد كان يثقل قلبه.
"أريدك أن تعرفي أنني... أهتم بكِ، أرين. أكثر من أي شيء آخر في هذه الدنيا."
ثم دون أن ينتظر جوابًا، اقترب أكثر، ووضعت شفتيه على شفتها برفق، كما لو أنه يتأكد من أن هذه اللحظة هي اللحظة التي لا رجعة فيها.
كانت القبلة الأولى بينهما. كانت مختلفة عن كل ما تخيلته أرين. لم تكن مجرد لحظة عاطفية عابرة، بل كانت شيئًا عميقًا، يتخلل قلبها كما يتسلل الضوء في الظلام. كانت قبلة مليئة بالوعود، بالآلام، والأمل، والشوق. كانت قبلة تملأها الفراق، لكنها كانت أيضًا مليئة بالحياة التي تجري بينهما رغم كل شيء.
كانت شفتيه دافئتين، وكان العطر الذي يتركه قربه يتغلغل في أنفها، يملأ رأسها. شعرت برغبة عارمة في أن تكون تلك اللحظة هي كل شيء. اللحظة التي لا يريدان أن يتركاها أبدًا. وكأن الزمن توقف، وكأن كل شيء في حياتهما قد تلاشى ليصبح مجرد ذكريات باقية بين شفتين.قبل أن تبتعد شفتاهما عن بعضهما، وعيناهما تلتقيان. كان قلب أرين يتسارع، وعقلها يلتبس بين مشاعر الحب والفزع. لكن جونو، بنظرة هادئة، قال لها: "لن أرحل دون أن أعود إليكِ."
كان وعدًا، وكان قلبها يعرف أنه سيفي به، رغم كل الصعاب التي قد تواجههم. وتلك القبلة، كانت أكثر من مجرد لمسة شفتين، كانت البداية لتاريخ جديد بينهما، تاريخ مشترك مليء بالأحلام، والآلام، والوعود التي لم تكتب بعد.
– "تذكر وعدك !. وعدتني أنك سوف تعود، وعدتني أنك ما لن تتركيني انتظرك. أيها الاحمق لاتنسى."
نظر إليها جونو بعمق، ثم أجاب بنبرة جادة: "أعرف إني وعدتك، وأعدك إني سوف اعود مجددا لأجلك. بعد ما أعود من الجيش، كل شيء سوف يتغير، سوف أكون معك."
لكن قلب أرين كان مليئًا بالشكوك. هل سيعود حقًا؟ وهل ستكون حياتها كما كانت قبل أن يرحل؟
مرّت الأشهر بسرعة، لكن المسافات بينهما أصبحت أكبر.
أرين كانت تتلقى رسائل من جونو بين الحين والآخر. رسائل قصيرة، لكنها كانت كافية لتطمئنها. لكنها في نفس الوقت، كانت تشعر بالعزلة. كانت تتذكر كل لحظة مرت بها معه، وتدرك أن الحياة أصبحت أكثر وحدة بدون وجوده إلى جانبها.
وفي أحد الأيام، وصلتها رسالة من جونو. كانت رسالة قصيرة، لكنه كان يكتب فيها عن نفسه أكثر مما كان يفعله سابقًا:
"أرين، الحياة هنا صعبة، أكثر مما توقعت. أحتاجكِ بجانبي. لكنني وعدتك، وأنا سوف أعود."
ولكن بين سطور الرسالة، كان هناك شيء مختلف. كان يشعر بالضياع. شيء ما في داخله كان يتغير، وهو لا يعرف كيف يعبّر عنه.
في تلك اللحظة، بدأت أرين تشعر بشيء أكبر من الفراق... بدأت تشعر بالخوف من المستقبل. "ماذا لو تغير؟ ماذا لو لم يعد كما كان؟"
وبعد أشهر من الفراق، وصل الخبر.
في أحد الأيام عن حادث وقع في الجيش. أحد زملاء، جونو تعرض لحادث تحرش شديد من زملاء عسكرين في التدريبات العسكرية. وصديق جونو ، حيث كان يحاول مساعدته.
لكن عندما علمت أرين بالحقيقة من خلال رساله جونو لها وهو يشتكي لها بالرسائل قصيره، سقط قلبها. كان هناك شيء في قلبها يقول إن الأمور لن تكون كما كانت. ثم وصلت رسالة أخرى من جونو.
"أرين، إذا قرأت هذه الرسالة، فأنا بخير. لكن يجب أن تعرفي أنني تغيرت. الحياة في الجيش ليست كما توقعت، وأحيانًا أشعر أنني لا أستطيع التحمل."
كان هذا هو بداية شيء أكبر. بداية رحلة البحث عن ذاته، ولكن بطريقة مختلفة تمامًا عما كانت أرين تأمله.
وفي نهاية هذا الفصل، يبدأ جونو في فقدان نفسه داخل الجيش، بينما تتساءل أرين: هل سيعود كما وعدها؟
يتبع...
Comments