𝟓

..."من أنت؟"...

...صرخ أغوي، وكان صوته حادًا مليئًا بالغضب. لم أتمكن سوى من أن ألتقط أنفاسي، مرتعشة من الخوف وراءه....

...ماذا يخطط أن يفعل؟...

...أدى سؤال أغوي إلى قشعريرة سرت في عمودي الفقري. كان من المريح أن الرجل قد تدخل لحمايتي، لكن ماذا يمكن أن يكون قد قال؟...

...كان هذا الرجل مع "جاي-يول"؛ فهو بالتأكيد يعرف مكان أخي. ...

...ومع ذلك، ها هو يقف هنا، يواجه أغوي. ماذا كان سيقول؟...

..."أنا ابن عمها. ومن أنت؟"...

...ابن عم؟...

...تفاجأت، ورفعت بصري نحوه، لكن موقفه كان ثابتًا لا يتزعزع....

..."ابن عم؟"...

...سخر أغوي، وكان صوته مشبعًا بالتهكم....

..."نعم، ابن عمها. وسألت، من أنت؟"...

...كان صوته باردًا، آمِرًا، مشبعًا بسلطة لا يمكن إنكارها، لا تترك مجالًا للمعارضة....

...وفي هذه الأثناء، كنت أسمع همسات الجيران وهم يراقبون من فوق السور، فضولهم قد أثارته الضجة....

...رمقهم أغوي بنظرة سريعة قبل أن يسب على الأرض بشماتة....

..."أنا ضابط شرطة. نحن بصدد إجراء عملية تفتيش."...

...لهذا الوضيع الجرأة ليزعم أنه شرطي!...

...فقط مجرد التفكير في أنني قد أُسحب إلى المركز وأتم استجوابي من قبل شخص مثله جعل معدتي تنقلب. ...

...لم أكن أرغب حتى في تخيل الأهوال التي قد تلي ذلك....

..."بطاقة الهوية. وأرني إذن التفتيش."...

..."ماذا؟"...

..."قلتُ، أرني بطاقة هويتك كشرطي وإذن التفتيش."...

...في تلك الأيام، كان معظم الناس يجهلون الكثير عن القانون. كنتُ دائمًا أعتقد أن الشرطة تتمتع بالسلطة المطلقة لدخول أي منزل، واستجواب أي شخص، وتفتيش أي مكان بحسب إرادتها....

...لكن ذلك كله تغيّر قبل سنوات قليلة فقط. أصبح القانون الآن أكثر تشددًا؛ دون إذن تفتيش، لم يعد بإمكان الشرطة دخول المنازل الخاصة دون إذن قانوني....

...كانت نبرة الرجل حازمة، ما جعل وجه أغوي يتجعد من الغضب، لكنه كان من النوع الذي لا يستسلم بسهولة....

..."ها، ابن عم؟ ما اسمك؟"...

..."ولماذا يجب أن أخبرك؟"...

..."ماذا؟"...

..."لم أرتكب جريمة، لذلك لا يوجد سبب يجعلني أخبرك باسمي. ولا يحق لك أن تقتحم منزل شخصٍ ما دون إذن تفتيش. ولا تملك الحق في استجواب أي شخص، حتى وإن كنتَ شرطيًا."...

...رغم أنني لم أتمكن من رؤية وجوههم بشكل مباشر، إلا أن التوتر بينهما كان ملموسًا. ...

...كان الهواء محمّلًا بالعدائية، والنظرات بينهما متشابكة، كما لو أن التحدي غير المعلن قد تجسد بينهما. ...

...كأن عاصفة خفية قد حطّت على ساحة المنزل، مشحونة بالخطر الكامن في كل لحظة....

..."إذا لم يكن لديك إذن تفتيش، فابتعد عن هذا المنزل فورًا."...

...قال الرجل بنبرة حاسمة، صوته يقطع الصمت كما يقطع السيف الهواء. من وراء السور، كانت همسات الجيران تزداد، وقد تحول فضولهم إلى حيرة ودهشة....

..."ما هو إذن التفتيش؟" ...

...همس أحدهم....

...تبادل أغوي والمحققون نظرات غاضبة نحو الحشد المتجمع، وعلامات الإحباط كانت واضحة على وجوههم....

..."لنذهب."...

...أمر أغوي، وكان واضحًا في إحباطه، وأشار إلى الآخرين ليغادروا....

...كنت ما زلت ألهث من شدة التوتر، مرتعشة خلف الرجل الذي وقف كالجبل أمام هؤلاء المتنمرين....

...لكنني لم أتحرك إلا بعد أن غادر أغوي ورفاقه. جريت بسرعة نحو جدتي التي كانت ما تزال ملقاة في الساحة، ودموعي تسيل دون توقف وأنا أضمها إليّ في صمت....

...* * * ...

...بعد أن ساعدني الرجل في رفع جدتي وأدخلها إلى الداخل، وضعها برفق على الفراش وناولها كوبًا من الماء. فقط حينها، توجهت أنظاره إليّ....

..."هل أنتِ بخير؟"...

...كيف يمكنني أن أكون بخير؟ لكن في الوقت نفسه، شعرت بشعور خفيف من الراحة يغمرني، وكأنني نجوْت للتو من شيء مروع. بدا الأمر غير واقعي تقريبًا، أن هذا الرجل قد تمكن من طرد أغوي....

...لم أفهم تمامًا كل ما قاله سابقًا، لكن شيء واحد كان واضحًا - أنه جاء لإنقاذي....

..."أنا بخير."...

...تمكنت من الرد بصوت منخفض بالكاد يسمع. تحولت نظرته من وجهي الشاحب المملوء بالخوف إلى معصمي، حيث بدأ الكدمة الداكنة في التكوّن....

...لحظة، اختفى الابتسام الخفيف الذي كان يتلاعب عادةً على شفتيه، ليحل مكانه فك مشدود، وجمود في تعبيره. كان ذلك تفصيلًا لم ألاحظه في ذلك الوقت....

..."ماذا حدث؟"...

..."يبدو أن هذه المواقف كانت أكبر من أن تتحمليها بمفردك. كما كنت أظن أن الشرطة قد تظهر."...

...شددت قبضتي على البطانية التي كانت تغطي جدتي....

...لم يخطر ببالي أن الشرطة، وخاصة أغوي، قد يحضرون....

..."ماذا عن أخي؟"...

...سألت، وصوتي يهتز. كان أخي، "جاي-يول"، أكبر همّي....

..."هو في مكان آمن."...

..."أين هو؟"...

...أجاب بابتسامة خفيفة فقط....

...بالطبع. معرفة مكانه لن تنفعني في شيء....

...إذا عاد أغوي وراءي مرة أخرى وتصرف كما فعل اليوم، كنت أشك أنني سأتمكن من الحفاظ على السر. لم أكن كاذبة جيدة، ولم أكن أملك الثقة الكافية لأحمي أخي تحت هذا الضغط....

..."أنتِ بخير، أليس كذلك؟"...

..."نعم، أنا بخير."...

...---...

...كنت أكرهه لأنه جلبنا إلى هذه الفوضى، لكن ما كان يهمني أكثر هو أن أخي كان في أمان....

...الآن... ماذا أفعل؟ هل ستعود الشرطة؟...

...فكرة نظرات أغوي الحادة جعلتني أرتجف مرة أخرى. مع غياب أخي ومرض جدتي الشديد، لم يعد هناك من يحميّ في هذا العالم....

...هل أخبر "الهاينيو"؟ أم الجيران؟ ربما سيحاولون مساعدتي، لكن هل يمكنهم حقًا الوقوف في وجه شخص مثل أغوي؟...

...أغوي لم يكن مجرد بلطجي عابر؛ كان ضابط شرطة. سخافة الوضع جعلت رأسي يدور، ورؤيتي تغشى لحظة من الاضطراب....

..."من... أنت؟"...

...في تلك اللحظة، استفاقت جدتي ببطء، وعادت حواسها شيئًا فشيئًا. فتحت عينيها بصعوبة، وركّزت نظرها على الرجل بصدمة قبل أن تسأله....

...آه، صحيح. كيف سأشرح لها كل هذا؟...

...نظرت إلى وجه جدتي، الذي كان شاحبًا ومليئًا بالقلق. لشرح من هو هذا الرجل، كان عليّ أن أكشف عن حقيقة أخي. ...

...لكن فكرة أن أحمّلها، وهي في هذا الضعف الجسدي والعقلي، بما حدث لأخي "جاي-يول"، كانت أمرًا لا يمكن تحمّله....

...كان الصدمة وحدها كافية لتكون مؤلمة، ولكن إذا سمحت لها بالحديث عن أي شيء عن هذا الرجل بالخطأ، فسيكون الأمر أسوأ بكثير....

..."أقول لك، من أنت؟"...

...تبادل الرجل ونظرتي نظرة سريعة. هل يجب أن أخبرها أنه مجرد عابر سبيل؟ أو صديق لأخي؟...

...ثم تذكرت ما قاله هذا الرجل لأغوي....

...أنا ابن عمها، ومن أنت؟ ...

..."إنه... جونغ هيون، جدتي."...

...عند سماع كلماتي، اتسعت عينا الرجل بدهشة....

...'أنت الذي تظاهرتَ أولًا بأنك جونغ هيون.'...

...فكرت فيه، بينما أغلق عينيّ بإحكام وأنا أكذب على جدتي. في النهاية، هي لن تتذكر جونغ هيون....

...لقد مرّ سبع أو ثماني اعوام منذ أن كان جونغ هيون آخر مرة في تشونغمو، وكان حينها ربما مجرد مراهق في المدرسة المتوسطة. ...

...لم أكن أعرف كيف كان هذا الرجل يعرف جونغ هيون، لكن في الوقت الراهن، كان من الملائم له أن يتخذ تلك الهوية....

..."جونغ هيون؟"...

...اتسعت عينا جدتي....

..."نعم، جدتي."...

..."ابن يونسو، جونغ هيون؟"...

...يونسو هي ابنة جدتي، عمتي. وكان الكذب قد تسرب بالفعل كالماء، مستحيل استعادته....

..."نعم."...

...أغلقت عينيّ بإحكام وواصلت الحديث....

..."أوه، جونغ هيون! أنت هنا. بالطبع، جئت لأنك كنت قلقًا على هذه المرأة العجوز، أليس كذلك؟ لهذا جئت؟ لقد اشتقت إليك. جئت في الوقت المناسب يا ولدي."...

...كان الأمر كما لو أن الماء المراق قد انتشر في كل الاتجاهات بشكل لا يمكن التحكم فيه....

...---...

..."ما الذي تخططين لفعلِه؟"...

...سأل الرجل بينما كنا نخطو إلى الخارج، مغلقين الباب الصرير خلفنا بحذر....

..."جدتي مريضة."...

...كان صوتي منخفضًا وبعيدًا، كأنه همسٌ خافت....

..."بحلول الغد، ربما لن تتذكر حتى ما حدث اليوم."...

...ربما ستتذكر، وربما لا، لكن في الوقت الحالي، كان عليّ أن أتمسك بالأمل في أنها لن تتذكر....

...عبس الرجل قليلاً عند سماع كلماتي....

..."منذ متى وهي مريضة؟"...

...لم أجب، بل بدأت في ترتيب الأشياء المتناثرة في الساحة. كان الحديث عن جدتي دائمًا يقودني للتفكير في أخي "جاي-يول"، فتتداخل أفكاري وتصبح مشوشة....

..."سون-يونغ!"...

...لكن جدتي بدت مسرورة للغاية بوصول "جونغ هيون". لم تكن تبدو وكأنها تتذكر الفوضى التي سببها "أغوي" على الإطلاق. رغم حالتها الضعيفة، كانت تحاول النهوض من السرير، تدفع البطانية جانبًا لتخرج....

..."اذهبي لتنظيف غرفة جاي-يول. يمكن لجونغ هيون أن ينام هناك الليلة."...

...ماذا؟!...

...حدقت في جدتي بدهشة تامة. كان الوضع يتغير بسرعة وبشكل غير متوقع....

..."آه... جدتي... حسنًا..."...

...تلعثمت، محاولًا التفكير في شيء أقوله....

..."أحضري بعض السمك البحري الذي اصطدناه اليوم. جونغ هيون، انتظر هنا. سون-يونغ ستطبخ لك سمكًا لذيذًا."...

...يا للهول....

...نظرت إلى الرجل بتعبير محرج. لم أتمكن من إخبار جدتي أنه ليس "جونغ هيون" الحقيقي....

..."ماذا تفعلون هنا؟ اسرعوا! لا، أنسي الأمر—يجب عليّ أن أطهو بنفسي!"...

..."آه! جدتي، لا! من فضلك، فقط اجلسي. سأقوم بكل شيء!"...

...كان واضحًا أن ما حدث سابقًا قد تم محوه تمامًا من ذاكرة جدتي. ...

...كانت عيناها تتلألأ بالدفء والمودة بينما كانت تنظر إلى الرجل الغريب، مقتنعة أنه حفيدها المحبوب....

...شعرت بثقل الذنب يضغط على صدري. كانت هذه الفوضى كلها بسببي، ولم أتمكن من أن أواجه عينيّ الرجل. كنت أشعر بالخجل....

..."جونغ هيون، تأكد من أنك تأكل جيدًا وابقَ هنا لبضعة أيام قبل أن تغادر، حسنًا؟"...

...تردد الرجل قليلاً، غير متأكد من كيفية الرد....

...لكن جدتي، بعزيمتها القوية، دفعتني برفق جانبًا وأمسكت بيد الرجل. بينما كان يراقبها، ابتسم لها بابتسامة خفيفة....

..."حسنًا، جدتي. من فضلكِ، اطبخي لي الكثير من الطعام اللذيذ."...

...تألقت وجه جدتي بفرح، وكان ذلك أكثر تعبير سعادة رأيته على وجهها منذ فترة طويلة. كانت تنظر إليه كما لو أنه أغلى شخص في العالم. ...

...رغم أن نجم الصباح كان يشرق، إلا أن جدتي كانت ترى فيه ضوءًا أكثر إشراقًا من أي شيء آخر....

...لقد أصبح هذا الرجل فجأة حفيدها المحبوب، يتلقى كامل رعايتها واهتمامها. من الإنصاف القول إنه، بما أنه ساعدني وأخي، كان من الطبيعي أن أعد له وجبة لذيذة....

...لكن رغم ذلك، لم أستطع التخلص من شعور الذنب لأنني جررته إلى هذه الفوضى....

...اسرعت في ترتيب الساحة، ثم بدأت في تحضير الأرز وشوي سمك التايلفش....

..."هل تحتاجين إلى مساعدة؟"...

...أطل برأسه من المطبخ، وصوته هادئ بينما كانت عينيه الفضوليتين تراقب المشهد....

..."أ-أنا بخير."...

...تلعثمت، وكان من الصعب عليّ أن أنظر إليه في عينيه....

..."سون-يونغ."...

..."نعم؟"...

..."أنا من يجب أن يشعر بالراحة. لا داعي لأن تشعري بالذنب حيال ذلك."...

...كان صوته هادئًا، فرفعت رأسي لانظر له. كان دخان الحطب المتصاعد يلفنا في دوامة....

..."لكنني لا أستطيع التوقف عن الشعور بالذنب."...

..."كل هذا بدأ من كذبي في المقام الأول، علاوة على ذلك، لم أكن لأشعر بالراحة وأنا أترككما وحدكما في المنزل اليوم... لذا لا داعي للقلق."...

...ترددت قبل أن أسأله، ...

..."لكن...؟"...

..."هناك مشكلة واحدة، مع ذلك."...

..."ما هي؟"...

...تراخى بشكل غير رسمي على إطار باب المطبخ، وعيناه تحملان ابتسامة مرحة....

..."ما هي؟"...

..."العناوين!" قال ضاحكًا. "لقد أصبحت فجأةً ابن عمك، لذا لا يمكنني أن أناديكِ بـ 'سون-يونغ-شي'، أليس كذلك؟"...

...كان محقًا—أي ابن عم سيستخدم لغة رسمية كهذه؟...

..."تحدث بشكل اكثر راحة."...

...ابتسم ابتسامة أوسع....

..."حسنًا، إذًا، سون-يونغ. سأعتمد عليك اليوم."...

...قال ذلك ببساطة قبل أن يبتعد....

...لبثتُ للحظة مكانها، ثم عدتُ إلى السمك الذي يختلط بصوته وهو يسخن على الشواية....

...لسبب ما، جعلني صوته أشعر بشيء غريب في صدري، مثل رفة مفاجئة، لم أكن قد شعرت بها من قبل. ...

...مثل جدتي، وجدت نفسي أنسى كل ما حدث اليوم. أغوي؟ اختفى تمامًا من ذهني. حتى أفكار أخي جاي-يول تراجعت إلى الخلفية....

..."حسنًا، سون-يونغ..."...

...ذلك الصوت—كان هو كل ما يمكنني التفكير فيه. دافئ، رقيق، مثل شيء خرج من قصة خيالية....

...* * *...

...لكن كيف حدث كل هذا؟ هل يمكن أن يكون شيء كهذا ممكنًا حقًا؟...

...ذلك الرجل... كان يقف أمامي مرة أخرى....

...هل بدأت أفقد عقلي؟...

...هل أنا في حلم؟ أم أنني أتوهم؟...

...لكن الرجل لم يختفِ. كان حقيقيًا....

..."مرحبًا."...

...تعثرت. وقد انهرت على الارض ...

..."جـدتــي؟"...

...حتى صوت "يوجين" المقلق بالكاد سجل في أذني....

...كان كل شيء من حولي يبدو وكأنه يختفي. لم أستطع سماع أي شيء. لا شيء على الإطلاق....

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon