...كما لو كانت فعلًا من اختارها السيف، لم تتوقف إيلين ليسيروس أبدًا عن رغبتها في حمله....
...وفي كل مرة كانت تشعر بذلك، كانت كورِيليا تتذكر الكلمات التي سُمعت قبل قدومها إلى قصر الماركيز....
...الرجل المتغطرس ذو الشعر الأشقر، الإمبراطور الذي ينظر إلى كل شيءٍ من أعلى مكان، همس لها،...
...“كورِيليا، لا أنوي أن أقف مكتوف اليدين أمام وضعٍ لا يمكنني التحكم فيه كما أشاء.”...
...“……."...
...“تأكدي من ألا يتمادى سادة السيف أكثر من هذا.”...
...كان الإمبراطور يرغب في أن يُخضع النبلاء لسلطته ويتلاعب بهم كما يشاء. ورغم أن كثرة سادة السيف جلبت السلام للعالم، إلا أن هذا لم يكن ما يريده الإمبراطور....
...وللقضاء على سيد السيف الذي سيولد في عائلة ليسيروس، ذاك الذي اختاره السيف، أُرسلت كورِيليا إلى هنا....
...لكن السبب في دفعها لإيلين إلى حافة الهاوية لم يكن فقط تنفيذ الأوامر……بل أيضًا لأنها لم تحتمل رؤية موهبةٍ تفوق موهبتها تتفتح أمام عينيها....
...“أنا آسفة……سأبذل جهدي أكثر……فقط لا تكرهيني، أمي……”...
...“أنا لست أمكِ! تِشه!”...
...تذكّرت كورِيليا إيلين وهي تعتذر دون أن تدري ما الخطأ فعلته....
...'يا لها من غبية. امتلاكها للموهبة كان هو ذنبها الوحيد.'...
...مهما فعلت إيلين ليسيروس، لما كانت كورِيليا ستتغير تجاهها....
...لكن إيلين لم تكن تعلم ذلك....
...كانت تظن أنه إن تصرّفت بلطف، فقد تنال حب كورِيليا……لذلك حاولت بكل طريقة أن تنال رضاها....
...تلك الطفلة الصغيرة لم تُدرك أن كل تلك التصرفات كانت بلا معنى. فبالنسبة لكورِيليا، لم تكن تلك الأفعال سوى مسرحيةٍ هزلية مضحكة....
...لقد عقدت العزم على أن تسحق تلك النبتة الصغيرة المسماة إيلين ليسيروس سحقًا تامًا. واستمر ذلك العنف لعشر سنوات تجاوزت العقد....
...وخلال تلك الفترة، كانت إيلين تتحطم ببطء وثبات. وقد تأكدت كورِيليا من أن عقلها قد تحطم تمامًا بعد أن قتلت الخادم كاي....
...“لن يغفر لكِ أحد!”...
...تذكرت ذلك الخادم الذي قال ذلك بوقاحة وهو ينظر إليها....
...'يا له من وقح. كيف يتجرأ على تهديدي بتلك الحجة التافهة؟'...
...في الحقيقة، لم تكن كورِيليا تفكر كثيرًا وقتها. فهي فقط تخلّصت سرًا من خادم وقح تجرأ على الوقوف أمامها وقال أنه سيخبر الماركيز بكل شيء....
...لكن موته كان ذا تأثير فعّال أكثر مما توقعت. فقد رأت بعينيها كيف خفتَ بريق عيني إيلين، اللتين كانتا دومًا تلمعان رغم كل إساءاتها....
...حينها فقط أيقنت كورِيليا الحقيقة....
...أن تعذيب من حول إيلين سيُسقِطها في الهاوية أكثر من تعذيبها شخصيًا....
...ثم قررت أن تجرّ إيلين إلى المسألة التي كان عليها أن تحلّها. ...
...وعند تلك المرحلة، لم يكن أمام كورِيليا إلا أن تعترف بالحقيقة. كانت تعرف السبب الحقيقي خلف كل ما كانت تفعله، أكثر من أي شخصٍ آخر....
...'لأن تلك الموهبة اللعينة كانت تثير اشمئزازي.'...
...لم تكن تستطيع تحمّل فكرة أن تمضي تلك الفتاة في طريق سيد السيف الذي لم تستطع هي بلوغه....
...لكن لم يعد لذلك أهمية بعد الآن. فإيلين قد تحطّمت، وستتحطم أكثر في المستقبل....
...فريدين، الذي كان شوكةً في عين الإمبراطور، كان على علاقة حبٍ مع القديسة، وكان ذلك يعني أنه محمي من قِبل الدوق أسيلي، وهو درع لا يُستهان به....
...الإمبراطور أراد أن يُبعد الدوق أسيلي عن فريدين. ولهذا تم ترتيب خطوبة فريدين لكسيا وإيلين....
...وإرسال إيلين إلى قسم فنون السيف كان لنفس الغرض، الفصل بين فريدين والقديسة....
...كان هناك مخاطرةٌ في إرسال عبقريةٍ مثل إيلين إلى قسم فنون السيف، لكن كورِيليا كانت واثقةً بنفسها بما يكفي. فقد كانت تتذكر آخر نظرةٍ في عيني إيلين. ...
...تلك العينان الميتتان. نظرةٌ فقدت فيها كل أمل جعلتها متأكدةً أن إيلين سترفض حتى أن تمسك بالسيف....
...كانت تعلم جيدًا ما ستفعله....
...لكن، لماذا تنتشر مثل هذه الشائعات؟ هل من الممكن أن إيلين ليسيروس قد أمسكت بالسيف حقًا؟...
...مجرد التفكير في الأمر كان يثير اشمئزازها....
...“تلك الحقيرة المزعجة.”...
...ارتجف رايمون، الواقف أمام كورِيليا، عند تمتمتها بتلك الكلمات....
...“على أي حال، كل هذا على وشك أن ينتهي. لقد سئمتُ من التعامل مع أولئك الحمقى.”...
...“…….”...
...“الإمبراطور بدأ يتحرك بجدية. وإن انفصل الدوق أسيلي تمامًا عن فريدين، فسيصبح كل شيء مثاليًا……وغالبًا سيكون ذلك اليوم.”...
...وعندما قالت كورِيليا هذا، وجهت نظرها نحو باب قاعة الماركيز. و رأت فارساً يدخل عبر الباب....
...ربما كان يحمل الخبر الذي كانت تنتظره....
...'ربما لم يكن يجب أن أرسلها إلى قسم فنون السيف.'...
...ولأول مرة في حياتها شعرت بالندم. لكنها سرعان ما حاولت تغيير أفكارها بالقوة....
...نعم، موهبة إيلين ليسيروس كانت متألقة، لكن الوقت قد مر عليها. ومهما حاولت التمرد، فلن تتمكن من بلوغ مستوى الفارس المتقدم....
...فمن المتعارف عليه أن من لم يتلقَ تدريبًا منهجيًا منذ الصغر، فلن يصبح فارسًا متقدمًا مهما امتلك من موهبةٍ باهرة....
...و لأن عظامها وعضلاتها تصلبت، ولم تعد المانا تتحرك كما تشاء....
...والأهم أن كورِيليا، عندما كانت تعذّب إيلين، كانت تركز على تحطيم جسدها بشكلٍ يمنعها من استخدام المانا بشكل سليم. ...
...ولهذا السبب، كانت إيلين في طفولتها مريضة دائمًا. كانت بالكاد تستطيع تحريك جسدها، وحتى ركوب العربة كان ضرورةً لها لأنها لم تستطع التنقّل بدونها....
...'نعم، ربما تستطيع أن تصبح فارسةً متقدمة بسبب تلك الموهبة المرعبة.'...
...بتلك الموهبة الخارقة، قد تصل إلى ذلك الحد فقط. لكن كما قيل، ذلك سيكون أقصى ما يمكنها الوصول إليه....
...وبعد أن أنهت كورِيليا تلك الأفكار، شعرت بشيءٍ من الراحة....
...'نعم، إيلين ليسيروس لن تصبح أبدًا سيّدة السيف.'...
...وبما أنها تعرف جيدًا طبع إيلين الوديع الساذج، فقد أصبحت أكثر يقينًا. ...
...تلك الحمقاء ستُعرف طوال حياتها بأنها شريرة، ثم تموت هكذا. كان ذلك هو العقاب الذي أنزلته بها كورِيليا....
...“سيدتي، لقد وصل الحارس ومعه الخبر.”...
...عند كلمات رايمون، ابتسمت كورِيليا ابتسامةً ودودة....
...كانت تبدّل ملامحها بشكلٍ لا يُصدَّق، حتى ليصعب تخيل أنها كانت تحمل ذلك الوجه العابس قبل لحظاتٍ فقط....
...“أدخِله.”...
...فُتح الباب، ودخل الحارس من قصر الماركيز. و كان على وجهه تعبيرٌ يدل على بعض الدهشة....
...“السيدة ليسيروس.”...
...“ما الأمر؟”...
...“سمعنا أن فرقة الصيد التابعة لأكاديمية أتينس، والتي خرجت لاصطياد الوحوش، قد تعرّضت لهجوم من قطيعٍ من الوحوش!”...
...كان خبرًا متوقعًا. ومع ذلك، أظهرت كورِيليا تعبيرًا مأساويًا على وجهها. لقد كان تمثيلًا متقنًا لدرجة أدهشت حتى رايمون الواقف أمامها....
...“مستحيل……! ماذا عن كارون وإيلين؟ هل هما بخير؟”...
...أومأ الحارس مطمئنًا وكأن لا داعي للقلق....
...تصلب وجه كورِيليا قليلًا. ...
...يبدو أن أطفال عائلة ليسيروس يتمتعون بعمر طويل حقًا....
...“وهل أصيب أحدهم؟”...
...كان عليها هذه المرة أن تبذل أقصى جهدها في التمثيل. كان في صوتها ما يوحي بتطلّع خفي، ومن كان حساسًا كفاية ربما شعر بعدم الارتياح....
...لكن الحارس لم يلاحظ شيئًا على الإطلاق، بل صاح بوجهٍ منير وكأنه يعلن خبرًا سارًا....
...“لحسن الحظ، لم يُصب أحدٌ بأذى. ويبدو أن سيّد سيفٍ مرّ بالمكان وصَدّ الوحوش جميعًا……”...
...“سيّد سيف مرّ بالمكان؟”...
...ما هذا الهراء؟ ...
...حدّقت كورِيليا في الحارس بحدة....
...لكن حتى الحارس نفسه لم يكن يملك تفسيرًا واضحًا....
...قال إن قطيعًا من الوحوش ظهر، وكادت إيلين ليسيروس والآنسة أسيلي أن تقعا في خطر، لكن سيّد سيف مرّ بالصدفة وأنقذهما....
...هذا كل ما وصله من معلومات....
...“هذا……فعلاً خبرٌ مطمئن.”...
...هكذا أجابت كورِيليا وهي تصرف الحارس. لكن وجهها كان قد تجمّد تمامًا دون أن تشعر....
...أدارت نظرها إلى رايمون الذي كان يقف منحني الرأس بتعبير خالٍ من الانفعال....
...“ما رأيكَ؟”...
...سألت وهي تطحن أسنانها غيظًا....
...سيّد سيف مرّ صدفة؟ أهذا نوعٌ جديد من السخرية؟...
...لو كان لقاء سيّد سيف أمرًا بهذه السهولة، لكان كل من مرّ و راح قد صار سيّدًا للسيف....
...الآنسة أسيلي كان من المفترض أن تموت خلال حملة إبادة الوحوش هذه. وموتها كان سيثير غضب الدوق أسيلي، وبهذا……سيتحقق الهدف من هذه الخطة و هو أن يُنتزع حلفاء فريدين لكسيا من جانبه....
...ولو أُصيبت إيلين ليسيروس أو كارون ليسيروس في أثناء ذلك، لما كان هناك نتيجةً أكثر مثالية....
...لكن قيل أن شيئًا لم يحدث. وهذا الفشل سبّب خللًا كبيرًا في العديد من الأمور....
...“سيّد سيف مرّ بالصدفة؟ هل يوجد أحد في القارّة لا يعرف مواقعهم بدقة؟ لا يمكن أن يكون هناك سيّد سيف في غابة تافهةٍ كهذه. أتعلم كم هم مشغولون؟”...
...“بالفعل، أمرٌ غريب للغاية.”...
...“لا يمكن ترك الأمر هكذا. رايمون، اذهب إلى أكاديمية أتينس، وتحقق من الوضع هناك.”...
...وحين قالت كورِيليا هذا، سقطت في تفكير لثوانٍ، ثم كما لو أنها تذكّرت شيئًا كانت قد نسيته، أضافت،...
...“آه……وتحقق أيضًا مما إذا كانت تلك الشائعة عن استخدام إيلين للسيف صحيحة....
...وإن كانت صحيحة فعلًا……فليس من السيئ أن تفقد معصمها في حادثٍ ما، أليس كذلك؟”...
..."……."...
...“فكرةٌ ممتعة حقًا.”...
...قالت كورِيليا ذلك بابتسامةٍ جميلة....
..._________________________...
...ايو الفصل كله عن زوجة الماركيز المجنونة ذي...
...Dana...
Comments