...كان جسدها كله يشعر بالثقل....
...يبدو أن السبب هو أنها أرهقت هذا الجسد الهش للغاية ثم ابتلت تحت المطر....
...'و مزاجي سيئٌ أيضًا.'...
...حدّقت في يديها الاثنتين بشرود....
...إحساس قتل شيءٍ ما كان بغيضًا لها دائمًا مهما اختبرته. لكن، وكأنها اعتادت تلك القذارة، صارت لا تتردد عند قتل شيء ما....
...كانت في الماضي فتاةً تعجز حتى عن قتل حشرة واحدة. كانت آنسةً راقية من عائلة الماركيز تعيش تعاسةً عادية، تحب الكعك الذي تتناوله أحيانًا، والفستان الذي يهديه لها الماركيز ليسيروس، والزهور....
...لكن إيلين ليسيروس تلك لم تعد موجودة. لأنها إن لم تقتل، فستموت هي....
...سارت إيلين بخطى متثاقلة....
...فرقة الإبادة لم تكن بعيدة. و هناك، ستنتظرها الآنسة أسيلي الحية وكارون....
...وسيكون فريدين هناك أيضًا……....
...'هل ينتظرونني؟'...
...بدأت خطوات إيلين تتباطأ تدريجيًا. فلم تعد واثقةً إن كانت العودة إلى فرقة الإبادة هو القرار الصائب....
...هل سيكونو حقًا بانتظارها؟...
...نظرت إيلين إلى يديها. راحتا يديها كانتا محمرتين بدمائها الممتزجة بدماء الوحوش....
...فرسان فريدين تحت التدريب كانوا لا يحبونها، لكنهم جميعًا كانوا لطفاء. فلولاهم، لكانت قد ماتت منذ زمن....
...راحت إيلين تسترجع في ذهنها صور أولئك الذين ماتوا وهم يحاولون حمايتها....
...الآنسة أسيلي بقيت على قيد الحياة. إذًا، هل يمكن أن يتغير المستقبل أيضًا؟...
...ماذا لو ماتت إيلين ليسيروس هنا بكونها وحشًا؟……ربما سيبدأ مستقبلٌ أفضل. والمستقبل الذي سيتورط فيه فريدين بسببها، سيختفي أيضًا....
...لو لم تكن موجودة……ربما سيصبح الجميع سعداء....
..."لا……لا يزال هناك ما يجب تغييره……"...
...كان هناك الكثير مما يجب تغييره بعد....
...فكرت إيلين بذلك وهي تحرك خطواتها الثقيلة من جديد. لكنها رغم ذلك، لم تكن واثقة....
...أليس قولها إن هناك الكثير مما يجب تغييره مجرد عذر؟...
...أليس كل ما في الأمر أنها تحاول التمسك بعنادٍ برغبتها في أن تكون بينهم؟...
...في حياتها السابقة، كانت دائمًا وحيدة. ...
...ارتبطت بفريدين، فوجدت نفسها مضطرةً لأن تكون معهم، لكنها كانت تعلم دومًا أنها كانت جسدًا غريبًا بينهم....
...لم تكن تنفع في شيء، وكانت تجلب الأذى للجميع، وتلطخ شرف فريدين فحسب....
...ومع ذلك، ظلت دومًا ترغب في أن تكون برفقتهم. أرادت أن تضحك وتتحدث بينهم، وسط فرسانه....
...“الآنسة إيلين……؟”...
...استدارت إيلين نحو الصوت الذي ناداها. و كان فريدين واقفًا هناك....
...تلاقت عيناها بعينيه الزرقاوين الغارقتين كأعماق البحيرة. فحبست إيلين أنفاسها....
...رغم أن حواسها الحساسة كسيدة سيف شعرت بوجود أحدٍ ما، إلا أنها لم تتخيل أن يكون ذلك الشخص هو فريدين....
...توقفت إيلين في مكانها، وحدقت فيه بثبات. ولسببٍ ما، كان وحده....
...كان يتصبب عرقًا وكأنه كان في طريقه مسرعًا إلى مكانٍ ما، وكان ينظر إليها بعينين لا تصدقان ما تريان....
...من خلال أنفاسه المتقطعة، كان واضحًا كم كان فريدين مسرعًا....
...هل كان مشغولًا بالاهتمام بالآنسة أسيلي؟ ...
...تساءلت إيلين عن ذلك وهي تخفض رموشها....
...“ما الذي حدث بالضبط……؟”...
...عند كلمات فريدين، تذكرت إيلين شكلها الحالي....
...شعر فيردين الأشقر، المبتل من المطر، فقد حيويته والتصق بوجهه، ومع ذلك ظل جميلاً كما هو دائمًا....
...أما هي، فكانت غارقةً في الدماء، ومن المؤكد أن منظرها كان مريعًا....
...لا يعقل أن يواجه شخصٌ عادي جيشاً من الوحوش دون أن يُصاب ولو بأذى طفيف. بل، في الأساس، مجرد العودة حيّة من هناك أمرٌ غير طبيعي. لذلك، تعمّدت إيلين أن تكون مغطاةً بالدماء....
...ومع ذلك، لم تكن ترغب بأن يراها فريدين بهذا الشكل. أليست تبدو وكأنها قاتلةٌ متوحشة؟...
...رغم أن الوصف لم يكن بعيدًا عن الحقيقة، إلا أنه أن تُظهر له هذه الصورة الصادمة كان أمرًا مختلفًا....
...بينما كانت إيلين غارقةً في أفكارها، أسرع فريدين نحوها ليتفقد حالتها....
...رأى الجروح العميقة وآثار الدماء الحمراء على جسدها. فما كان منه إلا أن خلع سترته ولف بها جسدها الملطخ بالدماء بحذر....
...رفعت إيلين نظرها إليه بوجهٍ يملؤه الاستفهام. بينما كانت تشعر بأنفاسه المتلاحقة قريبةً جدًا منها....
...لماذا بحق……؟...
...في حياتها السابقة، كانت هي من تسببت في موت هذا الرجل. إن بقيت إلى جانبه، فلن تكون هذه الحادثة الأخيرة من نوعها....
...من المؤكد أن محنًا لا يمكن تفسيرها ستستمر في ضربهم....
...“لا تفعل هذا من أجلي.”...
...“….…”...
...“لا تكن طيبًا معي.”...
...عندما قالت ذلك، رأت عيني فريدين تتسعان بدهشة....
...“فقط، إبغضني.”...
...كما يفعل الآخرون……...
...لكن إيلين لم تستطع إكمال تلك الكلمات، وابتلعتها بصمت....
...لطالما أرادت قولها: لو أنك لُمْتني، لكنتَ نجوت....
...كان يجب عليه أن يشتمها مثل الآخرين، أن يصفها بالجبن ويحتقرها كامرأةٍ شريرة. لو فعل، لكان استطاع أن يعيش المستقبل الذي كان مقدرًا له....
...'ربما الآن سيتغير كل شيء.'...
...طالما أن الآنسة أسيلي قد نجت، ففريدين سيتمكن من أن يكون سعيدًا معها....
...والآن، إن أنهت إيلين كل شيءٍ واختفت……فربما سيتمكن الجميع من أن يكونوا سعداء....
...راود إيلين هذا التفكير وهمّت بأن تتابع سيرها. فلم تكن تريد أن يراهم أحد وهما بمفردهما....
...لم تكن تريد أن تترك أي احتمال، ولو ضئيلًا، لأن يتضرر بسببها....
...لكن حالتها الجسدية كانت أسوأ مما توقعت. فجسدها الضعيف والهش، كما كان في الماضي، بلغ حدّه الأقصى لمجرد أنها تحركت قليلًا....
...بعد بضع خطوات، شعرت إيلين بجسدها يميل....
...'ليس الآن……'...
...جسدها الحالي لم يكن قادرًا بعد على تحمّل القوة التي كانت تملكها في حياتها السابقة....
...شعرت بأن قدميها تخونانها. و كانت الأرض تقترب منها. ...
...لا، لم تكن الأرض من تقترب، بل جسدها هو الذي كان يسقط....
...'السقوط، سيؤلمني……'...
...وكانت تلك آخر أفكارها قبل أن تفقد وعيها....
...***...
...في قصر الماركيز ليسيروس....
...كان باب القصر الحصين ضخمًا، وكأنه يعلن أنه لن يسمح لأي عدوٍ بالتسلل إلى الداخل....
...كان حماس الفرسان عظيمًا كذلك. فهذه القوة العسكرية، التي كانت قويةً جدًا على أن يملكها مجرد ماركيز، هي ما بناه الماركيز ليسيروس طوال حياته وهو يحمي الحدود....
...أما زوجة الماركيز، فقد كانت تهيمن على القصر كأنها ملكة....
...الماركيز ليسيروس لم يكن يزور القصر كثيرًا لانشغاله بحماية الحدود، وكارون بدوره كان مشغولًا بالتدريب فلم يهتم بشؤون العائلة....
...لذلك، انتقلت السلطة التي بناها الماركيز كاملةً إلى زوجته....
...زوجة الماركيز، كورِيليا، كانت تنظر من أعلى قصر ليسيروس إلى الأسفل....
...'يا لهم من حمقى.'...
...ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ ملتوية وهي تتذكر أولئك الطيبين السذج من عائلة الماركيز....
...كل شيءٍ كان يسير بسلاسة. وإن استمر الأمر هكذا، فلا شك أن كل شيء سيسير كما خططت له تمامًا....
...كانت بانتظار الفارس الذي سيصل إلى قصر الماركيز قريبًا. و الأخبار التي سيحملها معه ستكون كمتعة صغيرة لها....
...“رايموند.”...
...عندما نادته كورِيليا، تحرك الرجل الذي كان ينتظر في أحد أركان الغرفة. كانت حركته خفيةً بشكل غريب لا يشبه حركة شخص عادي....
...“الخبر الذي جلبه اللورد راكن قبل مدة، هل تأكدت منه جيدًا؟”...
...“نعم، حسب ما قاله من شاركوا مع القافلة، فإن إيلين ليسيروس استخدمت السيف فعلًا. بل قالوا أنها بدت ماهرةً أيضًا.”...
...قطبت كورِيليا حاجبيها بضيق....
...“هل هذا ممكنٌ أصلاً؟”...
...“في الظروف الطبيعية، لا، مستحيل.”...
...“أتعلم كم تعبتُ حتى أمنع تلك الفتاة من لمس السيف؟”...
...كورِيليا ليسيروس……قلةٌ قليلة فقط يعرفون حقيقتها....
...في الواقع، كانت فارسةً من الدرجة العليا، أقوى حتى من الماركيز ليسيروس، لكنها أخفت مهاراتها وعاشت لسنواتٍ كزوجة الماركيز....
...رفعت كورِيليا يدها الخالية من أي ندبة أو خشونة ونظرت إليها....
...يدها الحقيقية، التي كانت تخفيها بالسحر الأسود، كانت يد فارسةٍ مملوءة بالندوب والتصلبات. ...
...كانت هي أول من شهد اللحظة التي أمسكت فيها إيلين بالسيف لأول مرة. و لا يمكن للكلمات أن تصف كم كان ذلك من حسن حظها....
...بصفتها فارسةً من الدرجة العليا، استطاعت كورِيليا أن تميّز موهبة إيلين من اللحظة الأولى التي لوّحت فيها بالسيف....
...لم يكن كارون ليسيروس هو من اختير من “السيف” في هذا الجيل، بل كانت إيلين ليسيروس....
...العباقرة يكونون مختلفين منذ اللحظة التي يلمسون فيها السيف. و إيلين ريسوس، فقط من خلال مشاهدتها لفرسان يتدربون في ساحة التدريب، استطاعت أن تقلد أسلوب سيف عائلة ليسيروس....
...كانت ضربات سيفها، التي ترسمها بجسدها الصغير، مثاليةً بشكل مدهش....
...لم تستطع كورِيليا سوى أن تندهش من موهبة تلك الفتاة الصغيرة……لكن ذلك كان أمرًا لا يمكن أن يُسمح به أبدًا....
...'حقًا……كان ذلك من حسن حظي.'...
...فكرت كورِيليا بذلك وهي تتذكر تلك العينين اللتين كانت تنظران إليها بتوسّل....
...“هل يمكنني أن أناديكِ أمي؟”...
...تلك الطفلة التي تمسّكت بها وسألتها ذلك، أبعدتها كورِيليا عنها ببرود. ولم تكتفِ بذلك، بل كانت هي من حرصت على أن لا تتمكن إيلين من حمل السيف أبدًا....
...________________________...
...يعني فارسة وماتبينها هي تصير فارسه عشان موهبتها؟ وش ماكله انتِ؟...
...المهم فريدين مسكين مفجوع يوم شاف ايلين والحين بينفجع يوم طاحت😭...
...Dana...
Comments