الفصل 15

...***...

...تلوّح بالسيف. تقطع. تطعن. ثم تقتل....

...كانت أفعالًا كررتها إلى حدّ الملل في حياتها الثالثة....

...على عكس حياتها الأولى والثانية، كان العالم الذي وُلدت فيه للمرة الثالثة…..إن لم تقتل، فستموت....

...لم يكن عالمًا يصلح للعيش....

...في ذلك العالم، كان التصدي للوحوش أمرًا يوميًا. عالمٌ تعمه الوحوش بلا قوانين ولا ضوابط....

...في هذا العالم لا يزال بالإمكان اختيار القتل، أما هناك فكان لا بد من القتل للبقاء على قيد الحياة. و حتى الأطفال والعجائز حملوا السيوف....

...لكن من كان قادرًا فعلًا على مواجهة الوحوش كانوا قلة....

...وأحد أوجه الشبه مع هذا العالم هو أن أولئك الذين يستطيعون قتال الوحوش كانوا يُسمّون فرسانًا....

...وفي ذلك العالم، كانت إيلين أقوى فارسة على الإطلاق....

...و غياب آمون والآنسة أسيلي كان كمن منحها جناحين....

...إيلين كانت تقضي على الوحوش بسرعةٍ مذهلة. و لم يكن هناك أي حركةٍ زائدة في طريقة تلوحيها بالسيف....

...ولو كان هناك شخصٌ واحد فقط ممن تعلموا فنون السيف بالقرب منها، لما استطاع أن يغلق فمه من الدهشة أمام مهاراتها....

...حيثما مرت سيفها، تراكمت جثث الوحوش. و لم تكن تتفادى دماء الوحوش التي تتناثر على جسدها. رغم أنها كانت قادرةً على تفاديها تمامًا، لم تفعل....

...ولهذا السبب، أصبحت مغطاةً بالدماء من رأسها حتى قدميها....

...ومن خلف الوحوش التي تموت دون حتى أن تصرخ، توافدت جموعٌ لا تنتهي من وحوش ذات أشكال وألوان مختلفة....

...وحشٌ برأسين، وآخر يشبه الوحوش المفترسة، بل وحتى وحوش تملك مظهرًا شبيهًا بالبشر....

...كان السيف الذي يخترق صفوفهم يكسوه هالةٌ ناعمة من المانا....

...ذلك السيف الرخيص المصنوع من الحديد العادي، ما إن احتوى ماناها، حتى أطلق هالةً حادة تفوق أي سيفٍ أسطوري....

...عندما يصبح المرء فارسًا من المستوى المتقدم، يمكنه القضاء على مجموعةٍ صغيرة من الوحوش المتوسطة....

...لكن مجموعة الوحوش التي تواجهها إيلين الآن تتكون من عشرات الوحوش، وقد اختلط بينها وحوش عليا لا يجرؤ الإنسان العادي حتى على النظر إليها....

...مواجهة مجموعة كهذه بمفردها هو أمرٌ لا يقدر عليه سوى سيد السيف....

...لكن إيلين في حياتها الثالثة كانت قد بلغت ذروة فن سيد السيف....

...سيد السيف…..لا يوجد منهم سوى ثلاثةٍ في الإمبراطورية. وعلى مستوى القارة بأكملها، لا يتجاوز عددهم العشرة....

...المرتبة التي يحلم بها جميع طلاب قسم فنون السيف في أكاديمية آتينس، المعروفة بوفرة الموهوبين....

...لكن أمام هذا الجدار الشاهق، وحدهم أصحاب المواهب الفريدة من نوعها يمكنهم بلوغ مرتبة سيد السيف....

...وذلك كان الإنجاز الذي حققته في ماضيها....

...كف إيلين انفجر تحت وطأة الضغط الهائل الذي لم يتحمله. لقد تجاوز وعيها حدود الجسد، فجسدها لم يعد قادرًا على مجاراة تلك البصيرة....

...جسدها كله كان يصرخ ألماً، ومن المرجح أنها لن تستطيع الحركة بشكلٍ طبيعي لعدة أيام بعد اليوم....

...'لو رأى كارون هذا، لبدأ في التذمر مجددًا.'...

...تذكرت شقيقها الأصغر وهو يثرثر بلا توقف....

...في الحقيقة، لم يكن ذلك سيئًا تمامًا. فإيلين كانت تتذكر جيدًا كم كان كارون يائسًا عندما فقد ذراعه في الماضي. وإن كان عليها تحمّل التذمر في سبيل حماية مستقبله، فهي مستعدةٌ لتحمله مهما طال....

...سيفها اخترق رأس الوحش الأخير مباشرة. و الدم انساب على ذراعها....

...بهذا، كانت قد غيّرت أحد أكثر لحظات ماضيها ندمًا. الآنسة أسيلي نجت، وذراع كارون بقيت سليمة....

...مسحت يدها الملطخة بالدماء بكمّ ملابسها دون اهتمام، ثم جلست على الأرض منهارة. و شعرت وكأن شيئًا ظل محبوسًا في صدرها لعشرات السنين قد انحل أخيرًا....

...غطّت فمها بيدها، والدموع تنهمر من عينيها بصمت....

...ذلك الإحساس الذي عذّبها طيلة ثلاث حيوات….....

...كان الشعور بالذنب....

...***...

...بمجرد أن سمع فريدين الخبر من آمون، بدأ في تحريك القوات. و كل أعضاء فرقة المطاردة بدأوا بالتحرك بحثًا عن إيلين....

...كان الفرسان في حالة توتر شديد بعد سماعهم من فريدين أن سربًا من الوحوش قد ظهر. وما زاد من توترهم أن الأمر الذي أصدره فريدين لم يكن القتال، بل العثور على إيلين ليسيروس التي كانت تقاتل تلك الوحوش....

...لم يكن هناك مفرٌ من أن تصدر أصوات التذمر من بين الفرسان....

...“يطلب منا أن نبحث عن إيلين ليسيروس؟ إذا كانت الوحوش قد ظهرت فعلًا، ألا يجدر بنا أن نهرب فورًا؟”...

...“لا نعلم حجم السرب، لكن أن نُضيع وقتنا على تلك الشيطانة…..أظن أن تركها والهرب هو القرار الصحيح.”...

...“وحتى لو اختفت تلك الشيطانة، ماذا سيتغير؟ في الواقع، لا أصدق حتى أنها تقاتل الوحوش أصلًا.”...

...“ربما يكون من الأفضل لها أن تموت في هذه المناسبة.”...

...الفارس الذي قال ذلك ضحك كأنّ كلماته أضحكته هو نفسه....

...عندها تكلّم أحد الفرسان بوجه متجهم....

...“أليست هي من جلبت هذا لنفسها منذ البداية؟ استفزازها للسيد آمون بهذه الطريقة كان خطأً منها.”...

...“هي فقط تجرأت لأنها لا تعرف من هو السيد آمون. كيف تجرؤ على مخاطبةٍ فارس شاب يُتوقع أن يصبح سيد السيف في المستقبل بهذه الطريقة؟ سيدةٌ نشأت مدللة في قصر الماركيز، ما الذي تعرفه؟”...

...“بالفعل، تصرّفت بغرورٍ لأنها لا تعرف عظمته.”...

...كان بين فرقة التصفية العديد من الفرسان الذين تخرّجوا حديثًا من الأكاديمية. وأولئك الذين عرفوا ليليا، مثل طلاب قسم فنون السيف، لم يكونوا يحبّون إيلين....

...ولذلك وكانوا يرون أن السبب في خوض إيلين قتالًا ضد آمون يعود بالكامل إلى خطئها هي....

...كانت هالة نذير شؤم تطوّق الغابة. و القمر حُجب خلف الغيوم، والظلام خيّم على الأرجاء....

...الفرسان المتدربون الذين شاركوا في الحملة لم يكن لديهم خبرةٌ كافية، وكان من الواضح أنهم لن يستطيعوا مواجهة سربٍ من الوحوش....

...وفي ظل هذه الظروف، يُطلب منهم تجاهل الوحوش والبحث عن إيلين ليسيروس؟...

...لو لم تأتِ إيلين ليسيروس إلى قسم فنون السيف، لما وقعت مثل هذه الكارثة....

...واتفق جميع الفرسان هناك على أن تلك الشيطانة عديمة الفائدة من الأفضل أن تُقتل على يد الوحوش....

...“لكن، أليس هذا غريبًا؟ المكان هادئٌ أكثر من اللازم، أليس كذلك؟”...

...عندما نطق أحد الفرسان بذلك، بدا أن الباقين شعروا أيضًا بشيءٍ غير طبيعي....

...أن تكون الغابة التي ظهر فيها سربٌ من الوحوش غارقة في الصمت…..كان أمرًا غير طبيعي....

...فالوحوش، والتي تزداد شراستها في الليل، دائمًا ما تُحدث أصواتًا مخيفة في المناطق التي تنتشر فيها....

...في تلك اللحظة، بدأت هالةٌ قاتمة تبعث القشعريرة تسري في الأجواء حتى جعلت الشعر في مؤخرة الرقبة ينتصب....

...“هذه الهالة…..لقد شعرت بها من قبل..…”...

...الفارس الذي نطق بالكلمات، أدرك فجأةً أين شعر بتلك الهالة من قبل....

...كانت نفس الهالة التي شعر بها من سيد السيف “رومان” من مملكة إدوين، عندما خرج إلى ساحة المعركة....

...ذلك الضغط الهائل الذي يشعّ من سيد سيفٍ تجاوز حدود البشر. فكل مرة كان فيها ذلك الرجل يفتك بالوحوش، كانت هذه الهالة تُخيم من بعده....

...“آآآه!”...

...صدحت صرخة اخترقت السكون ودوّت في الأرجاء....

...الفارس الذي كان في المقدمة التفت إلى رفاقه بوجه شاحب....

...“الـ…..الوحوش..…”...

...وأشار بإصبعه إلى نقطةٍ ما....

...جثث الوحوش كانت مكدسةً هناك. وكان المنظر مرعبًا إلى حدٍ يعجز اللسان عن وصفه....

...حتى الوحوش العليا التي لم يعرفوها إلا من خلال أسمائها، كانت هناك بين الجثث....

...أحد الفرسان تراجع إلى الوراء حتى سقط أرضًا، ثم بدأ يزحف محاولًا الابتعاد عن المكان....

...رغم أن كل الوحوش كانت ميتة، إلا أن الخوف تسلل إليهم غريزيًا....

...فمن الهالة المظلمة التي كانت تنبعث من تلك الجثث، كان من السهل تخيّل المصير الذي كان سيصيبهم لو أنهم واجهوا تلك الوحوش....

...وإن كان الحال هكذا…..فمن الذي قتل هذا العدد الهائل من الوحوش؟...

...هل من الممكن أن يكون سيد سيفٍ قد مر من هنا مصادفة؟...

...لكن من يا تُرى؟...

...الفرسان كانوا على درايةٍ تامة بمكان تواجد جميع السادة الحاليين. ...

...لأن كل واحد منهم يتمركز في ساحات المعارك الكبرى....

...ولا يوجد أي سبب يجعل سيد سيف يأتي إلى هذه الغابة، التي لا تُعرف بوجود وحوشٍ قوية فيها بالأصل....

...“هذا غير معقول…..انظروا إلى هذا.”...

...أحد الفرسان انحنى ونظر إلى جثة أحد الوحوش....

...القطع كان نظيفًا بشكلٍ مذهل. ومن آثار الضربة وحدها، كان من الممكن معرفة مدى القوة الهائلة التي مرّت من هنا....

...ورغم الخوف، شعر الفارس بنوعٍ من التبجيل....

...فأغلب الفرسان يكنّون احترامًا عميقًا لسادة السيف....

...لأنهم أكثر من يعرف مدى عظمة الوصول إلى مرتبة سيد السيف....

...كل الفرسان يجتهدون، لكن ليس الجميع يبلغ المكان الذي يحلم به....

...لذلك، كان من الطبيعي أن يقشعرّ البدن أمام هذا الإنجاز المذهل الذي صنعه شخصٌ مجهول....

...تبادل الفرسان الحديث وهم ما زالوا غير مصدقين....

...“إنه أمرٌ مذهل فعلًا. لا نعرف من فعل هذا…..لكنه يجعل البدن يرتجف رهبة.”...

...“أين كان يختبئ فارسٌ كهذا طوال هذا الوقت؟”...

...“أن يتمكن من القضاء على سربٍ من الوحوش بهذا الحجم…..من المستحيل تقدير مستواه.”...

...ظلّوا يتأملون بذهول بقايا الوحوش لفترة طويلة....

...“يجب أن نرفع تقريرًا فورًا. قد يكون أحد سادة السيف المختفين قد ظهر!”...

...قال أحد الفرسان ذلك وهو ينهض واقفًا....

...وبحلول تلك اللحظة، كانت صورة إيلين قد اختفت من أذهانهم تمامًا....

...***...

...إيلين كانت تواصل سيرها. ومع كل خطوة تخطوها، كانت قطرات الدم تقطِّر منها....

...كانت تعلم أن ذلك الدم يعود للوحوش، لكن شعورها بالاشمئزاز لم يخفَ....

...وفي تلك اللحظة، بدأت زخات المطر تتساقط، وشعرها المصبوغ باللون الأحمر بدأ يستعيد لونه الأصلي....

...إيلين كانت تحدق بشرود في القطرات الحمراء المتساقطة من جسدها....

...ذلك الدم كان يشبه دماء أولئك الذين ماتوا بسببها....

...ومع كل قطرة تسقط، كانت تشعر أن قلبها يُثقل وكأن شيئًا ما يضغط عليه بشدة....

...______________________...

...شفيها طقت😭😭😭😭😭...

...هو احسن لها ماتطلع قوتها كلها قدامهم عشان زوجة الماركيز ماتغير خطتها بس يختي انت مجروحه وماتدرين متى تطيحين شوي شويييي...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon