...إيلين لم تنَل اعتراف أيٍّ من فرسان فريدين في حياتها السابقة....
...لا، لم تكن المسألة مسألة اعتراف، بل كانوا دائمًا ينظرون إليها بعينٍ ممتلئة بالكراهية....
...آمون، وليليا، وجميع الفرسان الغائبين عن هذا المكان كانوا يكرهونها ويتمنّون قتلها، لكنهم لم يستطيعوا فعل ذلك بسبب فريدين....
...أقسمت إيلين هذه المرة ألا تزعزع ولاءهم، بل تمنت أن يكرهوها هي فقط وبشكلٍ كامل....
...“أنتَ فارسٌ لا يُجيد سوى الكلام، على ما يبدو.”...
...كارون الذي كان خلف إيلين فتح فمه بدهشة من كلامها...
...لكنه سرعان ما استعاد وعيه ومد يده ليوقفها....
...كارون كان يثير آمون لأنه واثق أنه لن يُهزم بسهولة إن قاتله، لكن إيلين كانت مختلفة....
...لو أن آمون طلب منها المبارزة، فلن تستطيع تحمّل الأمر....
...تدافعت الأفكار في رأس كارون للحظة ثم اختفت....
...فإيلين أصبحت الآن فارسةً تحت التدريب، لذا لا يمكنه التدخل أو القتال بدلاً عنها....
...لكن دون أن تترك لتردده وقتًا، تفادت إيلين يد كارون بسهولة، ثم أمسكت بيده في لحظة واحدة وبحركة انسيابية....
...كارون لم يستطع إخفاء دهشته و لم يفهم كيف استطاعت إيلين أن تمسك بيده بهذه السهولة....
...حتى أنه لم يستطع قراءة حركة يده عندما أمسكت بها...
...وبدا أن باقي الفرسان أيضًا شعروا بشيء غريب في حركتها....
...سُمعت همسات بعض الفرسان وهم يتحدثون....
...“هل رأيت حركتها قبل قليل؟”...
...“نعم، رأيت.”...
...“حقًا؟ أنا لم أتمكن من رؤيتها أبدًا.”...
...“ليس هنالك شيءٌ مميز، أي أحدٍ يمكنه فعل مثل ذلك.”...
...لكن أحاديثهم توقفت فجأةً عندما بدأ آمون يطلق هالةً قاتلة كثيفة تجاه إيلين....
...وبينما يطحن أسنانه من الغضب، تكلّم موجّهًا كلامه لإيلين التي وقفت في طريقه....
...كل كلمة منه كانت مشبعةً بالغضب والقسوة،...
...“أنتِ…..هل تتمنين الموت؟”...
...***...
...عندما سألها آمون إن كانت تتمنى الموت، أرادت إيلين أن تجيب بأنها في وقتٍ ما كانت كذلك....
...عندما حاولت ليليا قتلها في الماضي، كانت تتمنى الموت تكفيرًا عن ذنوبها أمام الجميع. وإن كان موتها سيُخفف من ألم من فقدوا أحباءهم، فقد كانت مستعدةً للتضحية بحياتها....
...لكن ذلك التصرف كان خداعًا تجاه ليليا، فموت إيلين لم يكن ليعوّضهم أبدًا....
...ولهذا قررت في هذه الحياة أن تنجو مهما كلّفها الأمر...
...ولو اضطرت أن تزحف وسط الوحل، ستبقى على قيد الحياة لتنتقم ممن قتلوا كاي وتُخبر ليليا بالحقيقة....
...أقسمت أن تستعيد ما فقده فريدين بسببها، وإن استمرت ليليا في كرهها حتى بعد أن تعرف الحقيقة...
...فإما أن تنهي حياتها بيد ليليا، أو ترحل دون أثر، فالحقيقة أن كاي مات بسببها....
...لم تكن تخاف الموت، فقد واجهت الموت ثلاث مراتٍ من قبل. لذلك، لم تشعر بأي شيءٍ تجاه كلمات آمون “هل تتمنين الموت؟”...
...بل إن من انفعل بشدة بسبب تلك الكلمات كان كارون....
...بدأت هالة قاتلةٌ تخرج منه وهو يهم بالتحرك نحو آمون، وكأنه لم يعد قادرًا على التحمل....
...حتى الفرسان الواقفون بجانبه شعروا بالتوتر من شدتها....
...شدّت إيلين قبضتها على يد كارون، ثم نظرت إليه لوهلة، قبل أن تعود ببصرها نحو الأمام، و كام آمون لا يزال يحدق بها بعينين مليئتين بالاحتقار....
...“سيد آمون، لا يجب أن تتلفّظ بكلمة ‘موت’ بهذه السهولة.”...
...قالت إيلين ذلك، وهي تنظر مباشرةً في عينيه....
...بدت عينا آمون وكأن داخلهما حمماً بركانية و نظراته المتقدة كادت تحرقها من شدة الغليان....
...“فإن لم تكن قادرًا على الالتزام بكلماتكَ، فهذا يجعل الأمر أسوأ.”...
...بكلام إيلين هذا، شعر آمون بالغضب يتصاعد في جسده حتى بلغ رأسه....
...“هل تقولين الآن…..أنني لا أستطيع قتلكِ؟”...
...القتل جريمة عظيمة. لكن إن حدث ذلك ضمن نطاق مبارزةٍ شريفة، فلن يُعتبر جريمة أبدًا....
...أي إن ماتت خلال المبارزة، فلن يستطيع الماركيز ليسيروس تحميله أي ذنب....
...نظرت إيلين إلى آمون وتحدثت بهدوء....
...“الفارس لا يقاتل بالكلام، إن كان لديكَ اعتراض فاشهر سيفكَ.”...
...في عينيها كان هناك بريق حازم، قوي. بريقٌ يوحي بأنها بالفعل أصبحت فارسة....
...آمون شعر بالغثيان من ذلك المشهد...
...كيف لقاتلةٍ أن تتحدث عن الفروسية؟...
...من لا يعرف الشرف لا يمكن أن يكون فارسًا. وإيلين ...
... ليسيروس، بالنسبة له، كانت أبعد ما تكون عن الفارس من بين كل من في هذا المكان....
...راح يحدق بها وهو يطحن أسنانه. إن كانت تتمنى الموت، فهو مستعدٌ تمامًا لتحقيق رغبتها....
...“ستندمين على تلك الكلمات.”...
...لقد قامت الآن بخيارٍ متعجرف. لو أنها لم تصف نفسها بأنها فارسة تحت التدريب بعد انتقالها إلى قسم فنون السيف، لكان آمون قد استطاع كبح نفسه....
...فالفارس، مهما كان خصمه شريرًا، لا يمكنه رفع سيفه في وجه شخص عادي....
...لكن إيلين استمرت في إثارة أعصاب آمون....
...نظراتها وتصرفاتها المتعالية وكأنها فارسة حقيقية لم تكن تعجبه....
...كيف لقاتلةٍ أن تتظاهر وكأنها بريئة؟...
...آمون فكّر بذلك وهو يمرر يده على مقبض سيفه....
...إن كانت تريد أن تُعامل كفارسة، فليكن لها ذلك....
...“إن كنتِ ترغبين في الموت بهذا الشكل، فسأحقق لكِ رغبتكِ الآن.”...
...سادت أجواءٌ مشحونة بالتوتر بين إيلين وآمون....
...“هذا غير مسموح.”...
...وفجأة، جاء صوتٌ هادئ لكنه حازم، فالتفت الجميع نحو مصدره، حتى إيلين أدارت نظرها ببطء....
...كانت تقف هناك الآنسة أسيلي، امرأة جميلة ذات وجه رقيق وشعر أشقر طويل مائل إلى جانبٍ واحد....
...شخصية محبوبة من الجميع، قديسة إمبراطورية ليكسيا، وكانت أيضًا حبيبة فريدين....
...مع ظهورها، تغير الجو فجأة....
...كانت للآنسة أسيلي قوةٌ تجعل الهواء من حولها مختلفًا بمجرد وجودها....
...أول من اقترب منها كان ديريك، الذي كان يراقب الوضع بصمت....
...أسندها بلطف، فقد بدت شاحبةً بعض الشيء بسبب قوة القداسة الهائلة التي بداخلها، كانت تصاب بالمرض كثيرًا....
...ومع ذلك، لم تغب عن حملات القضاء على الوحوش السنوية. لأنها القديسة التي ستقود إمبراطورية ليكسيا في المستقبل....
...“سيدتي، الطقس بارد، لماذا خرجتِ؟”...
...ابتسمت ابتسامةً خفيفة على كلام ديريك....
...“سمعت أن هناك ضوضاء، فأردتُ أن أتحقق من الأمر.”...
...ألقت الآنسة أسيلي نظرةً هادئة على المكان الذي عمّه الصمت....
...حينها، سألها آمون بنبرةٍ جافة....
...“سيدتي، لما لا يمكننا المبارزة الآن؟”...
...رغم طبيعته العنيدة، إلا أن آمون لم يجرؤ على التحدث بخشونة أمامها....
...“ذلك لأن..…”...
...بدأت الآنسة أسيلي بالكلام ببطء، ثم التفتت لتنظر إلى إيلين....
...وفي تلك اللحظة، تلألأت عيناها ثم تقلصت حدقتاها بسرعة....
...إيلين لم تلتقِ بالآنسة أسيلي وجهًا لوجه في حياتها السابقة، ولا لمرة واحدة، فلم يخرجوا من عرباتهم أبدًا، وكانت إيلين تتعمّد تجنبها....
...وبعد ذلك، ماتت الآنسة في حملة القضاء على الوحوش، فلم يكن هناك فرصةٌ للقائهما مجددًا....
...بمعنى آخر، هذه هي المرة الأولى التي تلتقي فيها إيلين بالآنسة في كل من حياتها السابقة والحالية....
...'هكذا هي إذًا.'...
...فكّرت إيلين بذلك بينما كانت تنظر إلى الآنسة أسيلي....
...شخصٌ كهذا، بالفعل، يليق بأن يكون حبيبة فريدين....
...بسبب موت الآنسة، ازدادت كراهية الناس لإيلين،...
...ولا تزال إيلين حتى الآن تتذكّر الدوق أسيلي، عندما جاء إليها بعد وفاتها....
...كان دومًا رجلًا بوجهٍ بارد، لكن حينها كان غاضبًا للغاية وهو يصرخ في وجهها....
...“أنتِ…..أنتِ من قتلها!”...
...“هذه نتيجة من يجهل شرف الفروسية ويتجرأ على القول بأنه يريد أن يصبح فارسًا. إيلين ليسيروس، شاهدي بنفسكِ نتيجة ما اقترفته يداكِ!”...
...والحق أن كلامه لم يكن خاطئًا....
...حتى وإن لم يكن ما حدث عن قصد، فهل هذا يعفيها من الذنب؟...
...لو كانت قد اعترفت بضعفها وعجزها حينها، فهل كان غضبهم سيتلاشى؟...
...عبر حيواتٍ متكررة، ظلت إيلين تتساءل عن هذا السؤال دائمًا....
...فريدين لم يختر الآنسة أسيلي، بل اختار حياة إيلين....
...ولو أنه قرر حماية الأميرة وسط هجوم الوحوش، لكان بإمكانه فعل ذلك....
...ولهذا، كانت إيلين تتفهم غضب الدوق أسيلي....
...وحين تذكرت الماضي، شعرت بنوعٍ من الحرج لمجرد لقاء الآنسة أسيلي مجددًا في هذه الحياة....
...'لأنني لن أسمح بحدوث ذلك هذه المرة.'...
...فكّرت إيلين بذلك وهي تمرر يدها على سيفها المعلّق عند خصرها....
...“لماذا أنتِ…..؟”...
...اتسعت عينا الأميرة بدهشة، وكأنها لا تصدّق ما تراه، وظلت تحدق في إيلين....
...إيلين كانت تعتقد أنه لا يمكنها الاعتراض إن ألقت الآنسة أسيلي اللوم عليها بسبب انفصالها عن فريدين...
...لكن ردّة فعلها كانت بعيدةً تمامًا عمّا توقّعته....
...فجأة، ومن بين ذراعي ديريك، اندفعت الآنسة أسيلي نحو إيلين كأنها ستجري إليها....
..._____________________...
...حسبتها بتقنعهم بالأدلة بس شكل فيه هوشه هههعهعهعهع ...
...هوشة هوشة هوشة هوشة ✨...
...أسيلي شكلها مب تستس صح؟😔...
...Dana...
Comments