الفصل 4

...عند نظرات فريدين، تكلّم ديريك بوجه جاد،...

..."قد تموت إن أخطأت. الدوق أسيلي هو أقوى سيّد سيف في الإمبراطورية. صحيح أن موهبة كارون ممتازة، لكن ما نحتاجه الآن هو فارسٌ يمكنه أن يكون عوناً لنا فوراً."...

...عند كلمات ديريك، حوّل فريدين نظره بلا اهتمام. لكن حين لمح إيلين، تجمّدت ملامحه للحظة. و بدأ يحدّق بها بتركيز شديد....

...ورداً على ردّة فعل فريدين، التفت ديريك بدوره ولاحظ وجود إيلين....

...ثم تحدث بنبرةٍ يملؤها الذهول،...

..."لقد جاءت فعلاً؟"...

...كان يعتقد أن حديث إيلين عن التحويل إلى قسم فنون السيف لم يكن سوى مزحةٍ طائشة. فالناس الطبيعيون لا يستطيعون فهم طريقة تفكير غير الطبيعيين....

...ورغم أن مزحتها بدت متطرفة، فإن سمعتها كمجنونة جعلت الأمر يبدو معقولاً بدرجةٍ ما. ومع ذلك، لم يتصور أنها ستخطو فعلاً داخل قسم فنون السيف....

...ضيّق ديريك عينيه وهو ينظر إلى إيلين....

...'إنها مجنونةٌ فعلاً.'...

...بما أن إيلين أصبحت خطيبة فريدين، فإن تصرفاتها قد تسيء إلى سمعته أيضاً....

...وما إن وصل به التفكير إلى تلك النقطة، حتى تملّكه الغضب وبدأ يطحن أسنانه وهو يحدّق بها بغضب....

...كان الغريب في الأمر، أنها كانت بالتأكيد تشعر بنظرات العداء الموجهة نحوها من الجميع، ومع ذلك لم تُبدِ أي علامةٍ على الخوف....

...تصرفاتها لم تكن مفهومةً بالنسبة لآنسة نشأت مدللةً في قصر الماركيز....

...لو كانت فتاةً نبيلة عادية، لانفجرت بالبكاء وسط هذه الأجواء المشحونة بالعداء....

...'ربما هي تملك تحكماً بالأعصاب أقوى مما توقعت.'...

...وإلا لما كانت لتجرؤ على دخول ساحة التدريب هذه من الأساس....

...فاكتسابها للقب "المرأة الشريرة ليسيروس" لم يكن شيئاً يمكن لأي شخص تحمّله دون أعصابٍ من حديد....

...فكّر ديريك بذلك وسخر من داخل نفسه. و كان ما سيحدث بعد قليل واضحاً تماماً بالنسبة له....

...'حتماً ستنهار باكية وتقول أنها لا تستطيع الاستمرار....

...ثم ستسقط من تلقاء نفسها.'...

...***...

...على عكس توقّعات ديريك، لم تكن إيلين تشعر بأي توتر مما هو قادم....

...أو بالأحرى، كانت في حالة مشابهة.....لأنها، أثناء نظرها إلى السيف الذي لم تره منذ مدة، شعرت بقشعريرةٍ لطيفة تسري في جسدها....

...كانت تحب ذلك الشعور بالخفقان الذي يعتريها كلما واجهت سيفاً....

...في حياتها السابقة، لم يمضِ يومٌ من دون أن تمسك بالسيف. و كان ذلك أشبه بعملية تنفّس....

...'لو كنت قد تعلمت فنون السيف في هذه الحياة، لكنت عشت حياة شبيهةً بما كنت عليه في الماضي.'...

...عائلة ليسيروس كانت معروفةً بإنجابها فرساناً أقوياء على مرّ الأجيال. وكان أسلوب القتال الخاص بعائلة ليسيروس مشهوراً جداً داخل الإمبراطورية....

...الماركيز ليسيروس الحالي، وإن لم يبلغ مرتبة "سيد السيف"، إلا أنه كان فارساً بارعاً من المستوى المتقدم....

...وفضلاً عن ذلك، فقد كانت لعائلة ليسيروس خاصيةً فريدة. إن لم يولد "سيد السيف" في أحد الأجيال، فحتماً يولد طفلٌ يحمل موهبةَ الوصول إلى تلك المرتبة في الجيل التالي....

...بكلماتٍ أخرى، فإن أحد الاثنين، كارون أو إيلين، يملك موهبة السيد....

..."من منهما سيرث فنون السيف الخاصة بعائلة ليسيروس؟"...

..."من يدري؟ لم يُعرف بعد أيّهما يملك موهبةً أعظم."...

...لذلك، كان الماركيز ليسيروس يرغب في تعليم كليهما....

...فكل عائلة كانت تطمح لامتلاك عدد أكبر من الفرسان،...

...وكان امتلاك فرسان على مستوى عالٍ يعني قوةً أكبر للعائلة....

...حتى وإن لم تصبح إيلين سيدة السيف، فإن أفراد عائلة الماركيز ليسيروس كانت لديهم احتماليةٌ عالية لأن يصبحوا فرسانًا من الدرجة العليا....

...الفرسان من الدرجة العليا يستطيعون تغليف سيوفهم بالمانا ومواجهة ما لا يقل عن مئةٍ من الوحوش الدنيا....

...لذا لم يكن هناك سببٌ يمنع الماركيز من تعليم إيلين فنون السيف....

...وقد كانت هناك الكثير من الفارسات في تاريخ عائلة الماركيز، ولهذا رغبت إيلين أن تصبح فارسةً أيضًا....

...كانت تحلم بذلك حتى ظهور كوريليا....

...لم تكن كوريليا راضيةً عن تعلم إيلين لفنون السيف، بل وصلت بها الحال إلى الكذب على الماركيز....

..."أعتقد أن إيلين لا تحب السيف، يبدو أنها تود أن تعيش كآنسةٍ نبيلة فحسب."...

...وكان الماركيز يشعر بالامتنان لزوجته التي تعتني بالأطفال نيابةً عنه بينما كان مشغولًا بحماية الحدود....

...ولهذا السبب كان يصدق كلام زوجته دون تردد....

...وبالتالي، كبرت إيلين دون أن تُمسك بالسيف ولو لمرة، واكتفت فقط بمراقبته من بعيد....

...وما قالته للسيد راكن في طريقها إلى الأكاديمية كان يحمل شيئًا من الحقيقة. ...

...فهي لم تتعلم رسميًا سيف عائلة ليسيروس، لكنها لطالما راقبت كارون وهو يتدرب....

...في غرفتها، كانت تقلد حركاته في المبارزة باستخدام غصن شجرة. ...

...و حتى في أيام دروس التطريز أو الموسيقى، لم تكن عيناها تفارق كارون. وبشكلٍ أدق، لم تستطع أن تُبعد نظرها عن حركاته في المبارزة....

..."لماذا لا تتدربين على المبارزة يا أختي؟"...

...ذات يوم، اقترب منها كارون وسألها هذا السؤال، فلم تستطع إيلين أن تنطق بكلمة....

...سؤاله البريء جعلها تشعر بمزيدٍ من البؤس....

...كنت أريد ذلك أيضًا، وكنت أتفوق له....

...لكن الكلمات التي ترددت في فمها لم تجد طريقها إلى الخارج واختفت في صمت....

...إيلين كانت ترغب في التلويح بالسيف أكثر من تعلم التطريز أو العزف على الآلات. فحتى الحركات التي كان كارون يجد صعوبة فيها، كانت تنجح فيها بسهولة....

...لكن كلما أخبرت الماركيزة بأنها تريد تعلم المبارزة، كانت الإجابة دائمًا واحدة....

..."ما فائدة أن تتعلم السيدة المبارزة؟"...

...وكان العقاب الذي يتبع هذا الجواب يستمر حتى ينتهي كارون من تدريباته ويعود الماركيز من الجبهة....

...لم يكن الألم الجسدي هو ما يؤلمها، بل كان الشوق للتعلم هو ما ظل يعذبها....

...ولهذا شعرت بسعادةٍ غامرة عندما استطاعت بفضل حيلة الماركيزة أن تنتقل إلى قسم فنون المبارزة....

...رغم أنها كانت تدرك جيدًا ما يعنيه ذلك بالنسبة للفرسان، ورغم معرفتها بما قد تواجهه بسبب ذلك، إلا أنها كانت سعيدة....

...'مع أنني أعلم أن لا مكان لي هنا.....'...

...لم تكن تستهين بالفرسان، بل كانت تتمنى أن تقول لهم بصدق: "كنت أريد أن أكون مثلكم."...

...لكن الآخرين لم يروا تصرفاتها إلا على أنها ازدراءٌ للفرسان....

...ولهذا لم يكن هناك أحدٌ في قسم المبارزة، الذي يُفترض أنه يقدر الفرسان، ينظر إلى إيلين بنظرةٍ طيبة....

...وكأنها لتثبت بأنها لا تستحق هذا المكان، كانت دائمًا سيئةً في أدائها....

...تذكرت إيلين تلك الأيام ورفعت سيفها....

...'إنه ثقيل.'...

...كانت يدها التي تمسك بالسيف ترتجف....

...لم يكن سوى سيفٍ حديدي رخيص، لا يُقارن أبدًا بالسيف الذي كانت تستخدمه في حياتها السابقة....

...لكن جسد إيلين، الذي لم يخضع لأي تدريب، كان يجد صعوبةً حتى في رفع ذلك السيف....

...وكان هذا أمرًا طبيعيًا. مهما بلغت من أعلى المراتب في حياتها السابقة، فإن إيلين الحالية كانت تفتقر حتى إلى اللياقة البدنية الأساسية....

...لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد سبيل....

...'أستطيع فعلها.'...

...تماسكت إيلين، ثم حولت نظرها لتلتقي بعيني فريدين الذي كان يراقبها....

...في الماضي، كان هنا أيضًا. لكنها في ذلك الوقت هربت باكيةً أمام عينيه....

...'لا بد أنكَ تحتقرني أيضًا.'...

...ومع ذلك، لم يُظهر فريدين أي مشاعر من هذا النوع أبدًا. حتى وإن كان ما قدمه لها في الماضي شفقة أو ربما كان مجرد رحمةٍ عادلة يمنحها للجميع، فإن ذلك لم يهم....

...فحين تكون أمامه، كانت تشعر أنها ليست شريرة قبيحة، بل إيلين ليسيروس العادية....

...هل كان يعلم ما الذي يعنيه ذلك لها؟...

...أغمضت إيلين عينيها ثم فتحتهما من جديد، ونظرت إلى باطن كفها....

...رأت يداً صغيرةً نحيلة ملفوفة بالضمادات، وفيها سيفٌ حديدي رخيص....

...نظرت إلى ذلك السيف، ثم عزمت بداخلها،...

...'من أجله، ولو لأجل شخصٍ مثله فقط.'...

...في هذه الحياة، سيتغير كل شيء....

...***...

...إدوارد فلون، مدرب المبارزة في أكاديمية أتينس، كان في حالةٍ من الإزعاج الشديد....

...'هل جاءت إيلين ليسيروس فعلًا؟'...

...وجودها مشكلة، وعدم مجيئها مشكلةٌ أيضًا....

...ما الذي كان يفكر فيه الماركيز ليسيروس عندما نقل ابنته إلى قسم فنون المبارزة؟...

...كان من المعروف على نطاقٍ واسع أن الماركيز يعشق ابنته لدرجة الجنون....

...وتذكر إدوارد في تلك اللحظة إشاعةً تقول إن إيلين ليسيروس أضربت عن الطعام لتُقبل في قسم المبارزة....

...ربما لم يستطع الماركيز تحمل رؤية ابنته تتضور جوعًا، فخضع لرغبتها في النهاية....

...بل إن الأمر بلغ حد انتشار إشاعةٍ مضحكة داخل قصر الماركيز تقول إن إيلين ليسيروس تصدت لوحدها لجحافل من الوحوش....

...'يبدو أنهم أرادوا اختلاق مبرر مقنع لدخولها قسم المبارزة.'...

...ضحك إدوارد ساخرًا من هذا الكذب الفاضح....

...فبالرغم من أن ابنة الماركيز كانت مشهورةً بغرابة أطوارها، إلا أن الكذب بشأن هزيمتها لجيشٍ من الوحوش كان مبالغةً لا تُغتفر....

...'ومن سيصدق هذا الهراء أصلًا؟'...

...تنهد إدوارد وهو يمشي في طريقه نحو ساحة التدريب....

...لكنه كان يكنّ الاحترام للماركيز ليسيروس، الذي كان يحمي الوطن من الخطوط الأمامية....

...ولم يكن إدوارد يرغب في أن يقع الماركيز في أي موقفٍ محرج....

...'أتمنى فقط أن تبقى بهدوء لعدة أيام ثم تتخلى عن الأمر. ربما يكون اليوم هو الأخير.....فهي ستُهان خلال تقييم المبارزة على أي حال.....'...

...وبينما كان يفكر بذلك، تابع إدوارد خطواته ودخل إلى ساحة التدريب....

...____________________...

...ابي اشوف افكار ديريك بعدين لاشافها بيقعد يعتذر لهت في راسه؟😭...

...المهم ابي ايلين تصفقهم واحد واحد هههههعععهعهعا...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon