الفصل 2

...المكان الذي وُلدت فيه كان مكاناً تراه لأول مرة في حياتها....

...ذلك المكان كان عالماً لا وجود فيه للسحر أو المانا...

...إنه العالم الحديث....

...الحياة في العالم الحديث لم تكن مختلفةً كثيراً عن حياتها كإيرين. فوالداها كانا يزعجهما وجود طفلة، فتجاهلاها تقريباً وتركاها وشأنها....

...في وقتٍ من الأوقات، كانت تظن أن كل الآباء يشبهون ذلك الماركيز الطيب القلب، رغم أنه كان يفتقر إلى الفطنة....

...لكن بعدما عاشت حياةً جديدة، أدركت أخيرًا أن هناك آباء أكثر لامبالاة منه بكثير في هذا العالم....

...'أريد أن أصبح قوية، بما يكفي لحماية نفسي.'...

...ربما بسبب هذا الطموح بداخلها، ولحسن الحظ، وُلدت في حياتها الثالثة كابنة لعائلةٍ من الفرسان....

...حتى هي نفسها لم تكن تعرف لماذا تُمنح لها فرصة الحياة الجديدة مرارًا وتكرارًا. لكنها قررت أن تعيش....

...أرادت أن تحيا حياةً لا يُستهان بها من أحد، على عكس حياتها السابقة. لذلك أمسكت بالسيف....

...أن تصبح فارسة، وأن تتعلم فنون القتال، كان حلمًا راودها منذ حياتها الأولى، لكنها كانت تُمنع منه دائمًا بسبب زوجة الماركيز....

...ولدهشتها، كانت تملك موهبةً في استخدام السيف، ولم تكن موهبةً عادية. بل عبقريةٌ لا تتكرر إلا كل مئات أو ربما آلاف السنين....

...وهكذا، بعدما أصبحت الفارسة التي كانت تحلم بها، استطاعت أن تقول أنها عاشت حياتها الثالثة بلا ندم...

...وكانت تعتقد أنه إن كان سبب ولادتها من جديد هو الظلم الذي عانته في حياتها السابقة، فلن تكون هناك حاجةٌ لتفتح عينيها مرة أخرى....

...لكن الحياة تكررت من جديد، وهذه المرة لم تكن إعادة ولادة. بل عادت إلى أكثر حيواتها بؤسًا، إلى حياتها الأولى....

...إيلين ليسيروس....

...إلى ذلك الزمن حين كانت تُدعى ابنة الماركيز الشريرة والحقيرة....

...عندما فتحت عينيها لأول مرة، كانت الصرخات تتعالى من كل اتجاه. كانت أصواتًا مألوفةً جدًا لها، لأنها كانت تتدحرج يوميًا في ساحات المعارك....

...لذا تحرك جسدها تلقائيًا، وقضت على الوحوش خارج العربة....

...وعندها فقط أدركت أنها أصبحت مجددًا إيلين ليسيروس....

..."في الأصل، كان من المفترض أن يخسر راكن ذراعه في هذا المكان."...

...هذا ماحدث في الماضي....

...فقد راكن ذراعه وهو يحاول حمايتها، وبسبب ذلك انهار مستقبله الزاهر....

...لم يكن خطأ إيلين، لكن سهام اللوم كلها صُوّبت نحوها...

...لأنهم فقدوا موهبةً ستقود الإمبراطورية، فقط من أجل حماية فتاة عديمة الفائدة....

...لكن حين ساعدت راكن، تغير كل شيء....

...'ربما.....ربما أستطيع إنقاذه أيضًا'...

...رغم الفوضى، لم تستطع إلا أن تتذكر رجلاً. رجلاً لم تستطع نسيانه رغم مرور حياتين....

...'الرجل الذي فقد كل شيء لأنه خُطِب إليّ'...

...فريدين ليكسيا....

...***...

...أكاديمية أتينس، التي كانت تدرس فيها إيلين، كانت الأكاديمية الوحيدة في الإمبراطورية....

...وكان يدرس فيها ليس النبلاء فقط والموهوبون من العامة، بل حتى أبناء الأسر الملكية من الدول الأخرى وأفراد العائلة الإمبراطورية....

...كانت الأكاديمية بمساحتها التي تعادل تقريبًا إقليمًا صغيرًا، تعج دائمًا بالناس....

...أغمضت إيلين عينيها وسط ذلك الازدحام....

...'لقد عدتُ حقًا.'...

...بمجرد دخول سينا وإيلين إلى الأكاديمية، عاد راكن إلى إقليم ليسيروس بحجة أن لديه أمرًا عاجلًا....

...وبينما كانت تخطو دون تردد، التفتت إليها سينا بنبرةٍ قلقة،...

..."آنستي، هل أنتِ بخير؟"...

...عبست إيلين إثر هذا السؤال المفاجئ،...

...'ما الذي يُقصد بأنها بخير؟'...

...لم تستطع أن تتذكر تمامًا كيف كانت شخصيتها في تلك المرحلة من حياتها....

...لكن لا بد أن هناك سببًا جعل سينا تطرح هذا السؤال فور وصولها إلى الأكاديمية....

..."كنت قلقةً لأنكِ انتقلت مؤخرًا إلى قسم فنون السيف."...

...آه، إذًا هو هذا الوقت بالفعل....

...بمجرد أن قالت ذلك، بدأت ذكريات الماضي تعود إليها كالسيل....

...في هذا الوقت تقريبًا، كانت قد خُطبت إلى الأمير الثاني للإمبراطورية، فريدين....

...لم يكن ذلك برغبتها، لكن الناس كانوا يظنون أن إيلين هي من أصرّت على الخطوبة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك....

...فقط لتكون قريبةً من فريدين ليكسيا، غيرت تخصصها إلى قسم فنون السيف. رغم أنها لم تكن تعرف كيف تمسك بالسيف بشكل صحيح....

...وبالطبع، لم يكن هذا أيضًا بإرادتها....

...استحضرت في ذهنها تلك الجراح الكثيرة التي لا تُرى، ...

..."نعم، كنت شريرةً للغاية لدرجة أنني صرخت لأتزوج الأمير الثاني، واستغليت والدي لتحقيق ذلك. وحتى أنني غيّرت تخصصي إلى قسم فنون السيف وأهنت شرف الفرسان.....بصراحة، حتى من وجهة نظري، لقد تجاوزت الحدود."...

...ارتبكت سينا بشدة من كلماتها التي كانت تزدري بها نفسها، وهزّت رأسها بسرعة....

...لكن إيلين لم تكن تنوي مضايقتها، فكلماتها كانت فقط سخريةً من الموقف الذي أصبحت فيه....

..."لم أقل ذلك لتسمعيه، لكن شكرًا لاهتمامكِ."...

...ثم أبعدت خصلات شعر سينا عن أذنها بابتسامةٍ دافئة...

...فاحمرّ وجه سينا دون أن تشعر....

...وما إن خطت إيلين داخل الأكاديمية حتى تجمعت عليها جميع الأنظار....

...ثم تذكرت على الفور كيف كانت سمعتها في ذلك الوقت، وهي تشعر بوخز تلك النظرات الحادة....

...'كنتُ شريرة تستخف بشرف الفرسان، أليس كذلك'...

...وفوق ذلك، كان فريدين في علاقة غير معلنة مع الآنسة أشيلي....

...'ثم انفصلا بسبب خطوبتي به، فلا عذر لي حقًا.'...

...شعرت وكأنها تحولت إلى الشريرة في إحدى روايات الرومانسية الخيالية التي كانت تقرؤها في العالم الحديث....

...ومع علمها بما سيحدث لاحقًا، تنهدت لا إراديًا....

...كل ما قيل أنها فعلته في ذلك الزمن، كانت مؤامراتٍ حيكت من قِبل زوجة الماركيز....

...لكن ما دامت الأكاذيب أصبحت حقيقةً يصدقها الجميع، فلن تستطيع فعل شيء....

...لم يكن أمامها سوى ابتلاع نظرات الناس والمضي قدمًا....

...***...

...'في تلك الفترة، كان من الطبيعي أن يكرهني الجميع.'...

...تفحصت إيلين المكان من حولها بوجهٍ بارد. و مرت في ذهنها أفكارٌ عديدة، لكن سرعان ما اختفت واحدةً تلو الأخرى....

...في الماضي، كانت الأكاديمية بالنسبة لها أشبه بمهرب، مكانٌ تهرب إليه من زوجة الماركيز....

...لكن هذا لا يعني أنها كانت تحب هذا المكان. فحتى داخل الأكاديمية، لم يكن هناك سوى نظرات العداء الموجهة نحوها....

...في الحقيقة، كانت تملك الجرأة لتُثير ضجةً وتصرخ بأن كل ما حدث كان من تدبير زوجة الماركيز. لكن إيلين كانت تعلم أنها لن تقول شيئًا....

...لأن ما يهم الآن هو معرفة من يقف خلف زوجة الماركيز...

...قبل أن تموت، فقد كانت عائلة ليسيروس على وشك السقوط التام....

...في ذلك الوقت لم تكن تعرف السبب، لكنها بدأت الآن تدرك بعض الأمور....

...'لا تقلقي، عائلتكِ ستلحق بكِ قريبًا.'...

...كان ذلك ما قالته زوجة الماركيز في اللحظة الأخيرة قبل موتها....

...لكن من المستحيل أن تكون زوجة الماركيز وحدها من أسقطت عائلة ليسيروس....

...لابد أن هناك من كان يقف خلف كل تلك المصائب التي وقعت. ...

...لكن أفكار إيلين لم تدم طويلًا، فقد قاطعها أحدهم حين أمسك بيدها بقوة....

..."أنتِ.....!"...

...وعندما التفتت، رأت وجهًا يشبه وجهها كثيرًا....

..."تباً، سمعت أنكِ واجهت سربًا من الوحوش في الطريق، هل أنتِ بخير؟"...

...كارون ليسيروس، شقيقها الأصغر، كان هو من أمسكها....

...لقد مضى وقتٌ طويل فعلًا منذ آخر مرة رأته فيها....

...أثناء تفحصها وجهه، فكرت إيلين بذلك....

...كارون بدا أصغر بكثير مما كان عليه آخر مرة رأته فيها...

...لم يكن وجهه ملطخًا باليأس، ولا كان يبدو عليه الإرهاق....

...الشيء الوحيد الذي لم يتغير، هو أنه لا يزال يكرهها....

...نظرت إلى ذراعه اليمنى السليمة، وتأكدت أكثر....

...يمكنها أن تغيّر الأمور، فكل تلك المآسي التي عاشتها لم تكن قد حدثت بعد، بل كانت ما تزال جزءًا من المستقبل....

...فجأة شعرت بألمٍ في يدها التي كان كارون يمسك بها و ...

...أدركت حينها كم كانت قبضته قوية، فمن غير المعقول أن مجرد إمساك يده يسبب لها هذا الألم....

...وفي نفس الوقت، استغربت من جسدها الضعيف الذي لم يعد يتحمل حتى هذا القدر البسيط من الألم....

...مع ذلك، لم تحاول إيلين أن تمنع كارون رغم أنها كانت تعلم أنه سيسحب يدها. ففتاةٌ لا تعرف حتى أبجديات فنون السيف، سيكون من الغريب أن تلاحظ اقترابه أو ترد عليه....

...وربما، في قرارة نفسها، كانت تريد أن ترى وجه شقيقها وهو يمسك بها....

...ألقى كارون نظرةً متفحصة على كامل جسدها، ثم تنهد...

...وبعد أن بدا وكأن قلبه قد اطمأن، بدأ يحدق فيها بنظراتٍ حادة....

...ولم يكن ذلك غريبًا عليها، فقد اعتادت على تلك النظرة....

...كان كارون يشعر بالخزي من إيلين....

...فعائلة ليسيروس، التي ينتمون إليها، كانت عائلةً نبيلة تفتخر بإرثها في فنون السيف....

...ولم يكن هناك من يحب إيلين التي كانت تتصرف بتعالٍ مستندة إلى اسم العائلة....

...وكان كارون، الذي يُقدّس شرف العائلة أكثر من أي أحد آخر، يكرهها بشكلٍ خاص....

..."بالمناسبة، أنتِ.....ما الذي فعلته بالضبط؟"...

..."ماذا تقصد؟"...

..."سمعت أنكِ انتقلتِ بالفعل إلى قسم فنون السيف؟! بم تفكرين يا ترى؟ ألا تدركين كم هذا تصرفٌ أحمق؟"...

..."......."...

..."الجميع يكرهكِ بالفعل، هل كان لا بد أن تزيدي الطين بلّة؟"...

...لم يكن بيدها حيلةٌ آنذاك.....لكنها لم تنطق بهذه الكلمات....

...لأنها كانت تعلم تمامًا سبب غضبه الآن....

...فكارون أيضًا كان طالبًا في قسم فنون السيف ويحلم بأن يكون فارسًا، ومن الطبيعي أن يشعر بالإهانة من تصرفها....

..."أشعر بالخجل لأنكِ شقيقتي."...

...استعادت إيلين في تلك اللحظة نفس الكلمات التي قالها لها في الماضي....

...حينها، دخلا في جدالٍ حاد قبل أن تعود إلى السكن عادت إلى غرفتها وبكت طويلاً....

...وأثناء ذلك، تذكرت طفولتهم معًا بمفردها....

...__________________________...

...الله ياخذ زوجة ابوها ذي دامها لاعبه في نفسية ايلين اكيد انها مسويه شي بعد مع كارون الرفته ...

...المهم يومها تقول فريدين فقد كل شي بسببها يعني هي حبته يمكن؟ ...

...ودام زوجة ابوها مخططه مع احد يمكنه امير دامه طرح امير بعد ...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon