قلب تريانتيس
لم يكن أحد يتخيل أن مجرد باب قد يغيّر مصير خمسة أصدقاء إلى الأبد...
بينما كانت الرياح تلعب بأوراق الأشجار، وبينما تتراقص أشعة الشمس بين الأغصان المتشابكة، كان هناك شيء مختلف في الحديقة الخلفية لمنزل ريجي وناتالي. باب قديم، نصف مخفي خلف نباتات غريبة وأزهار لم يرها أحد من قبل. بدا وكأنه كان ينتظر من يكتشفه... أو ربما من يعبر من خلاله.
لم يكن الأصدقاء يعلمون أن هذه اللحظة ستغير كل شيء. أن هذا الباب لم يكن مجرد ممر، بل بوابة لعالم لم يتخيله أحد حتى في الأحلام.
لكن هل كانوا مستعدين لما ينتظرهم على الجانب الآخر؟
كانت الشمس تتوسط السماء، تنثر أشعتها الذهبية فوق منزل ريجي وناتالي القديم. الجو مليء برائحة التراب والهواء النقي بعد المطر، وصوت الطيور ينساب بهدوء بين الأشجار. لم يكن هناك ما يوحي بأن هذا اليوم سيكون مختلفًا عن أي يوم آخر... لكن ميا كانت تشعر بشيء غريب.
"هل تعتقدون أن تنظيف الحديقة كان فكرة جيدة؟" قالت ميا وهي تمسح جبينها المتعرق.
"بالتأكيد، المكان يبدو وكأنه مهجور منذ قرن!" ردت ناتالي وهي تحاول تجنب اتساخ ملابسها.
بينما كان الأصدقاء منهمكين في ترتيب الفوضى، اكتشف جايدين شيئًا غير مألوف خلف شجيرات كثيفة. كان هناك باب قديم، نصفه مغطى بالأغصان والورود النادرة التي لم يرها أحد منهم من قبل.
"هذا غريب..." تمتم جايدين، يقترب بحذر.
اقترب الجميع وهم يتأملون الباب بحيرة. كان يبدو وكأنه جزء من الحديقة منذ الأزل، لكن لم يسبق لأحد أن لاحظه من قبل. مد ريجي يده ليحرك بعض الأغصان بعيدًا، وفجأة...
"طَق!"
اهتز الباب قليلًا، ثم بدأ يشعّ نورًا خافتًا من الحواف. تبادل الأصدقاء النظرات، خليط من الفضول والخوف يتلاعب بملامحهم.
"ربما... يجب علينا الدخول؟" همست ميا بعينين متلألئتين بالحماس.
لم يكن هناك وقت للتفكير، فقد انفتح الباب فجأة، ليبتلعهم ضوء ساطع أعمى أعينهم للحظات. وعندما استطاعوا الرؤية مجددًا... لم يكونوا في الحديقة بعد الآن.
وسط الغيوم العائمة، وجدوا أنفسهم محاطين بسماء لا حدود لها، بلا أرض تحتهم ولا معالم واضحة. الهواء كان لطيفًا لكنه حمل إحساسًا غريبًا... كأنهم عالقون بين الحلم والواقع.
"أين نحن..." تمتم ريجي، بينما حدقت عيناه في الضباب الأبيض الذي يحيط بهم.
كانوا جميعًا في حالة من الذهول. قبل لحظات فقط، كانوا يقفون في الحديقة الخلفية لمنزل ريجي وناتالي القديم، والآن، دون سابق إنذار، أصبحوا في... منتصف السماء؟
"واااو! نحن نطير! هذا رائع!" صاحت ميا بحماس، وهي تدور حول نفسها وتحاول لمس الغيوم التي تحيط بها.
"ميا، هذا ليس وقت المزاح!" قال جايدين بحدة، وهو يعقد ذراعيه بقلق.
"أوه، تعال يا جايدين، لا تكن متجهمًا هكذا! متى سنحصل على فرصة لنكون وسط الغيوم مجددًا؟" قالت ميا وهي تقفز بحماس، وكأنها على وشك الانطلاق في سباق طيران وهمي.
"بصراحة، لديها وجهة نظر." قال لوكاس بابتسامة، وهو يضع يديه على خصره. "إن كنا هنا بالفعل، فلنستمتع على الأقل."
"هل أنتم جادون؟!" قالت ناتالي وهي تعقد حاجبيها، صوتها يحمل نبرة ارتياب. "نحن لا نعلم حتى أين نحن... قد يكون هذا حلمًا... أو—"
لكنها توقفت فجأة عندما مرت غيمة أمامهم، كانت تمسك بورقة وقلم، وتكتب بعجلة وكأنها تسجل ملاحظات غاية في الأهمية.
في البداية، لم تنتبه إليهم، لكنها ما إن رفعت رأسها ورأتهم حتى تسمرت في مكانها، واتسعت عيناها من الصدمة.
"ماذا...؟!" همست الغيمة، قبل أن تسقط الورقة والقلم من يدها.
تقدمت نحوهم بسرعة، وعيناها لا تفارقانهم، وكأنها كانت غير قادرة على تصديق ما تراه.
"من أنتم؟! وكيف وصلتم إلى مملكة الغيوم؟!"
"غيمة... تتحدث!" صرخ الجميع في نفس الوقت، بينما كان بعضهم يتراجع خطوة إلى الخلف بذهول.
"ما بالكم مصدومون؟" قالت الغيمة وهي ترفع حاجبًا.
"كيف لا ننصدم ونحن نرى غيمة تتحدث وكأنها شخصية في كرتون؟" قال جايدين، وهو يضع يده على جبينه وكأنه يحاول استيعاب الوضع.
"أنا أيضًا أريد أن أعرف! كيف يكون لديكم حواجب؟!" قالت ميا باندفاع، وهي تقترب من الغيمة لتفحص وجهها.
"حواجب؟ ما هذه الكلمة الغريبة؟" سألت الغيمة وهي تميل رأسها بحيرة.
"إنها تلك الخطوط فوق أعيننا التي تتحرك عندما نشعر بشيء معين." قالت ناتالي، مشيرة إلى وجهها.
"آه... لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة من قبل." قالت الغيمة وهي تلمس جبينها بيد وهمية مصنوعة من البخار.
"مهلاً، لحظة!" قالت ناتالي فجأة، وهي تعود إلى صلب الموضوع. "لم تخبرينا من أنتِ."
"أنا غيم... مراقبة في مملكة الغيوم." قالت الغيمة، وهي تنظر إليهم بتوجس. "لكن هذا لا يهم الآن! كيف وصلتم إلى هنا؟!
"هذا ما نحاول اكتشافه!" قال ريجي وهو يعقد ذراعيه. "أحدنا ضغط على الباب، وفجأة، نحن هنا."
"باب؟!" كررت غيم وهي تتراجع خطوة. "مستحيل! لا يوجد أبواب تؤدي إلى مملكة الغيوم...!"
"يبدو أن هناك بابًا واحدًا على الأقل." قال لوكاس، وهو يرفع حاجبيه.
لكن قبل أن يرد أحد، اهتزت الغيوم من حولهم للحظة، وكأن المكان استشعر وجودهم الغريب.
تجمدت غيم في مكانها، وبدأت عيناها تتحرك بسرعة، وكأنها تفكر في شيء خطير.
"يجب أن لا يراكم أحد هنا... إن علمت الملكة سحاب بوجودكم، فسيكون هذا كارثيًا!"
"الملكة سحاب؟" سألت ناتالي وهي تميل رأسها. "من تكون؟"
"إنها حاكمة مملكة الغيوم، ورئيسة مجلس حكام تريانتيس. نحن، الغيوم، مسؤولون عن مراقبة الأرجاء، والتأكد من عدم وجود أخطاء أو ثغرات في السماء. إن علمت بوجودكم هنا... فقد تعتبركم تهديدًا."
"لحظة، لم أفهم... لماذا سيكون الأمر كارثيًا لهذه الدرجة؟" سأل ريجي.
"لأن... يُمنع على أي كائن في تريانتيس دخول مملكة الغيوم دون إذن رسمي، وأنتم... لستم من تريانتيس أصلاً!" قالت غيم، وعيناها تمتلئان بالخوف.
ساد الصمت لوهلة.
هذه المرة، أدركوا جميعًا أنهم قد يكونون في ورطة حقيقية.
سادت لحظة صمت قصيرة، لم يقطعها سوى صوت ميا وهي تحاول تكرار الاسم الجديد على مسامعها.
"لحظة، لحظة… ما كان اسم المكان؟ تيرا...تـ... تيراني...؟" قالت وهي تعقد حاجبيها محاولة تذكر الاسم.
"إنه تريانتيس." قالت غيم، وهي تنظر إليها بنظرة تجمع بين الفضول والارتباك. "أرض الخير... والشر... والمجهول."
"إذًا، نحن الآن داخل تريانتيس..." قال ريجي وهو يمرر يده بين خصلات شعره، صوته كان منخفضًا كأنه يحاول استيعاب الحقيقة. ثم تنهد وأكمل: "وبدون أي طريقة للعودة."
قبل أن يجيب أحد، بدأت الغيوم تتغير، اللون الأبيض الناعم بدأ يكتسب ظلالًا رمادية، والهواء اللطيف تحوَّل إلى نسمات باردة ومقلقة.
وفجأة… دوّى صوت رعد قوي!
قفزت ميا من مكانها، بينما ضغطت ناتالي على ذراع ريجي بقلق. لوكاس أطلق صافرة خفيفة وقال بنبرة ساخرة:
"حسنًا… لم يكن هذا على قائمة الأشياء التي توقعت حدوثها اليوم."
أما جايدين، فقد كان الأكثر واقعية في المجموعة، إذ قال بقلق وهو ينظر إلى السماء المتلبدة: "ما الذي يحدث؟"
"أوه لا… أوه لا، هذا سيء!" قالت غيم، صوتها مليء بالذعر وهي تدور حول نفسها وكأنها تحاول استيعاب الوضع.
"انتظري، انتظري!" قالت ميا وهي ترفع يديها محاولة تهدئة الغيمة. "لماذا تتوترين؟ أليس هذا طبيعيًا؟ نحن في السماء، والرعد والغيوم جزء من الطقس، أليس كذلك؟"
"لا، لا، لا!" ردت غيم وهي تهتز قليلاً، وكأنها تعكس اضطراب الطقس. "هذا ليس طبيعيًا أبدًا! هذه حالة طوارئ!"
"رائع… بالكاد دخلنا إلى هذا المكان، ونحن بالفعل في حالة طوارئ!" تمتم جايدين بعبوس، بينما كان يراقب الغيوم تزداد قتامة.
"لكن ما سبب ذلك؟" سألت ناتالي، وهي تعض شفتها بتوتر.
"لا أعلم… ولكن هذا يعني أن هناك خللًا ما في تريانتيس!" قالت غيم، وهي تنظر حولها بقلق، وكأنها تتوقع ظهور شيء خطير في أي لحظة.
"حسنًا، وماذا علينا أن نفعل الآن؟" قال ريجي، بينما كان يحاول أن يبقى هادئًا رغم التوتر المتزايد.
"علينا الاختباء!" صاحت غيم.
"أوه، عظيم، وأين سنختبئ بالضبط؟ نحن في السماء، لا توجد كهوف ولا أشجار ولا حتى جدار نلتصق به!" قال لوكاس وهو يشير إلى الفراغ من حولهم.
"لا يوجد مكان سوى…" توقفت غيم للحظة قبل أن تكمل بتردد، "أن آخذكم إلى الملكة سحاب."
"أوه، أنتِ قلقة من أن تكتشفنا الملكة قبل قليل، والآن أنتِ بنفسكِ تريدين أخذنا إليها؟" قال جايدين وهو يرفع حاجبه مستنكرًا.
"هذا مختلف!" قالت غيم بعجلة، "إن كانت هناك مشكلة كبيرة في المملكة، فالملكة سحاب وحدها يمكنها أن تقرر ما يجب فعله بكم. وإلا… فقد ينتهي بكم الأمر في وسط العاصفة القادمة."
"عاصفة؟!" صرخت ميا وهي تنظر إلى السماء التي بدأت تتوهج بوميض برق خافت. "هل سنعلق في عاصفة ضخمة في يومنا الأول هنا؟"
"أنا لست مستعدة لهذا!" قالت ناتالي وهي تمسك بذراع ريجي، الذي كان يحاول التفكير بسرعة.
"حسنًا، لا أعتقد أن لدينا خيارًا آخر…" قال ريجي وهو ينظر إلى أصدقائه، ثم عاد ببصره إلى غيم. "خذيـنا إلى الملكة سحاب."
وهكذا، ومع اشتداد العاصفة خلفهم، انطلقت غيم لتقودهم إلى حيث يقبع مصيرهم المجهول...
أثناء تحليقهم وسط الغيوم الملبدة، بدأ التوتر يخيم على المجموعة. لم يكن أحدهم متأكدًا مما ينتظرهم عند مقابلة الملكة سحاب، لكن الصمت الذي طال لم يكن مريحًا أبدًا.
قرر لوكاس كسره قائلًا بنبرة ساخرة: "إذًا، هذه الملكة الغريبة… كيف هي بالضبط؟ هل هي مخيفة؟ صارمة؟ أم أنها من النوع الذي يحب الشاي والكعك؟"
توقفت غيم في الهواء فجأة، استدارت نحوه بحدة، وعيناها -أو ما يشبه عينيها- اشتعلتا بالغضب.
"انتبه لكلماتك!" قالت بحدة، "إنها الملكة سحاب، الحاكمة العظيمة لمملكة الغيوم ورئيسة مجلس حكام تريانتيس! احترامها واجب!"
رفع لوكاس يديه مستسلمًا، لكنه لم يستطع منع نفسه من التهكم قليلًا: "حسنًا، حسنًا، لم أقصد الإساءة، مجرد فضول بريء."
"فضولك قد يضعك في ورطة إذا لم تكن حذرًا." قالت غيم وهي تهز رأسها بقلق، ثم واصلت طريقها للأمام.
"إذًا، غيم…" قال ريجي، محاولًا إعادة الحديث إلى مسار أكثر جدية، "هل هناك شيء يجب أن نعرفه عن الملكة سحاب؟ أي تحذيرات؟ قواعد؟ أي شيء يمكن أن يساعدنا في عدم الوقوع في المشاكل؟"
"أوه، بالطبع! هناك الكثير!" قالت غيم بحماس، "أولًا، لا تقاطعوها أبدًا عندما تتحدث، خاصة إن كانت غاضبة…"
"حسنًا، هذا منطقي." علق جايدين، بينما دوّن المعلومة في ذهنه.
"ثانيًا، لا تلمسوا أي شيء في قاعة الغمام دون إذن. القلعة مليئة بالأشياء السحرية، وبعضها قد يكون خطيرًا!"
"أشياء سحرية؟ مثل ماذا؟" سألت ميا بفضول متأجج.
"أوه، مثل المرايا السحابية التي تعكس المستقبل، والريش الذهبي الذي يكتب من تلقاء نفسه، والساعة العاصفية التي تستطيع إيقاف الوقت!" قالت غيم بفخر، وكأنها تستعرض إنجازًا شخصيًا.
"حسنًا، هذا رائع!" قالت ميا بحماس، وعيناها تلمعان وكأنها طفلة سمعت للتو عن أرض مليئة بالحلويات.
"لا، ليس رائعًا!" قالت غيم بقلق، "لأنكم إن لمستم شيئًا، فقد تجدون أنفسكم محبوسين داخل زجاجة غيمية لمئة عام!"
"أوه… هذا ليس رائعًا فعلًا." قالت ميا وهي تعقد حاجبيها.
"وثالثًا…" تابعت غيم، "لا تحاولوا الكذب عليها. الملكة سحاب تستطيع قراءة النوايا من مجرد النظر إليكم. إن شعرَت أنكم تخفون شيئًا، فلن يمر الأمر بسلام."
"قراءة النوايا؟ رائع، الآن أصبح الأمر أشبه بالتحقيق السحري." تمتم لوكاس وهو يضع يديه خلف رأسه.
"وأخيرًا، والأهم…" قالت غيم وهي تخفض صوتها قليلاً، "لا تسألوا عن الجوهرة."
تجمد الجميع للحظة.
"الجوهرة؟" سأل جايدين، نبرته أصبحت أكثر جدية.
"نعم، جوهرة القلب… إنها سر المملكة، وأي حديث عنها قد يجعل الملكة… غاضبة." قالت غيم بصوت منخفض، وكأنها تخشى أن يسمعها أحد.
"وهذا هو آخر شيء نريده، صحيح؟" قال ريجي وهو يعقد ذراعيه.
"بالضبط!" أكدت غيم، ثم توقفت للحظة قبل أن تلتفت إليهم: "هل فهمتم كل شيء؟"
"عدم المقاطعة، عدم لمس الأشياء، عدم الكذب، وعدم ذكر الجوهرة." قال جايدين وهو يعدّ على أصابعه، ثم نظر إلى لوكاس: "هل تستطيع التزام الصمت ولو لمرة واحدة؟"
"مهلًا، لا أعد بأي شيء!" قال لوكاس مبتسمًا، ثم أضاف: "لكنني سأحاول، من أجل سلامتنا."
"لا يبدو مقنعًا." تمتمت ناتالي وهي تتنهد.
"حسنًا، لا وقت لنضيعه!" قالت غيم وهي تسرع في الطيران، "نحن نقترب من قاعة الغمام، استعدوا لمقابلة الملكة سحاب!"
وبينما كانوا يتبعونها، كانت أصوات الرعد لا تزال تتردد من بعيد، وكأن السماء نفسها تراقب خطواتهم بحذر...
عند بوابة قاعة الغمام، حيث تتدلى سلاسل من السحب الكثيفة، كان غمامة، رئيس مراقبي مملكة الغيوم، يقف شامخًا بوجه صارم وعينين ضيقتين. كان طيفه أشبه بغيوم العاصفة المتراكمة، وصوته الجهوري جعل حتى الريح تهدأ للحظة.
وقفت غيم مكانها، متيبسة كمن أمسك به متلبسًا بالجريمة.
"أوه... يا إلهي..." تمتمت بخوف، وكأنها تدرك أن الأمور ستتعقد أكثر.
نظر غمامة إليها نظرة فاحصة قبل أن يقول بنبرة حادة: "غيم! أين كنتِ؟ الملكة تطلب رؤيتك شخصيًا، والوقت ليس في صالحك. ماذا فعلتِ هذه المرة؟"
"أنا... أ-أنا لم أفعل شيئًا!" قالت غيم بتوتر، قبل أن تشير بخفة نحو المجموعة البشرية خلفها. "لكن... ربما... هذا؟"
رفع غمامة حاجبه، ثم حول نظره إلى ريجي والبقية، ودقق فيهم كما لو كان يحاول أن يفهم من أي سحابة سقطوا. "ومن هؤلاء؟"
"نحن، هممم، سياح؟" قال لوكاس بابتسامة مرتبكة، محاولًا التصرف وكأن وجودهم هنا أمر طبيعي تمامًا.
"سياح؟" كرر غمامة وهو يعقد ذراعيه، قبل أن يلتفت إلى غيم مجددًا. "هل تحاولين إخباري أنك أحضرت كائنات مجهولة إلى مملكة الغيوم بدون إذن؟"
"هممم، لم أحضرهم! هم ظهروا فجأة هنا! وأردت فقط أن أتأكد أنهم بخير قبل أن–"
"قبل أن تفاقمي الوضع أكثر؟" قاطعها غمامة بحدة. "هذا خرق واضح للقوانين، غيم. لو علمت الملكة سحاب بذلك..."
"لكنها علمت، أليس كذلك؟" قاطعته ناتالي بنبرة حذرة، "أنت قلت إنها طلبت رؤيتها، مما يعني أنها تعرف بوجودنا بالفعل."
نظر غمامة إليها نظرة جانبية قبل أن يتنهد: "هذا صحيح. الملكة لا تحتاج إلى أن يُخبرها أحد. لقد شعرت بوجودكم منذ أن وطأت أقدامكم مملكتها."
"شعرت بنا؟" تمتم جايدين، متأملًا قوة الملكة الغامضة.
"إذن... ماذا الآن؟" سأل ريجي، محاولًا أن يحافظ على هدوئه.
"الآن، ستذهبون معي." قال غمامة بحزم، ثم أضاف بنبرة تحذيرية: "وأقترح عليكم أن تلتزموا الصمت وتحترموا الملكة. فقد لا تكون مزاجها جيدًا بعد العاصفة التي كادت أن تضرب المملكة."
"لحظة، العاصفة كانت بسببنا؟" سألت ميا بذهول.
"لا أعلم، لكن وجودكم هنا لم يكن جزءًا من النظام الطبيعي لتريانتيس، وهذا وحده قد يثير اضطرابًا." أجاب غمامة وهو يفتح البوابة، مشيرًا لهم بالدخول.
تبادلت المجموعة نظرات متوترة قبل أن تتبع غمامة إلى الداخل، حيث امتدت ممرات مصنوعة من السحب النقية، وتلألأت أضواء سحرية بين أركانها، بينما كانت أصوات الرعد لا تزال تهدر في الأفق البعيد، وكأنها تحذرهم مما هو قادم...
Comments