انتظرت عودتها ، لكنها لم تعد
لابد أنها لهت مع سامر و نسيتني !
نسيت حتى أن تقول لي ( شكرا ! ( أو أن تغلق الباب !
غير مهم ! سأطرد هذا التفكير المزعج عن مخيلتي و أتفرغ لكتبي ... أو حتى ... لقضايا البلد السياسة
فهذا أكثر جدوى !
بعد ساعة ، عادت رغد.....
كان الصندوق لا يزال في يدها ، و في يدها الأخرى قلما.
اقتربت مني و قالت:
" وليد ... أكتب كلمة ( صندوق الأماني ) على الصندوق " !
تناولت الصندوق والقلم و كتبت الكلمة ، و أعدتهما إليها دون أي تعليق أو حتى ابتسامة
هل انتهينا ؟
صرفت نظري عنها إلى الكتاب الماثل أمامي فوق المكتب ، منتظرا أن تنصرف
يجب أن تنتبه إلى أنها لم تشكرني !
" وليد"
رفعت بصري إليها ببطه ، كانت تبتسم ، و قد تورد خداها قليلا !
لابد أنها أدركت أنها لم تشكرني !
قلت بنبرة جافة إلى حد ما.
"ماذا الآن ؟"
"هل لا أعطيتني ورقة صغيرة ؟"
يبدو أن فكرة شكري لا تخطر ببالها أصلا !
تناولت مفكرتي الصغيرة الموضوعة على المكتب ، و انتزعت منها ورقة بيضاء ، وسلمتها إلى رغد أخذتها الصغيرة وقالت بسرعة
" شكرا " !
ثم ابتعدت....
ظننتها ستخرج ألا أنها توجهت نحو سريري ، جلست فوقه ، و على المنضدة المجاورة وضعت )
الصندوق ( و الورقة و همت بالكتابة !
أجبرت عيني على العودة إلى الكتاب المهجور .... لكن تفكيري ظل مربوطا عند تلك المنضدة!
"وليد" مرة أخرى نادتني فأطلقت سراح نظري إليها....
"نعم ؟"
سألتني:
"كيف أكتب كلمة ( عندما " (
نظرت من حولي باحثا عن ( اللوح ( الصغير الذي أعلم رغد كيفية كتابة الكلمات عليه ، فوجدته
موضوعا على أحد أرفف المكتبة ، فهممت بالنهوض لإحضاره ألا أن رغد قفزت بسرعة و أحضرته إلي
قبل أن أتحرك !
أخذته منها ، وكتبت بالقلم الخاص باللوح كلمة ( عندما. (
تأملتها رغد ثم عادت إلى المنضدة
بعد ثوان ، رفعت رأسها إلي ....
! "وليد"
"نعم صغيرتي ؟"
"كيف أكتب كلمة ( أكبر ( ؟"
كتبت الكلمة بخط كبير على اللوح ، و رفعته لتنظر إليه.
ثوان أخرى ثم عادت تسألني:
! "وليد"
ابتسمت ! فطريقتها في نطق اسمي و مناداتي بين لحظة وأخرى تدفع إي كان للابتسام!
" ماذا أميرتي ؟"
كيف أكتب كلمة ( سوف " ( ؟؟
كتبت الكلمة وأريتها إياها ، صغيرتي كانت مؤخرا فقط قد بدأت بتعلم كتابة الكلمات بحروف
متشابكة ، ولا تعرف منها إلا القليل....
بقيت أراقبها وأتأملها بسرور و عطف !
كم هي بريئة و بسيطة و عفوية !
يا لها من طفلة !
رفعت رأسها فوجدتني أنظر إليها فسألت مباشرة.
"كيف أكتب كلمة ( أتزوج ) ؟"
فجأة ، أفقت من نشوة التأمل البريء....
هناك كلمة غريبة دخيلة وصلت إلى أذني في غير مكانها !
حدقت في رغد باهتمام ، و اندهاش....
هل قالت ( أتزوج ) ؟؟
أتزوج !
ألا تلاحظون أنها كلمة ( كبيرة ( بعض الشيء ! بل كبيرة جدا !
سألتها لأتأكد:
" ماذا رغد ؟؟"
قالت و بمنتهى البساطة
" أتزوج ! كيف أكتبها ؟؟"
أنا مندهش و متفاجيء
و هي تنظر إلي منتظرة أن أكتب الكلمة على لوحها الصغير....
أمسكت بالقلم بتردد و شرود ... و كتبت الكلمة ( الكبيرة ) ببطه ، ثم عرضتها عليها فأخذت تكتبها
حرفا حرفا ....
انتهت من الكتابة ، فوضعت اللوح على مكتبي ، في انتظار الكلمة التالية ....
انتظرت ....
و أنتظرت...
لكنها لم تتكلم
لم تسألني عن أي شيء
رأيتها تطوي الورقة الصغيرة ، ثم تدخلها عبر الفتحة داخل صندوق الأماني!
) عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟؟؟ )
الاسم الذي تلا كلمة أتزوج هو اسم تعرف رغد كيف تكتبه !
كأي اسم من أسماء أفراد عائلتنا أو صديقاتها....
ك وليد ، أو سامر ، أو أي رجل !
رغد الصغيرة!
ما الذي تفعلينه !؟؟
الآن ، هي قادمة نحوي....
و الصندوق في يدها ....
"وليد اكتب أمنيتك " !
" ماذا صغيرتي ؟؟"
"أكتب أمنيتك وضعها بالداخل ، وحينما نكبر نفتح الصندوق ونقرأ أمنياتنا و نرى ما تحقق منها !
هكذا هي اللعبة " !
إنني قد افعل أشياء كثيرة قد تبدو سخيفة ، أما عن وضعي لأمنيتي في صندوق ورقي خاص بطفلتي
هذه ، فهو أمر سأترك لكم انتم الحكم عليه !
نزعت ورقة من مفكرتي ، و كتبت إحدى أمنياتي!
فيما أنا اكتب ، كانت رغد تغمض عينيها لتؤكد لي أنها لا ترى أمنيتي !
أي أمنية تتوقعون أنني أدخلتها في صندوق الأماني الخاص بصغيرتي العزيزة... ؟؟
لن أخبركم !
بعد فراغي من الأمر ، طلبت مني رغد أن أحفظ الصندوق في أحد أرفف مكتبتي ، لأنها تخشى أن
تضيعه أو تكتشف دانة وجوده فيما لو ضل في غرفتها !
"وليد لا تفتح الصندوق أبدا" !
"أعدك بذلك " !
ابتسمت رغد ، ثم انطلقت نحو الباب مغادرة الغرفة و هي تقول:
" سأخبر سامر بأنني انتهيت" !
بعد مغادرتها ، تملكتني رغبة شديدة في معرفة ما الذي كتبته في ورقتها
كدت انقض وعدي و أفتح الصندوق من شدة الفضول....
لكني نهرت نفسي بعنف ... لن أخيب ثقة الصغيرة بي أبدا
) عندما أكبر سوف أتزوج ... ؟؟
من يا رغد ؟؟
من ؟
من ؟؟
Comments