ظلال الماضي
فصل الأول: أسيرة القصر
في عمق قصر مهيب، يلوح كظل أسود في الأفق، كانت تسكن فتاة تحمل في عينيها سحر البحر و في شعرها لمعان الليل. كانت جميلةً كالأميرة، إلا أنها كانت أسيرة في قفص من الذهب. كل ليلة، كانت تقف أمام المرآة المتصدعة، تنظر إلى انعكاسها الشاحب، وتتذكر اليوم الذي أخبرها فيه عمها أن والدتها ماتت في حادث غريب. لم تصدق قط هذه القصة، فقد كانت تشعر بأن هناك شيئاً ما مخفي.
كانت غرفتها تطل على حديقة مهجورة، حيث كانت الأشجار الجافة تتمايل في مهب الريح وكأنها تشهد على حزنها. كل ليلة، كان عمها يأتي إليها، يجلس بجانب سريرها، وينظر إليها بعيون عميقة تحمل في طياتها أسراراً لا حصر لها. كان يمسح على خصلات شعرها الناعمة، ثم يبتعد سريعاً، وكأنه خائف من أن يلمسها.
في إحدى الليالي، وجدت الفتاة كتاباً قديمًا مختبئاً خلف لوحة في جدار غرفتها. عند فتحها، وجدت رسالة مكتوبة بخط يد امرأة، تتحدث عن مؤامرة وحب خائن. قلبها بدأ ينبض بسرعة، هل كانت هذه الرسالة هي المفتاح لفك لغز مقتل والدتها؟
كانت تعلم أن عمها يحبها، لكن حبه كان مزيجًا من الحماية والخوف، من الحنان والقسوة. كان يمنعها من الخروج، من التحدث إلى الغرباء، وكان يعاقبها بشدة إذا عصت أوامره. كان يخشى عليها كما يخشى على نفسه، فماضيه كان مليئاً بالألم والأسرار.
في كل ليلة، كانت تحلم بالحرية، بالهروب من هذا القصر، من هذا الحبس الذهبي. كانت تحلم بالعثور على إجابات لأسئلتها، لمعرفة الحقيقة عن موت والدتها، وعن سبب معاملة عمها القاسية لها.
ولكنها كانت تعلم أيضاً أن الهروب ليس بالأمر السهل. فعمها كان قوياً، وكانت هناك قوة غامضة تحمي هذا القصر وأسراره.
في هذا القصر المهيب، كانت الفتاة تعيش حياة مليئة بالتناقضات، حياة بين الأمل والخوف، بين الحب والكراهية، بين الحقيقة والوهم. وكانت تسأل نفسها دائماً: هل ستتمكن يوماً ما من كسر قيودها والعثور على حريتها؟
يتبع...
الفصل الثاني: العقاب المرير
جلست الفتاة على حافة السرير، تنظر إلى الشظايا المتناثرة من كتبها ودفاترها على الأرض. كانت دموعها تسيل بحرقة، تحرق وجنتيها الحالتين. لم تستطع أن تصدق ما حدث لها. لقد كانت تحلم بهذا اليوم، يوم تذهب فيه إلى المدرسة، وتلتقي بصديقاتها، وتتعلم أشياء جديدة. ولكن حلمها تحول إلى كابوس.
تذكرت نظرات عمها الغاضبة، وصوت صفعاته القاسية التي ارتدت في أذنيها. كان وجهه أحمر من الغضب، وعيناه كانت تلمعان كعينين حيوانتين مفترستين. لم يستطع أحد أن يوقف غضبه، لا هي ولا زوجته.
شعرت بالظلم، شعرت بالوحدة، شعرت بأنها ليست سوى لعبة في يد عمها. لماذا يعاملها بهذه القسوة؟ ما ذنبها هي؟
في تلك الليلة، لم تستطع الفتاة النوم. كانت تفكر في مستقبلها، في أحلامها التي تحطمت. كانت تشعر بأنها سجينة في هذا القصر، لا تستطيع الهروب.
في الصباح، عندما استيقظت، وجدت زوجة عمها تقف بجانب سريرها. كانت تبكي، وتحاول تهدئتها. قالت لها: "أعرف أنكِ حزينة، يا ابنتي، ولكن عليكِ أن تصبري. سأحاول مساعدتك."
ابتسمت الفتاة، ولكنها لم تصدق أن زوجة عمها تستطيع أن تساعدها. فعمها كان قوياً، وكان يسيطر على كل شيء في القصر.
مرت الأيام، والفتاة كانت تشعر باليأس والإحباط. حاولت التحدث إلى الخادمة، ولكن الخادمة كانت تخاف من عمها ولم تستطع مساعدتها. حاولت الهروب من القصر، ولكنها فشلت. كانت محاصرة في هذا العالم المظلم.
عندما رفضت الفتاة تناول العشاء، أمسك بها عمها بقوة وجرها إلى الطاولة. قال لها بصوت غاضب: "سوف تأكلين، وإلا عوقبتِ." شعرت الفتاة بالخوف، ولكنها أصرت على رفضها.
أخذ عمها يضغط عليها، ويهددها بالعقاب، حتى اضطرت إلى تناول القليل من الطعام. بعد العشاء، ذهبت إلى غرفتها، وأغلقت الباب خلفها. كانت تشعر بالمرارة والحزن.
في تلك الليلة، وهي مستلقية على سريرها، تذكرت أيام طفولتها السعيدة، عندما كان عمها لطيفاً معها. تساءلت: ما الذي تغير؟ لماذا تحول إلى هذا الوحش؟
لم تكن تعلم أن هناك أسراراً مظلمة تختبئ خلف هذا القصر، أسراراً ستغير حياتها إلى الأبد.
ماذا تعتقدون أن هذه الأسرار؟ هل هناك سبب منطقي وراء سلوك عمها؟
.
Comments