ظلال ريفنزود Shadows Of Ravenzod ~
ظلال ريفينزود ♕♡~
■□■□■□■□■■□■□■□■□■■□■□■□■□
في ليلة هادئة على غير المعتاد، كانت شوارع لندن تتلألأ تحت ضوء مصابيح خافتة، بينما كان إليوت كارتر يقف بجانب نافذة مكتبه في صحيفة ذا فينكس تايمز، محدقًا في المدينة التي لطالما أحس بعمق أسرارها. دخان سيجارته يتلاشى في الهواء، وذكرياته تتداعى إلى يوم فقد فيه والدته في حادث غامض أحاط به الشكوك، وكأن الظلام لم يكن حليفاً له إلا لجرّه إلى ماضيه المجهول.
في ذلك المساء، كان هاتفه يرن؛ لم يكن معتادًا على المكالمات المفاجئة. رفع الهاتف وسمع صوت رئيس التحرير، ماركوس هولم، الذي خاطبه بلهجة تشي بشيء من التحذير: "هناك حادثة في بلدة ريفينزود، سلسلة من الحوادث الغريبة التي جعلت أهل البلدة يعيشون على أعصابهم. الناس هناك يتحدثون عن أشباح وأساطير… وأعتقد أنك الأنسب للتحقيق في الأمر، لعلمي بشغفك بهذه القضايا الغامضة."
لم يكن لإليوت أن يقاوم رغبة الاستكشاف؛ فقد دفعته كلمات ماركوس لاقتناص الفرصة. ولأول مرة، شعر أن هذه المهمة قد تحمل خيطًا إلى ماضيه المليء بالأسئلة التي لم تُجب، خاصةً عندما علم أن قصر آشفيلد، المكان الذي شهد الحادثة الغامضة التي أودت بحياة والدته، هو محور تلك الشائعات.
بعد أيام، وصل إلى بلدة ريفينزود الصغيرة، حيث بدا كل شيء ساكنًا وهادئًا، وكأن البلدة بأسرها كانت تنتظر دخوله. التقى بصديقته القديمة كلارا بينيت، محققة الشرطة التي كانت تُعرف بذكائها الحاد وشجاعتها النادرة. استقبلته بملامح يملؤها الفضول والحذر معًا، وقالت وهي تبتسم ابتسامة خفيفة: "أظن أن لديك مغامرة أخرى على الأبواب، يا إليوت."
في اليوم التالي، بدأت كلارا بإرشاده إلى تفاصيل الحوادث الغريبة التي انتشرت في البلدة، من أصوات تُسمع في الليل إلى ظهور ظلال غامضة حول القصر. كانت الدلائل تشير إلى أن شيئاً أعمق يختبئ خلف الجدران المتداعية لقصر آشفيلد، ربما أسرار طُمست بمرور الزمن، وأشخاص رحلوا دون ترك أثر.
توجها في البداية إلى المكتبة العامة للبحث في أرشيف البلدة، حيث عثرا على سجلات قديمة للعائلة التي كانت تقطن القصر. وبينما كانت كلارا تقلب الصفحات، توقفت فجأة عند سجل يشير إلى حادثة مريبة منذ عدة عقود: عائلة نبيلة لقيت حتفها في ظروف غامضة، وأحاديث عن "لعنة" تلاحق من يسكنون القصر. بدت كلارا وكأنها عثرت على خيط مهم، وقالت بنبرة تأملية: "هل تظن أن اللعنة قد تكون أكثر من مجرد أسطورة؟"
لكن إليوت لم يكن يبحث عن الأشباح بقدر ما كان يريد جواباً عن سرّ ماضيه الشخصي؛ لذا تملكه شعور عميق بأن هناك خيطاً رفيعاً بين الحوادث الأخيرة وما مرّ به سابقًا.
بينما كان إليوت وكلارا يجلسان في زاوية المكتبة القديمة، كانت أوراق الصحف الصفراء تروي قصص البلدة وكأنها صوت غابر من ماضٍ لم يندثر بعد.
قالت كلارا بصوت خافت: "تخيل، لعنة تطارد هذه البلدة منذ عقود… كيف لأحد أن يعيش في مكان تطارده أرواح ميتة وأسرار مخبأة؟"
ابتسم إليوت بهدوء وقال: "أحيانًا أعتقد أن اللعنات ليست سوى ظلالٍ من ماضٍ مؤلم، أما الأرواح الحقيقية فهي في نفوس من عايشوا هذه الأحداث. أريد أن أكتشف، ربما عثرت على حقيقة تخصني وسط كل هذه الفوضى."
رفعت كلارا حاجبيها وقالت بسخرية لطيفة: "أنت تلعب دور المحقق كما عهدتك، لكن احذر، لا تستهِن بما قد تخبئه هذه الجدران القديمة."
قرر الاثنان التوجه إلى الحديقة العامة في البلدة، حيث يجتمع كبار السن في المقاهي الصغيرة المتناثرة على جنبات الشارع الرئيسي. كان الهدف واضحاً؛ العثور على أحد سكان البلدة القدامى ممن قد يعرف شيئًا عن تاريخ قصر آشفيلد وأسرار عائلة أشفيلد التي أُثيرت حولها الأساطير.
عندما جلسا في مقهى قديم تطل نوافذه على شارع ضيق مغطى بأوراق الشجر المتساقطة، لمح إليوت رجلاً مسنًّا يجلس على طرف طاولة ويحدق في فنجان قهوته كأنما يسترجع شريطاً من الذكريات المؤلمة.
اقتربت منه كلارا بلباقة وقالت: "مساء الخير يا عمّ، هل تذكر شيئاً عن عائلة آشفيلد أو عن الحوادث الغامضة التي حصلت في القصر؟ نحن نحاول فهم ما حدث."
رفع الرجل نظره ببطء، ورسمت على وجهه ملامح تعبر عن حزن عميق ممزوج بشيء من الخوف. قال بصوت مرتجف: "آه… آشفيلد. كل من سكن هذا القصر لم يعرف سوى الشقاء، كانت العائلة تعتقد أن شيئاً ملعوناً يسكن جدرانه، أن هناك روحًا غاضبة تنتظر الفرصة لتنتقم."
أضاف إليوت باهتمام متزايد: "هل تعرف ما حدث لتلك العائلة؟ أم أنها مجرد حكايات نسجها أهل البلدة مع الزمن؟"
ابتسم الرجل ابتسامة باهتة وقال: "ليس كل ما يُقال يُصدّق، لكن هناك أموراً لا يفسرها العقل. رأيت بنفسي أموراً لا أستطيع نسيانها… في إحدى الليالي، رأيت نوراً غريباً ينبعث من القصر، وسمعت صرخات متقطعة، كأنما الأشباح كانت تحاول أن تصل إلينا لتحذرنا أو لتنتقم ممن أذاها."
نظرت كلارا إلى إليوت وقالت: "يبدو أن هذا التحقيق سيأخذنا إلى أماكن لم نكن نتوقعها، ولا أظن أنني على استعداد للعودة دون كشف الحقيقة، مهما كانت مخيفة."
أجاب إليوت بنبرة جادة: "أجل، لن نعود خاليي الوفاض. بل سأظل أبحث حتى أجد الخيط الذي يربطني بكل ما حدث هناك."
Comments
Lee Know 2
حلو استمري😍
2024-10-29
2